هل تستطيع الجزائر تحقيق حلمها النووى؟
الحلم النووي يعود الى الخمسينيات من القرن الفائت، ومصر كانت أول من حاول تحقيق هذا الحلم في العام 1955، تبعها العراق ثم الجزائر، من أجل إحداث التوازن العسكري المطلوب مع إسرائيل... لأن توازن القوّة يشكّل المدخل الحقيقي والرئيس لفرض السلام، أو على الأقلّ لحماية المصالح عندما يأتي موعد التفاوض. والدليل أن 18 عاماً من الكلام (الذي سمّي تفاوضاً) بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يؤدّ الى شيء..... وليس سرّاً أن القوّة هي أداة من أدوات السلام أو ضرورة من ضروراته، وحتى الدول الباحثة عن الاستقرار والأمن، والتي لا ترغب في خوض أي مواجهة عسكرية، لا تكفّ عن تطوير قدراتها العسكرية
لأنها عبر هذا التطوير تستطيع أن تضمن مصالحها، وفي الوقت نفسه، أن تردع الآخر عن الاعتداء عليها، والحرب، كما قيل، إحدى وسائل الدبلوماسية، كمـا أن التفاوض هو إحدى وسائل الحرب لتحقيق المطالب.....مما لاشك فيه أن استعداد الجزائر لدخول عصر الطاقة النووية ليس وليد الصدفة أو مغامرة غير محسوبة العواقب بل هى مغامرة مدروسة جري التخطيط لها منذ بداية الثمانينيات,... الجزائر قطعت شوطا لا بأس به ثم سرعان ما توقفت في منتصف التسعينيات بسبب أعمال العنف والإرهاب القاتل, وتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية التي عطلها الإرهاب ضمن منظومة الإرهاب المبرمج الذي هدد سيادة الدولة والقرار لمدة عشر سنوات خطف فيها الإرهاب المبرمج والممنهج الجميع إلي سجال ماراثوني من العنف والعنف المضاد كما يحدث فى مصر الآن , حتي تعب الجميع وقرروا الدخول إلي هدنة مطولة استعادت خلالها السلطة الهيبة والقرار, وزمام الأمور, فسارعت إلي إدخال أمراء الإرهاب الجحور من جديد.....بداية الجزائر مع برنامج الطاقة النووية كانت واعدة بالفعل في ذلك الوقت, حيث تمكنت بسرعة البرق من تملك مفاعلين الأول يسمي نور بطاقة5 ميجاوات في مدينة دارية
و هو مماثل للمفاعل النووي الأرجنتيني RA-6 وقد تم بنائه في مدة 18 شهر فقط قبل أن يفتتح رسميا شهر أبريل/نيسان 1989... هذا المفاعل كان محصلة تعاون مطول مع الأرجنتين,..... يستخدم المفاعل الآن لإغراض علمية بحيث يتم إنتاج النظائر المشعة Radioisotopes و البحث الأساسي والتطبيقي في فيزياء النيوترونية neutron physics كما يستخدم للتدريب, يحتوي المفاعل على خلية و دائرة حارة لمعالجة العينات المشعة بالنقل الهوائي , كما يحتوي على لوحة تحكم إضافية إلى جانب الرئيسية مما يتح إمكانية التدريب التطبيقي ....حاليا يستخدم المفاعل من قبل عدد من المؤسسات الجزائرية لغرض التعليم
والثاني يسمي سلام فى مدينة عين سارة بطاقة15 ميجاوات بالتعاون مع الصين وخاضع للمراقبة الدورية.... فى سنة 1983 وقعت الجزائر والصين اتفاقية سرية تقوم بموجبها الصين بتجهيز الجزائر بمفاعل نووي تم بنائه وكان هذا المفاعل اكبر من المفاعل الأول حيث كانت قدرته 15 ميجا واط بالماء الثقيل وكان يستخدم اليورانيوم المخصب المنخفض وقادر على إنتاج بين 3-5 كيلو غرام من البلوتونيوم وهذه الكمية تكفي لبناء قنبلة نووية ....مع الوضع فى الاعتبار أن الجزائر هى الدولة الإفريقية الوحيدة التي تعرضت للتجارب النووية إبان الاحتلال الفرنسي حيث تم القيام ب 13 تجربة نووية تحت الأرض , و ما زالت تلك المناطق المخصصة للاختبار تشكل هاجس للمجموعة الدولية خوفا من استخدامها سرا من قبل الجزائريين الذين بدأوا بداية الثمانينات في بناء مفاعلات نووية تحت حق امتلاك الطاقة النووية لإغراض سلمية
وفي سنوات التوقف, اقتصر النشاط الجزائري في هذا المجال علي صور للتعاون مع بعض الدول مثل ألمانيا والأرجنتين وكوريا الشمالية وباكستان بإنشاء مفاعلات أبحاث ليس إلا.....من ناحية اخرى يحتوي الجنوب الجزائري على كميات هائلة من اليورانيوم وخلال عمليات التنقيب التي تمت بين 1979-2001 تم اكتشاف 56.000 طن من اليورانيوم قبل أن تتوقف عمليات التنقيب سنة 2001 و يتوقع الخبراء أن الجزائر تنام على مخزون هائل من اليورانيوم .....لذلك أثارت عدة دول تخوفها من البرنامج الجزائري على رأسهم تونس والمغرب واسبانيا والتي كانت تدعي أن البرنامج النووي الجزائر هو ذو طابع عسكري وان الجزائر تريد الهيمنة على الشمال الإفريقي بالترهيب و كذلك ردا على محاولة ليبيا الحصول أسلحة نووية وقتها أيام معمر القذافى !!...حسب التقارير الأمريكية الرسمية الصين كانت تدعم الجزائر للحصول على سلاح نووي سنة 1991 , حيث كان البرنامج سري للغاية !!...ومن هنا بدأت حملة دولية ضد الجزائر من اجل إجبارها على التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية
على صعيد أخر إبان حرب الخليج تم نصب بطاريات مضادة للطائرات بجوار المنشآت النووية الجزائرية وهو ما أوحى للأمريكان أن البرنامج لم يكن سلميا وان الجزائر كانت تتوقع ضربة جوية للمنشآت النووية....ومن هنا دخلت الجزائر والصين في مواجهة بقية الدول على رأسهم أمريكا على الساحة السياسية حيث اتهمت أمريكا الجزائر بتطوير برنامج نووي بينما كانت الجزائر تنكر وقد استند التقرير الأمريكي على بعض النقاط أهمها
* أن بعض الأحزاب السياسية الجزائرية كانت تدعوا لتطوير الأسلحة النووية .......
* المخابرات الأمريكية كانت تربط بين البرنامج و بين مخاوف السلطات الجزائر من حصول ليبيا على السلاح النووي , حيث كانت العلاقات سيئة جدا مما قد يخل بالتوازن بالمنطقة .....
* أنظمة الدفاع الجوي التي نشرت حول المفاعل ..... * التخوف الأمريكي من المشروع الصيني في محاولة منها للحصول على حلفاء من باب النووي .....
* الاستخبارات الأمريكية تعتقد أن المفاعل بقدرة 60 ميجا واط بالعودة لقدرة التبريد وليس كما كانت الجزائر والصين تؤكدان بان قدرته 15 ميجا واط .....
* الاستخبارات الأمريكية كانت على علم مند سنة 1989 بالمشروع لكنها لم تكن متأكدة .... * الخشية من تكرار سيناريو باكستان و تزويد الجزائر بتكنولوجيا نووية ....
* امتلاك الجزائر مخزون هائل من الغاز يغنيها على النووي في توليد الكهرباء .... فى سنة 1992 مع تزايد الضغوط الدولية على الجزائر وقعت الجزائر للانضمام إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحت ضغوط أمريكة و دولية .... وخلال عملية التفتيش الأولى سنة 1992 اكتشف 3 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب غير مصرح بها حصلت عليها من الصين , قبل أن يبدأ المفاعل عمله سنة 1993 ......على صعيد أخر فى سنة 1998 ذكرت الاستخبارات الإسبانية انه برغم من أن البرنامج النووي الجزائري سلمي إلى أن الجزائر لديها قدرة لإنتاج سلاح نووي في اقل من سنتين !!...وفي الشهر الأول من نفس العام أعلن مركز الأبحاث في واشنطن أن الجيش الجزائر يمتلك كل المقومات لاستخدام السلاح النووي من العربات المناسبة إلى التجهيز المناسب....كما قامت سويسرا بمنع بيع الجزائر تجهيزات لصناعة المفاعل وقد حصلت عليها الجزائر من دولة ثالثة كما يقدر الخبراء أن المفاعل اكبر من استخدامه لأغراض سلمية .....كما سلمت الصين الجزائر 11 طن من المياه الثقيلة و 216 وحدة وقود ....من ناحية اخرى بعد ان هدات العاصفة اثارتها دول اخرى بحجة ارتباط ودعم الجزائر لايران في برنامجها النووي حيث عبرت الجزائر مرارا ان من حق ايران تطوير برنامجها النووي لاغراض سلمية والذي لم تقتنع بعد الجزائر انه لاغراض اخرى الى جانب هذا تم توقيع اتفاقية تعاون بحيث اعربت ايران عن استعدادها لمساعدة الجزائر لبناء مشروع نووي قوي من خلال تدريب الخبراء في منشآتها النووية .... ولم تنس إيران أن تقدم رسائل تشجيعية للجانب الجزائري في هذا السياق
لدرجة أن طهران أعلنت أن هذا التعاون والدعم من قبل طهران للجزائر سيكون هو ردا للجميل لمواقف وتصرفات الجزائر المؤيدة لإيران في معركتها مع الوكالة الدولية للطاقة, ومجموعة أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا بحق إيران المشروع في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية...ويبدو أن رسائل طهران التشجيعية هذه قد فتحت شهية الجانب الجزائري, وكسبت عقول وقلوب القيادة الجزائرية سريعا, فردت الجزائر بتحية تأييد ودعم متواصل للموقف الإيراني في معركته مع الوكالة الدولية للطاقة..., بل أطلقت الجزائر لنفسها العنان في التناغم مع الموقف الإيراني, وجاهرت صراحة بحق طهران, وتشجيع ملفها النووي, طالما أنها موقعة علي معاهدة حظر الانتشار النووي, وهي ملتزمة بها, بل ووجهت انتقادات وطعنات نافذة إلي بعض القوي الكبري بالاسم التي تمتلك العديد من أسلحة الدمار الشامل, وأنها تسعي لإيجاد العراقيل أمام أنشطة إيران وأنشطتنا العلمية, وأبلغتهم الجزائر بلغة تحد أنكم لم ولن تفلحوا في هذا المسار.....وفي محاولة لقطع الطريق علي بعض الدول كفرنسا والمغرب وإسبانيا الرافضة لعودة البرنامج النووي الجزائري السلمي
وشن حملات تشهيرية ضدها ـ كما تقول السلطة الجزائرية ـ تحذر فيها من القنبلة النووية الجزائرية, كما حدث في فترة الثمانينيات وأوائل التسعينيات, سارعت الجزائر التي تعوم علي بحيرة من البترول والغاز وعضو رئيس في منظمة الأوبك, حيث تجني أكثر من70 مليار دولار حصيلة بيع البترول سنويا, إلي إبلاغ الجميع رسالة واضحة أنه لا خوف من البرنامج الجزائري المقبل, حيث سيكون مخصصا لإنتاج الطاقة الكهربائية, وذلك باستغلال ما تتوافر عليه الجزائر من كميات كبيرة من اليورانيوم.... وبالتالي فإنه من حق الجزائر أن تتطلع بقوة وعلي المدي الطويل لإنتاج الطاقة الكهربائية المتجددة بواسطة استعمال تكنولوجيا الطاقة النووية...., طالما أن الجزائر قد وقعت علي معاهدة منع الانتشار النووي وتسمح بإجراءات المراقبة الدورية لفرق التفتيش التابعة للوكالة الدولية, وكذلك علي البروتوكول الإضافي الذي يسمح بعمليات التفتيش المفاجئة, وبالتالي فلا خوف بعد اليوم ولا داعي من الآن لتجديد وتحديث الحملة المضادة التي كانت في السابق
الجزائر تمنت من الجميع بما فيهم أمريكا من عدم تشغيل طاحونة الشائعات ضد البرنامج الجزائري حتي قبل أن يبدأ, والتي كانت بعض التقارير الإعلامية الفرنسية والأوروبية والمغربية قالت إنه بعودة الجزائر إلي إحياء برنامجها, فإنه يبدو أن لديها ما تخفيه, خاصة أن التعاون والاعتماد الأكبر سيكون مع إيران التي ما فتئت تسارع بفتح ذراعيها وأحضانها للجزائر, وما أدراك ما إيران والتعاون مع إيران.... العلاقات الدافئة مع إيران بالذات, ستجلب للجزائر الكثير من الغلبة السياسية مع الغرب وأمريكا التي تحسنت علاقاتها كثيرا في الفترة الأخيرة مع الجزائر, بل ان الطرف الأخير كثيرا ما يستغل انفتاح هذه العلاقات لإبلاغ الفرنسيين رسائل عديدة بأن زمن الانفتاح والولاء الكامل علي طول الخط لفرنسا قد ولي.... وأن أمريكا جاءت حاليا وتنتظر علي أبواب الجزائر في انتظار السماح لها بالدخول, وإقامة شراكة استراتيجية, إلا أن الرئيس بوتفليقة يبدو أنه كان مدركا منذ البداية لطبيعة وحجم هذه الغلبة والقضية الأوروبية والأمريكية, فأراد اختيار مبعوثا له هو شكيب خليل المقرب من الغرب لهذه المهمة حتي يوقف حدة التداعي والهجمة المرتقبة ضد الجزائر أو تصنيفها ضد المحور الإيراني ذات يوم
وبرغم موقف الجزائر الواضح منذ الساعات الأولي بالانفتاح نحو طهران بشأن تعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية, فإنه لا يمكن فصل هذه المواقف عن سياقها الطبيعي..., لأنها تنطلق صراحة من وجهة نظر جزائرية خالصة بخصوص اكتساب التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية, ومنع انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط....على صعيد أخر الدبلوماسية الجزائرية اختارت طهران لتوجيه رسائل مباشرة أيضا, خصوصا مع واشنطن لإظهار استقلالية سياستها, والتعبير عن تذمرها من وضع هذه العلاقات التي لم تصل إلي مرحلة الانسجام والتناغم كما هو حادث حاليا بين المغرب والولايات المتحدة, التي مازالت تفرض القيود علي بيع الأسلحة للجزائر بقرار من الكونجرس منذ أحداث الإرهاب, ناهيك عن ميل واشنطن بعض الشيء لتأييد موقف المغرب أيضا في قضية الصحراء....ورغم كل هذا فقد وقعت الجزائر عدت اتفاقيات مع دول غربية للاستفادة من التكنولوجيا النووية مثل أمريكا وكذلك فرنسا التي وقعت معها عقد لاستخراج اليورانيوم و بناء مفاعل لإنتاج الطاقة الكهربية بقدرة 1000 ميجا واط بينما تقوم أمريكا ببناء مفاعل نووي لأغراض علمية إلى جانب كل من روسيا التي يتقوم ببناء مفاعلين عائمين بقدرة 70ميجا واط و الصين وكوريا الجنوبية لبناء مفاعلات نووية مستقبلا ....رغم هذا فان الجزائر لم تقبل تعليق أنشطتها النووية كما لم تقبل التوقيع على البروتوكول الإضافي و الذي يتيح التفتيش الفجائي من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية..... كما ترفض طلب دول غربية للإستفاذة من الغاز لإنتاج الطاقة الكهربائية رغم أن الجزائر تمتلك 3 اكبر احتياطي من هذه المادة لكنها تصر على الاحتفاظ بها والسير قدما نحو إنتاج الكهرباء بالنووي و الطاقة الشمسية
الحلم النووي يعود الى الخمسينيات من القرن الفائت، ومصر كانت أول من حاول تحقيق هذا الحلم في العام 1955، تبعها العراق ثم الجزائر، من أجل إحداث التوازن العسكري المطلوب مع إسرائيل... لأن توازن القوّة يشكّل المدخل الحقيقي والرئيس لفرض السلام، أو على الأقلّ لحماية المصالح عندما يأتي موعد التفاوض. والدليل أن 18 عاماً من الكلام (الذي سمّي تفاوضاً) بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يؤدّ الى شيء..... وليس سرّاً أن القوّة هي أداة من أدوات السلام أو ضرورة من ضروراته، وحتى الدول الباحثة عن الاستقرار والأمن، والتي لا ترغب في خوض أي مواجهة عسكرية، لا تكفّ عن تطوير قدراتها العسكرية
لأنها عبر هذا التطوير تستطيع أن تضمن مصالحها، وفي الوقت نفسه، أن تردع الآخر عن الاعتداء عليها، والحرب، كما قيل، إحدى وسائل الدبلوماسية، كمـا أن التفاوض هو إحدى وسائل الحرب لتحقيق المطالب.....مما لاشك فيه أن استعداد الجزائر لدخول عصر الطاقة النووية ليس وليد الصدفة أو مغامرة غير محسوبة العواقب بل هى مغامرة مدروسة جري التخطيط لها منذ بداية الثمانينيات,... الجزائر قطعت شوطا لا بأس به ثم سرعان ما توقفت في منتصف التسعينيات بسبب أعمال العنف والإرهاب القاتل, وتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية التي عطلها الإرهاب ضمن منظومة الإرهاب المبرمج الذي هدد سيادة الدولة والقرار لمدة عشر سنوات خطف فيها الإرهاب المبرمج والممنهج الجميع إلي سجال ماراثوني من العنف والعنف المضاد كما يحدث فى مصر الآن , حتي تعب الجميع وقرروا الدخول إلي هدنة مطولة استعادت خلالها السلطة الهيبة والقرار, وزمام الأمور, فسارعت إلي إدخال أمراء الإرهاب الجحور من جديد.....بداية الجزائر مع برنامج الطاقة النووية كانت واعدة بالفعل في ذلك الوقت, حيث تمكنت بسرعة البرق من تملك مفاعلين الأول يسمي نور بطاقة5 ميجاوات في مدينة دارية
و هو مماثل للمفاعل النووي الأرجنتيني RA-6 وقد تم بنائه في مدة 18 شهر فقط قبل أن يفتتح رسميا شهر أبريل/نيسان 1989... هذا المفاعل كان محصلة تعاون مطول مع الأرجنتين,..... يستخدم المفاعل الآن لإغراض علمية بحيث يتم إنتاج النظائر المشعة Radioisotopes و البحث الأساسي والتطبيقي في فيزياء النيوترونية neutron physics كما يستخدم للتدريب, يحتوي المفاعل على خلية و دائرة حارة لمعالجة العينات المشعة بالنقل الهوائي , كما يحتوي على لوحة تحكم إضافية إلى جانب الرئيسية مما يتح إمكانية التدريب التطبيقي ....حاليا يستخدم المفاعل من قبل عدد من المؤسسات الجزائرية لغرض التعليم
والثاني يسمي سلام فى مدينة عين سارة بطاقة15 ميجاوات بالتعاون مع الصين وخاضع للمراقبة الدورية.... فى سنة 1983 وقعت الجزائر والصين اتفاقية سرية تقوم بموجبها الصين بتجهيز الجزائر بمفاعل نووي تم بنائه وكان هذا المفاعل اكبر من المفاعل الأول حيث كانت قدرته 15 ميجا واط بالماء الثقيل وكان يستخدم اليورانيوم المخصب المنخفض وقادر على إنتاج بين 3-5 كيلو غرام من البلوتونيوم وهذه الكمية تكفي لبناء قنبلة نووية ....مع الوضع فى الاعتبار أن الجزائر هى الدولة الإفريقية الوحيدة التي تعرضت للتجارب النووية إبان الاحتلال الفرنسي حيث تم القيام ب 13 تجربة نووية تحت الأرض , و ما زالت تلك المناطق المخصصة للاختبار تشكل هاجس للمجموعة الدولية خوفا من استخدامها سرا من قبل الجزائريين الذين بدأوا بداية الثمانينات في بناء مفاعلات نووية تحت حق امتلاك الطاقة النووية لإغراض سلمية
وفي سنوات التوقف, اقتصر النشاط الجزائري في هذا المجال علي صور للتعاون مع بعض الدول مثل ألمانيا والأرجنتين وكوريا الشمالية وباكستان بإنشاء مفاعلات أبحاث ليس إلا.....من ناحية اخرى يحتوي الجنوب الجزائري على كميات هائلة من اليورانيوم وخلال عمليات التنقيب التي تمت بين 1979-2001 تم اكتشاف 56.000 طن من اليورانيوم قبل أن تتوقف عمليات التنقيب سنة 2001 و يتوقع الخبراء أن الجزائر تنام على مخزون هائل من اليورانيوم .....لذلك أثارت عدة دول تخوفها من البرنامج الجزائري على رأسهم تونس والمغرب واسبانيا والتي كانت تدعي أن البرنامج النووي الجزائر هو ذو طابع عسكري وان الجزائر تريد الهيمنة على الشمال الإفريقي بالترهيب و كذلك ردا على محاولة ليبيا الحصول أسلحة نووية وقتها أيام معمر القذافى !!...حسب التقارير الأمريكية الرسمية الصين كانت تدعم الجزائر للحصول على سلاح نووي سنة 1991 , حيث كان البرنامج سري للغاية !!...ومن هنا بدأت حملة دولية ضد الجزائر من اجل إجبارها على التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية
على صعيد أخر إبان حرب الخليج تم نصب بطاريات مضادة للطائرات بجوار المنشآت النووية الجزائرية وهو ما أوحى للأمريكان أن البرنامج لم يكن سلميا وان الجزائر كانت تتوقع ضربة جوية للمنشآت النووية....ومن هنا دخلت الجزائر والصين في مواجهة بقية الدول على رأسهم أمريكا على الساحة السياسية حيث اتهمت أمريكا الجزائر بتطوير برنامج نووي بينما كانت الجزائر تنكر وقد استند التقرير الأمريكي على بعض النقاط أهمها
* أن بعض الأحزاب السياسية الجزائرية كانت تدعوا لتطوير الأسلحة النووية .......
* المخابرات الأمريكية كانت تربط بين البرنامج و بين مخاوف السلطات الجزائر من حصول ليبيا على السلاح النووي , حيث كانت العلاقات سيئة جدا مما قد يخل بالتوازن بالمنطقة .....
* أنظمة الدفاع الجوي التي نشرت حول المفاعل ..... * التخوف الأمريكي من المشروع الصيني في محاولة منها للحصول على حلفاء من باب النووي .....
* الاستخبارات الأمريكية تعتقد أن المفاعل بقدرة 60 ميجا واط بالعودة لقدرة التبريد وليس كما كانت الجزائر والصين تؤكدان بان قدرته 15 ميجا واط .....
* الاستخبارات الأمريكية كانت على علم مند سنة 1989 بالمشروع لكنها لم تكن متأكدة .... * الخشية من تكرار سيناريو باكستان و تزويد الجزائر بتكنولوجيا نووية ....
* امتلاك الجزائر مخزون هائل من الغاز يغنيها على النووي في توليد الكهرباء .... فى سنة 1992 مع تزايد الضغوط الدولية على الجزائر وقعت الجزائر للانضمام إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحت ضغوط أمريكة و دولية .... وخلال عملية التفتيش الأولى سنة 1992 اكتشف 3 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب غير مصرح بها حصلت عليها من الصين , قبل أن يبدأ المفاعل عمله سنة 1993 ......على صعيد أخر فى سنة 1998 ذكرت الاستخبارات الإسبانية انه برغم من أن البرنامج النووي الجزائري سلمي إلى أن الجزائر لديها قدرة لإنتاج سلاح نووي في اقل من سنتين !!...وفي الشهر الأول من نفس العام أعلن مركز الأبحاث في واشنطن أن الجيش الجزائر يمتلك كل المقومات لاستخدام السلاح النووي من العربات المناسبة إلى التجهيز المناسب....كما قامت سويسرا بمنع بيع الجزائر تجهيزات لصناعة المفاعل وقد حصلت عليها الجزائر من دولة ثالثة كما يقدر الخبراء أن المفاعل اكبر من استخدامه لأغراض سلمية .....كما سلمت الصين الجزائر 11 طن من المياه الثقيلة و 216 وحدة وقود ....من ناحية اخرى بعد ان هدات العاصفة اثارتها دول اخرى بحجة ارتباط ودعم الجزائر لايران في برنامجها النووي حيث عبرت الجزائر مرارا ان من حق ايران تطوير برنامجها النووي لاغراض سلمية والذي لم تقتنع بعد الجزائر انه لاغراض اخرى الى جانب هذا تم توقيع اتفاقية تعاون بحيث اعربت ايران عن استعدادها لمساعدة الجزائر لبناء مشروع نووي قوي من خلال تدريب الخبراء في منشآتها النووية .... ولم تنس إيران أن تقدم رسائل تشجيعية للجانب الجزائري في هذا السياق
لدرجة أن طهران أعلنت أن هذا التعاون والدعم من قبل طهران للجزائر سيكون هو ردا للجميل لمواقف وتصرفات الجزائر المؤيدة لإيران في معركتها مع الوكالة الدولية للطاقة, ومجموعة أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا بحق إيران المشروع في الاستخدام السلمي للطاقة الذرية...ويبدو أن رسائل طهران التشجيعية هذه قد فتحت شهية الجانب الجزائري, وكسبت عقول وقلوب القيادة الجزائرية سريعا, فردت الجزائر بتحية تأييد ودعم متواصل للموقف الإيراني في معركته مع الوكالة الدولية للطاقة..., بل أطلقت الجزائر لنفسها العنان في التناغم مع الموقف الإيراني, وجاهرت صراحة بحق طهران, وتشجيع ملفها النووي, طالما أنها موقعة علي معاهدة حظر الانتشار النووي, وهي ملتزمة بها, بل ووجهت انتقادات وطعنات نافذة إلي بعض القوي الكبري بالاسم التي تمتلك العديد من أسلحة الدمار الشامل, وأنها تسعي لإيجاد العراقيل أمام أنشطة إيران وأنشطتنا العلمية, وأبلغتهم الجزائر بلغة تحد أنكم لم ولن تفلحوا في هذا المسار.....وفي محاولة لقطع الطريق علي بعض الدول كفرنسا والمغرب وإسبانيا الرافضة لعودة البرنامج النووي الجزائري السلمي
وشن حملات تشهيرية ضدها ـ كما تقول السلطة الجزائرية ـ تحذر فيها من القنبلة النووية الجزائرية, كما حدث في فترة الثمانينيات وأوائل التسعينيات, سارعت الجزائر التي تعوم علي بحيرة من البترول والغاز وعضو رئيس في منظمة الأوبك, حيث تجني أكثر من70 مليار دولار حصيلة بيع البترول سنويا, إلي إبلاغ الجميع رسالة واضحة أنه لا خوف من البرنامج الجزائري المقبل, حيث سيكون مخصصا لإنتاج الطاقة الكهربائية, وذلك باستغلال ما تتوافر عليه الجزائر من كميات كبيرة من اليورانيوم.... وبالتالي فإنه من حق الجزائر أن تتطلع بقوة وعلي المدي الطويل لإنتاج الطاقة الكهربائية المتجددة بواسطة استعمال تكنولوجيا الطاقة النووية...., طالما أن الجزائر قد وقعت علي معاهدة منع الانتشار النووي وتسمح بإجراءات المراقبة الدورية لفرق التفتيش التابعة للوكالة الدولية, وكذلك علي البروتوكول الإضافي الذي يسمح بعمليات التفتيش المفاجئة, وبالتالي فلا خوف بعد اليوم ولا داعي من الآن لتجديد وتحديث الحملة المضادة التي كانت في السابق
الجزائر تمنت من الجميع بما فيهم أمريكا من عدم تشغيل طاحونة الشائعات ضد البرنامج الجزائري حتي قبل أن يبدأ, والتي كانت بعض التقارير الإعلامية الفرنسية والأوروبية والمغربية قالت إنه بعودة الجزائر إلي إحياء برنامجها, فإنه يبدو أن لديها ما تخفيه, خاصة أن التعاون والاعتماد الأكبر سيكون مع إيران التي ما فتئت تسارع بفتح ذراعيها وأحضانها للجزائر, وما أدراك ما إيران والتعاون مع إيران.... العلاقات الدافئة مع إيران بالذات, ستجلب للجزائر الكثير من الغلبة السياسية مع الغرب وأمريكا التي تحسنت علاقاتها كثيرا في الفترة الأخيرة مع الجزائر, بل ان الطرف الأخير كثيرا ما يستغل انفتاح هذه العلاقات لإبلاغ الفرنسيين رسائل عديدة بأن زمن الانفتاح والولاء الكامل علي طول الخط لفرنسا قد ولي.... وأن أمريكا جاءت حاليا وتنتظر علي أبواب الجزائر في انتظار السماح لها بالدخول, وإقامة شراكة استراتيجية, إلا أن الرئيس بوتفليقة يبدو أنه كان مدركا منذ البداية لطبيعة وحجم هذه الغلبة والقضية الأوروبية والأمريكية, فأراد اختيار مبعوثا له هو شكيب خليل المقرب من الغرب لهذه المهمة حتي يوقف حدة التداعي والهجمة المرتقبة ضد الجزائر أو تصنيفها ضد المحور الإيراني ذات يوم
وبرغم موقف الجزائر الواضح منذ الساعات الأولي بالانفتاح نحو طهران بشأن تعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية, فإنه لا يمكن فصل هذه المواقف عن سياقها الطبيعي..., لأنها تنطلق صراحة من وجهة نظر جزائرية خالصة بخصوص اكتساب التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية, ومنع انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط....على صعيد أخر الدبلوماسية الجزائرية اختارت طهران لتوجيه رسائل مباشرة أيضا, خصوصا مع واشنطن لإظهار استقلالية سياستها, والتعبير عن تذمرها من وضع هذه العلاقات التي لم تصل إلي مرحلة الانسجام والتناغم كما هو حادث حاليا بين المغرب والولايات المتحدة, التي مازالت تفرض القيود علي بيع الأسلحة للجزائر بقرار من الكونجرس منذ أحداث الإرهاب, ناهيك عن ميل واشنطن بعض الشيء لتأييد موقف المغرب أيضا في قضية الصحراء....ورغم كل هذا فقد وقعت الجزائر عدت اتفاقيات مع دول غربية للاستفادة من التكنولوجيا النووية مثل أمريكا وكذلك فرنسا التي وقعت معها عقد لاستخراج اليورانيوم و بناء مفاعل لإنتاج الطاقة الكهربية بقدرة 1000 ميجا واط بينما تقوم أمريكا ببناء مفاعل نووي لأغراض علمية إلى جانب كل من روسيا التي يتقوم ببناء مفاعلين عائمين بقدرة 70ميجا واط و الصين وكوريا الجنوبية لبناء مفاعلات نووية مستقبلا ....رغم هذا فان الجزائر لم تقبل تعليق أنشطتها النووية كما لم تقبل التوقيع على البروتوكول الإضافي و الذي يتيح التفتيش الفجائي من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية..... كما ترفض طلب دول غربية للإستفاذة من الغاز لإنتاج الطاقة الكهربائية رغم أن الجزائر تمتلك 3 اكبر احتياطي من هذه المادة لكنها تصر على الاحتفاظ بها والسير قدما نحو إنتاج الكهرباء بالنووي و الطاقة الشمسية