مع اقتراب هزيمة اليابان خلال الحرب العالمية الثانية سنة 1945، عمد العديد من كبار القادة بالجيش الياباني إلى الانتحار، مفضلين مواصلة العمل بالقوانين الأخلاقية التي اعتمدها المحاربون اليابانيون القدامى والمعروفة بالبوشيدو (Bushidô) ، فبدل مواجهة عار الهزيمة والاستسلام، أقدم العديد من العسكريين اليابانيين على وضع حد لحياتهم اعتمادا على طريقة السيبوكو (Seppuku) .
هكذا لم يتردد وزير الحرب الياباني كوريشيكا أنامي (Korechika Anami) في إنهاء حياته بأبشع الطرق في حدود منتصف شهر آب/أغسطس سنة 1945.
رسم تخيلي لأحد المقاتلين اليابانيين خلال قيامه بالإنتحار إعتمادا على تقنية سيبوكو
مسيرة لافتة
وقد حظي الجنرال الياباني كوريشيكا أنامي بمسيرة عسكرية لافتة للانتباه، فمنذ تخرجه من الأكاديمية العسكرية كملازم سنة 1906، ترقى أنامي بشكل سريع في سلم الرتب العسكرية، وعين سنة 1918 كنقيب، ومن ثم كرائد قبل أن يبلغ رتبة مقدم عقب مشاركته بالتدخل العسكري الياباني بجزيرة سخالين في خضم العملية العسكرية اليابانية بسيبيريا.
خلال الفترة التالية، عمل كوريشيكا كملحق عسكري بالسفارة اليابانية بفرنسا، قبل أن يعود إلى موطنه ليحصل على رتبة كولونيل ويشارك لاحقا في التدخل العسكري الياباني بالصين، الذي انتهى بإقامة دولة مانشوكو (Manchukuo)على أراضي إقليم منشوريا.
ومع بداية الحرب اليابانية الصينية الثانية سنة 1937، منح كوريشيكا أنامي شرف قيادة فرقة المشاة رقم 109 بالجيش الياباني، قبل أن يتم تعيينه كقائد على الفيلق الياباني الحادي عشر خلال شهر أبريل/نيسان سنة 1941.
صورة توضح موقع جزيرة سخالين على الخارطة
وزير حرب لأصعب فترة
في أيار/مايو سنة 1943، حصل أنامي على رتبة جنرال بالجيش الياباني وعلى إثر مشاركة وجيزة بالمعارك الدائرة بغرب غينيا الجديدة عاد الأخير لليابان ليعين في عدد من المناصب العسكرية المرموقة قبل أن يحصل بشكل رسمي مع بداية شهر أبريل/نيسان سنة 1945 على منصب وزير الحرب بحكومة رئيس الوزراء كانتارو سوزوكي (Kantarō Suzuki).
نال كوريشيكا أنامي منصب وزير الحرب خلال أصعب فترة في تاريخ اليابان حيث تلقت القوات اليابانية هزائم عديدة على مختلف الجبهات بالمحيط الهادئ على يد القوات الأمريكية، كما سجلت تلك الفترة قرب هزيمة واستسلام ألمانيا التي كانت حليفة لليابانيين خلال الحرب العالمية الثانية، وقد مهد ذلك الطريق لدخول الإتحاد السوفيتي الحرب ضد اليابان عقب نقل قواته من الساحة الأوروبية نحو أقصى الشرق.
وعلى الرغم من الدمار الهائل الذي لحق بالمدن اليابانية، خاصة عقب استهداف كل من #هيروشيما و #ناغازاكي بالقنبلة الذرية، وخراب أغلب المصانع، رفض وزير الحرب أنامي كل ما جاء في إعلان بوتسدام (Postdam) ودعا الأخير إلى عدم الاستسلام ومواصلة القتال داخل المدن اليابانية، مؤكدا قدرة الجيش الياباني على إيقاع خسائر جسيمة بالأمريكيين والحصول على اتفاقية سلام عادلة تضمن احتفاظ اليابان بعدد من مكاسبه التي حققها طوال السنوات السابقة.
صورة للإمبراطور الياباني هيروهيتو
صورة لعدد من الدبابات الخفيفة اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية
ذل الاستسلام وتقطيع الأحشاء
خلال شهر آب/أغسطس سنة 1945 وعلى إثر صدور أوامر من الإمبراطور هيروهيتو (Hirohito) بوضع حد للحرب، امثل كوريشيكا أنامي للقرارات الإمبراطورية متخليا بذلك عن طموحاته بمواصلة القتال على الأراضي اليابانية.
يوم الرابع عشر من شهر آب/أغسطس سنة 1945، وقّع وزير الحرب كوريشيكا أنامي برفقة بقية أعضاء مكتبه على وثيقة استسلام اليابان نزولا عند رغبة الإمبراطور.
لكنه لم يتحمل عار الهزيمة والذل فكان الاستسلام آخر قرار للوزير الياباني، الذي أقدم على وضع حد لحياته خلال ساعة مبكرة من اليوم التالي معتمداً على إحدى طرق الانتحار العريقة لدى اليابانيين.
فقد انتحر على طريقة السيبوكو التي تعرف أحيانا بالهارا كيري (harakiri). ، حيث أقدم أنامي على بقر بطنه وتقطيع أحشائه باستخدام سيفه عقب تدوينه لوصيته الأخيرة ، التي كتب فيها " مع وفاتي، أعتذر بكل احترام من الإمبراطور عن الجريمة التي ارتكبتها ".
وعقب تقطيعه لأحشائه، احتاج أنامي لبضعة ساعات كي يفارق الحياة. وأمام مشاهدتهم لمعاناته مع الموت، أقدم بعض المسؤولين اليابانيين على تقديم جرعة قاتلة لوزير الحرب لمساعدته على الرحيل عن هذا العالم بشكل سريع.
رسم تخيلي لمقاتل ياباني قبيل إنتحاره إعتمادا على تقنية سيبوكو
التعديل الأخير: