ألمانيا تسعى لتزعم أوروبا عن طريق الـ«جيش الأوروبي»
نشر موقع «برافدا. رو» مقالا تناول فيه سعي ألمانيا الحثيث لإنشاء جيش أوروبي، لإحكام قبضة برلين عسكريا على أوروبا، بعد أن تحقق لها ذلك اقتصاديا وسياسيا.
وجاء في المقال أن القيادة الألمانية أجرت مؤخرا سلسلة من المفاوضات المكثفة مع الحلفاء الأوروبيين. وكانت المسألة الرئيسة فيها هي خطة إنشاء «جيش أوروبي». فبعد «بريكست» (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، فإن جيشا جبارا جديدا «إمبراطوريا» تحت إمرة برلين مدعو للدفاع عن الاتحاد الأوروبي من روسيا. وسيتم في البداية إنشاء محور برلين ـ باريس ـ وارسو، وتستطيع العواصم الأوروبية الأخرى مع الوقت الانضمام إليه.
وفي الأسبوع الماضي، كان جدول أعمال المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مكتظا. فقد أجرت مباحثات مع كبار زعماء فرنسا وإيطاليا في الجزيرة الإيطالية فينتوتين، وبعد ذلك في وارسو مع «رباعية فيشيغرادسكي (بالبولندية)» (بولندا، التشيك، سلوفاكيا وهنغاريا). وزارت كذلك إستونيا وجمهورية التشيك. ويتعين عليها بعد أيام أن تلتقي الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لمناقشة المشكلات السياسية الخارجية.
في غضون ذلك، اجتمع في ألمانيا نفسها وزراء خارجية «مثلث فايمار» ـ ألمانيا وفرنسا وبولندا.
وفي كل مكان كانت مسألة إنشاء ما يسمى «الجيش الأوروبي» محط الاهتمام، والتي يصورونها «ردة فعل طبيعية» على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويعللون ذلك بزيادة التهديدات الخارجية (سوريا، الإرهاب، أوكرانيا)، وتنامي مسؤولية الأوروبيين لصدها.
ولا شك في أن مسؤولية أوروبا لا تكفي. ولكن ما يثير شكوكا كبيرة هو أن الساسة الأوروبيين الذين يتذرعون بالمخاطر الأمنية لبلادهم واقعيا هدفهم إنشاء جيش أوروبي خاص، والخروج بألمانيا إلى مستوى دولة عسكرية عالمية.
لقد سنحت أمام ألمانيا فرصة فريدة من نوعها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لكي تعمل على تحويله إلى نوع من الرايخ ـ إمبراطورية قارية تحت زعامة برلين.
وأضاف المقال: إن ألمانيا من الناحية الاقتصادية استطاعت أن تحقق هذا الهدف. فهي قاطرة الاقتصاد الأوروبي، والوضع شبيه من الناحية السياسية. فالمستشارة الألمانية عمليا تحدد جدول أعمال القارة العجوز السياسي اليومي سواء كان الأمر يرتبط بمسألة المهاجرين والعلاقات مع تركيا أو الموقف من الوضع في أوكرانيا، أو حتى في مجال العلاقات الاستراتيجية مع روسيا والولايات المتحدة والصين.
وكانت ألمانيا محرومة من إمكانية إنشاء جيش إمبراطوري «رايخ سفير» ولعبت دورا في ذلك الظروف التاريخية بسبب إنشاء حلف الناتو من قبل الأنجلوساكسونيين، والذي تعين عليه ليس فقط مواجهة الاتحاد السوفياتي، بل أيضا ردع آلة الحرب الألمانية ـ الانتقامية، والحيلولة دون وصولها إلى السلاح النووي، لذا لم تتحقق طموحات ألمانيا في إنشاء جيش لائق ذي إمكانيات هجومية.
لقد شكلت الولايات المتحدة عاملا ضابطا «للجني العسكري الألماني» ومنعه من الانفلات من عنق زجاجة حلف الناتو على مدى عشرات السنين التي تلت الحرب العالمية الثانية، في حين أن الألمان كانوا ينتظرون اللحظة المناسبة، التي تكون فيها الولايات المتحدة غير قادرة على تلبية متطلبات ألمانيا الأمنية المتزايدة، والسماح لها بحل قضاياها العسكرية ذاتيا.
وكان مجيء إدارة أوباما إلى البيت الأبيض بالنسبة إلى ألمانيا «هدية من السماء»، حيث إن واشنطن بدأت بناء استراتيجيتها على التخلي عن المنطق المستقى من دروس الحرب العالمية الثانية، وبدلا من ذلك، على التحول إلى العمل من أجل صناعة المستقبل الذي يجب أن تكون الولايات المتحدة رائدته.
ووفقا لهذا المنطق، فإن «مركز الكون» ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية هو الآن ليس في أوروبا، وليس في الشرق الأوسط، وإنما في آسيا والمحيط الهادئ. وقررت إدارة أوباما الانسحاب من ساحات تعدُّها قديمة في أوروبا والشرق الأوسط، وتركها تحت رحمة «شياطين الماضي». ولهذا السبب كان كابوس الشرق الأوسط، ومن هنا احتمال نشوء مثل هذا الكابوس في أوروبا.
إن استراتيجية إدارة أوباما جاءت ملبية لتطلعات ألمانيا والتي كان نتيجتها أنها أصبحت القوة الوحيدة في أوروبا القادرة على حماية «راحة بال» الحلفاء الأوروبيين في مواجهة «روسيا الانتقامية».
وكانت ميركل قد صرحت في لقائها مع زعماء مجموعة «رباعية فيشيغرادسكي» في وارسو بأن» القرم أظهر أن واشنطن لا تحرك ساكنا من اجل مواجهة «العدوان الروسي». وسألت: «هل تعتقدون أن وضع عدة كتائب اليوم سيسمح بالصمود ريثما يصل الجيش الأمريكي؟».
وأضافت «الأمريكان لن يأتوا وهم لن يحاربوا الروس من أجلكم، بل لن يعطوا الضوء الأخضر لاستخدام آلية حلف شمال الأطلسي. لذا فمن الضروري إنشاء جيش أوروبي ونحن لدينا أسلحتنا النووية الفرنسية. والأهم من ذلك ـ توجد خبرتنا وصناعتنا نحن الألمان. آن الأوان للإمساك بأمننا بأيدينا. انظروا! بريطانيا خرجت وإذا لم نعمل نحن على تعزيز قوة الاتحاد الأوروبي فإنه سوف ينهار، و بعد ذلك سوف تكونون وحيدين وجها لوجه مع الدب الروسي.
محور باريس ـ برلين ـ وارسو هو أساس مستقبل «الجيش الأوروبي» (رايخ سفير). وان تأخر التحاق العواصم الأوروبية الأخرى بركبه فإن ذلك مسألة تقنية (الإيطاليون على سبيل المثال لا يحتاجون إلى من يقنعهم، فإيطاليا تحث منذ فترة طويلة على بلورة هذه الخطة واقعيا).
http://www.alquds.uk/?p=641835
نشر موقع «برافدا. رو» مقالا تناول فيه سعي ألمانيا الحثيث لإنشاء جيش أوروبي، لإحكام قبضة برلين عسكريا على أوروبا، بعد أن تحقق لها ذلك اقتصاديا وسياسيا.
وجاء في المقال أن القيادة الألمانية أجرت مؤخرا سلسلة من المفاوضات المكثفة مع الحلفاء الأوروبيين. وكانت المسألة الرئيسة فيها هي خطة إنشاء «جيش أوروبي». فبعد «بريكست» (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، فإن جيشا جبارا جديدا «إمبراطوريا» تحت إمرة برلين مدعو للدفاع عن الاتحاد الأوروبي من روسيا. وسيتم في البداية إنشاء محور برلين ـ باريس ـ وارسو، وتستطيع العواصم الأوروبية الأخرى مع الوقت الانضمام إليه.
وفي الأسبوع الماضي، كان جدول أعمال المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مكتظا. فقد أجرت مباحثات مع كبار زعماء فرنسا وإيطاليا في الجزيرة الإيطالية فينتوتين، وبعد ذلك في وارسو مع «رباعية فيشيغرادسكي (بالبولندية)» (بولندا، التشيك، سلوفاكيا وهنغاريا). وزارت كذلك إستونيا وجمهورية التشيك. ويتعين عليها بعد أيام أن تلتقي الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لمناقشة المشكلات السياسية الخارجية.
في غضون ذلك، اجتمع في ألمانيا نفسها وزراء خارجية «مثلث فايمار» ـ ألمانيا وفرنسا وبولندا.
وفي كل مكان كانت مسألة إنشاء ما يسمى «الجيش الأوروبي» محط الاهتمام، والتي يصورونها «ردة فعل طبيعية» على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويعللون ذلك بزيادة التهديدات الخارجية (سوريا، الإرهاب، أوكرانيا)، وتنامي مسؤولية الأوروبيين لصدها.
ولا شك في أن مسؤولية أوروبا لا تكفي. ولكن ما يثير شكوكا كبيرة هو أن الساسة الأوروبيين الذين يتذرعون بالمخاطر الأمنية لبلادهم واقعيا هدفهم إنشاء جيش أوروبي خاص، والخروج بألمانيا إلى مستوى دولة عسكرية عالمية.
لقد سنحت أمام ألمانيا فرصة فريدة من نوعها بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لكي تعمل على تحويله إلى نوع من الرايخ ـ إمبراطورية قارية تحت زعامة برلين.
وأضاف المقال: إن ألمانيا من الناحية الاقتصادية استطاعت أن تحقق هذا الهدف. فهي قاطرة الاقتصاد الأوروبي، والوضع شبيه من الناحية السياسية. فالمستشارة الألمانية عمليا تحدد جدول أعمال القارة العجوز السياسي اليومي سواء كان الأمر يرتبط بمسألة المهاجرين والعلاقات مع تركيا أو الموقف من الوضع في أوكرانيا، أو حتى في مجال العلاقات الاستراتيجية مع روسيا والولايات المتحدة والصين.
وكانت ألمانيا محرومة من إمكانية إنشاء جيش إمبراطوري «رايخ سفير» ولعبت دورا في ذلك الظروف التاريخية بسبب إنشاء حلف الناتو من قبل الأنجلوساكسونيين، والذي تعين عليه ليس فقط مواجهة الاتحاد السوفياتي، بل أيضا ردع آلة الحرب الألمانية ـ الانتقامية، والحيلولة دون وصولها إلى السلاح النووي، لذا لم تتحقق طموحات ألمانيا في إنشاء جيش لائق ذي إمكانيات هجومية.
لقد شكلت الولايات المتحدة عاملا ضابطا «للجني العسكري الألماني» ومنعه من الانفلات من عنق زجاجة حلف الناتو على مدى عشرات السنين التي تلت الحرب العالمية الثانية، في حين أن الألمان كانوا ينتظرون اللحظة المناسبة، التي تكون فيها الولايات المتحدة غير قادرة على تلبية متطلبات ألمانيا الأمنية المتزايدة، والسماح لها بحل قضاياها العسكرية ذاتيا.
وكان مجيء إدارة أوباما إلى البيت الأبيض بالنسبة إلى ألمانيا «هدية من السماء»، حيث إن واشنطن بدأت بناء استراتيجيتها على التخلي عن المنطق المستقى من دروس الحرب العالمية الثانية، وبدلا من ذلك، على التحول إلى العمل من أجل صناعة المستقبل الذي يجب أن تكون الولايات المتحدة رائدته.
ووفقا لهذا المنطق، فإن «مركز الكون» ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية هو الآن ليس في أوروبا، وليس في الشرق الأوسط، وإنما في آسيا والمحيط الهادئ. وقررت إدارة أوباما الانسحاب من ساحات تعدُّها قديمة في أوروبا والشرق الأوسط، وتركها تحت رحمة «شياطين الماضي». ولهذا السبب كان كابوس الشرق الأوسط، ومن هنا احتمال نشوء مثل هذا الكابوس في أوروبا.
إن استراتيجية إدارة أوباما جاءت ملبية لتطلعات ألمانيا والتي كان نتيجتها أنها أصبحت القوة الوحيدة في أوروبا القادرة على حماية «راحة بال» الحلفاء الأوروبيين في مواجهة «روسيا الانتقامية».
وكانت ميركل قد صرحت في لقائها مع زعماء مجموعة «رباعية فيشيغرادسكي» في وارسو بأن» القرم أظهر أن واشنطن لا تحرك ساكنا من اجل مواجهة «العدوان الروسي». وسألت: «هل تعتقدون أن وضع عدة كتائب اليوم سيسمح بالصمود ريثما يصل الجيش الأمريكي؟».
وأضافت «الأمريكان لن يأتوا وهم لن يحاربوا الروس من أجلكم، بل لن يعطوا الضوء الأخضر لاستخدام آلية حلف شمال الأطلسي. لذا فمن الضروري إنشاء جيش أوروبي ونحن لدينا أسلحتنا النووية الفرنسية. والأهم من ذلك ـ توجد خبرتنا وصناعتنا نحن الألمان. آن الأوان للإمساك بأمننا بأيدينا. انظروا! بريطانيا خرجت وإذا لم نعمل نحن على تعزيز قوة الاتحاد الأوروبي فإنه سوف ينهار، و بعد ذلك سوف تكونون وحيدين وجها لوجه مع الدب الروسي.
محور باريس ـ برلين ـ وارسو هو أساس مستقبل «الجيش الأوروبي» (رايخ سفير). وان تأخر التحاق العواصم الأوروبية الأخرى بركبه فإن ذلك مسألة تقنية (الإيطاليون على سبيل المثال لا يحتاجون إلى من يقنعهم، فإيطاليا تحث منذ فترة طويلة على بلورة هذه الخطة واقعيا).
http://www.alquds.uk/?p=641835