المفاعلات النووية .. أنواعها ومكوناتها وكيفية تشغيلهايتزايد الاهتمام بقضايا التسلح النووي فيالعالم بصفة عامة وفي الشرقالأوسط بصفة خاصة، ومنذ منتصف القرن العشرين دارت الجهود الدولية حول مجابهةانتشاره من خلال معاهدة وقف التجارب النووية فوق الأرض أو تحتها، وكذلك من خلالمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ومايرتبط بها من ضمانات·
ومن البديهي أنازدياد الصدقية حيال تعامل الدول مع المواد النووية هو نتيجة للالتزام الدقيقبتنفيذ نظام الضمانات الشاملة، سواء من جانب الدول أو من جانب >الوكالة الدوليةللطاقة الذرية<، ولكن اختلاف مستوى الصدقية وازدواجية معايير الدول الخمس ذاتالقدرات النووية (دول السلاح النووي الخمس التي لاتخضع لنظام الضمانات) أدى إلى خللفي تداول المعلومات والمعدات المستخدمة في التقنية النووية ·
أوضح اكتشاف النشاطالإشعاعي عام 1896 أن عنصري الثوريوم واليودانيوم (اليود المشع) يطلقان قدراً منالطاقة بصورة تلقائية، ويصحب عملية انطلاق الطاقة حدوث سلسلة من التحولات ذاتالنشاط الإشعاعي يتم خلالها انطلاق جسيمات وأشعة من الذرات- تتغير بناءً على ذلكالطبيعة الكيميائية لهذه الذرات- ويتسم معدل انطلاق الطاقة بالضعف مما يترتب عليهتعذر الاستفادة بهذه الطاقة بشكل عملي ·
تطور الأمر عام 1911 عندما اكتشف العالمالبريطاني رذرفورد أن بإمكان جسيمات >ألفا< تحطيم نواة الذرة، وتوصلت الأبحاثالمستفيضة إلى اكتشاف النيوترون عام 1932، ثم إلى شطر ذرة اليورانيوم عام 1938،وأصبح واضحاً آنذاك أنه يمكن إحداث سلسلة من التفاعلات النووية باستخداماليورانيوم، وأنه يمكن أن يكون ذلك بمثابة الوسيلة الملائمة لانطلاقكميات هائلة منالطاقة، كما يمكن بهذه العملية التفاعلية الحصول على عنصر جديد هو البلوتونيوم،وأصبح التوصل إلى إنتاج القنبلة الذرية إثر ذلك ممكناً·
وبهدف إنتاج البلوتونيوماللازم لهذه القنبلة تم إنشاء >مصنع هانفورد< على نهر كولومبيا في الولاياتالمتحدة، وفيه تم إنتاج أول مفاعل نووي في العالم، ثم أقيم على نطاق صناعي لإنتاجالبلوتونيوم عام 1944، وكان يتم التخلص من الحرارة الناتجة من التفاعلات النووية فيهذا المفاعل باستخدام مياه نهر كولومبيا دون استخدامها لإنتاج الطاقة، وبدأت الخطوةالتالية إثر ذلك بهدف التوصل إلى تصميم مفاعل نووي يمكن من خلاله تحويل الحرارةالناتجة فيه إلى صورة استخدام مفيدة من الطاقة، وهو مايعني التشغيل عند درجة حرارةأعلى، وتطور إنشاء المفاعلات وصناعات الطاقة النووية، وأُطلق عليها بعد ذلك >الصناعات النووية< ·
الاكتشافات الموازيةفي عام 1954 بدأت أولغواصة نووية أمريكية (نوتيلوس) رحلاتها التجريبية، أما في بريطانيا فقد تم إنشاءأول مفاعل نووي في (كالدرهول) لهدف مزدوج: إنتاج البلوتونيوم وتوليد الكهرباء، وبدأتشغيل أول محطة للطاقة النووية في الاتحاد السوفييتي عام 1957، وأصبح هناك حوالي 250 قطعة بحرية تجوب محيطات العالم تستخدم الدفع النووي، كما وصل عدد المفاعلاتالنووية إلى 120 مفاعلاً أُقيمت على نطاق صناعي كامل، وأصبح عددها يقترب من 500مفاعل مع بداية القرن الحادي والعشرين ·
مكونات المفاعل النووييتألفالمفاعل النووي الحراري من مكونات، الهدف منها استمرار التفاعل المتسلسل الذي منخلاله تكون كمية وترتيب مادة الانشطار النووي، وكذلك المادة غير الانشطارية الوسيطةداخل قلب المفاعل ·
ويتكون المفاعل النووي من سبعة أجزاء هي :
1- وعاءالمفاعل وهو عبارة عن خزان من الصلب السميك، يوضع في الجزء السفلي منه قلب المفاعلوقضبان التحكم الممتدة حتى أعلى الوعاء، ويحافظ وعاء المفاعل المغلق على عدم خروجالإشعاع من قلب المفاعل، كذلك يحوي المادة المبردة داخل السطح الداخلي المتعرج ·
2- الوقود النووي تستخدم معظم المفاعلات النووية وقوداً صلباً تكون فيه المادةالانشطارية من عنصر اليورانيوم أو سبيكة من اليورانيوم والألمنيوم، أو أقراص منأكسيد اليورانيوم أو كربيد اليورانيوم داخل فراغات الجرافيت، وتوضع عناصر المادةالمشعة (الوقود) داخل حافظة معدنية تغطي الوقود وتمنع نواتج الانشطار ولاتتأثرسريعاً بالنيوترونات ·
ويتميز التفاعل الانشطاري داخل المفاعل باستخداماليورانيوم235 المستخرج من خام اليورانيوم الذي يستهلك في المفاعل، ويتحول جزء منهإلى البلوتونيوم239 الذي يتشكل من اليورانيوم 238، ويمكن أن يعمل المفاعل دون إجراءعملية إحلال سريعة للوقود النووي، وللمزيد من الاقتصاد في تشغيل المفاعل يفضل إزالةنواتج الانشطار من المفاعل دورياً، إذ إن النيوترونات من نواتج الانشطار تبقىعالقة، وبالتالي يقل عدد النيوترونات المتاحة لاستمرار سلسلة التفاعل مع إنتاجالمزيد من البلوتونيوم، وكذلك يتم إزالة البلوتونيوم من المفاعل (دورياً أيضاً)،حيث يمكن تنقيته للاستخدام كوقود انشطاري في مفاعلات أو أغراض أخرى، وبالإضافة إلىذلك يتم تغيير اليورانيوم وإحلاله قبل أن يستهلك تماماً، أو إصابة الوقود بعيوبلتجنب فقد القدرة علىاستمرارية سلسلة التفاعل ·
وبالتالي فإناليورانيوم المستخدم في المفاعلات عادة مايتصل بحلقة أخرى أوسع لإعادة تشغيله فيمصنع أو معمل قريب من المفاعل، وفي هذا المصنع يتم تنقية اليورانيوم والبلوتونيوملتوفير وقود جديد للمفاعلات، كذلك يتم تشغيل منتجات الانشطار للحصول على عناصر مشعةمختلفة، ثبت أن قيمتها عالية في استخدامات أخرى، وهذا يُطلق عليه >الصناعاتالنووية< ·
3- المادة المخصبةإحدى المشاكل التي تواجه استخدامالمفاعلات هي الفقد المنتظم للمادة الانشطارية مع استمرار عمل المفاعل، ويمكن تقليلآثار المشكلة باستخدام وقود يحتوي على المادة الانشطارية، وقدر من مادة مخصبة لهاالقدرة على التحول إلى مادة انشطارية، ومن أمثلة ذلك يستخدم الثوريوم 232 كمادةمخصبة ولها القدرة على التحول إلى وقود انشطاري يورانيوم 233 بامتصاص نيوترون ·
وتختلف صور خلط الوقود بالمادة المخصبة من دولة إلى أخرى ومن مفاعل لآخر، حيثتستخدم بعض المفاعلات مخلوطاً متجانساً من الأكاسيد عالية التخصيب من اليورانيوم 235 والثوريوم في حاويات من الصلب غير القابل للصدأ على شكل أنابيب، ومع اليورانيومالمخصب يتحول جزء من اليورانيوم 238 إلى بلوتونيوم 239 وفي هذه الحالة يزيد حجمالمادة الانشطارية، وهناك طريقة أخرى هي تشكيل اليورانيوم في شكل حبيبات صغيرة منالوقود عالي التخصيب في تجاويف قضبان الوقود من اليورانيوم الطبيعي، ويمكن بعد ذلكإحلال الحبيبات، حيث تكون قد فقدت قدرتها الإشعاعية، ولكن يمكن ترك التجاويف علىحالها لفترة طويلة ويعاد استخدامها بكفاءة عالية ·
4- الوسيط (المهدىء)
يستخدم في قلب المفاعل النووي >وسيط< لإبطاء سرعة النيوتروناتالمنطلقة بسرعتها الابتدائية، ويتم اللجوء إليه لأن الطاقة الأقل للنيوترونات توفرالاحتمال الأكبر لامتصاصها في الوقود النووي لإنتاج المزيد من الانشطار نظراًللحاجة إلى النيوترونات البطيئة لإحداث سلسلة التفاعل، حيث يمسك الوسيط بقليل منالنيوترونات، وبقدر الزيادة في كمية مادة الوسيط يرتفع معدل الطاقة في إنتاجالنيوترونات ·
وليس لدى العناصر الأثقل من الكربون القدرة على أن تكون وسيطاً،لأن قدرتها على إبطاء النيوترونات ليست جيدة، وإذا تم استخدام أحد هذه العناصرالأكثر ثقلاً كوسيط، فإن النيوترونات يمكن امتصاصها في الوسيط أو تفقد في الوسطالمحيط، قبل أن تتوفر الطاقة الكافية لتحويل النيوترونات السريعة إلى نيوتروناتحرارية، ويمثل الهيدروجين الثقيل والبريليوم والكربون وبعض مركبات هذه العناصر أفضلالمواد المستخدمة عملياً للوسيط ·
5- المبرّديتم امتصاص الحرارة الناتجةمن سلسلة الانشطار من المفاعل بواسطة >مبرّد<، ويعتمد عمله على المياهالعادية أو المياه الثقيلة أو المعادن السائلة أو الأملاح المصهورة أو الغاز، وتسمىالمياه النقية العادية المياه الخفيفة، وتستخدم كمبرد في مفاعلات المياه الساخنة،كما تستخدم المياه الثقيلة كمبرد في المفاعلات التي تستخدم المياه الثقيلة كوسيط ·
6- السيطرة على عمل المفاعلأبسط طرق السيطرة على سلسلة التفاعل هياستخدام مادة عالية القدرة على الإمساك بالنيوترونات، ويعد الكادميوم مادة لها هذهالقدرة، واستخدمت ألواح الكادميوم في أول مفاعل انشطار متسلسل أُقيم في جامعةشيكاغو عام 1942، ومنذ ذلك الحين يتم وضع قضبان الكادميوم وخفضها داخل المفاعللتحديد المعدل الذي يتم عليه الانشطار، كما تستخدم قضبان من بورون الصلب غير المغطىبالجرافيت في المفاعلات التي تستخدم الجرافيت كمادة وسيطة، أو يستخدم بورون الصلبالمغطى في حالة تعرضه للتآكل، وقد تستخدم قضبان السيطرة من المواد التي توجد فيالطبيعة ذات القدرة على امتصاص النيوترونات، وقد تستخدم السوائل في أنابيب القضبان،وفي مثل هذه الحالات تتغير قدرة السيطرة مع تغير مستوى السوائل ·
ومن تقنياتالسيطرة الأخرى على المفاعلات استخدام مواد امتصاص النيوترونات الذاتية في موادالتبريد، ومن أمثلة ذلك حمض البوريك الذائب في مياه التبريد، للإبقاء على المفاعلتحت مستوى الحرارة الحرج خلال تغيير عبوة الوقود النووي، ويتم إخراج حمض البوريك منالمبرد مع بدء عمل المفاعل، ومن الطرق الأخرى وضع مواد امتصاص النيوترونات داخلالوقود ذاته، بعد فترة من الوقت تصبح المادة أقل قدرة وتأثيراً على امتصاصالنيوترونات وهو مايعادل فقد الانشطارية المستهلكة في الانشطار، وتزود بعضالمفاعلات بنظام للسيطرة الذاتية بالنظر إلى تأثير الحرارة على فاعلية المفاعل ·
7- نظام الوقاية (التدريع)
يزداد الحجم الكلي للمفاعل النووي مع زيادةالحاجة لحماية العاملين من أضرار >إشعاع جاما< المصاحب للانشطار ومع زيادةالإشعاع التراكمي الناتج عن نواتج الانشطار النووي الذي تزداد فيه أشعة جامابالإضافة إلى تسرب بعض النيوترونات من المفاعل، حيث لايتم امتصاص النيوتروناتالسريعة، والأفضل والأسهل تقليل طاقتها الحرارية بإحاطتها بمواد إضافية لامتصاصالنيوترونات، وهذه النيوترونات الساخنة يمكن امتصاصها باستخدام كمية من المادةالوسيطة السميكة في مواد بناء المفاعل ·
وتتميز أشعة جاما بقدرتها على اختراقالأجسام، ويمكن امتصاصها بقدرة عالية باستخدام المعادن الثقيلة مثل الرصاصوالتنجستين، ولأسباب اقتصادية من المعتاد استخدام الخرسانة المحيطة بالمفاعل بقدرزائد من السمك في البناء ·
وبالنظر إلى التأثير البيولوجي على الإنسان، يحتاجالمفاعل البحثي الصغير إلى جدار محيطه ذات سمك يتراوح بين3.7-4.2 متر، وبارتفاعيتراوح بين 4.6 - 6 متر، وتُغطي مساحة المفاعل مابين 80 - 120 هكتاراً مربعاً، حتىأن إنشاءات الوقاية من الإشعاع في مفاعل نووي صغير ينتج 5 ميجاوات، تتكون من طبقاتمن الخرسانة المسلحة بسمك 8 -10 أقدام (3 أمتار) ومواد أخرى لتقوية الوقاية منالخرسانة والصلب والتي لايمكن اختراقها ·
وتتطلب إقامة المفاعل وجوده بجوار مصدرمياه وفير مثل نهر كبير أو بحيرة أو شاطىء البحر، حيث يحتاج كميات وفيرة من المياهالضرورية لأغراض التبريد ·
عمل المفاعل النوويعند تشغيل المفاعل النووي،يقوم الوقود النووي بإنتاج النيوترونات وامتصاصها مع إطلاق الحرارة داخل الوقود،ومع احتراق الوقود النووي تتغير طبيعته تدريجياً، ويعتبر النيوترون جسيماً نووياًلايحمل شحنة كهربائية، ويمكن للنيوترون أن يتخلل المادة ليصطدم بالنويات الذرية،وعند حدوث كل تصادم فإن النيوترون إما أن يرتد في اتجاه وإما أن تقتنصه الذرةلتتكون نواة مركبة ·
وتختلف عملية اقتناص النيوترونات باختلاف أنواع النويات،وتختلف نواة ذرة اليورانيوم الموجود في الطبيعة باختلاف نوع النظير، ويوجد لعنصراليورانيوم نظيران يختلف كل منهما عن الآخر في عدد الجسيمات التي تضمها النواة،وتضم نواة النظير الأول 238 جسيماً وتبلغ نسبة توافره 99.3% من اليورانيوم الذي يتمالعثور عليه في الطبيعة، بينما تضم نواة النظير الآخر 235 جسيماً وتبلغ نسبته ,7% وقد جعل وجود هذا النظير عملية إنشاء المفاعلات النووية أمراً ممكناًعنداقتناص اليورانيوم 235 لأحد النيوترونات، فإن النواة المركبة الناتجة لليورانيوم 236 يمكن أن تظل سليمة، ولكن الاحتمال الأكبر يتمثل في انشطارها إلى نويّتينمتماثلتي الكتلة تقريباً، وتنطلق نتيجة لهذه العملية نيوترونات سريعة الحركة، ولذلكيسمى اليورانيوم 235 مادة قابلة للانشطار، بينما ينتج عن اقتناص ذرة اليورانيوم 238نواة أخرى مركبة لليورانيوم 239 وهذه النواة الناتجة غير قابلة للانشطار ·
ونظراً لإمكان تحول اليورانيوم 238 إلى مادة انشطارية فإنه يعد عنصراً خصباً،وتلعب العناصر الانشطارية والخصبة أدواراً هامة في تشغيل المفاعلات النووية، حيثتحدث سلسلة من تفاعلات الانشطار النووي بصورة منتظمة، إذا ما أمكن لأحد النيوتروناتالناتجة عن كل انشطار تنشيط عملية انشطار جديدة، وتؤدي هذه العملية إلى ترك نيوترونأو نيوترونين بصفة احتياطية مع كل عملية انشطار، ويحدث امتصاص متعمد لبعضالنيوترونات الاحتياطية في المفاعل النووي داخل قضبان تحكم يتم إدخالها جزئياً فيالمهدىء، ويُفقد بعضها بشكل لايمكن تجنب حدوثه ·
وتعمل بعض المفاعلات الحراريةبوقود من نظائر اليورانيوم الموجود في الطبيعة، ولكن معظم المفاعلات تعمل بوقود مناليورانيوم بعد فصل نظائره عن بعضها، ويتيح استخدام اليورانيوم المركز الذي يحتويعلى نسبة 2 -4% من اليورانيوم235 حرية أكبر عند تصميم المفاعل، وعند التطبيق العمليتكون نسبة عدد نويات البلوتونيوم 239 إلى عدد نويات اليورانيوم 235 في المفاعلالحراري أقل من واحد ·
وإذا ماكان البلوتونيوم الناتج مطلوباً لصنع قنابل نوويةيتم طرد الوقود في مرحلة مبكرة، أو يتم تركه المفاعل فترة تتراوح بين 3-5 سنواتيحترق خلالها جزء من البلوتونيوم 239 بفعل عمليات الانشطار، ويتحول بعضه إلى نظائرأعلى مثل البلوتونيوم 242/241/240 ولا يُعد قابلاً للانشطار منها سوى البلوتونيوم 241 ·
المفاعل المولِّد (السريع)
أجرى المختصون دراسات تهدف إلى تحسينطريقة الانتفاع بالوقود النووي، ولتحقيق ذلك اتجهت الدراسات في اتجاهين: الأولإحلال الثوريوم الذي يوجد منه في الطبيعة نظير واحد هو الثوريوم 232 بدلاً مناليورانيوم 238 كمادة خصبة، ويترتب على ذلك إنتاج اليورانيوم 232 كمادة انشطارية،وتتلاءم خواص هذه النواة بشكل أفضل مع ظروف تشغيل المفاعل الحراري عن خواصالبلوتونيوم 239 ·
وقد يساعد استخدام الثوريوم على رفع نسبة المحترق من كميتهالموضوعة في المفاعل، الاتجاه الثاني للدراسات هو التوصل إلى المفاعل المولد السريعالذي يعتمد في تشغيله على استخدام نظائر البلوتونيوم كمادة انشطارية واليورانيوم 238 كمادة خصبة دون استخدام مهدىء، وبالتشغيل بنيوترونات سريعة تتحسن خواصالبلوتونيوم كثيراً، وتنخفض قابليته للتحول إلى نظائر غير قابلة للانشطار، وبذلكيمكن تحول أكثر من نواة واحدة من نويات اليورانيوم إلى بلوتونيوم 239 لكل نواةبلوتونيوم تم انشطارها ·
ويعمل المفاعل النووي السريع عبر انفصال نواة الذرةالموجبة، وخلال عملية الانشطار النووي ينفصل جزآ النواة حتى تتوقف فعالية قوةالتجاذب المرتبطة بطاقة الربط، عندئذ يندفع كل من نصفي النواة الذي يحمل نصف الشحنةبعيداً عن الآخر بسرعة رهيبة بفعل التنافر الكهروستاتيكي، ويأخذ الجزء الأعظم منالطاقة التي انطلقت في عملية الانشطار صورة طاقة حركة لنواتج الانشطار، ومع بلوغهذه النواتج حالة السكون وسط الوقود المحيط تتوزع الطاقة وتظهر على هيئة حرارة،ويتعاظم مقدار الحرارة الناتجة مع مرور نواتج الانشطار بعمليات تحول أخرى يصحبهانشاط إشعاعي ويقترب عدد أنواع هذه النواتج من ذرة لعناصر مختلفة ·
عناصرالوقود النوويتعتمد بعض المفاعلات في تشغيلها على استخدام عنصر >اليورانيومالفلزي< كوقود نووي، ولكن ثبت فعالية أكسيد اليورانيوم وكربيد اليورانيوم فيالاستمرار في العمل حتى درجات حرارة مرتفعة، وفي تراكم نواتج الانشطار، وتوضع قضبانمستديرة أو مربعة من الوقود بإحكام داخل مواسير معدنية رقيقة الجدران يتم تجميعهافي بعض التصميمات على هيئة مجموعات، تضم كل منها 36 وحدة تمثل عنصر الوقود النووي،ويستخدم الجرافيت بدلاً من المعادن كغلاف يحيط بالقضبان عندما تكون درجة حرارةالتشغيل مرتفعة ·
وتوضع عناصر الوقود داخل مجارٍ رأسية تنساب فيها تيارات منالمادة المبردة، ويشيع استخدام مواد معينة كمبردات أهمها غاز الهليوم وغاز ثانيأكسيد الكربون والماء العادي أو الثقيل (الذي يحتوي على ذرات نظير الهيدروجينالمسمى بالديوتيريوم بدلاً من ذرات الهيدروجين العادي) أو الصوديوم الفلزي المنصهر،وعند استخدام الماء فإنه يتم ذلك تحت ضغط مرتفع للاحتفاظ بالماء في حالته السائلة،أو يتم ضبط الضغط بحيث يتولد بخار الماء عند مرور المياه على عناصر الوقود، وفي هذهالحالة يتم تمرير بخار الماء مباشرة إلى توربينات، وفي حالات أخرى يمر وسط التبريدإلى مبادل حراري يقوم بنقل الحرارة المكتسبة في الوسط إلى تيار من الماء لتبخيرهواستكمال المراحل باستخدام التوربينات ·
ويراعى الاحتفاظ بالمادة المبردة تحتضغط مهما كانت نوعيتها، ويتحقق ذلك عادة بإحاطة الوقود والمادة المبردة داخل وعاءضغط، وإن كانت هناك طريقة أخرى تعتمد على وضع الوقود والمادة المبردة وحدهما داخلمصفوفة من المواسير تحت ضغط، وفي جميع أنواع المفاعلات ينبغي إنشاء درع خرسانيلحماية الأشخاص العاملين من خطر الإشعاع
ومن البديهي أنازدياد الصدقية حيال تعامل الدول مع المواد النووية هو نتيجة للالتزام الدقيقبتنفيذ نظام الضمانات الشاملة، سواء من جانب الدول أو من جانب >الوكالة الدوليةللطاقة الذرية<، ولكن اختلاف مستوى الصدقية وازدواجية معايير الدول الخمس ذاتالقدرات النووية (دول السلاح النووي الخمس التي لاتخضع لنظام الضمانات) أدى إلى خللفي تداول المعلومات والمعدات المستخدمة في التقنية النووية ·
أوضح اكتشاف النشاطالإشعاعي عام 1896 أن عنصري الثوريوم واليودانيوم (اليود المشع) يطلقان قدراً منالطاقة بصورة تلقائية، ويصحب عملية انطلاق الطاقة حدوث سلسلة من التحولات ذاتالنشاط الإشعاعي يتم خلالها انطلاق جسيمات وأشعة من الذرات- تتغير بناءً على ذلكالطبيعة الكيميائية لهذه الذرات- ويتسم معدل انطلاق الطاقة بالضعف مما يترتب عليهتعذر الاستفادة بهذه الطاقة بشكل عملي ·
تطور الأمر عام 1911 عندما اكتشف العالمالبريطاني رذرفورد أن بإمكان جسيمات >ألفا< تحطيم نواة الذرة، وتوصلت الأبحاثالمستفيضة إلى اكتشاف النيوترون عام 1932، ثم إلى شطر ذرة اليورانيوم عام 1938،وأصبح واضحاً آنذاك أنه يمكن إحداث سلسلة من التفاعلات النووية باستخداماليورانيوم، وأنه يمكن أن يكون ذلك بمثابة الوسيلة الملائمة لانطلاقكميات هائلة منالطاقة، كما يمكن بهذه العملية التفاعلية الحصول على عنصر جديد هو البلوتونيوم،وأصبح التوصل إلى إنتاج القنبلة الذرية إثر ذلك ممكناً·
وبهدف إنتاج البلوتونيوماللازم لهذه القنبلة تم إنشاء >مصنع هانفورد< على نهر كولومبيا في الولاياتالمتحدة، وفيه تم إنتاج أول مفاعل نووي في العالم، ثم أقيم على نطاق صناعي لإنتاجالبلوتونيوم عام 1944، وكان يتم التخلص من الحرارة الناتجة من التفاعلات النووية فيهذا المفاعل باستخدام مياه نهر كولومبيا دون استخدامها لإنتاج الطاقة، وبدأت الخطوةالتالية إثر ذلك بهدف التوصل إلى تصميم مفاعل نووي يمكن من خلاله تحويل الحرارةالناتجة فيه إلى صورة استخدام مفيدة من الطاقة، وهو مايعني التشغيل عند درجة حرارةأعلى، وتطور إنشاء المفاعلات وصناعات الطاقة النووية، وأُطلق عليها بعد ذلك >الصناعات النووية< ·
الاكتشافات الموازيةفي عام 1954 بدأت أولغواصة نووية أمريكية (نوتيلوس) رحلاتها التجريبية، أما في بريطانيا فقد تم إنشاءأول مفاعل نووي في (كالدرهول) لهدف مزدوج: إنتاج البلوتونيوم وتوليد الكهرباء، وبدأتشغيل أول محطة للطاقة النووية في الاتحاد السوفييتي عام 1957، وأصبح هناك حوالي 250 قطعة بحرية تجوب محيطات العالم تستخدم الدفع النووي، كما وصل عدد المفاعلاتالنووية إلى 120 مفاعلاً أُقيمت على نطاق صناعي كامل، وأصبح عددها يقترب من 500مفاعل مع بداية القرن الحادي والعشرين ·
مكونات المفاعل النووييتألفالمفاعل النووي الحراري من مكونات، الهدف منها استمرار التفاعل المتسلسل الذي منخلاله تكون كمية وترتيب مادة الانشطار النووي، وكذلك المادة غير الانشطارية الوسيطةداخل قلب المفاعل ·
ويتكون المفاعل النووي من سبعة أجزاء هي :
1- وعاءالمفاعل وهو عبارة عن خزان من الصلب السميك، يوضع في الجزء السفلي منه قلب المفاعلوقضبان التحكم الممتدة حتى أعلى الوعاء، ويحافظ وعاء المفاعل المغلق على عدم خروجالإشعاع من قلب المفاعل، كذلك يحوي المادة المبردة داخل السطح الداخلي المتعرج ·
2- الوقود النووي تستخدم معظم المفاعلات النووية وقوداً صلباً تكون فيه المادةالانشطارية من عنصر اليورانيوم أو سبيكة من اليورانيوم والألمنيوم، أو أقراص منأكسيد اليورانيوم أو كربيد اليورانيوم داخل فراغات الجرافيت، وتوضع عناصر المادةالمشعة (الوقود) داخل حافظة معدنية تغطي الوقود وتمنع نواتج الانشطار ولاتتأثرسريعاً بالنيوترونات ·
ويتميز التفاعل الانشطاري داخل المفاعل باستخداماليورانيوم235 المستخرج من خام اليورانيوم الذي يستهلك في المفاعل، ويتحول جزء منهإلى البلوتونيوم239 الذي يتشكل من اليورانيوم 238، ويمكن أن يعمل المفاعل دون إجراءعملية إحلال سريعة للوقود النووي، وللمزيد من الاقتصاد في تشغيل المفاعل يفضل إزالةنواتج الانشطار من المفاعل دورياً، إذ إن النيوترونات من نواتج الانشطار تبقىعالقة، وبالتالي يقل عدد النيوترونات المتاحة لاستمرار سلسلة التفاعل مع إنتاجالمزيد من البلوتونيوم، وكذلك يتم إزالة البلوتونيوم من المفاعل (دورياً أيضاً)،حيث يمكن تنقيته للاستخدام كوقود انشطاري في مفاعلات أو أغراض أخرى، وبالإضافة إلىذلك يتم تغيير اليورانيوم وإحلاله قبل أن يستهلك تماماً، أو إصابة الوقود بعيوبلتجنب فقد القدرة علىاستمرارية سلسلة التفاعل ·
وبالتالي فإناليورانيوم المستخدم في المفاعلات عادة مايتصل بحلقة أخرى أوسع لإعادة تشغيله فيمصنع أو معمل قريب من المفاعل، وفي هذا المصنع يتم تنقية اليورانيوم والبلوتونيوملتوفير وقود جديد للمفاعلات، كذلك يتم تشغيل منتجات الانشطار للحصول على عناصر مشعةمختلفة، ثبت أن قيمتها عالية في استخدامات أخرى، وهذا يُطلق عليه >الصناعاتالنووية< ·
3- المادة المخصبةإحدى المشاكل التي تواجه استخدامالمفاعلات هي الفقد المنتظم للمادة الانشطارية مع استمرار عمل المفاعل، ويمكن تقليلآثار المشكلة باستخدام وقود يحتوي على المادة الانشطارية، وقدر من مادة مخصبة لهاالقدرة على التحول إلى مادة انشطارية، ومن أمثلة ذلك يستخدم الثوريوم 232 كمادةمخصبة ولها القدرة على التحول إلى وقود انشطاري يورانيوم 233 بامتصاص نيوترون ·
وتختلف صور خلط الوقود بالمادة المخصبة من دولة إلى أخرى ومن مفاعل لآخر، حيثتستخدم بعض المفاعلات مخلوطاً متجانساً من الأكاسيد عالية التخصيب من اليورانيوم 235 والثوريوم في حاويات من الصلب غير القابل للصدأ على شكل أنابيب، ومع اليورانيومالمخصب يتحول جزء من اليورانيوم 238 إلى بلوتونيوم 239 وفي هذه الحالة يزيد حجمالمادة الانشطارية، وهناك طريقة أخرى هي تشكيل اليورانيوم في شكل حبيبات صغيرة منالوقود عالي التخصيب في تجاويف قضبان الوقود من اليورانيوم الطبيعي، ويمكن بعد ذلكإحلال الحبيبات، حيث تكون قد فقدت قدرتها الإشعاعية، ولكن يمكن ترك التجاويف علىحالها لفترة طويلة ويعاد استخدامها بكفاءة عالية ·
4- الوسيط (المهدىء)
يستخدم في قلب المفاعل النووي >وسيط< لإبطاء سرعة النيوتروناتالمنطلقة بسرعتها الابتدائية، ويتم اللجوء إليه لأن الطاقة الأقل للنيوترونات توفرالاحتمال الأكبر لامتصاصها في الوقود النووي لإنتاج المزيد من الانشطار نظراًللحاجة إلى النيوترونات البطيئة لإحداث سلسلة التفاعل، حيث يمسك الوسيط بقليل منالنيوترونات، وبقدر الزيادة في كمية مادة الوسيط يرتفع معدل الطاقة في إنتاجالنيوترونات ·
وليس لدى العناصر الأثقل من الكربون القدرة على أن تكون وسيطاً،لأن قدرتها على إبطاء النيوترونات ليست جيدة، وإذا تم استخدام أحد هذه العناصرالأكثر ثقلاً كوسيط، فإن النيوترونات يمكن امتصاصها في الوسيط أو تفقد في الوسطالمحيط، قبل أن تتوفر الطاقة الكافية لتحويل النيوترونات السريعة إلى نيوتروناتحرارية، ويمثل الهيدروجين الثقيل والبريليوم والكربون وبعض مركبات هذه العناصر أفضلالمواد المستخدمة عملياً للوسيط ·
5- المبرّديتم امتصاص الحرارة الناتجةمن سلسلة الانشطار من المفاعل بواسطة >مبرّد<، ويعتمد عمله على المياهالعادية أو المياه الثقيلة أو المعادن السائلة أو الأملاح المصهورة أو الغاز، وتسمىالمياه النقية العادية المياه الخفيفة، وتستخدم كمبرد في مفاعلات المياه الساخنة،كما تستخدم المياه الثقيلة كمبرد في المفاعلات التي تستخدم المياه الثقيلة كوسيط ·
6- السيطرة على عمل المفاعلأبسط طرق السيطرة على سلسلة التفاعل هياستخدام مادة عالية القدرة على الإمساك بالنيوترونات، ويعد الكادميوم مادة لها هذهالقدرة، واستخدمت ألواح الكادميوم في أول مفاعل انشطار متسلسل أُقيم في جامعةشيكاغو عام 1942، ومنذ ذلك الحين يتم وضع قضبان الكادميوم وخفضها داخل المفاعللتحديد المعدل الذي يتم عليه الانشطار، كما تستخدم قضبان من بورون الصلب غير المغطىبالجرافيت في المفاعلات التي تستخدم الجرافيت كمادة وسيطة، أو يستخدم بورون الصلبالمغطى في حالة تعرضه للتآكل، وقد تستخدم قضبان السيطرة من المواد التي توجد فيالطبيعة ذات القدرة على امتصاص النيوترونات، وقد تستخدم السوائل في أنابيب القضبان،وفي مثل هذه الحالات تتغير قدرة السيطرة مع تغير مستوى السوائل ·
ومن تقنياتالسيطرة الأخرى على المفاعلات استخدام مواد امتصاص النيوترونات الذاتية في موادالتبريد، ومن أمثلة ذلك حمض البوريك الذائب في مياه التبريد، للإبقاء على المفاعلتحت مستوى الحرارة الحرج خلال تغيير عبوة الوقود النووي، ويتم إخراج حمض البوريك منالمبرد مع بدء عمل المفاعل، ومن الطرق الأخرى وضع مواد امتصاص النيوترونات داخلالوقود ذاته، بعد فترة من الوقت تصبح المادة أقل قدرة وتأثيراً على امتصاصالنيوترونات وهو مايعادل فقد الانشطارية المستهلكة في الانشطار، وتزود بعضالمفاعلات بنظام للسيطرة الذاتية بالنظر إلى تأثير الحرارة على فاعلية المفاعل ·
7- نظام الوقاية (التدريع)
يزداد الحجم الكلي للمفاعل النووي مع زيادةالحاجة لحماية العاملين من أضرار >إشعاع جاما< المصاحب للانشطار ومع زيادةالإشعاع التراكمي الناتج عن نواتج الانشطار النووي الذي تزداد فيه أشعة جامابالإضافة إلى تسرب بعض النيوترونات من المفاعل، حيث لايتم امتصاص النيوتروناتالسريعة، والأفضل والأسهل تقليل طاقتها الحرارية بإحاطتها بمواد إضافية لامتصاصالنيوترونات، وهذه النيوترونات الساخنة يمكن امتصاصها باستخدام كمية من المادةالوسيطة السميكة في مواد بناء المفاعل ·
وتتميز أشعة جاما بقدرتها على اختراقالأجسام، ويمكن امتصاصها بقدرة عالية باستخدام المعادن الثقيلة مثل الرصاصوالتنجستين، ولأسباب اقتصادية من المعتاد استخدام الخرسانة المحيطة بالمفاعل بقدرزائد من السمك في البناء ·
وبالنظر إلى التأثير البيولوجي على الإنسان، يحتاجالمفاعل البحثي الصغير إلى جدار محيطه ذات سمك يتراوح بين3.7-4.2 متر، وبارتفاعيتراوح بين 4.6 - 6 متر، وتُغطي مساحة المفاعل مابين 80 - 120 هكتاراً مربعاً، حتىأن إنشاءات الوقاية من الإشعاع في مفاعل نووي صغير ينتج 5 ميجاوات، تتكون من طبقاتمن الخرسانة المسلحة بسمك 8 -10 أقدام (3 أمتار) ومواد أخرى لتقوية الوقاية منالخرسانة والصلب والتي لايمكن اختراقها ·
وتتطلب إقامة المفاعل وجوده بجوار مصدرمياه وفير مثل نهر كبير أو بحيرة أو شاطىء البحر، حيث يحتاج كميات وفيرة من المياهالضرورية لأغراض التبريد ·
عمل المفاعل النوويعند تشغيل المفاعل النووي،يقوم الوقود النووي بإنتاج النيوترونات وامتصاصها مع إطلاق الحرارة داخل الوقود،ومع احتراق الوقود النووي تتغير طبيعته تدريجياً، ويعتبر النيوترون جسيماً نووياًلايحمل شحنة كهربائية، ويمكن للنيوترون أن يتخلل المادة ليصطدم بالنويات الذرية،وعند حدوث كل تصادم فإن النيوترون إما أن يرتد في اتجاه وإما أن تقتنصه الذرةلتتكون نواة مركبة ·
وتختلف عملية اقتناص النيوترونات باختلاف أنواع النويات،وتختلف نواة ذرة اليورانيوم الموجود في الطبيعة باختلاف نوع النظير، ويوجد لعنصراليورانيوم نظيران يختلف كل منهما عن الآخر في عدد الجسيمات التي تضمها النواة،وتضم نواة النظير الأول 238 جسيماً وتبلغ نسبة توافره 99.3% من اليورانيوم الذي يتمالعثور عليه في الطبيعة، بينما تضم نواة النظير الآخر 235 جسيماً وتبلغ نسبته ,7% وقد جعل وجود هذا النظير عملية إنشاء المفاعلات النووية أمراً ممكناًعنداقتناص اليورانيوم 235 لأحد النيوترونات، فإن النواة المركبة الناتجة لليورانيوم 236 يمكن أن تظل سليمة، ولكن الاحتمال الأكبر يتمثل في انشطارها إلى نويّتينمتماثلتي الكتلة تقريباً، وتنطلق نتيجة لهذه العملية نيوترونات سريعة الحركة، ولذلكيسمى اليورانيوم 235 مادة قابلة للانشطار، بينما ينتج عن اقتناص ذرة اليورانيوم 238نواة أخرى مركبة لليورانيوم 239 وهذه النواة الناتجة غير قابلة للانشطار ·
ونظراً لإمكان تحول اليورانيوم 238 إلى مادة انشطارية فإنه يعد عنصراً خصباً،وتلعب العناصر الانشطارية والخصبة أدواراً هامة في تشغيل المفاعلات النووية، حيثتحدث سلسلة من تفاعلات الانشطار النووي بصورة منتظمة، إذا ما أمكن لأحد النيوتروناتالناتجة عن كل انشطار تنشيط عملية انشطار جديدة، وتؤدي هذه العملية إلى ترك نيوترونأو نيوترونين بصفة احتياطية مع كل عملية انشطار، ويحدث امتصاص متعمد لبعضالنيوترونات الاحتياطية في المفاعل النووي داخل قضبان تحكم يتم إدخالها جزئياً فيالمهدىء، ويُفقد بعضها بشكل لايمكن تجنب حدوثه ·
وتعمل بعض المفاعلات الحراريةبوقود من نظائر اليورانيوم الموجود في الطبيعة، ولكن معظم المفاعلات تعمل بوقود مناليورانيوم بعد فصل نظائره عن بعضها، ويتيح استخدام اليورانيوم المركز الذي يحتويعلى نسبة 2 -4% من اليورانيوم235 حرية أكبر عند تصميم المفاعل، وعند التطبيق العمليتكون نسبة عدد نويات البلوتونيوم 239 إلى عدد نويات اليورانيوم 235 في المفاعلالحراري أقل من واحد ·
وإذا ماكان البلوتونيوم الناتج مطلوباً لصنع قنابل نوويةيتم طرد الوقود في مرحلة مبكرة، أو يتم تركه المفاعل فترة تتراوح بين 3-5 سنواتيحترق خلالها جزء من البلوتونيوم 239 بفعل عمليات الانشطار، ويتحول بعضه إلى نظائرأعلى مثل البلوتونيوم 242/241/240 ولا يُعد قابلاً للانشطار منها سوى البلوتونيوم 241 ·
المفاعل المولِّد (السريع)
أجرى المختصون دراسات تهدف إلى تحسينطريقة الانتفاع بالوقود النووي، ولتحقيق ذلك اتجهت الدراسات في اتجاهين: الأولإحلال الثوريوم الذي يوجد منه في الطبيعة نظير واحد هو الثوريوم 232 بدلاً مناليورانيوم 238 كمادة خصبة، ويترتب على ذلك إنتاج اليورانيوم 232 كمادة انشطارية،وتتلاءم خواص هذه النواة بشكل أفضل مع ظروف تشغيل المفاعل الحراري عن خواصالبلوتونيوم 239 ·
وقد يساعد استخدام الثوريوم على رفع نسبة المحترق من كميتهالموضوعة في المفاعل، الاتجاه الثاني للدراسات هو التوصل إلى المفاعل المولد السريعالذي يعتمد في تشغيله على استخدام نظائر البلوتونيوم كمادة انشطارية واليورانيوم 238 كمادة خصبة دون استخدام مهدىء، وبالتشغيل بنيوترونات سريعة تتحسن خواصالبلوتونيوم كثيراً، وتنخفض قابليته للتحول إلى نظائر غير قابلة للانشطار، وبذلكيمكن تحول أكثر من نواة واحدة من نويات اليورانيوم إلى بلوتونيوم 239 لكل نواةبلوتونيوم تم انشطارها ·
ويعمل المفاعل النووي السريع عبر انفصال نواة الذرةالموجبة، وخلال عملية الانشطار النووي ينفصل جزآ النواة حتى تتوقف فعالية قوةالتجاذب المرتبطة بطاقة الربط، عندئذ يندفع كل من نصفي النواة الذي يحمل نصف الشحنةبعيداً عن الآخر بسرعة رهيبة بفعل التنافر الكهروستاتيكي، ويأخذ الجزء الأعظم منالطاقة التي انطلقت في عملية الانشطار صورة طاقة حركة لنواتج الانشطار، ومع بلوغهذه النواتج حالة السكون وسط الوقود المحيط تتوزع الطاقة وتظهر على هيئة حرارة،ويتعاظم مقدار الحرارة الناتجة مع مرور نواتج الانشطار بعمليات تحول أخرى يصحبهانشاط إشعاعي ويقترب عدد أنواع هذه النواتج من ذرة لعناصر مختلفة ·
عناصرالوقود النوويتعتمد بعض المفاعلات في تشغيلها على استخدام عنصر >اليورانيومالفلزي< كوقود نووي، ولكن ثبت فعالية أكسيد اليورانيوم وكربيد اليورانيوم فيالاستمرار في العمل حتى درجات حرارة مرتفعة، وفي تراكم نواتج الانشطار، وتوضع قضبانمستديرة أو مربعة من الوقود بإحكام داخل مواسير معدنية رقيقة الجدران يتم تجميعهافي بعض التصميمات على هيئة مجموعات، تضم كل منها 36 وحدة تمثل عنصر الوقود النووي،ويستخدم الجرافيت بدلاً من المعادن كغلاف يحيط بالقضبان عندما تكون درجة حرارةالتشغيل مرتفعة ·
وتوضع عناصر الوقود داخل مجارٍ رأسية تنساب فيها تيارات منالمادة المبردة، ويشيع استخدام مواد معينة كمبردات أهمها غاز الهليوم وغاز ثانيأكسيد الكربون والماء العادي أو الثقيل (الذي يحتوي على ذرات نظير الهيدروجينالمسمى بالديوتيريوم بدلاً من ذرات الهيدروجين العادي) أو الصوديوم الفلزي المنصهر،وعند استخدام الماء فإنه يتم ذلك تحت ضغط مرتفع للاحتفاظ بالماء في حالته السائلة،أو يتم ضبط الضغط بحيث يتولد بخار الماء عند مرور المياه على عناصر الوقود، وفي هذهالحالة يتم تمرير بخار الماء مباشرة إلى توربينات، وفي حالات أخرى يمر وسط التبريدإلى مبادل حراري يقوم بنقل الحرارة المكتسبة في الوسط إلى تيار من الماء لتبخيرهواستكمال المراحل باستخدام التوربينات ·
ويراعى الاحتفاظ بالمادة المبردة تحتضغط مهما كانت نوعيتها، ويتحقق ذلك عادة بإحاطة الوقود والمادة المبردة داخل وعاءضغط، وإن كانت هناك طريقة أخرى تعتمد على وضع الوقود والمادة المبردة وحدهما داخلمصفوفة من المواسير تحت ضغط، وفي جميع أنواع المفاعلات ينبغي إنشاء درع خرسانيلحماية الأشخاص العاملين من خطر الإشعاع