شيخ العرب همام ( اخر ملوك الصعيد)

RAMSIS

عضو
إنضم
18 نوفمبر 2018
المشاركات
277
التفاعل
827 0 0
الدولة
Egypt
شيخ العرب همام (آخر ملوك الصعيد): أسطورة الصعيد التي أنهتها الخيانة

843




64684.jpg


أمير الصعيد، شيخ العرب همام، الشخصية الحدث. حاولت الأعمال الدرامية أن تُلقي الضوء على معالمها من خلال مسلسل يحمل اسمه، ويبقى الكثير لم نعرفه.


الهوارة في مصر
يختلف كثيرون حول نسب قبيلة هوارة، فالبعض ينسبها إلى “هوار بن المثنى” من حمير باليمن، وأخرون ينسبونهم إلى “دحية الكلبي” من بني كلب من قبيلة قضاعة، ووفدت قبيلة الهوارة إلى مصر في عهد الفاطميين، الذين كانوا يشجعون هجرة القبائل العربية من المغرب إلى مصر، واستقروا في البداية بالبحيرة، وحاولوا أن يتمردوا على سلطة المماليك وقتها، فقاد بدر بن سلام، حركة تمرد وثورة واسعة، ونهبوا الأسواق وأحدثوا القلاقل، مما جعل الأمير “برقوق” يأمر بذهاب حملة إلى دمنهور لإخماد هذه الثورة، وأجبروهم على الزحف إلى الصعيد.
في الصعيد، حيث استقرت قبيلة الهوارة عام 1380، بدأ نفوذهم يقوى، وبدأول في إخضاع بقية القبائل العربية الآخرى لهم، وينقسم الهوارة في مصر إلى عدة فروع هم: أولاد علي، البلابيش، السماعنة، الوشاشات، الهمامية، التي ينتمي إليها شيخ العرب همام.
ويتصف الهوارة بالكرم ودماثة الخلق، والتواضع، والشجاعة والاعتزاز بالنفس، كما كانوا يمتنعون عن مصاهرة غيرهم، خاصة البنات، فالبنت لا تتزوج إلا منهم، إن كانت ستبقى دون زواج، ولا تختلط النساء بالرجال، فلا تساعد زوجها في أعمال الحقل كما هو الحال عند باقي الفلاحين. وكان الهمامية، دون غيرهم، يمتازون بالجمال وحسن الهيئة، وكان بنو عمر، أحد عائلات الهمامية، يتسمون بالتدين والتقور، فكانوا يقبلون على إنشاء المساجد وإعمارها.
محاولات الانفصال قبل الهوارة
حاولت القبائل العربية في صعيد مصر أن تنفصل وتتمرد على السلطة المركزية خلال الحكم المملوكي، والعثماني المملوكي، وذلك قبل استقرار ووصول قبائل هوارة في الجنوب. أبرز هذه المحاولات، كما أوردتها الدكتورة في كتابها، ثورة عرب الصعيد بقيادة الشريف حصن الدين في بداية قيام الدولة المملوكية وتولي عز الدين أيبك عام 1253، فامتنعوا عن دفع الخراج، وأعلنوا أنهم الأحق بحكم مصر من المماليك، ولكن قابلها المماليك بكل قسوة وأخمدوها وألقوا القبض على قائدها.
كانت القبائل العربية ترى في نفسها الجدارة بحكم مصر، ويعتبرون أنهم أرفع مكانة وشأنًا من المماليك، لذا استمرت محاولاتهم في الثورة والتمرد، وعدم الانصياع لسلطة المماليك، فثار عرب الصعيد عليهم في منفلوط وأسيوط عام 1301، وقاموا بفرض الضرائب على الحرف واحتقروا الحكام ومنعوا مبعوثيهم من تحصيل الضرائب، ولكن أخمدها المماليك بكافة ما يملكونه من أدوات، وفي عام 1353 قام ابن الأحدب، شيخ قبيلة عرك بالصعيد، بالثورة عليهم أيضًا، وكما سابقتيها، استطاع المماليك أن يواجهوا، مستخدمين كل أشكال ووسائل القمع والتعذيب، مما أدى إلى إضعاف شوكة هذه القبائل، إلا أن الأمر لم يخلُ من التمرد بين الحين والآخر، ورفض دفع الضرائب أو تقديم الأموال اللازمة للدولة، فكان الهدف دائمًا هو السيطرة على الحكم.
نفوذ الهوارة بالصعيد
مع بداية العصر العثماني المملوكي بدأت “الهوارة” في بسط نفوذها على القبائل العربية الآخرى بالصعيد، وتولى شيوخهم حكم الصعيد، وأداروا الأراضي الزراعية وفق نظام الإلتزام، وكانت أسماؤهم تسبقها كلمة “أمير” بالدفارت الرسمية، وكان الصعيد يخضع لإمارة حاكم واحد، كان يُسمى حاكم جرجا، حيث قامت السلطة العثمانية بتوحيد أقاليم الصعيد من المنيا إلى أسوان تحت إمرة هذا الحاكم، وذلك بهدف تقوية نفوذه وسلطته على الصعيد والقبائل العربية تجنبًا لمحاولات التمرد والعصيان، ومنذ استقرار الهوارة في الصعيد أضحت جرجا أكثر أقاليم الجنوب شهرة، ولكنها توارت بعد أن ضاع نفوذهم.
علاقة الهوارة بالمماليك والعثمانيين
كان الهوارة، كباقي القبائل العربية، لا يقبلون بحكم المماليك، وكانوا يرون أنهم أحكم بحكم البلاد، وكانوا يصفونهم ب “عبيد الخوارج”، والخوارج هم الأيوبيون الخارجون على حكم الفاطميين، ولذلك كانوا دائمي الثورة عليهم، في عام 1396 رفضوا إرسال الضرائب إلى السلطة في القاهرة، عام 1477 طردوا نائب الوجه القبلي، كما ثاروا أكثر من مرة عام 1486، وحتى أواخر العصر المملوكي عام 1498 قاموا بما وُصف بأعنف حركات التمرد، ورفضوا إرسال الغلال والأموال المطلوبة إلى القاهرة، وكانت هذه الثورات وحركات التمرد سبب رئيس في انعدام الثقة بين الهوارة والمماليك.
أما علاقتهم مع العثمانيين فكانت بين المهادنة والتمرد.
سيرة “همام”
في تاريخ لم يستطع أحد تحديده، كما تؤكد الدكتورة في كتابها، ولد همام بن يوسف بقرية فرشوط بقنا، في أسرة تتوارث زعامة قبائل الهوارة منذ القرن السابع عشر، وكانت أسرته على صلة جيدة بفلاحي مصر، وكانت تحميهم من المظالم، الهوارة بصفة عامة يتمتعون بالثراء، حيث كان أبوه وجده يعملون كملتزمين، وكما ورث همام الزعامة، ورث “الإلتزام” أيضًا، وشملت أراضي الألتزام التي ورثها عن والده معظم أراضي الصعيد من المنيا إلى أسوان.
تميز همام بالذكاء والطموح والكرم، وكانت له علاقات واسعة بأمراء المماليك، وكبار الموظفين العثمانيين، وكون صداقات معهم، كصداقته لصالح بك القاسمي، حاكم جرجا. وظهر اسم “همام” كملتزم لأول مرة بالوثائق الرسمية عام 1721، وكانت أراضي إلتزام الهوارة تتركز في قنا والأقصر وأسوان، وشرع همام في الزحف والسيطرة على أراضي الملتزمين الاخرين، واستطاع بعلاقاته ومعارفه أن يقنع أمراء المماليك ببيع الأراضي له، لضمها تحت إلتزامه، ففي عام 1749 استطاع أن يضم 10 مقاطعات كاملة، من أصل 21 مقاطعة تتكون منهم ولاية جرجا، إلى حيازته، ولا يهدأ له بال حتى يصلوا إلى 16 مقاطعة بحلول عام 1767، أبرزهم: قنا، الأقصر، فرشوط، بياضية، شرق أخميم، بالإضافة إلى أجزاء من التزامات آخرى في الخمس مقاطعات المتبقية.
والسلطة الواسعة لهمام، التي أكسبته إياها وظيفة الملتزم، حيث كان يحل محل الإدارة الحكومية في الإقليم الذي يتولى إلتزام أراضيه، ويقوم بحفظ الأمن، وفض المنازعات سواء المتعلقة بالزراعة او المدنية أو الجنائية، كما كان يقوم بتحصيل الأموال الأميرية من الفلاحين، وكانت له ثروة هائلة، كما اقتبست الدكتورة عن الجبرتي، فكان له من شون الغلا والسكر والتمر ما لا يعد ولا يحصى، وكان ينعم بالجواري والعبيد، ومن فرط ثرائه كان يقوم بمد الناس، أحيانًا، بمؤن تكفيهم لمدة عام كامل، وكانت دواوينه، أي مجالس الإدارة، تعمل على إنجاز حساباته المتعلقة بالفلاحين والشركاء،كما مان له جيش يُقدر بحوالي 35 ألف جندي.
وتقول الكاتبة في كتابها إنه على الرغم من شكل الدولة الذي حظى الصعيد في عهد همام، إلا أن همام لم ينفصل عن الدولة، فتؤكد أن همام لم يُقم نظام جمهوري أو حكم منفصل بالصعيد، حيث إنه كان يدفع ضرائب الأراضي التي يملكها بنظام الإلتزام، مما يعني أنه كان تابع للدولة، وحاولت تقديم الأدلة والحجج التي تثبت ذلك، وتؤكد أن لا همام ولا معاصروه يعرفون معنى الحكم الجمهوري.
همام كان يحب التقرب إلى علماء الأزهر، وتكريمهم، وتقديم الهدايا لهم، وكان تقيّ وورع، فعمل على إقامة المساجد وترميمها، حيث رمم مسجد سيدي عبد الرحيم القنائي، وأنشأ مسجد بقرشوط، كُتب على واجهته نهج البردة.
الصعيد في عهد همام
على الرغم أن همام ألغى سلطة الحكومة المركزية على الصعيد، إلا أن الصعيد نَعِم في عهده بما لم بنعم به أبدًا، كما تقول الكاتبة، حيث استطاع همام أن يفرض الأمن ويحفظه بعلاقاته الحسنة مع القبائل الآخرى واستمالتها، كما أن اهتمامه بصيانة الجسور والترع ساعد على نهوض الزراعة، مما حقق الرخاء لأهل الصعيد، فشهد الصعيد أمنًا واستقرارًا ونهضةً في عهد همام، لم يشهدها مرة آخرى من بعده، حسبما تقول الكاتبة.
نهاية همام و”الهوارة”.. الخيانة هي السلاح
نفوذ همام بالصعيد، وسيطرته الكاملة على ولاية جرجا أثار امتعاض كثيرين، منهم علي بك الكبير، الذي كان يسعى إلى منصب شيخ البلد، ويريد أن يستتب له أمر البلاد، وتقع كاملها تحت قبضته. وكان علي بك الكبير قد قرر أن يتخلص من أمراء المماليك المنافسين والمعارضين له، وأحد هولاء المماليك صالح بك القاسمي، صديق همام، الذي حاول علي بك أن يوقع به عن طريق خلق نزاع بينه وبين حسين بك كشكش، فنبه همام صديقه إلى ما يرمي إليه علي بك، ووقف وراء صديقه بالجيش والعتاد، حتى تخلصوا من علي بك، الذي فرّ منهم إلى الشام عام 1765، ويسيطر حسين بك كشكش على القاهرة.
ويعود علي مبارك مرة آخرى طالبًا التحالف مع همام وصالح بك متمنيًا السيطرة على القاهرة مرة ثانية، وبعد عدة محاولات ينجح في إقناعهم بمساعدته واعدًا إياهم باستمرار نفوذهم في صعيد مصر، في حال وقعت في يده القاهرة، وبالفعل استطاع أن يسيطر على القاهرة ويتخلص من حسين بك كشكش، وما أن طابت له القاهرة حتى بدأ في تدعيم نفوذه فتخلص من القبائل العربية بالوحه البحري، ثم التفت إلى الصعيد، حيث صالح بك القاسمي، وشيخ العرب همام، فأوعز باغتياله عام 1768.
وليتخلص من همام وسيطرته على الصعيد أرسل له حملة يرأسها محمد أبي الذهب تشترط عليه أن يقتصر إلتزامه على قرية برديس، ومناطق تركز الهوارة، ولما رآه همام من نية علي بك في التخلص منه قرر أن يوافق على هذه الشروط تجنبًا للاشتباك معه، وبالفعل ترك همام الأراضي شمال “برديس” إلى المنيا، ولكن لم يقتنع علي بك بما أظهره همام بقبول الانسحاب، فأرسل له يأمره بطرد الأمراء المماليك المعارضين له كدليل على قبول الانسحاب، فقام همام بتحريض أمراء المماليك على تكوين جيش يقوم بالاستيلاء على أسيوط، وهو ما تم حيث تكون جيش أغلبه من رجال الهوارة وقام بالاستيلاء على أسيوط.
وكان علي بك الكبير قد أرسل حاكمًا جديدًا إلى جرجا، وفي طريقه إلى تسلم منصبه اعترضه جيش الأمراء المماليك وهمام، فوقف أمام أسيوط، وبلغ الخبر مسامع علي بك الكبير، فأعد حملة كبيرة من جيش أيوب بك، وخليل بك، ومحمد بك أبي الذهب، وأمام أسيوط قامت معركة حامية بين جيش علي بك، والهوارة انتصر فيها علي بك، وفرّ المنهزمون إلى همام، فلم يكن جيشه على تدريب عالي بما يسمح له خوض هذه المعركة، ولم يكن لديه من التسليح والمهارة القتالية ما لجيش علي بك.
قبل أن يستعد همام، ويجمع قوته مرة آخرى، استخدم محمد بك أبي الذهب سلاح آخر، وهو الخيانة، حيث أغرى إسماعيل أبو عبد الله، ابن عم همام، برئاسة الصعيد، إذا تقاعس عن خوض المعركة مع جيش علي بك، ونشر التخاذل بين جنده، وخضع إسناعيل لهذا الإغراء، وتخاذل عن القتال وضم له العديد من رجال همام.
وفور أن علم همام بأمر هذه الخيانة، التي لم يتوقع أن تحدث من ابناء عشيرته وأهله، حتى أصابه حزن قاتل، واضطر للتقهقر من فرشوط، موطن رأسه، وفي الطريق إلى أسوان مات مكمودًا مقهورًا، بقرية قمولة قرب إسنا، في الأول من نوفمبر 1769.
وبموته فقدت عائلته وعانت كثيرًا، وفقد الهوارة مكانتهم بين الناس، وسيطر الأمراء المماليك على الصعيد، الذي كان نفيًا لأغلبهم، وزاد فرض الرسوم والضرائب على أهل الصعيد.
المصدر المندرة
 
هوارة وكتامة قبائل امازيغية رحلت من الجزائر تحديدا مناطق جيجل وقسنطينة الى مصر مع المعز لدين الله الفاطمي الذي كان يعتمد عليهم في جيشه
 
عودة
أعلى