#جنوب_السودان | إستقلال بطعم الحنظل وعودة الحرب
▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬
يكتب اللواء مهندس ركن /أمين اسماعيل مجذوب.
- في تأكيد جديد لعدم إستقرار الأوضاع الأمنية، وفقدان الثقة بين الأطراف المتصارعة في جنوب السودان، أعلنت جوبا أنها ستعلق إحتفالات الإستقلال في العام السابق 2016م، لعدم وجود الأموال الكافية لإقامة تلك الإحتفالات، وقال "مايكل مكوي لويث" وزير الإعلام إن إحياء الذكرى الخامسة للإستقلال ستتم في صمت، كما أعلنت الحكومة أيضاً أنها لن تشتري سيارات فارهة لوزرائها المعينين الجدد، كل تلك التطورات تأتي في سياق إتفاق السلام السابق الذي ولد تحت سقف الضغوطات الدولية والإقليمية التي مارستها الدول الغربية والإفريقية التي رعت الإنفصال ومهدت له وكان نتيجته ولادة الدولة الفاشلة النموذج في أفريقيا، وتحاول الآن كل الاطراف التملص من تلك المسئولية بدعوة الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار لوقف العنف والإقتتال القبلي، والقبول بأي اتفاق يعيد الأمور الى المربع الاول، لأن من خصائص الحرب القبلية والصراعات الإثنية انها لا تتوقف إلا لتبدأ من جديد ما لم يتم معالجة جذور الأزمة نهائياً، وإقرب مثال لذلك ما حدث في رواندا وبورندي.
- ورغم توقيع إتفاق السلام وإنتكاسته ثلاثة مرات متتالية منذ أغسطس 2015م، إلا أن خبراء في الأمم المتحدة أكدوا إن الطرفين المتنازعين في جنوب السودان يقومان بتكديس الأسلحة بالرغم من توقيع إتفاقية السلام وعودة رياك مشار إلى جوبا العام السابق وأداءه القسم نائباً للرئيس بصلاحيات مقيدة وبعدم تنفيذ بنود الإتفاقية الأخرى التي تنص على إعطاء مشار نسبة من كيكة السلطة الشهية في عدد الوزراء وحكام الولايات والمقاطعات، وإستبق سلفاكير الإتفاقية بزيادة عدد الولايات والمقاطعات بهدف حفظ التوازن القبلي داخل السلطة، وعدم إعطاء فريق مشار الفرصة في ممارسة سلطات مؤثرة على معايش الناس والتأثير على التوازنات الداخلية التي يقوم عليها الحكم في جنوب السودان، وكذلك العلاقات مع المحيط الإقليمي وبصفة خاصة دولة يوغندا التي شاركت في القتال بجانب سلفاكير وأمنت له العاصمة جوبا من السقوط أكثر من مرة، ومن الواضح أن خطوة الرئيس سلفاكير الرامية لخلق ولايات جديدة قد قوضت الإتفاق وإنتهى عملياً.
- جاءت رصاصة الرحمة على إتفاقية السلام وأعتقد إنها ستكون بداية مرحلة جدية من الصراع بين الغريمين اللدودين، وأعني هنا الإشتباكات العنيفة التي إندلعت صباح يوم السبت 25/يوليو/2016م، بمدينة واو حاضرة ولاية واو الجديدة بجنوب السودان بعد وقوع أعمال عنف متفرقة في نفس الإسبوع في العام الماضي، وأدت إلى تهجير قسري للمواطنين، وقد كانت الإشتباكات بين الجيش الشعبي الحكومي ومجموعة مسلحة مجهولة - حسب الروايات - جنوب المدينة (مدخل بوسري) وحي كالبريا (كوستي سابقاً) بجانب مناطق أخر،حيث أستخدمت الدبابات والرشاشات الثقيلة، وأدت الإشتباكات إلى هروب المواطنين إلى مقر الأمم المتحدة، وإستمرت الإشتباكات في #واو وسط عمليات نهب منظمة وإستهداف عناصر عرقية محددة حتى داخل القوات الحكومية، وبتحليل الأحداث نجد أن هنالك نقطتين رئيستين:
*أولاهما: إستخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة في الصراع مما ينفي فرضية (جماعة مسلحة مجهولة) لان تلك الأسلحة لا تتوفر إلا لطرفي الصراع الدائر في جنوب السودان منذ سنوات.
*والنقطة الثانية: أن القتال كان يدور في إتجاه بوابة بوسري وحي كالبريا، مما يشير إلى أن المدينة تعرضت لهجوم من الخارج وتحديداً من إتجاه الجنوب، الذي تتمركز فيه معسكرات تتبع لأطراف الصراع، وهذا يعني عملياً العودة لأجواء الحرب مرة اخرى من بوابة واو بعد كانت البدايات في الفترات السابقة من بوابات جوبا وملكال وبور كبرى مدن جنوب السودان.
- في تقديري أن الأسباب الرئيسية التي ستدعم فرضية إستمرار الصراع في دولة جنوب السودان هي تجنيد الأطفال في جيوش الأطراف المتصارعة، وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش (HRW) إن 15 من القادة العسكريين المتحاربين في دولة جنوب السودان يجندون الأطفال لكل من الجيش الشعبي لتحرير السودان، وقوات الحركة الشعبية في المعارضة (حركة تحرير شعب السودان)، وجاءت تلك التأكيدات وأسماء القادة في تقرير بعنوان (نحن يمكن أن نموت أيضاً - تجنيد واستخدام الأطفال في جنوب السودان) وقال دانيال بيكيل، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش (لقد عمد القادة إلى تجنيد الأطفال بوحشية وإستخدامهم في القتال، في تجاهل تام لسلامتهم وللقانون الدولي والإنساني)، وأضاف: (السلطات في جنوب السودان يجب أن تدعو إلى وقف عمليات التجنيد واسعة النطاق وإستخدام الأطفال في هذا الصراع، والتي تعمق أنماط الإنتهاكات الموجودة منذ عقود)، ووفقا لتقديرات وكالة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) فإن هناك ما بين 15 إلى 16 ألف طفل ربما إستخدمتهم القوات والجماعات المسلحة في الصراع.
- ومن هنا تكمن خطورة أن هؤلاء الأطفال يعتبرون الحرب لعبة يقضون بها أوقاتهم بجانب التأثيرات القبلية وقلة حظهم من التعليم والمعرفة، من أهم الأسباب التي ستؤدي لإستمرار الصراع الضحايا الذين سقطوا في دورات القتال السابقة، فالتقاليد القبلية تأبى السكون لأفراد القبيلة إلا بعد الإنتقام لضحايا القبيلة والثأر لهم وهذا يجعل طاحونة القتل والحرب تدور بلا هوادة بين الفرقاء، وهذا الشيء الذي جعل الصراع في جنوب السودان ينتقل من صراع سياسي الى صراع عرقي وأثني.
- كذلك صعوبة إجراء المصالحات والاعتذارات التي تتطلب حسب العادات في جنوب السودان التعويض بالماشية والأموال الطائلة، والتي إما إنها لا تتوفر لأطراف النزاع، أو أنهم يركنون إلى المجتمع الدولي والمانحين للقيام بدفعها نيابة عنهم، وهو الأمر الذي رفضته أغلب الأطراف الدولية بما فيها الولايات المتحدة الامريكية، بإعتبار عبثية ذلك الصراع وعدم وجود أسباب منطقية له، والإستقطاب القبلي له دور كبير في إستمرار الصراعات فبعض القبائل من غير إثنية الدينكا والنوير والشلك ترى إنها مهضومة الحقوق، وتحديداً في منطقة الصراع الحالية نجد أن قبائل الفرتيت والجور ربما تبحث لها عن مكاناً في قسمة السلطة في "واو" التي تنتشر فيها قبائل عديدة بأعداد قليلة، وأخيراً فإن العداء بين الرجلين (سلفا كير ومشار) لا توجد فيه منطقة وسطى، فلا بد من وجود أحدهما فقط على المسرح السياسي، وهذا يعود بنا إلى الخلافات السابقة بين القادة في مسيرة الحركة الشعبية والجيش الشعبي منذ العام 1983م، وكيف كانت تحل تلك الخلافات، وأيضاً إلى الهوة العميقة في المفاهيم والنظرة للديمقراطية وإدارة الدولة بين سلفا كير ورياك مشار.
- عموماً إن للأحداث تأثيراتها على الحدود الجنوبية للسودان، وهي حدود مفتوحة حسب التوجيهات الرئاسية في وقت سابق من العام الماضي، وهي مغلقة حالياً إلا لعبور اللاجئين من دولة الجنوب، وستظل مشكلة اللاجئين الجنوبيين هماً يؤرق الشمال، من نواحي إستضافتهم وإعاشتهم وسط شبه مقاطعة للمجتمع الدولي لأزمة اللجوء في السودان، ويتميز اللاجئون من جنوب السودان بإتجاههم الى مدن وأحياء محددة داخل السودان كانوا يعيشون فيها قبل الإنفصال وتمثل لهم حاضنات آمنة من لهيب الحرب وقهر الحاجة، حيث إنهم يعتمدون على العودة لمن كانوا يعملون لديهم من قبل لمواصلة العمل مرة أخرى، أو الإعتماد على مساعدة المواطنين والحكومة السودانية التي تقدم لهم كأشقاء لا غرباء.
- وأيضا للسودان دور إقليمي متميز في منطقة البحيرات يقوم به، وكان آخر محطاته زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى يوغندا العام الماضي، وما أحدثته من إختراق لملف المحكمة الجنائية التي هزمت أفريقياً وقبرت في كمبالا، وبجانب ذلك رفع مستوى العلاقات الثنائية الى مستويات تقترب من فترات السبعينيات، وهذا الدور الإقليمي يمكن السودان من لعب دور محوري وإستراتيجي في أزمة جنوب السودان التي إستفحلت الآن إقتصادياً عوضاً عن التدهور الأمني المعروف، ويجب على السودان إستلام زمام المبادرة والمبادأة بالدخول في الملف الجنوب سوداني لتحقيق أهداف إستراتيجية أهمها تأمين الحدود الجنوبية، وضمان إنسياب النفط الجنوب سوداني وعائداته عبر الأنبوب السوداني، وتجفيف الحاضنات لحركات التمرد في دارفور وقطاع الشمال والقواعد التي تنطلق منها من مناطق داخل حدود جنوب السودان.

▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬
يكتب اللواء مهندس ركن /أمين اسماعيل مجذوب.
- في تأكيد جديد لعدم إستقرار الأوضاع الأمنية، وفقدان الثقة بين الأطراف المتصارعة في جنوب السودان، أعلنت جوبا أنها ستعلق إحتفالات الإستقلال في العام السابق 2016م، لعدم وجود الأموال الكافية لإقامة تلك الإحتفالات، وقال "مايكل مكوي لويث" وزير الإعلام إن إحياء الذكرى الخامسة للإستقلال ستتم في صمت، كما أعلنت الحكومة أيضاً أنها لن تشتري سيارات فارهة لوزرائها المعينين الجدد، كل تلك التطورات تأتي في سياق إتفاق السلام السابق الذي ولد تحت سقف الضغوطات الدولية والإقليمية التي مارستها الدول الغربية والإفريقية التي رعت الإنفصال ومهدت له وكان نتيجته ولادة الدولة الفاشلة النموذج في أفريقيا، وتحاول الآن كل الاطراف التملص من تلك المسئولية بدعوة الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار لوقف العنف والإقتتال القبلي، والقبول بأي اتفاق يعيد الأمور الى المربع الاول، لأن من خصائص الحرب القبلية والصراعات الإثنية انها لا تتوقف إلا لتبدأ من جديد ما لم يتم معالجة جذور الأزمة نهائياً، وإقرب مثال لذلك ما حدث في رواندا وبورندي.
- ورغم توقيع إتفاق السلام وإنتكاسته ثلاثة مرات متتالية منذ أغسطس 2015م، إلا أن خبراء في الأمم المتحدة أكدوا إن الطرفين المتنازعين في جنوب السودان يقومان بتكديس الأسلحة بالرغم من توقيع إتفاقية السلام وعودة رياك مشار إلى جوبا العام السابق وأداءه القسم نائباً للرئيس بصلاحيات مقيدة وبعدم تنفيذ بنود الإتفاقية الأخرى التي تنص على إعطاء مشار نسبة من كيكة السلطة الشهية في عدد الوزراء وحكام الولايات والمقاطعات، وإستبق سلفاكير الإتفاقية بزيادة عدد الولايات والمقاطعات بهدف حفظ التوازن القبلي داخل السلطة، وعدم إعطاء فريق مشار الفرصة في ممارسة سلطات مؤثرة على معايش الناس والتأثير على التوازنات الداخلية التي يقوم عليها الحكم في جنوب السودان، وكذلك العلاقات مع المحيط الإقليمي وبصفة خاصة دولة يوغندا التي شاركت في القتال بجانب سلفاكير وأمنت له العاصمة جوبا من السقوط أكثر من مرة، ومن الواضح أن خطوة الرئيس سلفاكير الرامية لخلق ولايات جديدة قد قوضت الإتفاق وإنتهى عملياً.
- جاءت رصاصة الرحمة على إتفاقية السلام وأعتقد إنها ستكون بداية مرحلة جدية من الصراع بين الغريمين اللدودين، وأعني هنا الإشتباكات العنيفة التي إندلعت صباح يوم السبت 25/يوليو/2016م، بمدينة واو حاضرة ولاية واو الجديدة بجنوب السودان بعد وقوع أعمال عنف متفرقة في نفس الإسبوع في العام الماضي، وأدت إلى تهجير قسري للمواطنين، وقد كانت الإشتباكات بين الجيش الشعبي الحكومي ومجموعة مسلحة مجهولة - حسب الروايات - جنوب المدينة (مدخل بوسري) وحي كالبريا (كوستي سابقاً) بجانب مناطق أخر،حيث أستخدمت الدبابات والرشاشات الثقيلة، وأدت الإشتباكات إلى هروب المواطنين إلى مقر الأمم المتحدة، وإستمرت الإشتباكات في #واو وسط عمليات نهب منظمة وإستهداف عناصر عرقية محددة حتى داخل القوات الحكومية، وبتحليل الأحداث نجد أن هنالك نقطتين رئيستين:
*أولاهما: إستخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة في الصراع مما ينفي فرضية (جماعة مسلحة مجهولة) لان تلك الأسلحة لا تتوفر إلا لطرفي الصراع الدائر في جنوب السودان منذ سنوات.
*والنقطة الثانية: أن القتال كان يدور في إتجاه بوابة بوسري وحي كالبريا، مما يشير إلى أن المدينة تعرضت لهجوم من الخارج وتحديداً من إتجاه الجنوب، الذي تتمركز فيه معسكرات تتبع لأطراف الصراع، وهذا يعني عملياً العودة لأجواء الحرب مرة اخرى من بوابة واو بعد كانت البدايات في الفترات السابقة من بوابات جوبا وملكال وبور كبرى مدن جنوب السودان.
- في تقديري أن الأسباب الرئيسية التي ستدعم فرضية إستمرار الصراع في دولة جنوب السودان هي تجنيد الأطفال في جيوش الأطراف المتصارعة، وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش (HRW) إن 15 من القادة العسكريين المتحاربين في دولة جنوب السودان يجندون الأطفال لكل من الجيش الشعبي لتحرير السودان، وقوات الحركة الشعبية في المعارضة (حركة تحرير شعب السودان)، وجاءت تلك التأكيدات وأسماء القادة في تقرير بعنوان (نحن يمكن أن نموت أيضاً - تجنيد واستخدام الأطفال في جنوب السودان) وقال دانيال بيكيل، مدير قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش (لقد عمد القادة إلى تجنيد الأطفال بوحشية وإستخدامهم في القتال، في تجاهل تام لسلامتهم وللقانون الدولي والإنساني)، وأضاف: (السلطات في جنوب السودان يجب أن تدعو إلى وقف عمليات التجنيد واسعة النطاق وإستخدام الأطفال في هذا الصراع، والتي تعمق أنماط الإنتهاكات الموجودة منذ عقود)، ووفقا لتقديرات وكالة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف) فإن هناك ما بين 15 إلى 16 ألف طفل ربما إستخدمتهم القوات والجماعات المسلحة في الصراع.
- ومن هنا تكمن خطورة أن هؤلاء الأطفال يعتبرون الحرب لعبة يقضون بها أوقاتهم بجانب التأثيرات القبلية وقلة حظهم من التعليم والمعرفة، من أهم الأسباب التي ستؤدي لإستمرار الصراع الضحايا الذين سقطوا في دورات القتال السابقة، فالتقاليد القبلية تأبى السكون لأفراد القبيلة إلا بعد الإنتقام لضحايا القبيلة والثأر لهم وهذا يجعل طاحونة القتل والحرب تدور بلا هوادة بين الفرقاء، وهذا الشيء الذي جعل الصراع في جنوب السودان ينتقل من صراع سياسي الى صراع عرقي وأثني.
- كذلك صعوبة إجراء المصالحات والاعتذارات التي تتطلب حسب العادات في جنوب السودان التعويض بالماشية والأموال الطائلة، والتي إما إنها لا تتوفر لأطراف النزاع، أو أنهم يركنون إلى المجتمع الدولي والمانحين للقيام بدفعها نيابة عنهم، وهو الأمر الذي رفضته أغلب الأطراف الدولية بما فيها الولايات المتحدة الامريكية، بإعتبار عبثية ذلك الصراع وعدم وجود أسباب منطقية له، والإستقطاب القبلي له دور كبير في إستمرار الصراعات فبعض القبائل من غير إثنية الدينكا والنوير والشلك ترى إنها مهضومة الحقوق، وتحديداً في منطقة الصراع الحالية نجد أن قبائل الفرتيت والجور ربما تبحث لها عن مكاناً في قسمة السلطة في "واو" التي تنتشر فيها قبائل عديدة بأعداد قليلة، وأخيراً فإن العداء بين الرجلين (سلفا كير ومشار) لا توجد فيه منطقة وسطى، فلا بد من وجود أحدهما فقط على المسرح السياسي، وهذا يعود بنا إلى الخلافات السابقة بين القادة في مسيرة الحركة الشعبية والجيش الشعبي منذ العام 1983م، وكيف كانت تحل تلك الخلافات، وأيضاً إلى الهوة العميقة في المفاهيم والنظرة للديمقراطية وإدارة الدولة بين سلفا كير ورياك مشار.
- عموماً إن للأحداث تأثيراتها على الحدود الجنوبية للسودان، وهي حدود مفتوحة حسب التوجيهات الرئاسية في وقت سابق من العام الماضي، وهي مغلقة حالياً إلا لعبور اللاجئين من دولة الجنوب، وستظل مشكلة اللاجئين الجنوبيين هماً يؤرق الشمال، من نواحي إستضافتهم وإعاشتهم وسط شبه مقاطعة للمجتمع الدولي لأزمة اللجوء في السودان، ويتميز اللاجئون من جنوب السودان بإتجاههم الى مدن وأحياء محددة داخل السودان كانوا يعيشون فيها قبل الإنفصال وتمثل لهم حاضنات آمنة من لهيب الحرب وقهر الحاجة، حيث إنهم يعتمدون على العودة لمن كانوا يعملون لديهم من قبل لمواصلة العمل مرة أخرى، أو الإعتماد على مساعدة المواطنين والحكومة السودانية التي تقدم لهم كأشقاء لا غرباء.
- وأيضا للسودان دور إقليمي متميز في منطقة البحيرات يقوم به، وكان آخر محطاته زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى يوغندا العام الماضي، وما أحدثته من إختراق لملف المحكمة الجنائية التي هزمت أفريقياً وقبرت في كمبالا، وبجانب ذلك رفع مستوى العلاقات الثنائية الى مستويات تقترب من فترات السبعينيات، وهذا الدور الإقليمي يمكن السودان من لعب دور محوري وإستراتيجي في أزمة جنوب السودان التي إستفحلت الآن إقتصادياً عوضاً عن التدهور الأمني المعروف، ويجب على السودان إستلام زمام المبادرة والمبادأة بالدخول في الملف الجنوب سوداني لتحقيق أهداف إستراتيجية أهمها تأمين الحدود الجنوبية، وضمان إنسياب النفط الجنوب سوداني وعائداته عبر الأنبوب السوداني، وتجفيف الحاضنات لحركات التمرد في دارفور وقطاع الشمال والقواعد التي تنطلق منها من مناطق داخل حدود جنوب السودان.