المبحث العاشر
أسلحة الدمار الشامل لدى إسرائيل
إن إقدام إسرائيل على امتلاك أسلحة الدمار الشامل، امتداد طبيعي لبحثها عن الأمن منذ تواجدها الغير طبيعي في المنطقة العربية منذ عام 1948، ودخولها حروب متتالية مع العرب منذ ذلك الحين. وبالرغم من امتلاك إسرائيل كمية هائلة من أحدث العتاد العسكري إلا أنها حرصت على امتلاك السلاح النووي ليشكل أداة ردع ضد الدول العربية.
أولاً: أنواع أسلحة الدمار الشامل لدي إسرائيل
1. الأسلحة غير النووية
أ. سبق لإسرائيل في حربها مع الدول العربية عام 1948، أن استخدمت ميكروب الدوسنتاريا وبالطبع فإن عمرها لم يكن تجاوز الشهور وهو ما لا يؤهلها للقيام بالأبحاث والتطوير والإنتاج لمواد بيولوجية أو غيرها لذا يفترض أنها حصلت عليها من دولة أخرى صديقة.
ب. وقد تردد أن إسرائيل حصلت على مساعدات من ألمانيا (الغربية في ذلك الوقت)، وفرنسا في مجال الحرب الجرثومية وأن لديها معامل كيميائية تجهز ميكروبات أمراض الطاعون والحمى الصفراء وغيرها وهو أمر وارد في إطار نظرية الأمن الإسرائيلية.
ج. وقد استخدمت إسرائيل أيضاً في حروبها مع الدول العربية عدة مرات المواد الحارقة خاصة النابالم والثرميت وبكميات تؤكد أن لديها مصانع لإنتاجها بهذا الحجم، كما لا يستبعد أن يكون لديها غازات حرب مسترد، وزارين، وV X، وغيرها وأن كان لم يتأكد ذلك.
2. الأسلحة النووية
تأتي إسرائيل في المرتبة السادسة للقوى النووية في العالم بعد كل من أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وهي تمتلك أكثر بكثير مما تمتلكه الهند وباكستان وجنوب أفريقيا.
ثانياً: احتمالات استخدام إسرائيل للأسلحة النووية
1. في حالة تعرض بقاء الدولة للخطر
في حالة انهزام قوة إسرائيل العسكرية وتدخل القوات المعادية في أرضه مهددة بذلك كيان وجوده فلن يبقى أمامها إلا استخدام أسلحة النووية.
2. إذا شعرت أن إحدى الدول العربية قد تشن هجوماً عسكرياً مفاجئاً ضدها يستحيل صده أو إيقافه فمن المرجح أن تستعمل الأسلحة النووية التكتيكية لإحباط هذه العملية.
3. قد تستعمل إسرائيل أسلحتها النووية رداً على العرب في حالة:
أ. الرد على الهجمات العربية الجوية المركزة على المدن الإستراتيجية بهدف تدميرها أو إلحاق خسائر بها.
ب. الرد على استخدام العرب المحتمل للأسلحة الكيماوية والبيولوجية.
ثالثاً: إسرائيل والسلاح النووي
1. بدأت إسرائيل بالاهتمام بتكوين كوادر علمية وفنية. فأنشأت الجماعات اليهودية المغتصبة للأرض منذ عام 1947، فروعاً علمية ضمت خيرة العلماء المهاجرين وكانوا النواة التي أسست المؤسسات العلمية فيما بعد وقد ساعد على ذلك العدد الهائل من العلماء الأوروبيون الذين هاجروا إلى إسرائيل حيث بلغت نسبتهم 23% من مجموع المهاجرين عام 1968، كما قامت بتبادل المعرفة مع دور العلم والجامعات الأوروبية واستفادت من المساعدات العلمية المقدمة من الدول الأوروبية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
2. مكنت القاعدة العلمية والعلماء إسرائيل من إنشاء مؤسسات علمية اهتمت بعلوم المستقبل من إلكترونيات وليزر وكيمياء وفيزياء وحاسبات وطاقة خاصة النووية.
3. في عام 1953، أي بعد قيام الدولة بعدد وجيز من السنوات تأسست في إسرائيل لجنة الطاقة الذرية. وقد اعتمدت إسرائيل من برنامجها القومي النووي على قدرتها الذاتية وتسهيلات الدول الصديقة وتعاون جنوب أفريقيا معها خاصة في مجال إجراء التجارب حيث لا تستطيع إسرائيل نظراً لضيق مساحتها ولموقعها القريب من أوربا القيام بتجارب نووية.
4. حصلت إسرائيل على التقنية النووية من الولايات المتحدة الأمريكية عبر برنامج إيزنهاور للذرة من أجل السلام عام 1955، وساعدها العلماء الأمريكيون اليهود وتغاضت الحكومة الأمريكية عن أساليب إسرائيل الملتوية للحصول على المواد المطلوبة للتصنيع والتجارب مثل اليورانيوم.
5. وقعت فرنسا مع إسرائيل اتفاقية تعاون علمي في هذا المجال عام 1954، وبمقتضاها حصلت إسرائيل على مفاعل نووي أقامته في صحراء النقب، بمعاونة الخبرة الفرنسية، وتمت مبادلات علمية خاصة في مجال استخراج اليورانيوم من الفوسفات بتكلفة اقتصادية، وهو ما قامت به إسرائيل من استغلال الفوسفات الموجود بالمناطق المحتلة وعمل علماءها جنبا إلى جنب مع العلماء الفرنسيين في أبحاثهم النووية مما مكنهم من الحصول على جميع المعلومات الضرورية للتصميم والصناعة والتفجير حتى أوقف ديجول ذلك التعاون لتغلغل العلماء الإسرائيليون في المؤسسات العلمية الفرنسية خاصة العسكرية منها.
6. اتجهت إسرائيل إلى العمل مع جنوب أفريقيا وقبلت معاونة من ألمانيا (الغربية) والبرازيل وكثير من الدول الأوروبية في هذا المجال سواء بالتقنية والتبادل العلمي أو تدريب الكوادر الفنية والعلمية أو الإمداد بالخامات اللازمة.
رابعاً: تمتلك إسرائيل الآن أربعة مفاعلات نووية وهي:
1. مفاعل ريشون ليفر بون
هو أول مفاعل نووي إسرائيلي بدأت تشغيله عام 1957 وتبلغ طاقته الإجمالية 8 ميجاوات حراري والهدف من تشغيله هو البحث العلمي وإنتاج النظائر المشعة والوقود المستخدم هو اليورانيوم الطبيعي بنسبة 80 % ويورانيوم 235 بنسبة 20%.
2. مفاعل ناحال سوريك
الهدف من تشغيله هو إنتاج النظائر المشعة وإجراء البحوث النووية وتبلغ طاقته الإجمالية 8 ميجاوات. كذلك تتم فيه عمليات إثراء اليورانيوم باستخدام الليزر، ويتواجد ضمن مركز للأبحاث النووية الإسرائيلي في منطقة ناحال سوريك.
مفاعل نحال سوريك
3. مفاعل ديمونا[1]
يعد أهم المفاعلات الموجودة في إسرائيل ويعتبر مفاعل أبحاث إنتاجياً فهو يستطيع أن ينتج البلوتونيوم 239 وتصل قدرة المفاعل إلى 150 ميجاوات.
4. مفاعل النبي روبين
الهدف منه تحلية مياه البحر وإنتاج الطاقة الكهربائية ويستخدم اليورانيوم الطبيعي كوقود والجرانيت كمعدل وثاني أكسيد الكربون والهواء المضغوط كمبرد وهو قادر على إنتاج 417.5 مليون لتر من الماء يومياً
خامساً: المسرعات النووية
هي جزء مكمل للمفاعل النووي وتستخدم لإسراع النيوترونات لاستخدامها في قصف الوقود النووي داخل قلب المفاعل.
1. المسرع النووي في حيفا ويملكه معهد إسرائيل التقني.
2. المسرع النووي في رحوبرت يملكه معهد وايزمان للعلوم.
3. المسرع النووي في الجامعة العبرية تملكه دائرة الفيزياء النووية في الجامعة العبرية.
4. المسرع النووي في تل أبيب تملكه دائرة الفيزياء النووية في جامعة تل أبيب.
5. المسرع النووي في القدس يملكه مختبر الفيزياء الإسرائيلي.
تعود ملكية المفاعلات النووية إلى وزارة الدفاع الإسرائيلي أما ملكية المسرعات فهي تعود إلى الجامعات والمعاهد التقنية.
سادساً: المراكز والمعاهد النووية
1. مركز التدريب على النظائر المشعة ـ دوار يافي يحتوي على تجهيزات نووية مهمة لتدريب المهندسين والخبراء على استخدام النظائر المشعة في الصناعة والزراعة والجيولوجية.
2. المعهد الإسرائيلي للإشعاع والنظائر تل أبيب ـ يحتوي على مختبرات خاصة بالأبحاث النووية وفيه عدد كبير من العلماء يجرون أبحاثهم في مجال الإشعاعات النووية.
3. معهد العلوم الفضائية في جامعة تل أبيب ـ تجري به تجارب عملية حول الصواريخ وتحضير الوقود الصلب والسائل.
سابعاً: المعامل الحارة
هي معامل للفصل الكيميائي من أجل استخلاص البلوتونيوم 239، عن نظائر 240، 241 الموجودين في الوقود المحترق ليصل البلوتونيوم 239 بعد فصله وتنقيته إلى نسبة 90% فأكثر وكذلك إثراء اليورانيوم 235 من نسبة 70% حتى 90% ليكون كسلاح نووي انشطاري وتمتلك إسرائيل معملين في ناحال سوريك، وديمونا.
ثامناً: الهيئات التي تصنع السياسة النووية
1. اللجنة الاستشارية للبحث والتطوير بوزارة الدفاع.
2. لجنة الطاقة الذرية.
3. المجلس الوطني للبحث والتطوير.
تاسعاً: نوعية الرؤوس النووية الإسرائيلية
إن المواد الانشطارية تصلح لإنتاج مختلف أنواع الرؤوس النووية وتدخل في تركيب الرؤوس الهيدروجينية والنيوترونية مع إضافة عناصر أخرى لها. وتتوقف قدرة الدولة على تطوير كل من تلك النوعيات على عوامل مختلفة وهو ما يمكن تناوله بالنسبة للنوعيات التي تمتلكها إسرائيل:
1. الرؤوس النووية
تقدر حجم الترسانة النووية حسب مصادر مختلفة:
أ. عام 1973، ذكرت مجلة تايم أن عدد القنابل النووية قد يكون 13 قنبلة وهو ما يعني أنه الآن قد تعدى الثلاثين قنبلة.
ب. عام 1976، نقلاً عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن إسرائيل، قد يكون لديها 10 : 20 قنبلة ذرية وهو ما يعني أيضاً الآن إنها تعدت الثلاثون.
ج. عام 1981، ذكرت تقارير الأمم المتحدة أن لدى إسرائيل من 10 : 15 قنبلة ذرية وهو ما يعني أنها الآن قد تخطت العشرين قنبلة.
د. هناك عديد من التقديرات لعدد ما تمتلكه إسرائيل من القنابل وكلها من نفس الإطار السابق.
هـ. أقل تقدير ممكن قد يكون 11 قنبلة وأعلى تقدير يمكن أن يصل 41 قنبلة.
2. عيار الرؤوس النووية
العيار الرئيسي هو 20 كيلو طن وهو ما يطلق عليه القنبلة العيارية.
كما أنها أنتجت أعيرة أقل يمكن استخدامها لضرب عدد كبير من الأهداف بقوة أقل.
3. شكل الرؤوس النووية
الشكلين الأساسين للرؤوس النووية هما:
أ. إما قنابل يتم إلقاؤها من القاذفات الثقيلة والمتوسطة.
ب. أو رؤوس يتم تحميلها في الصواريخ أرض/ أرض.
4. استعداد الرؤوس النووية
تملك إسرائيل قنابل مكتملة جاهزة للعمل وكذلك أجزاء قنابل مفككة يمكن تجميعها خلال ساعات قليلة.
عاشراً: الأسلحة النووية التكتيكية
هي عبارة عن رؤوس نووية صغيرة الحجم ذات قوة تدميرية محدودة تصل حتى 2 كيلو طن تستخدم في مسرح العمليات.
ويمكن أن تطلق من مدفع 155 مم أو مدفع محمول على متن سفينة أو صاروخ جو أرض وتشير التقارير أن إسرائيل قامت بإنتاج قذائف نووية عيار 175، 203 مم.
حادي عشر: الرؤوس الهيدروجينية
تمتلك إسرائيل الأسلحة الهيدروجينية حسب معظم التقديرات منذ أوائل الثمانينيات وتقدر بحوالي 35 قنبلة، وعادة تقاس طاقة انفجار القنبلة الهيدروجينية بالميجاطن.
ثاني عشر: وسائل الإطلاق
بافتراض أن التقنية الإسرائيلية، مازالت غير قادرة على تصنيع الحجم الصغير للقنابل، فإن إسرائيل ستقوم بإطلاق قنابلها النووية بوسائل كبيرة الحجم نسبياٍ مثل الصواريخ أريحا، ولا نس، والإثنان يطلقان من قواذف متحركة، مدى الأول حتى 300 ميل، والثاني حتى 45 ميل، ولدى إسرائيل 14 صاروخاً من الأول، و 12صاروخاً من الثاني. وهو ما يعني عدم قدرة الصاروخ لا نس، على الوصول إلى أكثر من جنوب لبنان، وهضبة الجولان السورية وقطاع غزة ومنطقة العقبة وطابا على خليج العقبة، وهو يؤثر بالتالي على إسرائيل نفسها. أما الصاروخ أريحا، فيمكنه الوصول حتى جنوب تركيا، ومعظم سورية، وكل الأردن، ولبنان، والجزء الشرقي من مصر، والجزء الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية، وتبقى العراق، خارج مداه كذا إيران، وليبيا، ومعظم المملكة العربية السعودية، وهي مواقع تهتم إسرائيل بوضعها في متناولها.
والإمكانية التالية، هي قنابل الطائرات النووية، ولدى إسرائيل، عدة أنواع تمكنها من ذلك، مثل، F 15. F16 والفانتوم، وسكاي هوك، وهذه الوسائل يمكنها زيادة المدى المعرض للقنابل الإسرائيلية، لتشمل دائرة، شرقها باكستان، وشمالها الاتحاد السوفيتي، وغربها الجزائر، وجنوب زائير.
ثالث عشر: الأساليب التكتيكية المحتملة للاستخدام
انطلاقاً من التحليل السابق، وشكل، وحجم، ووزن، القنبلة النووية الإسرائيلية، والمفترض أنها بدائية، فإنه يحتمل أن تقوم إسرائيل باستخدام تلك الأسلحة ـ فرضاً ـ بأسلوب تكتيكي أي (محدود) في ميدان القتال لمساندة القوات التقليدية كالآتي:
1. تستخدم الغازات الحربية، والمواد البيولوجية، والمواد الحارقة، طبقاً للقواعد السابق الإشارة لها مع استعدادها لتلقي الضربة التالية من عدة دول محيطة وهو أمر وارد ولابد من وضعها له في الحسبان.
2. استخدام الأسلحة النووية في المناطق البعيدة عن حدودها (المدن الثانوية والأهداف الحيوية البعيدة) كعامل ردع مبدئي وقد يسبق بدء الحرب كضربة وقائية أو أثناءها لإنهاء الحرب.
3. لا يحتمل أن تقوم إسرائيل، باستخدام الأسلحة النووية، في ميادين القتال لقربها مع حدودها، حيث أن الحروب السابقة كلها قريبة من الحدود الإسرائيلية، وهو ما يفقدها ميزه شل القدرة العسكرية، للخصم في ميدان القتال.
[1]قدر مفاعل ديمونا، إنتاج 8 : 10 كجم، بلوتونيوم في السنة، 70 % منه بلوتونيوم 239، اللازم لصناعة القنبلة النووية، أي أن إسرائيل كان لديها في عام 1986، (بعد 8 سنوات من بدأ الإنتاج) حوالي 154 كيلوجرام من تلك المادة وهي كافية لإنتاج 20 قنبلة عيار 20 كيلو/ طن،علاوة على ما حصلت عليه من فرنسا (14 كجم)، وسرقته من مصادر أخرى (100 كجم من الولايات المتحدة الأمريكية)