فضيحة الهلال الماسوني
كاظم فنجان الحمامي
نحن نعلم أن الهلال هو اسم لما استهل بين الناس. وان الله سبحانه وتعالى علق أحكاما شرعية كثيرة بمسمى الهلال : كالصوم والفطر والعيد والنحر والحج. . قال تعالى : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ). . وهكذا جعل الله الأهلة مواقيت للناس. يعلمون بها أوقات زرعهم, ومواعيد رحلاتهم البرية والبحرية, وعدة نسائهم, وتسديد ديونهم, ووقت حجهم, ومعاملاتهم, وعباداتهم, وحقوقهم. . قال تعالى : ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ). . وعرف المسلمون دورة القمر, واستخدموها في تحديد الزمن والتاريخ. بدءا من الهلال الوليد, إلى التربيع الأول, ثم الأحدب الأول, ثم البدر. وبعد هذا الاكتمال. تبدأ مساحة النور على سطح القمر في التناقص التدريجي. حيث يمر القمر بطور الأحدب الثاني, ثم التربيع الثاني, ثم الهلال المتناقص. حتى يدخل القمر في طور المحاق. .
إذن لابد لنا من التمييز بين الهلال المولود في بداية الشهر القمري, وبين الهلال المنقوص, الذي يظهر قبيل نهاية الشهر. . ولابد من التفريق بين الهلال الصحيح, الذي يمثل الإسلام والمسلمين, وهو على شكل حرف ( ر ). وبين الهلال المعكوس أو المقلوب, الذي يمثل أهم رمز من رموز المحافل الماسونية, وهو على شكل حرف ( C ). .
أما شعار الـ ( ين يانغ Yin Yang ) وهو الهلال المنقوص والنجمة. فهو من شعاراتهم المشتركة. فـ (ين) تعني الهلال العرجون. ويمثل إلهة القمر (ديانا). و (يانغ) تعني النجمة, التي تمثل إلهة الحب فينوس. .
وكان محفل (الهلال) التابع للشرق الأكبر العثماني, من اكبر المحافل الماسونية في لبنان. وسجل بعض أفراد هذا المحفل نشاطا مشبوها في مجال الصحافة والإعلام, التي روجوا من خلالها أفكارهم بطرق ملتوية ومخادعة. . ومنهم جورجي زيدان الذي أطلق على مجلته اسم (الهلال). مستغلا ما يشاع بين الناس من أن الهلال رمز إسلامي. فاتخذ من الهلال المقلوب والمنقوص ( C ) شعارا لمجلته. معبرا بهذا العمل عن معتقداته الماسونية. ومستغلا بذلك ضعف إدراك الناس في التمييز بين شكل الهلال الماسوني المقلوب ( C ). وبين شكل الهلال المعتدل ( ر ). وهو الشكل المنسجم مع مفردات التقويم الإسلامي, المبنية على رؤية ميلاد الهلال في بداية الشهر وليس في نهايته. .
ويتعمد عبيد الشيطان في إظهار صورة إلههم (بافوميت Baphomet). وهو يشير بيده اليسرى إلى هلال مظلم. يقع في أسفل الصورة. بينما يشير بيده اليمنى إلى هلال مضيء. يقع في أعلى الصورة. . ويتبين من الصورة أنهم وضعوا الهلال المقلوب في أعلى المراتب. وجعلوه مشرقا. ووضعوا الهلال الصحيح في أدنى المراتب. وجعلوه مظلما. . فانظر إلى هذه الإساءة السافرة, التي تتعمد تشويه رموزنا بطرق ساخرة ومقززة. وانظر إلى هذا التطاول الوقح على الثقافة الإسلامية, وهذا الأسلوب الرخيص المبتذل المعادي للحضارة الإسلامية, وهذا التجاوز الخطير.
(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون). .
ويتضح لنا أيضا أنهم, وعلى الرغم من انحرافهم وقذارتهم,وسقوطهم في مستنقع الشيطان, يميزون بين الأهلة, وعلى دراية تامة بالشعار الذي يتناسب مع طقوسهم الشاذة. فاختاروا لأنفسهم هلالا مقلوبا ومنقوصا ومناقضا ومخالفا للهلال الإسلامي. وهم بعملهم هذا يمعنون في عدائهم للإسلام, ويحاولوا أن يظهروا كراهيتهم للمسلمين, بأسلوب استفزازي . .
وسارت منظمة فرسان مالطا على النهج الماسوني. فوضعت الهلال المرسوم على شكل حرف ( C ) على علمها البحري. وهي المنظمة المعروفة بعدائها القديم للإسلام والمسلمين. والتي كانت تمارس أبشع أنواع القرصنة البحرية ضد السفن الإسلامية, وتشن أشرس الغارات على السواحل العربية الواقعة شمال أفريقيا. .
ومن العجب العجاب. والمفارقات التاريخية التي تبعث على الدهشة والاستياء. أن نرى معظم الدول الإسلامية تضع الهلال المعكوس أو المقلوب على أعلامها الوطنية. ولم تكتشف بعد أن هذا الهلال المقلوب لا يمثلها, ولا يمثل الإسلام. ولا تدري, حتى تاريخ كتابة هذه السطور, أنها ترفع على أعلامها شعار المحافل الماسونية, ورمز المذاهب الظلامية, وعلامة الفرق الشيطانية. .
أما كيف تسلل هذا الشعار الماسوني إلى الأعلام العربية والإسلامية ؟؟. وكيف انتشر في الأقطار الإسلامية. من دون أن ينتبه اليه احد ؟. فالحكاية في منتهى الغرابة. وتدل على جهل السلاطين والحكام. أو إهمالهم, وعدم معرفتهم لأبسط الرموز الإسلامية وأكثرها شيوعا. .
وتبدأ الحكاية من العلم التركي, الذي كان يمثل علم الدولة العثمانية. باعتباره أول الإعلام الإسلامية التي انتهجت السياق الخاطئ. ووضعت الهلال بالمقلوب. .
فقد تغلغلت الماسونية في مجالس دولة (الرجل المريض), حينما كانت الإمبراطورية العثمانية ترقد على سرير ردهة الأمراض العقلية. بعد أن انخرط سلطانها مراد الخامس في المسلك الماسوني. وهو الشقيق الأكبر للسلطان عبد الحميد الثاني, والذي لم يدم حكمه سوى بضعة أشهر تقريبا, عندما أقصي عن العرش لإصابته بالجنون. وقد انتسب إلى الماسونية عندما كان وليا للعهد. وارتبط بالمحفل الاسكتلندي. . وكان من النتائج الخطيرة لتواجد المحافل الماسونية الأجنبية داخل حدود الدولة العثمانية, احتضان هذه المحافل حركة ( الاتحاد والترقي). وهي التي أجبرت السلطان عبد الحميد الثاني. على قبول الشروط المهينة, التي صاغتها المحافل الماسونية في (تراقيا) الغربية. وكانت (سلانيك) معقلا للمتآمرين الماسون. ونجح محفل المشرق الأعظم (المحفل الماسوني الفرنسي) في إزاحة السلطان عبد الحميد وخلعه. وكان عهد جماعة (الاتحاد والترقي), هو العهد الذهبي بالنسبة للحركة الماسونية, التي شهدت انتشارا واسعا في تلك الفترة. . فإذا كانت تلك المحافل الماسونية قادرة على خلع السلاطين, وسن القوانين. فمن المؤكد أنها كانت قادرة على دس سمومها, ونشر رسومها, وتعميم رموزها في شعارات الدولة. وهذا هو ديدنها, ولعبتها الخبيثة التي دأبت على ممارستها في الخفاء. .
وإذا كانت هذه المحافل قادرة على زج رموزها وطلاسمها في الدولار الأمريكي, الذي غلفته الرموز الماسونية. ولطخته العبارات الشيطانية. وهو الذي يمثل العملة الورقية لدولة تمتلك قوة طاغية. فما بالك بالدولة الضعيفة, والتي تسمى (دولة الرجل المريض). . إذن كان العلم التركي, يمثل نقطة البداية في تبني فكرة الهلال المعكوس. ثم انسحبت الفكرة على أعلام وشعارات الدول الإسلامية الأخرى, التي نشأت بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية وتفككها. .
واستكمالا لما تقدم. نذكر أن العلم العراقي, الذي اقترحته سلطة الاحتلال عام 2003 . كان مصمما وفق المقاسات الماسونية والشيطانية. ويمكنك أن ترى الهلال المعكوس واضحا في قلب العلم. لكن هذا الاقتراح الساذج قبر في مهده, وجوبه باعتراضات عارمة. من شمال العراق إلى جنوبه. .
وانتهجت منظمة الهلال الأحمر, الطريقة الماسونية في اتخاذها الهلال المعكوس شعارا ورمزا لها. من دون أن يفطن اليه احد. .
وتتهافت معارض الإكسسوارات في الأسواق الغربية. على عرض المجوهرات, والحلي لتصاميم النجمة والهلال المقلوب . وربما تسللت هذه المجوهرات المشبوهة إلى أسواقنا من دون أن نحس بها, أو نعلم بمصدرها. .
وينبغي أن تسارع الدول الإسلامية إلى إعادة النظر في تصاميم أعلامها الوطنية. حيث يفترض أن يكون شكل الهلال مطابقا للشكل المرسوم في الصورة أعلاه. فالمطلوب تدارك هذا الخطأ الفادح. وستبقى هذه الخطوة مبتورة ومنقوصة. إذا لم تتبعها خطوات تصحيحية أخرى, تتعلق بإدانة المتسببين في هذه الأخطاء, التي تمس الحضارة الإسلامية, وتكشف عن أوجه تآمر المحافل الماسونية, التي تحاملت على الحضارة الإسلامية من خلال دس أفكارها المسمومة بطرق مريبة. . ولو كان المسئولون يحسون بحقيقة هذه الأخطاء, التي تدخل في خانة الأخطاء غير المغتفرة. لكان عليهم أن يعالجوها منذ زمن بعيد. ونخشى أن تبقى هذه الأخطاء على ما هي عليه. ما دام أن البعض يفعلها مع سبق الإصرار والترصد. أو يغض الطرف عنها ويتجاهلها.