ملامح جديدة في العلاقات الروسيه المصريه
د/محمد النعماني
تدخل علاقات روسيا مع العالم العربي مرحلة جديدة. وكانت هذه العلاقات في زمن الاتحاد السوفيتي مسيّسة وجرى تقديم الأيديولوجيا على المنفعة الاقتصادية. وواجهت روسيا الجديدة إثر تفكك الاتحاد السوفيتي وفرة من المشاكل التي حولت أنظارها عن العالم العربي. أما الآن فإن روسيا استعادت دورها في الشرق الأوسط وفقا لما قاله الرئيس المصري حسني مبارك الذي بدأ زيارته للعاصمة الروسية.
وأهم ما يميز المرحلة الراهنة إعطاء الأولوية للعلاقات التجارية والاقتصادية. والدليل على ذلك أن الرئيس المصري يلتقي في موسكو، إضافة إلى نظيره الروسي، برئيس الوزراء الروسي ورؤساء عدد من الشركات الروسية الرائدة.
وهناك ملامح جديدة غير معهودة للتعاون بين روسيا ومصر. فقد أنشئ في مصر خط لتجميع وتصنيع سيارات "لادا" الروسية. وتجري محادثات بشأن إقامة منطقة صناعية خاصة لروسيا في مصر. ويتوقع أمين مجلس الأمن الروسي أن تفوز شركات روسية بعقود إنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء في مصر.
ويرافق الرئيس المصري الزائر لموسكو حوالي عشرة وزراء ونواب للوزراء منهم الوزير الذي يتولى مسؤولية ملف الاستثمارات ووزير الإعلام وأيضا مدير جهاز المخابرات.
تعتبر مصر أهم شريك تجاري لروسيا في العالم العربي وإفريقيا. ولقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 400 مليون دولار إلى 3ر1 مليار دولار خلال عامين. ويتزايد حجم رؤوس الأموال الروسية المستثمرة في مصر. ويتزايد عدد السياح الروس الذين يزورون مصر. وتتطلع مصر إلى إقامة منطقة صناعية خاصة لروسيا. وأنشئت في القاهرة في هذا العام جامعة روسية وهي أول جامعة روسية في الشرق الأوسط.
جاء ذلك في مقابلة الرئيس المصري حسني مبارك مع صحيفة "فريميا نوفوستيه" الروسية.
وأكد الرئيس مبارك أن فكر القيادة المصرية اتجه إلى إنشاء محطات نووية لتوليد الكهرباء لأن احتياطيات مصر من النفط، مثلا، ستغطي الطلب خلال 14 عاما فقط. وعما إذا دعت مصر روسيا للمشاركة في إنشاء محطات نووية أجاب الرئيس مبارك: عندما سنبدأ العمل في إنشاء محطة نووية سنطرح مناقصة مفتوحة. وأضاف أن القيادة المصرية لم تنته من بحث هذه الفكرة بعد ولم تتخذ القرار النهائي.
وعن رغبته في اقتناء طائرات قتالية روسية وأسلحة الدفاع الجوي قال إن لا أحد ينكر أن وسائل الدفاع الجوي الروسية تفوق كفاءة ما هو موجود في العالم من هذه الأسلحة. كما أن الطائرات القتالية الروسية جيدة جدا.
وأشار إلى أن مصر لا تنوي مهاجمة أحد ولكن عليها أن تعزز جيشها لكي يقدر على الذود عن حياض الوطن.
وقال الرئيس مبارك الذي كان قائدا للقوات الجوية المصرية إنه تلقى التدريبات في مدينة فرونزه عاصمة جمهورية قيرغيزيا السوفيتية، ثم تلقى العلوم العسكرية في الأكاديمية العسكرية التي تحمل اسم فرونزه (وهو أحد قادة "الجيش الأحمر" في روسيا السوفيتية في مرحلة ما بعد ثورة عام 1917) بموسكو.
وأشار إلى أن العلاقات مع الاتحاد السوفيتي كانت معقدة جدا ولكن الاتحاد السوفيتي كان يعطي مصر الأسلحة عندما لم يكن غيره يعطي مصر شيئا من الأسلحة.
ويرى ا لرئيس المصري حسني مبارك أن روسيا استعادت اهتمامها بمشاكل الشرق الأوسط ونفوذها في الشرق الأوسط بعد أن تضاءل دورها إثر تفكك الاتحاد السوفيتي وأن الرئيس بوتين نشط جدا ويدرك ما يجري في العالم وفي الشرق الأوسط.
وقال في حديث له لصحيفة "فريميا نوفوستيه" الروسية: لم تشهد علاقات مصر مع موسكو تطورا يلفت النظر إبان عهد أنور السادات، ولكن مصر واصلت التعاون مع روسيا، والآن تربطهما علاقات طيبة.
ونفى أن يكون من قتلوا السادات قالوا له (أي مبارك) قبل أن يفتحوا النار أن يبتعد مشيرا إلى أن أنباء من هذا القبيل مختلقة. ولكنه أكد أن السادات كان يشعر بأن شيئا سيحدث وكان يقول له إن عليه (أي مبارك) أن يخلفه.
وأشار الرئيس مبارك إلى أن مصر تمد جسور الصداقة إلى جميع الدول.. روسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي والصين والقوى الكبرى الأخرى.
وحول عملية السلام في الشرق الأوسط قال إن مصر تسعى إلى تحرير جميع الأراضي العربية التي لا تزال إسرائيل تحتلها وإن اتفاقية السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل لم تكن صفقة منفصلة. فلقد أقدمت مصر على توقيع تلك الاتفاقية لتسوية مشكلة سيناء وسعت في ال وقت نفسه إلى أن تشمل عملية السلام الدول الأخرى أيضا التي كانت إسرائيل تحتل أراضيها.
وعما إذا كانت ثمة خطورة في أن تندلع حرب أهلية في فلسطين أجاب الرئيس مبارك: ليس هناك خطورة كهذه. وأضاف أنه ينهمك في حل المشكلة الفلسطينية من خلال تحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، وبعد ذلك يمكن الحديث عن إمكانية إجراء المحادثات مع الإسرائيليين. وأكد أن تسوية المشكلة الفلسطينية ستمهد للتقدم على المسارين السوري واللبناني.
وأكد النائب الأول لوزير النفط المصري شامل حمدي أن مصر تريد التعاون مع روسيا في مجال النفط والغاز مشيرا إلى أن شركة "لوك أويل" الروسية تستخرج نحو 20 ألف برميل من النفط في مصر يوميا. وبدأ الجانب المصري محادثات مع شركة "غاز بروم".
وفي مجال التعاون العسكري الفني هناك قيود غير معلنة فرضها شركاء مصر الغربيون مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم أسلحة إلى مصر كمنحة لا ترد. واتفق الجانبان المصري والروسي، مع ذلك، أثناء زيارة الرئيس بوتين للقاهرة في أبريل 2005 على أن تساعد روسيا مصر على تحديث معدات عسكرية تسلمها المصريون من الاتحاد السوفيتي. وهناك معلوما ت تفيد أن الجانب المصري يبدي اهتماما بوسائل الدفاع الجوي الروسية ومقاتلات "ميغ - 29" وطائرات التدريب "ميغ - أ ت".
وأجرى الرئيس المصري حسني مبارك الذي وصل إلى موسكو يوم أمس في زيارة تستغرق 3 أيام مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين حول شؤون العلاقات الثنائية،
وسبل تطوير التعاون الاقتصادي، والقضايا الدولية المهمة.
ويعلق المحللون السياسيون الروس والمصريون آمالا كبيرة على هذه الزيارة لتطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. كما تأمل أوساط الأعمال الروسية والمصرية في أن تفتح مباحثات الرئيس حسني مبارك مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو آفاقا جديدة لتطوير التعاون التجاري الاقتصادي بين روسيا ومصر.
وترى بعض وسائل الإعلام الروسية أن القاهرة تسعى إلى إعادة التعاون مع روسيا كدولة عظمى إلى سابق عهده. وذكرت صحيفة "كوميرسانت" في عددها الصادر اليوم أن الرئيس المصري حسني مبارك يراهن على فلاديمير بوتين في تحقيق أهدافه. وأشارت إلى أن الزعيم المصري ناشد في تصريح صحفي أدلى به قبل وصوله إلى موسكو الرئيس بوتين البقاء في الحكم لفترة رئاسة ثالثة.
وأكد سفير جمهورية مصر العربية لدى روسيا الاتحادية عزت سعد في مؤتمر صحفي عقده قبيل وصول الرئيس مبارك إلى موسكو على أهمية هذه الزيارة، خاصة وأنها تأتي على خلفية تطور الأحداث في الشرق الأوسط بصورة عارمة "حيث تشهد الأراضي الفلسطينية أعمال شغب في حين يمر العراق بوضع صعب جدا حاليا".
بوتين ومبارك يناقشان القضايا الدولية الأكثر حساسية في العالم
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مستهل مباحثاته مع نظيره المصري حسني مبارك في موسكو اليوم إن لقاء اليوم وفر فرصة لمناقشة مختلف جوانب التعاون الثنائي، والقضايا الدولية الأكثر حساسية. وأضاف أن الجانب الروسي يولي مصر اهتماما كبيرا. وأكد الرئيس بوتين على أن مصر تبقى أحد أهم شركاء روسيا في العالم العربي والإسلامي حيث تعتبر العلاقات مع مصر من أولويات السياسة الخارجية الروسية. وأشار الرئيس بوتين إلى أن العلاقات مع مصر التي وصفها بالشريك التقليدي والقريب جدا لروسيا تتطور "بشكل ارتقائي".
ومن جانبه أكد الرئيس المصري أن القاهرة تسعى لتطوير العلاقات التاريخية مع روسيا.
ومن الجدير بالذكر أن روسيا تثمن الجهود التي تبذلها مصر لإخرا ج عملية السلام من الطريق المسدود، وتنفيذ خطة "خارطة الطريق" للتسوية السلمية في الشرق الأوسط. وقد دعا الرئيس فلاديمير بوتين إلى إشراك دول المنطقة المؤثرة، بما فيها مصر في عمل لجنة الوسطاء الدوليين الأربعة للتسوية في الشرق الأوسط. وأكد على أن الجانبين متفقان على "ضرورة تعزيز فعالية جهود الوسطاء الدوليين". وشدد على أن القيادة المصرية تستطيع لعب دور كبير في إقامة اتصالات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتحقيق الوفاق المطلوب بين الفلسطينيين.
كما تطرق الرئيسان الروسي والمصري في مباحثاتهما اليوم إلى موضوع البرنامج النووي الإيراني، والوضع في العراق، وحول سوريا ولبنان، والنزاع في دارفور. وأكد الرئيس بوتين على أهمية تناغم مواقف البلدين تجاه أغلب المسائل.
أما الرئيس مبارك فقد أعرب عن ارتياحه لتطابق مواقف البلدين تجاه الجهود الرامية لاستئناف العملية السلمية في الشرق الأوسط، وخاصة تحريك المسار الفلسطيني الإسرائيلي.
التعاون الاقتصادي يتميز بأهمية استثنائية في علاقات البلدين
ذكر الرئيس حسني مبارك أن الجانب المصري يسعى بكل جهده إلى تعزيز العلاقات بين مصر وروسي ا، وخاصة في المجال الاقتصادي الذي يتميز بأهمية استثنائية. كما أكد الرئيس المصري الذي التقى صباح اليوم عددا من رجال الأعمال الروس، وناقش معهم مسائل التعاون الثنائي على اهتمام القاهرة بوصول المنتجين الروس إلى مصر.
وقال الرئيس مبارك إن مصر عازمة على إنشاء منطقة اقتصادية (صناعية) حرة ليتمكن رجال الأعمال الروس من العمل فيها بتسهيلات معينة، وتطوير مختلف أنواع الإنتاج، بما في ذلك صناعات الأدوية والنفط والغاز. وقد أكد الرئيس الروسي بدوره على أن الجانبين بحثا اليوم مشروع إنشاء منطقة صناعية روسية خاصة في مصر. وذكر أن روسيا ومصر تعتزمان توسيع التعاون في مجالات الطاقة والنفط والغاز وغزو الفضاء للأغراض السلمية.
وأشار الرئيس بوتين إلى تزايد حجم التبادل التجاري بين البلدين حيث تجاوز في عام 2005 مؤشر 6ر1 مليار دولار. وقال إن حجم التبادل التجاري بين روسيا ومصر ازداد في فترة 8 أشهر من هذا العام بنسبة 52 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2005.
صرح الرئيس فلاديمير بوتين بأن روسيا ومصر تعتزمان توسيع التعاون في مجالات الطاقة والنفط والغاز واستثمار الفضاء للأغراض السلمية.
< BR>وذكر الرئيس بوتين في ختام مباحثاته مع نظيره المصري حسني مبارك في موسكو اليوم أن لقاء اليوم شهد مناقشة مشروع إنشاء منطقة صناعية روسية خاصة في مصر.
ومن جانبه ذكر الرئيس مبارك أن المشاورات أكدت سعي الجانبين إلى تعزيز العلاقات بين مصر وروسيا.
وذكر مدير الوكالة الفيدرالية الروسية للصناعة بوريس اليوشين في ختام مباحثات الرئيسين الروسي والمصري في موسكو اليوم أن خطة إنشاء منطقة صناعية خاصة للمنتجين الروس في مصر ستكون جاهزة في الربع الأول من عام 2007.
وذكر اليوشين أن الجانب المصري سيخصص مساحة كبيرة من الأرض لإقامة هذا المشروع. وأضاف أن الحديث يدور حول قطعة أرض بمساحة مليون متر مربع يستطيع المنتجون والمستثمرون الروس استخدامها لإقامة مشاريع أعمال تعتمد على التكنولوجيا العالية.
التعاون الروسي المصري في مجال الطاقة الذرية
قررت مصر إحياء برنامجها النووي، والاستفادة من ثمار الطاقة الذرية بعد توقف دام سنوات طويلة. وقد أوقفت مصر نشاطها في مجال الطاقة الذرية بعد حادث محطة تشيرنوبيل الكهرذرية. ويرى المراقبون أن مصر تملك المؤهلات والكفاء ات والطاقات العلمية اللازمة للنهوض بمشروع استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.
وكان سفير جمهورية مصر العربية لدى روسيا الاتحادية عزت سعد قد صرح في مؤتمر صحفي عقده في الثلاثين من شهر أكتوبر الماضي بأن الجانب المصري يرحب بالشركات الروسية التي ستعمل في مجال الطاقة في مصر. وذكر أن الرئيس المصري يعتزم بحث مسائل التعاون مع روسيا في مجال تطوير الطاقة الذرية. وأكد عزت سعد أن مصر قررت فعلا استئناف العمل على برنامج استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.
ومن جانب آخر ذكر مدير الوكالة الفيدرالية الروسية للصناعة بوريس اليوشين في حديث للصحفيين اليوم أن روسيا تتمتع بفرص جيدة للفوز بمناقصة بناء محطة كهرذرية في مصر. وأشار إلى أن التعاون بين البلدين (في هذا المجال) يتمتع بآفاق رحبة". وأعاد إلى الأذهان أن مصر قررت التحول إلى استخدام الطاقة الذرية، وبناء 4 محطات كهرذرية كبيرة.
كتب: غينادي غورياتشكين، الباحث في معهد بلدان آسيا وإفريقيا التابع لجامعة موسكو يقول
سبق الاتحاد السوفيتي دول العالم الأخرى إلى الاعتراف بثورة تموز 1952 في مصر وقيام دولة جديدة في هذا البل د. وليس من قبيل المصادفة أن تحمل لوحات سيارات الدبلوماسيين الروس في القاهرة رقم 1.
وبدأ الاتحاد السوفيتي ومصر يتقربان متجاوزين سوء التفاهم. وقرر الجانبان في 23 مارس 1954 رفع تمثيل كل منهما لدى البلد الآخر إلى درجة السفارة.
وانطلق التعاون التجاري بين البلدين في العام نفسه. وقال الرئيس جمال عبد الناصر ردا على سؤال وجهه له أحد الصحفيين الفرنسيين في بداية عام 1954 إن مصر كانت قد بدأت تطور العلاقات مع أوروبا الشرقية. وتم توقيع أول اتفاقية تجارية سوفيتية مصرية في 27 مارس 1954.
http://misralhura.jeeran.com/FREEVOICE/archive/2006/11/113294.html