موظفة أمريكية مسلمة بإدارة ترامب: هذه أسباب استقالتي
لندن- عربي21- باسل درويش
الثلاثاء، 28 فبراير 2017 02:31 ص
0
99
رومانا أحمد: كنت مسلمة في إدارة ترامب لثمانية أيام- أرشيفية
كتبت الموظفة المحجبة الوحيدة في مجلس الأمن القومي رومانا أحمد، التي لم تستطع الصمود في إدارة ترامب سوى ثمانية أيام، حيث كانت تعمل في مجال الاتصالات الاستراتيجية. مقالا في مجلة "ذا أتلانتك" يوم الخميس، تحدثت فيه عن ظروف استقالتها.
وكانت القرارات التنفيذية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بخصوص منع مسلمي سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة وراء استقالة أحمد.
وتقول الكاتبة إن خطاب ترامب المتعلق بالإسلام الراديكالي يعكس خطاب تنظيم الدولة في العراق وسوريا، مشيرة إلى أنها بدأت العمل في المجلس عندما تم تعيينها مباشرة بعد تخرجها من الجامعة في البيت الأبيض، وبعد ذلك في مجلس الأمن القومي، وتقول: "كانت وظيفتي هي تقديم أفضل ما يمكن تقديمه لبلدي، أنا امرأة مسلمة محجبة، وكنت المحجبة الوحيدة في ويست وينغ، ودائما ما أشعرتني إدارة أوباما بالترحاب، وبأنني جزء منها".
وتضيف أحمد في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، أنها "كبقية المسلمين الأمريكيين راقبت بذعر ترامب عام 2016 وهو يقوم بذم مجتمعنا المسلم، ورغم هذا فكرت في البقاء في مجلس الأمن القومي في ظل إدارة ترامب حتى أقدم للرئيس الجديد ومساعديه رؤية دقيقة عن الإسلام والمواطنين الأمريكيين المسلمين، ولم أستطع البقاء سوى 8 أيام، فعندما أصدر ترامب أمره التنفيذي بمنع المسلمين والمهاجرين السوريين، عرفت أنني لا أستطيع البقاء طويلا والعمل في إدارة تنطر لأهلي على أنهم تهديد لا مواطنين".
وتتابع الكاتبة قائلة إنها أخبرت مستشار الاتصالات مايكل أنطون باستقالتها، الذي عبر في البداية عن دهشته، وسأل إن كانت ستترك الحكومة بشكل كامل، وتقول: "قلت له كان علي المغادرة لأن المشي في هذه البناية التاريخية والعمل مع إدارة تعمل ضد كل شيء أدافع عنه وتذمه هو إهانة؛ كوني أمريكية ومسلمة، وقلت له إن الإدارة تهاجم مبادئ الديمقراطية، وعبرت عن أملي بأن يكونوا هم والكونغرس مستعدين لتحمل مسؤولية قراراتهم، ونظر إلي ولم يقل شيئا"، واكتشفت أحمد لاحقا أن أنطون كتب مقالا باسم مستعار يمدح فيه الديكتاتورية، ويهاجم التنوع، بصفته "ضعفا"، وقال إن الإسلام "يتناقض مع الغرب الحديث"، وتقول إن حياتها وكل شيء يثبت خطأ ما قاله.
وتحدثت أحمد عن عائلتها، التي هاجرت من بنغلاديش عام 1978 إلى الولايات المتحدة، وحاولت أن تخلق فرصا لأبنائها، وعملت والدتها بائعة في محل قبل أن تنشئ مركز عناية خاصا بها، أما والدها فظل يعمل ولليال طويلة في "بنك أمريكا"، ووصل إلى مركز مساعد المدير التنفيذي، وعاشت هي وعائلتها الحلم الأمريكي بكل ما فيه، وفي عام 1995 بدأ والدها بمتابعة دراساته العليا، إلا أنه توفي في حادث سيارة.
وتقول الكاتبة عن قرار الحجاب إنها بدأت ترتديه وهي في سن 12 عاما، بتشجيع من العائلة، لكنه كان خيارا شخصيا، مشيرة إلى أن الأمور تغيرت بعد 11/ 9، حيث عانت من التحرش والبصاق عليها، وواجهت صراخا من الناس قائلين لها: "إرهابية"، و"عودي إلى وطنك"، وتقول إن والدها علمها مثلا بنغاليا يقول: "عندما يركلك شخص، قفي ومدي يدك إليه واعتبريه أخاك"، حيث علمها والدها ودينها: الصبر والسلام والإصرار والاحترام والعفو والكرامة.
وتضيف أحمد أنها لم تفكر أبدا في العمل مع الحكومة التي اعتبرتها فاسدة وغير فاعلة، لكن العمل مع إدارة أوباما أثبت خطأ ما كانت تفكر به، وبعد تخرجها من جامعة جورج تاون عام 2011، عملت في البيت الأبيض متدربة لعام، وتقول: "ها أنا فتاة أمريكية مسلمة في سن الـ22 عاما، تعرضت للشتيمة بسبب حجابي أعمل مع رئيس الولايات المتحدة"، لافتة إلى عملها داخل البيت الأبيض ثم مجلس الأمن القومي، وتغير المزاج عام 2015 بعد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها أمريكا، وما تبعه في الحملة الانتخابية من الكراهية ضد المسلمين، والصدمة التي حدثت في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 وانتخاب ترامب، ورغم ترددها في الاستقالة وتغير المزاج في البيت الأبيض، إلا أنها لم تستطع البقاء طويلا في ظل إدارة تكره دينها، وتعد "كراهية الإسلام أمرا مقبولا"، كما قال مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين.
وتلفت الكاتبة إلى أنها عملت في البيت الأبيض مستلهمة نجاح أوباما، وفي عام 2012، انتقلت إلى "ويست وينغ"، وعملت مع مكتب المشاركة العامة، حيث عملت مع العديد من المجتمعات، بما فيها مجتمع المسلمين الأمريكيين، وتعاونت معها في عدد من القضايا بما فيها العناية الصحية، وفي عام 2014، عرض عليها نائب مديرة الأمن القومي بن رودس عملا في مجلس الأمن القومي، وتقول: "عملت لعامين ونصف من قاعة قريبة من غرفة العمليات، وقدمت النصيحة للرئيس أوباما حول كيفية التعاون مع المسلمين الأمريكيين، وعملت على موضوعات تتراوح من تحسين العلاقات مع كوبا ولاوس، إلى تعزيز روح المبادرة بين النساء والشباب".
وتفيد أحمد بأن "عالما صعبا بدأ يظهر في عام 2015، ففي شباط/ فبراير قتل ثلاثة شبان مسلمين في بيتهم في تشابل هيل على يد متطرف كاره للإسلام، وكان رد الإعلام والإدارة على الجريمة بطيئا، كأنما كان يجب التأكد من الضحايا قبل أن يتم نعيهم، وكان أمرا مدمرا من الناحية العاطفية، وعندما صدر البيان أخيرا يأسف لفقدانهم، تنحى بي بن ردوس جانبا، وعبر عن امتنانه لوجودي في هذا المكان، وعبر عن أمله بوجود أمريكيين مسلمين يعملون في الحكومة".
وتبين الكاتبة أن "المبشر فرانكلين غراهام أعلن الشهر الماضي قائلا إن المسلمين اخترقوا الحكومة، وبحث عني أحد الزملاء وكانت الابتسامة على وجهه، وقال لي: (لو كان يعرف بوجودهم في قاعات ويست وينغ، وقدموا تقارير لرئيس الولايات المتحدة أكثر من مرة)، وقلت له أنت محق، فأنا هنا في المكان الذي أنتمي إليه، أمريكية تفتخر بوطنها وتكرس جهودها لحماية البلد وخدمته".
وتعلق أحمد قائلة إن "كلام غراهام الكريه ليس جديدا، فخلال السنوات التي حكم فيها أوباما نشرت مواقع اليمين المتطرف الكثير من النظريات الغريبة والأكاذيب، التي استهدفت العديد من المنظمات الإسلامية والأفراد، وقالوا عنا إننا (إرهابيون)، ونريد تطبيق الشريعة، أو ناشطون من الإخوان المسلمين، ولم أفكر يوما أن تنتهي بعض نظريات المؤامرة في البيت الأبيض".
وتنوه الكاتبة إلى آثار حملة الكراهية التي أشعلها ترامب، التي كان من ضحاياها ستة أشخاص قتلهم داعم لترامب في كندا، لافتة إلى أنها راقبت غير مصدقة ومذعورة الحملة الانتخابية في عامي 2015 و2016، الطريقة التي حرض فيها ترامب على الكراهية، وكيف جرأ الإسلاموفوبين وكارهي الإسلام.
وتشير أحمد إلى زيارة أوباما في شباط/ فبراير 2016 إلى مسجد بالتيمور، حيث ذكر الرأي العام، قائلا: "نحن عائلة أمريكية واحدة، وعندما يبدأ جزء من العائلة بالشعور بأنه منفصل، فإن هذا يعد تحديا لقيمنا"، وتعلق قائلة إن "كلماته لم تجد صدى عند خليفته، وكان المناخ الذي ساد عام 2016 يشبه المناخ الذي ساد في مرحلة ما بعد 11/ 9، وما جعله مخيفا هو أن الخوف والكراهية أشعلهما أمريكيون في موقع السلطة".
وتورد الكاتبة أن طلاب الصف الخامس في مدرسة الأحد التي تطوعت فيها تحدثوا عن كيفية تعرضهم للتحرش من زملائهم وأساتذتهم، وسألوا خائفين إن كانوا سيرحلون لو فاز ترامب، مشيرة إلى أن رجلا أبيض كاد يضربها بسيارته ضاحكا عندما كانت تقف في محل "كوستكو"، وأنه تمت ملاحقتها ذات مرة في المترو بصرخات تقول "أولاد العاهرة المسلمون".
وتقول أحمد إنها كانت تأمل ألا يقوم الناخب الأمريكي بالمصادقة على هذه الكراهية، إلا أن الصدمة حدثت، "وفي الصباح التالي للانتخابات وقفنا في ساحة الأعمدة الغربية في روز غاردن، حيث دعا أوباما إلى الوحدة ومرحلة انتقالية سلسة، وبدا ترامب مضادا لكل شيء دافعنا عنه، شعرت بالضياع ولم أستطع التفكير بأنه سيجلس في المكان الذي جلس فيه أوباما".
وتضيف الكاتبة أنها فكرت في ترك العمل، خاصة أنها ليست معينة في منصب سياسي، لكنها موظفة في مجلس الأمن القومي، وكان لديها خيار البقاء، وحضها الزملاء في المجتمع المسلم على البقاء، فيما عبر بعضهم عن قلقهم على سلامتها، وقررت أن إدارة ترامب يمكن أن تنتفع من مسلمة وطنية.
وتخلص أحمد إلى القول إنها اكتشفت في الأيام القليلة التي قضتها في ظل إدارة ترامب تغير المزاج، والنظرات الباردة لها، وتعليق أحد الموظفين الذي يعمل في البيت الأبيض منذ عهد ريغان قائلا: "لقد قلب هذا المكان رأسا على عقب، إنه فوضى، ولم أشاهد شيئا مثل هذا".