مدخل عام: تقرير واشنطن
نشر "تقرير واشنطن" منذ ما يقرب من عام عرضا هاما لدراسة أعدها مكتب محاسبة الإنفاق الحكومي (Accountability Office U.S. Government) وهو مؤسسة تابعة للكونغرس الأميركي بناء على طلب من توم لانتوس (Tom Lantos) وهو نائب ديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، ويشغل حاليا منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب.
والدراسة التي تقع في 43 صفحة موجودة بالكامل على موقع المؤسسة.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في علاقتها بالتطورات الأخيرة المتعلقة بموافقة مجلس النواب الأميركي، ومجلس الشيوخ مؤخرا على تجميد 200 مليون دولار من اعتمادات المساعدات العسكرية المقررة لمصر في العام القادم، باعتبار ذلك نوعا من أنواع العقاب والضغط على الحكومة المصرية لحثها على التصدي لتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، وبسبب التردي في مجال حقوق الإنسان في مصر طبقاً لمصادر في الكونغرس.
واشترط الكونغرس للإفراج عن هذه الأموال المجمدة أن تبذل مصر جهودًا كافية لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غز من مصر، بالإضافة إلى ضرورة تحسين أحوال حقوق الإنسان في مصر، وطالب بالإفراج الصحي عن الدكتور أيمن نور زعيم حزب "الغد".
الملخص العام
طبيعة تقرير الكونغرس
"
قامت أميركا بين عامي 1982 و1989 بشطب جميع الديون المستحقة على مصر في إطار برنامج مساعدة التمويل العسكري الأجنبي وبدأت عام 1989 بتوفير مساعدات عسكرية لمصر على شكل منح من دون أي شروط على تسديدها
"اكتفت الدراسة بالتركيز على المساعدات العسكرية لكونها تمثل الحيز الأكبر من حجم المساعدات الأميركية لمصر.
في الوقت الذي يتزايد فيه عدد الدول الحليفة للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وتتلاشى احتمالات نشوب حروب بين إسرائيل وجيرانها، بدأت أصوات تتصاعد في الكونغرس الأميركي لإعادة النظر في تركيبة المساعدات الأميركية لمصر ليتم ترجيح كفة المساعدات الاقتصادية التي تحتاجها مصر على كفة المساعدات العسكرية التي تحصل عليها.
ومن بين تلك الأصوات صوت النائب الديمقراطي توم لانتوس، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، الذي قدم على مر السنوات الأخيرة مقترحات عديدة لم يكتب لها النجاح لتقليص حجم المساعدات العسكرية لمصر ومضاعفة حجم المساعدات الاقتصادية لتطوير المجتمع المصري وإنعاش اقتصاده.
كيف تنفق المساعدات العسكرية؟
تقول الدراسة إن الولايات المتحدة قدمت لمصر نحو 7.3 مليارات دولار بين عامي 1999 و2005 في إطار برنامج مساعدات التمويل العسكري الأجنبي، وإن مصر أنفقت خلال نفس الفترة نحو نصف المبلغ أي 3.8 مليارات دولار لشراء معدات عسكرية ثقيلة.
وقد أنفقت مصر المبلغ على النحو التالي:
- نسبة 14% لشراء الطائرات الحربية:
- ثلاث طائرات شحن عسكرية.
- 36 مروحية عسكرية من طراز أباتشي.
- 120 طائرة مقاتلة من طراز F-16.
- 880 دبابة عسكرية من نوع M1A1، بالإضافة إلى حصولها على التدريبات اللازمة لاستخدام تلك المعدات وعمليات الصيانة.
-
- ونسبة 9% لاقتناء الصواريخ بما فيها:
- 822 من صواريخ أرض/جو من طراز ستينغر Stinger.
- 459 من صواريخ جو/جو من طراز هيلفاير Hellfire.
- 33 من صواريخ بحر/جو من طراز هاربون Harpoon.
-
- و8% لشراء البواخر.
- 19% للمركبات العسكرية.
- 15% لاقتناء أجهزة الصيانة.
- 10% لأجهزة الاتصال ومعدات المساعدة بما فيها 42 من أنظمة الرادار.
- 9% للأسلحة والذخيرة.
- 9% للمساعدات التقنية بما فيها أكثر من 1400 كمامة واقية للحماية من الغازات الكيميائية والبيولوجية.
- 9% للحصول على تدريبات وبناء منشآت عسكرية، وإجراء الدراسات وتدبير البرامج العسكرية.
ماذا تقدم مصر في المقابل
"
سمحت مصر للطائرات العسكرية الأميركية باستخدام أجوائها وسمحت للبوارج الأميركية بعبور قناة السويس وأرسلت أطباء إلى قاعدة باغرام العسكرية في أفغانستان
"
تشير الدراسة إلى أن المسؤولين الأميركيين وعددا من الخبراء الذين تمت استشارتهم أثناء التحضير لهذه الدراسة أفادوا بأن المساعدات الأميركية لمصر في إطار برنامج مساعدة التمويل الأجنبي تساعد في تعزيز الأهداف الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، ويلخص التقرير المصالح الأميركية التي تمت خدمتها نتيجة تقديم مساعدات عسكرية لمصر على النحو التالي:
- السماح للطائرات العسكرية الأميركية باستخدام الأجواء العسكرية المصرية، فخلال الفترة من 2001 إلى 2005 سمحت مصر 36553 مرة بعبور طائرات عسكرية الأجواء المصرية.
- منح تصريحات على وجه السرعة لـ861 بارجة حربية أميركية بعبور قناة السويس خلال نفس الفترة، وتوفير الحماية الأمنية اللازمة لعبور تلك البوارج.
- مصر نشرت نحو 800 جندي وعسكري من قواتها في منطقة دارفور بغرب السودان عام 2004.
- مصر قامت بتدريب 250 عنصرا في الشرطة العراقية و25 دبلوماسيا عراقيا خلال عام 2004.
- أقامت مصر مستشفى عسكريا وأرسلت أطباء إلى قاعدة باغرام العسكرية في أفغانستان بين عامي 2003 و2005 حيث تلقى نحو أكثر من 100 ألف مصاب الرعاية الصحية.
"
تحصل حكومة القاهرة على نحو مليار و300 مليون دولار سنويا على شكل منح وقروض في إطار برنامج الولايات المتحدة للمساعدة في التمويل العسكري الأجنبي
"عقب توقيع الرئيس المصري السابق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن اتفاقية كامب ديفد للسلام عام 1979 أصبحت مصر في المرتبة الثانية بين الدول التي تستفيد من المساعدات العسكرية الأميركية.
فمنذ ذلك الحين بلغ حجم المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأميركية التي حصلت عليها مصر نحو 60 مليار دولار بما فيها 34 مليارا على شكل منح وقروض في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي (Foreign Military Financing) تقوم بموجبها مصر بشراء المعدات والخدمات العسكرية الأميركية.
والهدف من ذلك هو تحديث الجيش المصري وتزويده بالمعدات العسكرية الحديثة التي تتماشى مع المعدات العسكرية الأميركية، وبالتالي تسهيل مشاركة مصر في التحالفات التي تشكلها الولايات المتحدة والعمليات العسكرية التي تقوم بها.
وتقول وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتان إن تلك المساعدات العسكرية تساهم في الحفاظ على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط والحفاظ على الاستقرار في المنطقة ودعم مصر بوصفها دولة حليفة بالشرق الأوسط.
وأفاد واضعو الدراسة بأن مصر تعتبر من أبرز الدول المستفيدة من المساعدات الخارجية الأميركية، إلى جانب إسرائيل والعراق وأفغانستان.
وتحصل حكومة القاهرة على نحو مليار و300 مليون دولار سنويا على شكل منح وقروض في إطار برنامج الولايات المتحدة للمساعدة في التمويل العسكري الأجنبي.
ويعتبر هذا البرنامج واحدا من برامج المساعدات الأمنية الأميركية التي تأتي في إطار جهود واشنطن لتعزيز التعاون الأمني مع الدول الحليفة من خلال إقامة علاقات تحمي مصالح أميركية محددة عبر العالم.
وتقول وزارتا الدفاع والخارجية الأميركيتان إن تلك المصالح تشمل تطوير قدرات الدول الصديقة لكي تتمكن من الدفاع عن نفسها ولكي تكون قادرة على المشاركة في التحالفات التي تشكلها الولايات المتحدة، كما تشمل تعزيز الدعم العسكري لتلك الدول لكي يتم احتواء التهديدات الدولية ولتصبح تلك الدول قادرة على المساعدة في العمليات الدولية للاستجابة للأزمات الدولية، بالإضافة إلى حماية الحكومات المنتخبة ديمقراطيا وتكثيف الروابط العسكرية بين الولايات المتحدة والدول المستفيدة من تلك المساعدات.
هذا بالإضافة إلى دعم قطاع الصناعة الأميركي من خلال ترويج وتشجيع السلع والخدمات الأميركية المتعلقة بالمجال الدفاعي.
وعادة ما تقدم مساعدات التمويل العسكري الأجنبي على شكل قروض أو ضمانات لحلفاء الولايات المتحدة لشراء المعدات العسكرية والخدمات وتلقي تدريبات على استخدامها من قبل الولايات المتحدة.
حجم المساعدات العسكرية الأميركية لمصر
"
توصي الدراسة بإجراء تقييم دوري لبرنامج المساعدات الأميركية لمصر بأكمله لكي يتم تحديد مدى جدواه ومدى تحقيقه للأهداف المتوقعة منه
"تفيد الدراسة بأن مصر حصلت منذ عام 1979 على نحو 34 مليار دولار في إطار برنامج مساعدة التمويل العسكري الأجنبي، حيث إن الولايات المتحدة خصصت منذ ذلك الحين نحو 1.3 مليار دولار سنويا في ميزانياتها لمصر في إطار هذا البرنامج.
ففي عام 2005 شكل ذلك المبلغ 25% من مجموع المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة إلى جميع الدول في إطار البرنامج. كما أن ذلك المبلغ يمثل نسبة 80% من مجموع ميزانية العقود العسكرية المصرية، التي يتم استخدامها لتحديث المعدات العسكرية المصرية من خلال تغيير المعدات التي حصلت عليها من الاتحاد السوفياتي السابق بمعدات عسكرية أميركية عصرية.
ونقلت الدراسة عن مسؤولين مصريين قولهم إن نسبة 52% من مجموع المعدات العسكرية المصرية هي معدات أميركية وذلك بناء على إحصاءات أجريت في أغسطس/آب عام 2005.
ويقول المسؤولون الأميركيون والمصريون إن الجيش المصري أصبح أكثر استعدادا ولديه معدات أفضل للدفاع عن الأراضي المصرية والمشاركة في عمليات حفظ السلام بالمنطقة.
ويشيرون إلى أمثلة عديدة منها مشاركة الجيش المصري في بعثات حفظ السلام في تيمور الشرقية والبوسنة والصومال. وذلك بطبيعة الحال إضافة إلى مشاركة الجيش المصري مع الولايات المتحدة في عملية النجم الساطع (Operation Bright Star) وهي تدريبات عسكرية مشتركة تجرى كل عامين بمشاركة عدد من الدول الحليفة من بينها ألمانيا والأردن والكويت وبريطانيا.
ويذكر أن الهدف من تلك التدريبات هو القيام بتمرينات ميدانية لتعزيز التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وحلفائها وتقوية العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر كما هو الشأن مع باقي الدول الحليفة.
ومن بين التوصيات التي قدمتها الدراسة -وتقول إنها ضرورية لكي يتمكن الكونغرس من تقييم مستويات المساعدات الاقتصادية مقارنة بالمساعدات العسكرية لمصر- أنه يتعين أولا على وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين إجراء تقييم للآثار المحتملة لتغيير نسب المساعدات الأميركية المقدمة لمصر خلال ميزانية السنوات القادمة. بالإضافة إلى إجراء تقييم دوري لبرنامج المساعدات بأكمله لكي يتم تحديد مدى جدواه ومدى تحقيقه للأهداف المتوقعة منه.
المصدر: الجزيرة