1.4 تريليون دولار ديون متعثرة على الصين .. تثير شهية المستثمرين

إنضم
24 يوليو 2016
المشاركات
4,703
التفاعل
9,346 16 0
1546728207777.png



هشام محمود من لندن


يوم بعد آخر يزيد المستثمرون الأجانب من وجودهم في سوق الديون المتعثرة في الصين، وفي الواقع لا يوجد وقت أفضل من ذلك ليتدفق المستثمرون الأجانب إلى أسواق التمويل الصينية، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تضعف من قدرة منافسيهم من المستثمرين المحليين، على القيام بدور أساسي في شراء الديون المتعثرة في أكثر بلدان الكرة الأرضية سكانا.
فخلال العام الماضي، اشترى المستثمرون الأجانب 12 محفظة قروض صينية متعثرة مقابل تسع محافظ فقط في عام 2017.
وتشير آخر الإحصاءات الصينية الرسمية التي تعود إلى منتصف العام الماضي، إلى أن حجم الديون الصينية المتعثرة بسبب التباطؤ الاقتصادي والضغط التنظيمي للمصارف، بلغ 1.4 ترليون دولار، ويعد ذلك أكبر دين متعثر في العالم.
ويقول لـ "الاقتصادية"، إليستر سايمون الخبير الاستثماري في شركة "إل. أوكتيري كريدت"، إن "الديون المتعثرة تبدو في الصين كمغناطيس يجذب رجال الأعمال الدوليين بقوة إليه، خاصة في ظل تنامي التوقعات بأن تلك الديون ستزداد خلال عام 2019، نتيجة تصاعد الضغط الاقتصادي على الأسواق الصينية، جراء الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، خاصة في المناطق الأقل نموا في الصين، وحاليا تعد شركة أوكتيري المستثمر الأكثر نشاطا في الديون السيئة أو المتعثرة في الصين، إذ نجحت منذ عام 2015 في اقتناء ستة محافظ مالية متعثرة".
ومع هذا، فإن بعض الاقتصاديين يشيرون إلى أن الاستثمار في شراء الديون الصينية المتعثرة، أمر لا يخلو من المخاطر بالنسبة للاعبين الأجانب، فالإقبال على شراء تلك الديون يعود في الأساس إلى أن معظمها يتم ضمانه من خلال الأملاك العقارية، وهو ما يشجع المستثمر الأجنبي على المجازفة، إلا أن هذا المشهد ربما يتغير تماما إذا انهارت السوق العقارية في الصين تحت ضغط الأزمة الاقتصادية، وما يستتبع ذلك من عملية تصحيح تلقائية في الأسواق، تتضمن انخفاضا في أسعار العقارات إلى مستويات متدنية للغاية.
ويربط الدكتور فيليب وارتون أستاذ الاقتصاد الآسيوي في جامعة كامبريدج، بين تزايد إقبال رجال الأعمال الدوليين على الاستثمار في الديون المتعثرة الصينية، وبين اتجاه السلطات الصينية إلى مزيد من الانفتاح الاقتصادي.
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أنه دائما ما يوجه العالم اتهامات للصين بأنها تسعى إلى الاستفادة من حرية التجارة على المستوى الدولي، بينما تبقي أسواقها المالية الداخلية مغلقة، إلا أن هذا تغير في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال كانت السندات الحكومية الصينية من بين الأفضل أداء على المستوى الدولي العام الماضي، إذ بلغ العائد عليها 7.7 في المائة بينما لم يزد العائد على سندات الخزانة الأمريكية 0.8 في المائة، إلا أن المشكلة كانت في اليوان الصيني الذي انخفض في مواجهة الدولار بنحو 5.4 في المائة".
ويتوقع وارتون أن يواصل صانعو السياسة في الصين محاولاتهم لجذب المستثمرين في الديون المتعثرة والسندات، عبر تعزيز العملة الصينية، ويشير إلى احتمال حدوث ذلك في شهر نيسان (أبريل) المقبل، نتيجة الخمود الذي يصيب الفوائض التجارية الصينية، وتزايد التوقعات من قبل البنك المركزي الصيني بأن تتحول البلاد في السنوات المقبلة إلى عجز مستدام في الحساب الجاري، ومن ثم إذا نجحت سوق السندات الصينية في مواصلة استقبال موجات النقد الأجنبي، فسيساعد ذلك على تمويل العجز من دون سداد ما عليها من ديون أجنبية من حصيلة ما لديها من الاحتياطيات الأجنبية.
لكن هذا لا ينفي تباين التقديرات الخاصة بالتدفقات المالية القادمة للصين في السنوات المقبلة، فبينما يقدرها بنك مورجان ستانلي بنحو 760 مليار دولار على المدى الطويل، يصل بها بنك جولدمان ساكس الأمريكي إلى تريليون دولار بنهاية عام 2022، أما بنك "يو بي إس" السويسري لإدارة الأصول فيتوقع أن تبلغ 4 تريليونات دولار حتى عام 2020.
ويلاحظ أن المستثمرين الأجانب والمؤسسات الاستثمارية الكبرى في العالم وكذلك البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية تأتي في مقدمة المستثمرين الأجانب في السندات الحكومية الصينية العام الماضي، إذ بلغت مشترياتها نحو 36 مليار دولار، تليها شركات السمسرة الصينية، إلا أن مشترياتها لم تتجاوز 6 مليارات دولار.
ويفسر ذلك لـ "الاقتصادية"، جيمس هاريس المحلل المالي في بورصة لندن قائلا، إن "الإقبال الدولي على سندات الخزانة الصينية انتعش منذ شهر آذار (مارس) الماضي، عندما أعلن بلومبيرج أنه سيدرج السندات الصينية ضمن مؤشر باركليز بلومبيرج العالمي، لتصبح السندات الصينية بذلك ولأول مرة ضمن ثلاثة مؤشرات رئيسة للسندات في العالم، ولأن عديدا من المستثمرين يتابعون تلك السندات عند تخصيص أموالهم، لذلك يتوقع أن تؤدي عملية الإدراج تلك إلى جذب 250 مليار دولار استثمارات إضافية في سوق السندات الصينية".
ومع هذا، فإن التطورات الأخيرة لا تحظى بذات البريق من قبل بعض الاقتصاديين البريطانيين، الذين يعتقدون أن هناك تيارا محافظا داخل البنك المركزي الصيني يعيق عمليا تطوير سوق سندات الخزانة الصينية، خاصة في ظل الضغط الذي تواجهه الصين حاليا من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
البروفيسور ديفيد ليزل أستاذ الاقتصاد الصيني في جامعة ليدز والأكاديمي السابق في جامعة هونج كونج، يشير إلى أن سوق السندات الصينية تعتبر حاليا ثالث أكبر سوق للسندات في العالم، بعد الولايات المتحدة واليابان، وقيمتها الإجمالية تراوح بين 9 و 12 تريليون دولار.
ويضيف ليزل، أن" السوق ليست مفتوحة أمام الأجانب بشكل مطلق كما يبدو للوهلة الأولى، فالصين اقتصاد تسيطر عليه الدولة، ومعظم السندات تصدر عن كيانات مرتبطة بالحكومة، وبينما أصدرت الشركات سندات بقيمة 2.2 تريليون دولار، أصدرت الحكومة سندات بقيمة 5.3 تريليون دولار إضافة إلى 2.4 تريليون دولار من سندات صادرة عن شركات تمتلكها عمليا الحكومة الصينية، والأطراف الصينية التي تشتري السندات وأعني الأربعة الكبار وهي بنك الصين للتعمير، والبنك الصناعي والتجاري الصيني، وبنك الصين، والبنك الزراعي الصيني، تمثل السندات الحكومية 26 في المائة من إجمالي أصولها المالية، وهذا بخلاف الوضع في البلدان المتقدمة، فالبنوك التجارية في الولايات المتحدة على سبيل المثال لا تملك سوى 5 في المائة من السندات الحكومية".
الا أن وجهة النظر السلبية تلك لا تنفي أن الأسواق تنتابها حاليا شهية واضحة للإقبال على شراء الديون الصينية المتعثرة والسندات، إذ يبدو التباطؤ الاقتصادي عامل جذب للاستثمار في هذين المجالين.
فقوة الدولار المتنامية في مواجهة اليوان، واتجاه الحكومة الصينية لمزيد من التيسير المالي، في التعامل مع المستثمرين الأجانب، لجذب المزيد من الاستثمارات لمواجهة تراجع معدل النمو الاقتصادي، كما أن زيادة المعروض النقدي نتيجة التدفقات الأجنبية، تمثل جميعها عوامل دعم كبير لكل من سوق الديون المتعثر والسندات في المستقبل.


المصدر جريدة الاقتصاديه
 
عودة
أعلى