صواريخ فافوريت اس 300 الروسية تقطع طريق نظيرتها بافار الإيرانية
مقدمة تاريخية:
في بداية الثمانينات من القرن الماضي وبعد مجزرة الطائرات السورية نتيجة الاشتباك مع المقاتلات الإسرائيلية في السماء اللبنانية، والتي تمخض عنها سقوط عشرات الطائرات وإحكام إسرائيل لسيطرتها على الأجواء اللبنانية؛ عندها سارعت سوريا إلى حليفتها السوفيتية روسيا في تلك الحقبة الزمنية، للإيجاد حلول منطقية لفارق القفزة النوعية لتكنولوجيا الطيران الصهيونية، التي أحكمت قبضتها القوية على الدفاعات الجوية الأرضية، وأسلحة القوى الجوية السورية، وزاد الطين بلاً، لمعان نجم طائرة فالكون ف 16 الأمريكية ..
هنا كان الخيار السوفيتي إعطاء سوريا سلاح جامع بين ميزة الطائرات الحيوية وسطوت الصواريخ الأرضية ..
فكان الخيار الأمثل هو تزويد سوريا بما يعرف عند الغرب بصاروخ سام 5 الذي كان معد بروسيا في الستينات للتعامل مع آخر مرحلة من الصواريخ البالستية الأمريكية برؤوس نووية، وصاروخ سام 5 أو اس 200 أنغارا S-200 Angara تشبه بمبدأ عملها طائرات الدورن الكميكازية "الانتحارية" اليوم، وسلمت سوريا في تلك الحقبة منها النموذج 5V11 Dal وهي صواريخ ضخمة طولها أكثر من 16 متر وقطرها يصل إلى المتر، ووزنها أكثر من عشرة أطنان، تشبه بشكلها وأدائها صواريخ سام 2 فولغا S-75 Dvina إلا أن النموذج أنغارا توجيهه شبه نشط أي نصف إيجابي بالمرحلة الأخيرة مثل صاروخ سام 3 بيتشورا S-125 Neva وليس سلبي بتلقي الموجات التوجيه الرادارية الردية من رادارات التوجيه الأرضية، مثل صاروخ فولغا، كان مدى النموذج أنغارا 250 كم وسرعته 2.5 ماخ ويتعامل مع الأهداف الجوية حتى ارتفاع 27 كم، شكل وجود هذه المنظومة رعب للطائرات الإسرائيلية في ذلك الحين، حتى زودت أمريكا إسرائيل بحواضن تشويش مناسبة للتشويش على رادارات هذه المنظومة، إضافة إلى أنها كانت صواريخ ضخمة على قواعد ثابتة يسهل كشفها وتدميرها من قبل طائرات الاختراق الإخمادية SEAD ذات التحليق المنخفض الذي لا تكشفه رادارات هذه المنظومة الصاروخية في ظل تشويش إلكتروني مناسب مع إمكانية اصطياد هذا الصاروخ بعد انطلاقه جواً بصواريخ جو جو ذات توجيه راداري مثل سبارو "السنونو" الأمريكية أو الحرارية أمثال الموجه العجيب "سيايدويندر" والجيل الأول من النظير الإسرائيلي بايثون ذو الأصول الإفريقية ..
لذى قررت القيادة السورية تحويل منظومة أنغارا الجيل الأول من اس 200 الذي يصنف بتصنيف V-400 إلى صواريخ بالستية أرض - أرض!، بمدى يصل إلى 450 كم ..
وتم استبداله بالنموذج الأصغر v-860/5v21 الذي يبلغ طوله نحو 10 أمتار ومتوسط قطره 0.8 متر الذي مداه الأدنى 17 كم وهو ما جعل له فرصة بالاشتباك المبكر مقارنة مع المتأخر السابق من بعد أدناه 100 كم، وأعلى مدى لهذا الجديد هو 180 كم وحتى ارتفاع 20 كم، ولا يعتمد على مبدأ توجيه الطائرات المسيرة "الدورن" بالإشارة اللاسلكية وإنما بالبرمجية المسارية بالقصور الذاتي حتى المرحلة الأخيرة التي تكون نصف نشطة براداره الإيجابي، والذي يمكن تعديله بشكل مبكر بدون برمجة القصور الذاتي ..
وهو ما أعاد النجومية لهذه المنظومة من جديد، وحفاظاً على هذه اللماعية أو لنقل استمرارية هذا الصاروخ العملية، اشترت سوريا منه النموذج الأحدث S-200V Dubna الذي مداه ما بين 7 كم إلى 240 كم وسرعته 3 ماخ، وحتى ارتفاع 27 كم، والذي تميز بمرحلة ثالثة بمرحلة التوجيه الذاتي للدفع الذاتي بعد المرحلة الأولى والثانية بالوقود الصلد، وهو ما يقلل بصمته الرادارية ويزيد سرعة اندفاعه ويقلل رادات فعل الطائرات الإسرائيلية؛ لكن إسرائيل وجد له حل بواسطة الأشركة الخداعية الجاذبة، مما دفع سوريا لجلب النموذج الذي أسقط طائرة الاستطلاع الروسية اليوشين 20، وهو S-200M Vega الذي يتراوح مداه ما بين 80 كم إلى 300 كم بسرعة 3.5 ماخ وحتى ارتفاع 29 كم ..
وهذا الأخير دعُم باحثه الرادارية الذاتي، بمستشعر حراري لزيادة الدقة ودعم مع نظام الملاحة البالستية بالقصور الذاتي بمصحح مسار لا سلكي حتى مرحلة التحول إلى الحالة الآلية، لذلك شككت الأوساط المحللة الخارجية، أنه هو الذي أسقط طائرة صوفا ف 16 الإسرائيلية، ولأن له ميزة أخرى وهي أنه تم مضاعفة رأسه الحربية بشحنة تفجير مفرطة التأثير انشطارية، بقوة الضغط الحرارية، وبوزن أربعة أضعاف رأسه الأصلية ليغطي تأثيره كرة فراغية بقطر 5 كم بعد الدعم بالكرات الانشطارية المعدنية ..
ولولا تسريبات من قِبل أوساط عسكرية مطلعة من الدفاعات السورية بأن من أسقط الصوفا الإسرائيلية هي صواريخ بيتشورا 2 المتطورة الذكية، للانضممت بفكري التحليلي القاصر إلى قافلة المحللين بأن صاروخ فيغا اس 200 V-880N/5V28 من أسقط الطائرة، مع شكوك أن من أسقطها وأعطب أختها صاروخين من نوع Sayyad 4 الإيرانية ..
والسبب أن النموذج أم من اس 200 أو صاروخ فيغا لو انفجر في منطقة بين الطائرتين لأسقط الطائرتين بسبب قطر تأثيره الهائل لأن الأسراب الإسرائيلية عادتاً تكون في بداية ونهاية عملياتها متقاربة بالطيران ولو حاولت التباعد كمناورة نجاة فإنها حينها سوف تخرج عن نقطة التأثير ولا تتعرض للعطب كما حدث إلا أن تكون الطائرات تعرضت لأكثر من صاروخ من نوع فيغا كما شاع عن الأوساط الإعلامية ..
أما لماذا الشك بأن تكون الصواريخ خرجت من مطار حماة العسكري من منظومة بافار 373 الإيرانية، فالجواب لأن العملية حينئذ كانت طعم لإثارة الطياران الإسرائيلي بالطائرة الاستطلاعية المسيرة الإيرانية مهاجر أو شاهد، إضافة إلى أن طائرات متخصصة بإخماد الدفاعات الجوية المعادية SEAD Suppression of Enemy Air Defenses من فئة راعام "الرعد" F-15i Ra,am الإسرائيلية تعرضت لصواريخ Sayyad 4وأدى ذلك إلى إعطاب أحد تلك الطائرات وإلغاء المهمة الهجومية الانتقامية ..
إضافة إلى أن هذا النموذج الإيراني الحديث كان هدف رئيسي بعد ذلك للطائرات الضاربة الإسرائيلية ..
فهذا الصاروخ مطور عن الصاروخ الصيني HQ-9 بجهود مشتركة صينية إيرانية وبمدى مضاعف عن نظيره الصيني إذ يبلغ مداه 300 كم ويعتمد في بداية الأمر على إطلاقه وفق برمجة مسارية، بنظام القصور الذاتي الذاتية، ومن ثم إشارات تصحيحيه لاسلكية حتى يصل إلى منطقة الهدف فيعمل حينها على توجيه راداري إيجابي مثل صاروخ فيغا ولكن بسرعة أكبر تصل إلى خمسة أضعاف سرعة الصوت 5 ماخ ..
لذلك بإمكان المنظومة إطلاق عشرة صواريخ دفعة واحد ضد عشرة أهداف جوية يتم مفاضلتها من قبل قواعد الاشتباك الرادارية الأرضية من أصل مائة هدف يكشفها الرادار ويتابعها، فهو إن صح التعبير يصلح أن يكون محل فافوريت اس 300، شرط أن تكتمل تجاربه العملية وتطويراته التقنية ..
خطورة منظومة بافار الإيرانية:
في عشية يوم الخميس الموافق للسابع عشر من شهر الخامس وهو أيار مايو من عام 2018 ميلادية وفي وضح النهار قامت طائرة من نوع الشبح الجبار الإسرائيلية أدير F-35i Adir الخفية بضرب منظومة بافار 373 الإيرانية، والتي كانت في وضعية التأهب القتالية، مستخدمة وأعني هذه المرة أدير قنابل الأقطار الصغيرة الشبه خفية GBU-39 SDB وتدمير مستودعات ضخمة كان يعتقد أن فيها أيضا منظومات بافار الإيرانية وكان مجموع القنابل في العملية ثمانية وهي طاقة أدير بالحمولة الداخلية، فقد أطلقتها طائرات أدير الشبحية من بعد أكثر من 100 كم والقنبلة الواحدة كانت تحول حوالي 100 كغ من مواد فرط تدميرية فائقة التفجير مع قدرة عالية بإصدار موجة الصدم الضاغط الحرارية ..
ظن الإيرانيون أن وجود منظومتهم الصاروخية الحديث بافار 373 في مطار حماة العسكري سوف يجعلها بمنأى على نيران غارات الطائرات الإسرائيلية لأسباب أولها تاريخية فهذا المطار العسكري ذو التصميم الألماني كان عصي حتى تاريخ تلك الضربة عن أي ضربة جوية إسرائيلية حتى أثناء حرب تشرين أكتوبر التحريرية عام 1973 ميلادية، كما أنه كان منيع بدفاعاته الذاتية فقد جهز فيما جهز بمنظومة بافار 373 الإيرانية المكونة من منصات الإطلاق ذات حواضن ساخنة لتطلق صواريخ صياد من فئة Sayyad 3 وصاروخ Sayyad 4 إضافة لمنظومات أو مجموعات حماية خارجية منها مجموعتين أو منظومتين من نوع بيتشورا 2 ام Pechora 2 M ومنظومة أو مجموعة صواريخ بوك ام 2 Buk –M2 وهي تعتبر صواريخ حديثة وفعالة إضافة إلى منصتين من صائدات الصواريخ داخلية من نوع بانتسير اس 1 Panitsir S1 ..
إلا أن إسرائيل وفي وضح النهار أرسلت أدير العصية بعد أن تأكد لهم كفاءتها الشبحية ونجاح تحليقها من قبل فوق الأراضي الإيرانية وضربها في سوريا من قبل أهداف عسكرية، حيث تخطت بطريق استهدافها لمطار حماة نحو أكثر من ثلاثين رادار متنوع المصدر والتخصص بميزاتها التسللية الشبحية، وبتحليق مرتفع وصامت لترسل قنابلها الذكية الخفية من مسافة قد تزيد عن 100 كم لتهبط تلك الذخائر بالهدوء الذي يسبق العاصفة على أهدافها الإيرانية ..
أي نعم دمرت إسرائيل مجموعات بافار الصاروخية في سورية بعد أن جربت إيران منظومتها الصاروخية الجديدة من فئة صياد وتبين أن نسبة إصابة الطراز المطور الرابع من صياد Sayyad هو 85 % ضد الأهداف عند الحد الأقصى للمدى وأنها تفتقر لنظام مقاومة فعال ضد الإجراءات المضادة الإلكترونية فالصين التي ساعدتها في التطويرات البنيوية والهيكلية والإلكترونية للجيل الأخير من صواريخ صياد، لم تعطها نظام التشفير الخاص بصواريخها لأنها خصوصية عسكرية سرية وجوهرية لاستمرار الفاعلية في ظل التطور الدائم لأساليب الحرب الإلكترونية، ولم تستطع أن تأخذ نظام الحماية والتشفير الموجود في صاروخ RN-06 المعادل الكوري الشمالي لمنظومة اس 300، فعمدت هذه الأخيرة إلى جهودها المحلية الإيرانية العلمية، حتى استعانت هذه الأخيرة بجهود البحوث العلمية السورية وحتى العراقية ..
وعلى ما يبدو أنه في نهاية الأمر حلت هذه المعضلة، ولأسباب سياسية، أكثر منها أن تكون عسكرية قررت وزارة الدفاع الإيرانية نشر منظومة بافار 373 الدفاعية في الأراضي السورية، بحيث تعيد هيبتها هناك بعد أن سلبت الكثير منها القيادة الروسية ..
الخطة الإيرانية:
من المتعارف عليه أن إسرائيل أصبحت تمتلك سيادة جوية حقيقية وبموافقة روسية شرط أن يكون برنامج استهداف طائراتها المغيرة هو الأنظمة الصاروخية الإيرانية الدفاعية والهجومية فروسيا لا ترتضي الوجود الإيراني في سوريا لأن إيران منافس السيادة الأكبر على تلك البقعة الاستراتيجية العربية، ولا تستطيع أن تواجهها بذلك لأن إيران قد تسبب لروسيا نكبة اقتصادية ..
لذلك ما كان لها إلا أن تحد من مساحة السيطرة الإيرانية بالعصا الإسرائيلية، ومنه نفهم أن منع نشر منظومات صاروخية دفاعية ذات ذراع طويلة وقوية في السيطرة على السماء السورية، هي رغبة روسية إسرائيلية ..
لذلك ليس مستبعد أن يكون مخطط استهداف مكونات منظومة بافار 373 الإيرانية في مطار مزة كان مشترك بين الاستخبارات الروسية والإسرائيلية ..
وحتى على مستوى كشف الخطط الاحتياطية الإيرانية، بإنشاء ورشات محلية سورية لتجميع صواريخ الصياد والرادارات الخاصة بمنظومة بافار أو باور وتصنيع مكونتاها الداخلية وإدخال برمجتها التشفيرية، إلا أن المفاجأة التي فاجأت الروس هو سرعة ردة الفعل الإسرائيلية، بعد أن تأكدت من خلال خلية عملائها السرية، ومعلومات استخباراتها الإلكترونية، من صحة المعلومات الروسية، فسارعت على ما يبدو نتيجة تخوفها من أي إجراءات وقائية إيرانية، إلى ضرب هذه المواقع من جهة غير متوقعة ومن أبعاد آمنه وخفية وبأسلحة شبحية، أدت إلى اضطراب بردود الأفعال السورية الدفاعية نتج عنه سقوط طائرة الاستطلاع الروسية ..
إنما هذا الأمر أوحى للسلطان الروسية [إن لم تكن قد خططت من قبل] بفكرة قطع الطريق على إيران بفرض الهيمنة الجوية بقدراتها الصاروخية من خلال إيجاد هيمنة موازية بالفكرة مع الأفضلية بالقدرة والحداثة التقنية الميكانيكية والإلكترونية، فكان ذلك بخلق ذريعة لنشر منظومة فافوريت اس 300 S-300PMU2 ذات الثورة التكنولوجية مقارنة مع المنظومة المحدثة الإيرانية، فوضعت أول بصمة عملية بإحكام القبضة على سوريا من خلال إحلال سيطرة الجوية بالمضادات الأرضية إضافة إلى هيمنة القوة الجوية الروسية ..
وبذلك تكون قطعت روسيا الطريق على إيران بإحكام وتأمين وجودها، وأمنت موقعها الاستراتيجية ضد المطامع الغربية، بل وقطعت دابر نوايا التهديد بالضربات الصاروخية الأمريكية والأوربية وربما الإسرائيلية إلا عن الأهداف الإيرانية ..
مقدمة تاريخية:
في بداية الثمانينات من القرن الماضي وبعد مجزرة الطائرات السورية نتيجة الاشتباك مع المقاتلات الإسرائيلية في السماء اللبنانية، والتي تمخض عنها سقوط عشرات الطائرات وإحكام إسرائيل لسيطرتها على الأجواء اللبنانية؛ عندها سارعت سوريا إلى حليفتها السوفيتية روسيا في تلك الحقبة الزمنية، للإيجاد حلول منطقية لفارق القفزة النوعية لتكنولوجيا الطيران الصهيونية، التي أحكمت قبضتها القوية على الدفاعات الجوية الأرضية، وأسلحة القوى الجوية السورية، وزاد الطين بلاً، لمعان نجم طائرة فالكون ف 16 الأمريكية ..
هنا كان الخيار السوفيتي إعطاء سوريا سلاح جامع بين ميزة الطائرات الحيوية وسطوت الصواريخ الأرضية ..
فكان الخيار الأمثل هو تزويد سوريا بما يعرف عند الغرب بصاروخ سام 5 الذي كان معد بروسيا في الستينات للتعامل مع آخر مرحلة من الصواريخ البالستية الأمريكية برؤوس نووية، وصاروخ سام 5 أو اس 200 أنغارا S-200 Angara تشبه بمبدأ عملها طائرات الدورن الكميكازية "الانتحارية" اليوم، وسلمت سوريا في تلك الحقبة منها النموذج 5V11 Dal وهي صواريخ ضخمة طولها أكثر من 16 متر وقطرها يصل إلى المتر، ووزنها أكثر من عشرة أطنان، تشبه بشكلها وأدائها صواريخ سام 2 فولغا S-75 Dvina إلا أن النموذج أنغارا توجيهه شبه نشط أي نصف إيجابي بالمرحلة الأخيرة مثل صاروخ سام 3 بيتشورا S-125 Neva وليس سلبي بتلقي الموجات التوجيه الرادارية الردية من رادارات التوجيه الأرضية، مثل صاروخ فولغا، كان مدى النموذج أنغارا 250 كم وسرعته 2.5 ماخ ويتعامل مع الأهداف الجوية حتى ارتفاع 27 كم، شكل وجود هذه المنظومة رعب للطائرات الإسرائيلية في ذلك الحين، حتى زودت أمريكا إسرائيل بحواضن تشويش مناسبة للتشويش على رادارات هذه المنظومة، إضافة إلى أنها كانت صواريخ ضخمة على قواعد ثابتة يسهل كشفها وتدميرها من قبل طائرات الاختراق الإخمادية SEAD ذات التحليق المنخفض الذي لا تكشفه رادارات هذه المنظومة الصاروخية في ظل تشويش إلكتروني مناسب مع إمكانية اصطياد هذا الصاروخ بعد انطلاقه جواً بصواريخ جو جو ذات توجيه راداري مثل سبارو "السنونو" الأمريكية أو الحرارية أمثال الموجه العجيب "سيايدويندر" والجيل الأول من النظير الإسرائيلي بايثون ذو الأصول الإفريقية ..
لذى قررت القيادة السورية تحويل منظومة أنغارا الجيل الأول من اس 200 الذي يصنف بتصنيف V-400 إلى صواريخ بالستية أرض - أرض!، بمدى يصل إلى 450 كم ..
وتم استبداله بالنموذج الأصغر v-860/5v21 الذي يبلغ طوله نحو 10 أمتار ومتوسط قطره 0.8 متر الذي مداه الأدنى 17 كم وهو ما جعل له فرصة بالاشتباك المبكر مقارنة مع المتأخر السابق من بعد أدناه 100 كم، وأعلى مدى لهذا الجديد هو 180 كم وحتى ارتفاع 20 كم، ولا يعتمد على مبدأ توجيه الطائرات المسيرة "الدورن" بالإشارة اللاسلكية وإنما بالبرمجية المسارية بالقصور الذاتي حتى المرحلة الأخيرة التي تكون نصف نشطة براداره الإيجابي، والذي يمكن تعديله بشكل مبكر بدون برمجة القصور الذاتي ..
وهو ما أعاد النجومية لهذه المنظومة من جديد، وحفاظاً على هذه اللماعية أو لنقل استمرارية هذا الصاروخ العملية، اشترت سوريا منه النموذج الأحدث S-200V Dubna الذي مداه ما بين 7 كم إلى 240 كم وسرعته 3 ماخ، وحتى ارتفاع 27 كم، والذي تميز بمرحلة ثالثة بمرحلة التوجيه الذاتي للدفع الذاتي بعد المرحلة الأولى والثانية بالوقود الصلد، وهو ما يقلل بصمته الرادارية ويزيد سرعة اندفاعه ويقلل رادات فعل الطائرات الإسرائيلية؛ لكن إسرائيل وجد له حل بواسطة الأشركة الخداعية الجاذبة، مما دفع سوريا لجلب النموذج الذي أسقط طائرة الاستطلاع الروسية اليوشين 20، وهو S-200M Vega الذي يتراوح مداه ما بين 80 كم إلى 300 كم بسرعة 3.5 ماخ وحتى ارتفاع 29 كم ..
وهذا الأخير دعُم باحثه الرادارية الذاتي، بمستشعر حراري لزيادة الدقة ودعم مع نظام الملاحة البالستية بالقصور الذاتي بمصحح مسار لا سلكي حتى مرحلة التحول إلى الحالة الآلية، لذلك شككت الأوساط المحللة الخارجية، أنه هو الذي أسقط طائرة صوفا ف 16 الإسرائيلية، ولأن له ميزة أخرى وهي أنه تم مضاعفة رأسه الحربية بشحنة تفجير مفرطة التأثير انشطارية، بقوة الضغط الحرارية، وبوزن أربعة أضعاف رأسه الأصلية ليغطي تأثيره كرة فراغية بقطر 5 كم بعد الدعم بالكرات الانشطارية المعدنية ..
ولولا تسريبات من قِبل أوساط عسكرية مطلعة من الدفاعات السورية بأن من أسقط الصوفا الإسرائيلية هي صواريخ بيتشورا 2 المتطورة الذكية، للانضممت بفكري التحليلي القاصر إلى قافلة المحللين بأن صاروخ فيغا اس 200 V-880N/5V28 من أسقط الطائرة، مع شكوك أن من أسقطها وأعطب أختها صاروخين من نوع Sayyad 4 الإيرانية ..
والسبب أن النموذج أم من اس 200 أو صاروخ فيغا لو انفجر في منطقة بين الطائرتين لأسقط الطائرتين بسبب قطر تأثيره الهائل لأن الأسراب الإسرائيلية عادتاً تكون في بداية ونهاية عملياتها متقاربة بالطيران ولو حاولت التباعد كمناورة نجاة فإنها حينها سوف تخرج عن نقطة التأثير ولا تتعرض للعطب كما حدث إلا أن تكون الطائرات تعرضت لأكثر من صاروخ من نوع فيغا كما شاع عن الأوساط الإعلامية ..
أما لماذا الشك بأن تكون الصواريخ خرجت من مطار حماة العسكري من منظومة بافار 373 الإيرانية، فالجواب لأن العملية حينئذ كانت طعم لإثارة الطياران الإسرائيلي بالطائرة الاستطلاعية المسيرة الإيرانية مهاجر أو شاهد، إضافة إلى أن طائرات متخصصة بإخماد الدفاعات الجوية المعادية SEAD Suppression of Enemy Air Defenses من فئة راعام "الرعد" F-15i Ra,am الإسرائيلية تعرضت لصواريخ Sayyad 4وأدى ذلك إلى إعطاب أحد تلك الطائرات وإلغاء المهمة الهجومية الانتقامية ..
إضافة إلى أن هذا النموذج الإيراني الحديث كان هدف رئيسي بعد ذلك للطائرات الضاربة الإسرائيلية ..
فهذا الصاروخ مطور عن الصاروخ الصيني HQ-9 بجهود مشتركة صينية إيرانية وبمدى مضاعف عن نظيره الصيني إذ يبلغ مداه 300 كم ويعتمد في بداية الأمر على إطلاقه وفق برمجة مسارية، بنظام القصور الذاتي الذاتية، ومن ثم إشارات تصحيحيه لاسلكية حتى يصل إلى منطقة الهدف فيعمل حينها على توجيه راداري إيجابي مثل صاروخ فيغا ولكن بسرعة أكبر تصل إلى خمسة أضعاف سرعة الصوت 5 ماخ ..
لذلك بإمكان المنظومة إطلاق عشرة صواريخ دفعة واحد ضد عشرة أهداف جوية يتم مفاضلتها من قبل قواعد الاشتباك الرادارية الأرضية من أصل مائة هدف يكشفها الرادار ويتابعها، فهو إن صح التعبير يصلح أن يكون محل فافوريت اس 300، شرط أن تكتمل تجاربه العملية وتطويراته التقنية ..
خطورة منظومة بافار الإيرانية:
في عشية يوم الخميس الموافق للسابع عشر من شهر الخامس وهو أيار مايو من عام 2018 ميلادية وفي وضح النهار قامت طائرة من نوع الشبح الجبار الإسرائيلية أدير F-35i Adir الخفية بضرب منظومة بافار 373 الإيرانية، والتي كانت في وضعية التأهب القتالية، مستخدمة وأعني هذه المرة أدير قنابل الأقطار الصغيرة الشبه خفية GBU-39 SDB وتدمير مستودعات ضخمة كان يعتقد أن فيها أيضا منظومات بافار الإيرانية وكان مجموع القنابل في العملية ثمانية وهي طاقة أدير بالحمولة الداخلية، فقد أطلقتها طائرات أدير الشبحية من بعد أكثر من 100 كم والقنبلة الواحدة كانت تحول حوالي 100 كغ من مواد فرط تدميرية فائقة التفجير مع قدرة عالية بإصدار موجة الصدم الضاغط الحرارية ..
ظن الإيرانيون أن وجود منظومتهم الصاروخية الحديث بافار 373 في مطار حماة العسكري سوف يجعلها بمنأى على نيران غارات الطائرات الإسرائيلية لأسباب أولها تاريخية فهذا المطار العسكري ذو التصميم الألماني كان عصي حتى تاريخ تلك الضربة عن أي ضربة جوية إسرائيلية حتى أثناء حرب تشرين أكتوبر التحريرية عام 1973 ميلادية، كما أنه كان منيع بدفاعاته الذاتية فقد جهز فيما جهز بمنظومة بافار 373 الإيرانية المكونة من منصات الإطلاق ذات حواضن ساخنة لتطلق صواريخ صياد من فئة Sayyad 3 وصاروخ Sayyad 4 إضافة لمنظومات أو مجموعات حماية خارجية منها مجموعتين أو منظومتين من نوع بيتشورا 2 ام Pechora 2 M ومنظومة أو مجموعة صواريخ بوك ام 2 Buk –M2 وهي تعتبر صواريخ حديثة وفعالة إضافة إلى منصتين من صائدات الصواريخ داخلية من نوع بانتسير اس 1 Panitsir S1 ..
إلا أن إسرائيل وفي وضح النهار أرسلت أدير العصية بعد أن تأكد لهم كفاءتها الشبحية ونجاح تحليقها من قبل فوق الأراضي الإيرانية وضربها في سوريا من قبل أهداف عسكرية، حيث تخطت بطريق استهدافها لمطار حماة نحو أكثر من ثلاثين رادار متنوع المصدر والتخصص بميزاتها التسللية الشبحية، وبتحليق مرتفع وصامت لترسل قنابلها الذكية الخفية من مسافة قد تزيد عن 100 كم لتهبط تلك الذخائر بالهدوء الذي يسبق العاصفة على أهدافها الإيرانية ..
أي نعم دمرت إسرائيل مجموعات بافار الصاروخية في سورية بعد أن جربت إيران منظومتها الصاروخية الجديدة من فئة صياد وتبين أن نسبة إصابة الطراز المطور الرابع من صياد Sayyad هو 85 % ضد الأهداف عند الحد الأقصى للمدى وأنها تفتقر لنظام مقاومة فعال ضد الإجراءات المضادة الإلكترونية فالصين التي ساعدتها في التطويرات البنيوية والهيكلية والإلكترونية للجيل الأخير من صواريخ صياد، لم تعطها نظام التشفير الخاص بصواريخها لأنها خصوصية عسكرية سرية وجوهرية لاستمرار الفاعلية في ظل التطور الدائم لأساليب الحرب الإلكترونية، ولم تستطع أن تأخذ نظام الحماية والتشفير الموجود في صاروخ RN-06 المعادل الكوري الشمالي لمنظومة اس 300، فعمدت هذه الأخيرة إلى جهودها المحلية الإيرانية العلمية، حتى استعانت هذه الأخيرة بجهود البحوث العلمية السورية وحتى العراقية ..
وعلى ما يبدو أنه في نهاية الأمر حلت هذه المعضلة، ولأسباب سياسية، أكثر منها أن تكون عسكرية قررت وزارة الدفاع الإيرانية نشر منظومة بافار 373 الدفاعية في الأراضي السورية، بحيث تعيد هيبتها هناك بعد أن سلبت الكثير منها القيادة الروسية ..
الخطة الإيرانية:
من المتعارف عليه أن إسرائيل أصبحت تمتلك سيادة جوية حقيقية وبموافقة روسية شرط أن يكون برنامج استهداف طائراتها المغيرة هو الأنظمة الصاروخية الإيرانية الدفاعية والهجومية فروسيا لا ترتضي الوجود الإيراني في سوريا لأن إيران منافس السيادة الأكبر على تلك البقعة الاستراتيجية العربية، ولا تستطيع أن تواجهها بذلك لأن إيران قد تسبب لروسيا نكبة اقتصادية ..
لذلك ما كان لها إلا أن تحد من مساحة السيطرة الإيرانية بالعصا الإسرائيلية، ومنه نفهم أن منع نشر منظومات صاروخية دفاعية ذات ذراع طويلة وقوية في السيطرة على السماء السورية، هي رغبة روسية إسرائيلية ..
لذلك ليس مستبعد أن يكون مخطط استهداف مكونات منظومة بافار 373 الإيرانية في مطار مزة كان مشترك بين الاستخبارات الروسية والإسرائيلية ..
وحتى على مستوى كشف الخطط الاحتياطية الإيرانية، بإنشاء ورشات محلية سورية لتجميع صواريخ الصياد والرادارات الخاصة بمنظومة بافار أو باور وتصنيع مكونتاها الداخلية وإدخال برمجتها التشفيرية، إلا أن المفاجأة التي فاجأت الروس هو سرعة ردة الفعل الإسرائيلية، بعد أن تأكدت من خلال خلية عملائها السرية، ومعلومات استخباراتها الإلكترونية، من صحة المعلومات الروسية، فسارعت على ما يبدو نتيجة تخوفها من أي إجراءات وقائية إيرانية، إلى ضرب هذه المواقع من جهة غير متوقعة ومن أبعاد آمنه وخفية وبأسلحة شبحية، أدت إلى اضطراب بردود الأفعال السورية الدفاعية نتج عنه سقوط طائرة الاستطلاع الروسية ..
إنما هذا الأمر أوحى للسلطان الروسية [إن لم تكن قد خططت من قبل] بفكرة قطع الطريق على إيران بفرض الهيمنة الجوية بقدراتها الصاروخية من خلال إيجاد هيمنة موازية بالفكرة مع الأفضلية بالقدرة والحداثة التقنية الميكانيكية والإلكترونية، فكان ذلك بخلق ذريعة لنشر منظومة فافوريت اس 300 S-300PMU2 ذات الثورة التكنولوجية مقارنة مع المنظومة المحدثة الإيرانية، فوضعت أول بصمة عملية بإحكام القبضة على سوريا من خلال إحلال سيطرة الجوية بالمضادات الأرضية إضافة إلى هيمنة القوة الجوية الروسية ..
وبذلك تكون قطعت روسيا الطريق على إيران بإحكام وتأمين وجودها، وأمنت موقعها الاستراتيجية ضد المطامع الغربية، بل وقطعت دابر نوايا التهديد بالضربات الصاروخية الأمريكية والأوربية وربما الإسرائيلية إلا عن الأهداف الإيرانية ..