الدفـاع الجـوى طويـل المــــدى

إنضم
26 سبتمبر 2007
المشاركات
2,776
التفاعل
3,219 13 9
الدولة
Egypt
بسم الله الرحمن الرحيم


يمكن القول إنه لا توجد دولة في العالم، تريد أن تحافظ على السيطرة على مجالها الجوي، إلا ولديها شكل من أشكال أنظمة الدفاع الجوي طويل المدى. يختلف هذا النظام من دولة إلى أخرى ويتراوح ذلك الاختلاف من كون هذا النظام مجرد رادار مراقبة قد يكون واحدا أو اثنين، إلى النظم المعقدة والمتقدمة التي توجد في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي سابقا.


تلك النظم تغطي نظم الرادار التقليدية الأساسية، والرادارات الثانوية، ورادارات ما وراء الأفق (Over Horizon Radars) ونظم الموجات السطحية. ويمكن أن تلعب نظم الرؤية الكهروبصرية السلبية دوراً هاماً في الدفاع الجوي. ولكن نظرا لمداها المحدود الذي ينحصر في الأفق المرئي فإنها تستخدم فقط في المساندة قصيرة المدى وتستخدم أساسا في ميادين القتال وعلى أسطح القطع البحرية ضد الصواريخ والطائرات التي تطير على ارتفاعات منخفضة .


تعتبر نظم الدفاع الجوي، نتيجة لطبيعتها ومهامها، من الموضوعات بالغة الحساسية ونتيجة لذلك فان المعلومات التي تنتشر عن نظم الرادار وشبكات الاتصال بينها تكون غالبا محدودة وصعب الحصول عليها. عادة ما يرجع عدم نشر الشركات الصناعية عن متغيرات تلك النظم وموقفها العملياتي لأسباب سياسية وعسكرية وهو ما يؤدي إلى صعوبة تقييم شبكات الدفاع الجوي للدول المختلفة .


من الصعب بناء نظم الدفاع الجوي المتقدمة والشاملة بين يوم وليلة ولكن يتم بناؤها تدريجيا على فترات تستغرق عدة سنوات ويتطلب ذلك اعتمادات مالية ضحمة. عندما تفكر أي دولة في بناء نظام للدفاع الجوي طويل المدى فإنه يلزم التفكير أولاً في نظم الرادارات الكبيرة التي ستعمل كأجهزة استشعار رئيسية للنظام وذلك بالإضافة إلى مراكز العمليات المعقدة، ومراكز القيادة والسيطرة، ومراكز إذاعة المعلومات ... الخ، وجميع نظم الاتصالات الداخلية سواء كانت صوتية أو للبيانات من خلال الكابلات ووصلات الموجات القصيرة (Microwafe). ويحتاج ذلك إلى قدر كبير من الخبرة في التصميم والتطوير والبناء .


خلال العقود الماضية كانت نظم الرادار خفيفة الحركة والمتنقلة هي النظم السائدة مما كان يسهل تحركها بسرعة وبالتالي كان يصعب على الخصم التخطيط لمهاجمتها وكذلك يسهل عملية انتشارها في حالة استخدام الخصم الهجمات الجوية بالصواريخ المضادة للإشعاع ولكن ذلك كان يحتم الاعتماد بدرجة أكبر على موجات الميكروويف بين أجهزة الاستشعار ومراكز السيطرة. بالإضافة إلى ماسبق فإن شبكة حركة الطيران المدني غالبا ما تكون متصلة بنظم الدفاع الجوي العسكرية ويحدث ذلك في دول كثيرة حيث عادة مايتم تكامل نظام حركة الطيران المدني مع الشبكة العسكرية أو يعمل النظام الأول على مساندة النظام الأخير في حالات الطوارئ القومية .


مرت نظم الرادار طويلة المدى بمراحل تطوير كثيرة منذ بداية استخدامها أثناء الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من أنها مازالت تقوم بنفس المهام الأساسية وهي اكتشاف الأهداف الجوية وتوفير البيانات الأساسية لها وهي المدى والاتجاه إلا أن كمية المعلومات التي يمكن استنتاجها عن الهدف قد تغيرت كثيرا. قد يكون التطور الكبير الذي حدث هو استخدام الحاسب الآلي الرقمي، ونظم معالجة البيانات المرافقة له وهو ما أدى إلى استخلاص كميات كبيرة من المعلومات من أشعة الرادار المنعكسة من على الهدف وعرض تلك البيانات في صور مختلفة سواء كانت بيانية أو نصية أو رقمية.


مازالت نظم الرادار ثلاثية الأبعاد (تقوم باستخلاص بيانات الهدف في الاتجاهات الثلاثة) أو ثنائية الأبعاد تستخدم على نطاق واسع ومع ذلك فإن انتشار النظم الأولى يتزايد بسرعة وتحل محل النظم الأخيرة التي تحتاج إلى نظام منفصل لبيان الارتفاع وعرض البيانات الخاصة بارتفاع الهدف . تعتبر المصفوفات الضخمة الثابتة للإنذار المبكر مثل النظام الأمريكي بيف باوز (Pave Paws) طراز AN/FPS-115 الذي تنتجه شركة رايثون (Raytheon) وكذلك النظام بتشورا (Pechora) في روسيا أمثلة عل مدى تقدم مثل تلك النظم . تعمل تلك الأنظمة عادة في حيز التردد مابعد العالي (UHF) وتستخدم مصفوفات مستوية أحادية أو متعددة مركبة على هياكل على شكل هرم لاكتشاف الصواريخ القادمة وعادة مايتم وضعها في مواقع تحقق أكبر فترة ممكنة للإنذار المبكر .


تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي سابقا وحاليا واستراليا نظما للرادار من الأنواع فوق الأفق (Over- The - Horizon - OTH) وهذه الأنواع هي التي توفر أكبر مدى للكشف حتى الآن . تعمل تلك الرادارات في حيز التردد العالي (HF) وعادة ما تكون ثنائية الموقع حيث يتم الفصل بين موقع جهاز الإرسال وموقع جهاز الاستقبال بمسافة لا تقل عن 100 كيلومتر . تستخدم تلك النظم هوائياً مركباً على هيكل ضخم يصل طوله من 1- 2 كيلومتر. ونظرا لضخامة مثل تلك الرادارات وقابلية هوائياتها للتعرض للهجوم المعادي فإنه ينظر إليها على أنها حل مكلف ولكنها في نفس الوقت توفر مدى للكشف يزيد عن 3000 كيلومتر .


يوجد نوع آخر من رادارات فوق الأفق (OTH) تختلف عن النوع السابق وبدأ استخدامها وتعتمد في عملها على الربط الكهربائي بين موجة الرادار وسطح البحر وتعرف باسم رادارات فوق الأفق والموجات السطحية (Over - The - Horizon Surface wave - OTH - SW) ومثل تلك الرادارات لها مدى متوسط يصل بين 150 - 200 كيلومتر وتستخدم أساسا لكشف وتحديد موقع القطع البحرية والطائرات التي تطير على ارتفاع منخفض فوق سطح البحر.


تعتبر معظم الرادارات التقليدية طويلة المدى للدفاع الجوي من النوع ذي المصفوفة متفقة الطور (Phased Array) التي تستخدم توجيه الشعاع الإلكتروني لتحقيق اكتشاف الهدف. حديثاً يتم توجيه الجهود البحثية نحو تطوير الرادارات ذات المصفوفة متفقة الطور الإيجابية حيث يتكون الهوائي من عدد كبير من وحدات الإرسال - الاستقبال وتعتبر كل واحدة منهما كرادار مصغر مستقل، ويتم تكامل تلك الوحدات بحيث تعمل كنظام للكشف طويل المدى . يتميز هذا النظام بما يمكن أن يطلق عليه الانهيار على مراحل أو غير المفاجئ (Graceful Degradation) وهو ما يعني أن وحدة أو أكثر قد يتم فشلها في أداء مهمتها وهذا عكس نظم الرادار التقليدية حيث سيتوقف النظام بالكامل في حالة عطل جهاز الإرسال أو الاستقبال .

قفزت نظم رادارات المراقبة الجوية المجرورة إلى أولويات الاهتمام خلال السنوات القليلة الماضية حيث يتم استخدمها في عدد من الدول لتوفير الكشف طويل المدى لكل من الطائرات والقطع البحرية .
يتم تصنيع نظم الرادار طويلة المدى في عدة دول أهمها الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، فرنسا، المملكة المتحدة، إيطاليا، وإسرائيل وقد دخلت هذا المجال حديثا اليابان تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة منتجة لنظم الرادار في العالم الغربي حيث لا توفر فقط احتياجاتها بنسبة 100% بل أيضا تصدر كميات كبيرة منها تشكل شبكات الدفاع الجوي لدول كثيرة من دول العالم.

ونظرا لوجود أنظمة دفاع جوي طويلة المدى في مختلف الدول تختلف من حيث درجة تقديمها وتعقيدها إلا أنه يمكن القول بأن تلك النظم قد تم تصميمها وإنتاجها في الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا أو دول الاتحاد الأوروبي ولذلك سنركز مقالنا على تناول نظام الدفاع الجوي في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ودول حلف الناتو مع التعرض بدرجة أقل لنظم الدفاع الجوي في الشرق الأوسط، منطقة آسيا والباسفيكي، وأمريكا الجنوبية .


نظم الدفاع الجوي طويل المدى للولايات المتحدة الأمريكية

يعتبر نظام الدفاع الجوي طويل المدى للولايات المتحدة الأمريكية أكثر نظم العالم تقدما، والدولة الوحيدة التي يمكن أن يكون لديها نظام على نفس المستوى من التقدم هي روسيا. وبالرغم من ذلك فمن الصعب التكهن بالمستوى العملياتي الذي وصل إليه النظام الروسي بعد تفكك الاتحاد السوفييتي إلى جمهوريات مستقلة . في واقع الأمر فان شبكة الدفاع الجوي طويلة المدى للولايات المتحدة الأمريكية لاتعتبر شبكة للدفاع عن أمريكا بل للدفاع عن أمريكا الشمالية حيث تشترك كندا في معظم تلك الشبكة كما أن نظام دفاعها الجوي طويل المدى يتم تكامله بالضرورة مع نظام الدفاع الجوي للولايات المتحدة الأمريكية.


يأتي على قمة نظام الدفاع الجوي طويل المدى الأمريكي النظام فوق الأفق القاري للولايات المتحدة (Contintal Unitad States - Over The Horizon - CONUS - OTH)طراز 118-AN/FPS الذي أنتجته شركة مارتن ماريتا . اتجهت النية في بادئ الأمر أن تكون تلك الشبكة أكبر كثيرا مما هي عليه الآن حيث كان من المخطط أن تشمل هذه الشبكة أربع شبكات يتم وضع الأولى على الشاطئ الشرقي والثانية على الشاطئ الغربي والثالثة على حدود الدولة الجنوبية أما الرابعة فتكون موجودة في ألاسكا حيث ستقوم بمراقبة سلسلة جزر أليوتيان (Alutian). كان الهدف من هذا النظام، الذي يتم تشغيله بواسطة القوات الجوية الأمريكية، هو تتبع الصواريخ والطائرات وخصوصا تلك التي تعمل على ارتفاعات منخفضة جدا وتوفر إنذارا مقبولا للقوات الدفاعية .


انتهت فترة الحرب الباردة تقريبا في نفس الوقت الذي تم فيه اختبار وإقرار الجزء الشرقي وفي نفس الوقت الذي تم فيه الانتهاء من الجزء الغربي . ونظرا لانخفاض التهديد تم اتخاذ القرار بالغاء الجزء المركزي المخصص لجزر ألاسكا والتوقف عندما انتهت إليه اختبارات وتجارب الجزء الغربي وتشغيل الجزء الخاص بالشاطئ الشرقي على فترات غير متصلة .


بالرغم من ذلك فلقد تم نشر نسخة أخرى من الرادار فوق الأفق المتحرك (Relocatable Over The Horizon - ROTHR) طراز - 71 TPS AN/، الذي تنتجة شركة راثيون ويتم تشغيله بواسطة القوات البحرية الأمريكية في فرجينيا ونسخة ثانية في ألاسكا ونسخة ثالثة في الجنوب الغربي للولايات المتحدة الأمريكية. يختلف الرادار فوق الأفق المتحرك (ROTHR) عن الرادار فوق الأفق القاري للولايات المتحدة (CONUS - OTH) في أن جهاز الإرسال وجهاز الاستقبال ومركز التحكم للنظام الأول يمكن نقلهما بينما يتشابه الهوائي لكلا النظامين.


تم في عام 1994 الانتهاء من رفع كفاية نظام الإنذار الشمالي (North Warning System - NWS) الذي يصل من ألاسكا خلال كندا إلى جرين لاند حيث تم تزويده بعدد 15 رادار طراز 117 - FPS - AN من شركة مارتن ماريتا وعدد 40 راداراً طراز 124 - FPS - AN من شركة يوني سيز للدفاع ضد هجوم صواريخ كروز التي تطير على ارتفاع منخفض. تم إدخال نظام الإنذار الموجود في سلسلة جزر سي اجلو الموجودة في ألاسكا ضمن نظام الإنذار الشمالي وتم تحديثها بعدد 13راداراً طراز117 - FPS - AN .


بالنسبة للإنذار المبكر عن الصواريخ البالستية التي يتم إطلاقها من الغواصات تقوم الولايات المتحدة بتشغيل أربعة رادارات ضخمة من النوع بيف باوز طراز AN/FPS -115 من شركة رايثون حيث تغطي القارة من الشرق والغرب والجنوب. وللتغطية ضد هجوم الصواريخ عابرة القارات (ICBM) تم وضع رادارات متفقة الطور في منطقة كلير في ألاسكا، ومنطقة ثول في جرين لاند ومنطقة فيلنج ديلز في المملكة المتحدة. تم رفع كفاية آخر رادارين من تلك الرادارات بنسخ من النظام AN/FPS-115.


يتم تطوير شبكة جديدة من الرادارات في حوض البحر الكاريبي باستخدام نظم الرادار AN/TPS - 70 التي تنتجها شركة وستنجهاوس . سيتم استخدام تلك الشبكة ضد تهريب المخدارت ولمساندة مهام الدفاع الجوي تم تجهيز تلك الشبكة قبل نهاية عام 1993 وأصبحت تعمل في كل من بنما وجمهورية الدومينكان وكولومبيا. تم توقيع اتفاقيات لتجهيز موقع آخر في كولومبيا وموقع في هندراوس. ومن المخطط تجهيز مواقع أخرى في كوستاريكا وجزيرة جراند كايمان وفنزويلا ومن الممكن مد تلك الشبكة لتشمل دولا أخرى.


يعتبر المركز العصبي لتلك الشبكة هو قيادة الدفاع الفضائي لأمريكا الشمالية (NORAD) حيث يوجد مركز العمليات القتالية داخل مجمع جبل تشيني . خضعت قيادة الدفاع الفضائي لأمريكا الشمالية نوراد لبرامج تحديث مختلفة كان من المقرر الانتهاء منها 1993 ولكن النفقات الضخمة المطلوبة لصيانة الشبكة القارية للولايات المتحدة (CONUS) والقيود المفروضة على الميزانية أدت إلى تخفيض الموارد المالية المخصصة للدفاع الجوي وخصصوصا بعد أن انخفضت درجة التهديد .


في عام 1991 تم مراجعة مهام قيادة الدفاع الفضائي لأمريكا الشمالية نوراد من القمة حتى المستويات الدنيا في ظل التغييرات الدولية وبعد دراسة استمرت عاما كاملا تم الانتهاء إلى أهمية هذه القيادة للمطالب الأمنية لكل من كندا والولايات المتحدة الأمريكية وتم تجديد الاتفاقية مع كندا . وتنحصر مهام هذه القيادة في :

..مساندة كل دولة على حماية سيادتها على فضائها .

.. المشاركة في ردع الهجوم على أمريكا الشمالية وذلك بتوفير القدرات الخاصة بالمراقبة الفضائية والإنذار وتقييم الهجوم والدفاع ضد الهجوم الجوي .

.. في حالة فشل ردع الهجوم على أمريكا الشمالية تقوم بتوفير الرد المناسب ضد الهجوم وذلك باستغلال أفضل لقوات الدفاع الجوي المتوفرة لدى الدولتين .
...
يعكس التغير في الفلسفة العملياتية لقيادة الدفاع الفضائي لأمريكا الشمالية التحول الذي طرأ في فترة مابعد الحرب الباردة وكذلك القيود المالية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. تغيرت المهمة الأساسية من الدفاع الجوي إلى المراقبة العادية في وقت السلم والسيطرة على السيادة الفضائية كذلك فإن هيكل القوات التابعة لتلك القيادة تغير بصورة كبيرة عن الهيكل الذي كان موجودا أثناء فترة الحرب الباردة.

وبالرغم من أن قيادة الدفاع الفضائي لأمريكا الشمالية (نوراد) مسؤولة عن المحافظة على قدرتها للقيادة بالمهام الثلاثة الأساسية إلا أنها كيفت درجة استعداد قواتها للدفاع الجوي بحيث تعكس الاحتمال الضعيف للتعرض لهجوم جوي كثيف على أمريكا الشمالية .


بالرغم من درجة التهديد المنخفضة للهجوم الجوي التي قد تتعرض لها الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنه قد بدأت في عهد إدارة الرئيس السابق كلينتون الخطط لتقديم المشروع القومي للدفاع ضد الصواريخ البالستية (National Missile Defense ) (يطلق عليه أحيانا الدرع الصاروخي) إلى الكونجرس الأمريكي وبمقتضى هذا المشروع فان الكونجرس سيصدق على تخصيص مبلغ 14 بليون دولار لنشاطات البحث والتطوير التي ستؤدي إلى وضع 100 موقع أرضي للدفاع ضد الصواريخ الباليستية في ولاية ألاسكا اعتباراً من عام 2005 وذلك. بالإضافة إلى عدد إضافي من الأسلحة لم يتم الإعلان عنها سيتم وضعها في أماكن مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية اعتباراً من عام 2010 وبذلك ستبدأ فترة من التطورات الاستراتيجية في العالم . في 13 يوليو عام 2000 حسم مجلس الشيوخ مسألة الاستمرار في النظام القومي للدفاع الصاروخي وأتاح الفرصة لوزارة الدفاع الأمريكية لإجراء مزيد من الاختبارات على الصواريخ الاعتراضية لمواجهة إجراءات العدو المضادة والخداعية التي تستهدف تأمين وصول صواريخه إلى أهدافها .

بالرغم من أن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون قد أعلن أن الوقت لم يحن بعد لنشر النظام القومي للدفاع الصاروخي تاركا لخلفه مهمة اتخاذ القرار بهذا الشأن إلا أن الرئيس الحالي بوش الابن صمم على نشر هذا النظام سواء أثناء حملته الانتخابية أو بعد أن تولى الرئاسة الأمريكية .


يواجه هذا المشروع انقساما بين متخذي القرار سواء منهم العسكريون أو السياسيون بخصوص أفضل الخيارات لنشر هذا النظام من بين ما تم دراسته وتحليله. بالإضافة إلى ماسبق فان الروس يقولون إن هذا المشروع سيعتبر انتهاكا لمعاهدة الدفاع ضد الصواريخ البالستية الموقعة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية عام 1972، ويقلل من أهمية المعاهدتين ستارت الأولى وستارت الثانية وسيخلق صراعا جديداً في مجال سباق التسلح النووي .


يهدف البرنامج القومي للدفاع الصاروخي إلى تطوير والمحافظة على قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على نشر نظام اقتصادي ومؤثر عملياتيا يمكنه حماية الولايات المتحدة ضد التهديدات المحدودة للصواريخ البالستية بما في ذلك إطلاق تلك الصواريخ غير المتعمد أو غير المسئول أو تهديدات العالم الثالث . ومن وجهة نظر الولايات المتحدة فان هذا النظام لا ينتهك معاهدة الدفاع ضد الصواريخ البالستية (Anti Ballist Missile - ABM).


يعتبر البرنامج القومي للدفاع الصاروخي استمراراً لمجهودات التطوير التقنية حيث في عام 1996 وبناء على توجيهات سكرتارية وزارة الدفاع أطلق اسم برنامج توفير نظام دفاعي رئيسي على البرنامج القومي للدفاع الصاروخي وفي نفس الوقت تم تكليف منظمة الدفاع ضد الصواريخ البالستية Ballistic Missile Defense Organisation - BMDO بتطوير نظام يمكن نشره في خلال ثلاث سنوات تنتهي في منتصف عام 2000 حيث في هذا التوقيت تكون قد انتهت وزارة الدفاع الأمريكية من مراجعة استعداداتها لنشر العناصر الهامة التي ستؤدي إلى القرار السياسي بخصوص نشر النظام القومي للدفاع الصاروخي من عدمه.

سيعتمد هذا القرار على تحليل التهديدات المحتملة للولايات المتحدة بالصواريخ البالستية، والجاهزية الفنية للنظام القومي للدفاع الصاروخي للنشر، والتكاليف المتوقعة وذلك بالإضافة إلى عوامل أخرى. وفي حالة عدم تنفيذ خيار نشر النظام في عام 2000 فإن منظمة الدفاع ضد الصواريخ البالستية (BMDO) ستواصل تطوير دعم تقنيات عناصر النظام القومي للدفاع الصاروخي .


سيكون النظام القومي للدفاع الصاروخي ثابتا، وأرضيا، ونظاماً دفاعياً ضد الصواريخ غير النووية وبه عناصر فضائية للكشف ويتكون من خمسة عناصر :


.. وحدات اعتراض أرضية (Ground Based Interceptors -GBI ) .

.. نظام قيادة وسيطرة واتصالات لإدارة المعركة (BMC3) يحتوي على نظام للقيادة والسيطرة لإدارة المعركة (BMC2) ونظام اتصالات لوحدات الاعتراض أثناء الطيران (In - Flight Interceptor Communications System - IFICS) .

.. رادارات تعمل في حيز التردد X .

.. رادار للإنذار المبكر مطور .

.. نظام يعمل بالأشعة تحت الحمراء متمركز في الفضاء - أقمار اصطناعية Satellite / Space - Based Infrared System (SPIRS) .

من المقرر أن تكون وحدات الاعتراض الأرضية عبارة عن وحدات تعمل خارج نطاق الغلاف الجوي وتقوم بتدمير الرأس الحربي للصاروخ البالستي القادم بواسطة طاقة الحركة للاصطدام المباشر .

أثناء الطيران تستقبل وحدات الاعتراض الأرضية المعلومات من نظام القيادة والسيطرة لإدارة المعركة (BMC2) خلال نظام الاتصالات لوحدات الاعتراض الأرضية أثناء الطيران (IFICS) وذلك لتحديث موقع الصاروخ البالستي القادم وتوفر لنظام الاستشعار الموجود عليها ( وحدات الاعتراض) التعرف والتوجيه على الهدف المحدد . سيضم عنصر وحدات الاعتراض الأرضية صواريخ الاعتراض ومعدات الإطلاق والمساندة المرافقة لها، وصومعات (Silos)، ومنشآت، وأفراد. ستحتوي كل وحدة اعتراض أرضية مبدئياً على 20 صاروخ اعتراض مع توفير إمكانية التوسع لتحتوي حتى على ..1 صاروخ اعتراض .


ستكون وحدات الاعتراض ساكنة حيث ستظل في صومعات الإطلاق تحت الأرض حتى لحظة الإطلاق وسيتم الإطلاق فقط للدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية ضد الهجوم بالصواريخ البالستية، ولن يتم إجراء اختبارات بالطيران للصواريخ عند نشر النظام القومي للدفاع الصاروخي وذلك حتى لايكون هذا النظام اختراقا لمعاهدة الصواريخ البالستية الموقعة عام 1972 بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية .


يعتبر العنصر الفرعي للقيادة والسيطرة لإدارة المعركة هو العقل المفكر للنظام القومي للدفاع الصاروخي حيث سيقوم بالسيطرة وتشغيل هذا النظام ويقوم بمهام المساندة الشاملة لاتخاذ القرار، وإدارة المعركة وبيان الموقف التكتيكي وذلك بالإضافة إلى أنه سيعمل كمركز لقياس الجاهزية (Readiness) والمراقبة والصيانة . سيتكون نظام الاتصالات لوحدات الاعتراض أثناء الطيران من محطات موزعة جغرافيا تقوم بتوفير وصلات الاتصال بين نظام القيادة والسيطرة لإدارة المعركة والوحدات الأرضية للاعتراض أثناء اعتراضها للأهداف الجوية وتحديث المعلومات الخاصة بالموقف . سيحتاج النظام القومي للدفاع الصاروخي إلى 14 محطة سيتم نشرها أزواجا.

ستتكون محطة الاتصالات من وحدة إرسال - استقبال بالراديو مغلفة داخل قبة معبأة بالهواء قطرها 8.5 متر ومجاورة لملاجئ معدات المحطة الأخرى . ستعمل محطات الاتصالات آليا ما عدا الأفراد الذين سيقومون بأعمال الصيانة الدورية .


ستقوم محطات الرادار الأرضية التي تعمل في نطاق الترددات X بالتتبع والتمييز وتقييم التدمير للصواريخ البالستية المهاجم. تستخدم تلك الرادارات تقنية الترددات العالية والمعالجة المتقدمة للإشارات لتحسين تحليل الهدف المعادي وبذلك يمكن لهذا الرادار التمييز بين الأهداف المتقاربة . سيقوم هذا الرادار بتوفير البيانات من المراحل المبكرة لطيران الصاروخ البالستي المعادي وكذلك بيانات التتبع بصفة مستمرة لنظام القيادة والسيطرة لإدارة المعركة.

سيحتوي الموقع الواحد على رادار مركب على تجهيزة خاصة ووحدات السيطرة والصيانة المرافقة له ووحدة توليد قوى كهربائية. وبالإضافة إلى استخدام هذا الرادار في مهام النظام القومي الدفاع الصاروخي بصفة رئيسية، سيتم استخدامه في مهام عرضية مثل تتبع المخلفات الفضائية ومهام مكوك الفضاء. تقوم محطات الرادار المطورة للإنذار المبكر الموجودة فعلا، وهي نظم للمراقبة متوافقة الطور، بكشف وتتبع الصواريخ البالستية المواجهة للولايات المتحدة الأمريكية. سيوفر تطوير البرامج الموجودة لتشغيل تلك الرادارات القدرة على مساندة احتياجات النظام القومي للدفاع الصاورخي.


تقوم حاليا الأقمار الاصطناعية الموجودة فعلا الخاصة ببرنامج مساندة الدفاع بتوفير القدرة على الإنذار المبكر للولايات المتحدة من خلال الأقمار الاصطناعية . تعتبر تلك الأقمار بسيطة نسبيا لها نظام مسح ثابت لا يتغير. سيحل النظام الفضائي الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء، الذي يتم تطويره حاليا بواسطة القوات الجوية الأمريكية لصالح النظام القومي للدفاع الصاروخي، محل الأقمار الاصطناعية لبرنامج مساندة الدفاع (DSP) خلال العقد القادم من هذا القرن. سيتم وضع الأقمار الاصطناعية للنظام الفضائي الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء (SBIRS) بحيث يمكنها تتبع الصواريخ البالستية خلال جميع مراحل مسارها، وسيوفر هذا النظام المعلومات المبكرة بقدر الإمكان لنظام القيادة والسيطرة لإدارة المعركة.


قام المكتب المشترك لإدارة مشروع النظام القومي للدفاع الصاروخي التابع لمنظمة الدفاع ضد الصواريخ البالستية (BMDO) بتعريف هذا النظام بحيث يتم تطويره على ثلاث مراحل لكل مرحلة منها قدرات محددة وتلك المراحل هي:


.. المرحلة الأولى
وهي المرحلة التي تحقق قدرات ضد التهديدات غير المتقدمة ومن المنتظر توفير تلك القدرات في عام 2005 في حالة التصديق على البدء في المشروع عام 2000 . بالرغم من أن تفصيلات تلك القدرات لم يعلن عنها، إلا أن المتوافر عنها يشير إلى قدرة النظام على مواجهة هجوم بخمسة رؤوس حربية يرافقها وسائل خداعية غير متقدمة وذلك بالإضافة إلى استخدام الرقائق المعدنية الخداعية، والأجزاء الحاجبة، والمشعلات، ووسائل الإعاقة الإلكترونية والإجراءات المضادة الأخرى .

.. المرحلة الثانية
وهي التي تحقق القدرة على القيام بالدفاع ضد الهجمات المسئولة أو غير المسئولة أو الهجوم غير المتعمد بوسائل هجوم متقدمة . تشمل تلك القدرات قدرات المرحلة الأولى مضافا إليها استخدام وسائل الخداع المتقدمة (حتى أربع وسائل خداع مع كل صاروخ بالستي مهاجم) حيث سيمكن التمييز بين الوسائل الخداعية والصواريخ البالستية واعتراضها .
.. المرحلة الثالثة وتوفر قدرات ضد الهجوم برؤوس حربية متقدمة ويقال إن عددها قد يصل إلى 20 رأسا حربياً منفصلة وكل منها يستخدم وسائل خداعية قد يصل حتى خمسة وسائل خداعية مع كل رأس حربية.

المصدر

 
دائما تتحفنا بمواضيعك الشيقة اخوي ابو البراء
بارك الله فيك
 
بارك الله فيك اخوي ابو البراء على هذا الموضوع القيم
 
موضوع مفيد وشيق
بارك الله فيك اخوي ابوالبراء
 
الف شكررررررررررررررررررررررررررررر
 
... بعد كلامك والله يا اخى ما فى كلام يقاااااااااااااااال صراحة كفيت واوفيت
وفعلا انظمة الدفاع الجوى طويل المدى تمثل حجر الاساس لأى دولة تريد ان تحافظ على عمق مؤمن وقوى لمجالها واهدفها الحيوية
 
والله الموضوع ده جامد

شكرا لكاتب الموضوع
 
رد: الدفـاع الجـوى طويـل المــــدى

دائما تتحفنا بمواضيعك الشيقة اخوي ابو البراء
بارك الله فيك
 
رد: الدفـاع الجـوى طويـل المــــدى

بارك الله فيك اخوي ابو البراء على الموضوع
 
عودة
أعلى