(ترامب المدمر المثالي للحضارات ... ومدمر العالم)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد ...
حتى نستطيع تفهم طبيعة الحضارات وطبيعة تعاقبها على كوكب الأرض كان لي مصطلح نحته منذ 10 سنوات أسميته وقتها "الدورات الحضارية" وانتشر المصطلح بشدة .. والمصطلح يسعى لمعالجة وبحث كيفية نشوء الحضارات واندثارها وتعاقب بعضها على بعض.
بشكل مبسط جدا فإن الحضارات تقوم في الأساس على النموذج "العقائدي" أو لنقل النموذج "التنظيري" أيا ما كان ما هو النموذج "التنظيري".
والنموذج التنظيري هنا ترمز بالمختصر إلى النموذج الثقافي الديني أيا كانت طبيعة الثقافة أو الدين وهما بمعنى قريب جدا ولكن بعض الحضارات لا ترغب بتقارب المعنى هذا بينهما لأسباب متعددة خاصة بها لذلك أستخدمهما معا للتعبير بشكل جامع ومفهوم بسهولة لكل الاتجاهات الحضارية المختلفة شرقا أو غربا.
كل الحضارات البشرية السابقة قامت في جوهرها على نموذج ثقافي أو ديني من نوع ما ولا نكاد نجد حضارة بشرية اختلفت عن ذلك عبر التاريخ.
حضارة المصرية القديمة ... حضارات العراق القديم .. الصين القديمة .. الاغريقية .. الرومانية .. الفايكنج .. الهند القديمة .. فارس ... حضارة المايا .. اليهودية .. الإسلام .. المسيحية ... بقية الأديان الوضعية التي أسست نماذج حضارية متعددة لها مثل نماذج شرق أسيا الكثيرة المتعددة.
كل تلك الحضارات وغيرها كثير قامت في الأساس في جوهرها على نموذج ثقافي أو نموذج ديني وسيكاد يكون شبه مستحيل أن تجد حضارة شذت عن ذلك وإن وجدت بعض الأمثلة الشاذة جدا ستجدها أيضا محدودة جدا في رقعتها الجغرافية وكذلك محدودة جدا في عمرها وزمن بقاءها.
الحضارة الغربية المعاصرة لا تختلف عن الحضارات السابقة حيث تقوم على الأساس الثقافي الديني .. والحضارة الغربية المعاصرة تبلورت وتجسدت وتمثلت أكثر ما يكون في النموذج الأمريكي الذي أصبح النموذج المهيمن على الحضارة الغربية نفسها ومن خلالها أصبح المهيمن على معظم العالم المعاصر.
هل تعلم ما سبب هزيمة الاتحاد السوفيتي الأساسية؟!
سؤال بحث عنه العالم كله شرقه وغربه وكانت الإجابات دائما غير مكتملة وغير تامة.
الإجابة التي اختصرتها أنا بفضل الله تعالى بالغة الوضوح والبساطة ... وهي أن الاتحاد السوفيتي تمت هزيمته ثقافيا فتعددت أثار تلك الهزيمة الثقافية وأولها هزيمة نفسية وحالة شبه انقياد ذهني وثقافي خضع للنموذج الحضاري الغربي ودخل مراحل الصراع المتأخرة من زاوية الانقياد لمسارات النموذج الغربي مثل الانفتاح والبروليتاريا ونحوها من أمور تابعة للهزيمة الثقافية أمام الغرب ... الاتحاد السوفيتي فقد السيطرة الذهنية على ذاته ... فقد قدرته على تطوير نموذج حضاري متكامل خاص به قادر على الحياة وذلك نتيجة للصراع الثقافي مع آلة الغرب الإعلامية والثقافية.
فقدان زمام القيادة الذهنية والانقياد الذهني للعدو لابد وأن ينتج عنه قيادات مخترقة للنخاع واخفاقات كارثية تهوي بالنموذج الحضاري نفسه وتفتقد قدرة التطوير الثقافي للنموذج الحضاري وتعطيه قابليته للحياة والاستمرار.
بالعودة إلى مسألة أمريكا وترامب ... سنجد أن أمريكا هي جوهرة التاج للنموذج الحضاري الغربي المعاصر.
ترامب لن يقود أمريكا للهيمنة لعقود قادمة .... ترامب سيقود أمريكا لنهاية أسوأ بكثير من نسميها نهاية "كارثية"
كما بينت باختصار شديد جدا ... فالحضارات في جوهرها تقوم بشكل أساسي على قابلية النموذج الثقافي للحياة والاستمرارية .
أعطيك مثال آخر هام جدا جدا جدا ... طرأ على ذهني للتو.
من عادة المهزوم عسكريا أن يكون مولعا بشدة بالانقياد والتقليد للطرف الغالب المنتصر ... في حالة الغزو التتري للإسلام نجح التتار بأول الأمر في تحقيق هزيمة عسكرية ساحقة لجغرافيا الإسلام في أواسط أسيا وفارس والعراق والشام حتى وصلوا حدود أفريقيا ... من السائد في مثل هذه الحالات أن تتغلب ثقافة الغازي على ثقافة البلد المحتل .. ولكن قوة الإسلام الحضارية والثقافية شديدة التماسك أدت للعكس تماما وبرغم إن الإسلام شبه مهزوم عسكريا أمام التتار ولكن التتار أنفسهم هم من بدأوا يدخلون الإسلام وينقادون تدريجيا لحضارته وشريعته وثقافته ... هذا المثال هام جدا جدا لأنه يظهر لك أهمية ومحورية الدور الحاسم للثقافة أو الدين في قابلية أي حضارة للاستمرار والحياة.
بالعودة ثانية إلى موضوع أمريكا ... دعني أختصر الأمر بشدة ... النموذج الحضاري الأمريكي الذي يحظى بهيمنة وسيطرة على العالم حاليا في جوهره مثله مثل أي حضارة آخرى مهيمنة يقوم في الأساس على "التنظير" أو على النموذج الثقافي الديني الذي يقدمه ..
ترامب وإن كان يدعم ويزيد نسبيا في قوة أمريكا العسكرية على المدى القصير والمتوسط إلا إنه يدمر نموذجها الحضاري بالكامل ومن أعمق جذوره.
تخيل لو أراد كل أعداء أمريكا تدمير مصداقية آلة القوة الناعمة الرئيسية الأمريكية المتمثلة في جانبها الإعلامي ... ربما مهما أنفقوا لن يستطيعوا آبدا أن يأتوا بنتائج واحدة توازي تغريدة واحدة من التغريدات الترامبية التي يهدم ترامب خلالها بنص كلامه مصداقية النموذج الإعلامي الأمريكي وترامب بنفسه في تغريداته يعلن دمار وذهاب مصداقية أكبر وأشهر وأهم وأوسع وأقوى شبكات الإعلام الأمريكي القومية.
هذا ليس مجرد خصومة سياسية كما يظن أحمق مثل ترامب ... هذا وبجدارة تدمير تام لأحد أهم أعمدة النموذج الثقافي لأي حضارة أيا كانت فضلا عن حضارة قامت أساسا على البروباجندا والدعاية المكثفة مثل أمريكا.
ترامب بالأمس أو أول أمس طالب بمنع المظاهرات في أمريكا وتجريمها ... وهذا هدم آخر لأحد أهم أعمدة الثقافة أو لنقل الدعاية الثقافية الغربية والأمريكية.
ترامب بالأمس فقط طالب بمراجعة شروط وقوانين التشهير المتعلقة بحقوق النشر وطالب بتغييرها بسبب كتاب بوب وودورد الجديد الشهير.
هذه الأمور المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام وحرية التظاهر وحق التظاهر وحق المعرفة كلها تعتبر الحقوق الأساسية جدا التي تقوم عليها دعاية النموذج الحضاري الغربي المعاصر بغض النظر عن صدقها من عدمه ... لكن تخيل أعداء أمريكا والغرب يحاولون عبر عشرات السنين وآلاف المحاولات والجهود إظهار مدى تناقضات دعاية الحضارة الغربية والأمريكية ومهما كانت نتائجهم ستظل نتائجهم نهاية المطاف خاصة بتحقيق نتائج خارج الغرب نفسه وخارج أمريكا نفسها ...... مهما فعلوا ستظل نتائجهم محدودة ومحجوبة بشكل كبير عن التأثير على مصداقية الدعاية الغربية داخل أمريكا والغرب نفسه بشكل أساسي.
ثم فاجأة ... الآن ألد أعداء أمريكا لديهم هدية السماء لهم .. لديهم "ترامب" ... ترامب يقوم بالمهمة على أكمل وجه وبصورة كان من المستحيل على أعداء الدعاية الثقافية الحضارية الغربية أن يقوموا بها أو يحظوا بواحد من الألف من نتائجها.
ترامب لا يدمر فقط الجانب المتعلق بالإعلام وحرية المعلومات والصحافة وحرية التظاهر وحرية التعبير ولكن أيضا ترامب يقوم بتدمير النموذج المؤسساتي للدولة الأمريكية وهو ما يشكل جوهر البنية التحتية الجيوسياسية للدولة الأمريكية المعاصرة.
ترامب يسعى لتصفية الدور شديد الفعالية للمؤسسات الأمريكية لما تسببه له من ازعاج شديد .... تخيل كيف كان يستطيع أعداء أمريكا فعل مثل هذا الأمر أو كيف يمكن لهم تحقيقه وتدمير أمريكا من داخلها من أعمق جذور بنيتها المؤسساتية الجيوسياسية ..... مجددا إنه ترامب يقوم بذلك على أكمل وجه عن أعداء أمريكا.
ترامب يقوم بتدمير السياسة الأمريكية الداخلية ... بغض النظر عن مؤامرات السياسة وألاعيبها ولكن هناك دائما مساحة ما للصدق على السياسي أن يتجمل ويزين نفسه دعائيا بها ويفتخر بها.
أما ترامب فينتمي لمدرسة فكرية شديدة الانحطاط تتفاخر بتبنيها الكذب ... أتذكر أن أول مدير حملة انتخابات ترامب الرئاسية كان اسمه روجر ستون .. شركة "نيتفليكس" أنتجت فلم وثائقي عن ترامب وروجر ستون أطلقت عليه "أحضروا لي روجر ستون" هذا الفلم يشرح باختصار كيف يتفاخر روجر ستون بالكذب في صورته المهنجية المنظمة وكيف يتفاخر بتلاعبه في الانتخابات السياسية عن طريق الأكاذيب والألاعيب شديدة الانحطاط.
ترامب يمثل أعلى وأحط وأحقر تجليات هذه المدرسة الشعبوية شديدة الانحطاط والكذب ... جيمس كومي مدير الاف بي اي السابق في شهادته أمام الكونجرس أكد إن ترامب ليس كذاب فقط بل هو "معتاد" على الكذب.
ترامب يدمر كل أبعاد النموذج الثقافي الأمريكي أو يمكننا نحن كشرقيين أن نعيد صياغة الجملة كالتالي: (ترامب يدمر كل الأبعاد "الدعائية" التي يقوم عليها النموذج الثقافي الأمريكي).
ليس ما سبق فحسب ... أنت لا تتخيل حجم أكاذيب ترامب على أوباما نفسه ... ترامب كان رائد وأبرز وجوه حركة "بريثر" التي تدعي إن أوباما لم يكن مولود في أمريكا ولطالما انتهز ترامب هذا الأمر بأكاذيب متعددة لتلميع وإظهار نفسه ثم في النهاية ترامب نفسه اعترف إنه كان كذاب في كل ذلك؟!!
ترامب يزدري الرؤوساء الأمريكيين السابقين كلهم تقريبا ... أوباما بسبب أنه أسود من أصول أفريقيه ... وكلينتون زوج هيلاري منافسته الشرسة والتي كان طبيعي أن تكون هي مكانه فيكرهها ويكره زوجها بشدة.. أما جورج بوش الابن والأب فترامب لكونه كان منافسا لجيب بوش أخو جورج بوش فكان عليه أن ينتقدآل بوش بأسلوب غير مسبوق كعادته.
أما جيمي كارتر فكثيرا ما سخر وتهكم على ترامب بشدة حتى بعد وصوله للرئاسة ...
لذلك فكل الرؤوساء السابقين الخمسة الأحياء حاليا من رؤوساء أمريكا الـ 45 كلهم علاقتهم سلبية جدا جدا بترامب.
كل ذلك يجعل ترامب مضطر دائما إلى اتباع إستراتيجية وتكتيك هجومي دائم على كل أعدائه ويفتح عليهم كلهم النار بشكل دائم ومستمر وصفيق وكذاب.
لا بأس أن تقوم عاهرة ما في الغرب بكل ذلك أو أسوأ منه ففي نهاية المطاف هيمجرد عاهرة ... ولكن عندما يكون الرئيس الأمريكي نفسه المتواجد بالسلطة هو من يسعى بكل طاقته وجهده لهدم مصداقية النموذج السياسي لكل الرؤوساء الأمريكيين الأحياء المعاصرين له ويهدم مصداقية الإعلام الأمريكي بالكامل عدا شبكته المحبوبة الفوكس نيوز.
ويشكك في كل شيء حتى في محرك البحث جوجل يشكك فيه ويسعى بكل طاقته لهدم مصداقيته مع إنه ليس إلا مجرد محرك بحث أصلا.
ترامب يشكك في فيسبوك وتوتير والسوشيال ميديا مع إنها سبب تلميعه وصعوده الانتهازي الشعبوي.
كل ذلك إلى جوار شخصيته المشوهة كزير نساء يشتهي ابنته جنسيا ويعشق العاهرات ويمتهن القوادة كتاجر دعارة سابق، هناك تقرير مزعج وصادم جدا جدا عن علاقة ترامب الجنسية بابنته ايفانكا التقرير موجود على موقع حساب السي ان ان على يوتيوب.
هل تعلم إن برج ترامب الشهير بنيويورك كان مجرد بناية صغيرة تم هدمها ثم عن طريق تهديدات عصابات المافيا التابع لها ترامب قام بشراء عدة مباني حول مبناه القديم ليهدمهم ويقيم مكانهم برج ترامب الشهير الآن.
علاقة ترامب بعصابات المافيا المنظمة ليست نوع من المزاح أو الخصومة مع ترامب .... ترامب فعلا كان عضوا بعصابات المافيا المنظمة بنيويورك وكان له علاقات موثقة مع عائلات المافيا الشهيرة جدا في أمريكا.
سبق ونشرت مجلة "فايس" الأمريكية، تقريرا خطيرا حول ما وصفته بعلاقة ترامب المشبوهة بعصابات المافيا في نيويورك، التي كانت في ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن يصنع الرئيس الأمريكي أمواله ويصبح مليارديرا كبيرا.
وقالت المجلة الأمريكية إنه منذ أواخر عام 1976 وحتى عام 1983 كشفت تقارير وتحقيقات فيدرالية أمريكية أن ترامب كان على علاقة وثيقة بعصابات المافيا في أتلانتيك، ثم ارتبط بعلاقات أخرى مع عائلات المافيا الكبيرة في نيويورك.
وبحثت "فايس" في أرشيف مكتب التحقيقات الفيدرالي، لتعثر على مجموعة من المستندات الخطيرة تعود لعام 1981، ووصفت تلك التحقيقات ترامب بـ"الشاب الغوغائي الهمجي"، بأنه له علاقات مريبة مع عصابات المافيا في أتلانتيك.
وأشارت التحقيقات إلى أنه انتقل مع بعض منهم للعمل مع عائلات المافيا الكبيرة في نيويورك.
وقال مسؤول التحقيقات الفيدرالية إن ذلك الشاب ذو الـ35 عاما، بات نجما صاعدا في سماء الأعمال في نيويورك، بسبب الكازينو الخاص به، ولكن يبدو أن ترامب ليس إلا ستارا لعدد من عناصر الجريمة المنظمة المعروفة في أتلانتيك سيتي وفي نيويورك.
وأشار التحقيق الاستقصائي، الذي نشرته المجلة إلى أن ترامب يعترف بأنه يعتبر المحامي روي كوهين معلمه الأول بالنسبة للقضايا السياسية والاقتصادية وإدارة الأعمال.
ولكن اعترافه هذا يضع ترامب نفسه في موضع الاتهام، بحسب "فايس"، لأن كوهين هذا ليس إلا المحامي الخاص بعائلات المافيا الشهيرة في نيويورك، والمعروفة باسم "جنوة" و"جامبينو".
كما أن عملاء روي كوهين معظمهم كانوا يرتبطون بصورة كبيرة بالجريمة المنظمة أو العمليات المشبوهة، ووفقا لكتاب، واين باريت، صحفي التحقيقات الاستقصائية الأمريكي الشهير، الذي نشره عام 1992، تحت اسم "ترامب: الصفقات والسقوط".
قال الكاتب، إن الرئيس الأمريكي كان يتردد على مكتب كوهين بنحو 15 أو 20 مرة يوميا، ما يجعله على اطلاع بكافة أعماله، وربما كان ينسقها ويشترك معه فيها، حتى تلك الأعمال المشبوهة التي كان كوهين متورطا فيها.
كما أن صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" الأمريكية نشرت في بداية التسعينيات تحقيقا حول تورط ترامب مع عصابات المافيا في هدم منازل محيطة بمقر شركته، حتى يتمكن من شرائها من أصحابها بثمن بخس، ليؤسس البرج العملاق الموجودة بها إمبراطوريته في قلب نيويورك، تحت اسم "ترامب تاور".
كما أنه استعان بعائلة المافيا الشهيرة "جنوة"، لإجبار العمال على عدم تقديم شكاوى ضد ترامب، وخاصة أولئك المهاجرون الذين كان يستقدمهم من بولندا ويمنحهم أجر زهيد ويجعلهم ينامون في مقر العمل، ولا يمنحهم أي حقوق من تأمينات أو معاشات.
ترامب من الأساس تاجر عقارات وتاجر فنادق ومدير فنادق وكازينوهات ودور للقمار .... ومن الأساس هذا أصلا هو المجال الأساسي لعصابات المافيا المنظمة الشهيرة في أمريكا ... فعلاقة ترامب بهم علاقة موثوقة جدا ... لذلك ترامب كثيرا ما يهددا بأعمال شغب مسلحة وعنيفة لعلاقاته بالمافيا وبأقصى اليمين العنصري المتطرف المؤمن بالسلاح والقوة العسكرية أمام كل الآخر الذي هو كل بقية الكوكب.
تقريبا كل من عمل مع ترامب خلال تواجده بالرئاسة يصف ترامب بأوصاف سلبية جدا كلها تحوم حول التشكيك في قدراته العقلية وإنه مجرد شهواني أهوج أحمق أقرب للحيوان منه للإنسان .. راجع في ذلك كتاب: "نار وغضب في بيت ترامب الأبيض" للكاتب الشهير مايكل وولف..
وكتاب "ولاء أعلى" لمؤلفه جيمس كومي مدير الاف بي اي السابق
وكتاب "المعتوه: مشاهدة من بيت ترامب الأبيض" لأوماروسا مانغوليت نيومان مساعدة ترامب ومديرة الاتصالات السابقة في البيت الأبيض
وكتاب "الخوف: ترامب في البيت الأبيض" للكاتب بوب وودوارد وهو الكاتب الذي تشارك مع صحفي آخر كشف فضيحة ووترجيت الأمريكية الشهيرة.
راجع تلك الكتب ولن أحيل لغيرها فهيأكثر من كافية لنتعرف حجم ما يقوله المقربين من ترامب ... ايفانكا ابنته نفسه وصفته كثيرا بالإعلام العلني بأوصاف سلبية متعددة وهي أقرب المقربين منه فضلا عما نقل عنها من أوصاف تقولها في الأروقة الأحاديث الخاصة.
في تقرير هام جدا أجمع 50 من أكبر خبراء الأمن والاستراتيجيات السياسية والأمنية السيادية الأمريكية الذين كانوا في مواقع كبيرة أمنية وإستراتيجية في البيت الأبيض والبنتاغون وجهاز الأمن القومي الأمريكي و وزارة الخارجية ... هؤلاء الـ 50 من أكابر خبراء أمريكا ينتمون للحزب الجمهوري ... هؤلاء الـ 50 كبير ومدير سيادي سابق أجمعوا إن ترامب أكبر أخطر على أمريكا وإنه جاهل ومعتوه وغبي وأوصاف سلبية في نفس المعاني تقريبا.
وكتب الخبراء "إننا مقتنعون بأنه سيكون رئيسا خطيرا وسيعرض أمن بلادنا القومي وازدهارها للخطر".
وعزوا موقفهم إلى أن الملياردير المثير للجدل غير أهل لتولي مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة بسبب افتقاره إلى المؤهلات اللازمة وكذلك أيضا بسبب طباعه النزقة.
وكتب الخبراء في رسالتهم "ترامب ليس لديه لا الشخصية ولا القيم ولا الخبرة لكي يكون رئيسا"، وهو "يظهر عن جهل مقلق لأبسط الوقائع" في السياسة الدولية.
وحذروا بأن وصوله إلى البيت الأبيض سيضعف السلطة المعنوية للولايات المتحدة في العالم، مشيرين إلى أنه يجهل على ما يبدو مبادئ الدستور الأمريكي والقوانين الأمريكية.
وأضافوا أن ترامب ليس "جاهلا" في الشؤون الدولية والمخاطر بوجه الأمن القومي فحسب بل أنه "لا يبدي أي رغبة في الاستعلام" ، معربين عن أسفهم لأنه "يتصرف بنزق" ولا يتمتع بضبط النفس و"لا هو قادر على تقبل الانتقادات الشخصية".
بجمع كل ذلك إلى بعضه يجعل من ترامب شخصيته مشوهة جدا جدا جدا في الداخل الأمريكي نفسه وكي يتعامل ترامب مع كل ذلك فهو من مدرسة شعبوية تؤمن بالهجوم الاستباقي على الأعداء وعدم منحهم أي فرصة من أي نوع... وتلك المدرسة الترامبية تؤمن إن الكذب فضيلة على الأقل على مستوى الممارسة فهو فضيلة حتى إن كانوا يذمونه ظاهريا كمبدأ وكقيمة ... لكنهم يؤمنون تماما بالكذب في ممارستهم العملية.
كل تلك التناقضات والتشوهات تجبر ترامب على أن يعمل وفقا لتكتيك معين ثابت يتضمن طريقة هجومية استباقية مستمرة ضد كل خصومه أيا كانوا مستحلا كل أنواع الكذب ... وهذا يجعل الأمر أشبه بسيرك حي بالغ السخف والاسفاف والانحطاط..
كل تلك العناصر أشبهبمن قامب بإلقاء قنبلة هيدروجينة من عيار مليون مليون مليار ألف طن على رأس البنية الجيوسياسية الأمريكية وبشكل أكثر عمقا على الأنموذج الثقافي الحضاري الذي تنبثق عنه بالكلية النموذج الجيوسياسي للدولة الأمريكية الحالية أو على الأقل ما يزال متبقي منها حاليا بعد ترامب.
بالطبع نحن لم ننتهي بعد .... كل ما سبق ليس كل شيء وهناك غيره الكثير والكثير مما لا حصر له ... ولكن دعونا نكتفي الآن بما تناولناه سريعا ومختصرا بالشأن الداخلي الأمريكي وننتقل سريعا للأثر الترامبي المدمر على السياسة الخارجية الأمريكية.
ترامب على المستوى الخارجي من أول يوم له بالسلطة وهو يعادي ألمانيا وكندا أقرب حلفاء أمريكا ...وحتى بريطانيا ترامب قال إنه لا يحب لقاء تريزا ماي وأظنه قال إنه يفضل لقاء بوتين عليها لأن تريزا ماي تتعامل معه كمدرسة في الفصل ولا أحد يحب مدرسات الفصل .
ترامب دخل في علاقة متوترة جدا مع ألمانيا وكندا من أول يوم بسبب تصريحاتهم السلبية جدا عن ترامب أثناء فترة المنافسة الانتخابية.
كذلك ترامب يؤمن تماما بأهمية تفكيك الاتحاد الأوروبي ... وأتذكر جيدا أنه أول سفير تقريبا لترامب للاتحاد الأوروبي رفضوا اعتماده لأنه من الأساس سفير يؤمن علانية بأهمية تفكيك الاتحاد الأوروبي.
ترامب بذلك أدخل أمريكا في متاهة وتوتر شديد بل وحالة عداء ملموس مع ألمانيا وأوروبا وكندا؟!! وهم فعليا أقرب حلفاء أمريكا.
ترامب قام بموضوع نقل سفارتهم للقدس مما تسبب بكراهية شديدة لأمريكا غير مسبوقة في كل العالم العربي والإسلامي وكثير من حكومات العالم العربي والإسلامي حاولت بدرجات متنوعة الوقوف في وجه قرار ترامب.
ترامب استمر في كراهيته للمسلمين و واصل حملته لمنع دخول المهاجرين المسلمين إلى أمريكا.
ترامب استمر في تسخين وتوتير علاقة بلاده بشدة مع ثلاثة من أكبرالدول الإسلامية وهي إيران وباكستان وتركيا ... وأمريكا كانت تفخر بشدة بتحالفها مع باكستان وتركيا .
ترامب بذلك جعل معظم حلفاء أمريكا في حالة نفور شديد جدا جدا جدا منه ومن أمريكته الترامبية.
كيف يمكن أن يستطيع أي طرف خارجي من أعداء أمريكا أن يحقق مثل هذه النتيجة في تكسير تحالفات أمريكا بدون أن ينفذها ويفعلها من هو داخل أمريكا نفسها؟؟ الإجابة عن ذلك هي المستحيل بعينه!.
أنا أختصر الكلام بشدة وأختصر الأحداث بشدة وتسقط مني أمور هامة كثيرة جدا .. ولكن أعتقد أن الفكرة العامة واضحة بدرجة مناسبة حتى الآن.
الشاهد إن ترامب يدمر تقريبا كل بنية أعمدة ومحاور النموذج الثقافي والحضاري الأمريكي ... أو أعيد الصياغة قائلا إنه يدمر تقريبا بنية كل أعمدة ومحاور "دعاية" النموذج الثقافي والحضاري الأمريكي والغربي عامة.
من المستحيل أن يستطيع أي طرف من كل أعداء أمريكاة مهما بلغتقوة ونوعية ترسانته من الأسلحة أن يستطيع أن يفعل واحد على الألف مما يفعله ترامب ... إلا إذا كان سلاحه هو ترامب نفسه فهذا شأن آخر وقتها تماما ... لأننا نتحدث عن تفكيك وتمزيق من الداخل للنموذج "التنظيري" والثقافي نفسه المنبثق عنه الشكل والنموذج المعيشي والحضاري الذي يتفاخر به الأمريكان على الدوام.
قد يظن البعض أنني أنتهيت الآن من سرد كيفية تدمير ترامب الممنهج لأمريكا داخليا وخارجيا ... ولكن للأسف لا يزال لدي المزيد من الأمور بالغة الأهمية والتأثير ويجب استحضارها هنا أيضا.
ترامب لا يدمر أمريكا وحدها ... بل الطريف في الأمر إن ترامب لا يكتفي بتدمير أمريكا وحدها داخليا وخارجيا ... ولكن ترامب أيضا يقوم فعليا وحرفيا بتدمير النظام العالمي الذي أسسته أمريكا نفسها بالأساس بعد ترتيبات الحرب العالمية الأولى ثم بالأخص ترتيبات الحرب العالمية الثانية.
بل ترامب أصلا يسعد بتدمير هذا النظام العالمي ويعلن بطرق متعددة عن سعادته بذلك!.
ترامب خرج من اتفاقية باريس للمناخ والتي سبب خروجه منها ردة فعل سلبية جدا من العالم كله ضد أمريكا.
ترامب خرج من منظمة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
ترامب خرج من منظمة اليونسكو ... وهي منظمة أنا نفسي أعتبر لها خصوصية خاصة جدا من بين كل منظمات الأمم المتحدة لأسباب ليس هنا مجالها ولكن الخروج منها من دولة نظامية وخاصة غربية يعتبر خروج من النموذج الحالي للنظام العالمي ككل.
ترامب خرج من اتفاقية النافتا
ترامب يحاول الخروج من اتفاقية التجارة العالمية
ترامب خرج من الاتفاقات والمعاهدات الموقعة مع كوبا وأعاد شكل العلاقة العدائي.
ترامب خرج من اتفاقية خطة العمل المشتركة المتعلقة باريان وترتيباتها النووية
ترامب خرج ويحاول الخروج من العديد من اتفاقات ومعاهدات ومواثيق أسست النظام العالمي المتداعي الحالي.
هذا كله هو ما يحضرني الآن ولا أتذكر إن كانت هناك اتفاقات آخرى أخل بها ترامب وأنهى مصداقية أمريكا فيها.
ترامب لا يقوم بتدمير البنية الثقافية الأمريكية وما ينبثق عنها من نموذج تطبيقي جيوسياسي للدولة ككل داخليا وخارجيا فقط ... بل ترامب مع ذلك أيضا يسعى لتدمير النظام العالمي المتداعي الذي أستته بشكل أساسي أمريكا نفسها أيضا.
عودا على بدء أقول ... أكرر التذكير إن الاتحاد السوفيتي لم يهزم من قلة عتاد أو قلة أعداد وإنما كانت هزيمته في جوهرها هزيمة نفسية أمام النموذج الثقافي الغربي أدت لهزيمة ثقافية شبه شاملة أدت لتكفيك تام وشامل وكامل للاتحاد السوفيتي نفسه.
الاتحاد السوفيتي كان لديه ببعض الأوقات نحو 50 ألف دبابة ميدان رئيسية فعلية بالخدمة أو أكثر قليلا .. وكان لديه ببعض الأوقات في الذروة نحو أكثر من 50 ألف سلاح نووي .. لاحظ أن العالم كله حاليا لديه فقط نحو أقل من 25 ألف سلاح نووي.
الاتحاد السوفيتي كان أكبر مساحة في العالم وأكبر قوة عسكرية بلا منازع... ولكن النماذج الحضارية والعمر الحضاري للدولة أو لأي دولة لا يعتمد فقط على القوة المادية والعسكرية بقدر قدرة تلك الدولة على البعث الثقافي المتجدد لروحها الثقافية أو الدينية وأنموذجها الحضاري المنبثق عنهم.
ترامب أيها السادة لا يفقه أي شيء من أي شيء مما كتبته هنا كله.. ذلك كله بالنسبة له كلام لا معنى له ولا أي قيمة له عنده تقريبا ... وأنا أشك إن لو كل إدراة ترامب الحالية ذهبت له بمقالتي هذه وكررتها عليه ألف ألف مرة لن يستطيع أن يفهمها .... وحتى إن وصل لدرجة فهمها في مرحلة ما ستظل لدى ترامب معضلة مستحيل حلها ... وهذه المعضلة هي ترامب نفسه ... أو بمعنى أدق هي شخصية ترامب المشوهة والمحطمة والشديدة التناقض.
فترامب حتى يستطيع إصلاح الأوضاع التي يسببها حاليا بأمريكا عليه أن يترك تاريخه الشخصي ويستسلم أن تاريخه مشوه ومحطم ويترك وسائل الإعلام والسياسيين يتحدثون عن تاريخه السابق بدون أن يقوم برد فعل عليهم .... وهذا تقريبا نوع من عاشر المستحيلات بالنسبة لشخصية مثل ترامب.
على أن ترامب يستسلم لتوبيخه في الإعلام على معظم ومجمل تاريخه الشخصي ... على أن ترامب أن يستسلم ويتوقف عن الدفاع عن تاريخه وعن نفسه ... وهذا أقرب للمستحيل وخاصة في ظل شخصية مثل ترامب.
إذن نحن ندور في دائرة محكمة ومغلقة من التناقضات شديدة التدمير ... مفعولها الرئيسي يدور حول تدمير أمريكا تماما داخليا وخارجيا وعلى كل المستويات.
وعلى أي حال من الأحوال فمن المستحيل أن يكون ترامب هو من يمد في عمر الامبريالية الأمريكية عدة عقود قادمة بل هو وبجدارة تامة يدمر كل مكتسبات أمريكا ويدمر بنيتها ويدمر مصداقيتها ويدمر ثقافتها ونموجها الجيوسياسي للدولة ويدمر البنية التحتية لمؤسسات الدولة ويدمر "دعاية" القيم الثقافية الأساسية التي يزعمون إن السياسة الأمريكية قامت عليها.
أبسط شيء منذ أتى ترامب للسلطة لم نعد نسمع مطلقا أمريكا تتحدث بنفس الصوت العالي عن نشر الديموقراطية والدفاع عن الديموقراطية وإن كانت لا تزالل تلك الكلمات يتذكرونها بين الحين والآخر .. ولكن في ظل ترامب كيف ستدعي أمريكا أي ديموقراطية من أي نوع أصلا ... ترامب يكاد يكره الكلمة نفسها بمعظم ما تمثله في الممارسة السياسية الفعلية في أمريكا.
من يعتقد أن مثل هذا الكائن لن يدمر أمريكا عن بكرة أبيها وعن بكرة أمها وعن بكرة عائلتها بأكملها فليراجع بهدوء شديد كل ما تعلمه في كل الحياة وكل فروع العلوم والمعارف المختلفة.
وبالنهاية لا أستطيع هنا إلا أستحضر كلام هيلاري كلينتون عن أن ترامب كان بمثابة ضربة 11 سبتمبر جديدة لأمريكا ... وهو نفس ما حوال التأكيد عليه مجددا الكاتب المخضرم بوب وودورد في كتابة الجديد "الخوف: ترامب في البيت الأبيض" والذي اختار تاريخ مميز جدا لنشره وهو تاريخ 11 سبتمبر مجدا وهو إشارة لا تخفى على أحد إن ترامب ضربة تلقتها أمريكا في العمق بمثابة 11 سبتمبر جديدة ... لكـــــن .
لكــــــــــــن يؤسفني بشدة أن أخبرهما إنهما على خطأ فادح جدا في تشبيه تارمب بـ 11 سبتمبر جديدة ... فأي 11 سبتمبر تلك التي تستطيع تحقيق واحد على الألف أو حتى واحد على المليون مما يستطيع ترامب فعله وتحقيقه في تدمير وتمزيق وتفكيك بنية أمريكا وكل ما تمثله بصورة غير مسبوقة.
في 11 سبتمبر الأصلية كانت النتجية للضربة أن جمعت أمريكا العالم كله حولها وفرضت عليهم طاعتها طوعا أو كرها ... كما أنها داخليا توحدت وتماسكت بشدة و وضعت لنفسها هدف واضح تسعى إليه ... بالطبع مع كامل احترامي وتقديري لأصحاب 11 سبتمبر الأصلية التي كانت عملا وجهدا عملاقا عظيما جدا لهم.
أما مع 11سبتمبر خاصتي وهديتي المخصوصة للأمريكان المتمثلة في ترامب فإن كل حلفاء أمريكا انفضوا وينفضون عنها ولدرجة إن أمريكا تتقرب لأعدى أعدائها حاليا وتبتعتد بشدة عن أقرب حلفائها.
كما إنه على المستوى الداخلي فإن ترامب شكل ضربة لا تستطيع ألف مليون 11 سبتمبر أن تفعله ... ترامب أصبح في ظله الرئيس الأمريكي نفسه يذم ويشتم الثقافة الأمريكية والصحافة الأمريكية والاستخبارات الأمريكية والإدارات الأمريكية السابقة والكثير الكثير مما لا تستطيع أي قوة خارجية لو بلغت معيار مليون 11 سبتمبر أن تفعله.
أعتذر لهيلاري وللكاتب المخضرم بوب وودورد ... ولكني أحب لمستي الشخصية بل أنا أعشق لمستي الشخصيةالخاصة وطريقتي شديدة التفرد في صياغة الأحداث ... لذلك أنا في تناقض شديد بين حبي الشديد والتام لما يمثله ترامببالنسبة لي كانجاز وحدث هام رئيسي صنعته بتلقائية شديدة وبين كراهيتي الشديدة لسبيات ترامب التي تقع على النقيض تماما من شخصيتي في معظمها الغالب كله.
وأكتفي بهذا القدر..
بالنهاية أعتذر عن نسيان مسائل كثيرة جدا كانت لتكون هامة ومؤثرة في معالجتنا السابقة ولكن أعتقد أن الصورة الآن شبه مكتملة و واضحة بدرجة مناسبة لمن أراد معرفة دقيقة وكلية ومتسعة عن كيفية دورة حياة الحضارات وتجددها وتعاقبها.
والحمد لله رب العالمين.
خالص تحياتي.