بيان السيد / سامح شكري، وزير خارجية جمهورية مصر العربية عقب التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية 23 سبتمبر 2016 / نيويورك
السيد الرئيس،،،
إن التزام مصر بنظام نزع السلاح النووي ومنع الانتشار لا يتزعزع على مدار العقود المنصرمة. ولقد ظل نزع السلاح النووية أولوية قصوى للسياسية الخارجية المصرية وكذلك في إطار حركة عدم الانحياز، وذلك في ضوء الاعتقاد الراسخ أن الأسلحة النووية تمثل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين، ويتطلب العمل الجماعي العالمي للقضاء عليها كلية.
وفي هذا السياق أود أن أغتنم هذه الفرصة كي أعبر عن السخط وعدم الرضا من هذا القرار، نظراً لأنه من الناحية الموضوعية خارج اختصاص مجلس الأمن، بل ويشوبه عواراً قانونياً وفنياً صارخاً بالنسبة لمنظومة نزع السلاح النووي. فبدلاً من تعزيز تلك المنظومة الحيوية، يبدد القرار كل الفرص للتأكيد على الحاجة الملحة لتعزيز نزع السلاح النووي طبقاً للمادة السادسة من معاهدة عدم الانتشار النووي. ونحن نأسف أن هذا القرار تم طرحه من دون إدراج عدة تعديلات أساسية تقدم بها وفدنا في هذا الصدد.
واسمحوا لي أن أتناول سبعة تحفظات محددة بشأن هذا القرار:
-أولاً:
مجلس الأمن ليس المحفل المناسب لمعالجة هذه المعاهدة، حيث تقوم اللجنة التحضيرية والسكرتارية الفنية المؤقتة لمنظمة الحظر الشامل للتجارب النووية بفيينا بهذا الدور على أكمل وجه حتى الآن. ومن ثم فإن إقحام مجلس الأمن في السياق الفني للمعاهدة يخلق ازدواجية ومسارات موازية لا لزوم لها ويولد مناخاً غير مواتٍلا يتمتع بصفة العالمية. إن جميع الدول الأطراف والدول الموقعة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية يجب أن تشارك مشاركة كاملة وفعالة في أي مناقشة ذات صلة بالمعاهدة، وأجهزتها الفنية، ونظام التحقق التابع لها، بما يعني أن تلك الآليات الفنية لا ينبغي أن تكون حكراً على أعضاء مجلس الأمن
-ثانياً:
يظهر بوضوح فشل القرار في تسليط الضوء على مركزية ومحورية معاهدة عدم الانتشار النووي فيما يتعلق بنظام نزع السلاح النووي. وذلك على الرغم من الإشارات المتواضعة ضمن النص الذي نحن بصدده. علاوة على ما سبق، وفي حين يشجع القرار على تعزيز عالمية معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، فإنه من المدهش أنه لم يشر على الإطلاق إلى ضرورة تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي. لماذا هناك حرص على تحقيق عالمية المعاهدة، مع التزام الصمت التام عندما يتعلق الأمر بمعاهدة عدم الانتشار؟
هل يمكننا أن نستشعر شيئاً مريباً في هذا الصدد؟!
-ثالثاً:
إذا كان مجلس لديه قلق حقيقي من مخاطر الأسلحة النووية واستعمالها المحتمل أو اختبارها وتجربتها، فإنه من المنطقي أن تكون المعالجة على مستوى العِلة وليس فقط الأعراض، حيث إن المعالجة الحصرية للتجارب النووية في هذا القرار– دون التطرق لضرورة نزع السلاح النووي وإخلاء العالم من تلك الأسلحة اللاإنسانية واللاأخلاقية ذات التدمير الشامل –تسمح باستمرار امتلاك الأسلحة النووية بل وإطالة أمد حيازتها من قِبل الدول التي تمتلكها، وهو الوضع الذي يهدد الاستقرار العالمي.
هذا القرار، وبشكل غير لائق، لا يشير إلى الالتزام المنصوص عليه في المادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهي الالتزام القانوني الثابت – والذي لا رجعة فيه –على عاتق الدول الحائزة للأسلحة النووية من أجل تحقيق نزع السلاح النووي والوصول إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية دون استثناء. كذلك إن هذا القرار يغض الطرف تماماً عن والوثائق الختامية لمؤتمرات استعراض ومراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي لأعوام 1995 و 2000 و 2010، بما في ذلك الخطوات العملية الثلاث عشرة. كما أن القرار لا تستجيب بشكل كاف ٍللنصوص الديباجية ضمن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، والتي تشدد على "ضرورة استمرار الجهود المنظمة والتدريجية لخفض الأسلحة النووية عالمياً، بجانب الهدف النهائي المتمثل في القضاء التام على تلك الأسلحة، ونزع السلاح النووي الشامل والكامل في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة ".
كان من الأحرى أن يكون نزع السلاح النووي أولوية ضمن هذا القرار، وأن يمثل وثيقة دولية لمنع أي تحديث أو تطوير لمخزونات الأسلحة النووية أو تكريس تلك الأسلحة في العقائد الاستراتيجية والعسكرية للدول النووية. وفي هذا السياق، اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لنؤكد رفضنا القاطع لبعض العناصر السلبية الواردة ضمن البيان المشترك بتاريخ 15 سبتمبر الجاري والذي يشير إلى صيانة المخزونات من الأسلحة النووية،مع الزعم أن هكذا تصرف يأتي في إطار معاهدة عدم الانتشار النووي. إن صيانة وتحديث الترسانات النووية يتناقض كلية مع الالتزامات القانونية للدول النووية والأهداف الرئيسية لمعاهدة عدم الانتشار النووي التي تدعو صراحة إلى اتخاذ تدابير قانونية فعالة لنزع السلاح النووي، حيث أن القضاء التام على الأسلحة النووية هو الضمان الوحيد لعدم استخدام أو التهديد باستخدام تلك الأسلحة.
ونتيجة لذلك، فإن حقيقة أن نزع السلاح النووي غائبة عمليا من هذا القرار، وتقوض بشدة مصداقيته ويضعف فعاليتها. فهو يرسل رسالة خاطئة للمجتمع الدولي أن مجلس الأمن هو انتقائي، متحيز، وتشارك في نهج "الانتقاء" عندما يتعلق الأمر بالنظام العالمي لنزع السلاح ومنع الانتشار النووي. الرسالة التي يبعثها هذا القرار هي: اختبار لا وحيازتها والتحديث من مخزونات نعم.
-رابعاً:
إن هذا القرار غير منصف وغير مقبول، حيث إنه يضع الدول التي تمتلك أسلحة نووية مع تلك التي لا تمتلك على قدم المساواة. ترى مصر في هذا الشأن تحديداً، أهمية تحديد مسئولية خاصة على الدول الحائزة للأسلحة النووية والدول غير الأطراف في معاهدة عدم الانتشار النووي، وهو ما لم يتطرق له هذا القرار في سياق الملحق الثاني للمعاهدة، مع إن العقل والمنطق يؤكدان بوضوح أن المسئولية القانونية والأخلاقية بوقف التجارب النووية تقع أساساً على الدول التي تملك فعلياً القدرة على إجراء هذه التجارب.
-خامساً:
إن طبيعة القرار، بشكله ونصه الحالي، يعتبر تدخلاً في أعمال اللجنة التحضيرية والسكرتارية الفنية المؤقتة لمنظمة الحظر الشامل للتجارب النووية، ومن ثم سيأتي بنتائج عكسية على تلك الآليات في فيينا، بل وسيقوض دورها تماماً إذا استمر مجلس الأمن في التعامل مع هذا الملف الفني. إن السكرتارية الفنية هي، هيئة دولية بين الحكومات،ويجب أن تحدد وحدها اتجاهاتها وسياساتها دون تدخل من أجهزة أخرى بما يحفظ حقها في اتخاذ القرارات بشكل مستقل، ويجب أن تبقى كذلك على الدوام. لا ينبغي أن يقحم مجلس الأمن فيما لا يعنيه بحيث يكون في وضعية غير محمودة من التدخل في عمل السكرتارية الفنية. فإن الأمر متروك للجنة التحضيرية لكي تقرر أسلوب علمها وفقاً لمتطلباتها وخصوصياتها وأولوياتها المنظمات، وذلك في إطار تطلعات الدول الأعضاء فيها. هذا القرار يضع سابقة غير مرحب بها ويمكن أن ينظر إليها على أنها تعدياً من جانب مجلس الأمن على استقلالية المنظمات الدولية والهيئات المنشأة بموجب معاهدات واتفاقيات عالمية، حيث أنه يملي بعض الإجراءات والتدابير التي يتعين الاضطلاع بها، على الرغم من عدم إقرارها من قبل الإرادة الجماعية للدول الأعضاء داخل تلك المنظمات.
-سادساً:
إن التقدم المتعلق بنظام التحقق من معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية يقع ضمن اختصاص اللجنة التحضيرية فقط لا غير. ووفقا لمنظمة معاهدة الحظر الشامل التجارب النووية، فقد تم الانتهاء بالفعل من 85٪ من منشئات منظومة التحقق بنجاح. كما نلاحظ التقدم في جميع الأركان الثلاثة للنظام، وهي: نظام الرصد الدولي (IMS)، والمركز الدولي للبيانات (IDC)، والتفتيش الموقعي. لذا ينبغي الحفاظ على الطابع المؤقت لهذا النظام، وفقا لأحكام المعاهدة، والوضع الرسمي التشغيلي لها حينما تدخل حيز النفاذ.
ويعكس القرار أيضا معضلة محيرة، حيث أنه يتحمس لاستكمال نظام التحقق، رغم أن العديد من الدول الكبرى هنا تتنصل من التزاماتها في هذا السياق ولا تتحمل مسؤولياتها بالتصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وذلك من خلال أجهزتها التشريعية التي ترفض مراراً وتكراراً التصديق على المعاهدة، الأمر الذي يعيق إمكانية نجاح نظام التحقق. ونحن نأمل أن يكون هناك تفسير لهذا الانقسام في السلوك والرسائل المتناقضة من جانب تلك الأطراف.
السيد الرئيس،،،
على الرغم من هذه التحفظات الخطيرة وشواغلنا الوطنية والجماعية بشأن هذا القرار المعيب وغير الشفاف، قررت مصر الامتناع عن التصويت، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي تفاوضت ووقعت على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. فنحن نؤيد تماماً أهداف ومقاصد هذه المعاهدة. وإننا نسعى إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، بما في ذلك التجارب النووية.
إننا نستنكر بقوة – وبشكل لا لبس فيه– تلك التجارب النووية المقيتة، ونحن لا نزال ملتزمين بتحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وسائر أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. كانت مصر وستظل، من أشد المنادين بنظام منع الانتشار النووي الفعال بهدف القضاء التام على الأسلحة النووية وحظر إنتاجها وتخزينها وتحريم استخدامها أو تجربتها.
شكراً سيدي الرئيس،
السيد الرئيس،،،
إن التزام مصر بنظام نزع السلاح النووي ومنع الانتشار لا يتزعزع على مدار العقود المنصرمة. ولقد ظل نزع السلاح النووية أولوية قصوى للسياسية الخارجية المصرية وكذلك في إطار حركة عدم الانحياز، وذلك في ضوء الاعتقاد الراسخ أن الأسلحة النووية تمثل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين، ويتطلب العمل الجماعي العالمي للقضاء عليها كلية.
وفي هذا السياق أود أن أغتنم هذه الفرصة كي أعبر عن السخط وعدم الرضا من هذا القرار، نظراً لأنه من الناحية الموضوعية خارج اختصاص مجلس الأمن، بل ويشوبه عواراً قانونياً وفنياً صارخاً بالنسبة لمنظومة نزع السلاح النووي. فبدلاً من تعزيز تلك المنظومة الحيوية، يبدد القرار كل الفرص للتأكيد على الحاجة الملحة لتعزيز نزع السلاح النووي طبقاً للمادة السادسة من معاهدة عدم الانتشار النووي. ونحن نأسف أن هذا القرار تم طرحه من دون إدراج عدة تعديلات أساسية تقدم بها وفدنا في هذا الصدد.
واسمحوا لي أن أتناول سبعة تحفظات محددة بشأن هذا القرار:
-أولاً:
مجلس الأمن ليس المحفل المناسب لمعالجة هذه المعاهدة، حيث تقوم اللجنة التحضيرية والسكرتارية الفنية المؤقتة لمنظمة الحظر الشامل للتجارب النووية بفيينا بهذا الدور على أكمل وجه حتى الآن. ومن ثم فإن إقحام مجلس الأمن في السياق الفني للمعاهدة يخلق ازدواجية ومسارات موازية لا لزوم لها ويولد مناخاً غير مواتٍلا يتمتع بصفة العالمية. إن جميع الدول الأطراف والدول الموقعة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية يجب أن تشارك مشاركة كاملة وفعالة في أي مناقشة ذات صلة بالمعاهدة، وأجهزتها الفنية، ونظام التحقق التابع لها، بما يعني أن تلك الآليات الفنية لا ينبغي أن تكون حكراً على أعضاء مجلس الأمن
-ثانياً:
يظهر بوضوح فشل القرار في تسليط الضوء على مركزية ومحورية معاهدة عدم الانتشار النووي فيما يتعلق بنظام نزع السلاح النووي. وذلك على الرغم من الإشارات المتواضعة ضمن النص الذي نحن بصدده. علاوة على ما سبق، وفي حين يشجع القرار على تعزيز عالمية معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، فإنه من المدهش أنه لم يشر على الإطلاق إلى ضرورة تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي. لماذا هناك حرص على تحقيق عالمية المعاهدة، مع التزام الصمت التام عندما يتعلق الأمر بمعاهدة عدم الانتشار؟
هل يمكننا أن نستشعر شيئاً مريباً في هذا الصدد؟!
-ثالثاً:
إذا كان مجلس لديه قلق حقيقي من مخاطر الأسلحة النووية واستعمالها المحتمل أو اختبارها وتجربتها، فإنه من المنطقي أن تكون المعالجة على مستوى العِلة وليس فقط الأعراض، حيث إن المعالجة الحصرية للتجارب النووية في هذا القرار– دون التطرق لضرورة نزع السلاح النووي وإخلاء العالم من تلك الأسلحة اللاإنسانية واللاأخلاقية ذات التدمير الشامل –تسمح باستمرار امتلاك الأسلحة النووية بل وإطالة أمد حيازتها من قِبل الدول التي تمتلكها، وهو الوضع الذي يهدد الاستقرار العالمي.
هذا القرار، وبشكل غير لائق، لا يشير إلى الالتزام المنصوص عليه في المادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهي الالتزام القانوني الثابت – والذي لا رجعة فيه –على عاتق الدول الحائزة للأسلحة النووية من أجل تحقيق نزع السلاح النووي والوصول إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية دون استثناء. كذلك إن هذا القرار يغض الطرف تماماً عن والوثائق الختامية لمؤتمرات استعراض ومراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي لأعوام 1995 و 2000 و 2010، بما في ذلك الخطوات العملية الثلاث عشرة. كما أن القرار لا تستجيب بشكل كاف ٍللنصوص الديباجية ضمن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، والتي تشدد على "ضرورة استمرار الجهود المنظمة والتدريجية لخفض الأسلحة النووية عالمياً، بجانب الهدف النهائي المتمثل في القضاء التام على تلك الأسلحة، ونزع السلاح النووي الشامل والكامل في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة ".
كان من الأحرى أن يكون نزع السلاح النووي أولوية ضمن هذا القرار، وأن يمثل وثيقة دولية لمنع أي تحديث أو تطوير لمخزونات الأسلحة النووية أو تكريس تلك الأسلحة في العقائد الاستراتيجية والعسكرية للدول النووية. وفي هذا السياق، اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لنؤكد رفضنا القاطع لبعض العناصر السلبية الواردة ضمن البيان المشترك بتاريخ 15 سبتمبر الجاري والذي يشير إلى صيانة المخزونات من الأسلحة النووية،مع الزعم أن هكذا تصرف يأتي في إطار معاهدة عدم الانتشار النووي. إن صيانة وتحديث الترسانات النووية يتناقض كلية مع الالتزامات القانونية للدول النووية والأهداف الرئيسية لمعاهدة عدم الانتشار النووي التي تدعو صراحة إلى اتخاذ تدابير قانونية فعالة لنزع السلاح النووي، حيث أن القضاء التام على الأسلحة النووية هو الضمان الوحيد لعدم استخدام أو التهديد باستخدام تلك الأسلحة.
ونتيجة لذلك، فإن حقيقة أن نزع السلاح النووي غائبة عمليا من هذا القرار، وتقوض بشدة مصداقيته ويضعف فعاليتها. فهو يرسل رسالة خاطئة للمجتمع الدولي أن مجلس الأمن هو انتقائي، متحيز، وتشارك في نهج "الانتقاء" عندما يتعلق الأمر بالنظام العالمي لنزع السلاح ومنع الانتشار النووي. الرسالة التي يبعثها هذا القرار هي: اختبار لا وحيازتها والتحديث من مخزونات نعم.
-رابعاً:
إن هذا القرار غير منصف وغير مقبول، حيث إنه يضع الدول التي تمتلك أسلحة نووية مع تلك التي لا تمتلك على قدم المساواة. ترى مصر في هذا الشأن تحديداً، أهمية تحديد مسئولية خاصة على الدول الحائزة للأسلحة النووية والدول غير الأطراف في معاهدة عدم الانتشار النووي، وهو ما لم يتطرق له هذا القرار في سياق الملحق الثاني للمعاهدة، مع إن العقل والمنطق يؤكدان بوضوح أن المسئولية القانونية والأخلاقية بوقف التجارب النووية تقع أساساً على الدول التي تملك فعلياً القدرة على إجراء هذه التجارب.
-خامساً:
إن طبيعة القرار، بشكله ونصه الحالي، يعتبر تدخلاً في أعمال اللجنة التحضيرية والسكرتارية الفنية المؤقتة لمنظمة الحظر الشامل للتجارب النووية، ومن ثم سيأتي بنتائج عكسية على تلك الآليات في فيينا، بل وسيقوض دورها تماماً إذا استمر مجلس الأمن في التعامل مع هذا الملف الفني. إن السكرتارية الفنية هي، هيئة دولية بين الحكومات،ويجب أن تحدد وحدها اتجاهاتها وسياساتها دون تدخل من أجهزة أخرى بما يحفظ حقها في اتخاذ القرارات بشكل مستقل، ويجب أن تبقى كذلك على الدوام. لا ينبغي أن يقحم مجلس الأمن فيما لا يعنيه بحيث يكون في وضعية غير محمودة من التدخل في عمل السكرتارية الفنية. فإن الأمر متروك للجنة التحضيرية لكي تقرر أسلوب علمها وفقاً لمتطلباتها وخصوصياتها وأولوياتها المنظمات، وذلك في إطار تطلعات الدول الأعضاء فيها. هذا القرار يضع سابقة غير مرحب بها ويمكن أن ينظر إليها على أنها تعدياً من جانب مجلس الأمن على استقلالية المنظمات الدولية والهيئات المنشأة بموجب معاهدات واتفاقيات عالمية، حيث أنه يملي بعض الإجراءات والتدابير التي يتعين الاضطلاع بها، على الرغم من عدم إقرارها من قبل الإرادة الجماعية للدول الأعضاء داخل تلك المنظمات.
-سادساً:
إن التقدم المتعلق بنظام التحقق من معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية يقع ضمن اختصاص اللجنة التحضيرية فقط لا غير. ووفقا لمنظمة معاهدة الحظر الشامل التجارب النووية، فقد تم الانتهاء بالفعل من 85٪ من منشئات منظومة التحقق بنجاح. كما نلاحظ التقدم في جميع الأركان الثلاثة للنظام، وهي: نظام الرصد الدولي (IMS)، والمركز الدولي للبيانات (IDC)، والتفتيش الموقعي. لذا ينبغي الحفاظ على الطابع المؤقت لهذا النظام، وفقا لأحكام المعاهدة، والوضع الرسمي التشغيلي لها حينما تدخل حيز النفاذ.
ويعكس القرار أيضا معضلة محيرة، حيث أنه يتحمس لاستكمال نظام التحقق، رغم أن العديد من الدول الكبرى هنا تتنصل من التزاماتها في هذا السياق ولا تتحمل مسؤولياتها بالتصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وذلك من خلال أجهزتها التشريعية التي ترفض مراراً وتكراراً التصديق على المعاهدة، الأمر الذي يعيق إمكانية نجاح نظام التحقق. ونحن نأمل أن يكون هناك تفسير لهذا الانقسام في السلوك والرسائل المتناقضة من جانب تلك الأطراف.
السيد الرئيس،،،
على الرغم من هذه التحفظات الخطيرة وشواغلنا الوطنية والجماعية بشأن هذا القرار المعيب وغير الشفاف، قررت مصر الامتناع عن التصويت، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي تفاوضت ووقعت على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. فنحن نؤيد تماماً أهداف ومقاصد هذه المعاهدة. وإننا نسعى إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية، بما في ذلك التجارب النووية.
إننا نستنكر بقوة – وبشكل لا لبس فيه– تلك التجارب النووية المقيتة، ونحن لا نزال ملتزمين بتحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار النووي وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وسائر أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. كانت مصر وستظل، من أشد المنادين بنظام منع الانتشار النووي الفعال بهدف القضاء التام على الأسلحة النووية وحظر إنتاجها وتخزينها وتحريم استخدامها أو تجربتها.
شكراً سيدي الرئيس،