هل يمكن لواشنطن هزيمة روسيا والصين في حرب واحدة؟
مقاتلة أمريكية.(أرشيف)
الأحد 5 فبراير 2017 / 15:1324- جورج عيسى
هل يمكن لأمريكا إلحاق الهزيمة بروسيا والصين؟ هذا السؤال طرحه الباحث روبرت فارلي في مؤسسة الرأي ناشونال إنترست الأمريكية.
ما زال بإمكان واشنطن، "أن تفوز في حربين كبريين في الوقت نفسه، أو على الأقل أن تقترب بما فيه الكفاية من الفوز (في الوقت الذي) لن ترى روسيا أو الصين الكثير من الأمل في المقامرة" تلك
وكتب فارلي المحاضر في مدرسة باترسون للديبلوماسية والتجارة الدولية في جامعة كنتاكي، والمتخصص في الأبحاث حول العقيدة العسكرية والحروب البحرية والأمن القومي، أنّ الولايات المتحدة تجاهلت عقيدة "الحربين" التي فُهمت غالباً بطريقة خاطئة، والتي هدفت إلى تأمين نموذج من الوسائل لخوض حربين إقليميتين بالتزامن، في أواخرالعقد الماضي. وصُممت لمنع كوريا الشمالية من شن حرب في وقت قد تنخرط خلاله واشنطن في محاربة إيران أو العراق، أو بالعكس.
ويشرح فارلي سبب تراجع الولايات المتحدة عن هذه الفكرة، والذي يكمن في التغيّرات التي طرأت على النظام الدولي، بما فيها تصاعد قوة الصين وانتشار شبكات إرهابية عالية الفعالية. "لكن ماذا لو كان على الولايات المتحدة أن تخوض حربين ليستا ضد كوريا الشمالية وإيران؟ ماذا لو تعاونت الصين وروسيا بين بعضهما البعض بما فيه الكفاية للانخراط في عمليات عدائية متزامنة في (المحيط) الهادئ وأوروبا؟".
بين من يخلق ظروف الحرب ومن يشعلها
يمكن لبيجينغ وموسكو أن تنسّقا أزمة مزدوجة قد تتطلب ردّين عسكريين من واشنطن. "لكن على الأرجح لا"، لأنّ لكل دولة أهدافها الخاصة وتوقيتها الفردي. ومن المحتمل أن تقوم إحداهما باستغلال نقطة تفوّق في مكان ما لإعلان مزيد من المطالب الإقليمية (توتر في بحر الصين الجنوبي مثلاً قد يدفع روسيا لتوجيه أنظارها إلى دول البلطيق). على أي حال، ستبدأ الحرب بمبادرة من موسكو أو بيجينغ. لكن حالياً قد تفضّل واشنطن استخدام الوسائل الديبلوماسية والاقتصادية للوصول إلى أهدافها. "في حين يمكن للولايات المتحدة أن تخلق ظروف الحرب، فإنّ روسيا أو الصين قد تطلقانها".
كيف ستقسّم أمريكا قواتها؟
كما كان الأمر في الحرب العالمية الثانية، سيتحمل الجيش الأمريكي وزر الدفاع عن أوروبا، فيما ستركّز البحرية على المحيط الهادئ. أمّا الطيران الحربي فسيؤدي دوراً داعماً على المسرحين بحسب فارلي. وتفتقد روسيا القدرة على محاربة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في شمال أوروبا، ويحتمل ألا يكون لديها أي مصلحة سياسية للمحاولة. وهذا يعني أنه يمكن للولايات المتحدة وحلفائها في الناتو جمع بعض الموارد لتهديد مدى روسيا البحري وتوفير رادعٍ لأي تحرّك بحري روسي. وفي نفس الوقت، يمكن للبحرية الأمريكية أن تركّز قواتها في المحيط الهادئ. وبالاعتماد على المدى الزمني للنزاع ودرجة التحذيرات المتوفرة بإمكان واشنطن أن ترسل تعزيزات إلى أوروبا لمواجهة أي نزاع خطير.
مواجهة نظام الدفاع الصيني
فارلي يشير إلى أنّ الجزء الأكبر من حاملات الطائرات والغواصات والسفن الحربية، سيركز جهوده في المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة نظام آي2/ آي دي (مجموعة سفن وغواصات مجهزة بصواريخ بالستية وصواريخ كروز) وتدمير ممرات ومنشآت بحرية عسكرية تستخدمها بيجينغ. الطيران الطويل المدى وحاملات القنابل الثقيلة ستعمل في المسرحين بحسب الحاجة.
فارلي يضيف أنّ واشنطن ستكون تحت "ضغط قوي" لتحقيق "انتصار حاسم في مسرح واحد على الأقل بأكبر سرعة ممكنة"، لذلك قد ترخي واشنطن بثقلها في اتجاه واحد، آملة في تحقيق نصر استراتيجي وسياسي يمكن أن يرسل إنذاراً قوياً للعدو الآخر. ويتوقع فارلي إلقاء الولايات المتحدة ثقلها في المحيط الهادئ، بسبب قوة حلفائها في أوروبا.
سيناريو الحرب في البلطيق
هيكلية التحالف مختلفة جداً في المحيط الهادئ عن تلك التي بنتها الولايات المتحدة في أوروبا. فواشنطن لا تملك سبباً لمواجهة روسيا باستثناء الحفاظ على وحدة الناتو. إذا دخلت الولايات المتحدة في الصراع، فستلحق بها فرنسا وألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة. وفي أكثر السيناريوهات تقليدية، سيستطيع الناتو وحده كسب تفوق هائل على الروس في المدى المتوسط. قد تستطيع موسكو السيطرة على أجزاء من دول البلطيق، "لكنّها ستعاني بقوة تحت قصف الناتو الجوي، وعلى الأرجح لن تستطيع الحفاظ على الأراضي المسروقة طويلاً". في هذا الإطار، تستطيع القوتان الجوية والبحرية لأمريكا أن تدعم دول الناتو مقدمة لها التفوق التي تريده لإلحاق الهزيمة بالروس. كذلك، ستؤدي القوة النووية الأمريكية دوراً في ردع روسيا عن استخدام أسلحة نووية تكتيكية أو استراتيجية.
من جهة أخرى، يؤكد فارلي أنّ واشنطن تواجه حرباً أكثر صعوبة في المحيط الهادئ. اليابان والهند قد تملكان مصلحة في بحر الصين الجنوبي لكن ذلك لا يضمن مشاركتهما في الحرب، فهيكلية التحالف في أي نزاع ستعتمد على خصائص الأزمة. الفيليبين، فيتنام، كوريا الجنوبية، اليابان أو تايوان قد تصبح أهدافاً رئيسة للصين. وإذا تمّ وضع التدخل الأمريكي جانباً فإنّ هذه الدول قد تفضل عدم التحرك. وهذا سيضع مزيداً من الضغط على واشنطن لتحقيق انتصار في غرب المحيط الهادئ بقوتها الذاتية.
سببان للانتصار الأمريكي
انطلاقاً من هنا، ما زال بإمكان واشنطن، "أن تفوز في حربين كبيرتين في الوقت نفسه، أو على الأقل أن تقترب بما فيه الكفاية من الفوز (في الوقت الذي) لن ترى روسيا أو الصين الكثير من الأمل في المقامرة" تلك. وبحسب فارلي بإمكان الولايات المتحدة أن تنتصر لأنها تستمرّ في الإبقاء على أعظم جيش في العالم، ولأنها تترأس حلفاً عسكرياً قوياً إلى أقصى الحدود.
http://24.ae/article/320435/هل-يمكن-لواشنطن-هزيمة-روسيا-والصين-في-حرب-واحدة-
مقاتلة أمريكية.(أرشيف)
الأحد 5 فبراير 2017 / 15:1324- جورج عيسى
هل يمكن لأمريكا إلحاق الهزيمة بروسيا والصين؟ هذا السؤال طرحه الباحث روبرت فارلي في مؤسسة الرأي ناشونال إنترست الأمريكية.
ما زال بإمكان واشنطن، "أن تفوز في حربين كبريين في الوقت نفسه، أو على الأقل أن تقترب بما فيه الكفاية من الفوز (في الوقت الذي) لن ترى روسيا أو الصين الكثير من الأمل في المقامرة" تلك
وكتب فارلي المحاضر في مدرسة باترسون للديبلوماسية والتجارة الدولية في جامعة كنتاكي، والمتخصص في الأبحاث حول العقيدة العسكرية والحروب البحرية والأمن القومي، أنّ الولايات المتحدة تجاهلت عقيدة "الحربين" التي فُهمت غالباً بطريقة خاطئة، والتي هدفت إلى تأمين نموذج من الوسائل لخوض حربين إقليميتين بالتزامن، في أواخرالعقد الماضي. وصُممت لمنع كوريا الشمالية من شن حرب في وقت قد تنخرط خلاله واشنطن في محاربة إيران أو العراق، أو بالعكس.
ويشرح فارلي سبب تراجع الولايات المتحدة عن هذه الفكرة، والذي يكمن في التغيّرات التي طرأت على النظام الدولي، بما فيها تصاعد قوة الصين وانتشار شبكات إرهابية عالية الفعالية. "لكن ماذا لو كان على الولايات المتحدة أن تخوض حربين ليستا ضد كوريا الشمالية وإيران؟ ماذا لو تعاونت الصين وروسيا بين بعضهما البعض بما فيه الكفاية للانخراط في عمليات عدائية متزامنة في (المحيط) الهادئ وأوروبا؟".
بين من يخلق ظروف الحرب ومن يشعلها
يمكن لبيجينغ وموسكو أن تنسّقا أزمة مزدوجة قد تتطلب ردّين عسكريين من واشنطن. "لكن على الأرجح لا"، لأنّ لكل دولة أهدافها الخاصة وتوقيتها الفردي. ومن المحتمل أن تقوم إحداهما باستغلال نقطة تفوّق في مكان ما لإعلان مزيد من المطالب الإقليمية (توتر في بحر الصين الجنوبي مثلاً قد يدفع روسيا لتوجيه أنظارها إلى دول البلطيق). على أي حال، ستبدأ الحرب بمبادرة من موسكو أو بيجينغ. لكن حالياً قد تفضّل واشنطن استخدام الوسائل الديبلوماسية والاقتصادية للوصول إلى أهدافها. "في حين يمكن للولايات المتحدة أن تخلق ظروف الحرب، فإنّ روسيا أو الصين قد تطلقانها".
كيف ستقسّم أمريكا قواتها؟
كما كان الأمر في الحرب العالمية الثانية، سيتحمل الجيش الأمريكي وزر الدفاع عن أوروبا، فيما ستركّز البحرية على المحيط الهادئ. أمّا الطيران الحربي فسيؤدي دوراً داعماً على المسرحين بحسب فارلي. وتفتقد روسيا القدرة على محاربة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في شمال أوروبا، ويحتمل ألا يكون لديها أي مصلحة سياسية للمحاولة. وهذا يعني أنه يمكن للولايات المتحدة وحلفائها في الناتو جمع بعض الموارد لتهديد مدى روسيا البحري وتوفير رادعٍ لأي تحرّك بحري روسي. وفي نفس الوقت، يمكن للبحرية الأمريكية أن تركّز قواتها في المحيط الهادئ. وبالاعتماد على المدى الزمني للنزاع ودرجة التحذيرات المتوفرة بإمكان واشنطن أن ترسل تعزيزات إلى أوروبا لمواجهة أي نزاع خطير.
مواجهة نظام الدفاع الصيني
فارلي يشير إلى أنّ الجزء الأكبر من حاملات الطائرات والغواصات والسفن الحربية، سيركز جهوده في المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة نظام آي2/ آي دي (مجموعة سفن وغواصات مجهزة بصواريخ بالستية وصواريخ كروز) وتدمير ممرات ومنشآت بحرية عسكرية تستخدمها بيجينغ. الطيران الطويل المدى وحاملات القنابل الثقيلة ستعمل في المسرحين بحسب الحاجة.
فارلي يضيف أنّ واشنطن ستكون تحت "ضغط قوي" لتحقيق "انتصار حاسم في مسرح واحد على الأقل بأكبر سرعة ممكنة"، لذلك قد ترخي واشنطن بثقلها في اتجاه واحد، آملة في تحقيق نصر استراتيجي وسياسي يمكن أن يرسل إنذاراً قوياً للعدو الآخر. ويتوقع فارلي إلقاء الولايات المتحدة ثقلها في المحيط الهادئ، بسبب قوة حلفائها في أوروبا.
سيناريو الحرب في البلطيق
هيكلية التحالف مختلفة جداً في المحيط الهادئ عن تلك التي بنتها الولايات المتحدة في أوروبا. فواشنطن لا تملك سبباً لمواجهة روسيا باستثناء الحفاظ على وحدة الناتو. إذا دخلت الولايات المتحدة في الصراع، فستلحق بها فرنسا وألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة. وفي أكثر السيناريوهات تقليدية، سيستطيع الناتو وحده كسب تفوق هائل على الروس في المدى المتوسط. قد تستطيع موسكو السيطرة على أجزاء من دول البلطيق، "لكنّها ستعاني بقوة تحت قصف الناتو الجوي، وعلى الأرجح لن تستطيع الحفاظ على الأراضي المسروقة طويلاً". في هذا الإطار، تستطيع القوتان الجوية والبحرية لأمريكا أن تدعم دول الناتو مقدمة لها التفوق التي تريده لإلحاق الهزيمة بالروس. كذلك، ستؤدي القوة النووية الأمريكية دوراً في ردع روسيا عن استخدام أسلحة نووية تكتيكية أو استراتيجية.
من جهة أخرى، يؤكد فارلي أنّ واشنطن تواجه حرباً أكثر صعوبة في المحيط الهادئ. اليابان والهند قد تملكان مصلحة في بحر الصين الجنوبي لكن ذلك لا يضمن مشاركتهما في الحرب، فهيكلية التحالف في أي نزاع ستعتمد على خصائص الأزمة. الفيليبين، فيتنام، كوريا الجنوبية، اليابان أو تايوان قد تصبح أهدافاً رئيسة للصين. وإذا تمّ وضع التدخل الأمريكي جانباً فإنّ هذه الدول قد تفضل عدم التحرك. وهذا سيضع مزيداً من الضغط على واشنطن لتحقيق انتصار في غرب المحيط الهادئ بقوتها الذاتية.
سببان للانتصار الأمريكي
انطلاقاً من هنا، ما زال بإمكان واشنطن، "أن تفوز في حربين كبيرتين في الوقت نفسه، أو على الأقل أن تقترب بما فيه الكفاية من الفوز (في الوقت الذي) لن ترى روسيا أو الصين الكثير من الأمل في المقامرة" تلك. وبحسب فارلي بإمكان الولايات المتحدة أن تنتصر لأنها تستمرّ في الإبقاء على أعظم جيش في العالم، ولأنها تترأس حلفاً عسكرياً قوياً إلى أقصى الحدود.
http://24.ae/article/320435/هل-يمكن-لواشنطن-هزيمة-روسيا-والصين-في-حرب-واحدة-