تمنح إدارة دونالد ترامب أسلحة بقيمة مئات ملايين الدولارات لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من أجل محاربة "الدولة الإسلامية" فيما يتوسّع التنظيم القتالي نحو أفريقيا بعد انحساره في العراق وسوريا حيث كان يمتلك ملاذاً آمناً في كلا البلدَين.
يستخدم البنتاغون هيئة قانونية أميركية غير معروفة أنشأها الكونغرس بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 لتوزيع كميات كبيرة من الأسلحة من أجل بناء سلاح الجو في الأردن ولبنان للقضاء على الإرهابيين من الجو.
يستخدم البنتاغون هيئة قانونية أميركية غير معروفة أنشأها الكونغرس بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 لتوزيع كميات كبيرة من الأسلحة من أجل بناء سلاح الجو في الأردن ولبنان للقضاء على الإرهابيين من الجو.
وتعمد وزارة الدفاع الأميركية أيضاً إلى تجهيز وحدات للقوات الخاصة في دول شمال أفريقيا مثل المغرب وتونس، التي يُحدِق بها التهديد الذي يمثّله مقاتلو "الدولة الإسلامية" العائدون إلى المنطقة.
تندرج هذه المبالغ في إطار زيادة شاملة قدرها ستمئة مليون دولار أميركي في المساعدات الأمنية التي يقدّمها البنتاغون منذ تسلّم ترامب سدّة الرئاسة، وفقاً لما جاء في سجلات خاصة بالكونغرس اطّلع عليها موقع "المونيتور".
ليس واضحاً إذا كان ضخّ أموال البنتاغون في الجيوش الأجنبية يشكّل تحوّلاً في السياسة بعيداً من النهج الذي اعتمدته إدارة باراك أوباما التي سعت إلى بناء القوات المحلية، من أجل أن تتمكّن الولايات المتحدة من الشروع في خفض وجودها في الجبهات الأمامية للمعركة على الإرهاب. يأتي هذا الضخ الجديد للأموال في المساعدات التي يقدّمها البنتاغون في وقتٍ تُلوِّح الموازنة التي اقترحها ترامب بخفوضات تصل إلى نحو 600 مليون دولار في برنامج التمويل العسكري الخارجي الذي تنفّذه وزارة الخارجية الأميركية، مع إلغاء طلبات التمويل للمساعدات المخصَّصة إلى لبنان وتونس، والتي سعى المشترعون إلى إعادة العمل بها.
قال سيث بيندر، مدير البرامج في "مرصد المساعدات الأمنية" في مركز السياسة الدولية: "إنه استمرارٌ للسياسة الأميركية التي بدأ تنفيذها منذ [هجمات 11 أيلول/سبتمبر] لتأمين التمويل من أجل بناء قدرات الشركاء"، مضيفاً: "إرسال هذه الأموال إلى الشركاء عن طريق [وزارة الدفاع] أسهل منه عن طريق وزارة الخارجية".
يبدو أن أموال البنتاغون، المنصوص عليها في الفصل 333 من موازنة الدفاع الأميركية للعام 2016، تُستخدَم لأغراض مشابهة لتلك التي يُستعمَل من أجلها التمويل العسكري الأجنبي. يمكن أن تساعد هذه الأموال، التي تخضع لإجراءات التدقيق بغية ضمان مراعاة حقوق الإنسان، في التعامل مع مسألتَي عودة مقاتلي "الدولة الإسلامية" والتهديدات الحدودية.
على الرغم من أن المفاوِضين الأميركيين والأردنيين لم يقتربوا من التوصّل إلى اتفاق حول مذكرة تفاهم دفاعية بعيدة المدى بعد انقضاء مدّة الاتفاق السابق هذا العام، وافق البنتاغون على تسليم عمان أسلحة تفوق قيمتها 19 مليون دولار في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وتشتمل هذه الأسلحة على صواريخ متفجِّرة، ونظارات للرؤية الليلية، ورشاشات "إم 4". كذلك أرسلت الولايات المتحدة أسلحة بقيمة نحو 85 مليون دولار إلى المملكة العربية السعودية في آذار/مارس الماضي، بينها مروحيات "يو إيتش-60أيه" ومدافع "هاوتزر" 105 ملم.
هذا وقد تضمّنت رزمة الأسلحة التي تمّت الموافقة على تسليمها في تشرين الأول/أكتوبر، عتاداً بقيمة 120 مليون دولار لدعم سلاح الجو اللبناني، بما في ذك مروحيات هجومية خفيفة وطائرات "درون" فائقة الأداء أميركية الصنع، فضلاً عن تزويد تونس بدروع واقية ومروحيات، وتجهيز وحدة للقوات الخاصة في المغرب.
كذلك تنوي الولايات المتحدة تعزيز القوات الخاصة في شمال أفريقيا حيث يتوجّه تنظيم "الدولة الإسلامية" مع خروجه من ساحات المعارك في العراق وسوريا. سوف تتلقّى تونس، من خلال ما يُعرَف بـ"صندوق التدريب والتجهيز"، دروعاً واقية ومروحيات قديمة بقيمة 13 مليون دولار، في حين أن البنتاغون سيعمل أيضاً على تجهيز وحدة للقوات الخاصة في المغرب عبر تخصيص أكثر من 18 مليون دولار لتزويدها بالشاحنات والمسدّسات والبنادق والتدريب على أيدي القوات الأميركية بغية التعامل مع التهديد الناشئ.
من شأن الأسلحة التي تؤمّنها إدارة ترامب أن تجعل الأردن ولبنان في موقع أقوى لاحتلال الصدارة في المعركة الإقليمية ضد الإرهاب. في الإجمال، تبلغ قيمة المساعدات الخارجية الأميركية إلى الأردن مليار دولار سنوياً، في حين أن قيمة المساعدات الأمنية الأميركية للجيش اللبناني فاقت 1.4 مليار دولار منذ العام 2005، وفقاً للقيادة المركزية الأميركية.
أنشئ "الصندوق العالمي للتدريب والتجهيز" كي يكون أداةً للتحرّك السريع من أجل تأمين الدعم الحاسم لحلفاء الولايات المتحدة في المعركة ضد الإرهاب خلال عهد جورج دبليو بوش، وهو لا يستدعي من البنتاغون عرض كل طلب تمويل على الكونغرس على أساس كل بلد على حدة. بدلاً من ذلك، تحصل وزارة الدفاع على مخصّصات سنوية، وتُبلغ المشترعين في كل مرة تسحب فيها أموالاً من الصندوق.
قال دايف ديس روشيس، وهو كولونيل سابق في الجيش الأميركي كان الصندوق جزءاً من عمله كموظف في الخدمة المدنية في البنتاغون، إنه كان من المقرّر أن يكون "صندوقاً قصير المدى [خاصاً بالبنتاغون]، على أن يتم الانتقال بعد سنوات قليلة نحو [التمويل العسكري الخارجي]"، مضيفاً: "ما إن دخلت البيروقراطية على الخط حتى باتت لكل قيادي مقاتل حصّة صغيرة، وساهمت البيروقراطية في انتشار هذه الممارسة".
الأسلحة التي تم تسليمها إلى بلدان الشرق الأوسط، والتي فاقت قيمتها مليار دولار في الأعوام الثلاثة الماضية، تحظى أيضاً بالمؤازرة من خلال وجود عدد كبير من القوات الأميركية في هذه البلدان، وفقاً للأرقام الصادرة عن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأميركية.
سوف تحتاج إدارة ترامب إلى قوات برية على الأرض لبناء القوات المحلية من أجل محاربة الإرهاب. يتمركز أكثر من 2500 جندي أميركي في البلدان التي تُفيد من الصندوق من أجل ضمان حسن استعمال تلك الأسلحة – وعدم وقوعها في الأيدي الخطأ، ومن بينهم 2300 جندي أميركي في الأردن، ونحو مئة جندي في كل من لبنان وتونس.
قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس في جلسة لمجلس الشيوخ في تشرين الأول/أكتوبر الماضي: "إنها معركة ضد عدو عابر للأوطان، عدوٍّ لا يحترم الحدود الدولية وليست لمناطق عملياته حدودٌ جغرافية"، مضيفاً: "إذاً كي ندافع عن بلادنا، يجب حكماً أن نكون مستعدّين للاشتباك سريعاً مع هذا العدو العالمي بالاشتراك مع حلفائنا وشركائنا".
بعد شهرَين، في مطلع كانون الأول/ديسمبر، حضر ماتيس مؤتمر العقبة في الأردن، حيث التقى القادة العرب والأفارقة من أجل وضع حد لانتشار التطرّف في غرب أفريقيا.