Tishreen University Journal for Studies and Scientific Research- Economic and Legal Sciences Series Vol. (29) No. (2) 2007
[FONT="]الحروب العسكرية في منطقة المشرق العربي [/FONT]
[FONT="]ودورها في عدم الاستقرار الاقتصادي[/FONT]
[FONT="]الدكتور نور الدين هرمز *[/FONT]
[FONT="]الدكتور يوسف محمود **[/FONT]
[FONT="]ذو الفقار عبود ***[/FONT]
[FONT="]([/FONT][FONT="]تاريخ الإيداع 31 / 10 / 2006. [/FONT][FONT="] قُبِل للنشر في 2/4/[/FONT]2007[FONT="])[/FONT]
[FONT="]Ñ[/FONT][FONT="]الملخّص[/FONT][FONT="]Ñ[/FONT]
[FONT="]تعد المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم تعرضاً للصراعات العسكرية والحروب وبالتالي تعد من المناطق غير المستقرة، وهذا ما يؤدي بدوره إلى هدر الإمكانيات الاقتصادية بسبب تخصيص جزء كبير من الناتج المحلي لدول المنطقة للإنفاق العسكري مما يؤدي إلى ضعف برامج الإصلاحات الاقتصادية وإخفاق سياسات التنمية الاقتصادية لذلك لا بد من وضع استراتيجية عربية للإصلاح الاقتصادي في الدول العربية لرفع مستوى دخل الفرد وتخفيض معدلات البطالة، واستثمار الثروات العربية بعيداً عن الشركات الأجنبية. [/FONT]
[FONT="]من جهة ثانية، تعاني المنطقة العربية من أزمة غذائية تتمثل بعدم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وهذا ما يتفاقم في ضوء اضطرار الدول العربية إلى تأمين احتياجاتها الغذائية من خلال الاستيراد، وتتفاعل هذه الأزمة مع أزمة الموارد المائية التي تهدد الاستراتيجيات الوطنية في تحقيق الأمن الغذائي، حيث إن نصيب الاستخدام الصناعي والمنزلي من المياه لا يترك للزراعة احتياجاتها المائية.[/FONT]
[FONT="]إن الحاجة إلى توفير فرص العمل، وتوفير الحد الكافي من الغذاء وتوفير الاحتياجات المائية ورؤوس الأموال اللازمة لإقامة المشاريع الاقتصادية المختلفة – ولاسيما التصنيعية فيها- تؤدي إلى الضغط على الأنظمة السياسية الستاتيكية في المنطقة العربية، وهذا يؤدي بدوره إلى تصدع الاستقرار في الدول العربية.[/FONT]
[FONT="]كلمات مفتاحية[/FONT][FONT="]: عدم الاستقرار، الحروب العسكرية، التنمية الاقتصادية.[/FONT]
Tishreen University Journal for Studies and Scientific Research- Economic and Legal Sciences Series Vol. (29) No. (2) 2007
Wars in the in Eastern Arab Region
and Their Role in Economic Instability
Dr. Nour El Deen Hermes*
Dr. Youssef Mahmoud**
Zoulfikar Abboud***
(Received 31 / 10 / 2006. Accepted 2/4/2007)
[FONT="]Ñ[/FONT]ABSTRACT[FONT="]Ñ[/FONT]
The Arab region is considered one of the most regions in the world which is exposed to military conflicts and wars. That's why it is considered as an instable region. This, in its turn, leads to wasting of the economic capabilities and allocation of a huge portion of national income of these countries to military expenses. Consequently, economic programs are weakened with the failure of economic development policy. Therefore, it is urgent to frame an Arabic strategy of economic development in the Arab countries in order to promote individual income and to decrease the levels of unemployment and to exploit Arabic raw materials away from foreign companies.
Moreover, the Arab region suffers from a food problem, preventing it from self-sufficient. This leads Arab countries to import its food supply, thus aggravating the problem. The food dilemma interacts with water resources problem which, in its turn, threatens national strategies to accomplish food safety. The need to provide job opportunities, the least sufficient level of food, water supplies and capitals needed to establish different economic projects will lead to exercise more pressure on regimes in Arab region and, above all; leads to instability in the Arab countries.
Keywords: Instability, Military wars, Economic development.
[FONT="]مقدمة: [/FONT]
[FONT="]تشهد منطقة المشرق العربي حالة من عدم الاستقرار وعلى المستويات كافة، وقد أجمع الباحثون على أن حالة عدم الاستقرار هذه هي حالـة مزمنة، فقد خضعت هذه المنطقة لعهود طويلة من الاستعمار الأجنبي الذي فعل كل ما بوسعه ليفرغها من ثرواتها الباطنية والطبيعية وليربط صيرورة التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي فيها بخدمة الاقتصاد الرأسمالي.[/FONT]
[FONT="]ولم تخرج القوى الاستعمارية من المنطقة دون أن تخلف وراءها بؤر توتر خلافية لا تزال تشكل عاملاً هاماً من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة. كما أن المنطقة العربية كانت ولا تزال مسرحاً لصراع القوى العظمى للهيمنة على النظام الدولي والعلاقات الدولية. [/FONT]
[FONT="]ولكن الاستعمار ليس هو المسبب الوحيد لحالة عدم الاستقرار، فهناك المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الدول العربية والتي أخفقت أنظمة الحكم العربية في معالجتها والتخفيف من حدتها. فالمنطقة ليست متخلفة عن الدول الصناعية الغربية واليابان وبقية الدول المتقدمة فحسب، بل أيضاً هي متخلفة عن الكثير من الدول النامية التي أخذت تحقق معدلات نمو عالية وسريعة مثل دول جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية، والتي أصبحت بحسب بعض المعايير الاقتصادية أقرب إلى الدول المتقدمة منها إلى الدول النامية[1].[/FONT]
[FONT="]وباستثناء دول قليلة جداً، فإن الحكومات العربية كانت ولا تزال مقصرة في معالجة أخطاء سوء الإدارة والسياسات الاقتصادية. وقد أدى عجزها هذا إلى زيادة نسبة البطالة بين أوساط الشباب وخاصةً المتعلم وإلى إخفاق سياسات ضبط التضخم السكاني خلال النصف القرن الماضي، إضافةً إلى هروب رؤوس الأموال الوطنية وعزوف المستثمرين في القطاع الخاص بسبب الحكم السياسي التعسفي، واتباع الحكام لسياسات اقتصادية ترسخ مصالحهم الخاصة البعيدة عن مصالح الشعوب [2].[/FONT]
[FONT="]أهمية البحث:[/FONT]
[FONT="]تعود الأهمية العلمية لموضوع هذا البحث إلى حداثته ومعالجته للعوامل والجذور السياسية والاقتصادية الكامنة وراء بؤر التوتر وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها دول منطقة المشرق العربي، والتي تؤثر على نحو أو آخر في عمليات التنمية الاقتصادية، وتلقي بظلالها عليها. وتبرز الأهمية العلمية لموضوع هذا البحث في النقاط التالية: [/FONT]
1-[FONT="]إن ظاهرة الحروب العسكرية ودورها في عدم الاستقرار في منطقة المشرق العربي تحظى باهتمام بالغ على مستوى الدارسين ومراكز الأبحاث في المنطقة والعالم. [/FONT]
2-[FONT="]أهمية إيجاد تفسير سببي يسهم في صياغة الحلول وأساليب العلاج لظاهرة عدم الاستقرار، وأهمية فهم الآلية التي تؤثر من خلالها في التنمية الاقتصادية في الدول العربية.[/FONT]
3-[FONT="]أهمية معالجة الخلل الاقتصادي والسياسي على مستوى الدولة في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وتأمين متطلبات التنمية الاقتصادية محلياً.[/FONT]
4-[FONT="]أهمية دراسة تأثير ظاهرة عدم الاستقرار في التنمية الاقتصادية في الدول العربية. [/FONT]
[FONT="]إشكالية البحث: [/FONT]
[FONT="]1 - يحاول هذا البحث دراسة مشكلة عدم الاستقرار في منطقة المشرق العربي دون فصل هذه المشكلة عن الأسباب الاقتصادية والسياسية الكامنة وراءها.[/FONT]
[FONT="] 2- يدرس البحث المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تلقي بظلالها على حياة شعوب المنطقة ومستقبلها.[/FONT]
[FONT="] 3- إلقاء الضوء على تأثير ظاهرة عدم الاستقرار في برامج التنمية الاقتصادية وتأثير العوامل الاقتصادية والسياسية – كل على حدة – في حاضر منطقة المشرق العربي ومستقبله.[/FONT]
[FONT="]فرضيات البحث:[/FONT]
[FONT="] 1- هناك عدة عوامل أدت وتؤدي إلى حالة عدم الاستقرار في منطقة المشرق العربي من أهمها الصراعات العسكرية والحروب.[/FONT]
[FONT="] 2- إن الأسباب الأكثر عمقاً لعدم الاستقرار في المنطقة هي المشكلات الاقتصادية والسياسية .[/FONT]
[FONT="] 3- إن الإخفاق التام في علاج التحديات الاقتصادية والسياسية، يؤدي إلى حالة عدم الاستقرار في منطقة المشرق العربي.[/FONT]
[FONT="] 4- إن حالة عدم الاستقرار في منطقة المشرق العربي، تعيق التنمية الاقتصادية وتؤدي إلى ضعف نتائج برامج التنمية.[/FONT]
[FONT="]أهداف البحث:[/FONT]
1-[FONT="]يهدف البحث بالدرجة الأولى إلى توضيح العوامل والأسباب العميقة لظاهرة عدم الاستقرار وتحليلها وأثرها في برامج التنمية في منطقة المشرق العربي.[/FONT]
2-[FONT="]التوصل إلى مقترحات وحلول لمعالجة المشكلات الاقتصادية والسياسية وأثرها في التنمية الاقتصادية.[/FONT]
[FONT="]منهج البحث: [/FONT]
1-[FONT="]المنهج التحليلي الوصفي: لوصف الظواهر وتحليل نتائجها الاقتصادية والسياسية وفق تسلسل زمني تاريخي ضمن إطار نظرة موضوعية تقوم على التحليل واستشراف المستقبل في المدى المنظور.[/FONT]
2-[FONT="]المنهج التحليلي التاريخي النقدي: لتحليل الدراسات السابقة المتعلقة بالموضوع، والمعلومات الجديدة المتاحة بصدده في الإطار التاريخي.[/FONT]
[FONT="]عرض البحث:[/FONT]
[FONT="]تم تقسيم البحث كما يلي: [/FONT]
[FONT="] 1 – مقدمة[/FONT]
[FONT="] 2 – الحروب العسكرية التي شهدتها المنطقة العربية ونتائجها الاقتصادية:[/FONT]
[FONT="] - الحرب العربية الإسرائيلية 1948م.[/FONT]
[FONT="] - العدوان الثلاثي على مصر ( حرب السويس ) عام 1956م.[/FONT]
[FONT="] - حرب حزيران عام 1967م.[/FONT]
[FONT="] - حرب تشرين الأول عام 1973م.[/FONT]
[FONT="] - الحرب العراقية الإيرانية ( حرب الخليج الأولى ) عام 1980/1981.[/FONT]
[FONT="] - الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م وعدوان تموز عام 2006م.[/FONT]
[FONT="] - الاجتياح العراقي للكويت وحرب الخليج الثانية عام 1991م.[/FONT]
[FONT="] - الحرب الأميركية على العراق عام 2003م.[/FONT]
[FONT="] 3 – النتائج.[/FONT]
[FONT="] 4 – التوصيات.[/FONT]
[FONT="] 5 – المراجع.[/FONT]
[FONT="] إن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا ينعم شعب هذه المنطقة بمزايا الاستقرار الذي تنعم به شعوب المناطق الأخرى؟، وما هي فرص نجاح خطط وبرامج التنمية الاقتصادية في ظل هذه الحالة من عدم الاستقرار؟، إن الإجابة على تلك التساؤلات وغيرها ستكون محور هذا البحث ضمن إطار استعراض تاريخي للحروب والأحداث الهامة التي مرت بها منطقة المشرق العربي.[/FONT]
[FONT="]أولاً: الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948م:[/FONT]
[FONT="]بعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل في 15/5/1948م، قرر وزراء خارجية الدول العربية السبع المؤسسة للجامعة العربية دخول الجيوش العربية النظامية إلى فلسطين بهدف تحريرها. وقد انتهت الحرب بهزيمة الجيوش العربية وسيطرة إسرائيل على ( 77,4% ) من أرض فلسطين، وتوقيع اتفاقيات الهدنة بين مصر وسورية والأردن من جهة، وإسرائيلمن جهة[3].[/FONT]
[FONT="]أولى نتائج الحرب كانت تهجير أكثر من نصف سكان فلسطين الذين كانوا يعدون وقتها (1,380,000) نسمة خارج ديارهم، ولا تزال إسرائيل ترفض السماح لهم بالعودة رغم صدور القرار (194) عن الأمم المتحدة والذي ينص على حق العودة [4]. ولا يزال هؤلاء المهجرون يعيشون في الدول العربية المجاورة لفلسطين ( سورية والأردن ولبنان ) حياة غير مستقرة مع ما يشكلونه من عبء اقتصادي وسياسي واجتماعي ولاسيما في لبنان
(200 – 300 ألف لاجئ ) [5] والأردن الذي يستحوذ على القسم الأكبر من اللاجئين.[/FONT]
[FONT="]لقد غيرت حرب 1948م التركيبة السكانية والجغرافية داخل فلسطين [6] والدول العربية المجاورة، الأمر الذي كان له منعكسات اقتصادية خطيرة، حيث أصبح قطاع غزة تحت الإدارة المصرية، والضفة الغربية تحت الإدارة الأردنية، وبلغ عدد المهجّرين الفلسطينيين ( 680000 ) مهجّر، وبذلك أصبح اليهود أغلبية في الكيان الجديد كما قامت إسرائيل بإزالة مئات القرى العربية من الوجود[7]. وطبقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، يبلغ اليوم عدد اللاجئين الفلسطينيين خمسة ملايين لاجئ[6]، يتبعثرون في دول العالم.[/FONT]
[FONT="]لقد وضع الفلسطينيون في وضع إداري واقتصادي صعب، وحالة سياسية غير مستقرة، لإجبارهم على طلب فرص العمل في الدول العربية المجاورة، وخلق مشاكل اقتصادية وسياسية في هذه الدول. وأكمل الإسرائيليون المأساة بالاستيلاء على كل الممتلكات الخاصة بالفلسطينيين، ومصادرة أراضي المهجرين وغير المهجرين، وذلك بسلسلة من القوانين الاستثنائية مثل قانون استملاك الأراضي، ونظام المناطق المتروكة في عام 1949م، وقانون الملكية الغائبة، ومصادرة الحقوق والحريات العامة والمدنية للفلسطينيين[7].[/FONT]
[FONT="]وقامت إسرائيل بسلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تهويد الاقتصاد الفلسطيني وتصفيته وإذابته تدريجياً في الاقتصاد الإسرائيلي عبر إغلاقها البنوك ومصادرة أموالها ومنع إدخال أي إنتاج زراعي أو صناعي أو أي سلعة من القرى والمدن العربية من الضفة الغربية إلى أسواق القدس. في الوقت نفسه سمحت بدخول جميع البضائع والمنتجات الإسرائيلية بسهولة. وفتحت أبواب التعامل التجاري الإجباري بين التجار العرب في فلسطين والإسرائيليين مع حرمان المنتج العربي من دخول الأسواق المجاورة.[/FONT]
[FONT="]ثانياً: العدوان الثلاثي على مصر1956م( حرب السويس ): [/FONT]
[FONT="]مع تزايد عدد العمليات الفدائية ضد إسرائيل والمجازر ضد العرب والفلسطينيين، قامت مصر بمنع السفن الإسرائيلية من استخدام قناة السويس، وحاصرت المنفذ البحري الوحيد على البحر الأحمر، وتصاعد الاحتكاك على الحدود المصرية، ليتحول إلى حرب شاملة في تشرين الأول عام 1956م، حيث احتلت إسرائيل قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، ومع وصولها إلى قناة السويس، بدأ الهجوم البريطاني – الفرنسي. [/FONT]
[FONT="]لقد كانت الحرب رداً على تأميم قناة السويس، وبهدف تصفية النظام المصري كنموذج تهديدي لمختلف أنظمة الحكم العربية، ولإجهاض الظواهر الدولية المعادية للاستعمار كدول منظمة عدم الانحياز، وهيمنة الولايات المتحدة على نفط المنطقة بعد هزيمة مصر كمفتاح رئيسي للمنطقة.[/FONT]
[FONT="]إن تأميم قناة السويس عام 1956، والعدوان الثلاثي على مصر وإغلاق القناة، وقطع إمدادات النفط بالكامل إلى البحر الأبيض المتوسط بعد أن فجر السوريون خط التابلاين في الأراضي السورية أوجد أزمة نفط خانقة في أوروبا. وكان من نتائج الحرب وموقف الولايات المتحدة منها أن أصبحت الشريك الرئيسي في إدارة ملف النفط في العالم وتراجع دور بريطانيا.[/FONT]
[FONT="]ثالثاً: حرب حزيران عام 1967م: [/FONT]
[FONT="]بعد نهاية العدوان الثلاثي، زادت محاولات دخول القوتين العظميين بثقلهما السياسي والاقتصادي والعسكري في المنطقة، فبدأ الاتحاد السوفييتي بتسليح الدول العربية ( التقدمية )، وأخذت الولايات المتحدة تدعم إسرائيل والدول العربية التي تدور في فلكها. وقد مهّد التعاون العسكري المصري- السوفييتي الطريق لنشاط الاتحاد السوفييتي الذي بدأ بتقديم المساعدات العسكرية إلى الجزائر والسودان والمغرب والصومال مما أدى إلى انقسام المنطقة العربية.[/FONT]
[FONT="]نتج عن هذا الانقسام ، إخفاق جميع مؤتمرات القمة العربية حتى عام 1967م، وفي خضم هذه الصراعات غاب مفهوم الأمن القومي العربي مما شكل مدخلاً للولايات المتحدة لتدعيم إسرائيل وتجهيزها بالأسلحة والمعدات ودعمها سياسياً واقتصادياً لتلحق الهزيمة بدول الجوار العربي مجتمعة[8].[/FONT]
[FONT="]فبعد حصول الانفصال بين سورية ومصر عام 1961م، وتدهور العلاقات المصرية السورية، بدأت الدول الاستعمارية بحصار المد الثوري التقدمي وهذا ما أدى إلى تدخل الجيش المصري في اليمن[9] وهذا ما أدى إلى تقلص النفوذ البريطاني، وتغيرت السياسة الاستغلالية لشركات البترول الأجنبية وخاصة الأميركية والبريطانية، ومهدت الطريق لليمن لأخذ معونات ومساعدات وتسليح من الاتحاد السوفييتي.[/FONT]
1-[FONT="]وفي الخامس من حزيران 1967 قامت إسرائيل بهجوم عسكري مباغت[10] وشامل على الدول العربية المجاورة، فسارع الاتحاد السوفييتي لإمداد مصر بالأسلحة والمعدات، كما قامت ألمانيا الشرقية وبولندا ويوغوسلافيا بإرسال الأسلحة والمعدات، وتمكنت إسرائيل من احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء كاملة والجولان السوري والقنيطرة ومناطق إضافية من فلسطين بما فيها القدس.[/FONT]
[FONT="] وقد أدت نتائج الحرب إلى بروز القوة السياسية للدول العربية النفطية، فقد أصدر وزراء النفط العرب قراراً بحظر النفط العربي عن الدول الصديقة لإسرائيل، وطلب وزير النفط السعودي من شركة أرامكو التوقف عن شحن النفط إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث تقلص تدفق النفط إلى ( 60 % ) وتوقف إنتاجه بالكامل في كل من ليبيا والسعودية. والفارق بين أزمة 1956م وأزمة حزيران 1967م أن الأولى انحصرت في مشكلة نقل النفط أما الثانية فكانت في حظره وعدم إنتاجه.[/FONT]
[FONT="]أما في الداخل الفلسطيني، فقد قامت إسرائيل بعمليات استيطانية واسعة، شملت الأراضي المحتلة كافة ضمن خطة مبرمجة سميت ( الضم الزاحف ) إضافةً إلى تدمير القرى العربية وتهجير سكانها. كما سيطرت إسرائيل على الموارد المائية لنهر الأردن والضفة الغربية، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد الزراعي الفلسطيني كثيراً.[/FONT]
[FONT="]رابعاً: حرب تشرين الأول 1973م:[/FONT]
[FONT="]أنتجت حرب تشرين الأول 1973م واقعاً جديداً حيث كانت المرة الأولى التي يتخذ فيها العرب المبادرة الاستراتيجية بدلاً من تواصل السياسة التقليدية والالتزام برد الفعل. كما أن القوات العربية استطاعت إجبار إسرائيل على الانسحاب من أراضٍ عربية احتلتها في حرب 1967م، إضافةً إلى بروز التنسيق الفعال بين الجبهتين السورية والمصرية عسكرياً، والعربية اقتصادياً بقرار حظر تصدير البترول وذلك بعد دراسة تداعيات حدوث أزمة طاقة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا الغربية[11]. فأعلن ممثلو الدول العربية النفطية المجتمعون في الكويت عن قرارهم بتقليص إنتاج النفط شهرياً بنسبة ( 5% ) حتى الجلاء عن الأراضي المحتلة والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني. وبعد الإعلان عن قيم المساعدة الأميركية لإسرائيل البالغة ( 2.2 مليار دولار )، قررت السعودية حظراً شاملاً على الشحنات الموجهة إلى الولايات المتحدة وهولندا التي بدت مؤيدة لإسرائيل فكان القصد ضرب سوق روتردام النفطية أحد أهم الأسواق العالمية[12]. ثم أعلنت السعودية تخفيض إنتاجها من البترول (10 %) شهرياً وقررت الدول البترولية رفع سعر البرميل ( 70 % ) أي من ( 3 دولار) إلى ( 5 دولار ) للبرميل الواحد. وبذلك استطاعت الدول النفطية العربية نقل المعركة إلى مستوى دولي تجاوز ميادين القتال وأثّر في أوربا الغربية واليابان حلفاء الولايات المتحدة كي يضغطوا على الولايات المتحدة لتتخذ موقفاً أقل انحيازاً لإسرائيل. وقد أثمرت هذه السياسة وأبعدت أوروبا واليابان عن السياسة الأميركية في قضية الشرق الأوسط بالذات، واتخذت المجموعة الغربية موقفاً أكثر اقتراباً من الموقف العربي[13]. [/FONT]
[FONT="]لقد تحول النفط العربي خلال حرب تشرين الأول إلى سلاح حينما قررت الدول العربية المنتجة حظر أو تخفيض أو تقييد إنتاج النفط في الوقت الذي غدا فيه دم الحياة الاقتصادية في العالم الصناعي. بلغ حجم النفط العربي المنتج قبل الحظر مباشرة ( 20.8 مليون ) برميل في اليوم وتناقص ( إلى 15.8 )، أي بفارق (5 ) ملايين برميل في اليوم. وعلى الرغم من الضآلة النسبية لهذا الحجم من الإنتاج إلا انه شكل خطورة على الغرب إذ كانت الولايات المتحدة قد استنفدت طاقتها الاحتياطية. ففي حظر 1956م و1967م كان الاحتياط النفطي الأميركي يعيد التوازن بين العرض والطلب ويخفف من أزمات الطاقة. أما في عام 1973م فقد غدت تأثيراته أكثر، فارتفعت أسعار النفط على نحو جنوني وتمكن المنتجون المصدرون من زيادة عائداتهم المالية رغم انخفاض حجم صادراتهم، كما أحدث هذا الحظر انقسامات خطيرة في التحالف الغربي فسارعت فرنسا وبعض القوى الغربية لفك ارتباطاتها بالولايات المتحدة [14].[/FONT]
[FONT="]خامساً : الحرب العراقية الإيرانية ( حرب الخليج الأولى ) 1980/1981 : [/FONT]
[FONT="]تعتبر فترة الحرب العراقية الإيرانية بمثابة المرحلة الأهم لبداية النفوذ الأميركي في منطقة الخليج العربي من خلال تدعيم العلاقات مع العراق بعد سقوط نظام الشاه، فقد كانت إيران تزود إسرائيل بنسبة (60% ) من حاجاتها النفطية [15].[/FONT]
[FONT="]وقد أدت الحرب إلى انقسام العرب بين مؤيد للعراق ( الأردن، مصر واليمن الشمالي والمغرب والسعودية والسودان ودول الخليج العربي ) ومؤيد لإيران على اعتبار عدم جدوى الحرب ( سورية وليبيا واليمن الديمقراطي الجنوبي )، وقامت السعودية ودول الخليج العربية بتقديم الدعم المالي للعراق طوال الحرب لمساعدته بعد الانخفاض الكبير في عوائده النفطية، وطالبت مصر بتزويد العراق بمعدات وخبراء عسكريين وعمالة مدنية ليتفرغ العراقيون للخدمة العسكرية. [/FONT]
[FONT="]وقد أغلقت سورية حدودها مع العراق وأوقفت أنبوب النفط العراقي عبر سورية، ووقعت اتفاقاً تجارياً مع إيران ضمن لسورية الحصول على النّفط لسنوات عديدة وبأسعار تفضيليّة. [/FONT]
[FONT="]وفي 20 تموز 1987م تمّ تدويل الحرب، فصدر قرار مجلس الأمن رقم ( 598 ) الّذي وافقت عليه العراق ولم توافق عليه إيران حتى عام 1988م. وبذلك انتهت الحرب بعد ثمانية أعوام كلّفت أكثر من مائتي مليار دولار إضافة إلى مليون قتيل وأكثر من (1.7 ) مليون جريح [16].[/FONT]
[FONT="]إن عقد السبعينيات من القرن الماضي هو عصر الفورة المالية في العراق[/FONT] [FONT="]بسبب العوائد النفطية لعموم الدول النفطية، ففي عام 1979م وهو عام تسلم صدام حسين السلطة فعلياً في العراق كانت الفوائض المالية لدى العراق قد بلغت ( 26296 ) مليون دولار، وكان يحتل المرتبة الرابعة من حيث حجم الفوائض المالية على المستوى الإقليمي وقد بدأ صدام بانتهاج سياسات تسليحية ضخمة على حساب اعتبارات توجيه تلك[/FONT] [FONT="]الفوائض نحو تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية في العراق، لذا نلاحظ بان العراق وبسبب[/FONT] [FONT="]توجهات قيادته السياسية، اندفع بسرعة كبيرة نحو سياسة تسليحية ضخمة أو ما يسمى[/FONT] [FONT="]بالإنفاق العسكري الذي يتضمن الإنفاق على الجيوش وشراء الأسلحة والمعدات الحربية[/FONT] [FONT="]وهنا سوف نستخدم تعبير عبء الدفاع الذي هو حاصل قسمة الإنفاق العسكري على الناتج[/FONT] [FONT="]القومي الإجمالي[/FONT] GDP [FONT="] وعليه فان عبء الدفاع للعراق فاق عبء الدفاع للدول النامية[/FONT] [FONT="]وغيرها إذ إن المعدل السنوي لعبء الدفاع العراقي خلال فترة 1970-1980م كان ( 15.9[/FONT] % [FONT="]) مقارنة بدول الشرق الأوسط ( 12.3 % )، و(5.9 % ) للدول النامية و( 5.2 % ) لدول العالم الأخرى، إلا[/FONT] [FONT="]أنه بعد حدوث الحرب زاد عبء الدفاع بمقدار (29 % ) عن مثيله في الشرق الأوسط وثلاثة[/FONT] [FONT="]أضعاف عبء الدفاع العالمي.[/FONT]
[FONT="]وخلال الخمس السنوات من الحرب أي عام 1985م بلغ عبء[/FONT] [FONT="]الدفاع ( 41.7 % ) وهذا يعني أن العراق كان ينفق ( 41.7 % ) من القيمة الكلية للسلع[/FONT] [FONT="]والخدمات التي كان ينتجها. وكذلك احتل العراق من بين ( 144 ) دولة المرتبة[/FONT] [FONT="]الأولى من حيث حجم الواردات العسكرية[/FONT] .
[FONT="]وعليه فان النظام السابق كان يتجه نحو عسكرة الاقتصاد العراقي، وهذه العسكرة كان لها ثمن كبير تمثل بالتضحية بمرتكزات[/FONT] [FONT="]تحقيق تنمية اقتصادية في العراق. ولذلك فإن العراق قد بدد الفوائض المالية الناتجة[/FONT] [FONT="]عن العوائد النفطية التي تراكمت لديه خلال فترة السبعينيات على البناء العسكري[/FONT] [FONT="]والتسليح وخوض حرب لا مبرر لها[/FONT] [FONT="].[/FONT]
[FONT="] ويمكن إجمال الآثار والتداعيات التي تركتها الحرب العراقية ـ الإيرانية على[/FONT] [FONT="]الاقتصاد العراقي بالآتي:[/FONT]
[FONT="]1- أثرت الحرب كثيرا في الصادرات النفطية للعراق،[/FONT] [FONT="]بسبب عرقلة وصول الصادرات النفطية العراقية إلى العالم الخارجي عبر الخليج العربي،[/FONT] [FONT="]إذ انخفضت بنسبة ( 62 % ) عن عوائد عام 1972م.[/FONT]
[FONT="]2- أثرت الحرب في الاقتصاد العراقي من[/FONT] [FONT="]ناحية استنزاف الاحتياطيات المالية، إذ بعد أن كان العراق يتمتع بالمرتبة الرابعة من[/FONT] [FONT="]حيث الفوائض المالية أصبح العراق يعاني من مديونية كبيرة بسبب نفقات الحرب، إذ[/FONT] [FONT="]انخفضت من ( 35 ) مليار دولار عام 1980م إلى الصفر عام 1985م.[/FONT]
[FONT="]3-[/FONT] [FONT="]أثرت أيضا في[/FONT] [FONT="]التجارة الخارجية للعراق حيث نلحظ بان العراق كان يتمتع بفائض في الميزان التجاري[/FONT] [FONT="]مع العالم الخارجي إلا انه بعد الحرب أصبح يعاني من عجز في ميزانه التجاري بسبب[/FONT] [FONT="]توقف الجهاز الإنتاجي والاتجاه نحو الاستيراد كثيرا خاصة في السلع الاستهلاكية[/FONT] [FONT="]إذ أنها ازدادت من مبلغ (4.79 ) مليون دولار عام 1979 ، حتى وصلت عام 1985 إلى ( 20730) مليون دولار[/FONT] .
[FONT="]4-[/FONT] [FONT="]أثرت الحرب في تدمير البنية التحتية للاقتصاد العراقي وقد شمل[/FONT] [FONT="]التدمير جميع المنشآت الاقتصادية والموانئ وتوقف خطوط التصدير، وكل ذلك أثر سلبا في الاقتصاد العراقي[/FONT] .
[FONT="]5-[/FONT] [FONT="]أضعفت الحرب معدلات الادخار، ومن ثم تبعه انخفاض[/FONT] [FONT="]في معدلات الاستثمار وهذا يعني حرمان العراق من ادخار ( 100 ) مليار دولار كان من[/FONT] [FONT="]الممكن استثمارها في أوجه التنمية المختلفة بل تم توظيفها في مجالات تصنيع عسكري لا[/FONT] [FONT="]مسوغ له، وبالتالي أثر في تكوين رأس المال في العراق وهذا بدوره أدى إلى عدم القدرة[/FONT] [FONT="]على الإنتاج ومن ثم تراجع النمو الاقتصادي في العراق. [/FONT]
[FONT="]6-[/FONT] [FONT="]تركت الحرب تداعياتها[/FONT] [FONT="]على التركيبة السكانية للشعب العراقي إذ تعرض الشعب العراقي إلى موجات القتل والأسر فضلاً عن حالات التهجير والهجرة، إذ إن جميع الإحصاءات أجمعت على اختفاء ( 900 ) ألف[/FONT] [FONT="]عراقي بين قتيل وأسير ومهجر ومهاجر.[/FONT]
[FONT="]وأخيراً يمكن القول إن الحرب العراقية[/FONT] [FONT="]الإيرانية أثرت في مجمل الاقتصاد العراقي وأسهمت في عدم تحقيق تنمية اقتصادية[/FONT] [FONT="]حقيقية في العراق أي عملية تأجيل التنمية ولمدة ثماني سنوات، فقد بلغت التكلفة الإجمالية للحرب نحو ( 1.079 ) مليار دولار، وكانت تستهلك سنويا ( 60[/FONT]% [FONT="] ) من الناتج القومي الإجمالي الإيراني و( 112% ) من الناتج القومي الإجمالي العراقي، ومن ثم دخل العراق مرحلة أخرى ولمدة ( 13 ) سنة أخرى في حصار اقتصادي فرض بموجب قرارات الأمم المتحدة[17].[/FONT]
[FONT="]سادساً: الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م وعدوان تموز عام 2006م: [/FONT]
[FONT="]اجتاحت القوات البريّة الإسرائيلية الحدود اللبنانية الجنوبيّة ودحرت قوات منظمة التّحرير الفلسطينية، ثمّ قامت بتدمير شبكة الصّواريخ السّوريّة في البقاع بعد أن عطّلت الرادارات السّوريّة فور عملية الهجوم، وقد تكبدت القوات السّوريّة خسائر كبيرة جواً، وعلى الرّغم من صدور قرار مجلس الأمن رقم ( 508 ) الدّاعي لوقف فوري لإطلاق النّار على جانبي حدود / 6حزيران / والّذي طالب إسرائيل بانسحاب فوري وغير مشروط[14] فإن إسرائيل قامت بزجّ قوات إضافية ليرتفع عدد قواتها في لبنان إلى مئة ألف جندي. [/FONT]
[FONT="]واستمر الزّحف الإسرائيلي إلى بيروت وحاصر المدينة على الرّغم من التّوصل إلى اتفاقين لوقف إطلاق النّار بين القوات السوريّة والإسرائيلية، وبدأت القوات الإسرائيلية بقصف بيروت بمختلف الأسلحة المحرّمة دولياً فقتلت حوالي (21) ألف لبناني وفلسطيني وجرحت حوالي (400) ألف آخرين. [/FONT]
[FONT="]ولقد عبّرت إسرائيل والولايات المتّحدة عن أهدافها من الغزو وهي إعادة ترتيب الأوضاع الدّاخلية في لبنان وتدعيم الحكومة المركزية وبديهي أنّ إعادة ترتيب الأوضاع تعني تسليم السلطة في لبنان إلى فريق موالٍ لإسرائيل والولايات المتحدة، قادر على إزالة عروبة لبنان. وتوضحت الأهداف الإسرائيلية بانتخاب بشير الجميل رئيساً للبنان تحت حماية القوات الإسرائيلية [18]، ولكنّه قُتل إثر انفجار يوم 14 أيلول 1982م في مقر حزب الكتائب، الأمر الّذي دفع الكتائبيين وبإشراف إسرائيلي إلى تنفيذ مجازر صبرا وشاتيلا يومي 16-17 أيلول 1982م حيث تمّ قتل وذبح أكثر من (3500) طفل ورجل وامرأة من اللبنانيين والفلسطينيين فعادت القوات المتعددة الجنسيات والتي كانت قد غادرت لبنان في أعقاب خروج منظمة التّحرير الفلسطينية مباشرة، ولكنها رفضت إنزال جنودها إلا بعد مغادرة الجيش الإسرائيلي الّذي خرج من المدينة في 29 أيلول من العام نفسه.[/FONT]
[FONT="]لقد ارتفع حجم الدين العام اللبناني جراء الاجتياح وبدءاً من العام 1988م إلى ( 890 ) مليون دولار، ثم ارتفع إلى ( 25 ) مليار عام 2000م، وتابع ارتفاعه دون ضوابط ليصل إلى ( 33 ) مليار دولار عام 2003م
ثم إلى ( 36 ) مليار دولار عام 2004م، حتى وصل عام 2006م وقبل وقوع العدوان الإسرائيلي في تموز إلى حوالي ( 43 ) مليار دولار[19]. وقد تفاوتت التقديرات للخسائر الاقتصادية والبشرية جراء عدوان تموز 2006م، حيث إن لبنان يعاني أصلاً من مشاكل اقتصادية عديدة أبرزها ارتفاع حجم الدين العام، وقدّرت الخسائر الاقتصادية الكلية بحوالي ( 4 ) مليار دولار، فعلى الصعيد السياحي – حيث تشكل السياحة والخدمات عماد الاقتصاد، وأهم مصادر الدخل القومي اللبناني – كان الرقم المتوقع للسياح هو ( 1,6 ) مليون سائح يضخون حوالي ( 2 ) مليار دولار، وهذا ما تم التوصل إليه استناداً إلى أعداد السياح الذين قدموا إلى لبنان خلال النصف الأول لعام 2006م حيث بلغوا ( 631 ) ألف سائح بزيادة ( 24 % ) على عام 2004م و( 50 % ) على عام 2005م، وكانت منظمة السياحة العالمية قد توقعت أن يصل مدخول لبنان من السياحة حوالي ( 4,5 ) مليار دولار.[/FONT]
[FONT="]وعلى الصعيد المالي تأثرت حركة الأسواق وتعرضت الليرة اللبنانية لضغوط كبيرة وتراجعت أسعار الأسهم في البورصة، وتأثرت حركة الاستهلاك سلباً، وسجلت بورصة بيروت تراجعاً بنسبة ( 10 % ) فأغلقت البورصة تلافياً للتداعيات الكارثية.[/FONT]
[FONT="]وفي القطاع المصرفي كانت التقديرات تشير إلى إمكانية تحقيقه نمواً بنسبة ( 13 % ) لعام 2006م، فأحدث العدوان الإسرائيلي توتراً في أسواق المال على الرغم من مناعة القطاع المصرفي والمالي اللبناني نتيجة تأقلمه مع الحروب والأحداث السابقة. وقد زاد الطلب على الدولار فتدخل مصرف لبنان بائعاً الدولار بسعر ( 1514 ) ليرة بكتلة ( 1,1) مليار دولار بمعدل يومي بين ( 100 – 350 ) مليون دولار، وتم حصر سحب العملات من المصارف والآلات النقدية بالليرة حماية لها من الدولار ومنعاً لانهيار قيمتها. [/FONT]
[FONT="]وقد سارعت المؤسسات المالية والائتمانية العالمية من جهتها إلى إعادة تقويم الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان، إذ قامت مؤسستا ستاندارد أند بورز وفيتش للتقويمات الائتمانية بخفض توقعاتهما للتقويم الائتماني للبنان من إيجابي إلى مستقر.[/FONT]
[FONT="]أما فيما يتعلق بالخسائر التي منيت بها البنية التحتية فقد دمر ( 136 ) جسراً وكل الطرق الرئيسية والجسور الفرعية والمطارات الرئيسية، والمصانع والمشافي والموانئ البحرية، الأمر الذي له نتائج اقتصادية بالغة الخطورة، حيث قدّرت خسائر البنية التحتية بحوالي ( 2,5 ) مليار دولار[20].[/FONT]
[FONT="]سابعاً: الغزو العراقي للكويت 1990م وحرب الخليج الثانية 1991م: [/FONT]
[FONT="]بدأت فصول الأزمة بقرار الكويت في التّاسع من آب 1988م، وغداة وقف إطلاق النّار بين العراق وإيران، بزيادة إنتاجها النّفطي مخالفة بذلك الاتفاقات الموقعة في إطار منظمة [/FONT]OPEC[FONT="]، [/FONT][FONT="]وقد تمّ التّركيز الكويتي في تحقيق هذه الزّيادة على آبار الرّميلة الواقعة في المنطقة الحدودية المتنازع عليها مع العراق. وقد عد النّظام العراقي حينها مبادرة الكويت استفزازية وخيانية أدت إلى انخفاض أسعار النّفط العالمية[21] وإلى خسارة العراق الّذي يعتمد في (90%) من وارداته على تصدير النّفط ( حوالي 7مليار دولار سنوياً ) أي ما يوازي فوائد الدّيون المترتبة عليه. أمّا الاستثمارات الكويتية في الخارج فتتجاوز/100/ مليار دولار تؤمن للإمارة حوالي /6/ مليارات دولار سنوياً أي أكثر من عائداتها النفطية ذاتها. [/FONT]
[FONT="]من جهة أخرى، لابدّ لنا من البحث في الدّور الأميركي لعملية غزو الكويت والأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة، فالأهمية الجيوسياسية، والنفط، والفوائض المالية، عوامل تدفع الولايات المتحدة للتفكير بالسيطرة على المنطقة، وهذه الإستراتيجية قديمة في الفكر الاستراتيجي الأميركي بدءاً بمشروع أيزنهاور
إلى نظرية كارتر حول قوات التدخل السريع، إلى التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل، فالإجماع الاستراتيجي عند ريغان، وصولاً إلى بوش الأب الذي ينتمي إلى عائلة نفطية ويدرك تماماً أهمية النفط في العلاقات الدولية؛
لذلك فقد لعبت الولايات المتحدة دوراً خفياً من خلال تشجيع العراق على غزو الكويت فقيام أزمة الخليج سوف تكون فرصة سانحة ومثلى لفرض الهيمنة الأميركية، وهذا ما يجد تفسيره من استقراء المواقف والتصريحات الأميركية السابقة لاجتياح الكويت، حيث إنها كانت متسمة باعتدال ملموس وموقف شبه حيادي [21] وعدم توافر نية أميركية لمواجهة عسكرية ضد العراق إذا اجتاح الكويت.[/FONT]
[FONT="]من المعلوم أن من ثوابت السياسة الأميركية العليا، اعتبار أمن إمدادات النفط الخليجي جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الأميركي[10]، وأن غياب المنافس السوفييتي سيدفع الولايات المتحدة إلى التحكم بمقدرات المنطقة العربية وسياساتها، وتحديد سعر البترول على نحو يؤمن المصالح الخاصة الأميركية. [/FONT]
[FONT="]من جهة أخرى، شكل انحسار الوجود السوفييتي – سياسياً واقتصادياً وعسكرياً – الظرف الدولي الملائم لفرض الهيمنة الأميركية من خلال التدخل العسكري وتحجيم القوى العسكرية والإقليمية / أفغانستان – إيران / وفرض الوصاية المباشرة على الثروة النفطية للمنطقة إنتاجاً واستيراداً وأسعاراً واستثماراً للعائدات المالية، ولاسيما أن الولايات المتحدة سوف تحتاج إلى زيادة في طلب النفط من ( 52% ) إلى ( 66% ) عام 2020م [22]. [/FONT]
[FONT="]لجأ صدام حسين إلى الادعاء بأن ما قام به، ينطلق من اعتبارات وحدوية ويخدم الأمن القومي العربي للأمة العربية، ولكن يمكن الاستنتاج أهم الأسباب التي يمكن اعتبارها الدافع السياسي للاحتلال العراقي للكويت :[/FONT]
1-[FONT="]ضم بعض الأطراف الحدودية : وهذا ما حاول فعله قبل صدام حسين كل من نوري السعيد وعبد الكريم قاسم وخاصة فيما يتعلق بجزيرتي وربة وبوبيان كونهما تهيئان للعراق بوابة اقتصادية وعسكرية هامة على الخليج العربي.[/FONT]
2-[FONT="]إلغاء الديون المستحقة على العراق : فالعراق كان مديناً بأكثر من ( 80 ) مليار دولار، ( 40 % ) منها للدول الخليجية وقد ذكرت المذكرة العراقية للجامعة العربية أن العراق أنفق ( 21 ) مليار دولار على التجهيزات العسكرية، وأنه قد خسر نتيجة انخفاض صادراته النفطية ما يقارب ( 106) مليار دولار ذهبت إلى خزائن الدول الخليجية النفطية. [/FONT]
3-[FONT="]أن يكون للعراق سيادة في رسم السياسة النفطية لدول الخليج عن طريق الهيمنة السعودية على أسواق النفط حيث تستحوذ على 15% من احتياطي [/FONT]OPEC[FONT="] ( ويعادله الاحتياطي الكويتي ) ويمكن للعراق أن يسيطر على فرض السعر المناسب وكمية الإنتاج داخل [/FONT]OPEC [FONT="].[/FONT]
[FONT="]تم الغزو والاجتياح في منتصف ليلة 1-2آب 1990م وتوقفت أنابيب نقل البترول العراقية عبر السعودية وتركيا والكويت فارتفع سعر برميل النفط إلى(40 ) دولاراً ولكن الولايات المتحدة كانت مستعدة فتدفقت كميات كبيرة من الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي إلى الأسواق وأطلقت [/FONT]OPEC[FONT="] حرية الدول لتضخ ما تشاء فارتفع نصيب السعودية من ( 3,5 ) مليون إلى ( 10 ) مليون برميل يومياً .[/FONT]
[FONT="]وفي 12 كانون الثاني 1991م بدأت العمليات الحربية، وحاول العراق توسيع رقعة المعركة بضرب عدة صواريخ ( سكود ) على إسرائيل ثم بدأت الحرب البرية ووصلت قوات فرنسية وبريطانية وبدأ الجيش العراقي بالانسحاب من البصرة والاستسلام لقوات التحالف، فقبل صدام وقف إطلاق النار.[/FONT]
[FONT="]وتبقى الآثار الاقتصادية لحرب الخليج الأولى بالدرجة الأولى من الأهمية، فقد حدثت موجة كبيرة من نقل رؤوس الأموال من المنطقة العربية إلى أوروبا قدرت بنحو ( 8 ) مليار دولار[22]، كما توقف تحويل الأموال من قبل الفلسطينيين المقيمين في السعودية والكويت، والتي كانت تمثل أهم مصادر الدخل لمنظمة التحرير الفلسطينية والفلسطينيين في الداخل، فكل فلسطيني يدفع ( 5 % ) من دخله السنوي لمنظمة التحرير، وتصل تحويلاتهم السنوية إلى أسرهم في فلسطين والأردن ( 414,6 ) مليون دولار[23]، وهذا ما أثر في معدل النمو الاقتصادي في هذه الدول.[/FONT]
[FONT="]كما تأثر الاقتصاد العراقي على نحو بالغ جراء الحصار الاقتصادي، وتوقفت التنمية الاقتصادية تماماً وانعدم حصول العراق على إيرادات النفط، كما رفعت السعودية إنتاجها النفطي ليصل إلى ( 8 ) مليون برميل يومياً أي بزيادة قدرها ( 3 ) مليون برميل يومياً، وذلك لسد النقص الحاصل في إنتاج العراق والكويت، وقد ساعد هذا الأمر في تحسين الوضع المالي للسعودية والإمارات لتصل إيرادات السعودية إلى(40,2) مليار دولار بنسبة زيادة (28%) من أرقام ما قبل الحرب. وفي الوقت نفسه زادت اعتمادات الميزانية حوالي (8) مليار دولار، وقد تم تمويل العجز بواسطة الاقتراض الداخلي والخارجي، وتزايدت موازنات الدفاع على نحو عمودي وبما نسبته ( 2%) من نسبة الموازنة العامة وهذا يعني استمرار العجز، وقد خصصت السعودية جزءاً من مواردها لدعم بعض السلع[24]. [/FONT]
[FONT="]أما بالنسبة للكويت، فقد بلغت أرقام الموازنة ( 21,3) مليار دولار، وبلغت تقديرات الدخل ( 2,9 ) مليار دولار أي العجز قد بلغ ( 18,6) مليار دولار بنسبة ( 86% )، مما دفع الكويت ليقترض ( 5.5 ) مليار دولار من الأسواق العالمية. بلغ الاقتراض الكويتي حدوده القصوى عام 1993م ليبلغ ( 34 ) مليار دولار دفع منها ( 30% ) من عائداته النفطية، كما دفع الكويت ( 22 ) مليار دولار للولايات المتحدة وحلفائها الذين خاضوا الحرب ضد العراق، وهو ما يوازي نصف فوائضه المالية، وقد بلغت موازنة 1993 (13,7 ) مليار دولار بعجز قدره ( 6,2) مليار دولار[24].[/FONT]
[FONT="]كما بلغ العجز في الميزانية العمانية (777,4) مليون دولار. وتنفق عمان نحو (50% ) من عائداتها النفطية على النفقات العسكرية. أمّا عجز الميزانية في البحرين في العام 1991 فقد بلغ (312,6) مليون دولار ويقدر هذا العجز بحوالي ربع العائدات المقدرة، فالبحرين أساساً ليست بلداً ثرياً مقارنةً بجيرانها. ويبلغ العجز القطري في الموازنة للعام 1991 ما يقدر بـ(54,9) مليون دولار بعد أن كان قد بلغ (1,7) مليون دولار قبل اندلاع الحرب. [/FONT]
[FONT="]لقد كانت أسعار النفط في بداية الثمانينات بحدود(40) دولاراً/ برميل والفائض المالي لدول الخليج نحو(256) مليار دولار، وكانت الظروف السياسية أفضل وعدد السكان أقل، وبعد الحرب عادت أسعار النفط إلى ما كانت عليه قبل العام 1973م، وتحول الفائض المالي الضّخم إلى عجز دائم، أمّا عقد التسعينيات فقد حمل إلى تلك البلدان ضغوط فائض الإنتاج النفطي الناتج عن عودة العراق والكويت وسيطرة الدول المستهلكة على الأسعار بسبب تغير ميزان القوى في السوق النفطية وفي الوضع العالمي. [/FONT]
[FONT="]لقد تمكّن اقتصاد الإمارات من الخروج من أزمة الخليج باستيعاب المتغيرات التي حدثت في المجالين الإقليمي والدولي. فبعد الحرب هبط سعر برميل النّفط إلى (17) دولاراً للبرميل وبلغ سعره عام 1993 (18.5) دولاراً فاتبعت الإمارات سياسة السّوق المفتوحة ولم تفرض أي قيود على دخول أو خروج العملات الأجنبية. وعملت على ضخّ سيولة جديدة في البنوك المحلية عن طريق زيادة الودائع الحكومية. ونتيجة الأزمة تراجعت موازنة البنوك (3,2) مليار دولار لتصل إلى (4,9) مليار دولار، ثمّ عاد الوضع إلى طبيعته بعد الأزمة وعاد النموّ بوتيرة متسارعة لتصل موازنة البنوك إلى (36,5) مليار دولار في عام 1991م، وسجّلت الودائع زيادة قدرها (4) مليار دولار وقد تضمنت موازنة عام 1991 عجزاً بلغ (181) مليون دولار. أمّا موازنة عام 1992م فبلغت (5,4) مليار دولار بزيادة (9,5) مليار دولار وبعجز (1,1) مليار دولار[25]. [/FONT]
[FONT="]لقد بلغ حجم الضّرر في الصّناعة النفطية الكويتية مليار دولار واحتاجت عملية إعادة الإعمار لدول الخليج العربي إلى أكثر من (400) مليار دولار انتفعت منها الشركات الأجنبية كما أنّ العراق ارتهن بكامل دخله الوطني لأكثر من عشر سنوات للتعويض عن الأضرار الّتي لحقت به. [/FONT]
[FONT="] ثامناً: الحرب الأميركية على العراق عام 2003:[/FONT]
[FONT="]جاء التدخل العسكري للولايات المتحدة وحلفائها ضد العراق، ومن ثم احتلاله، تطبيقاً عملياً لمبدأ الحرب الاستباقية الذي أعلنه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001م، ففي التاسع من نيسان عام 2003م، سقطت بغداد تحت قبضة الجيش الأميركي، واكتمل الاحتلال وبدأ مسيرته العملية، ليدخل العراق والمنطقة العربية مرحلة جديدة من التاريخ المعاصر، ما زلنا نعيش فصولها يومياً وإن كنا لا نستطيع التكهن بمستقبل هذه المرحلة.[/FONT]
[FONT="]لقد دخلت القوات الأميركية والبريطانية العراق بناءً على تقارير استخباراتية تؤكد امتلاك العراق لأسلحة محرمة دولياً، ولكن الواقع أثبت زيف هذه الادعاءات، فتحولت المبررات إلى " نشر الديمقراطية في العالم العربي" لجعل العراق بوابة الدول العربية نحو الحرية والديمقراطية. ولا يخفى على أحد الأسباب الحقيقية للتدخل العسكري الأميركي في العراق، فالاحتلال هو جزء من الاستراتيجية الأميركية المتكاملة لإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة العربية والشّرق الأوسطمنمنظور المصلحة القومية الأميركية، فاحتلال الولايات المتحدة للعراق واحتفاظها بوجود عسكري كبير فيه، يحقق أهدافاً سياسية وعسكرية واقتصادية متكاملة، يلعب العراق دوراً محورياً فيها. [/FONT]
[FONT="]فعلى الصّعيد السياسي، يقوم جوهر الرؤية الاستراتيجية الأميركية على أن تغيير نظام الحكم في العراق يمثل خطوة أولى لإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة العربية استناداً إلى نظرية الدومينو الّتي مفادها أن إقامة نظام علماني ديمقراطي في العراق سوف يكون مقدمة التغيير الشّامل في العالم العربي. [/FONT]
[FONT="]وعلى الصّعيد العسكري، إنّ موقع العراق في الاستراتيجية الأميركية يمثّل التّطبيق العملي للشق السياسي من الاستراتيجية الأميركية، فالوجود العسكري الأميركي في العراق يحقق عدة أهداف من المنظور الأميركي: [/FONT]
[FONT="]1 – الاستفادة من الموقع الإستراتيجي الفريد للعراق، فهو يحتل ثاني أهم موقع إستراتيجي في الشّرق الأوسط بعد مصر، فهو نقطة التقاء إستراتيجية بين مناطق الخليج وشمال غرب آسيا وآسيا الوسطى والشّرق الأوسط، إضافة إلى الجوار الجغرافي لكل من سورية وإيران وأهمية ذلك في تمكين الوجود العسكري الأميركي لممارسة التّهديد المباشر على هاتين الدّولتين. [/FONT]
[FONT="]2– تثبيت القواعد العسكرية الأميركية الموجودة في الخليج بصورة دائمة. [/FONT]
[FONT="]3– امتلاك قدرة أكبر على احتواء الدّول المعادية أو غير الصديقة للولايات المتحدة ومواجهتها.[/FONT]
[FONT="]4- تعزيز أمن إسرائيلوضمانه.[/FONT]
[FONT="]وعلى الصّعيد الاقتصادي، فإنّ الوجود العسكري في العراق يحقق للولايات المتحدة مكاسب اقتصادية متعددة في مقدمتها السيطرة على نفط العراق، ثاني أكبر احتياطي عالمي مؤكد بعد السّعودية، وبالتّالي التّحكم في أسعاره وكميات إنتاجه، وإعادة ترتيب حصص الشّركات المنتجة لنفط العراق. وهنا يبرز دور الشّركات الأميركية الّتي ظلّت بعيدة عن نفط العراق خلال نظام صدّام حسين[12]، فالسوق الأميركية تستهلك ( 25 %) من الإنتاج النفطي العالمي ( 20 مليون برميل من أصل 80 مليون برميل يومياً )[29] ، وقد بلغت واردات الولايات المتحدة من نفط الخليج ( 7, 2 ) مليون برميل يومياً عام 2001م، مقارنةً بنحو ( 2,5 ) مليون برميل عام 2000م، ويعادل هذا الرقم حوالي ( 25% ) من إجمالي واردات الولايات المتحدة من النفط و( 14% ) من مستوى الطلب على النفط، ويمثل النفط السعودي ( 63% ) من الواردات الأميركية من نفط الخليج، والنفط العراقي ( 25% ) والكويتي (11% ) والباقي من قطر والإمارات العربية المتحدة[28]. [/FONT]
[FONT="]إضافة لما سبق، فإنّ الإدارة الأميركية تسعى للاستفادة من عمليات إعادة إعمار العراق لتنشيط الاقتصاد الأميركي، وتتعامل مع هذه المسألة باعتبارها " غنيمة حرب "، وتُقدر القيمة الإجمالية لها بحوالي (100) مليار دولار توصف بأنها أكبر عملية إعمار في العالم بعد مشروع مارشال في أوربا بعد الحرب العالمية الثّانية[29]. [/FONT]
[FONT="]وفي واقع الحال، فإنّ مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية العراقية تعاني آثار الدّمار العنيف، وهو ما ينبئ أن مهمة إعادة الإعمار لن تكون بالسّهولة المتوقعة. فعلى صعيد التّعليم هناك (4.5) مليون طفل عراقي تتراوح نسبة الأمية بينهم بين (30-40%)، ويحاول أغلبهم الالتحاق بالعمل لمساعدة أسرهم، وتبلغ نسبة الملتحقين بالتّعليم الأساسي (7%) فقط من إجمالي الأطفال العراقيين[29]. ويعاني الاقتصاد العراقي من ترهل عميق حيث إن متوسط الدّخل القومي لا يتجاوز (15-20%) مقارنةً بالعام 1979م وفي الوقت الّذي كان يتراوح فيه معدل الدّخل الفردي السّنوي (4000-5000) دولار خلال عقد الثمانينات فإنّه لم يتجاوز (1200) دولار لعام 2003م ولاسيما في وسط العراق وجنوبه [31]. كما أنّ هناك حوالي (6.4) مليون عراقي يعانون فقراً حاداً. [/FONT]
[FONT="]إنّ الاحتياجات العراقية تتعدّى الـ(250) مليار دولار – في المتوسط – يعتبر تأمينها تحدّياً اقتصاديا كبيراً نظراً للحقائق التّالية: [/FONT]
[FONT="]1- انهيار إجمالي النّاتج المحلي الحقيقي للعراق إلى (26.1) مليار دولار عام 2002 مقارنةً بـ (53) مليار دولار عام 1980م وهذا عائد إلى تدهور الصّناعة النّفطية، وتضرر الإنتاج الزّراعي والحيواني. [/FONT]
[FONT="]2- انهيار سعر الصّرف غير الرّسمي للدينار العراقي على نحو غير مسبوق من (0.3109) دينار مقابل الدّولار عام 1990م إلى (2000) دينار مقابل الدولار عام 2003م وهذا أدى إلى تفاقم التّضخّم. [/FONT]
[FONT="]3- تدهور المستوى المعيشي للمواطنين، وتراجع مكانة الدّولة إلى المرتبة الأخيرة عربياً والـ(110) عالمياً من أصل (111) دولة على مستوى العالم وفقاً لتقرير التّنمية الإنسانية العربية الصّادر عام 2002 نتيجة لارتفاع معدلات البطالة إلى (70%)، وتدهور معدل دخل الفرد السنوي الحقيقي من (4219) دولار عام 1979 إلى أقل من (1200) دولار في عام 2003، وارتفاع معدل الفقر إلى (80%) وتردي الحالة الصّحية للشعب العراقي[31]. [/FONT]
[FONT="] إنّ إعمار العراق يشكّل قضية شائكة جداً وهو ما يثير التّساؤلات حول مدى قدرة الحكومة العراقية على الاستجابة لتحديات الإعمار خاصةً في ظلِّ الخلافات الّتي تتزايد تعقيداتها وتشابكاتها كلّ يوم، في ظلّ فقدان الأمن والعمليات الحربية الّتي لا تتوقف في مجمل مناطق العراق والّتي تدخل عملية استقرار الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في نفق مظلم لا نهاية له، فالقوة العسكرية الأميركية كسبت الحرب ولكنها لم تكسب السلام والأمن[31].[/FONT].