البعوضة الحشرة الخارقة
بقلم فراس نور الحق
قال الله تعالى : ( إن اللهَ لَا يَسْتَحى أن يَضَربَ مَثلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا فأما الَّذيَنَ امَنُوا فَيَعْلمُونَ اَنَّهُ اْلَحُق مِنْ رَبّهِم وأما الَّذيَن كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أراد اللهُ بِهذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهدِى بِه كَثيراً وَمَا يُضِلُّ ِبِه إلا الفَاسِقيَن)(سورة البقرة 26) .
أما سبب نزول هذه الآيات فقد روي عن بن عباس قال: لما ذكر الله آلهة المشركين فقال: "وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه" [الحج: 73] وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت، قالوا: أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد، أي شيء يصنع؟ فأنزل الله الآية. وقال الحسن وقتادة: لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل، ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله، فأنزل الله الآية..
فهذه الآيات تدلنا أن إلى أن جميع مخلوقات الله سبحانه من أصغرها إلى أكبرها هي آية دالة على الله وإن بدت تافهة فقد أودع الله سبحانه فيها من آياته وقدرته ما تتحير بها العقول فالله سبحانه و تعالى في هذه الآيات لا يستحي أن يضرب مثلاً بالبعوضة التي قد يعتبرها بعض الجهال مخلوقاً تافهاً لكن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً بها وذلك ليدلنا على آيات عظمة خلق البعوضة و سنكشف في هذا المقالة بعض أسرار عالم البعوض حتى نكتشف بديع صنع الله تبارك و تعالى في البعوض .
لقد حصل رونالد روس عالم الجراثيم في عالم 1902 م على جائزة نوبل للعلوم ... أتعلمون لماذا ؟؟ [1]
لأنه درس نوع من أنواع البعوض وهي Anophelesوأكتشف أنها تقوم بنقل مرض الملاريا الذي كان يفتك بعشرات الألوف من الناس كل عام .
فعالم جراثيم يمضي سنوات في المخبر ويحصل على أعلى جائزة عالمية فقط لدراسته نوع من أنواع البعوض فهل يستحق هذا المخلوق الصغير أن يضرب الله سبحانه وتعالى به مثلاً ؟؟..
قوة البعوضة :
يسبب الحمى الصفراء فيروس تنقله إلى الكائنات البشرية بعوضة رقيقة المنظر فالبعوضة هي الحامل والعائل الرئيسي للحمى الصفراء، وإن لم يتضح العلاقة بين البعوضة والحمى حتى سنة 1900 .
وعندما تدخل البعوضة الحاملة للحمى الصفراء إحدى المستوطنات البشرية، فغالباً ما يتفشى المرض بسرعة وبصورة مميتة وقد قتل وباء انتشر في أثيوبيا فيما بين 1960 و1962 حوالي 30 ألف شخص [2].
و أوضحت مارجريت همفريز مؤرخة العلوم كيف أن المجازر البشرية التي أحدثتها الحمى الصفراء تكاد تكون هي وحدها التي عجلت بإنشاء المؤسسة الصحية العامة المهمة في الولايات المتحدة ومنها هيئة الصحة العامة الأمريكية ....
وفي الوثائق الحكومية المحظورة في الوقت الراهن، يمكن أن نلمح برنامج الحرب البيولوجية الأمريكية فيما بين 1945 و 1960 فقد كانت الحمى الصفراء إلى جانب البعوضة الحضرية الحاملة للمرض أملاً عسكرياً كبيراً .
و بدأ العمل في استراتيجيات البعوض الهجومية سنة 1953 في كامب ديتريك وكانت مزايا هجوم البعوض جلية ـ فالفيروس يحقن في الجسم البشري مباشرة، ومادامت البعوضة حية، فإن المنطقة التي تطلق فيها تكون خطرة وليس هناك علاج معروف في ذلك القوت للحمى الصفراء ويمكن إصابة سكان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية إصابة كبيرة , وسيكون من الصعب تنظيم برنامج التطعيم بالسرعة المطلوبة, وفي سنة 1956 بدأت التجارب الميدانية باستخدام بعوض غير مصاب في جورجيا وفلوريدا، فقد كانت تلك الحشرات حاملات جيدة : ذلك أن البعوض يمكن أن ينتشر فوق عدة أميال مربعة وبسرعة كبيرة [3].
يقول أحد علماء الحشرات أندرو سبليمان في كتاب Mosquitوهو باحث في جامعة هارفرد في الأمراض التي ينقلها البعوض وأستاذ الصحة العامة بالمناطق الحارة : لا يوجد هناك كائن حي على وجه الأرض كالبعوضة مس حياة مثل هذا العدد الكبير من البشر [4].
قال تعالى : ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)(المدثر: من الآية31)
طيران البعوض :
أكتشف العلماء أنه لابد لبعوضة Culex pipiens أن ترفرف بأجنحتها حوالي 500 مرة في الثانية الواحدة كي تطير بسرعة متواضعة مقدارها ثلاثة أميال في الساعة [5].
مغامرات البعوض الغير العادية
المعروف عن البعوض أنها حشرة مصاصة للدماء، وأنها تعيش على الدم.
ولكن هذه المعلومة ليست صحيحة، لان البعوض كله لا يمص الدماء فقط الأنثى منها التي تمص الدم .وربما في ذكر الله سبحان للبعوض بصيغتها المؤنثة نوع من الإعجاز ذلك أن البعوضة المؤنثة أشد قوة وأكثر تعقيداً كما أنها هي التي تنشر الأمراض وتنتشر في المنازل فذكور البعوض لا تظهر إلا في موسم التزاوج .
فالأنثى لا تمتص الدم لكي تتغذى عليه لان غذاء البعوض عامة هو خلاصة الزهور ولكن فقط لتغذية الصغار، وسبب الاختلاف بين الذكر والأنثى (التي تمتص الدم) هو أن أنثى البعوض تحمل بيوض وهذه البيوض تحتاج إلى البروتين لتكبر ونستطيع أن نقول بمعنى آخر أنها تحافظ على دوام نسلها بهذه الطريقة أي بامتصاص الدم لإطعامهم .
ملفط خاص للتزاوج :
لقد أكتشف علماء الحشرات أن ذكر البعوض عندما ينضج يقوم بالبحث عن الأنثى مستعملاً بذلك حاسة السمع فان حاسة السمع عند الذكر ليست مثل الأنثى، بل هي أقوى .
فالصوت الصادر عن الأنثى يتنبه إليه الذكر ويلتقطه بواسطة الشعيرات الدقيقة التي تتواجد في نهاية عضو الإحساس، و قد لاحظ العلماء أن الذكر عندما يتزاوج مع الأنثى يظهر بجانب أعضائه التناسيلة جسم يساعده على مسك الأنثى وهي الكلاليب.
فالذكور عندما تطير تكون بحاله جماعية تشبه الغيوم فعندما تدخل أي أنثى في هذا السرب فالذكر أثناء طيرانه يقوم بعملية الازدواج فيمسك الأنثى بواسطة كلاليبه و تمم العملية بمدة قصيرة ويرجع الذكر إلى المجموعة بعد ذلك. فالأنثى التي تحمل البيوض تقوم بمص دم الإنسان لتغذية بيوضها .
نبذة صغيرة عن دورة حياة البعوضة:
إن الأنثى الحاملة للبيوض تقوم بمص الدم لتغذية البيوضات وفي شهور الصيف أو الخريف تضع الأنثى البيوض على الأوراق الرطبة أو بجانب البحيرات اليابسة. فالبعوضة الأم بواسطة اللاقطات الحساسة الموجودة تحت بطنها تقوم بالبحث عن مكان مناسب لوضع بيوضها وعندما تجد المكان المناسب تقوم بوضع بيوضها فطول كل بيضة لا يصل 1 ملم فتضعها واحد فواحدة أو بحالة مجموعة بصف واحد، وهناك نوع ثاني تقوم بربط بيوضها بعضها ببعض وتضعها، وتصل عدد البيوض التي تضعها الأنثى في المجموعة الواحدة 300 بيضة .
و بعد أن تضع البعوضة بيوضها بـ1 أو 2 ساعة تغير البيوض لونها إلى اللون الأسود وسبب تبديل لونها هو من أجل ألا تعرفها الحشرات فتلتهما، أي بمعنى آخر لكي لا تكون طعاما لهم و الأعجب من ذلك أن بعضها تغير لونها حسب البيئة التي تعيش فيها.
الجهاز التنفسي:
إن أساس جهاز التنفسي التي تستعمله الدودة ( اليرقة ) التي تتحول إلى البعوض هو قضيب تخرجه من خارج الماء لتتنفس بواسطته. والدودة الموجودة في الماء تكون معلقه رأساً على عقب (أي بالمقلوب) ولمنع نفوذ الماء إلى القضيب تفرز مادة صمغية من جسمها.
إن التغييرات الحاصلة في لون البعوضة الأم وفي البيوض والشرانق، ليس للبعوضة أي علم بها فهذا النظام ليس من صنع البعوض نفسه وليس موجود مصادفة و لكن البعوض خلق و معه تلك الوظائف المعقدة .
الخروج من البيض:
عند انتهاء فترة حضانة البيض تخرج اليرقات واحدة بعد الأخرى من البيوض فتتغذى هذه اليرقات و تنموا و تكبر فيتغير لون جلدها .
فجلدهم يكون صلباً ومن السهل كسره، فاليرقة حتى تكتمل دورة نموها تقوم بتغير جلدها مرتين على الأقل.
إن طريقة غذاء اليرقة مصممة بشكل غريب، فاليرقة تقوم بواسطة الشعيرات الموجودة في طرفيها بتكَّون شكل يشبه شكل المروحة فبهذه الطريقة تكون مدخلاً صغيراً تَضمن من خلاله دخول البكتريا و الأجسام الميكروسكوبية إلى الفم.
إن هذه اليرقات تكون داخل الماء بشكل مقلوبة ، وتتم عملة التنفس عن طريق القضيب أي مثل الغواصين وعن طريق إنزيمات خاصة تقوم بإفرازها تمنع من دخول الماء إلى القضيب الذي تتنفس منه.
ومن الواضح أن هذه المخلوق تقوم بأغلب أعمالها بمنتهى الدقة والحساسية في آن واحد وهذا يضمن لها دوام عيشها.
فلولا، وجود الخرطوم لتتنفس، ولولا السائل اللزج الذي تفرزه لمنع دخول الماء إلى القضيب، لدخل الماء إلى القضيب و ماتت اليرقة ولما كان هناك إماكنية لبقاء البعوض، وهذا يعني أن جميع أنظمة البعوض ظهرت للوجود بدون نقص.
أما اليرقة فتغير جلدها مرة أخرى وعندما تغيره للمرة الأخيرة تخرج بحالة جديدة، و تتبدل إلى شكل آخر أنها تتحول إلى البعوض ذي الجناحين .
إن الثقوب الموجودة في الأنبوب الذي بواسطتها تستطيع اليرقة أن تتنفس تختفي في التغير الأخير (الحشرة الجديدة) و ذلك لأن الحشرة الجديدة لا تحتاج إليها فهناك قضيبان في طرفي رأس البعوض بواسطتها تستطيع أن تتنفس ولهذا فأن هذه الكائنات قبل أن تبدأ بعملية تغير غلافها تصعد إلى سطح الماء.
البعوضة عندما تخرج من الشرنقة يجب أن لا تلامس برأسها سطح الماء لأن حطة واحدة بالنسبة لها دون هواء تكون سبب موتها.
تنشق الشرنقة من طرفها العلوي و ذلك لتأمين خروج الحشرة ، و هذه المرحلة من أخطر المراحل في دورة حياة البعوض ذلك أن دخول الماء إلى الغلاف يعني موت الحشرة لذلك كانت العناية تقتضي أن يكون القسم المنشق من الشرنقة هو القسم العلوي كما أن المنطقة المنشقة من الكيس هي المنطقة التي يخرج الرأس منها و لكي لا يتم تماس بين الماء و رأس الحشرة اقتضت العناية الإلهية بأن يكون الرأس مغلفاً بنوع خاص من الصمغ يمنع وصول الماء إليه وهذا شيء مهم جداً ، لأن أي هبوب للهواء ربما يجعل حشرة البعوضة تسقط في الماء وتموت ولهذا فأن البعوضة تقوم بوضع رجلها على الماء عندما تخرج.
ولكن هناك أسئلة يمكن أن تتبادر إلى الذهن ومنها .
كيف تستطيع البعوضة أن تتحول؟ من أين أصبحت لها هذه القابلية أن تغير جلدها ثلاث مرات؟ وبعدها تصبح بعوضة كاملة، إنها عناية الله تعالى و بديع صنعه .
التركيب الداخلي لجسم البعوضة :
الغدد اللعابية :
يوجد زوج من الغدد اللعابية في البعوضة في منطقة الصدر وتتكون كل غدة من ثلاث فصوص ولكل فص قناة محورية تتفرع من قناة رئيسية هي القناة اللعابية . وتتحد القناتان اللعابيتان للغدتين مكونة القناة اللعابية المشتركة التي تمتد داخل الرأس وتفتح في كبسولة صغيرة تعرف بمضخة اللعاب ومنها يسير اللعاب في قناة اللعاب التي تخترق اللسان وتفتح في طرفة عين تلعب الغدة اللعابية دوراً هاماً في نقل الملاريا حيث تختزن الأطوار التي تعيد العدوى للإنسان "الاسبروزويت" والتي تتدفق من اللعاب إلى الجرح الذي تحدثه الحشرة .
بقلم فراس نور الحق
قال الله تعالى : ( إن اللهَ لَا يَسْتَحى أن يَضَربَ مَثلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوقَهَا فأما الَّذيَنَ امَنُوا فَيَعْلمُونَ اَنَّهُ اْلَحُق مِنْ رَبّهِم وأما الَّذيَن كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أراد اللهُ بِهذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهدِى بِه كَثيراً وَمَا يُضِلُّ ِبِه إلا الفَاسِقيَن)(سورة البقرة 26) .
أما سبب نزول هذه الآيات فقد روي عن بن عباس قال: لما ذكر الله آلهة المشركين فقال: "وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه" [الحج: 73] وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت، قالوا: أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد، أي شيء يصنع؟ فأنزل الله الآية. وقال الحسن وقتادة: لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل، ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله، فأنزل الله الآية..
فهذه الآيات تدلنا أن إلى أن جميع مخلوقات الله سبحانه من أصغرها إلى أكبرها هي آية دالة على الله وإن بدت تافهة فقد أودع الله سبحانه فيها من آياته وقدرته ما تتحير بها العقول فالله سبحانه و تعالى في هذه الآيات لا يستحي أن يضرب مثلاً بالبعوضة التي قد يعتبرها بعض الجهال مخلوقاً تافهاً لكن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً بها وذلك ليدلنا على آيات عظمة خلق البعوضة و سنكشف في هذا المقالة بعض أسرار عالم البعوض حتى نكتشف بديع صنع الله تبارك و تعالى في البعوض .
لقد حصل رونالد روس عالم الجراثيم في عالم 1902 م على جائزة نوبل للعلوم ... أتعلمون لماذا ؟؟ [1]
لأنه درس نوع من أنواع البعوض وهي Anophelesوأكتشف أنها تقوم بنقل مرض الملاريا الذي كان يفتك بعشرات الألوف من الناس كل عام .
فعالم جراثيم يمضي سنوات في المخبر ويحصل على أعلى جائزة عالمية فقط لدراسته نوع من أنواع البعوض فهل يستحق هذا المخلوق الصغير أن يضرب الله سبحانه وتعالى به مثلاً ؟؟..
قوة البعوضة :
يسبب الحمى الصفراء فيروس تنقله إلى الكائنات البشرية بعوضة رقيقة المنظر فالبعوضة هي الحامل والعائل الرئيسي للحمى الصفراء، وإن لم يتضح العلاقة بين البعوضة والحمى حتى سنة 1900 .
وعندما تدخل البعوضة الحاملة للحمى الصفراء إحدى المستوطنات البشرية، فغالباً ما يتفشى المرض بسرعة وبصورة مميتة وقد قتل وباء انتشر في أثيوبيا فيما بين 1960 و1962 حوالي 30 ألف شخص [2].
و أوضحت مارجريت همفريز مؤرخة العلوم كيف أن المجازر البشرية التي أحدثتها الحمى الصفراء تكاد تكون هي وحدها التي عجلت بإنشاء المؤسسة الصحية العامة المهمة في الولايات المتحدة ومنها هيئة الصحة العامة الأمريكية ....
وفي الوثائق الحكومية المحظورة في الوقت الراهن، يمكن أن نلمح برنامج الحرب البيولوجية الأمريكية فيما بين 1945 و 1960 فقد كانت الحمى الصفراء إلى جانب البعوضة الحضرية الحاملة للمرض أملاً عسكرياً كبيراً .
و بدأ العمل في استراتيجيات البعوض الهجومية سنة 1953 في كامب ديتريك وكانت مزايا هجوم البعوض جلية ـ فالفيروس يحقن في الجسم البشري مباشرة، ومادامت البعوضة حية، فإن المنطقة التي تطلق فيها تكون خطرة وليس هناك علاج معروف في ذلك القوت للحمى الصفراء ويمكن إصابة سكان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية إصابة كبيرة , وسيكون من الصعب تنظيم برنامج التطعيم بالسرعة المطلوبة, وفي سنة 1956 بدأت التجارب الميدانية باستخدام بعوض غير مصاب في جورجيا وفلوريدا، فقد كانت تلك الحشرات حاملات جيدة : ذلك أن البعوض يمكن أن ينتشر فوق عدة أميال مربعة وبسرعة كبيرة [3].
يقول أحد علماء الحشرات أندرو سبليمان في كتاب Mosquitوهو باحث في جامعة هارفرد في الأمراض التي ينقلها البعوض وأستاذ الصحة العامة بالمناطق الحارة : لا يوجد هناك كائن حي على وجه الأرض كالبعوضة مس حياة مثل هذا العدد الكبير من البشر [4].
قال تعالى : ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)(المدثر: من الآية31)
طيران البعوض :
أكتشف العلماء أنه لابد لبعوضة Culex pipiens أن ترفرف بأجنحتها حوالي 500 مرة في الثانية الواحدة كي تطير بسرعة متواضعة مقدارها ثلاثة أميال في الساعة [5].
مغامرات البعوض الغير العادية
المعروف عن البعوض أنها حشرة مصاصة للدماء، وأنها تعيش على الدم.
ولكن هذه المعلومة ليست صحيحة، لان البعوض كله لا يمص الدماء فقط الأنثى منها التي تمص الدم .وربما في ذكر الله سبحان للبعوض بصيغتها المؤنثة نوع من الإعجاز ذلك أن البعوضة المؤنثة أشد قوة وأكثر تعقيداً كما أنها هي التي تنشر الأمراض وتنتشر في المنازل فذكور البعوض لا تظهر إلا في موسم التزاوج .
فالأنثى لا تمتص الدم لكي تتغذى عليه لان غذاء البعوض عامة هو خلاصة الزهور ولكن فقط لتغذية الصغار، وسبب الاختلاف بين الذكر والأنثى (التي تمتص الدم) هو أن أنثى البعوض تحمل بيوض وهذه البيوض تحتاج إلى البروتين لتكبر ونستطيع أن نقول بمعنى آخر أنها تحافظ على دوام نسلها بهذه الطريقة أي بامتصاص الدم لإطعامهم .
ملفط خاص للتزاوج :
لقد أكتشف علماء الحشرات أن ذكر البعوض عندما ينضج يقوم بالبحث عن الأنثى مستعملاً بذلك حاسة السمع فان حاسة السمع عند الذكر ليست مثل الأنثى، بل هي أقوى .
فالصوت الصادر عن الأنثى يتنبه إليه الذكر ويلتقطه بواسطة الشعيرات الدقيقة التي تتواجد في نهاية عضو الإحساس، و قد لاحظ العلماء أن الذكر عندما يتزاوج مع الأنثى يظهر بجانب أعضائه التناسيلة جسم يساعده على مسك الأنثى وهي الكلاليب.
فالذكور عندما تطير تكون بحاله جماعية تشبه الغيوم فعندما تدخل أي أنثى في هذا السرب فالذكر أثناء طيرانه يقوم بعملية الازدواج فيمسك الأنثى بواسطة كلاليبه و تمم العملية بمدة قصيرة ويرجع الذكر إلى المجموعة بعد ذلك. فالأنثى التي تحمل البيوض تقوم بمص دم الإنسان لتغذية بيوضها .
نبذة صغيرة عن دورة حياة البعوضة:
إن الأنثى الحاملة للبيوض تقوم بمص الدم لتغذية البيوضات وفي شهور الصيف أو الخريف تضع الأنثى البيوض على الأوراق الرطبة أو بجانب البحيرات اليابسة. فالبعوضة الأم بواسطة اللاقطات الحساسة الموجودة تحت بطنها تقوم بالبحث عن مكان مناسب لوضع بيوضها وعندما تجد المكان المناسب تقوم بوضع بيوضها فطول كل بيضة لا يصل 1 ملم فتضعها واحد فواحدة أو بحالة مجموعة بصف واحد، وهناك نوع ثاني تقوم بربط بيوضها بعضها ببعض وتضعها، وتصل عدد البيوض التي تضعها الأنثى في المجموعة الواحدة 300 بيضة .
و بعد أن تضع البعوضة بيوضها بـ1 أو 2 ساعة تغير البيوض لونها إلى اللون الأسود وسبب تبديل لونها هو من أجل ألا تعرفها الحشرات فتلتهما، أي بمعنى آخر لكي لا تكون طعاما لهم و الأعجب من ذلك أن بعضها تغير لونها حسب البيئة التي تعيش فيها.
الجهاز التنفسي:
إن أساس جهاز التنفسي التي تستعمله الدودة ( اليرقة ) التي تتحول إلى البعوض هو قضيب تخرجه من خارج الماء لتتنفس بواسطته. والدودة الموجودة في الماء تكون معلقه رأساً على عقب (أي بالمقلوب) ولمنع نفوذ الماء إلى القضيب تفرز مادة صمغية من جسمها.
إن التغييرات الحاصلة في لون البعوضة الأم وفي البيوض والشرانق، ليس للبعوضة أي علم بها فهذا النظام ليس من صنع البعوض نفسه وليس موجود مصادفة و لكن البعوض خلق و معه تلك الوظائف المعقدة .
الخروج من البيض:
عند انتهاء فترة حضانة البيض تخرج اليرقات واحدة بعد الأخرى من البيوض فتتغذى هذه اليرقات و تنموا و تكبر فيتغير لون جلدها .
فجلدهم يكون صلباً ومن السهل كسره، فاليرقة حتى تكتمل دورة نموها تقوم بتغير جلدها مرتين على الأقل.
إن طريقة غذاء اليرقة مصممة بشكل غريب، فاليرقة تقوم بواسطة الشعيرات الموجودة في طرفيها بتكَّون شكل يشبه شكل المروحة فبهذه الطريقة تكون مدخلاً صغيراً تَضمن من خلاله دخول البكتريا و الأجسام الميكروسكوبية إلى الفم.
إن هذه اليرقات تكون داخل الماء بشكل مقلوبة ، وتتم عملة التنفس عن طريق القضيب أي مثل الغواصين وعن طريق إنزيمات خاصة تقوم بإفرازها تمنع من دخول الماء إلى القضيب الذي تتنفس منه.
ومن الواضح أن هذه المخلوق تقوم بأغلب أعمالها بمنتهى الدقة والحساسية في آن واحد وهذا يضمن لها دوام عيشها.
فلولا، وجود الخرطوم لتتنفس، ولولا السائل اللزج الذي تفرزه لمنع دخول الماء إلى القضيب، لدخل الماء إلى القضيب و ماتت اليرقة ولما كان هناك إماكنية لبقاء البعوض، وهذا يعني أن جميع أنظمة البعوض ظهرت للوجود بدون نقص.
أما اليرقة فتغير جلدها مرة أخرى وعندما تغيره للمرة الأخيرة تخرج بحالة جديدة، و تتبدل إلى شكل آخر أنها تتحول إلى البعوض ذي الجناحين .
إن الثقوب الموجودة في الأنبوب الذي بواسطتها تستطيع اليرقة أن تتنفس تختفي في التغير الأخير (الحشرة الجديدة) و ذلك لأن الحشرة الجديدة لا تحتاج إليها فهناك قضيبان في طرفي رأس البعوض بواسطتها تستطيع أن تتنفس ولهذا فأن هذه الكائنات قبل أن تبدأ بعملية تغير غلافها تصعد إلى سطح الماء.
البعوضة عندما تخرج من الشرنقة يجب أن لا تلامس برأسها سطح الماء لأن حطة واحدة بالنسبة لها دون هواء تكون سبب موتها.
تنشق الشرنقة من طرفها العلوي و ذلك لتأمين خروج الحشرة ، و هذه المرحلة من أخطر المراحل في دورة حياة البعوض ذلك أن دخول الماء إلى الغلاف يعني موت الحشرة لذلك كانت العناية تقتضي أن يكون القسم المنشق من الشرنقة هو القسم العلوي كما أن المنطقة المنشقة من الكيس هي المنطقة التي يخرج الرأس منها و لكي لا يتم تماس بين الماء و رأس الحشرة اقتضت العناية الإلهية بأن يكون الرأس مغلفاً بنوع خاص من الصمغ يمنع وصول الماء إليه وهذا شيء مهم جداً ، لأن أي هبوب للهواء ربما يجعل حشرة البعوضة تسقط في الماء وتموت ولهذا فأن البعوضة تقوم بوضع رجلها على الماء عندما تخرج.
ولكن هناك أسئلة يمكن أن تتبادر إلى الذهن ومنها .
كيف تستطيع البعوضة أن تتحول؟ من أين أصبحت لها هذه القابلية أن تغير جلدها ثلاث مرات؟ وبعدها تصبح بعوضة كاملة، إنها عناية الله تعالى و بديع صنعه .
التركيب الداخلي لجسم البعوضة :
الغدد اللعابية :
يوجد زوج من الغدد اللعابية في البعوضة في منطقة الصدر وتتكون كل غدة من ثلاث فصوص ولكل فص قناة محورية تتفرع من قناة رئيسية هي القناة اللعابية . وتتحد القناتان اللعابيتان للغدتين مكونة القناة اللعابية المشتركة التي تمتد داخل الرأس وتفتح في كبسولة صغيرة تعرف بمضخة اللعاب ومنها يسير اللعاب في قناة اللعاب التي تخترق اللسان وتفتح في طرفة عين تلعب الغدة اللعابية دوراً هاماً في نقل الملاريا حيث تختزن الأطوار التي تعيد العدوى للإنسان "الاسبروزويت" والتي تتدفق من اللعاب إلى الجرح الذي تحدثه الحشرة .