"في 7 حزيران/يونيو، ألقى كل من أنتوني روجيرو، كونغدان (كاتي) أوه، وجاي سولومون كلمة في منتدى سياسي في معهد واشنطن. وروجيرو هو زميل أقدم في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، وخبير سابق في برامج وزارتي الخزانة والخارجية الأمريكيتين المكلفة بالتصدي لكوريا الشمالية. وأوه هي عضوة طاقم العمل في "معهد التحليلات الدفاعية" وشاركت في تأليف كتاب"كوريا الشمالية عبر الزجاج المرئي". وسولومون هو كبير مراسلي الشؤون الخارجية السابق لصحيفة "وول ستريت جورنال". وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
أنتوني روجيرو
ترتبط إيران بعلاقة قوية مع كوريا الشمالية "في مجال الصواريخ"، لدرجة أن إدارة أوباما أقدمت على مخاطرة دبلوماسية عندما فرضت عقوبات على طهران لحصولها على مواد من بيونغ يانغ بعد يوم واحد فقط من تنفيذ «خطة العمل الشاملة المشتركة». وفي إعلانها عن هذه العقوبات، أشارت وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن مسؤولين إيرانيين بارزين عملوا لعدة سنوات مع كوريا الشمالية. وفي الوقت الذي تطور فيه بيونغ يانغ أسلحةً أكثر تقدماً، ستصبح العلاقة أكثر جاذبيةً حتى لإيران، لا سيما إذا تمكّن نظام كيم من تطوير صاروخ باليستي عملي عابر للقارات.
ويتمثل السؤال الأكثر إثارةً للجدل في ما إذا كانت علاقة نووية تربط بين الدولتين. فبإمكان كوريا الشمالية أن تعطي إيران مخططات أساسية، وبيانات اختبارات، ودروساً مستفادة، بالإضافةً إلى أجهزة طرد مركزي. ولا توجد معلومات قطعية علنية بشأن وضع جهود التخصيب في بيونغ يانغ، لكن بغض النظر عن مكانتها، تملك إيران الموارد لشراء الأصول من البرنامج.
أما بالنسبة للعلاقات مع سوريا، فإن التقارير التي تشير إلى أن بشار الأسد سيزور كيم جونغ أون قريباً ليست مفاجئة. وعلى الرغم من أن إسرائيل دمّرت المفاعل النووي السوري الذي بنته كوريا الشمالية في عام 2007، لم تعانِ دمشق أو بيونغ يانغ من أي تداعيات دائمة على نشاطهما في مجال الانتشار النووي، لذلك استمر هذا النشاط. فقد تعاونتا على تطوير صواريخ باليستية حيث سافرت مجموعات متعددة من التقنيين الكوريين الشماليين إلى سوريا ناقلين تكنولوجية صواريخ خاصة، بما فيها المساعدة في تطوير صواريخ "سكود". كما زوّد كيم سوريا بالتكنولوجيا والمواد المستخدمة في تطوير أسلحة كيميائية، على غرار بلاطات مقاومة للأحماض، والصمامات والأنابيب والكابلات المرتبطة بها.
وفي أماكن أخرى، أقامت بيونغ يانغ علاقات تصدير مع دول الخليج العربي، بما فيها الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول الشريكة للولايات المتحدة التي تتردد واشنطن بفرض عقوبات عليها. ومن شأن صواريخ الوقود الصلب القصيرة والمتوسطة المدى أن تستقطب على نحو خاص دول المنطقة والجهات الفاعلة من غير الدول.
وفي الوقت الذي تتفاوض فيه كوريا الشمالية مع إدارة ترامب، يتعين عليها الإفصاح عن كافة جهودها في مجال الانتشار النووي. ومن المحتمل أن لا تدرك بيونغ يانغ مدى ما تعرفه الولايات المتحدة عن أنشطتها. وبمساعدة معلومات استخبارية وفيرة، سيتمكن المسؤولون الأمريكيون عموماً من معرفة متى يكون نظراؤهم على طاولة الحوار صادقين، وإلى أي مدى يكونون جادين في التوصل إلى اتفاق. وقد تعهدت كوريا الشمالية بوقف نشر التكنولوجيا العسكرية في الماضي، ولكنها تواصل القيام بذلك، لذا يجب أن تكون مطالب إدارة ترامب محددة وواضحة بشكلٍ أكبر من أجل تحقيق تغييرات ملحوظة.
ومن المرجح أن تكون كوريا الشمالية قد استنتجت من «خطة العمل الشاملة المشتركة» بأن الغش في الاتفاقات النووية مسموح به، وأنه يمكن استغلال صفقات محدودة، وأنه بإمكانها تجاوز الخطوط الحمراء في القضايا النووية من أجل الحصول على تنازلات، وأن مواقعها العسكرية منطقة محظورة. ومع ذلك، تبقى الآمال معلقةً على أن تكون واشنطن قد استخلصت بعض العبر أيضاً.
أولاً، على الإدارة الأمريكية أن تكون مستعدةً للانسحاب من طاولة المفاوضات إذا اقتضى الأمر. ثانياً، يجب أن تدرك أن إبرام اتفاقات تركز على القضايا النووية لا يحلّ المشاكل الاستراتيجية الأوسع نطاقاً. ثالثاً، ينبغي عليها تجنب نزع السلاح النووي على مراحل، وأن تصر بدلاً من ذلك على نموذج نزع السلاح النووي في ليبيا (في الوقت الذي تدحض فيه الاتهامات بأنها تدعو إلى تغيير شبح النظام في البلاد). رابعاً، لا ينبغي لواشنطن أن تمنح كوريا الشمالية أي انفراج إلى أن تُحرز تقدماً حقيقياً نحو نزع الأسلحة النووية. ومع ذلك، إذا كان كيم يرغب حقاً في الالتزام بمثل هذا التقدم، فعلى الإدارة الأمريكية أن تستعد للتفاوض على "الكثير مقابل الكثير".
يُذكر أن الصين وروسيا، أكبر متجنّبي العقوبات في العالم، لا تشاركان في هذه المفاوضات. وتتوقعان من دون شك أن تصدّق إدارة ترامب وعود كيم وتقدّم التنازلات وتقع في فخ النزع التدريجي للأسلحة النووية. لكن في النهاية، قد ينتهي الأمر بالشركات الصينية والروسية بتحمّل عبء العقوبات الأمريكية. وعلى الرغم من عدم وجود نظام عقوبات مضمون، يمكن للسلطات الأمريكية تعزيزها بطرق جديدة لزيادة فعاليتها. فعلى سبيل المثال، سبق أن حددت واشنطن شبكات الشحن الكورية الشمالية وفرضت عليها عقوبات، ولكن بإمكانها الذهاب أبعد من ذلك والبدء باعتراض السفن بشكل مباشر.
كونغدان أوه
بدأت العلاقة النووية والصاروخية بين كوريا الشمالية وسوريا في عهد كيم إيل سونغ، وثمة الكثير من الرموز التي تجسّد عمق هذه العلاقة، من النصب التذكاري للحاكم الراحل في دمشق إلى العديد من عبارات التهنئة التي أرسلها الأسد حين استلم نجل كيم السلطة. أما بالنسبة للعلاقات مع إيران، فقد بنتها بيونغ يانغ على أساس الابتزاز والجغرافيا السياسية المعادية لأمريكا.
وفي عام 1997، التقى وفد من كوريا الشمالية بالسفير الإسرائيلي في ستوكهولم، وأوضح أن بلاده قد اختبرت بنجاح صاروخاً موجهاً عبر الأقمار الصناعية، وحذّر من أن إيران ودولاً أخرى في الشرق الأوسط مهتمة بشرائه. كما طلب أعضاء الوفد من إسرائيل مليار دولار لقاء عدم بيع تكنولوجيا الصواريخ إلى أعدائها. غير أن الإسرائيليين رفضوا الدفع نقداً، لكنهم عرضوا تقديم مساعدات إنسانية، وتكنولوجيا زراعية، وخبرات طبية، وأنواعاً أخرى من المساعدات تزيد قيمتها عن مليار دولار. لكن بيونغ يانغ رفضت هذه الصفقة، وأعلنت أنها تفضل انتهاك "اتفاقيات جنيف" على أن تكون مقيّدة بمعايير تزعم أنها منحازة لخدمة الولايات المتحدة.
أما اليوم، فتشهد كوريا الشمالية تغييرات داخلية، حيث يحمل مواطنوها حوالي 3.7 مليون هاتفاً جوالاً ويمكنهم الاتصال مباشرةً بأشخاص في أجزاء من كوريا الجنوبية والصين وروسيا. ومثل هذه الاتصالات ستثير حتماً تساؤلات في كوريا الشمالية حول إيديولوجية النظام وشرعيته. ويدرك كيم أن عليه التركيز على التنمية الاقتصادية إن أراد لنظامه أن يصمد، لكن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية لا تزال مجتمعاً فقيراً للغاية يفتقد للسيولة ويملك احتياطيات أجنبية ضئيلة.
وبالتالي، ستفي بيونغ يانغ على الأرجح بأي وعود نووية تقطعها إذا كان الثمن مناسباً. ومن المؤكد أن الانسحاب من «خطة العمل الشاملة المشتركة» قد أقنع على الأرجح النظام بأن الولايات المتحدة ليست محط ثقة، لذا فإن المسؤولين الكوريين الشماليين قد يكونون أقل رغبة في الالتزام باتفاق مبرم مع واشنطن. لكن نظراً إلى الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، قد يقررون صرف النظر عن انعدام الثقة ويصونون الاتفاقات من أجل منافع اقتصادية.
من ناحية أخرى، تشهد علاقة كوريا الشمالية مع الصين فتوراً تاريخياً. فمنذ سنوات قليلة، أرسل الرئيس شي جين بينغ مبعوثاً إلى بيونغ يانغ ليطلب منها وقف اختباراتها النووية. غير أنه تمّ استئناف الاختبارات بعد فترة وجيزة، مما أسفر عن بروز توترات لا تزال قائمةً حتى هذا اليوم. وقد التقى شي جين بينغ مع كيم مرتين على الأقل خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن السخرية والشكوك كانت واضحةً للغاية في تصريحات المتحدثين باسم الحكومة الصينية بشأن احتمال إجراء محادثات مع واشنطن.
جاي سولومون
منذ سنوات تدور روايات حول تدخل بيونغ يانغ في الشرق الأوسط، بدءاً من الطيارين الكوريين الشماليين الذين قاتلوا في "حرب يوم الغفران" عام 1973، مروراً بزيارة مهندسين من كوريا الشمالية إلى إيران خلال حربها مع العراق، وصولاً إلى محاولة إسرائيل رشوة كوريا الشمالية لمنعها من تصدير الصواريخ إلى المنطقة. إن كافة هذه الروايات صحيحة، ولا يزال نظام كيم اليوم يفلت من أي عقاب لقاء نشر الأسلحة النووية.
وفي سوريا، تستخدم كوريا الشمالية شركات وهمية أجنبية لتوفير المعدات إلى دمشق بشكل غير مباشر. وقد انتشرت هذه الشركات في ماليزيا ومصر وأرجاء الصين، من بين دول أخرى. ومن السذاجة التصديق بأن بكين ليست على علم بهذه الأنشطة. إذاً فمن حيث المبدأ، تعتمد قدرة المجتمع الدولي على الحدّ من الانتشار النووي لكوريا الشمالية على هذه الدول الواجهة.
واليوم، يوجد لكافة دول الشرق الأوسط تقريباً بعض الارتباطات بالأنظمة العسكرية الكورية الشمالية. ففي اليمن، حصلت الحكومة على جزء من تكنولوجيا الصواريخ التي طورتها بيونغ يانغ قبل حربها الحالية. ونتيجةً لذلك، فإن الصواريخ التي تطلقها القوات الحوثية المتمردة على السعودية قد يكون لها مدخلات من مصادر كورية شمالية - أو من مصادر إيرانية، أو كليهما.
وبالعودة إلى الأحداث الماضية، لم تتمكن إدارتا كلينتون وبوش من الإصرار على محاسبة بيونغ يانغ بالكامل بسبب أنشطتها في مجال الانتشار النووي. فعلى سبيل المثال، أدى انعدام مثل هذه الشفافية إلى انهيار الاتفاقية الإطارية لعام 1994 التي وافقت بموجبها كوريا الشمالية على وقف الانتشار. وحتى في يومنا هذا، لا تزال عامة الناس تكتشف حجم المساعدة التقنية التي توفرها كوريا الشمالية لبرنامج الأسلحة الكيميائية والنووية في سوريا.
وخلال التفاوض مع نظام كيم، على الولايات المتحدة استخلاص بعض العبر من تجربة «خطة العمل الشاملة المشتركة». فقد أخفق هذا الاتفاق في حل عدد من القضايا المهمة، كما أدى التحول السياسي في واشنطن إلى زيادة خطر انهياره في النهاية. ورغم المضي قدماً في هذا الاتفاق، لم تتفق الأطراف أبداً - ناهيك عن المعسكرين المتنافسين ضمن الحكومة الأمريكية - بشكل كامل حول قضايا العقوبات، كما أهملت إدارة أوباما مسألة "الأبعاد العسكرية المحتملة". باختصار، تُعتبر الاتفاقات الدولية من هذا النوع سياسية في جوهرها، لذا يجب وضعها ضمن إطار معاهدات إذا كانت لتصمد وتنجح في اختبار مرور الزمن.
http://www.washingtoninstitute.org/...-middle-east-a-dangerous-military-supply-line
أعد هذا الملخص صامويل نورثروب.
أنتوني روجيرو
ترتبط إيران بعلاقة قوية مع كوريا الشمالية "في مجال الصواريخ"، لدرجة أن إدارة أوباما أقدمت على مخاطرة دبلوماسية عندما فرضت عقوبات على طهران لحصولها على مواد من بيونغ يانغ بعد يوم واحد فقط من تنفيذ «خطة العمل الشاملة المشتركة». وفي إعلانها عن هذه العقوبات، أشارت وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن مسؤولين إيرانيين بارزين عملوا لعدة سنوات مع كوريا الشمالية. وفي الوقت الذي تطور فيه بيونغ يانغ أسلحةً أكثر تقدماً، ستصبح العلاقة أكثر جاذبيةً حتى لإيران، لا سيما إذا تمكّن نظام كيم من تطوير صاروخ باليستي عملي عابر للقارات.
ويتمثل السؤال الأكثر إثارةً للجدل في ما إذا كانت علاقة نووية تربط بين الدولتين. فبإمكان كوريا الشمالية أن تعطي إيران مخططات أساسية، وبيانات اختبارات، ودروساً مستفادة، بالإضافةً إلى أجهزة طرد مركزي. ولا توجد معلومات قطعية علنية بشأن وضع جهود التخصيب في بيونغ يانغ، لكن بغض النظر عن مكانتها، تملك إيران الموارد لشراء الأصول من البرنامج.
أما بالنسبة للعلاقات مع سوريا، فإن التقارير التي تشير إلى أن بشار الأسد سيزور كيم جونغ أون قريباً ليست مفاجئة. وعلى الرغم من أن إسرائيل دمّرت المفاعل النووي السوري الذي بنته كوريا الشمالية في عام 2007، لم تعانِ دمشق أو بيونغ يانغ من أي تداعيات دائمة على نشاطهما في مجال الانتشار النووي، لذلك استمر هذا النشاط. فقد تعاونتا على تطوير صواريخ باليستية حيث سافرت مجموعات متعددة من التقنيين الكوريين الشماليين إلى سوريا ناقلين تكنولوجية صواريخ خاصة، بما فيها المساعدة في تطوير صواريخ "سكود". كما زوّد كيم سوريا بالتكنولوجيا والمواد المستخدمة في تطوير أسلحة كيميائية، على غرار بلاطات مقاومة للأحماض، والصمامات والأنابيب والكابلات المرتبطة بها.
وفي أماكن أخرى، أقامت بيونغ يانغ علاقات تصدير مع دول الخليج العربي، بما فيها الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول الشريكة للولايات المتحدة التي تتردد واشنطن بفرض عقوبات عليها. ومن شأن صواريخ الوقود الصلب القصيرة والمتوسطة المدى أن تستقطب على نحو خاص دول المنطقة والجهات الفاعلة من غير الدول.
وفي الوقت الذي تتفاوض فيه كوريا الشمالية مع إدارة ترامب، يتعين عليها الإفصاح عن كافة جهودها في مجال الانتشار النووي. ومن المحتمل أن لا تدرك بيونغ يانغ مدى ما تعرفه الولايات المتحدة عن أنشطتها. وبمساعدة معلومات استخبارية وفيرة، سيتمكن المسؤولون الأمريكيون عموماً من معرفة متى يكون نظراؤهم على طاولة الحوار صادقين، وإلى أي مدى يكونون جادين في التوصل إلى اتفاق. وقد تعهدت كوريا الشمالية بوقف نشر التكنولوجيا العسكرية في الماضي، ولكنها تواصل القيام بذلك، لذا يجب أن تكون مطالب إدارة ترامب محددة وواضحة بشكلٍ أكبر من أجل تحقيق تغييرات ملحوظة.
ومن المرجح أن تكون كوريا الشمالية قد استنتجت من «خطة العمل الشاملة المشتركة» بأن الغش في الاتفاقات النووية مسموح به، وأنه يمكن استغلال صفقات محدودة، وأنه بإمكانها تجاوز الخطوط الحمراء في القضايا النووية من أجل الحصول على تنازلات، وأن مواقعها العسكرية منطقة محظورة. ومع ذلك، تبقى الآمال معلقةً على أن تكون واشنطن قد استخلصت بعض العبر أيضاً.
أولاً، على الإدارة الأمريكية أن تكون مستعدةً للانسحاب من طاولة المفاوضات إذا اقتضى الأمر. ثانياً، يجب أن تدرك أن إبرام اتفاقات تركز على القضايا النووية لا يحلّ المشاكل الاستراتيجية الأوسع نطاقاً. ثالثاً، ينبغي عليها تجنب نزع السلاح النووي على مراحل، وأن تصر بدلاً من ذلك على نموذج نزع السلاح النووي في ليبيا (في الوقت الذي تدحض فيه الاتهامات بأنها تدعو إلى تغيير شبح النظام في البلاد). رابعاً، لا ينبغي لواشنطن أن تمنح كوريا الشمالية أي انفراج إلى أن تُحرز تقدماً حقيقياً نحو نزع الأسلحة النووية. ومع ذلك، إذا كان كيم يرغب حقاً في الالتزام بمثل هذا التقدم، فعلى الإدارة الأمريكية أن تستعد للتفاوض على "الكثير مقابل الكثير".
يُذكر أن الصين وروسيا، أكبر متجنّبي العقوبات في العالم، لا تشاركان في هذه المفاوضات. وتتوقعان من دون شك أن تصدّق إدارة ترامب وعود كيم وتقدّم التنازلات وتقع في فخ النزع التدريجي للأسلحة النووية. لكن في النهاية، قد ينتهي الأمر بالشركات الصينية والروسية بتحمّل عبء العقوبات الأمريكية. وعلى الرغم من عدم وجود نظام عقوبات مضمون، يمكن للسلطات الأمريكية تعزيزها بطرق جديدة لزيادة فعاليتها. فعلى سبيل المثال، سبق أن حددت واشنطن شبكات الشحن الكورية الشمالية وفرضت عليها عقوبات، ولكن بإمكانها الذهاب أبعد من ذلك والبدء باعتراض السفن بشكل مباشر.
كونغدان أوه
بدأت العلاقة النووية والصاروخية بين كوريا الشمالية وسوريا في عهد كيم إيل سونغ، وثمة الكثير من الرموز التي تجسّد عمق هذه العلاقة، من النصب التذكاري للحاكم الراحل في دمشق إلى العديد من عبارات التهنئة التي أرسلها الأسد حين استلم نجل كيم السلطة. أما بالنسبة للعلاقات مع إيران، فقد بنتها بيونغ يانغ على أساس الابتزاز والجغرافيا السياسية المعادية لأمريكا.
وفي عام 1997، التقى وفد من كوريا الشمالية بالسفير الإسرائيلي في ستوكهولم، وأوضح أن بلاده قد اختبرت بنجاح صاروخاً موجهاً عبر الأقمار الصناعية، وحذّر من أن إيران ودولاً أخرى في الشرق الأوسط مهتمة بشرائه. كما طلب أعضاء الوفد من إسرائيل مليار دولار لقاء عدم بيع تكنولوجيا الصواريخ إلى أعدائها. غير أن الإسرائيليين رفضوا الدفع نقداً، لكنهم عرضوا تقديم مساعدات إنسانية، وتكنولوجيا زراعية، وخبرات طبية، وأنواعاً أخرى من المساعدات تزيد قيمتها عن مليار دولار. لكن بيونغ يانغ رفضت هذه الصفقة، وأعلنت أنها تفضل انتهاك "اتفاقيات جنيف" على أن تكون مقيّدة بمعايير تزعم أنها منحازة لخدمة الولايات المتحدة.
أما اليوم، فتشهد كوريا الشمالية تغييرات داخلية، حيث يحمل مواطنوها حوالي 3.7 مليون هاتفاً جوالاً ويمكنهم الاتصال مباشرةً بأشخاص في أجزاء من كوريا الجنوبية والصين وروسيا. ومثل هذه الاتصالات ستثير حتماً تساؤلات في كوريا الشمالية حول إيديولوجية النظام وشرعيته. ويدرك كيم أن عليه التركيز على التنمية الاقتصادية إن أراد لنظامه أن يصمد، لكن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية لا تزال مجتمعاً فقيراً للغاية يفتقد للسيولة ويملك احتياطيات أجنبية ضئيلة.
وبالتالي، ستفي بيونغ يانغ على الأرجح بأي وعود نووية تقطعها إذا كان الثمن مناسباً. ومن المؤكد أن الانسحاب من «خطة العمل الشاملة المشتركة» قد أقنع على الأرجح النظام بأن الولايات المتحدة ليست محط ثقة، لذا فإن المسؤولين الكوريين الشماليين قد يكونون أقل رغبة في الالتزام باتفاق مبرم مع واشنطن. لكن نظراً إلى الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، قد يقررون صرف النظر عن انعدام الثقة ويصونون الاتفاقات من أجل منافع اقتصادية.
من ناحية أخرى، تشهد علاقة كوريا الشمالية مع الصين فتوراً تاريخياً. فمنذ سنوات قليلة، أرسل الرئيس شي جين بينغ مبعوثاً إلى بيونغ يانغ ليطلب منها وقف اختباراتها النووية. غير أنه تمّ استئناف الاختبارات بعد فترة وجيزة، مما أسفر عن بروز توترات لا تزال قائمةً حتى هذا اليوم. وقد التقى شي جين بينغ مع كيم مرتين على الأقل خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن السخرية والشكوك كانت واضحةً للغاية في تصريحات المتحدثين باسم الحكومة الصينية بشأن احتمال إجراء محادثات مع واشنطن.
جاي سولومون
منذ سنوات تدور روايات حول تدخل بيونغ يانغ في الشرق الأوسط، بدءاً من الطيارين الكوريين الشماليين الذين قاتلوا في "حرب يوم الغفران" عام 1973، مروراً بزيارة مهندسين من كوريا الشمالية إلى إيران خلال حربها مع العراق، وصولاً إلى محاولة إسرائيل رشوة كوريا الشمالية لمنعها من تصدير الصواريخ إلى المنطقة. إن كافة هذه الروايات صحيحة، ولا يزال نظام كيم اليوم يفلت من أي عقاب لقاء نشر الأسلحة النووية.
وفي سوريا، تستخدم كوريا الشمالية شركات وهمية أجنبية لتوفير المعدات إلى دمشق بشكل غير مباشر. وقد انتشرت هذه الشركات في ماليزيا ومصر وأرجاء الصين، من بين دول أخرى. ومن السذاجة التصديق بأن بكين ليست على علم بهذه الأنشطة. إذاً فمن حيث المبدأ، تعتمد قدرة المجتمع الدولي على الحدّ من الانتشار النووي لكوريا الشمالية على هذه الدول الواجهة.
واليوم، يوجد لكافة دول الشرق الأوسط تقريباً بعض الارتباطات بالأنظمة العسكرية الكورية الشمالية. ففي اليمن، حصلت الحكومة على جزء من تكنولوجيا الصواريخ التي طورتها بيونغ يانغ قبل حربها الحالية. ونتيجةً لذلك، فإن الصواريخ التي تطلقها القوات الحوثية المتمردة على السعودية قد يكون لها مدخلات من مصادر كورية شمالية - أو من مصادر إيرانية، أو كليهما.
وبالعودة إلى الأحداث الماضية، لم تتمكن إدارتا كلينتون وبوش من الإصرار على محاسبة بيونغ يانغ بالكامل بسبب أنشطتها في مجال الانتشار النووي. فعلى سبيل المثال، أدى انعدام مثل هذه الشفافية إلى انهيار الاتفاقية الإطارية لعام 1994 التي وافقت بموجبها كوريا الشمالية على وقف الانتشار. وحتى في يومنا هذا، لا تزال عامة الناس تكتشف حجم المساعدة التقنية التي توفرها كوريا الشمالية لبرنامج الأسلحة الكيميائية والنووية في سوريا.
وخلال التفاوض مع نظام كيم، على الولايات المتحدة استخلاص بعض العبر من تجربة «خطة العمل الشاملة المشتركة». فقد أخفق هذا الاتفاق في حل عدد من القضايا المهمة، كما أدى التحول السياسي في واشنطن إلى زيادة خطر انهياره في النهاية. ورغم المضي قدماً في هذا الاتفاق، لم تتفق الأطراف أبداً - ناهيك عن المعسكرين المتنافسين ضمن الحكومة الأمريكية - بشكل كامل حول قضايا العقوبات، كما أهملت إدارة أوباما مسألة "الأبعاد العسكرية المحتملة". باختصار، تُعتبر الاتفاقات الدولية من هذا النوع سياسية في جوهرها، لذا يجب وضعها ضمن إطار معاهدات إذا كانت لتصمد وتنجح في اختبار مرور الزمن.
http://www.washingtoninstitute.org/...-middle-east-a-dangerous-military-supply-line
أعد هذا الملخص صامويل نورثروب.