الأهمية الجيوسياسية للبحر الأحمر
د. يحيى مفرح الزهراني
| الثلاثاء 27 فبراير 2018
تأثير الوجود الدولي والإقليمي في إفريقيا على أمن دول مجلس التعاون الخليجي عامة، وأمن السعودية خاصة عبر البحر الأحمر، وما المخاطر المحتملة على أمن السعودية عبر بوابة البحر الأحمر، وما الخيارات المتاحة أمام السعودية سواء عبر الحلول الذاتية، أم عبر الشراكة الإقليمية للدول المشاركة في حوض البحر الأحمر؟
يتمتع البحر الأحمر بتاريخ طويل، وأهمية استراتيجية وتجارية واقتصادية وأمنية منذ أقدم العصور فيمتد طوليا مسافة 438 ألف كيلومتر مربع، وعرضه 180 كيلو مترا مربعا، ويبلغ أكبر عمق له نحو 2920 مترا، ويعتبر مدخل مياه بحر العرب، الواقع بين إفريقيا وآسيا من خلال مضيق باب المندب وخليج عدن، وفي الشمال تحده شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة وخليج السويس، وتطل عليه عدة دول لها ثقلها التاريخي والسياسي في مقدمتها السعودية، التي تشكل الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية إذ تبلغ مساحتها نحو 2149690 كيلومترا مربعا. وتحتل المملكة المرتبة الأولى بين دول المنطقة على ساحل البحر الأحمر، كما أن البحر الأحمر يوفر لقوى إقليمية ودولية إمكانية الوصول إلى البحر المتوسط، والمحيط الأطلسي والهندي، ومن هنا فالأهمية الاستراتيجية تأتي من حقيقة موقعه، حيث إنه أصبح الممر الرئيس لطرق التجارة الإقليمية والعالمية.
وزادت أهمية البحر الأحمر بعد شق قناة السويس التي يبلغ طولها 193.5 كيلومتر مربع، حيث قصرت المسافة بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وأصبح له دوره الرئيس في تطور الصناعات والحضارات التي شهدتها أوروبا في العصر الحديث، حيث يبلغ عدد السفن التي تمر بها 17.483 سفينة، تحمل ما بين 8 و12 في المائة من حجم التجارة العالمية.
جهود السعودية في الحفاظ على أمن البحر الأحمر
قامت السعودية في المحافظة على أمن البحر الأحمر كجزء من أمنها القومي، بوضع أسس وقواعد للمحافظة على أمن البحر الأحمر، فبعد تأسيس جامعة الدول العربية، تم عقد مؤتمر الثامن من شباط (فبراير) 1955 في القاهرة، بهدف التصدي للأحلاف الأجنبية، وفي العام نفسه 1955 تم عقد الاتفاق المشترك للدفاع ضد العدوان الخارجي.
وفي عام 1956 عقدت السعودية ميثاق جدة لإقامة نظام أمن مشترك في البحر الأحمر وفي 1972 عقد مؤتمر جدة بين الدول المحافظة على أمن البحر الأحمر، وفي 1976 عقد مؤتمر جدة بهدف تدارس أمن البحر الأحمر، وفي 1977، بذلت محاولات دبلوماسية لتأكيد الأمن العربي في البحر الأحمر (طايل، 1994، ص393).
ومن خلال المادة (197) من اتفاقية قانون البحار لعام 1982، التي تنص على أن "تتعاون الدول على أساس عالمي لحماية البيئة البحرية، والحفاظ عليها"، وقع مندوبو: السعودية، والأردن، والسودان، والصومال، ومنظمة التحرير الفلسطينية، واليمن في يوم الأحد الموافق 14 /2/ 1982، اتفاقية جدة كخطوة مهمة في مجال التعاون الإقليمي (ابن فتن، 1422هـ، ص109).
وانطلاقًا من الأهمية الأمنية للبحر الأحمر للدول العربية، قامت السعودية بالسعي لتكاتف جهود الدول العربية المطلة على هذا البحر لتوفير الحماية له، والقضاء على هذه الأخطار التي تهدد أمنه قبل أن تستفحل، ويتحول إلى بؤرة صراع وخطر يهدد أمنها وأمن الدول المطلة عليه، حيث يواجه البحر الأحمر مجموعة من الصراعات منها: الصراع الصومالي - الإثيوبي، والصراع الإريتري - الإثيوبي، والصراع السوداني - الإثيوبي، والتدخل الإسرائيلي والإيراني والتوسع التركي، والمصالح العالمية متمثلة في أمريكا وروسيا والتجارة الأوروبية ومن هنا تدخل الدول الكبرى للتحكم فيه.
د. يحيى مفرح الزهراني
| الثلاثاء 27 فبراير 2018
تأثير الوجود الدولي والإقليمي في إفريقيا على أمن دول مجلس التعاون الخليجي عامة، وأمن السعودية خاصة عبر البحر الأحمر، وما المخاطر المحتملة على أمن السعودية عبر بوابة البحر الأحمر، وما الخيارات المتاحة أمام السعودية سواء عبر الحلول الذاتية، أم عبر الشراكة الإقليمية للدول المشاركة في حوض البحر الأحمر؟
يتمتع البحر الأحمر بتاريخ طويل، وأهمية استراتيجية وتجارية واقتصادية وأمنية منذ أقدم العصور فيمتد طوليا مسافة 438 ألف كيلومتر مربع، وعرضه 180 كيلو مترا مربعا، ويبلغ أكبر عمق له نحو 2920 مترا، ويعتبر مدخل مياه بحر العرب، الواقع بين إفريقيا وآسيا من خلال مضيق باب المندب وخليج عدن، وفي الشمال تحده شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة وخليج السويس، وتطل عليه عدة دول لها ثقلها التاريخي والسياسي في مقدمتها السعودية، التي تشكل الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية إذ تبلغ مساحتها نحو 2149690 كيلومترا مربعا. وتحتل المملكة المرتبة الأولى بين دول المنطقة على ساحل البحر الأحمر، كما أن البحر الأحمر يوفر لقوى إقليمية ودولية إمكانية الوصول إلى البحر المتوسط، والمحيط الأطلسي والهندي، ومن هنا فالأهمية الاستراتيجية تأتي من حقيقة موقعه، حيث إنه أصبح الممر الرئيس لطرق التجارة الإقليمية والعالمية.
وزادت أهمية البحر الأحمر بعد شق قناة السويس التي يبلغ طولها 193.5 كيلومتر مربع، حيث قصرت المسافة بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وأصبح له دوره الرئيس في تطور الصناعات والحضارات التي شهدتها أوروبا في العصر الحديث، حيث يبلغ عدد السفن التي تمر بها 17.483 سفينة، تحمل ما بين 8 و12 في المائة من حجم التجارة العالمية.
جهود السعودية في الحفاظ على أمن البحر الأحمر
قامت السعودية في المحافظة على أمن البحر الأحمر كجزء من أمنها القومي، بوضع أسس وقواعد للمحافظة على أمن البحر الأحمر، فبعد تأسيس جامعة الدول العربية، تم عقد مؤتمر الثامن من شباط (فبراير) 1955 في القاهرة، بهدف التصدي للأحلاف الأجنبية، وفي العام نفسه 1955 تم عقد الاتفاق المشترك للدفاع ضد العدوان الخارجي.
وفي عام 1956 عقدت السعودية ميثاق جدة لإقامة نظام أمن مشترك في البحر الأحمر وفي 1972 عقد مؤتمر جدة بين الدول المحافظة على أمن البحر الأحمر، وفي 1976 عقد مؤتمر جدة بهدف تدارس أمن البحر الأحمر، وفي 1977، بذلت محاولات دبلوماسية لتأكيد الأمن العربي في البحر الأحمر (طايل، 1994، ص393).
ومن خلال المادة (197) من اتفاقية قانون البحار لعام 1982، التي تنص على أن "تتعاون الدول على أساس عالمي لحماية البيئة البحرية، والحفاظ عليها"، وقع مندوبو: السعودية، والأردن، والسودان، والصومال، ومنظمة التحرير الفلسطينية، واليمن في يوم الأحد الموافق 14 /2/ 1982، اتفاقية جدة كخطوة مهمة في مجال التعاون الإقليمي (ابن فتن، 1422هـ، ص109).
وانطلاقًا من الأهمية الأمنية للبحر الأحمر للدول العربية، قامت السعودية بالسعي لتكاتف جهود الدول العربية المطلة على هذا البحر لتوفير الحماية له، والقضاء على هذه الأخطار التي تهدد أمنه قبل أن تستفحل، ويتحول إلى بؤرة صراع وخطر يهدد أمنها وأمن الدول المطلة عليه، حيث يواجه البحر الأحمر مجموعة من الصراعات منها: الصراع الصومالي - الإثيوبي، والصراع الإريتري - الإثيوبي، والصراع السوداني - الإثيوبي، والتدخل الإسرائيلي والإيراني والتوسع التركي، والمصالح العالمية متمثلة في أمريكا وروسيا والتجارة الأوروبية ومن هنا تدخل الدول الكبرى للتحكم فيه.