فشل أردوغان في النيل

إنضم
7 يونيو 2019
المشاركات
6,721
التفاعل
15,333 40 0
الدولة
Egypt
معهد واشطن لسياسات الشرق الادني ليس مجرد كيان بحثي عملاق فى امريكا، ولكن دراساته واوراقه البحثية تعتبر مؤشر مهم للغاية فيما يجري داخل دوائر صناعة القرار فى الغرب
نقدر نقول انه الغرب فهم خلاص مين اللى كسب ومين اللى خسر فى الحرب المصرية التركية التى كانت فيها انقرة والاسلاميين الاتراك هم وكلاء الفوضى والغرب لتركيع حضارة النيل
ورقة بحثية بعنوان شهادة وفاة اردوغان

 
تجاوز وجهات النظر التركية العنصرية تجاه العرب

هناك واقع لا يعرفه الكثيرون عن تركيا: ثمة انتشار كبير لوجهات النظر العنصرية تجاه العرب المتأصلة في الثقافة الشعبية في البلاد. ومن دون قصد، إن العديد من الأشخاص خارج الشرق الأوسط غالباً ما يربطون الأتراك بالعرب بسبب الإسلام، وهي ديانة يتشاطرها غالبية العرب وأكثرية ساحقة من الأتراك. وعلى الرغم من إيمانهم المشترك، إلا أن العديد من المواطنين الأتراك يُضمرون مشاعر عنصرية تجاه العرب، والقليل منهم يرغبون في الارتباط بالثقافات العربية.

إن بعض هذه الآراء راسخة في التاريخ التركي المعاصر. وفي هذا الصدد، سلّط انهيار الإمبراطورية العثمانية الضوء على العلاقة بين المواطنين الأتراك وجيرانهم - وفي هذه الحالة العرب. وفي ظل اندحار هذه الإمبراطورية في أوائل القرن العشرين، انتشرت موجة من القومية العربية في محافظات الشرق الأوسط، وخاصةٍ في سوريا. وخلال تلك الفترة، تبنّت حركة "تركيا الفتاة" التي كانت [مسؤولة عن] إدارة الإمبراطورية، القومية التركية على نحو متزايد. وعلى وجه التحديد، قاد جمال باشا - أحد زعماء "تركيا الفتاة" الذي تمّ تعيينه حاكماً على سوريا في عام 1915 - موجة من الاضطهادات طالت قادة قوميين عرب في عام 1916. وأمر بإعدامهم، بمن فيهم 7 في دمشق وآخرين في بيروت. وحتى يومنا هذا، تُعرف ساحة رئيسية في العاصمة اللبنانية باسم "ساحة الشهداء" لتكريم القوميين العرب الذين أُرسلوا إلى حبل المشنقة. ويُعرف قائد "تركيا الفتاة" على نطاق واسع باسم "جمال باشا السفاح".
 
واقتناعاً منهم بأن البريطانيين سيقدمون لهم دولتهم المستقلة الخاصة بهم، ثار الهاشميون وأتباعهم المحليون ضدّ العثمانيين في تمرّد انطلق عام 1916 من سوريا إلى اليمن (والذي رد عليه كمال باشا ورفاقه بالعنف والانتقام). وعلى الرغم من اضطهاد الزعماء القوميين العرب في ظل الحكم العثماني، إلّا أن هذا الإرث من "الخيانة" من قبل العرب تجاه الإدارة في إسطنبول العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى ترك ذكرى مريرة في أذهان الأتراك. وحتى يومنا هذا، تُعتبر "رثاء اليمن" الأيقونة الثقافية الأشهر التي يخلّد من خلالها الشعب التركي معارك الحرب العالمية الأولى، وهي رواية محزنة تروي قصة جندي من الأناضول لقيَ حتفه في اليمن وهو يحارب العرب. وقد تمّ تعليم أجيال من الأتراك، بمن فيهم أردوغان، في المدارس التركية خلال القرن العشرين بأن "العرب طعنوا الأتراك في الظهر"، وقد اكتسب بعضهم على الأقل وإلى حدّ كبير ميولاً قومية معادية للعرب.
 
وفي الوقت الذي بدأت فيه قبضة مرسي على السلطة بالانزلاق، تراجعت طموحات أردوغان بإقامة شراكة استراتيجية مع مصر. فبعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة، تحرك على عجل للاستيلاء على السلطة، ومنح نفسه سيطرة قضائية فوق أي محكمة مصرية ومارس ضغوطاً لإقرار دستور جديد صاغه بشكل رئيسي إسلامويون، من خلال استبعاد جماعات أخرى في مصر. إن السرعة التي تمكّن فيها مرسي من فرض نفسه كحاكم مصر الوحيد في أقل من عام جعلت تراكم السلطة التدريجي الذي يطبقه أردوغان في تركيا منذ عام 2003 يبدو متواضعاً بالمقارنة.
 
ولم يتوان السيسي عن الردّ. فقد اتهمت وسائل الإعلام المصرية أنقرة "بدعم الحملة الإرهابية" ضد أجهزة الأمن المصرية في شبه جزيرة سيناء بعد إقالة مرسي من السلطة. كما تحوّل الدبلوماسي المحنك وسفير تركيا في القاهرة، حسين عوني بوطصالي، من سفير ترحّب به مختلف أطياف السياسة المصرية إلى سفير يواجه مظاهرات مناهضة لتركيا على أبواب مقر إقامته. وألغت أنقرة والقاهرة الخطط التي تم إقرارها خلال عهد مرسي لإجراء مناورات بحرية مشتركة في شرق البحر المتوسط. وأخيراً، في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، طردت وزارة الخارجية المصرية بوطصالي، وقطعت العلاقات مع أنقرة.
 
تركيا والمملكة العربية السعودية

يجدر التعامل مع العلاقات السعودية - التركية بطريقة مختلفة عن المحور والتكتل. فبصفته مسلماً متديناً، أظهر أردوغان التقدير لملوك السعودية الذين يكنّ لهم الاحترام باعتبارهم "خدام الحرمين الشريفين" في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وفي الواقع، وخلال السنوات الأخيرة، تحسّنت العلاقات التركية - السعودية بعض الشيء بعد وفاة الملك عبدالله المناهض الشديد لجماعة «الإخوان» في كانون الثاني/يناير 2015. ومع ذلك، تدهورت هذه العلاقات عندما وقفت تركيا إلى جانب قطر في خلافها مع دول «مجلس التعاون الخليجي»، لتعود وتتدهور بصورة أكثر بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018. واستغل أردوغان هذه الحادثة لمصلحته، حيث قام تدريجياً بتسريب أدلة إلى وسائل الإعلام تتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بجريمة القتل، وتحرج بن سلمان على الساحة الدولية.

وعموماً، بدأ ولي العهد يكن الغضب لأردوغان بسبب حادثة خاشقجي. فقد احتضن بن سلمان الأعضاء الآخرين في التكتل، حيث وطّد علاقته مع السيسي ومحمد بن زايد حتى بشكل أكبر في معارضتهما لأردوغان. وفي 2019، يواجه الرئيس التركي ثلاثية عربية مؤلفة من السيسي ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد، وجميعهم يهدفون إلى إضعافه وتقويض سياساته الإقليمية. وبما أن إيران وحلفاءها، ولا سيما نظام الأسد و «حزب الله»، يعارضون أردوغان أيضاً، فإن ذلك يجعل الزعيم التركي شبه وحيد في الشرق الأوسط، فضلاً عن مواجهته مقاومة من السعوديين وحلفائهم من جهة والإيرانيين وحلفائهم من جهة أخرى
 
ونتيجةً لذلك، أصبحت أنقرة اليوم أكثر عزلةً في الشرق الأوسط من أي وقت مضى. ولا شك أن هذه العوامل ساهمت في تغيير نظرة الحكومة التركية والعديد من المواطنين الأتراك للمنطقة. وأسفر انخراط أردوغان في الشرق الأوسط عن وجهات نظر تركية فجّة تجاه العرب ومفاهيم نمطية جديدة تجاههم. وتُعد علاقات أنقرة السيئة مع أبو ظبي مثالاً على ذلك. ففي أحدث مشاحنة كبيرة بين تركيا والإمارات في كانون الأول/ديسمبر 2017، نشر وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان تغريدة على "تويتر" اتهم فيها فخر الدين باشا، أحد الجنرالات العثمانيين الذين حاربوا للدفاع عن المدينة المنورة خلال الثورة العربية عام 1916 في الحرب العالمية الأولى، بسرقة تحف تاريخية لا تقدّر بثمن ونقلها إلى اسطنبول في ذلك الوقت. كما جاء في التغريدة "هؤلاء أجداد أردوغان، وتاريخهم مع المسلمين العرب". وينبع هذا التهكم من شعور متجذر بالمرارة. وعلى صعيد الحملات الدعائية، تحوّلت الإمارات إلى القنص على تركيا، واصفةً إياها بقوة أجنبية تسعى إلى فرض سيادتها على العرب.

وإذ أثارت الإهانة حفيظته، ردّ أردوغان على الوزير قائلاً: "حين كان أسلافي مشغولين بالدفاع عن المدينة المنورة، ماذا كان أسلافك يفعلون - أنت أيها الرجل الوقح"؟ بدوره علّق المتحدث باسم أردوغان إبراهيم كلين واصفاً تعليقات بن زايد بأنها "كذبة دعائية لتأليب الأتراك والعرب ضد بعضهم البعض". ودأب مستشار أردوغان يجيت بولوت على الانتقاد أيضاً، وسخر من الإمارات باعتبارها "الدولة الثانية والخمسين للولايات المتحدة" (وقال، إن "إسرائيل هي الدولة الواحدة والخمسين"). وانطلقت الصحافة التركية الموالية لأردوغان بنشر قصص ومقالات افتتاحية تعظّم فخر الدين باشا وتنتقد الإمارات لإهانتها شخصيته. وللمفارقة، يبدو أن محور أردوغان في الشرق الأوسط، الذي يهدف إلى تغيير وجهات النظر العنصرية للأتراك تجاه العرب، لم يفشل في تجاوز مثل هذه التحيزات فحسب، بل شجع أيضاً للأسف جيلاً جديداً من التصورات السلبية والتوترات مع العرب.



سونر چاغاپتاي هو زميل "باير فاميلي" ومدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن. ويود أن يشكر إغيكان آلان فاي على مساعدته في هذا المقال، المقتطف من كتابه القادم عن السياسة الخارجية التركية تحت حكم أردوغان.
 
الدراسه طويلة لكن موضوعيه و عميقة و تستحق القراءه انا نقلت مقتطفات من اهم النقاط فيها
 
عودة
أعلى