بـ6 سنتات لـ«الكيلو وات».. مهندس ينتج كهرباء صديقة للبيئة

إنضم
3 أبريل 2015
المشاركات
2,993
التفاعل
13,565 20 0
الدولة
Morocco
MzA2MTYxOA.jpeg


يروي رودني ألام ذكريات نشأته في بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية: “كنا جيلاً من الشباب المهووسين بالطائرات. وكان هناك صورة على حائط غرفتي لتشاك ييغر عندما اخترق حاجز الصوت على متن أولى الطائرات التوربينية (Bell X-1 )”.
لكنه لم يجارِ هوايته أكثر من ذلك الحد، فقد أصبح لاحقاً مهندساً كيميائياً في القسم البريطاني لمؤسسة (Air Products & Chemicals) في الينتاون- بنسلفانيا. وهناك زاد شغفه بفكرة التخلص من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من محطات الطاقة البريطانية العاملة بالفحم.
كما كان يعرف مسبقاً بماذا سيستغل هذا المركب الكيميائي، في الوقت الذي أرادت فيه (BP) و(Royal Dutch Shell) اغتنام الفرصة وحقنه في حقولها النفطية الهائلة في بحر الشمال. إذ كان حقن الغاز )يعمل كمذيب لتحرير النفط الخام المستعصي على الخروج؛ وسيلة شائعة في حقول غرب تكساس، حيث تستغل شركات النفط الخزانات الطبيعية لثاني أكسيد الكربون، إلا أنه لم يكن هناك أي منها في بريطانيا.
اكتشف ألام أساليب عديدة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من محطة فحم عملاقة تعمل بقوة 2400 ميغاواط في اسكتلندا، لكن لم تنجح أي منها في العمل بسبب تكلفتها الباهظة. ففكر بتقليل الكلفة من ناحيتي: التحدي التقني، وضرورة إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن ثاني أكسيد الكربون. يقول: “حاولت كثيراً لكنني تخليت عن هذا المسعى في بداية التسعينات. عملياً، لم أستطع النجاح في ذلك”.
أما اليوم فقد حقق مبتغاه أخيراً؛ ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سافر ألام ؛ 76 عاماً؛ من بريطانيا لإجراء مقابلة مع (Forbes) في موقع للبناء في تكساس، بالقرب من (Houston Ship Channel) وسط أكبر مجمع للبتروكيماويات في البلاد. وخلال هذا العام، بتكلفة قدرها حوالي 150 مليون دولار، ستصبح هذه الأرض التي تمتد على مساحة 5 فدادين من الصلب والخرسانة والأنابيب والخزانات وخطوط الضغط العالي، برهاناً على تقنية تسمى (Allam Cycle).
إنه نظام جديد لتوليد الكهرباء، من خلال حرق الغاز الطبيعي، والتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عنه. أما الجزء الأفضل في هذه التقنية هو توليدها الكهرباء بالتكلفة المنخفضة ذاتها المولدة عن التوربينات الحديثة العاملة بالغاز، وتقدر بحوالي 6 سنتات/ كيلوواط في الساعة. وبالتالي، فإن أنصار البيئة يأملون خيراً من هذه التقنية. يقول جون تومسون، الذي يدير برنامج التقاط الكربون في (Clean Air Task Force) :”إنها ليست مجرد وسيلة بل هي غاية في حد ذاتها”.
فمصادر الطاقة المتجددة لم تنتشر بسرعة كافية لتحل محل الوقود الأحفوري، كما أن الطاقة النووية الخالية من الكربون مكلفة للغاية. يضيف ألام: “سيجب علينا مستقبلاً استخدام الوقود الأحفوري، سواء أحببنا ذلك أم لم نحب. وسيكون التحدي في استخدامه لتوليد الكهرباء من دون انبعاثات ضارة في الغلاف الجوي.”
ترك ألام العمل في (Air Products) عام 2005 بعد 44 عاماً من العمل فيها. وفي عام 2009 ، تلقى مكالمة من (Rivers 8 ) حاضنة رأس المال الاستثماري في دورهام بولاية نورث كارولينا. حينها رأى بيل براون، مؤسس مشارك في ( Rivers 8) أن كمية كبيرة من أموالقانون الإنعاش (Recovery Act) الاتحادية متاحة لبحوث التقاط وتخزين الكربون.
ولم يكن صعباً استعادة ألام لحماسه، فخلال فترة وجيزة أرسل كمية كبيرة من المعلومات لكادر المهندسين الشباب في (Rivers 8) ثم أكمل التصاميم في 6 أشهر فقط. وقد عملت (Rivers 8) مع شركات الهندسة الكبرى (Fluor) و (Babcock & Wilcox) لتحسين وفحص التقنية. كما قدم براون، الذي كان يعمل سابقاً في (Goldman Sachs) و (Morgan Stanley) هذه التقنية لكثيرين، يقول: “لم يصدقنا أحد. واعتقدوا أنني أخدعهم”. وفي المقابل، كان لديهم ما يبرر الشك؛ فالأنظمة الإضافية لالتقاط الكربون موجودة، لكنها تقلل الكفاءة. كما أنها باهظة، حيث انفقت ( Southern Co) على محطتها لتوليد الطاقة بتقنية “الفحم النظيف” في ولاية مسيسيبي، ما قيمته 4 مليارات دولار إضافية على الميزانية حتى الآن.
يوضح جوليو فريدمان، خبير احتجاز الكربون في (Livermore National Laboratory) :”تبحث الشركات عن حل متكامل فيما يتعلق بمحطات توليد الطاقة”. وهذا ما أعطته تقنية (Allam Cycle) لها؛ فمعظم محطات الطاقة التي تحرق الفحم أو الغاز الطبيعي تستخدم الحرارة لتوليد البخار الذي يمر عبر توربين يدير المحرك وينشئ الكهرباء.
أما في العديد من المولدات الكهربائية، تطلق نصف الحرارة في الجو إلى جانب البخار، فضلاً عن غاز ثاني أكسيد الكربون. إن تقنية ألام لا تستخدم البخار، وبدلاً من ذلك، ما يسمى سائل التشغيل الذي يحرك التوربينات هو ثاني أكسيد الكربون نفسه. وهذا الغاز تحت الضغط والتسخين حتى 1000 درجة، يحتفظ به في حالة فائقة الحرج، حيث يمكنه الانتشار لملء حاوية خاصة به مثل الغاز، وتكون له أيضاً كثافة السائل. وبدلاً من انبعاثه في الجو، يُستغل في تدوير توربينات تشغيل المولدات.
وبينما تزيد عمليات الاحتراق باستمرار بسبب ثاني أكسيد الكربون، يجري توجيه الزائد منه في خطوط الأنابيب. لاحظت شركة توليد الطاقة (Exelon) التي تبلغ إيراداتها 35 مليار دولار ؛ الفرصة الكامنة في هذه التقنية، وأصبحت شريكاً مسهماً بعد أشهر من البحث والتقصي اللازم. يقول رون ديغريغوريو، رئيس (Exelon Power): “غالباً، لا ننفذ استثمارات من هذا المستوى”.
في حين ستنفق مليارات الدولارات في السنوات المقبلة لتطوير محطاتها القديمة. إن الشريك المسهم الثالث في الشركة التي تسمى اليوم (NetPower) هي شركة الهندسة العملاقة المطروحة للتداول العام (CB&I) والمعروفة باسم (Chicago Bridge & Iron).
ومنذ عام 2012 ، عملت (NetPower) التي ستمتلك منشأة هيوستن الجديدة مع (Toshiba) لتصميم وصنع نظام الاحتراق لأول محطة طاقة بتقنية (Cycle Allam) والتي كلفت الشركة اليابانية على الأقل 200 مليون دولار، وتعتزم تعويضها مع بدء الطلبيات. فيما ستنتج محطة (NetPower) حوالي 300 ميغاواط و 800 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وسيكلف بناؤها بشكل متكامل حوالي 300 مليون دولار. يقول دانيال مكارثي، مدير الاستثمارات التقنية في(CB&I):”تهدف الخطة إلى بناء هذه المحطات في المناطق النفطية، ثم نقل الطاقة.
وإذا كنت تستطيع توليد الطاقة من دون ثاني أكسيد الكربون وبعيداً عن أي عقوبة اقتصادية مقابل التقنية الحالية، فماذا يمنعك من فعل بذلك؟” سوف تستغرق(NetPower) بضعة أشهر من التشغيل، قبل أن تتمكن من إثبات فعالية التقنية. كما يتوقع ألام أن يلقى ابتكاره رواجاً عما قريب، حيث يقول: “خلال عام واحد سنعرف ذلك بالتأكيد”.


https://www.forbesmiddleeast.com/ابتكار-في-عالم-الطاقة/


 

المواضيع المشابهة

عودة
أعلى