بدأت الأحداث بتمرّد أمير البحر البيزنطي في صقلية {Euphmias} مستغلاً ثورة {Thomas} على الإمبراطور في الشرق و إنتصار المسلمين في جزيرة (كريت) إحدى الجزر اليونانية، إذ إغتنم الفرصة و جمع أنصاره و أخذ أسطوله و شقّ عصا الطاعة على الإمبراطور {ميخائيل الثاني}، و زحف على مدينة (سرقوسه|Ciracuse) و إستولى عليها، لكن حاكم الجزيرة {قسطنطين} تصدى له و قام بينهما قتال عنيف إنتهى بهزيمة {قسطنطين} و فراره إلى (قطانيه) أين تمكن {Euphmias} من أسره و قتله و أعلن نفسه ملكاً على صقلية.
لكن لم يلبث أن خرج على {Euphmias} أحد قواده، و يُدعى في المصادر الإفريقية {بلاطه} و بالإتافق مع إبن عمه والي (Palermo) إستطاع أن ينزل به هزيمة ساحقة إظطر بعدها إلى ترك صقلية التي عادت إلى سلطة البيزنطيين، و التوجه لإفريقيا مُستنجداً بالأمير الأغلبي {زيادة الله الأول} واعداً إياه بمُلك الجزيرة.
و كان {زيادة الله الأول} قام بعقد مجلس شورى يضم فقهاء و علماء تونس لدراسة هذه القضية، خاصة مع علمهم بأهمية دخول جزيرة صقلية تحت سيطرتهم، فكان المجلس مُنقسماً بين متخوف من الفكرة لإعتبار المسافة القريبة جداً للجزيرة من السواحل الإيطالية و بعدها عن السواحل الإفريقية، ما يعني قُرب إمدادات الروم، و بعد الأفارقة عن قواعدهم و إمداداتهم، أما الفريق الثاني فكان مُتحمساً، راغباً في المغامرة و الغزو و الجهاد، و على رأسهم {أسد بن الفرات}، و قد مال الأمير {زيادة الله الأغلبي} إلى رأي هذا الفريق الثاني.
لكن بقي أمام الأمير عقبة، و هي الهدنة التي تربط الدولة الأغلبية بالإمبراطورية البيزنطية منذ عهد أبيه و أخيه، و الحُجة اللازمة للإبطال سريانها. و كان {Euphmias} قد أرسل لـ{زيادة الله الأغلبي} يذكر له أن عند الروم أسرى من المسلمين، فعرض الأمير المسألة على الفقهاء، فقال {محرز} « يُستأنى في هذا الأمر حتى يتبيّن.»، و أما {أسد بن الفرات} فقال « يُسأل رُسلهم عن هذا»، فقال {أبو محرز} « كيف يُقبل قول الرُسل عليهم، أو دفعهم عنهم؟»، فقال {أسد} « بالرسل هادناهم و بالرسل نجعلهم ناقضين.»
عندئذ أرسل {زيادة الله} في طلب رُسل {Euphmias} و سألهم فأكدوا أنه لازال يوجد في الجزيرة عدد كبير من المسلمين في حالة رقّ و عبودية، و كان في الرُسل رجل مسلم، و بهذا تأكد لـ{زيادة الله} صحّة نقض الروم للهدنة التي بينهم و بين المسلمين، و أنه أصبح في حلّ منها و أن الحرب واجبة لدفع هذه المظلمة، فنادى بالجهاد في سبيل الله، و أبلغ {Euphmias} و أصحابه بالتوجه إلى (سوسة) قاعدة الإنطلاق و إنتظار تجهيز الأسطول. و أسند قيادة الحملة للقاضي العلاّمة {أسد بن الفرات} الذي سبق له غزو (سردانيه) و أشرف على فتحها.
و قد تحمس {أسد بن الفرات} للخروج للجهاد فكان يتعجل إتمام إعداد الحملة، و كان يشعر بتثاقل {زيادة الله} في ذلك و يشكو منه. فكان الإستعداد يجري على قدم و ساق، بينما أخذ الناس يتوافدون على {أسد} و يسألونه الخروج معه و ما يجب أن يكون معهم من العتادة و العُدة. و في هذا الوقت أصدر {زيادة الله} سجلاً بولاية {أسد بن الفرات} على صقلية أميراً و قاضياً، و لم يكن قد إجتمعت الولاية و القضاء بإفرقيا لأحد قبله.
لكن لم يلبث أن خرج على {Euphmias} أحد قواده، و يُدعى في المصادر الإفريقية {بلاطه} و بالإتافق مع إبن عمه والي (Palermo) إستطاع أن ينزل به هزيمة ساحقة إظطر بعدها إلى ترك صقلية التي عادت إلى سلطة البيزنطيين، و التوجه لإفريقيا مُستنجداً بالأمير الأغلبي {زيادة الله الأول} واعداً إياه بمُلك الجزيرة.
و كان {زيادة الله الأول} قام بعقد مجلس شورى يضم فقهاء و علماء تونس لدراسة هذه القضية، خاصة مع علمهم بأهمية دخول جزيرة صقلية تحت سيطرتهم، فكان المجلس مُنقسماً بين متخوف من الفكرة لإعتبار المسافة القريبة جداً للجزيرة من السواحل الإيطالية و بعدها عن السواحل الإفريقية، ما يعني قُرب إمدادات الروم، و بعد الأفارقة عن قواعدهم و إمداداتهم، أما الفريق الثاني فكان مُتحمساً، راغباً في المغامرة و الغزو و الجهاد، و على رأسهم {أسد بن الفرات}، و قد مال الأمير {زيادة الله الأغلبي} إلى رأي هذا الفريق الثاني.
لكن بقي أمام الأمير عقبة، و هي الهدنة التي تربط الدولة الأغلبية بالإمبراطورية البيزنطية منذ عهد أبيه و أخيه، و الحُجة اللازمة للإبطال سريانها. و كان {Euphmias} قد أرسل لـ{زيادة الله الأغلبي} يذكر له أن عند الروم أسرى من المسلمين، فعرض الأمير المسألة على الفقهاء، فقال {محرز} « يُستأنى في هذا الأمر حتى يتبيّن.»، و أما {أسد بن الفرات} فقال « يُسأل رُسلهم عن هذا»، فقال {أبو محرز} « كيف يُقبل قول الرُسل عليهم، أو دفعهم عنهم؟»، فقال {أسد} « بالرسل هادناهم و بالرسل نجعلهم ناقضين.»
عندئذ أرسل {زيادة الله} في طلب رُسل {Euphmias} و سألهم فأكدوا أنه لازال يوجد في الجزيرة عدد كبير من المسلمين في حالة رقّ و عبودية، و كان في الرُسل رجل مسلم، و بهذا تأكد لـ{زيادة الله} صحّة نقض الروم للهدنة التي بينهم و بين المسلمين، و أنه أصبح في حلّ منها و أن الحرب واجبة لدفع هذه المظلمة، فنادى بالجهاد في سبيل الله، و أبلغ {Euphmias} و أصحابه بالتوجه إلى (سوسة) قاعدة الإنطلاق و إنتظار تجهيز الأسطول. و أسند قيادة الحملة للقاضي العلاّمة {أسد بن الفرات} الذي سبق له غزو (سردانيه) و أشرف على فتحها.
و قد تحمس {أسد بن الفرات} للخروج للجهاد فكان يتعجل إتمام إعداد الحملة، و كان يشعر بتثاقل {زيادة الله} في ذلك و يشكو منه. فكان الإستعداد يجري على قدم و ساق، بينما أخذ الناس يتوافدون على {أسد} و يسألونه الخروج معه و ما يجب أن يكون معهم من العتادة و العُدة. و في هذا الوقت أصدر {زيادة الله} سجلاً بولاية {أسد بن الفرات} على صقلية أميراً و قاضياً، و لم يكن قد إجتمعت الولاية و القضاء بإفرقيا لأحد قبله.
خرج الأسطول الإفريقي من مدينة (سوسة) في جوان سنة 826م، و كان الجيش يتكون من 700 فارس بخليهم، و 10 آلاف راجل عبروا البحر إلى صقلية في 100 مركب.
إستغرقت الرحلة ثلاثة أيام، حتى وصل الأسطول ساحل الجزيرة، فنزلوا عند مدينة (مازر)، و كان إختيارها لبُعدها عن مركز الثقل في صقلية، أي عن الشرق حيث الحصون و المدن الكُبرى مثل (سرقوسه) و (قطانيه) و (طبرمين)، و كانت هي نفسها بعيدة نسبياً عن ساحل البحر، كما أن ساحلها يُعتبر الأقرب إلى الأرض الإفريقية.
أقام {أسد بن الفرات} بـ(مازر) ثلاثة أيام عمل خلالها على إكتشاف المكان حتى يتخذه مُعسكراً له، و قد عسكر أصحاب {Euphmias} في معسكر خاص بهم بالقرب من المعسكر الإفريقي.
و حدث خلاف بين {أسد بن الفرات} و أحد قوّاده و هو {إبن القادم} سببه أن الجند لما نزلوا بصقلية أضرّ بهم الجوع حتى أكلوا لحوم الخيل، ففوضوا إلى {إبن القادم} أن يُحدث {أسداً} عنهم في إعادتهم إلى إفريقيا، فرفض {أسد} و أراد حرق المراكب، ثم أنه عاقب {إبن القادم} فضربه بالسوط.
و أثناء مُقام جُند {أسد بن الفرات} في (مازر) لم يشتبك مع الروم، و لم يخرج للقائه إلا سريّة واحدة و تمكن من أسرها، و لكن إتضح أنها من أنصار {Euphmias}، من أجل ذلك لم يرتح {أسد} لإشتراك {Euphmias} و أصحابه معه في القتال، فقال له «إعتزلنا فلا حاجة لنا في أن تُعينونا» و «إجعلوا على رؤوسكم سيماء تُعرفون بها، لئلاّ يتوهم أحد منا أنكم من هؤلاء الموافقين لنا فيصيبكم بمكروه»، ففعلوا ذلك و جعلوا على رؤوسهم الحشيش فكانت تلك سيماهم.
ثم سار الجيش الإفريقي متوجهاً للقاء {بلاطه} مروراً بعدد من القلاع و القرى، وصولاً إلى أرض المعركة. و أقبل {بلاطه} في جيش كبير.
و عن القتال الذي نشب بين {بلاطه} و {أسد بن الفرات} يقول {الدباغ} :«فرأيت أسداً في يده اللواء و هو يُزمزم فحملوا علينا فكانت فينا روعة شديدة، و أقبل أسد على قراءة ‘يس’ فلما فرغ منها قال للناس هؤلاء عجم الساحل هؤلاء عبيدكم لا تهابوهم، فحمل و حمل الناس معه فهزم الله تعالي بلاطه و أصحابه. فلما إنصرف أسد رأيت الدم و قد سال مع قناة اللواء، مع ذراعه حتى صار تحت إبطه.»
و لم يجد {بلاطه} أمام سوى الإنسحاب إلى (Gastrogiovan|قصريانه) ثم غلبه الخوف من لقاء المسلمين ففر من صقلية إلى (Galbaria) بجنوب إيطاليا فقتل بها.
و قبل أن يُغادر {أسد بن الفرات} (مازر) ليقتفي أثر فلول الجيش الرومي المهزوم عيّن {أبا زكي الكناني} على (مازر) و واصل زحفه ليصل في مدة وجيزة إلى أسوار (Ciracuse) قاطعاً مسافة 200 كلم.
و هناك أقبل إليه طائفة من بطارقة (Ciracuse) فسألوه أن يمنحهم الأمان خديعة و مكراً، و بذلوا له الجزرية، و إشترطوا عليه أن لا يتحرك من موضعه، فوافق على شرطهم، و أثناء ذلك أصلح أهل (Ciracuse) حصنهم و أدخلوا فيه جميع ما يملكون من ذهب و فضة، و نقضوا إتفاقهم.
و لم أراد {أسد بن الفرات} مقاتلة أهلها تحصنوا داخل أسوار مدينتهم، عندئذ أرسل السرايا في كل ناحية، و غنم غنائم هائلة و إفتتحوا عُمراناً كثيرة حول (Ciracuse)، كذلك قام بحصار المدينة براً و بحراً، و في نفس الوقت جائته الأساطيل من إفريقيا تحمل إليه الإمدادات. لكن والي (Palermo) زحف نحو المسلمين في جيش كثيف، فما كان منهم إلا أن حفروا خندقاً حول أنفسهم، و حفروا خارج الخندق حُفراً كثيرة. فلما هجم الروم، كبت خيلهم و سقط كثير منهم في الحفر، و قتل المسلمون أعداداً كبيرة من الروم، و ضيّق {أسد} و رجاله على (Ciracuse) و قام بإحراق سفن الروم، فسألوه الأمان، لكن المؤمن لا يُلدغ من جُحر مرتين، فرفض أن يُجيبهم لطلبهم بسبب غدرهم المرة الأولى.
و لما أحس أهالي صقلية بضعف مركزهم و أن جيش الأفارقة لا ينوي العودة إلى إفريقيا كما في غزواته السابقة، أسرعوا بإرسال عدة سفارات لطلب نجدة الإمبراطورية البيزنطية، فبادرت بتلبية نداء أهلها و أرسلت لهم نجدة سريعة لإنقاذ (Ciracuse).
و في هذه الأثناء كان الجيش الإفريقي يمرّ بضروف صعبة، إذ داهمه وباء شديد هلك بسببه عدد كبير منهم و كان له أثر سيءّ على معنوياتهم، كما صُدم الجش بإستشهاد قائده {أسد بن الفرات}، هذا بالإضافة إلى رجاحة كفة البيزنطيين بعد تعاون البندقية معهم للقضاء على المسلمين، كما قلّت المؤونة و الأقوات بمُعسكرهم.
و رغم هذه الصعوبات جميعاً، فقد عزم المسلمون على مواجهة هذه الأخطار فإجتمعوا و إختاروا واحداً منهم قائداً عليهم، فوقع إختيارهم على القائد {محمد بن أبي الجوارى}، و وضعوا فيه كل آمالهم لتخليصهم من الموقف الحرج الذي وصلوا إليه.
و في هذه الأثناء وصلت إليهم أنباء وصول الأسطول البيزنطي و الحشود الرومية، فإزدادت رغبتهم في ركوب مراكبهم و العودة إلى بلادهم، فرفعوا الحصار عن (Ciracuse)، و قاموا بإصلاح سفنهم و ركبوها و شرعوا في الإقلاع. لكن مراكب البيزنطيين و البنادقة تصدت لهم على باب المرسى الكبير و منعتهم من الخروج، فعدل {محمد بن الجوارى} عن فكرة العودة، و صمم على البقاء بصقلية و معاودة القتال من جديد، مُفضلاً الموت في ساحة القتال على الموت غرقاً.
و إتجه الجيش الإفريقي من (مازر) إلى (Nineo) ليعملوا على توطيد أقدامهم في الإقليم الشرقي من صقلية. فأستولوا عليها بعد حصار دام ثلاثة أيام بمعاونة أصحاب {Euphmias}. كذلك إتجه فريق منهم إلى (Girgenti) و هو حصن يقع على ساحل البحر جنوب غربي صقلية، و نجحوا في الإستيلاء عليه أيضاً. و كانت نتيجة هاذين الإنتصارين أن إرتفعت الروح المعنوية للجند، بعد القنوط و اليأس، و بدأوا يطمحون إلى مزيد من الفتوح و الإنتصارات.
و قام {Euphmias} بقيادة و إرشاد المسلمين الأفارقة إلى مدينة (Gastrogiovan) الواقعة إلى الشمال الغربي من صقلية و ذلك لفتحها. و عندما وصلوا إليها خرج أهلها إليه، و قاموا بتقبيل الأرض بين يديه و بذلوا له الطاعة و هم يُضمرون له الكيد و الحقد، و قالوا «نكون نحن و أنت و المسلمون على كلمة واحدة و نخلع طاعة الملك» و طلبوا منه مهلة يوم لكي يُرتبوا أمر الصلح و يرون ما سيُصالحون عليه، فإستجاب لطلبهم، ثم قدم عليهم في اليوم التالي في عدد قليل من أصحابه، و لكن كان في الأمر خدعة فما إن إقترب منهم حتى وثبوا عليه و قتلوه. و كان هدف أهل (Gastrogiovan) من هذه الخدعة هو إكتساب الوقت حتى يصل مدد بيزنطه الذي كان يتجه نحوهم.
و وصلت القوات البيزنطية إلى صقلية و كانت بقيادة البطريق {Theodote} ثم تحركت نحو (Gastrogiovan) للقاء المسلمين، و إشتبك الجيشان تحت أسوار المدينة في قتال عنيف إنتهى بهزيمة الروم على أيدي الأفارقة و مقتل الكثيرين منهم، و دخول الناجين منهم إلى (Gastrogiovan) و بينهم قائدهم (Theodote)، و أسر الأفارقة منهم حوالي 70 بطريقاً من قوادهم و بقوا في حصارهم للمدينة، و قد إشتدت عزيمتهم بما أحرزوه من نصر، إلا أنه بعد المعركة بقليل توفي القائد {محمد بن أبي الجوارى} في مارس 828م، و بعد وفاته إختار المسلمون قائداً جديداً، و هو {زهير بن غوث}.
في تلك الأثناء نظم قائد الروم فلول جيشه داخل المدينة، و نزل ميدان الحرب مرة أخرى و إستطاع أن يثأر لنفسه، و ذلك عندما خرجت سريّة من المسلمين بحثاً عن مغانم تكون مؤنة لهم، خرج عليهم بقواته و هزمهم، فرجع الجند إلى قاعدته. ثم كان أن خرجت القوات الإفريقية في جمعها لمُحاربة الروم، لكن الروم حشدوا لهم كل قواتهم فإنهزم الأفارقة في موقعة دامية.
عندئذ إضطر {زهير بن غوث} إلى العودة إلى معسكره و إتخذ موقفاً دفاعياً و ذلك بإتخاذ خندق حول قاعدته. و إشتد القتال بين الطرفين و أصبح المسلمون محاصرين من قبل الروم، عندئذ أدركوا صعوبة موقفهم ففكروا في مفاجأة الروم صباحاً، و عرف الروم بهذا الأمر، فقاموا بإخلاء خيامهم و ترصدوا للمسلمين بالقرب منها، فعندما أقبل الأفارقة لم يجدوا أحداً، و لكن ماهي إلا لحظات حتى إنقض الروم عليهم من كل ناحية فأكثروا القتل فيهم و إنهزم الباقون فدخلوا (Nineo) و دام الحصار عليهم حتى أكلوا الدواب و الكلاب.
و عندنا علم الأفارقة المرابطون بـ(Girgenti) بما آل إليه حال إخوانهم في (Nineo)، خربوا المدينة قبل أن يتركوها و إتجهوا إلى مدينة (مازر) للإنضمام لبقية الجيش المرابط هناك حتى يكونوا أكثر عددا و أقدر على مقاومة الروم، و منها حاولوا الإتصال بالمسلمين في (Nineo) لنصرتهم لكن الأمر تعذر عليهم.
و هكذا أصبح تجمع الأفارقة ينحصر في نقطتين : في (Nineo) المحاصرة قرب الشاطيء الشرقي، و في (مازر) قرب الركن الجنوبي الغربي.
و قد ظلّ الجند المحاصرون بـ(Nineo) صابرين حتى أشرفوا على الهلاك، و في هذا الوقت الحرج جاء الفرج الذي إنتظروه، فقد وصل إلى مياه صقلية في سنة 828 م أسطول أندلسي يتكون من قطع كثيرة العدد تحمل أعداداً كبيرة من غُزاة البحر.
و ما كادت أنباء وصول الأندلسيين تصل إلى مسامع الجند في (مازر) حتى أسرعوا في إرسال الرُسل يطلبون منهم إغاثة إخوانهم المحاصرين في (Nineo) كما عرضوا عليهم ما يلزمهم من الخيل و الدواب. و قد قبل الأندلسيون نجدة الأفارقة بـ(Nineo) بعد أن إشترطوا أن تكون القيادة العامة للجيوش الإسلامية بصقلية لرئيسهم {فرغلوش} و هو أمر لم يكن أمام الأفارقة و قائدهم {زهير بن غوث} إلا القبول به.
فما كان من {فرغلوش} و رجاله إلا أن قاموا بالهجوم على الجزيرة من الموضع الذي نزلوا فيه و إستولوا في طريقهم لـ(Nineo) على ما كان يُقابلهم من قلاع و حصون حتى وصلوا المدينة، و إشتبكوا مع {Theodote} القائد البيزنطي فإنهزم هزيمة نكراء تراجع بعدها إلى (Gastrogiovan) .
و هكذا فُك الحصار عن الأفارقة في (Nineo)، و نتيجة ما قاسوه من أهوال فيها قاموا بتخريب و إحراق المدينة، و ساروا مع الأندلسيين بعد ذلك إلى (Gagliana) و شددوا الحصار حتى تغلبوا عليها، و في هذه المدينة تفشى في المسلمين وباء أدى إلى وفاة عدد كبير منهم و من بينهم قائد الأندلسيين {فرغلوش} و جماعة من قواده.
و إنتهز البيزنطيون فرصة ضعف المسلمين و كثرة المرضى و الضعفاء في صفوفهم و أرغموهم على الرحيل عن المدينة، و لم يكفهم هذا بل تعقبوهم فقتلوا منهم أعداداً كبيرة و أرغموا البقية الباقية منهم على الإشتباك معهم في موقعة دارت فيها الدائرة على البيزنطيين فهُزموا و غنم المسلمون منهم غنائم كبيرة.
و بينما المسلمون في هذا الوضع الحرج، حدث بين الأندلسيين و الأفارقة خلاف حول القيادة العامة للجيوش الإسلامية التي كان يطمح إليها كل منهما، و هدد الأندلسيون بالرحيل عن صقلية، و بالفعل بدأوا بإصلاح مراكبهم إستعداداً للرحيل و رجع فريق كبير منهم إلى الأندلس حسب ما يؤكد إبن عذارى. و أخيراً قبل من بقي منهم الصلح على أن يتولى القيادة القائد الإفريقي {عثمان بن قرهب}، ثم زحفوا على مدينة (Palermo) التي تقع على الساحل الشمالي بجزيرة صقلية، و قاموا بحصارها و التضييق عليها لمدة عام، إلى أن طلب قائدها البيزنطي الأمان لنفسه و أهله و ماله، و دخلها المسلمون في أوت من سنة 830م.
إلاّ أن الأمير الأغلبي {زيادة الله} لم يوافق على ولاية {عثمان بن قرهب} فقرر في أواخر السنة أن يولي قريبه {أبا فهر بن عبد الله} على صقلية، فوصل (Palermo) .
و صارت المدينة منذ ذلك التاريخ إلى حين فقدان الأفارقة نفوذهم على صقلية، عاصمة الإمارة بالجزيرة و من أهم القواعد الحربية و ثغراً إسلاميا كبيراً تنطلق منها الأساطيل الإفريقية للإغارة على الشواطئ الإيطالية و على ما بقي من صقلية في يد الروم، التي لم تسقط كُليّاً بيد الأفارقة إلاّ بسقوط (Ciracuse) سنة 878م.
المصدر:
http://www.alomma.tn/فتح-صقليّة-ملحمة-القائد-أسد-إبن-الفرات/
إستغرقت الرحلة ثلاثة أيام، حتى وصل الأسطول ساحل الجزيرة، فنزلوا عند مدينة (مازر)، و كان إختيارها لبُعدها عن مركز الثقل في صقلية، أي عن الشرق حيث الحصون و المدن الكُبرى مثل (سرقوسه) و (قطانيه) و (طبرمين)، و كانت هي نفسها بعيدة نسبياً عن ساحل البحر، كما أن ساحلها يُعتبر الأقرب إلى الأرض الإفريقية.
أقام {أسد بن الفرات} بـ(مازر) ثلاثة أيام عمل خلالها على إكتشاف المكان حتى يتخذه مُعسكراً له، و قد عسكر أصحاب {Euphmias} في معسكر خاص بهم بالقرب من المعسكر الإفريقي.
و حدث خلاف بين {أسد بن الفرات} و أحد قوّاده و هو {إبن القادم} سببه أن الجند لما نزلوا بصقلية أضرّ بهم الجوع حتى أكلوا لحوم الخيل، ففوضوا إلى {إبن القادم} أن يُحدث {أسداً} عنهم في إعادتهم إلى إفريقيا، فرفض {أسد} و أراد حرق المراكب، ثم أنه عاقب {إبن القادم} فضربه بالسوط.
و أثناء مُقام جُند {أسد بن الفرات} في (مازر) لم يشتبك مع الروم، و لم يخرج للقائه إلا سريّة واحدة و تمكن من أسرها، و لكن إتضح أنها من أنصار {Euphmias}، من أجل ذلك لم يرتح {أسد} لإشتراك {Euphmias} و أصحابه معه في القتال، فقال له «إعتزلنا فلا حاجة لنا في أن تُعينونا» و «إجعلوا على رؤوسكم سيماء تُعرفون بها، لئلاّ يتوهم أحد منا أنكم من هؤلاء الموافقين لنا فيصيبكم بمكروه»، ففعلوا ذلك و جعلوا على رؤوسهم الحشيش فكانت تلك سيماهم.
ثم سار الجيش الإفريقي متوجهاً للقاء {بلاطه} مروراً بعدد من القلاع و القرى، وصولاً إلى أرض المعركة. و أقبل {بلاطه} في جيش كبير.
و عن القتال الذي نشب بين {بلاطه} و {أسد بن الفرات} يقول {الدباغ} :«فرأيت أسداً في يده اللواء و هو يُزمزم فحملوا علينا فكانت فينا روعة شديدة، و أقبل أسد على قراءة ‘يس’ فلما فرغ منها قال للناس هؤلاء عجم الساحل هؤلاء عبيدكم لا تهابوهم، فحمل و حمل الناس معه فهزم الله تعالي بلاطه و أصحابه. فلما إنصرف أسد رأيت الدم و قد سال مع قناة اللواء، مع ذراعه حتى صار تحت إبطه.»
و لم يجد {بلاطه} أمام سوى الإنسحاب إلى (Gastrogiovan|قصريانه) ثم غلبه الخوف من لقاء المسلمين ففر من صقلية إلى (Galbaria) بجنوب إيطاليا فقتل بها.
و قبل أن يُغادر {أسد بن الفرات} (مازر) ليقتفي أثر فلول الجيش الرومي المهزوم عيّن {أبا زكي الكناني} على (مازر) و واصل زحفه ليصل في مدة وجيزة إلى أسوار (Ciracuse) قاطعاً مسافة 200 كلم.
و هناك أقبل إليه طائفة من بطارقة (Ciracuse) فسألوه أن يمنحهم الأمان خديعة و مكراً، و بذلوا له الجزرية، و إشترطوا عليه أن لا يتحرك من موضعه، فوافق على شرطهم، و أثناء ذلك أصلح أهل (Ciracuse) حصنهم و أدخلوا فيه جميع ما يملكون من ذهب و فضة، و نقضوا إتفاقهم.
و لم أراد {أسد بن الفرات} مقاتلة أهلها تحصنوا داخل أسوار مدينتهم، عندئذ أرسل السرايا في كل ناحية، و غنم غنائم هائلة و إفتتحوا عُمراناً كثيرة حول (Ciracuse)، كذلك قام بحصار المدينة براً و بحراً، و في نفس الوقت جائته الأساطيل من إفريقيا تحمل إليه الإمدادات. لكن والي (Palermo) زحف نحو المسلمين في جيش كثيف، فما كان منهم إلا أن حفروا خندقاً حول أنفسهم، و حفروا خارج الخندق حُفراً كثيرة. فلما هجم الروم، كبت خيلهم و سقط كثير منهم في الحفر، و قتل المسلمون أعداداً كبيرة من الروم، و ضيّق {أسد} و رجاله على (Ciracuse) و قام بإحراق سفن الروم، فسألوه الأمان، لكن المؤمن لا يُلدغ من جُحر مرتين، فرفض أن يُجيبهم لطلبهم بسبب غدرهم المرة الأولى.
و لما أحس أهالي صقلية بضعف مركزهم و أن جيش الأفارقة لا ينوي العودة إلى إفريقيا كما في غزواته السابقة، أسرعوا بإرسال عدة سفارات لطلب نجدة الإمبراطورية البيزنطية، فبادرت بتلبية نداء أهلها و أرسلت لهم نجدة سريعة لإنقاذ (Ciracuse).
و في هذه الأثناء كان الجيش الإفريقي يمرّ بضروف صعبة، إذ داهمه وباء شديد هلك بسببه عدد كبير منهم و كان له أثر سيءّ على معنوياتهم، كما صُدم الجش بإستشهاد قائده {أسد بن الفرات}، هذا بالإضافة إلى رجاحة كفة البيزنطيين بعد تعاون البندقية معهم للقضاء على المسلمين، كما قلّت المؤونة و الأقوات بمُعسكرهم.
و رغم هذه الصعوبات جميعاً، فقد عزم المسلمون على مواجهة هذه الأخطار فإجتمعوا و إختاروا واحداً منهم قائداً عليهم، فوقع إختيارهم على القائد {محمد بن أبي الجوارى}، و وضعوا فيه كل آمالهم لتخليصهم من الموقف الحرج الذي وصلوا إليه.
و في هذه الأثناء وصلت إليهم أنباء وصول الأسطول البيزنطي و الحشود الرومية، فإزدادت رغبتهم في ركوب مراكبهم و العودة إلى بلادهم، فرفعوا الحصار عن (Ciracuse)، و قاموا بإصلاح سفنهم و ركبوها و شرعوا في الإقلاع. لكن مراكب البيزنطيين و البنادقة تصدت لهم على باب المرسى الكبير و منعتهم من الخروج، فعدل {محمد بن الجوارى} عن فكرة العودة، و صمم على البقاء بصقلية و معاودة القتال من جديد، مُفضلاً الموت في ساحة القتال على الموت غرقاً.
و إتجه الجيش الإفريقي من (مازر) إلى (Nineo) ليعملوا على توطيد أقدامهم في الإقليم الشرقي من صقلية. فأستولوا عليها بعد حصار دام ثلاثة أيام بمعاونة أصحاب {Euphmias}. كذلك إتجه فريق منهم إلى (Girgenti) و هو حصن يقع على ساحل البحر جنوب غربي صقلية، و نجحوا في الإستيلاء عليه أيضاً. و كانت نتيجة هاذين الإنتصارين أن إرتفعت الروح المعنوية للجند، بعد القنوط و اليأس، و بدأوا يطمحون إلى مزيد من الفتوح و الإنتصارات.
و قام {Euphmias} بقيادة و إرشاد المسلمين الأفارقة إلى مدينة (Gastrogiovan) الواقعة إلى الشمال الغربي من صقلية و ذلك لفتحها. و عندما وصلوا إليها خرج أهلها إليه، و قاموا بتقبيل الأرض بين يديه و بذلوا له الطاعة و هم يُضمرون له الكيد و الحقد، و قالوا «نكون نحن و أنت و المسلمون على كلمة واحدة و نخلع طاعة الملك» و طلبوا منه مهلة يوم لكي يُرتبوا أمر الصلح و يرون ما سيُصالحون عليه، فإستجاب لطلبهم، ثم قدم عليهم في اليوم التالي في عدد قليل من أصحابه، و لكن كان في الأمر خدعة فما إن إقترب منهم حتى وثبوا عليه و قتلوه. و كان هدف أهل (Gastrogiovan) من هذه الخدعة هو إكتساب الوقت حتى يصل مدد بيزنطه الذي كان يتجه نحوهم.
و وصلت القوات البيزنطية إلى صقلية و كانت بقيادة البطريق {Theodote} ثم تحركت نحو (Gastrogiovan) للقاء المسلمين، و إشتبك الجيشان تحت أسوار المدينة في قتال عنيف إنتهى بهزيمة الروم على أيدي الأفارقة و مقتل الكثيرين منهم، و دخول الناجين منهم إلى (Gastrogiovan) و بينهم قائدهم (Theodote)، و أسر الأفارقة منهم حوالي 70 بطريقاً من قوادهم و بقوا في حصارهم للمدينة، و قد إشتدت عزيمتهم بما أحرزوه من نصر، إلا أنه بعد المعركة بقليل توفي القائد {محمد بن أبي الجوارى} في مارس 828م، و بعد وفاته إختار المسلمون قائداً جديداً، و هو {زهير بن غوث}.
في تلك الأثناء نظم قائد الروم فلول جيشه داخل المدينة، و نزل ميدان الحرب مرة أخرى و إستطاع أن يثأر لنفسه، و ذلك عندما خرجت سريّة من المسلمين بحثاً عن مغانم تكون مؤنة لهم، خرج عليهم بقواته و هزمهم، فرجع الجند إلى قاعدته. ثم كان أن خرجت القوات الإفريقية في جمعها لمُحاربة الروم، لكن الروم حشدوا لهم كل قواتهم فإنهزم الأفارقة في موقعة دامية.
عندئذ إضطر {زهير بن غوث} إلى العودة إلى معسكره و إتخذ موقفاً دفاعياً و ذلك بإتخاذ خندق حول قاعدته. و إشتد القتال بين الطرفين و أصبح المسلمون محاصرين من قبل الروم، عندئذ أدركوا صعوبة موقفهم ففكروا في مفاجأة الروم صباحاً، و عرف الروم بهذا الأمر، فقاموا بإخلاء خيامهم و ترصدوا للمسلمين بالقرب منها، فعندما أقبل الأفارقة لم يجدوا أحداً، و لكن ماهي إلا لحظات حتى إنقض الروم عليهم من كل ناحية فأكثروا القتل فيهم و إنهزم الباقون فدخلوا (Nineo) و دام الحصار عليهم حتى أكلوا الدواب و الكلاب.
و عندنا علم الأفارقة المرابطون بـ(Girgenti) بما آل إليه حال إخوانهم في (Nineo)، خربوا المدينة قبل أن يتركوها و إتجهوا إلى مدينة (مازر) للإنضمام لبقية الجيش المرابط هناك حتى يكونوا أكثر عددا و أقدر على مقاومة الروم، و منها حاولوا الإتصال بالمسلمين في (Nineo) لنصرتهم لكن الأمر تعذر عليهم.
و هكذا أصبح تجمع الأفارقة ينحصر في نقطتين : في (Nineo) المحاصرة قرب الشاطيء الشرقي، و في (مازر) قرب الركن الجنوبي الغربي.
و قد ظلّ الجند المحاصرون بـ(Nineo) صابرين حتى أشرفوا على الهلاك، و في هذا الوقت الحرج جاء الفرج الذي إنتظروه، فقد وصل إلى مياه صقلية في سنة 828 م أسطول أندلسي يتكون من قطع كثيرة العدد تحمل أعداداً كبيرة من غُزاة البحر.
و ما كادت أنباء وصول الأندلسيين تصل إلى مسامع الجند في (مازر) حتى أسرعوا في إرسال الرُسل يطلبون منهم إغاثة إخوانهم المحاصرين في (Nineo) كما عرضوا عليهم ما يلزمهم من الخيل و الدواب. و قد قبل الأندلسيون نجدة الأفارقة بـ(Nineo) بعد أن إشترطوا أن تكون القيادة العامة للجيوش الإسلامية بصقلية لرئيسهم {فرغلوش} و هو أمر لم يكن أمام الأفارقة و قائدهم {زهير بن غوث} إلا القبول به.
فما كان من {فرغلوش} و رجاله إلا أن قاموا بالهجوم على الجزيرة من الموضع الذي نزلوا فيه و إستولوا في طريقهم لـ(Nineo) على ما كان يُقابلهم من قلاع و حصون حتى وصلوا المدينة، و إشتبكوا مع {Theodote} القائد البيزنطي فإنهزم هزيمة نكراء تراجع بعدها إلى (Gastrogiovan) .
و هكذا فُك الحصار عن الأفارقة في (Nineo)، و نتيجة ما قاسوه من أهوال فيها قاموا بتخريب و إحراق المدينة، و ساروا مع الأندلسيين بعد ذلك إلى (Gagliana) و شددوا الحصار حتى تغلبوا عليها، و في هذه المدينة تفشى في المسلمين وباء أدى إلى وفاة عدد كبير منهم و من بينهم قائد الأندلسيين {فرغلوش} و جماعة من قواده.
و إنتهز البيزنطيون فرصة ضعف المسلمين و كثرة المرضى و الضعفاء في صفوفهم و أرغموهم على الرحيل عن المدينة، و لم يكفهم هذا بل تعقبوهم فقتلوا منهم أعداداً كبيرة و أرغموا البقية الباقية منهم على الإشتباك معهم في موقعة دارت فيها الدائرة على البيزنطيين فهُزموا و غنم المسلمون منهم غنائم كبيرة.
و بينما المسلمون في هذا الوضع الحرج، حدث بين الأندلسيين و الأفارقة خلاف حول القيادة العامة للجيوش الإسلامية التي كان يطمح إليها كل منهما، و هدد الأندلسيون بالرحيل عن صقلية، و بالفعل بدأوا بإصلاح مراكبهم إستعداداً للرحيل و رجع فريق كبير منهم إلى الأندلس حسب ما يؤكد إبن عذارى. و أخيراً قبل من بقي منهم الصلح على أن يتولى القيادة القائد الإفريقي {عثمان بن قرهب}، ثم زحفوا على مدينة (Palermo) التي تقع على الساحل الشمالي بجزيرة صقلية، و قاموا بحصارها و التضييق عليها لمدة عام، إلى أن طلب قائدها البيزنطي الأمان لنفسه و أهله و ماله، و دخلها المسلمون في أوت من سنة 830م.
إلاّ أن الأمير الأغلبي {زيادة الله} لم يوافق على ولاية {عثمان بن قرهب} فقرر في أواخر السنة أن يولي قريبه {أبا فهر بن عبد الله} على صقلية، فوصل (Palermo) .
و صارت المدينة منذ ذلك التاريخ إلى حين فقدان الأفارقة نفوذهم على صقلية، عاصمة الإمارة بالجزيرة و من أهم القواعد الحربية و ثغراً إسلاميا كبيراً تنطلق منها الأساطيل الإفريقية للإغارة على الشواطئ الإيطالية و على ما بقي من صقلية في يد الروم، التي لم تسقط كُليّاً بيد الأفارقة إلاّ بسقوط (Ciracuse) سنة 878م.
المصدر:
http://www.alomma.tn/فتح-صقليّة-ملحمة-القائد-أسد-إبن-الفرات/