الإشعاعات النووية وخطرها على جسم الإنسانعندما يتعرض أي كائن حي إلى الإشعاعات النووية يحدث تأينا للذرات المكونة لجزيئات الجسم البشرى مما يؤدى إلى دمار هذه الأنسجة مهدده حياة الإنسان بالخطر .
وتعتمد درجة الخطورة الناتجة من هذه الإشعاعات على عدة عوامل منها نوعها وكمية الطاقة الناتجة منها وزمن التعرض ولهذه الإشعاعات نوعان من الآثار البيولوجية الأثر الجسدي ويظهر غالبا على الإنسان حيث يصاب ببعض الأمراض الخطيرة مثل سرطان الجلد والدم وإصابة العيون بالمياه البيضاء ونقص القدرة على الإخصاب . الأثر الثاني للإشعاعات هو الأثر الوراثي وتظهر آثاره على الأجيال المتعاقبة وقد ظهر ذلك بوضوح على اليابانيين بعد إلقاء القنبلتين النووية على هيروشيما ونجازاكى في سبتمبر 1945.
مما أدى إلى وفاة الآلاف من السكان وإصابتهم بحروق وتشوهات وإصابة أحفادهم بالأمراض الخطيرة القاتلة . ويجب مراعاة عدم تعرض المراءة الحامل للأشعة السينية كوسيلة للتشخيص حتى لا تصيب الطفل بالتخلف العقلي . والحد الأقصى المأمون للإشعاعات النووية الذي يجب ألا يتجاوزه الإنسان هو "5" ريم في اليوم الواحد والريم وحدة قياس الإشعاع الممتص وهى تعادل رنتجن واحد من الأشعة السينية وهى تعنى Roentgen Equivalent Man ويتعرض الإنسان إلى الكثير من مصادر الإشعاع في الحياة اليومية .
ولا ننسى في هذا الصدد تعرض الإنسان للأشعة الكونية الصادرة من الفضاء الخارجي وتعرضه للإشعاعات الضارة خلال تعامله مع النظائر المشعة سواء في مجالات الطب و الصناعة و الزراعة وتعرض العاملين في المفاعلات النووية والعاملين في المناجم التي يستخرج منها العناصر المشعة مثل الراديوم واليورانيوم .
ومن العوامل الرئيسية المسببة للتلوث النووي ما يحدث في دول النادي النووي من إجراء التجارب وخاصة بعد الحرب العالمية الأخيرة بهدف تطوير الأسلحة الذرية لزيادة القوة التدميرية لها وقد أدت التجارب إلى انتشار كميات كبيرة من الغبار الذري المشع في مناطق إجراء التجارب وتحمل الرياح هذا الغبار المشع إلى طبقات الجو العليا والذي يحتوى على بعض النظائر المشعة مثل السيزيوم 137 والاسترونشيوم 90 والكربون 14 واليود 131 وغيرها من النظائر والتي يستمر نشاطها الاشعاعى فترة طويلة من الزمن ليتساقط فوق كثير من المناطق البعيدة عن موقع التجارب حيث تلوث الهواء و الماء والغذاء وتتخلل دورة السلسلة الغذائية حيث تنتقل إلى الحشرات والنباتات والطيور والحيوانات واخيرأ تصل إلى الإنسان واغلب النظائر المشعة يستمر النشاط الاشعاعى لها فترة طويلة من الزمن الأمر الذي يضاعف من أضرار التلوث على كافة عناصر البيئة .
الطاقة النووية ليست كلها مخاطر وأضرار تصيب البشر ولكن لها فوائد عديدة إذا أحسن استخدامها في نفع الإنسان ورفاهيته ومن هذه المنافع العظيمة الأثر هو توليد الطاقة النووية وتحويلها إلى طاقة كهربائية بواسطة ما يعرف بمحطات القوى الكهربائية ويمكن الحصول عليها بواسطة المحطات الحرارية التي تعمل بالوقود العادي ليس لها حوادث تذكر بالمقارنة بما يحدث للمفاعلات النووية وتسرب الإشعاعات إلى الأماكن القريبة منها والأخطار الناتجة عن النفايات النووية من هذه المحطات وأثارها الضارة على البيئة .
وفى المقابل فان المحطات النووية اقل تكلفة من المحطات الحرارية كما أن المحطات الحرارية تزيد من تلوث الهواء نتيجة لإحراقها للوقود وانطلاق كميات كبيرة من غازات أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت .
والمفاعلات النووية قد تقع لها حوادث تؤدى إلى كوارث بيئية شديدة الضرر ويستمر تأثيرها لعدة سنوات وخاصة إذا كانت المنطقة المحيطة بمكان الحادث يقطنها الكثير من السكان .
وقد أدى انتشار المحطات النووية إلى ظهور المشاكل ذات التأثير الضار على كافة عناصر البيئة نتيجة النفايات النووية ويقاس النشاط الاشعاعى لهذه النفايات بما يعرف بالكورى وهو النشاط الاشعاعى الذي ينتج من جرام واحد من عنصر الراديوم 226 ويتوقف الأثر الضار لما تسببه من أضرار جسيمة بعناصر البيئة .
ومن النفايات التي تنتج من محطات توليد الطاقة إشعاعات بيتا وجاما وهذه الإشعاعات ليس لها خطورة كبيرة لصغر حجمها النسبي وأخرى قوية الإشعاع تشمل الكثير من النظائر المشعة والتي تشع جسيمات الفا مثل النبتونيوم والبلوتونيوم وهذه النظائر عالية النشاط الاشعاعى وذات فترة عمر النصف فائقة الطول حيث يستمر نشاطها الاشعاعى لفترة طويلة جدا من الزمن .
ويتم التخلص من النفايات النووية بعدة طرق تختلف وفقأ لقوة الإشعاعات الصادرة منها الضعيفة والمتوسطة توضع بعد تبريدها في باطن الأرض حيث تحاط بطبقة من الاسمنت أو الصخور وأحيانا تقوم بعض الدول بإلقائها في مياه البحار والمحيطات .
إما النفايات ذات الإشعاعات القوية فتوضع في الماء لتبريدها ثم تدفن على أعماق كبيرة في باطن الأرض وفى أماكن بعيدة عن العمران .
وهناك طريقة حديثة للتخلص من النفايات النووية القوية حيث تحفظ في مواد عاذلة من الخزف أو الزجاج من نوع البوروسيلكات ويتم ذلك بخلط النفايات مع مادة مكلسة ثم تصهر عند درجة حرارة عالية ويصب الخليط في أوعية من الصلب غير قابل للصدأ وتدفن على أعماق كبيرة تحت سطح الأرض مع اخذ الحيطة حيث أنها تظل مصدر خطر لفترات طويلة .
وهناك نوع آخر من التلوث تحدثه المحطات النووية وهو التلوث الحراري وينتج عن استخدام مياه المحيطات أو البحار أو الأنهار بكميات كبيرة لتبريد المفاعل والتي تلقى في المصدر بعد ذلك فترتفع درجة حرارتها محدثة خلل بالنظام البيئي Ecosystem والإضرار بكافة الأحياء المائية التي تعيش في المياه حيث يقلل من نسبة الأكسجين المذاب في الماء اللازم لحياة الكائنات البحرية .
وللتغلب على هذه المشكلة وضعت بعض الدول قوانين خاصة تلزم هذه المحطات بتبريد المياه الساخنة قبل إلقائها في البحار أو البحيرات كما أن بعض المحطات أنشأت لها بحيرات صناعية تستخدمها لأغراض التبريد .
وبعد استعراضنا اثر التلوث البيئي بأنوعه المختلفة على كافة عناصر الطبيعة من هواء وارض ومياه وما يسببه من أضرار خطيرة وقاتلة على كافة المخلوقات من إنسان وحيوان ونبات وجماد .
فقد لزم الأمر أن تتظافر الجهود سواء على مستوى الإنسان الفرد والجماعات والدول لدرء هذا الخطر المحدق بنا جميعأ فوق كوكبنا الأرض وذلك بالتعاون الوثيق واتباع كافة السبل في القضاء على كل مسببات التلوث البيئي حتى يتسنى للبشرية جمعاء أن تحيا الحياة الأفضل والآمنة في ظلال قيم الحب والخير والجمال .
* الإسلام وحماية البيئة من التلوث يقول الله في كتابه الكريم ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ).
فالآية الكريمة تشير بوضوح إلى الدمار الذي يحدث في البر والبحر نتيجة للتدخل السافر للإنسان في الكون والضرر البالغ الذي يحدث من جراء عمله ... ذلك الضرر الذي يذوقه الإنسان رغما عنه بسبب جهله بنواميس الكون والقوانين الربانية التي سنها الله في الكون فأعماه الغرور وسعى من اجل متعة دنيوية زائفة إلى إفساد البر والبحر وبتدخل غير مدروس أدى إلى تغيير نظام البيئة عاد يدفع بنفسه إلى الانتحار وإلقائها في التهلكة التي حذره الله منها ... والعلاج كما جاء في الآية هو الرجوع إلى منهج الله تعالى في تغيير الأنفس حتى تتغيير الأحوال ... وتطهير القلوب حتى تتطهر الأجواء ( لعلهم يرجعون ) .
كل ما في الكون مسخر لخدمة الإنسان وجوارحه أمانة حملها الإنسان بالإضافة إلى أمانة التكاليف وشأن من حمل الأمانة أن يقوم على حفظها والإخلال هو التعاسة .
فقد دعا الإسلام إلى المحافظة على البيئة نظيفة طاهرة من كل تلوث بدءا من النهى عن التبول في الماء أو الطريق العام .. وحتى في الظل ... وانتهاء بالمحافظة على حياة الناس والأحياء على اختلاف أنواعها .
القران مدح الذين يحرصون على النقاء والنظافة وتقوا الله في كل شئونهم فإنما يريد من المؤمنين أن يعملوا جاهدين على الحفاظ على البيئة التي منحها الله لهم ويواظبوا على تنظيفها وتطهيرها ويعملوا على حمايتها من أي ضرر يلحق بها وان يجعلوها دائما في صورة تشرح القلوب وتسر الناظرين وذلك بغرس الأشجار وتنظيف الطرقات وإقامة الحدائق ...ويتضح أن الحرص على حياة الإنسان وسعادته هي أسمى مقاصد الشريعة الإسلامية وقد منحنا الله عقلا مفكرا مدبرا ... لماذا تبنى المصانع داخل المدن أو على الأراضي الزراعية الجيدة الخصوبة ونترك الصحراء بدون تعمير ولماذا لا نعمل على نظافة بيوتنا وقرانا وأجسامنا وقلوبنا كما امرنا بذلك ديننا الحنيف الذي قرر أن النظافة من الإيمان .
الآثار الجانبية بعد التعرض للإشعاع النووي
يسبب التعرض للأشعة النووية تغيرات كيميائية في أنسجة الكائنات الحية، مما يؤدي إلى أضرار كبيرة للجسم. وتزداد درجة تلك التغيرات الكيميائية تبعاً لمقدار جرعة الإشعاع التي تم امتصاصها بواسطة الجسم. ولا يظهر مقدار الإصابة أو الضرر للشخص عند تعرضه للإشعاع إلا بعد فترة من الزمن تعرف بدور الكمون أو فترة الحضانة. وقد تتأخر الآثار المبكرة لبعض أنواع التعرض الإشعاعي إلى سنوات. ويحدد نوع ومصدر الإشعاع نوع الإصابة التي تنتج عنه. ويمكن تصنيف الأضرار لجسم الإنسان المترتبة على التعرض للإشعاع النووي إلى أصناف مميزة وواضحة المعالم :
1. الأضرار الناتجة من التعرض للجرعات المخترقة لأجزاء الجسم.
2. الأضرار الجلدية الناتجة من التعرض للجرعات الإشعاعية.
3. أضرار التلوث الإشعاعي الداخلي لأجزاء الجسم.