لماذا قد يوجد تزييف في نظرية المؤامرة؟
فى عالم نظرية المؤامرة، ينقسم الناس أمامها فرقاً عديدة:
الأول: هو رافض تماماً لها ويعتقد بأن الدول المتقدمة تسعى للسلام العالمي الدائم وديموقراطية الشعوب المستضعفة وغيرها من المصطلحات الوردية، ذلك الفرد يصدق كل ما يقال له في التلفاز ويقرؤه في الصحف.
الثاني: يصدق أن الغرب شرير ولكن ليس لهذه الدرجة. وهو في غالب غير مهتم ويعتقد أن هناك أمور أكثر أهمية في الحياة من هذا.
الثالث (يتنامى يشكل مريب): هو متفق تماماً معها بل يتابع آخر مقاطع ومقالات ونظريات المؤامرة ويربط أي حدث عرضي يظهر بالأخبار بأنه من فعل المؤامرة بحيث تصل في بعض الأحيان تحكم النخبة في مقاليد العالم إلى درجة الألوهية. فهم يشنون حروباً مدبرة بين الشعوب ويتحكمون في عقول شعوبهم لدعم تلك الحروب، ويستخدمون العلم ليصنعوا زلزالاً في منطقة كذا وفيضاناً في بلد كذا، ويحدثون خللاً اقتصادياً في بلد كذا وجفافاً في بلد كذا ورفع درجات الحرارة في بلد كذا وبالتالي التأثير على المحاصيل الزراعية.
نحن لا نختلف على أن أغلب الفريق الأول ساذج جداً، والفريق الثاني يرى أن هناك خلل في الرواية لكنه غير مهتم بالتدقيق والبحث بل وقد يقوم بإخفاء خوفه خلف عباءة عدم تصديق ما يحدث. ولكن تعالوا نحلل ما الذي يحدث مع الفريق الثالث:
مبدئياً، هو قام بنسب دور الإله إلى النخبة المتآمرة فهي – معاذ الله – تحيي وتميت ، وتطعم وتسقي، وترزق وتتحكم في العقل، وتتحكم في الجمادات وفي الظواهر الطبيعية. لذلك كثيراً ما أتساءل: ماذا تبقى لهذا الفريق من إيمان في قلوبهم؟
تجد أغلب المنتسبين لهذه الفرقة يظنون أنه يفهم كل شيء ولكنه في نفس الوقت يائس خائف مترقب – بالرغم من أن المعرفة هي القوة – و هو لا يقوم بأي شيء نافع في حياته لأنه يعلم أنه مهما فعل فإن فعله سيصب في مصلحة النخبة أو أنه إذا حاول الإصلاح فإن النخبة ستمنعه.
أصحاب هذه الفرقة لا يسعون لتطوير قدراتهم أو مهاراتهم لأنهم يعتقدون أن الناجحين والمتميزين هم مجرد تروس صغيرة في آلات عملاقة سخرت لخدمة النخبة.
هناك سؤال أنا أعتقد شخصياً أنه سؤال المليون دولار. وهو ” كيف ولماذا خرجت كل هذه المعلومات عن المؤامرة العالمية إلى العامة؟” وماذا لو أن هذه المعلومات تسربت عمداً؟ وما هو الهدف؟ ..
“من يخاف من الذئاب لا يذهب إلى الغاب” مثل روسي
ما الهدف من أن أخبرك أن هناك وحش في الغابة سيأكلك بمجرد دخولك الغابة؟ الهدف هو أنني لا أريدك أن تذهب أبداً إلى الغابة، وما الهدف من أن أخبرك أن هناك نخبة لديهم نفوذ قوي ويتحكمون في كل موارد العالم بل ويحددون من سوف يتقلد المناصب الكبرى ويختارونه بعناية؟ الهدف المباشر هو أن تفضحهم وتنشر مؤامرتهم، لكن الهدف الحقيقي هو اأا تقوم بفعل شيء في حياتك بدافع انعدام جدوى هذا العمل، والخوف من أن تكون هدفاً للنخبة.
نعم، الخوف في حد ذاته غاية، فطالما أنت كذلك فأنت بالأحرى ميت.
تبدأ حياتنا فعلاً إذا توقفنا عن الشعور بالخوف الدائم .. دورثى تومسون، صحفية أمريكية
أنا لا أدعي أن كل المؤامرة كذب ولكن أقول أنها أخرجت للعامة بشكل متعمد كما أنها اختلطت ببعض الزيادات والتجويدات التي تعطي لها الرونق والهبية والحبكة المطلوبة بحيث لا تجد مخرجاً ولا تستطيع التغيير.