بموازاة انفتاحها الاقتصادي الذي بدأته في أواخر العقد السابع من القرن العشرين، تحركت الصين نحو بناء قدراتها العسكرية وإعادة إنتاج فلسفة دورها من كيان إقليمي إلى قوة ذات مصالح واهتمامات عالمية. وفي بيئة أمنية بدت سريعة في تحولاتها، اتجهت بكين لبناء قدراتها الدفاعية استنادا إلى عنصرين أساسيين، هما القوة الصاروخية الضاربة، والقوة البحرية القادرة على الاشتباك في المضايق وأعالي البحار. وفضلاً عن ذلك، كانت هناك قوة جوية لم تتوقف مسيرة تحديثها منذ ثلاثة عقود. ومن الواضح أن الذراع العسكرية الصينية بدت معنية بالدفاع عن مصالح اقتصادية وجيوسياسية، اكتسبت اليوم طابعاً عالمياً أكثر من أي وقت مضى. وعلى نحو مباشر، فإن هذه الذراع حققت للصين حضوراً في المحيط الهادي، وهو حضورٌ كانت قد افتقدته منذ أكثر من قرن من الزمن. وفي مسيرة بناء قوتها الدفاعية، اعتمدت الصين على كم متزايد من شركات التصنيع الحربي المحلية، توازيها عملية استيراد واسعة للتقانة العسكرية، وحيث برزت روسيا كأكبر مورد للصينيين، الذين حصلوا منها على بعض أهم منتجاتها الدفاعية.
على صعيد قدرات الصين الصاروخية، يبرز الصاروخ الباليستي(DONG FENG - 41) العابر للقارات، باعتباره أحد أهم ما تمتلكه اليوم القوات الصينية. ويبلغ مدى هذا الصاروخ 12ألف كيلو متر. وهو يعرف في الغرب باسم (CSS-X-10)، ويمكن تسليحه برأس نووي واحدة بقوة 250كيلو طن إلى اثنين فاصل خمسة ميغا طن، أو بأربعة رؤوس نووية، كل منها بقوة 90كيلو طن، وفى الحالة الأخيرة يمكن للصاروخ توجيه نفسه ذاتياً لضرب مجموعة أهداف.ويعد هذا الصاروخ نسخة مطورة من الصاروخ (DONG FENG -31) المعروف باسم( CSS-X-9)، الذي يصل مداه إلى 8000كلم، والذي دخل الخدمة في العام
2003.ومنذ حادثة ميدان تيانانيم في العام 1989، وما تبعها من إجراءات تحد من المبيعات العسكرية الغربية للصين، اتجهت بكين إلى موسكو للحصول على معظم أسلحتها، وأبقت في الوقت ذاته على تطويرها العسكري طي الكتمان. وقد ظل حوالي 1500عالم وفني روسي يعملون في المؤسسة العسكرية الصينية منذ أوائل العقد الماضي. وكان قد بدأ العمل منذ نهاية الثمانينات على تصحيح العلاقات الصينية الروسية. وجرى منذ ذلك الحين التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية. وهناك اعتقاد لدى العديد من الروس بأنه من دون التعاون مع الصين فان التنمية المستقرة لسيبيريا ومناطق الشرق الأقصى الروسي لا تبدو ممكنة على صعيد عملي. وهكذا جرى تطوير متسارع للعلاقات الصينية الروسية. وتضمنت "خطة العمل" المشترك بين الجانبين للفترة 2005- 2008مجالات ذات أهمية استراتيجية، كالفضاء والطاقة النووية والهندسة البيولوجية والكيمياء. وتستحوذ الصين حالياً على نحو أربعين في المائة من مجموع صادرات روسيا العسكرية، وباتت المحافظة على بعض منشآت التصنيع الحربي الروسية مرتبطة بإدامة الصادرات إلى الجيش الصيني. وحسب تقارير غربية، فقد اشترت الصين من روسيا في السنوات القليلة الماضية نحو 150مقاتلة اعتراضية من طرازي (Su-27SK) و(Su-30MKK)، بالإضافة إلى محرّكات وأسلحة وصواريخ لهذه الطائرات. واشترت الصين في الوقت نفسه امتيازاً لصناعة 200طائرة من طراز (Su-27SK). وزودت روسيا الصينيين، من جهة أخرى، بمجموعة من أنظمة الدفاع الجوي المضادة للطائرات والصواريخ من طراز (S-300PMU1)، وهي أنظمة دفاع متوسطة المدى، ويتم تصنيعها في الصين حالياً باسم. ( HQ 10/15)وفي الوقت نفسه، قامت الصين من جهتها بتطوير نظام (AS901) للدفاع الجوي ضد الأهداف المنخفضة، التي تشمل الحوامات والطيران المنخفض.
ويبلغ وزن هذا النظام نحو 110كغم، ويمكن حمله على عربة ونشره خلال دقائق. وهو يشبه إلى حد بعيد النظام الراداري (AN/PP (Q-2 الذي تنتجه شركة لوكهيد مارتن.
وفي سياق جهود الدفاع الجوي ذاتها، كانت الصين قد كشفت في العام 2001عن الصاروخ ( FT-2000)، المضاد للإشعاعات، والذي يتراوح مداه بين 12- 100كلم، وبارتفاع يصل إلى 20كلم، وزنة 1300كلغم عند الإطلاق. وهذه الصواريخ مصممة للتعامل مع أجهزة التشويش المحمولة جواً، وطائرات الإنذار والمراقبة الجوية على ارتفاعات شاهقة. ويٌنقل هذا النوع من الصواريخ على شاحنات شبيهة بحاويات الصواريخ الروسية (S-300 PUM1)، التي استوردتها الصين قبل سنوات، وبدأت بنشرها قبالة تايوان.
وبالانتقال إلى قوة الصين البحرية، فقد اشترت بكين مدمرتين روسيتين من طراز (Sovremenny)، ووقّعت عقدا مع موسكو لصناعة سفينتين أخريين، كما اشترت غوّاصتي ديزل من طراز (Varshavyanka)، وغوّاصتين أكثر حداثة من الصنف ذاته. ومن أهم الغواصات الصينية المطورة محلياً، الغواصة (Type 93)، المزودة بصواريخ (LACM)، والغواصة (Type 92 Xia ) المزودة بصواريخ (JULANG -1). ويعتبر الصاروخ (JULANG -2) أهم صاروخ مضاد للغواصات بحوزة الصين، ويعرف في الغرب باسم (CSS-NX-4)، ويبلغ مداه ثمانية آلاف كيلومتر، ويعتقد أنه دخل الخدمة في أوائل هذا العقد. أما الصاروخ (JULANG -1)، فيبلغ مداه 1700كيلومتر، وقد دخل الخدمة في العام 1986.كذلك، تحدثت تقارير عن صاروخ جديد مضاد للسفن دخل الخدمة لدى الجيش الصيني، هو الصاروخ (HY) المطوّر محلياً، وتسميته الغربية (LACM)، وهو ذو مدى يصل إلى عشرة آلاف كيلومتر، ويرجح أن الجيش الصيني حصل عليه في النصف الثاني من هذا العقد.
وكانت الصين قد طورت قبل ذلك نوعاً من الصواريخ الجوالة المضادة للسفن من طراز( YJ-53)، وهي نوع معدل من صواريخ( C-802 ASCM)، ويمكنها تلقي بيانات الهدف أثناء طيرانها، وتفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يجعل من الصعب على السفن الدفاع ضدها. وتشير بعض التقارير إلى أن الصين قد اشترت أيضاً صواريخ ( Kh-41) الروسية المضادة للسفن، وهي منبثقة من عائلة ( ASCM )،ويبلغ مداها 250كيلومتراً، وتحمل عبوة تزن 200كلغم. وبحسب تقارير غربية، تمنح المقاتلات(Su-27SK) وطائرات الاعتراض بعيدة المدى (Su-30MKK) المزودة بالصواريخ( Kh-41) القوات الصينية القدرة على فرض حصار على تايوان.
ويفصل تقرير موسع صادر عن وزارة الدفاع الأميركية بتاريخ 26شباط فبراير 1999تحت عنوان ( The Security Situation in the Taiwan Strait) موازين القوى التي كانت سائدة حتى ذلك الحين في مضيق تايوان، ويسعى لاستشراف حالة الأمن في المضيق وتداعياتها الإقليمية الأوسع حتى العام 2005، ويمكن الرجوع إلى هذا التقرير على شبكة الأنترنت، فمحتوياته على قدر من الأهمية. وفي تقرير لها صدر في العام 2003،ذكرت وزارة الدفاع الأميركية أن الصين نصبت حوالي 450صاروخاً باليستياً من طراز( CSS-6)على سواحلها الشرقية. وفي أيار مايو الماضي، قالت الوزارة إن الصين تعمل على تطوير قدراتها البحرية وتزويدها بنظم دفاع جوي أكثر تقدماً، وبغواصات جديدة، فيما تحسنت قدراتها الهجومية.
وبحسب بعض الدراسات اليابانية، تعمل الصين على تحويل قوتها البحرية الساحلية إلى قوة قادرة على خوض غمار المحيط، وهي من المتوقع أن تمتلك بحلول العام 2010سبعين سفينة، من أكثر السفن السطحية حداثة، فضلاً عن العديد من الغواصات النووية الإستراتيجية، وعشرات من الغواصات الهجومية المستحدثة، بحيث تتفوق على القوات البحرية الحديثة لتايوان، بل وحتى اليابان. وكانت الصين تفرض هيمنتها على آسيا في مجال القوة البحرية حتى القرن السابع عشر، فخلال حكم أسرة منغ ( 1368- 1644) كانت "البحرية العظمى" الصينية هي القوة البحرية الأعظم في العالم. وفي مقابل ذلك، تفيد بعض الدراسات الصينية بأن القوات الجوية الأميركية نشرت في العام 2006أكثر من ستين قذيفة جوية في جزيرة غوام (Guam ) بالمحيط الهادي. ويعني هذا أن قاذفة القنابل الاستراتيجية من طراز( B-52)، التي تقلع من الولايات المتحدة ، يمكنها أن تحط بجزيرة غوام للتزود بالقنابل، ومن ثم الدخول إلى ميدان القتال، والعودة منه ثانية إلى الجزيرة. كذلك، تستطيع البحرية الأميركية نقل الغواصات المهاجمة من القواعد الخلفية إلى جزيرة غوام لتقليص الزمن الذي يتطلبه تحريك هذه الغواصات في أية معركة محتملة في شمال آسيا. وتستطيع هذه الغواصات حماية مجموعة حاملات الطائرات التابعة للأسطول السابع الأميركي، والقيام في الوقت نفسه بضربات في أوسع مجال بحري.
وفي سياق البيئة الأمنية ذاتها، توصلت الولايات المتحدة واليابان في أيار مايو 2006إلى اتفاق حول إعادة تنظيم الوجود العسكري الأميركي في المناطق والمياه اليابانية. وفى بداية كانون الثاني يناير 2007،عندما رفع مستوى وكالة الدفاع الذاتي رسميا إلى وزارة كاملة، تم تعيين منسق خاص بين القوات الأميركية والمجتمعات المحلية اليابانية ذات الصلة. وكانت الولايات المتحدة واليابان قد اتجهتا منذ العام 1999لتطوير منظومة درع صاروخي مضاد للصواريخ. وقد تم تعجيل هذا المشروع إثر اختبار كوريا الشمالية في الخامس من تموز يوليو 2006لسبعة صواريخ باليستية. وفي نيسان أبريل الماضي، نشرت اليابان ثلاث منصات لصواريخ باتريوت (PAC-3)/ Patriot Advanced Capability-3 / في قاعدة "أيروما" الجوية في "سايتاما" شمالي طوكيو. وفي الثامن عشر من كانون الأول ديسمبر 2007،اختبرت بنجاح إحدى مراحل منظومة الدرع الصاروخي، حيث أسقطت المدمرة اليابانية(JS KONGO) صاروخاً متوسط المدى أطلق من جزر هاواي على ارتفاع 160كلم، وذلك عبر اعتراضه بصاروخ من طراز(SM-3). وقد تقرر إقامة ستار مزدوج من صواريخ اعتراضية إضافية على الجانب الياباني، بهدف اعتراض أي صاروخ يفلت من منظومة (SM-3).
وكانت وثيقة حكومية يابانية نشرت في تموز يوليو الماضي قد أعربت عن القلق من "غياب الشفافية" بشأن "الإنفاق العسكري المتنامي" في الصين. وكررت الوثيقة الدفاعية، التي تعتبر الأولى منذ تأسيس وزارة الدفاع في البلاد مطلع العام 2007، مخاوف مماثلة أعربت عنها أستراليا. وكان البلدان قد اتفقا في آذار مارس 2007على الدخول في "شبه تحالف". وفي أوائل حزيران يونيو من العام ذاته، عقد وزراء الخارجية والدفاع في البلدين أول اجتماعاتهم الأمنية المنتظمة.
وبالعودة للقوة العسكرية الصينية، فإن ما يمكن قوله ختاماً هو أن الصين قد عادت قوة أساسية في المحيط الهادي بعد غياب دام لأكثر من قرن، وأنها تستنفذ اليوم نهضتها الاقتصادية لتعزيز ذراعها العسكري، بما يضمن لها سلامة الوصول إلى منابع الطاقة والمصادر الطبيعية المختلفة في العالم.
على صعيد قدرات الصين الصاروخية، يبرز الصاروخ الباليستي(DONG FENG - 41) العابر للقارات، باعتباره أحد أهم ما تمتلكه اليوم القوات الصينية. ويبلغ مدى هذا الصاروخ 12ألف كيلو متر. وهو يعرف في الغرب باسم (CSS-X-10)، ويمكن تسليحه برأس نووي واحدة بقوة 250كيلو طن إلى اثنين فاصل خمسة ميغا طن، أو بأربعة رؤوس نووية، كل منها بقوة 90كيلو طن، وفى الحالة الأخيرة يمكن للصاروخ توجيه نفسه ذاتياً لضرب مجموعة أهداف.ويعد هذا الصاروخ نسخة مطورة من الصاروخ (DONG FENG -31) المعروف باسم( CSS-X-9)، الذي يصل مداه إلى 8000كلم، والذي دخل الخدمة في العام
2003.ومنذ حادثة ميدان تيانانيم في العام 1989، وما تبعها من إجراءات تحد من المبيعات العسكرية الغربية للصين، اتجهت بكين إلى موسكو للحصول على معظم أسلحتها، وأبقت في الوقت ذاته على تطويرها العسكري طي الكتمان. وقد ظل حوالي 1500عالم وفني روسي يعملون في المؤسسة العسكرية الصينية منذ أوائل العقد الماضي. وكان قد بدأ العمل منذ نهاية الثمانينات على تصحيح العلاقات الصينية الروسية. وجرى منذ ذلك الحين التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية. وهناك اعتقاد لدى العديد من الروس بأنه من دون التعاون مع الصين فان التنمية المستقرة لسيبيريا ومناطق الشرق الأقصى الروسي لا تبدو ممكنة على صعيد عملي. وهكذا جرى تطوير متسارع للعلاقات الصينية الروسية. وتضمنت "خطة العمل" المشترك بين الجانبين للفترة 2005- 2008مجالات ذات أهمية استراتيجية، كالفضاء والطاقة النووية والهندسة البيولوجية والكيمياء. وتستحوذ الصين حالياً على نحو أربعين في المائة من مجموع صادرات روسيا العسكرية، وباتت المحافظة على بعض منشآت التصنيع الحربي الروسية مرتبطة بإدامة الصادرات إلى الجيش الصيني. وحسب تقارير غربية، فقد اشترت الصين من روسيا في السنوات القليلة الماضية نحو 150مقاتلة اعتراضية من طرازي (Su-27SK) و(Su-30MKK)، بالإضافة إلى محرّكات وأسلحة وصواريخ لهذه الطائرات. واشترت الصين في الوقت نفسه امتيازاً لصناعة 200طائرة من طراز (Su-27SK). وزودت روسيا الصينيين، من جهة أخرى، بمجموعة من أنظمة الدفاع الجوي المضادة للطائرات والصواريخ من طراز (S-300PMU1)، وهي أنظمة دفاع متوسطة المدى، ويتم تصنيعها في الصين حالياً باسم. ( HQ 10/15)وفي الوقت نفسه، قامت الصين من جهتها بتطوير نظام (AS901) للدفاع الجوي ضد الأهداف المنخفضة، التي تشمل الحوامات والطيران المنخفض.
ويبلغ وزن هذا النظام نحو 110كغم، ويمكن حمله على عربة ونشره خلال دقائق. وهو يشبه إلى حد بعيد النظام الراداري (AN/PP (Q-2 الذي تنتجه شركة لوكهيد مارتن.
وفي سياق جهود الدفاع الجوي ذاتها، كانت الصين قد كشفت في العام 2001عن الصاروخ ( FT-2000)، المضاد للإشعاعات، والذي يتراوح مداه بين 12- 100كلم، وبارتفاع يصل إلى 20كلم، وزنة 1300كلغم عند الإطلاق. وهذه الصواريخ مصممة للتعامل مع أجهزة التشويش المحمولة جواً، وطائرات الإنذار والمراقبة الجوية على ارتفاعات شاهقة. ويٌنقل هذا النوع من الصواريخ على شاحنات شبيهة بحاويات الصواريخ الروسية (S-300 PUM1)، التي استوردتها الصين قبل سنوات، وبدأت بنشرها قبالة تايوان.
وبالانتقال إلى قوة الصين البحرية، فقد اشترت بكين مدمرتين روسيتين من طراز (Sovremenny)، ووقّعت عقدا مع موسكو لصناعة سفينتين أخريين، كما اشترت غوّاصتي ديزل من طراز (Varshavyanka)، وغوّاصتين أكثر حداثة من الصنف ذاته. ومن أهم الغواصات الصينية المطورة محلياً، الغواصة (Type 93)، المزودة بصواريخ (LACM)، والغواصة (Type 92 Xia ) المزودة بصواريخ (JULANG -1). ويعتبر الصاروخ (JULANG -2) أهم صاروخ مضاد للغواصات بحوزة الصين، ويعرف في الغرب باسم (CSS-NX-4)، ويبلغ مداه ثمانية آلاف كيلومتر، ويعتقد أنه دخل الخدمة في أوائل هذا العقد. أما الصاروخ (JULANG -1)، فيبلغ مداه 1700كيلومتر، وقد دخل الخدمة في العام 1986.كذلك، تحدثت تقارير عن صاروخ جديد مضاد للسفن دخل الخدمة لدى الجيش الصيني، هو الصاروخ (HY) المطوّر محلياً، وتسميته الغربية (LACM)، وهو ذو مدى يصل إلى عشرة آلاف كيلومتر، ويرجح أن الجيش الصيني حصل عليه في النصف الثاني من هذا العقد.
وكانت الصين قد طورت قبل ذلك نوعاً من الصواريخ الجوالة المضادة للسفن من طراز( YJ-53)، وهي نوع معدل من صواريخ( C-802 ASCM)، ويمكنها تلقي بيانات الهدف أثناء طيرانها، وتفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يجعل من الصعب على السفن الدفاع ضدها. وتشير بعض التقارير إلى أن الصين قد اشترت أيضاً صواريخ ( Kh-41) الروسية المضادة للسفن، وهي منبثقة من عائلة ( ASCM )،ويبلغ مداها 250كيلومتراً، وتحمل عبوة تزن 200كلغم. وبحسب تقارير غربية، تمنح المقاتلات(Su-27SK) وطائرات الاعتراض بعيدة المدى (Su-30MKK) المزودة بالصواريخ( Kh-41) القوات الصينية القدرة على فرض حصار على تايوان.
ويفصل تقرير موسع صادر عن وزارة الدفاع الأميركية بتاريخ 26شباط فبراير 1999تحت عنوان ( The Security Situation in the Taiwan Strait) موازين القوى التي كانت سائدة حتى ذلك الحين في مضيق تايوان، ويسعى لاستشراف حالة الأمن في المضيق وتداعياتها الإقليمية الأوسع حتى العام 2005، ويمكن الرجوع إلى هذا التقرير على شبكة الأنترنت، فمحتوياته على قدر من الأهمية. وفي تقرير لها صدر في العام 2003،ذكرت وزارة الدفاع الأميركية أن الصين نصبت حوالي 450صاروخاً باليستياً من طراز( CSS-6)على سواحلها الشرقية. وفي أيار مايو الماضي، قالت الوزارة إن الصين تعمل على تطوير قدراتها البحرية وتزويدها بنظم دفاع جوي أكثر تقدماً، وبغواصات جديدة، فيما تحسنت قدراتها الهجومية.
وبحسب بعض الدراسات اليابانية، تعمل الصين على تحويل قوتها البحرية الساحلية إلى قوة قادرة على خوض غمار المحيط، وهي من المتوقع أن تمتلك بحلول العام 2010سبعين سفينة، من أكثر السفن السطحية حداثة، فضلاً عن العديد من الغواصات النووية الإستراتيجية، وعشرات من الغواصات الهجومية المستحدثة، بحيث تتفوق على القوات البحرية الحديثة لتايوان، بل وحتى اليابان. وكانت الصين تفرض هيمنتها على آسيا في مجال القوة البحرية حتى القرن السابع عشر، فخلال حكم أسرة منغ ( 1368- 1644) كانت "البحرية العظمى" الصينية هي القوة البحرية الأعظم في العالم. وفي مقابل ذلك، تفيد بعض الدراسات الصينية بأن القوات الجوية الأميركية نشرت في العام 2006أكثر من ستين قذيفة جوية في جزيرة غوام (Guam ) بالمحيط الهادي. ويعني هذا أن قاذفة القنابل الاستراتيجية من طراز( B-52)، التي تقلع من الولايات المتحدة ، يمكنها أن تحط بجزيرة غوام للتزود بالقنابل، ومن ثم الدخول إلى ميدان القتال، والعودة منه ثانية إلى الجزيرة. كذلك، تستطيع البحرية الأميركية نقل الغواصات المهاجمة من القواعد الخلفية إلى جزيرة غوام لتقليص الزمن الذي يتطلبه تحريك هذه الغواصات في أية معركة محتملة في شمال آسيا. وتستطيع هذه الغواصات حماية مجموعة حاملات الطائرات التابعة للأسطول السابع الأميركي، والقيام في الوقت نفسه بضربات في أوسع مجال بحري.
وفي سياق البيئة الأمنية ذاتها، توصلت الولايات المتحدة واليابان في أيار مايو 2006إلى اتفاق حول إعادة تنظيم الوجود العسكري الأميركي في المناطق والمياه اليابانية. وفى بداية كانون الثاني يناير 2007،عندما رفع مستوى وكالة الدفاع الذاتي رسميا إلى وزارة كاملة، تم تعيين منسق خاص بين القوات الأميركية والمجتمعات المحلية اليابانية ذات الصلة. وكانت الولايات المتحدة واليابان قد اتجهتا منذ العام 1999لتطوير منظومة درع صاروخي مضاد للصواريخ. وقد تم تعجيل هذا المشروع إثر اختبار كوريا الشمالية في الخامس من تموز يوليو 2006لسبعة صواريخ باليستية. وفي نيسان أبريل الماضي، نشرت اليابان ثلاث منصات لصواريخ باتريوت (PAC-3)/ Patriot Advanced Capability-3 / في قاعدة "أيروما" الجوية في "سايتاما" شمالي طوكيو. وفي الثامن عشر من كانون الأول ديسمبر 2007،اختبرت بنجاح إحدى مراحل منظومة الدرع الصاروخي، حيث أسقطت المدمرة اليابانية(JS KONGO) صاروخاً متوسط المدى أطلق من جزر هاواي على ارتفاع 160كلم، وذلك عبر اعتراضه بصاروخ من طراز(SM-3). وقد تقرر إقامة ستار مزدوج من صواريخ اعتراضية إضافية على الجانب الياباني، بهدف اعتراض أي صاروخ يفلت من منظومة (SM-3).
وكانت وثيقة حكومية يابانية نشرت في تموز يوليو الماضي قد أعربت عن القلق من "غياب الشفافية" بشأن "الإنفاق العسكري المتنامي" في الصين. وكررت الوثيقة الدفاعية، التي تعتبر الأولى منذ تأسيس وزارة الدفاع في البلاد مطلع العام 2007، مخاوف مماثلة أعربت عنها أستراليا. وكان البلدان قد اتفقا في آذار مارس 2007على الدخول في "شبه تحالف". وفي أوائل حزيران يونيو من العام ذاته، عقد وزراء الخارجية والدفاع في البلدين أول اجتماعاتهم الأمنية المنتظمة.
وبالعودة للقوة العسكرية الصينية، فإن ما يمكن قوله ختاماً هو أن الصين قد عادت قوة أساسية في المحيط الهادي بعد غياب دام لأكثر من قرن، وأنها تستنفذ اليوم نهضتها الاقتصادية لتعزيز ذراعها العسكري، بما يضمن لها سلامة الوصول إلى منابع الطاقة والمصادر الطبيعية المختلفة في العالم.