التوازن في المحبَّة
القرآن كتاب متناسق ومتوازن في كل شيء في حقائقه وتشريعاته، في ألفاظه ومعانيه، وفي أعداد كلماته وحروفه، وفيما يلي نرى نفحة من نفحات هذا التوازن المعجز....
كلّنا يتذكر موضوع الإعجاز العددي وبداياته عندما كان عبد الرزاق نوفل يؤلف كتاباً عن الدنيا والآخرة ليثبت أن الإسلام دين التوازن ما بين الدنيا والآخرة، فبحث عن تكرار هاتين الكلمتين، فوجد أن كلمة (الدنيا) تكررت في القرآن 115 مرة، ثم بحث عن كلمة (الآخرة) في القرآن فوجدها قد تكررت أيضاً 115 مرة، فتوقف طويلاً عند هذا التناسق العجيب ولكنه لم يفعل شيئاً.
ومضت الأيام وخطرت بباله فكرة تأليف كتاب يتحدث عن الملائكة والشياطين، ليثبت أن الإسلام دين التوازن أيضاً، فكما أن الله تعالى حدثنا عن الملائكة وعن طاعتهم لله، حدثنا عن الشياطين وحذرنا منهم. وعندما بحث عن كلمة (الملائكة) في القرآن وجدها قد تكررت 68 مرة، ثم بدأ يبحث عن كلمة (الشيطان) فوجدها تكررت أيضاً 68 مرة، وكانت مفاجأة كبرى بالنسبة له.
ثم تابع البحث عن مشتقات كلمة (الملائكة) فوجدها قد تكررت 20 مرة (ملَك 10 مرات، ملَكاً 3 مرات، الملَكَين 2 مرتين، ملائكته 5 مرات)، وبحث عن مشتقات كلمة (الشيطان) فوجدها تتكرر 20 مرة أيضاً (شيطاناً 2 مرتين، الشياطين 17 مرة، شياطينهم 1 مرة واحدة)، وتابع رحلة البحث فاكتشف مئات التناسقات العددية في كلمات القرآن المتعاكسة من حيث المعنى، وأصدر أول كتاب أسماه "الإعجاز العددي للقرآن الكريم".
وسؤالي أيها الأحبة: ما الذي جعل هذا الكاتب يتحول باتجاه لغة الأرقام لو لم يجد هذه اللغة واضحة جلية في كتاب الله تعالى!!
واليوم أيها الأحبة، نتابع رحلة البحث لنكتشف آلاف التناسقات الرقمية وقد قدمناها من خلال بعض الأبحاث والكتب فيما أسميناه "الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم". ولكن حسبنا أن نتأمل عجيبة من عجائب هذا القرآن العظيم الذي قال عنه النبي الكريم: (ولا تنقضي عجائبه).
والفكرة التي خطرت ببالي عندما كنتُ أبحث عن (الحب) في القرآن بهدف إعداد بحث بعنوان "أسرار الحب: بين العلم والإيمان" وجدت أن الآيات التي تحدثت عن المحبة كثيرة، ولكن هناك آيات خصصها الله لنفسه ليخبرنا بأن هناك أصنافاً من الناس يحبهم الله، وهناك أصناف لا يحبهم الله تعالى.
والذي لفت انتباهي وجود عبارتين متعاكستين في القرآن وهما:
1- الله يحبُّ.
2- الله لا يحبُّ.
فمن هؤلاء الذين يحبهم الله ومن هؤلاء الذين لا يحبهم الله؟ هذا سؤال مهم لأن المؤمن يسعى دائماً لمزيد من محبة الله له ورضوانه عليه، وإلا فما قيمة الحياة والعبادة والأخلاق إذا لم تؤدي إلى محبة الله لنا. وبنفس الوقت ينبغي أن نعلم الأصناف التي يبغضها الله لنتجنب أفعالهم ونتبرَّأ منها.
المفاجأة أيها الأحبة أن الله تعالى جعل توازناً دقيقاً في كل شيء في كتابه حتى في نسبة المحبة!! فلو تأملنا آيات القرآن نرى بأن الله تعالى قد خصص 16 آية لمن يحب، و16 آية لمن لا يحبّ!! أي أن عبارة (الله يحب) في القرآن تكررت 16 مرة، وعبارة (الله لا يحب) تكررت بنفس العدد أي 16 مرة، وهذا توازن دقيق وعجيب يشهد على أن الله لا يظلم الناس شيئاً، وأن الله قد أحكم هذا الكتاب العظيم.
وإليكم الآيات حسب ترتيبها في المصحف:
أولاً: عبارة (الله يحب) تكررت 16 مرة في الآيات التالية:
1- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195].
2- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222].
3- (فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 76].
4- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 134].
5- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران: 146].
6- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 148].
7- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159].
8- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة: 13].
9- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [المائدة: 42].
10- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة: 93].
11- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة: 4].
12- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة: 7].
13- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108].
14- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات: 9].
15- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة: 8].
16- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) [الصف: 4].
ثانياً: الآيات التي وردت فيها عبارة (الله لا يحب) وعددها 16 وهي:
1- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة: 190].
2- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) [البقرة: 205].
3- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة: 276].
4- (فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 32].
5- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران: 57].
6- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران: 140].
7- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) [النساء: 36].
8- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) [النساء: 107].
9- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [المائدة: 64].
10- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [المائدة: 87].
11- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) [الأنفال: 58].
12- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) [الحج: 38].
13- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) [القصص: 76].
14- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 77].
15- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان: 18].
16- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 23].
ونتساءل أيها الأحبة: هل جاء هذا التوازن وهذا الإحكام بالمصادفة العمياء؟
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com
المراجع
- القرآن الكريم، برواية حفص عن عاصم (مصحف المدينة المنورة).
- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم – محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت.
القرآن كتاب متناسق ومتوازن في كل شيء في حقائقه وتشريعاته، في ألفاظه ومعانيه، وفي أعداد كلماته وحروفه، وفيما يلي نرى نفحة من نفحات هذا التوازن المعجز....
كلّنا يتذكر موضوع الإعجاز العددي وبداياته عندما كان عبد الرزاق نوفل يؤلف كتاباً عن الدنيا والآخرة ليثبت أن الإسلام دين التوازن ما بين الدنيا والآخرة، فبحث عن تكرار هاتين الكلمتين، فوجد أن كلمة (الدنيا) تكررت في القرآن 115 مرة، ثم بحث عن كلمة (الآخرة) في القرآن فوجدها قد تكررت أيضاً 115 مرة، فتوقف طويلاً عند هذا التناسق العجيب ولكنه لم يفعل شيئاً.
ومضت الأيام وخطرت بباله فكرة تأليف كتاب يتحدث عن الملائكة والشياطين، ليثبت أن الإسلام دين التوازن أيضاً، فكما أن الله تعالى حدثنا عن الملائكة وعن طاعتهم لله، حدثنا عن الشياطين وحذرنا منهم. وعندما بحث عن كلمة (الملائكة) في القرآن وجدها قد تكررت 68 مرة، ثم بدأ يبحث عن كلمة (الشيطان) فوجدها تكررت أيضاً 68 مرة، وكانت مفاجأة كبرى بالنسبة له.
ثم تابع البحث عن مشتقات كلمة (الملائكة) فوجدها قد تكررت 20 مرة (ملَك 10 مرات، ملَكاً 3 مرات، الملَكَين 2 مرتين، ملائكته 5 مرات)، وبحث عن مشتقات كلمة (الشيطان) فوجدها تتكرر 20 مرة أيضاً (شيطاناً 2 مرتين، الشياطين 17 مرة، شياطينهم 1 مرة واحدة)، وتابع رحلة البحث فاكتشف مئات التناسقات العددية في كلمات القرآن المتعاكسة من حيث المعنى، وأصدر أول كتاب أسماه "الإعجاز العددي للقرآن الكريم".
وسؤالي أيها الأحبة: ما الذي جعل هذا الكاتب يتحول باتجاه لغة الأرقام لو لم يجد هذه اللغة واضحة جلية في كتاب الله تعالى!!
واليوم أيها الأحبة، نتابع رحلة البحث لنكتشف آلاف التناسقات الرقمية وقد قدمناها من خلال بعض الأبحاث والكتب فيما أسميناه "الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم". ولكن حسبنا أن نتأمل عجيبة من عجائب هذا القرآن العظيم الذي قال عنه النبي الكريم: (ولا تنقضي عجائبه).
والفكرة التي خطرت ببالي عندما كنتُ أبحث عن (الحب) في القرآن بهدف إعداد بحث بعنوان "أسرار الحب: بين العلم والإيمان" وجدت أن الآيات التي تحدثت عن المحبة كثيرة، ولكن هناك آيات خصصها الله لنفسه ليخبرنا بأن هناك أصنافاً من الناس يحبهم الله، وهناك أصناف لا يحبهم الله تعالى.
والذي لفت انتباهي وجود عبارتين متعاكستين في القرآن وهما:
1- الله يحبُّ.
2- الله لا يحبُّ.
فمن هؤلاء الذين يحبهم الله ومن هؤلاء الذين لا يحبهم الله؟ هذا سؤال مهم لأن المؤمن يسعى دائماً لمزيد من محبة الله له ورضوانه عليه، وإلا فما قيمة الحياة والعبادة والأخلاق إذا لم تؤدي إلى محبة الله لنا. وبنفس الوقت ينبغي أن نعلم الأصناف التي يبغضها الله لنتجنب أفعالهم ونتبرَّأ منها.
المفاجأة أيها الأحبة أن الله تعالى جعل توازناً دقيقاً في كل شيء في كتابه حتى في نسبة المحبة!! فلو تأملنا آيات القرآن نرى بأن الله تعالى قد خصص 16 آية لمن يحب، و16 آية لمن لا يحبّ!! أي أن عبارة (الله يحب) في القرآن تكررت 16 مرة، وعبارة (الله لا يحب) تكررت بنفس العدد أي 16 مرة، وهذا توازن دقيق وعجيب يشهد على أن الله لا يظلم الناس شيئاً، وأن الله قد أحكم هذا الكتاب العظيم.
وإليكم الآيات حسب ترتيبها في المصحف:
أولاً: عبارة (الله يحب) تكررت 16 مرة في الآيات التالية:
1- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة: 195].
2- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222].
3- (فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 76].
4- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 134].
5- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران: 146].
6- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: 148].
7- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159].
8- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة: 13].
9- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [المائدة: 42].
10- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة: 93].
11- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة: 4].
12- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة: 7].
13- (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108].
14- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات: 9].
15- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة: 8].
16- (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) [الصف: 4].
ثانياً: الآيات التي وردت فيها عبارة (الله لا يحب) وعددها 16 وهي:
1- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة: 190].
2- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) [البقرة: 205].
3- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة: 276].
4- (فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 32].
5- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران: 57].
6- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران: 140].
7- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) [النساء: 36].
8- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) [النساء: 107].
9- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [المائدة: 64].
10- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [المائدة: 87].
11- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) [الأنفال: 58].
12- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) [الحج: 38].
13- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) [القصص: 76].
14- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 77].
15- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان: 18].
16- (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 23].
ونتساءل أيها الأحبة: هل جاء هذا التوازن وهذا الإحكام بالمصادفة العمياء؟
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com
المراجع
- القرآن الكريم، برواية حفص عن عاصم (مصحف المدينة المنورة).
- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم – محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت.