دور إيلي كوهين في سورية
وربما يكون تعيين ( الخائنين) فى النظام السوري الحاكم – الذي أعد ونفذ النكبة – ولا يزال يتحكم بالقهر والإرهاب فى رقاب الشعب السوري – أمرا سهلا لأن هناك أكثر من شاهد وأكثر من قرينة وأكثر من دليل على ذلك .
والشاهد الأول الذي نقدمه للقارئ هنا ربما لا يعرف عنه شيئا وربما لم يسمح عنه رغم أنها كانت فضيحة لا تقل بشاعتها عن بشاعة الهزيمة التى كانت نتيجة لها .
ولا أريد أن أطيل فى مقدمتي هذه بقصد الإثارة لأن الفضيحة التى سأحدثك عنها مثيرة إلى حد (الصدمة) ولا تحتاج لاستثارة من خارجها.
هل سمعت عن الجاسوس الإسرائيلي الجنسية ال
مصري المولد – ( إيلي كوهين) الذي زرعته إسرائيل داخل
حزب البعث واستطاع أن يترقي فى مناصب الحزب فى مدي ثلاث سنوات حتي وصل إلى عضو القيادة القطرية ورشحه الحزب وزيرا للإعلام ورشحه كثير من ضباط
الجيش السوري نائبا لوزير الدفاع ؟! ربما لن تصدق ذلك وستقول :
إن فى الأمر مبالغة ولكن القصة حقيقة اعترف بها البعث السوري واعترفت بها إسرائيل وتوسطت دول كثيرة من أجل إنقاذ حياة أذكي جاسوس فى العالم ( إيلي كوهين) من حبل المشنقة وقد ألفت عدة كتب تروي قصة الجاسوس الإسرائيلي الذي خطط لانقلاب 8 آذار عام
1963 الذي أوصل حرب البعث إلى السلطة فى
سوريا والذي استدرج
جمال عبد الناصر إلى حرب حزيران وسلم لإسرائيل الجولان بدون حرب !!
ولكن الشعب العربي فى كل مكان هو آخر من يعلم .. لقد اختار الأستاذ
غسان النوفلي أهم الكتب التي تناولت الموضوع وترجمة إلى العربية وكتب مقدمة للكتاب الذي اختاره مؤلفاه عنوانا له : الجاسوسية الإسرائيلية وحرب اليام الستة .
وقد جاء فى مقدمة المترجم للكتاب بعض الفقرات جاء فيها :
( هذه ليست قصة جاسوس .. بل قصة مرحلة من مراحل التاريخ العربي عامة والتاريخ السوري خاصة كان للجاسوسية الإسرائيلية فى أحداثها وتطوراتها فى تقلباتها وانقلاباتها أثرا خطير وانعكاسات بعيدة المدي...)
ويقول
إن جهاز المخابرات الإسرائيلية)( الموساد) قد استن فى الجاسوسية سنة جديدة هي محاولة خلق انظمه جديدة فى بلدان الأ‘داء وتوجيه هذه الأنظمة بحيث تطبق على النحو المتطرف الذي ينسجم مع ما تريده لهذه البلدان من فوضي واضطراب وما تنشده لها من خراب ودمار وما يتأتي داخل صفوفها من تطاحن داخلي على كل المستويات يؤدي بها إلى الانحلال).
ويقول أيضا :
(.... فالحقائق فى هذا الكتاب مذهلة والوقائع مؤلمة والصورة الملامح والانعكاسات مفجعة ومذلة مهينة وقد يندي لها جبين كل عربي )!
فما هي هذه الحقائق والوقائع المذهلة والمؤلمة ؟!!
لنتبع القصة من أولها :
فى العاشر من شهر كانون الثاني ( يناير سنة
1961 وصل إلى دمشق عن طريق بيروت الشاب اليهودي ( إيلي كوهين) تحت أسم (كامل أمين ثابت) مواطن سوري كان يعيش ف الأرجنتين وقد قرر العودة إلى الوطن !! وكان يصحبه فى الرحلة عميل سوري للمخابرات ال
إسرائيلية الموساد اسمه ( شيخ الأرض).
وعندما وصل الرجلان إلى أحد الفنادق قدم شيخ الأرض ( إيلي) إلى مالك الفندق على اعتبار أنه صديق قديم وصل الآن من الآرجنتين ليقيم فى بلاده أجداده !! ورجاه ان يعامل ضيفه كما لو انه يعامله هو.. وفى خلال هذه الفترة كان ( إيلي) قد أعطي الكاتب جوازه الأرجنتيني الذي يحتاج إلى المرور على محفوظات الشرطة وكانت هناك استمارة مطلوبة من كل الأجانب , وحمل سوداني أسود أمتعته إلى الطابق الثالث حيث وجد ( إيلي). أن وسائل الراحة كانت تتسم بالصرامة فقرر منذ البدء التفتيش عن شقة يسكنها .
وفى الأيام العشرة التالية كان ( ايلي) يتجول فى دمشق مع شيخ الأرض محاولا أن يتأقلم بالمحيط الجديد بينما كان يوجه أسئلة سرية عن المنازل المعدة للإيجار . ولم تكن لعاصمة دمشق غريبة عنه تماما فقد تلقي معلومات عن الحياة فى مدينة دمشق من أساتذة فى الموساد كانوا يعيشون فى دمشق وكذلك الخرائط والأفلام والصور الفوتوغرافية عن الأحياء الرئيسية فى المدينة.
وبمساعدة شيخ الأرض استطاع ايلي أن يختصر بحثه عن منزل فى ( أبو رمانة ) وهى منطقة سكن تشتمل على مقر رئاسة أركان الجيش ومكاتب اللجنة المختلطة لمراقبة الهدنة وعشر سفارات ومفوضيات وقنصليات عامة وقد أحاط ايلي الملاك علما انه قرر الإقامة فى دمشق بصورة دائمة وأنه فى حاجة إلى منزل واسع أو (فيلا) يمكن أن يستخدمها كمنزل ومكتب للشغال التجارية التي ينوي القيام بها .
وأخيرا – وبعد أسبوعين قضاهما ايلي فى الفندق – وجد الشقة التي كان يبحث عنها وكانت هذه الشقة فى الطابق الرابع من عمارة تقع فى مقابل رئاسة القيادة العامة واتخذ ( ايلي) من هذه الشقة قاعدة لعملياته ومركزا لنشاطه الذي استمر نيفا وثلاث سنوات حقق فيها لإسرائيل ما لم تكن تحلم به !!.
وكانت بداية العلاقات التى أقامها (ايلي) فى دمشق مع الملازم أول فى الجيش السوري
معزي زهر الدين وهو ابن أخ قائد الجيش وقتئذ
عبد الكريم زهر الدين وكان شيخ الأرض هو الذي جمعه وإياه وقال له شيخ الأرض ( قد يكون معزي هذا هو أكثر الأشخاص الذين تحتاج إليهم فهم يعمل فى القيادة العامة وهو قريب د جدا من عمه ).
أما العلاقة الثانية مع ايلي فكانت عن طريق موظف فى وزارة الإعلام نضراني مجند من قبل المخابرات الإسرائيلية قبل وصول ايلي إلى دمشق وهو الذي سعي إلى ايلي وعرفه بنفسه ووعده بتعيينه مديرا للبرنامج الموجه إلى أمريكا الجنوبية فى إذاعة دمشق وستتاح له بذلك الفرصة بالدخول فى الدوائر الرسمية وأضاف النصراني العميل وإسمه (
جورج سيف) قائلا لأيلي :
( قد أكون قادرا على تقديمك للأمين العام لوزارة الإعلام ) وبدأ ايلي ممارسة مهمته وجمع المعلومات وإرسالها إلى مركز الموساد فى تل أبيب . ويتلقي التعليمات لينفذها فى العاصمة دمشق . كان ايلي عين وأذن الموساد فى دمشق وقد استطاع أن يستفيد من الملازم
معزي زهر الدين الذي كان يعمل فى مكتب شئون الضباط وأصبح ايلي يعرف كل ما يحدث داخل
الجيش السوري من أحداث .
وكان ( الموساد) أحيانا يطلب ايلي ليسافر إلى تل أبيب لدراسة بعض الأمور وفى هذه الحالة يحيط ايلي أصدقاءه زبائنه علما بأنه ينوي السفر إلى الخارج لعقد صفقات بالاستيراد والتصدير ويسافر وبعد إقامة قصيرة فى أوربا يذهب إل تل أبيب وقد عاد ايلي إلى تل أبيب بعد ستة أشهر من وصوله إلى دمشق وممارسته لمهمته وهناك شرح لرؤسائه فى الموساد عن مصادره المأمولة ووصف علاقته مع مغزي زهر الدين كمصدر معلومات وقد اعتبر رؤساؤه أن علاقته بمغزي زهر الدين كمصدر معلومات وقد اعتبر رؤساءه أن علاقته بمغزي هى من الإنجازات الهامة التى أوصوه برعايتها والعمل على تنميتها لكي تتيح الفرصة لسيل من المعلومات السياسية والعسكرية كما طلبوا إليه أن يركز بالدرجة الأولي على التقارير السياسية والاقتصادية وأن يترك لمود لاحق مهمة الحصول على المعلومات الفنية العسكرية والمعلومات الأخري عن القوات المسلحة وخاصة القيادة الجنوبية .
وفى هذا الاجتماع نوقش احتمال دخول ايلي إلى الحياة السياسية وطلب إلى ايلي أن يحرص على تأمين اتباع أقوياء من أفراد الجيش لأن انقلابات عسكرية جديدة فى الأفق القريب وكان فى رأي الموساد وقتئذ ( أن الحزب الوحيد الذي أثبت فاعليته على الرغم من مصاعبه الداخلية هو
حزب البعث العربي ولذلك اتقرح ضباط الموساد على ايلي أن يوسع علاقاته مع عدد من البعثيين فى دمشق وأن مما لا يقدر بثمن قيامه بمحاولة للإنتساب إلى الحزب).
وبعد ثمانية أيام استعد ايلي للعودة إلى دمشق حاملا بين أمتعته جهاز إرسال أقوي وجهازا فوتوغرافيا صغيرا جدا مع آلاف الأفلام ذات الحساسية العالية وضيغ جديدة للشفرة .
واصبح أيلي بعد أسابيع من عودته زائرا يتردد باستمرار على وزارة الإعلام وتعرف على جميع زملاء
جورج سيف وقد تعرف عليه الحراس جيدا حتي أنهم توقفوا عن مطالبته بالإذن الخاص المطلوب من الزوار الآخرين وقد استفاد ايلي ن هذا التساهل للدخول غلى مكتب
جورج سيف أثناء الليل لتصوير الوثائق التي لم يستطع إخراجها من الوزارة .
وتوثقت العلاقة بين
سيف وايلي بازدياد تعاونهما معا وبدأ سيف يكثر من زيارة ايلي فى منزله ولم يتخلف عن سهرة واحدة من السهرات التي كان يقيمها ايلي بل كان يصطحب أصدقاءه . وفي إحدي المناسبات وصل
جورج سيف مع ضيف لم توجه إليه دعوة سابقة وكان المدعو ضابطا برتبة رائد وهو شاب ضخم الجثة يدعي (
سليم حاطوم) وكان رئيسا للحرس فى الأركان العامة حيث المبني القائم على الطرف الآخر من الشارع وقد بدأ حاطوم ياقر الخمر بدرجة غير عادية وأن يتذوق الطعام اللذيذ وأن صلاته النسائية أصبحت مدار حديث منذ تلك الليلة وعلى الرغم من أنه بدأ متحفظا فيما يتعلق بعمله فقد انجذب بسرعة إلى ايلي وأصبح مساهما دائما فى أمسيات العزوبة فى منزله !!.
و
سليم حاطوم هذا أحد أعضاء
حزب البعث الكبار وممثل الطائفة الدرزية فى الحزب وله أخ اعتنق الديانة
اليهودية وحمل اسما يهوديا وتزوج إسرائيلية وأصبح مستشارا لشئون الأقليات فى بلدية حيفا بإسرائيل !! وكان ايلي يعرف الكثير عن حساسية سليم بالنسبة لخيانة أخيه لم يأت أبدأ على لسانه ذكر اسمه فى أحاديثهما .
لقد بدأ كامل أمين ثابت ( ايلي كوهين ) يستعد للانتساب إلي
حزب البعث وقد أعرب عن رغبته فى أن يصبح عضوا فى
حزب البعث لصديقه سليم الذي وعد بتزكيته بكل سرور وكان كامل أمين ثابت قد حقق كل المتطلبات الأساسية ليصبح بعثيا فهو عربي من المهجر تجاوز الثامنة عشرة قوي متحمس لم يسبق له أن انتسب إلي أى حزب آخر .
وعلى الرغم من أن المتعاطفين مع
حزب البعث كان يطلب إليهم أن ينشطوا سنة كاملة فى خدمة الحزب قبل أن يقبلوا فى عداد أعضائه , فلم تمض أسابيع قليلة حتي قبل ( ايلي) كامل أمين ثابت عن طريق مستويات عليا فى الحزب ففي مساء قارس من أيام شهر شباط دعي إلى منزل أحد قادة المناطق الذي راح يستمع إلى قسمه فى وضع مهيب فأقسم ( ايلي) بحضور حاطوم ( بشرفه ومعتقده) أن يكون ( أمينا على مباديء
حزب البعث العربي الاشتراكي وأن يكتم أسراره وأن يمتثل لأوامره وينفذ مخططاته )!! ... وبعد القسم عين فى مركز القيادة لإحدي المنطق وخلال فترة قصيرة تعلم ايلي أساليب
حزب البعث وأصبح مطلعا على بنيته الهرمية .
وسرعان ما أصبح طريق ايليي ( كامل أمين ثابت * إلى القمة فى الحزب موضع مناقشة فقد فاتح حاطوم
ميشيل عفلق ( النصراني ) فى صفات ثابت القيادية وتقرر أن يستثني من الإجراءات التي تحول دون تقدمه السريع داخل الحزب وفي وقت لاحق دعي ايلي للاجتماع ب
ميشيل عفلق مؤسس الحزب وصانع أيديولوجية البعثية
الإشتراكية فى مكان بعيد عن مركز المدينة.
والتقي ايلي ب
صلاح البيطار رجل الحزب رقم 2 فى منزل
ميشيل عفلق بعد وقت قصير وقد تأثر البيطار بغيره ايلي القائمة على القناعة وقد شق لقاؤهما الطريق إلى صداقة سريعة ظهر فيما بعد أنها كانت بالنسبة للموساد لا تقدر بثمن !!.
ايلي .. يشترك فى انقلاب البعث !!
==========
علم ايلي الذي كان يجمع المعلومات عن محاولة الانقلاب من المصادر البعثية أن الأمين العام (
ميشيل عفلق ) لم يكن مقتنعا بكفاءة الحريري السياسية غير أنه مع ذلك كان يري أن أمل الحزب الوحيد فى الوصول إلى السلطة هو التعاون مع العسكريين ثم تجاوزهم عن طريق الحيلة والدهاء .
وكان مقتنعا بأن انقلابا سريعا وناجحا سيرفع من شأن البعث وعلى هذا الأساس أصدر تعليماته إلى المراجع التنفيذية بمساندة العصاة .
وقررت القيادة البعثية التعاون مع اللواء
الحريري الوحدوي وصدرت الأوامر المبدئية بالطريقة التي سيساهم بها البعث فى الحركة وأرسلت هذه الأوامر إلى خلايا الحزب .
ولم يشترك ايلي فى المهام التي وزعت على الشوارع ليلة الانقلاب لأن الأوامر التي أو كلت إليه هي أن ينتظر فى منزله حتي يتلقي كلمة من حاطوم تؤكد أن محطة الإذاعة سقطت فى أيدي العصاة كي يتجه إلى هناك حيث يساهم فى الإشراف علي إذاعة أخبار الثورة والجهود الإعلامية الأخري .
وعند الساعة الخامسة صباح الثامن من آذار عام
1963 كانت جميع مراكز الحكومة والمؤسسات العسكرية حول دمشق وداخلها قد استسلمت وبعد دقائق تلقي ( ايلي) الرسالة الهاتفية المنتظرة حيث أخبره حاطوم بكلمات موجزة أن محطتي الإذاعة والتليفزيون قد حررتا فاتجه ايلي فورا إلى المحطة بعد أن اجتاز شريطا من الجنود وعددا من مراكز التفتيش التي كان يقوم عليها مدنيون مسلحون وذلك قبل أن يصل مسرعا إلى حيث قام بالواجب الذي أوكل إليه من قبل الحزب وبينما كان ايلي يشرف على إعداد إذاعة الصباح كان الاتصال مستمرا بمبني القيادة العامة وقد استدعي ايلي
ميشيل عفلق للحضور إلى الإذاعة حيث تحدث إلى
العراقيين ونقل إليهم صورة ملخصة عن الموقف .
وعند الساعة السادسة والنصف أصدر الحريري وضباطه الوحدويون بيانهم الأول ثم انصرفوا إلى إنشاء جهاز حكومي قادر على إخضاع الشعب .
ولكي يستطيعوا حل المشاكل العاجلة أنشأوا مجلسا وطنيا لقيادة الانقلاب من 21 عضوا وأسندت القيادة الإسمية للؤي الأناسي ثم ألف المجلس وزارة من 21 وزيرا برئاسة
صلاح البيطار كان بينهم 11 وزيرا من
حزب البعث وتسعة من مؤيدي
عبد الناصر وقد شغل المدنيون جميع المناصب الوزارية فيما عدا وزارتي الداخلية فقد اختار
صلاح البيطار أمين حافظ وزيرا للداخلية .
وفى أقل من أربعة شهور برز
أمين الحافظ الذي التقي به ( ايلي) عندما كان ملحقا عسكريا فى السفارة السورية فى بوينوس إيرس بالأرجنتين, برز كشخصية قائده داخل
حزب البعث وكان ( ايلي) فى هذا اليوم المشرف على الإذاعة والذي يعطي الإذن بإذاعة بيانات المجلس الوطني لقيادة الثورة يقول مؤلفا الكتاب :
( كان انقلاب 8 آذار نقطة تحول فى مهمة ( ايلي) كبعثي وكعميل فبعد أن استقرت علاقاته مع قيادة الحزب أصبح غطاؤه – وهو الأساس فى مهتمه السرية – قويا جدا وفى الوقت نفسه فإن تحليله للعصيان وسلسلة السرية التى أرسلها إلى مركز الموساد كانت إشارة إلى بداية مهمته الحقيقية ) وهنا يتساءل مترجم الكتاب الأستاذ غسان النوفلي ( ما هي مهمة كوهين الحقيقية بعد 8 آذار ؟!)
(هل عي التجسس فقط ؟! هل هي نقل المعلومات والأسرار العسكرية عن التخطيط والتحصين والتسليح فقط ؟! هل هي إرسال التقارير السياسية عن أوضاع البلاد وإدراتها وسياستها وما يطبخ فى مطابخ الدولة السرية من أمور وأمور؟! هل هي فى تقديم صورة دقيقة وواضحة وكاملة ن أوضاع البلاد الاقتصادية وفعاليتها التجارية والصناعية والزراعية وبيان طاقاتها وإمكاناتها المالية مفرغا كل ذلك فى جداول إحصائية ومخططات بيانية وأرقام تنطق بكل ذلك ؟!
ويجبيب المترجم على تساؤلاته السابقة بقوله ( كلا ليست هذه هي بداية مهمة كوهين الحقيقية – يقول هذا الكتاب – فى انتسابه إلى الحزب: ( الذي قال ضباط الموساد كوهين خلال شهور تدريبه فى تل ابيب أنه هو حزب المستقبل وأن قوة كافية تشكلت من أعضاء
حزب البعث والمتعاطفين معهم من الضباط وأن انقلابا وشيكا سيرفع من
حزب البعث الذي يستطيع أن يعمل كقوة توازن النفوذ الناصري فى العالم العربي ) وفى تأسيس علاقات واسعة مع عدد من قادته وفى ارتقائه إلى أعلي المستويات وفى نفوذه إلى مختلف أجهزة الدولة الرئيسية والحساسة ومن مركز القوة ومن منطلق السلطة يستطيع أن يوحي وأن بوجه وأن يؤثر وأن يضغط لتنفيذ التعليمات التي يتلقاها على الدوام وهو فى كل يوم يعطي تل أبيب المعلومات ويتلقي التعليمات – مستغلا أبرع استغلاله علاقاته وصلاته الشخصية والحزبية بكل من رئيس الدولة
أمين الحافظ ورئيس الحزب
ميشيل عفلق ورئيس الوزراء
صلاح البيطار و
سليم حاطوم حارس الدولة الأمين وعشرات العشرات غيرهم من الرئاسات والقيادات الأخرى التي امتنع الكتاب عامدا عن ذكر واحد منهم لأسباب لا يعرفها إلا رجال المخابرات ال
إسرائيلية كما امتنع كوهين عن ذلك فى جميع أطوار التحقيق والمحاكمة هذه بداية مهمة كوهين الحقيقة).
وقضي ايلي ما بقي من الأسبوع المحموم الذي تلا الانقلاب وهو ينتقل بين مكتب
جورج سيف فى وزارة الإعلام ومقر قيادة حاطوم فكانت المعلومات التي حصل عليها من أعمال المجلس الوطني لقيادة الثورة ثمينة جدا وفى تلك الفترة بالذات بدأ ايلي يتردد على مكتب رئيس الوزراء حيث أقام عفلق والقيادة القطرية ل
حزب البعث مقرهما المؤقت .
وقد استطاع
حزب البعث أن يتخلص ممن شركائه فى الانقلاب وينفرد بالسلطة فقد انتهز
أمين الحافظ فرصة سفر الحريري على رأس وفد مكلف بالقيام بزيارة ودية للجزائر حتي انتزع السلطة من الحريري عن طريق المكيدة وكان الحافظ هو القوة الحقيقية وراء عصبة الحزب العسكرية وقام بعملية تطهير للحريريين فى الجيش وعين الحريري نفسه ملحقا عسكريا فى الولايات المتحدة وأرسل إليه التعليمات بأن يتابع سفره إلى واشنطن عن طريق باريس ولكن الحريري لم يذعن وعاد إلى دمشق ولكن البعثيين
العراقيين هددوا بالتدخل إلى جانب
أمين الحافظ عندئذ أذعن الحريري للأمر ووضع تحت الإقامة الجبرية فى منزله قبل أن يطرد إلى فيينا.
وبعد إخراج الحريري تولي
أمين الحافظ جميع صلاحياته وكان أفضل ما فعله (ايلي) فى الأرجنتين أ،ه أقام علاقات صداقة مع
أمين الحافظ وما كاد الحافظ يقوم بأعماله الوزارية حتي بعث إليه ايلي بمذكرة تهنئة ثم راح – بناء على تعليمات الموساد , يتابع أعماله بدقة وقد شجع تقدم حافظ السريع ايلي على أن يطالب جورج سيف بإعداد لقاء بينهما .
وبعد أيام قليلة استقبل
أمين الحافظ الرجلين بروح من الود فى منزله فى أبو رمانة وتحدث ايلي للجنرال عن أعماله لتجارية ثم تناقشوا فى شئون الحزب وأعلن كامل أمين ثابت ( ايلي) أنه يضع نفسه تحت تصرفه , وقد تأثر
أمين الحافظ كثيرا بوطنية !! ثابت وأعرب عن رغبته فى تكرار هذا اللقاء سواء لأسباب شخصية أو أسباب تتعلق ب
حزب البعث ولما كان نجم ايلي قد تألق فى الحزب لذلك أصبح ضيفا دائما فى منزل
أمين الحافظ . ولم تمض فترة طويلة حتي حاز ثقة السيدة زوجة
أمين الحافظ وصداقة الحافظ نفسه .
وفي شهر تموز اقترح فرع الحزب فى دمشق أن يعين ايلي عضوا فى القيادة القطرية . قدم
ميشيل عفلق الاقتراح وأيد حافظ وحاطوم والبيطار هذا التعيين وخلال أيام قليلة كان ايلي يجلس فى القيادة القطرية ل
حزب البعث كمراقب ليس له حق التصويت .
ولم تمض فترة قصيرة على وضعه هذا حتي قبل كعضو كامل فى مجلس القيادة ولما كانت شخصية
أمين الحافظ آخذة فى اللمعان نلقي ايلي من ( الموساد) تعليمات بتمتين علاقاته بالرجل القوي وسرعان ما ضاعف من زياراته للحافظ كما راح يستخدم الفرص الممكنة...للاجتماع بالحافظ فى قصر المهاجرين وأصبح الحافظ فى حاجة – أكثر من أي يوم مضي – إلى مساندة مدنية تصدر عن عضو فى القيادة القطرية لذلك لم يرفض ولا مرة الإذن له بالدخول وكان يستقبله بطريقة ودية وفي جميع الساعات وكان ( ايلي) يضع نفسه تحت تصرف
أمين الحافظ لذلك سرعان ما تمتع ايلي بصلاحيات الحاكم من وراء ستار أما تعاونهما داخل القيادة القطرية فقد استمر حتي النهاية .
فى هذه الفترة أصدر الموساد تعليماته إلى ايلي بأن يضع فى المقام الأول المعلومات الخاصة بالتحصينات السورية على طول الحدود الشمالية واستطاع ايلي بما حصل عليه من نفوذ بمساعدة حاطوم وقيل انقلاب 8 آذار عام
1963 بمساعدة
معزي زهر الدين أن يفتح الأبواب إلى منطقة الحدود .
واستطاع ايلي أن يرافق أحد الاثنين ثلاث مرات فى عام
1963 عندما كان يقوم برحلات تفقدية إلى خطوط القتال ومن خلال هذه الزيارات لم يزود ايلي تل أبيب ببيان عن سيرة ومؤهلات الضباط فى القيادة الجنوبية فقط ولكنه أرفقها بصورة فوتوغرافية ومخططات عن المخابئ المحصنة وحجيرات الأسمنت المسلح ومواقع المدفعية بالقرب من مقر الشعار وتل الحمراء وتل العزيزات كما استطاع من مشاهداته الخاصة والمعلومات التي أسر غليه أن يرفع تقريرا عن قوة وهوية الوحدات التي تشرف على الخطوط وقد كانت هذه المعلومات ذات ثمن لا يقدر بعد سنوات قليلة أي خلال الأيام الستة .
وتوثقت صداقة ايلي بحاطوم للدرجة التي سمح فيها ايلي لحاطوم أن يستخدم منزله كمكان للقاءات الغرامية سواء لفترات قصيرة أو لشهر كثيرة عندما يسافر ايلي إلى خارج البلاد وكثيرا ما كان
سليم حاطوم يقضي فترة بعد الظهر مع إحدي عشيقاته فى شقة ايلي.
وبالإضافة إلى حاطوم و
جورج سيف و
معزي زهر الدين الذين كانوا يستخدمون منزل ايلي لشئونهم الخاصة فقد انضم أخيرا ضابط جديد إلى هذه الحلقة وهو العقيد (
صلاح الضللي) وهو من المحسوبين على
أمين الحافظ وعضو فى اللجنة المركزية للحزب وقد أصبح هذا من الضيوف الذين يترددون على منزل ايلي وكان يستضيف مضيفة إيطالية من الخطوط الجوية السورية التقي بها فى حفلة ساهرة اقامها ايلي بعد عودته من أوربا .
وكان لدي ايلي عدا ما أودعه من دين فى رقبا هؤلاء الأصدقاء سبب آخر للسماح لهم باستعمال شقته , فقد كان استخدام حاطوم الشقة لاجتماعات كان يعقدها مع الضباط
الدروز واليمنيين من
حزب البعث الذين ينتمون إلى جناحه وجميع هؤلاء كانت تجمعهم الكراهية والاحتقار للمستشارين الروس المتغطرسين أساتذة وفنيين من أفراد البعثة العسكرية السوفيتية.. وكان الضباط يجتمعون فى غرفة ايلي الخضراء وهي عبارة عن ردهة واسعة أحادية اللون ومجهزة تجهيزا فنيا فيتحدثون فيها دون عائق وكانوا لا يعرفون طبعا ذات أداة للتوقيت , وفوق كل هذا فقد تبين لإيلي أن هذه الوثائق يمكن أن تستخدم لأغراض الابتزاز فى أية مؤامرة محتملة وفى المواقف الحرجة.
ومضت سنة كاملة على زيارة ايلي الأخيرة ل
إسرائيل فطلبه رؤساؤه فى ( الموساد) فى تل أبيب ولم تعد مغادرة دمشق لفترة قصيرة مهمة شاقة بالنسبة لأيلي فكل ما كان عليه أن يقوله هو : إن مقتضيات أعماله فى الاستيراد والتصدير اقتضته أن يطير مرة أخري إلى أوربا وقبل أيام من سفر ايلي اقام حفلة ساهرة وكانت حفلة سخية احتفالا بنجاحه بطريقة خاصة قبل العودة إلى
إسرائيل .
وفى مقر الموساد قدم ايلي أولا تقريرا إلى رئيس الموساد ثم استجوب ايلي بعد ذلك من رؤسائه خلال عدد من المحادثات حيث قدم تقريرا كاملا عن دوره فى الانقلاب وعن علاقاته بزعماء
حزب البعث وقد جري تحليل كامل لاتصالاته ب
جورج سيف وشيخ الأرض و
معزي زهر الدين و
سليم حاطوم وتلقي ايلي الإرشادات حول الأسلوب الذي يتيح الفرصة للمزيد من استثمارهم ثم عاد إلى دمشق ليواصل أداء مهمته.
وكان ايلي يهتم بالتطور الأيدلوجي فى الحزب ما دام يؤدي إلى زيادة معلومات عن تحول واضح ل
حزب البعث فى اتجاه اليسار وهو تطور كان الموساد يهتم به إلى درجة كبيرة .
وكان بين الأحداث التي شهدها ايلي وقدم عنها بيانات مفصلة سقوط صديقه
صلاح البيطار , واستغل ايلي الانقسامات داخل القيادة البعثية أيما استفادة . وقد استطاع ايلي عن طريق حاطوم أن يزور الجبهة الأمامية ويحصل على معلومات وصور لكل ما يهتم
إسرائيل .
وكان فصل الخريف مرحلة محمومة بالنسبة لنشاطات ايلي فقد دعي بوصفه عضوا فى لجنة الدفاع ليشهد تمارين المدرعات فى إطار المناورات العسكرية السنوية التي جرت فى 24 تشرين الأول بالقرب من الحدود ال
إسرائيلية .
وبعد أيام قليلة رافق الفريق على على عامر رئيس القيادة العربية الموحدة فى دورة تفتيشية بالجبهة الجنوبية ولم يكد ينتهي من نقل المعلومات التي جمعها عن هذه المرحلة إلى تل أبيب حتي أحيط علما من قيادة
حزب البعث بأن رئيس الجمهورية الذي سيطير إلى باريس لمعالجة آلام أصابته فى كليتيه قد أصر على أن يكون حاضرا فى حفلة الوداع الرسمية التي ستجري له فى مطار دمشق الدولي وعلي الرغم من أن ايلي كان حتي ذلك التاريخ يتجنب الصور الفوتوغرافية فقد فشل فى تجنب بطاريات المصورين الصحفيين الذين هاجموا الوفود المودعة وهي تضم الوزراء والقادرة العسكريين الذين جاءوا يشاركون فى وداع الرئيس وعندما عاد
أمين الحافظ من رحلته بعد عملية جراحية أجراها الجراح يهودي فى مستشفي أمريكي فى نويبي كان ايلي حاضرا لنحيته فى مطار دمشق الدولي .
وفي وقت من ذلك المساء زاره أحد مساعدي القصر ليبلغه أن
أمين الحافظ أعرب عن رغبته فى الاجتماع به فى اليوم التالي .
وعندما وصل ايلي إلى قصر المهاجرين أدخل إلى غرفة رئيس الجمهورية فاستقبله
أمين الحافظ ببشاشة ثم قال له : إنه دعاه لهذه الزيارة لسبب هام يتعلق بالحزب , وإنه كان يتابع عن كثب نشاطه وإنه لذلك يعرف ما بينه وبين
صلاح البيطار من صلات الصداقة المتينة لذلك فهو يريد أن يوكل إليه مهمة دقيقة : وهي أن يحمل رسالة مصالحة بينه وبين رئيس الوزراء السابق الذي يقيم الآن فى
الأردن للمعالجة من مرض سياسى وانطلق
أمين الحافظ يحكي تفاصيل دقيقة أتت على كل الأحداث التي أعقبت ( عصيان نيسان المخجل).
وغادر ( ايلي) دمشق إلى
الأردن ولديه صورة كاملة عن كل هذه الأسرار فالتقي بالبيطار فى مدينة الخليل وكان رئيس الوزراء السابق شديد التردد فى العودة لإنقاذ
أمين الحافظ مما يتلظي فيه غير أن ايلي استنجد بأوضاع الحزب وحاجاته الملحة إلى عودة أقطابه من رجال الحكم إلى دمشق ونزل البيطار أخيرا عند رأي ايلي وطار الرجلان إلى دمشق وبعد أن عاد البيطار إلى السلطة عاد
ميشيل عفلق من منفاه الاختياري فى أوربا .
لقد قام ايلي ( كامل أمين ثابت) المواطن الأرجنتيني الذي عاد ليعيش فى أرض أجداده
سوريا خدمات ل
إسرائيل جعلتها توجه ضربات شديدة الضراوة وعلى درجة فائقة من الدقة حتي تأكد السوريون أن هذه الضربات لا يمكن أن تكون بغير وصول معلومات عن الأهداف المضروبة.
وقيل : إن هذه النتيجة جعلت أجهزة مكافحة التجسس تنشط خاصة بعد وصول جهاز جديد من روسيا للكشف عن أجهزة الإرسال الموجودة داخل
سوريا !!.
وفى يناير عام
1965 عقد اجتماع حضره رئيس المخابرات العسكرية ورئيس قوي الأمن الداخلي للبحث فى استخدام الجهاز السوفيتي الجديد الذي وصل مؤخرا إلى دمشق .
وفى يوم التجربة اكتشفت ذبذبات غريبة ومنعزلة وخلال دقائق كانت وحدتان من وحدات تحري الإشارات تتجهان بسرعة إلى حي ( ابو رمانة) حيث يقيم ( ايلي كوهين ) واستطاعوا أن يحددوا أن الجهاز الذي يرسل هذه الذبابات يوجد فى الدور الرابع .
شنت الغارة على منزل ( ايلي) فى دمشق وضبط وهو فى حالة تلبس .. واكتشفت كل الأجهزة التي كان مزودا بها .
وهناك قول آخر فى اكتشاف الجاسوس ( ايلي كوهين ) ال
إسرائيلي الجنسية ال
مصري المولد الذي استطاع أن يصل إلى مركز القيادة القطرية فى
حزب البعث واكتسب ثقة أقطابه هذا القول هو : إن رجال المخابرات ال
مصرية هم الذين اكتشفوا شخصية ايلي كوهين من صورة فوتواغرافية.
أخذت له أثناء مرافقته للفريق على على عامر عندما زار الجبهة السورية إنني أتوقف هنا لأن بقية ما جاء فى الكتاب لا يهمنا فقد حقق مع ( ايلي) ونفذ فيه حكم الإعدام والعجيب أن قضاة أيلي كانوا أعز أصدقائه واللذين مكنوه من أسرار
سوريا بحيث كانت بالنسبة للإسرائيليين ككتاب قرءوه ووعوه جيدا.. حتي كانت حرب حزيران (
يونيو) وكانت خيانة
تسليم الجولان التي سنتكلم عنها فى الفصل القادم لنلقي مزيدا من الأضواء على جرائم
حزب البعث ودوره فى المؤامرة على الشعب السوري المسلم بل وعلى الأمة العربية المسلمة!!
ملاحظة أخيرة :
لم يكن إيلي كوهين هو الجاسوس
اليهودي الوحيد الذيلى كان يحكم
سوريا من خلال ( الدمي) التي تسمي قيادة
حزب البعث ولكن ايلي كوهين هو الجاسوس الذي اكتشفته المخابرات ال
مصرية فأجريت له محاكمة سريعة وأعدم دون أن يصيب عملاءه الذين جندهم فى الحرب فى شتي المجالات شئ.
يضاف إلى ايلي كوهين ممن اكتشف دوره خلال حكم البعث .
1- أحمد رباح يهودي مغربي وأمين فرع الحزب في دمشق الذي غاب فجأة عقب حرب
1967 وأسدل الستار عليه.
2- خالد الجندي الذي أصبح رئيس اتحاد نقابات العمال فى
سوريا وطالب الحكومة بان تسمح له ليأتيها برءوس العلماء بعد حوادث عام
1964 فى دمشق وحمص وحماه . وقد تبين أنه جاسوس يتعامل مع جاسوسة يهودية تزوره فى ميناء اللاذقية .
3- وهكذا قادت
إسرائيل سوريا إلى حيث أرادت من خلال مجموعة الجواسيس اليهود والذين جندوهم من قيادات
حزب البعث أمثال
سليم حاطوم و
صلاح الضللي و
معزي زهر الدين , و
أمين الحافظ و
صلاح البيطار , و
ميشيل عفلق . بعث.... الخيانة!!
الذي يتأمل تاريخ الشعب السوري منذ انقلاب
حسني الزعيم الذي دبرته المخابرات الأمريكية وحتي تمكين الطائفة النصرية بزعامة
حافظ الأسد من حكم
سوريا يجد أن التمكين ل
إسرائيل وضمان أمنها هو الهدف من كل ما جري ويجري فى
سوريا من أحداث خلال تلك الحقبة السوداء .
لقد كان
حسني الزعيم يؤكد لأسياده الأمريكان ( أنه ينوي اتخاذ الوحيد الإجراءات الإيجابية لإنهاء النزاع العربي ال
إسرائيلي) وكان الإنجاز الوحيد الذي أنجزه
حسني الزعيم هو عقد اتقافية ( الهدنة) مع
إسرائيل عقب نكبة عام
1948.
كما أن سلسلة الانقلابات العسكرية التي أعقبت انقلاب
حسني الزعيم كانت كلها صناعة أمريكية وسارت كلها فى نفس الطريق الذي سار فيه حسني الزعيم وكان (الجيش السوري , هو المستهدف من كل تلك الانقلابات ففرغ من العناصر الوطنية الشريفة بالتسريح والتشريد والطرد والسجن والاعتقال والإعدامات أحيانا لأن
الجيش السوري كان بمثابة ( القلعة) الحصينة التي تقف عقبة كئودا فى طريق المخطط الإمبريالي الصليبي والصهيوني وخاصة أن الشعب السوري كان هو الشعب الوحيد الذي لم يفلح الحكمان التركي والفرنسي فى إذلاله وترويضه ) كما يقول مايلز كوبلاند عميل المخابرات الأمريكية: لقد نجح المخطط الأمريكي فى المنطقة وحقق أهدافه التي أولها : ( تمكين
إسرائيل وتأمين وجودها) عن طريق الانقلابات العسكرية التي اجتاحت المنطقة والتي أثمرت تلك الثمار المرة التي تجنيها الشعوب الأمة العربية وكنت هزيمة
يونيو عام
1967 هي ذروة المأساة التي صنعتها تلك الأنظمة .. ولم تكن هزيمة
يونيو التي لا مثيل لها فى تاريخ الأمة العربية
الإسلامية وربما فى التاريخ البشري كله نتيجة التخريب والتدمير والهدم الذي أوقعته تلك الانقلابات بالشعوب العربية إنما كانت ( الخيانة) هي العامل الحاسم فى تحقيق الهزيمة.. خيانة النظم العسكرية التي أقيمتها فى المنطقة وبصفة خاصة فى
مصر وفى
سوريا !! وليس هذا استنتاجا منا ولا اتهاما جزافيا ولكنه ( الحقيقة ) التي اعترف بها رفاق
عبد الناصر (
حسن التهامي –
حسين الشافعي –
صلاح نصر) وبعض قيادات
حزب البعث السوري أمثال الدكتور
سامي الجندي !!
وربما كان (
سقوط الجولان) خير شاهد على خيانة
حزب البعث وسوف أعرض مجموعة من الملاحظات مستقاه كلها من كتاب : (
سقوط الجولان) الذي ألفه ضابط استخبارات الجولان قبل الحرب والذي كان سببا فى اعتقاله واختفائه!!.
لقد علمت فى الفصل السابق أن إسرائيل قد شاركت فى انقلاب 8 آذار سنة
1963 عن طريق رجلها ( إيلي كوهين ) الجاسوس الذي تسمي باسم ( كامل أمين ثابت) استطاع أن يرتقي فى
حزب البعث إلى أن وصل إلى عضوية القيادة القطرية ورشح وزيرا للإعلام مرة ونائبا لوزير الدفاع مرة ثانية .
,قد أشرف ( ايلي كوهين) ال
إسرائيلي الجنسية ال
مصري المولد على إذاعة البيانات الأولي للإنقلاب وقد استطاع ( ايلي كوهين) أن يحكم
سوريا من خلال علاقاته بأقطاب
حزب البعث وخاصة رئيس الجمهورية أمين حافظ ورئيس الوزراء
صلاح البيطار ورئيس الحزب
ميشيل عفلق بل كان ( الموساد) جهاز المخابرات الإسرائيلي هو الذي يرسم الخطط ( لإيلي كوهين ) ويصدر له الأوامر صباح مساء ويتلقي منه التقارير أى أن الموساد كان يحكم
سوريا عن طريق إيلي كوهين الذي كان ينفذ مخططات تل أبيب عن طريق ( ارتقائه إلى أعلي المستويات ومن مركز القوة من منطلق السلطة ) حيث يستطيع أن يوحي وأن يوجه وأن يؤثر وأن يضغط لتنفيذ التعليمات التي يتلقاها على الدوام وهو ف كل يوم يعطي تل أبيب المعلومات ويتلقي التعليمات مستغلا أبرع استغلال علاقاته وصلاته الشخصية والحزبية.
وقد استطاع إيلي كوهين أن يجعل من
سوريا كتابا مفتوحا أمام المسئولين الإسرائيليين فقد فتحت أمامه كل الأبواب ولم يبق هناك فى
سوريا سر لم يعرفه حتي الأماكن التي كانت محرمة كان ( ايلي) يذهب إليها وقد زار جبهة الجولان أكثر من مرة مع صديقه
سليم حاطوم واستطاع فى هذه الزيارة أن يحصل على أدق الأسرار العسكرية وأن يلتقط الصور الفوتوغرافية للسلاح وللرجال على السواء !!.
وقبل أن تكتشف فضيحة ( ايلي كوهين ) وتقديمه للمحاكمة وإعدامه عام
1965 أي قبل وقوع هزيمة حزيران بعامين اثنين فقط كان ( المسئولون الإسرائيليون) يعرفون عن طريق ( الموساد)ما وصلت إليه الأوضاع داخل الشعب لسوري وداخل الحكومة السورية وداخل
الجيش السوري .
أضف إلى هذا أن هناك احتمال وجود إيلي كوهين آخر.. أو كواهين آخرين اضطلعوا بالمهمة بعد إعدام ايلي كوهين , خاصة أنه لم يصب أحد من أعوان ايلي كوهين داخل الحزب وداخل الحكومة وداخل
الجيش السوري بأي سوء بل إن الذين كانوا علي علاقة به قد رقوا إلى رتب أعلى بعد ذلك !!.
وقد سبق أن تكلمنا فى فصل سابق عن تفريغ
الجيش السوري من طاقاته واستنزاف هذه الطاقات عن طريق تسريح كبار الضباط وخاصة العناصر الشريفة فيه والتخلص من كثير من الضباط عن طريق الإعدام أو السجن أو الطرد والتشريد.
وقد كان ل
حزب البعث السوري بعد توليه حكم
سوريا عن طريق انقلاب 8 آذار سنة
1963 نصيب الأسد ى صناعة مأساة
الجيش السوري .
يقول مؤلف كتاب (
تسليم الجولان) عن تسريحات
حزب البعث لضباط
الجيش السوري بعد استيلائه على السلطة .
(.... ثم تتابعت النشرات : تسرح وتحيل إلى التقاعد وتنقل إلى الوظائف المدنية حتي بلغ مجموع الضباط الذين أخرجوا من الجيش حتي آيار (
مايو) عام
1967 ما لا يقل عن ألفي ضابط مع عدد لا يقل عن ضعفه من ضباط الصف القدامي والجنود ولزيادة تعميق الجريمة ولذر الرماد فى العيون لئلا يقال : أنهم يسرحون الجيش استبدل بالذين أخرجوا من الجيش وخاصة الضباط أعداد كبيرة جدا من ضباط الاحتلال الذين سبق لهم أداء خدمة العلم وجميعهم تقريبا من البعثيين وأكثريتهم من أبناء طائفة العلويين .
وبذلك أصبح الجيش مؤسسة بوليسية لقمع الحريات والتنكيل بالشعب لا جيشا قادرا على صون الحدود والدفاع عن أرض الوطن).
سقوط الجولان
===
ويسوق مؤلف كتاب(
سقوط الجولان) عددا من الأدلة والبراهين على خيانة نظام
حزب البعث الحاكم فى
سوريا ز.. نلخصها فيما يلي:
1- فرغم أن
سوريا كانت هي الطعم الذي ابتعله
عبد الناصر او اتخذه مبررا لإغلاق مضيق نيران وطلب سحب قوات الطوارئ الدولية وقد الجيش ال
مصري فريسة سهلة لإسرائيل إلا أن الحكومة البعثية لم تعلن التعبئة العامة ولم تعبئ سوي ثلاث لوءات كلهم من الاحتياط .
2- قبل الحرب مباشرة اتخذت الحكومة البعثية عددا من الإجراءات التي تمكنها من تنفيذ مؤامرة
تسليم الجولان من هذه الإجراءات أنها رحلت عائلات أعضاء
حزب البعث العسكريين من جبهة الجولان وحملت هذه العائلات كل أمتعتها بما يؤكد إنها لن تعود مرة ثانية غلى المنطقة .. سحبت أسلحة المقاومة الشعبية وتركت سكان منطقة الجولان عزلا من السلاح فى وجه خصم متفوق.. لم توزع الأسلحة على الألوية الاحتياطية إلا قريبا من قواعد الانطلاق للهجوم ب1-2كم لعدم ثقتها بهذه الألوية والخوف من أية محاولة لإسقاط الحكم البعثي القائم فى دمشق .
أكثر من هذا فقد وضعت هذه الألوية الاحتياطية المهلهلة فى الخطوط الأولي لتتلقي الصدمة من العدو .. سحب أطعمة الطوارئ من الجيش بحجة تبديلها فكان أن انقطع التموين وجاءت القوات خمسة أيام خلال الحرب) وبالتحديد منذ حوالي ثلاثة أسابيع قبل الحرب أصدرت قيادة الجبهة أمرا بسحب جميع أطعمة الطوارئ بحجة استبدالها بأطعمة جديدة ومرت الأيام التي سبقت الحرب دون تزويد للقوات المدافعية نوع من أطعمة الطوارئ واقتصر تزويدها بالطعام على الأسلوب اليومي المعتاد حتي إذا ما وقعت الواقعة قام الطيران الإسرائيلي بقصف مراكز التموين وأماكن الطبخ وآليات التموين المتحركة على الطرقات انقطع مورد الطعام الوحيد عن القوات وبقيت طيلة أيام 5, 6, 7, 8
يونيو بلا طعام ولا ماء هذا عن القوات الموجودة فى الجولان .. أما القوات التي حشدت للهجوم فلم يكن حالها أحسن فلم تزود بطعام جاف وحين انقطع التموين أصابها ما أصاب أختها من جوع وظمأ وهنا يكمن احد الأسرار المذهلة التي تعطي تفسيرا عن السهولة التي دخلت بها قوات العدو أرض الجولان المنيع دون ما مقاومة تذكر!!.
أضاف إلى هذا أن القوات السورية لم تبدأ الحرب إلا بعد 22 ساعة من بدء إسرائيل القتال بل أخذت القوات السورية وضع الترقب واكتفت بالبلاغات الكاذبة.
أكثر من هذا أن الطيران السوري لم يظهر فى سماء المعركة بشكل حاسم وكل ما قام به هو طلعات متفرقة نفذتها مجموعات تتألف كل منها من أربع أو ست طائرات اتجهت نحو
فلسطين المحتلة يوم 5 حزيران.. وبعد هذا وطيلة أيام الحرب اختفي الطيران ولم يظهر إلا بعد انتهاء الحرب حدث هذا رغم مطالبة القيادة
الأردنية باشتراك الطيران السوري مع طيران
الأردن فى قصف المطارات والقواعد الإسرائيلية خلال عودة طيران
الأردن فى قصف المطارات والقواعد الإسرائيلية خلال عودة الطائرات الإسرائيلية من هجومها على
مصر صباح 5 حزيران وهي مجهدة وقد نفذ وقدها وذخيرتها وقد كررت القيادة
الأردنية هذا الطلب أكثر من ثلاث مرات وفى كل مرة كان
حزب البعث يتهرب ويدعي أعذار واهية .
أما الطامة الكبري التي وقعت فكانت فى الهروب الكبير وقصة هذا الهروب كما يرويها ضابط استخبارات جبهة الجولان ( منذ مساء يوم الخميس 8 حريزان بدأت الشائعات تسري سريان النار فى الهشيم عن أوامر صدرت بالانسحاب وبدلا من أن يملك القادة أمرهم ويضبطوا أعصابهم ويبقوا فى أماكنهم ينفذون واجبهم ... بدأ قسم من الضباط – حتي القادة – الانسحاب ولكي تشيع الجريمة ساهموا بنشر تلك الشائعات عن أوامر صدرت من القيادة العامة تنص على الانسحاب كيفيما !! ويا لهول ذلك الذي حدث :
1- قائد الجيش اللواء [[
أحمد سويداني]] انهزم عن طريق ( نوي) إلى دمشق تاركا وحدات الجبهة ووحدات دون قيادة واقعة فى حيرة من أمرها وقادتها لا يدرون ماذا يفعلون وقبل هروبه أصدر أوامره إلى العقيد سعيد الطيان بالتراجع إلى موقع خلفي .
2- قائد الجبهة العقيد أركان حرب
أحمد المير غادر الجبهة فارا على ظهر حمار لأنه لم يجرؤ على الفرار بواسطة آلية عسكرية لأن الطيران الإسرائيلي كان يقضي على كل آلية يراها مهما صغر شأنها ولكن الحمار عجز عن متابعة الحلة فتخلي عنه
أحمد المير وأكمل الرحلة على قدميه فارا إلي دمشق فلم يصلها إلا وقد تورمت قدماه .
3- اتصل عدد من الضباط بقائد الجبهة قبل فراره فرفض التصرف وقال لهم بالحرف الواحد : ( أنا لست قائد جبهة اتصلوا بوزير الدفاع) ( وكان وقتئذ
حافظ الأسد) فأقيم الاتصال مع وزير الدفاع بواسطة الأجهزة اللاسكلية وجرت الاتصالات بين قمر1, وقمر 2 فأجاب وزير الدفاع : أنه قد أخذ علما بالوضع وأنه قد اتخذ الإجراءات اللازمة.
وانفرط عقد السيطرة القيادية الذي كان ينظم الوحدات كلها أخذ كل من القادة الصغار يتصرف حسب هواه وأعطوا الأوامر لجنودهم بالهروب والقلائل جدا – وهم من غير البعثيين صمدوا وقاتلوا. لقد بدأ الهروب الكبير منذ مساء الخميس 8
يونيو وبدأ يستشري ويتسع ويمتد حتي بلغ ذروه تفاقمه يوم السبت 10 حزيران (
يونيو) ولم يك جند العدو قد رأوا بأعينهم بعد أرض القنيطرة .. التى أعلن سقوطها !!.
ولقد كان القادة أول الفارين .. وأول من تبعهم وحدات الدبابات وخاصة اللواء السبعين بقيادة المقدم
عزت جديد والكتائب التى يقودها كل كل من المقدم
رئيف علواني والنقيب
رفعت الأسد التي تركت ساحة القتال وعادت إلى دمشق لتحمي الثورة , والضباط الحزبيون على اختلاف رتبهم تركوا قواتهم وفروا إلى القيادة لحضور اجتماع حزبي هام !!
ثم .. صدر البلاغ المشئوم .. من إذاعة
حزب البعث فى دمشق يوم السبت 10 حزيران الساعة التاسعة والنصف صباحا يعلن سقوط القنيطرة بيد قوات ويحمل توقيع وزير الدفاع – اللواء
حافظ الأسد ويحمل رقم 66.
ويقول صاحب كتاب سقوط الجولان :
( ورغم كل ما اشرنا إليه من جرائم مدبرة وخيانات مرتكبة وهروب كبير كبير فى صفوف القوات المدافعية فإن العدو – رغم قوته المحترفة- لم يستطع التقدم بحرية تامة ...)
( ولقد أذيع البلاغ المجرم يعلن سقوط القنيطرة بينما كانت أقرب قوات متقدمة إليها تشتبك مع مقاومات بطولية فردية البعث من نقطة القلع وتل شيبان...)
( وكان للبلاغ المذكور فعل رصاصه الخلاص فانهارت القوي المعنوية الجبارة ...)
( وبعد إعلان سقوط القنيطرة – كذبا وبهتانا – غادر دمشق أعضاء الحكومة والحزب ( بقيادته كلها ) والجيش ( بجميع ضباطه البعثيين) وأخذت أرتال الآليات ( عسكرية مدنية) تتابع وتتدافع على طريق دمشق- حمص حاملة فى بطونها النساء والأطفال والضباط والقادة ( المسوخ) من رجال
حزب البعث تاركين دمشق مفتوحة الأبواب مكشوفة الصدر والظهر والجوانب نهيا لكل غاز وخلوا من كل حارس وجالت السيارات تحمل مكبرات الصوت تثقل الأسماع بندائها المشئوم ( ممنوع التجول) وفى الوقت نفسه اهتبل بعض لصوص الحزب الفرصة ونهبوا ما استطاعوا نهبه من أموال البنك المركزي فى دمشق بحجة أن نقل الاحتياطي الذهب واجب ( قومي)!!.
لقد كان البلاغ رقم 66 الذي أصدره وزير الدفاع وقتئذ اللواء
حافظ الأسد يعلن سقوط القنيطرة قبل أن تراها عيون الإسرائيليين بمثابة كلمة النهاية فى مسرحية الخيانة التي سلمت فيها جبهة الجولان التي كان يطلق عليها ( خط ماجينو السوري المشهور الذي كلف البلاد أكثر من ثلاثمائة مليون دولار لتحصينه وتجهيزه بأحدث المعدات والذي اشتهر عنه بأنه لا يؤخذ .. هذا الخط سقط بأيدي القوات ال
إسرائيلية خلال 48 ساعة فقط )
وقد وصفت مجلة تايم جبهة الجولان قبل سقوطها فى أيدي إسرائيل أن
سوريا تسيطر على سلسلة من التلال الصخرية الشديدة الانحدار تمتد لمسافة أربعين ميلا وتشرف على سهول منكشفة للنيران وعلي جوانب التلال خطوط دفاعية مستقلة بعضها فوق بعض وكل خط منها تحميه ثلاث طبقات من الألغام وأسلاك شائكة واستحكامات منيعة ولوصول إلى الطبقة العليا يجب عبور تسعة خطوط ( ماجينو مصغرة ) فهل يمكن أن تسقط الجولان فى أيدي الإسرائيليين بهذه السهولة ودون قتال إلا إذا كانت هناك ( خيانة) ..؟!
والغريب أن عدد القتلي من
الجيش السوري لم يتجاوز ال250 قتيلا كما لم يتجاوز عدد الجرحي 300 بينهم عدد من الضباط وحوالي سبعة أطباء . فى الوقت الذي فقدت فيه
مصر عشرات الألوف !!.
أما الأسلحة فقد دمر العدو المدفعية بكاملها والمدافع المضادة للدبابات والطائرات ذهبت كلها بين مدمر أو غنيمة والمدفعية الصاروخية أصبحت كتلا من الحديد الأسود المحروق وقد نقل مؤلف كتاب
سقوط الجولان عددا من النصوص تدعم ما قدمناه من أدلة على خيانة
حزب البعث منها :
قبل الحرب بما يقارب الأربعين يوما وفى إحدي السهرات الليلية وقف مسئول حزبي كبير جدا يتبجح ويقول : (بالأمس كنا فى اجتماع هام , وقد قررنا السعي بكل وسيلة لتوريط
عبد الناصر بالحرب مهما كانت النتائج حتى ولو كان ثمن ذلك ضياع الجولان... نحن لا يهمنا إلا توريط
عبد الناصر وكشفه أما الرأي العام العربي وإسقاطه وعندها سنبقي ( يعني
حزب البعث) قادة الثورة العربية بلا منافس ).
وتتحدث ألسنة المطلعين فى أوساط السوريين عن أمر ذى أهمية بالغة :
يقول الملازم أول (...) عضو الوفد السوري إلى لجنة الهدنة المشتركة ما يلي : ( إنه استدعي إلى مكتب
يوسف زعين رئيس الوزارة البعثية بتاريخ 9 حزيران
يونيه عام
1967 الساعة العاشرة ليلا فوجد عددا من أفراد لجنة الرقابة الدولية فى مكتب الزعين برفقة السفير (.....) فى دمشق فكلف الضابط المذكور بالترجمة بين رئيس الوزراء ومخاطبيه قال السفير : إذا لم تسحب القيادة السورية قواتها من الجولان فإن القوات الإسرائيلية لن ترتضي هدفا يتوقف زحفها عنده إلا دمشق.
وهنا سأل زعين : وما هي الحدود التي تريد إسرائيل الوقوف عندها ؟!
أجاب السفير : هل عندكم خريطة ؟!
فأبرز الملازم الأول المذكور خريطته وهنا وضع السفير عددا من النقاط التي يجب أن يمر بها خط الحدود الجديد وتتوقف عنده القوات الإسرائيلية إذا قامت السلطات البعثية بسحب قواتها خارجا عنه .
وافق الدكتور زعين ) يقول الملازم الأول المترجم ): ووعد السفير بتحقيق ما طلب وغادر الجميع مكتب رئاسة الوزراء على هذا الأول.
وفى الساعة التاسعة النصف من صباح اليوم التالي صدر بلاغ سقوط القنيطرة!!..
ويقول الدكتور
سامي الجندي وزير الإعلام البعثي فى أول وزارة بعثية بعد انقلاب 8 آذار عام
1963:
( لم أخف أبدأ أن الحكم يعد لهزيمة لا لاسترداد
فلسطين ).
(..... من يعد إلى الصحافة ويقرأ ما حدث بين عامي
1965,
1967 يتبين الإلحاح على الحرب دون إعداد عسكري أو تنسيق سياسي. لم يكن يعنيهم أبدأ أن ذلك مستحيل وما كانت التقارير التي بين أيديهم تدع مجالا للشك..)
وقد كان
جمال عبد الناصر أكثر ذكاء من قيادات
حزب البعث فقد تصرف بذكاء إذ استطاع أن يحمل غيره أوزراه فقدم أركان نظام حكمه إلى المحاكمة وقتل أخلص أصدقائه رجاله و أما
حزب البعث قد تصرف بغباء حيث كافأ كل الذين شاركوا فى مسرحية الخيانة .. وكان
حافظ الأسد وزير الدفاع وقتئذ وصاحب البلاغ رقم 66 الذي سلم فيه الجولان بدون قتال هو الذي فاز بنصيب الأسد ومكن هو وطائفته من مقاليد الحكم وبقي فيه حتي الآن .
أما
أحمد سويدان قائد الجيش الذي كان أول الفارين فقد استمر فى منصبه بعد النكبة قرابة ستة أشهر قم أزيح من منصبه لأن القيادة
الطائفة النصيرية ترث حزب البعث
============
قلت فى الفصل السابق : إن هزيمة حزيران (
يونيو) سنة
1967 كانت نتيجة خيانة النظامين الحاكمين فى
سوريا و
مصر : نظام
حزب البعث .. ونظام
جمال عبد الناصر . هذا ما اعترف به بعض رجال النظامين . وقلت : إن
جمال عبد الناصر كان أكثر ذكاء من قادة
حزب البعث فقد استطاع أن يحول أصابع الاتهام عن شخصه ووجها إلى أخلص أعوانه وعلى رأسهم رفيق عمره المشير عبد الحكيم عامر الذى قيل : إنه انتحر وكل القرائن تدل على أنه أرغم على الانتحار, وهناك من يقول : إنه قتل وذكر محمد
حسن التهامي أن
جمال عبد الناصر اعترف له أن المشير عامر قد تناول السم فى مكتب
جمال عبد الناصر نفسه وقدم أركان نظامه أمثال شمس بدران ..و
صلاح نصر.. إلى محاكمة مسرحية سميت بمحكمة النكسة وثارت الجماهير على الأحكام التى أصدرتها المحكمة على قادة سلاح الطيران لأنها لم تكن تتناسب مع الجريمة التى ألصقت بها !!.
وأعيدت المحاكمة ورفعت الأحكام !!
وبذلك استطاع
جمال عبد الناصر أن يبعد عن نفسه تهمة الخيانة ليبقي فى الحكم ثلاث سنوات بعد أبشع هزيمة فى تاريخ
مصر وتاريخ الأمة العربية ويبو أن القوي التي تحرك الدمي العملية التي أدت دورها بعبقرية وبصفة خاصة شخصية الزعيم الخالد أرادت أن يبقي
عبد الناصر – صنما تعبده الجماهير الغافلة العمياء حتي بعد موته مثلما فعلت مع شبيه
مصطفي كمال أتاتورك رقم واحد والرجل الأنموذج لعمالة العسكر!!.
أما
حزب البعث فلم يفعل ما فعله
عبد الناصر بل فعل العكس تماما فلم يقدم أحد من العسكريين لمحاكمة ولم يكلف خاطره بإجراء أى تحقيقات ولكن سارت الأمور كأن شيئا لم يكن وكأن هزيمة بشعة لم تقع! لقد رقي الذين نفذوا المؤامرة القذرة التى انتهت ب
تسليم الجولان وعلى رأس هؤلاء وزير الدفاع الذي أذاع البلاغ رقم 66 الذي أعلن فيه (
سقوط الجولان ) بأيدي اليهود قبل أن تسقط ب22 ساعة اللواء
حافظ الأسد الذي رقي إلى رتبة فريق ومكن بعد ذلك من حكم
سوريا ليقوم بتنفيذ بقية المؤامرة التي وضعت خطوطها الصليبية
الإمبريالية و
الصهيونية العالمية !!
وبعد الهزيمة استطاعت الطائفة
النصيرية , وعلى رأسها
حافظ الأسد أن تبتلع
حزب البعث وتتخلص من كل الطوائف الأخري التي كانت تشاركها فى الحزب ففي 17 تشرين الثاني (
نوفمبر) عام
1968 أى بعد الهزيمة التى انتهت ب
سقوط الجولان بعام واحد قام
حافظ الأسد بما سماه حركة تصحيحية وأودع الأتاسي وجديد وزعين السجن وأظهر الطاغية الخائن للشعب السوري حرصه على الحرية وقتئذ ووعد بالدستور ثم أصبح رئيسا للجمهورية عام
1970 أثر انتخابات صورية مزيفة لم يشارك الشعب فيها عدا طائفة دفعها الخوف من المخابرات أو الحرص على المصلحة ! ومنذ استيلاء الأسد على الحكم بدأت مرحلة جديدة سيطرت فيها هذه الطائفة المعروفة بخيانتها للإسلام وبعمالتها للاستعمار وبعطفها على اليهود !!.
ولابد لنا من وقفة لنلقي الضوء على تاريخ هذه الطائفة وعقائدها ومخططاتها َ!.
الطائفة
النصيرية واحدة من الفرق التي انسلخت من
الإسلام واستبدلت به دبنا من صنع الناس ومنذ قرون اتخذت من الساحل السوري مقرا أساسيا لها وقلما اغتربت عنه إلا فى مناسبات طارئة وفى أمواج قليلة استقر بعضها حول مدينة حلب لكنها فى العهد الحاضر ومنذ الانقلاب البعثي فى 8 آذار عام
1963 انطلقت خارج معاقلها وأحاطت بمدن رئيسية فى
سوريا وخاصة حول حمص وطرطوس واللاذقية وكثروا فى دمشق وحماه .
أما عن الجذور التاريخية للطائفة وأصولها العقائدية فيحدثنا عنها أحد شيوخ
النصيرية الذى كشف الأسرار الخطيرة للطائفة ونشرتها مجلة المجتمع
الكويتية فقال :
( تاريخ الباطنية فى
الإسلام يرمز من طرف خفي إلى أولئك الغلاة أصحاب البدع الذين تبرأ منهم جعفر الصدق على رءوس الأشهاد قبل وفائه عندما شعر بخطر الأفكار التي راحوا يبشرون بها على
الإسلام ووحدة الصف
الإسلامي ).
وبعد وفاة الإمام جعفر الصادق استطاع هؤلاء أن يتلاعبوا فى صفوف الشيعة ففرقوا شملها وجعلوها فرقا وأحزابا يتزعم كل منهم إحداها ويضع لها الأسس والمبادئ التي تتفق ع ميوله والغاية التي يهدف إليها والهادفة غلى تقويض دعائم
الإسلام ومن هؤلاء :
1- ميمون القداح الديصاني اليهودي الفارسي مؤسس الفرقة الميمونة وواضع المبادئ القرمطية الهدامة.
2- المفضل الجعفي أصل كل رواية باطنية ومؤسس الفرقة المفضلية الغالية .
3- أبو الخطاب المجوسي الذى يمت بصلة القربي لحد الكهان اليهود في البصرة ولما شعر الإمام جعفر الصادق بأنه استطاع أن يغوي ولده إسماعيل بن جعفر تبرأ منه ونزع ولاية العهد عن والده إسماعيل وبالرغم من كل هذا تمكن من إيجاد الفرقة الخطابية وساهم بوضع مبادئ الإسماعيلية والقرامطة.
4- محمد بن سنان خازن علم الباطن ومؤسس الفرقة السنانية .
( إن أصل الغلو والزندقة والتطرف هؤلاء الأربعة مجتمعين لأنهم كما يشتم من تاريخهم الأسود اعتنقوا
الإسلام وافتعلوا الولاء لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتغطية وليتمكنوا من تنفيذ المخطط اليهودي الهادف إلى تحطيم الدين
الإسلامي , هؤلاء هم الذين وضعوا الأسس والمبادئ العقائدية الباطنية الغالية وظلت الفرق التي نوهنا عنها آنفا تعمل بموجبها حتي عام 360 هجرية حيث أعلنت غيبة الإمام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري عندما ظهر من أحفاد هؤلاء شيخ آخر اسمه ( وحيد العين) يتمتع بذكاء خارق ودهاء منقطع النظير هو أبو شعيب بن نصير النميري الذي عكف على دراسة المبادئ والأسس لكافة الفرق الشيعية المتطرفة فصهرها جميعا فى بوتقه واحدة صاغ منها المعتقدات لنصيرية السرية التي لا يزال حتي يومنا هذا القسم الأكبر من المشايخ السذج يطبقونها وينطلقون منها فى وعظهم وإرشادهم ولقد حمل أبو شعيب هذا أو سيدنا ( وحيد العين) المحور الرئيسي الذي تدور عليه العقيدة إطلاق صفة الأولوهية على الإمام على بن أبي طالب رضي الله عنه وتسميته ( بأمير النحل) حيث شبه المؤمنين بالنحل وهو أميرهم كما منح نفسه لقب ( الباب) الذي يحل محل ( أمير النحل) ويمثله)!!
( ثم جاءه بعده الشيخ الجنبلاني والحلي والزاهري, وجبين المذهب الشيخ على الصوري , والخصيبي فأوجدوا المراتب والحجب والأظلة والقباب والنقبا , والنجبا ودعوا إلى عبادة الشمس والقمر والحلول ى حلول ( الألوهية ) فى أمير النحل وبأنها سلمان الفارسي وان سلمان خلق المقداد والمقداد خلق الناس لذلك فهو رب الناس أوجدوا الاجتماعات السرية والقداسات والصلوات التي تذكر بعضا منها.
مقتطفات من صلوات النصيرية :
( بسم الله الرحمن الرحيم قد فاز وأفلح من أمسي وأصبح بمعنوية مولاي على أمير المؤمنين الأنزع صلع والجلح ابتديت بأول إجابتي بالإقرار لقدس معنويته مولاي( أمير النحل) على حيدرة أبي تراب منه استفتح وفيه أحيا وأنجي وفيه أفوز وفيه أستغني وفيه أختم وهو ربي ورب آبائي الأولين ورب الآخرين ورب الخلائق أجمعين وأقول كما قال ( وحيد العين ) سيدي( أبو شعيب ) محمد بن نصير إلى يحيي بن معين السامري قال : إذا دهت فى الحياة ونزلت بك نازلة فى الممات فقل يا مولاي يا على بك استعنت وعليك توكلت يا دليل الأدلة).
وفى هذه العبارة ظاهر الغلو والحلولية فى معتقدات
النصيرية وليس بعد هذا الكفر كفر!!
والمطلع على عقيدة
النصيرية المتتبع لمنابعها يعلم بيقين أنها منحدرة من ثلاثة مصادر هي : النصرانية و
الماسونية و
المجوسية ففيها من النصرانية التثليت إذ نقدس من الأشخاص ثلاثة هم : على ويسمونه المعني والاسم ثم الحجاب وهو محمد صلى الله عليه وسلم ثم سلمان ويطلقون عليه اسم ( الباب) ولذلك الرمز المقدس لكل نصيري هو ( عين,ميم, سين) وهم شديدو التمسك بهذا الرمز المقدس حتي لا يكادون يحنثون إذا حلفوا به , وقد أخذت
النصيرية من
الماسونية بعض الخصائص وبخاصة السرية واستبعاد المرأة ورموز التعرف فالنصيري كتوم لنحلته لا يبديها إلا لأهلها ويعتبر التقية أساسا لدينه فيتظاهر ب
الإسلام وقد يداوم على الصلاة مع المسلمين حتي يحسبوه منهم ولا تنكشف لهم حقيقته إلى حين يدعونه إلى التبرؤ من كل دين يخالف دين
الإسلام . والنصيري يحجب دينه عن المرأة فتنشأ على غير دين ويبالغ فى اقصائها عن اجتماعاته الدينية كشأن الماسون فى عدم إشراكهم المرأة فى نحلتهم قبل التطور الأخير .
أما
المجوسية فتتجلي فى إيمان النصيري بالتناسخ الذي يقوم على إنكار البعث والجنة والنار.
ومن المعروف أن اسم ( العلوية الذيى يتمسح به النصيريون لمك يكن معروفا قبل عام
1930 حينما اخرعته لهم فرنسا التي أنت تحتل بلاد الشام (
سوريا و
لبنان) وسمت جبال
النصيرية ب العلويين وأقامت لهم فترة من الزمن دولة تحمل هذا الاسم كما جعلت لهم إلها يعبدونه هو ( سليمان المرشد ) الذى أعدم فى عهد وزارة
صبري العسلي فى بداية عهد الاستقلال ولا يزال أبناء المرشد يتوارثون الإلوهية حتى الآن .
" أما التاريخ الأسود للطائفة
النصيرية فيسجله الإمام ابن تيمية فى إجابته على سؤال العلامة المحقق أحمد بن مري الشافعي .. وجواب ابن تيمية هذا هو القول الفصل فى عقيدته هذه الطائفة الحاقدة على
الإسلام والمسلمين ..
جواب ابن تيمية
النصيرية أكفر من اليهود والنصاري والمشركين
يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله عليه :
( الحمد لله رب العالمين هؤلاء القوم المسلمون ب
النصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من لليهود والنصاري بل وأكفر من كثير من المشركين وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت ).
وهم فى الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ولا بأحد من المسلمين قبل محمد صلى الله عليه وسلم ورسوله عند علماء المسلمين يتأولونه على أمور يفترونها يدعون أنها علم الباطن من جنس ما ذكره السائل .
النصيرية ملاحدة لا دين لهم
فإنهم ليس لهم حد محدود فيما يدعونه من الإلحاد فى أسماء الله تعالي وآياته وتحريف كلام الله تعالي ورسوله عن مواضعه , إذا مقصودهم إنكار الإسمان وشرائع
الإسلام بكل طريق مع التظاهر بأن لهذه الأمور حقائق يعرفونها من جنس ما ذكر السائل ومن جنس قولهم : إن ( الصلوات الخمس) معرفة أسرارهم ( والصيام المفروض ) كتمان أسرارهم ( وحج البيت العتيق ) زيارة شيخهم وأن يدي أبي لهب هما ابو بكر وعمر ( وأن النبأ العظيم والإمام المتين) هو على بن أبي طالب .
النصيرية أعداء الإسلام وكفار وزنادقة
ولهم فى معاداة
الإسلام وأهله وقائع مشهورة وكتب مصنفة فإذا كانت لهم مكنة سفكوا دماء المسلمين كما قتلوا مرة الحجاج وألقوهم فى بئر زمزم وأخذوا مرة الحجر الأسود وبقي عندهم مدة وقتلوا من علماء المسلمين ومشايخهم وأمرائهم وجنودهم مالا يحصي عدده إلا الله تعالي وصنفوا كتبا كثيرة مما ذكره السائل وغيره .
وصنف علماء المسلمين كتبا فى كشف أسرارهم وهتك أستارهم وبينوا فيها ما هم عليه من الكفر والزندقة والإلحاد هم به أشد كفرا من اليهود والنصاري ومن براهمة الهند الذين يعبدون الأصنام وما ذكره السائل فى وصفهم قليل من الكثير الذى يعرفه العلماء من وصفهم .
النصيرية هم السبب فى احتلال النصاري
ومن المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولي عليها النصاري من جهتهم وهم دائما مع كل عدو للمسلمين فهم مع النصاري على المسلمين.ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار. ومن أعظم أعيادهم إذا استولي والعياذ بالله تعالي النصاري على ثغور المسلمين ومازالت بأيدي المسلمين حتي جزيرة قبرص يسر الله فتحها عن قريب , وفتحها المسلمون فى خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فتحها معاوية بن ابي سفيان إلى أثناء المائة الرابعة .
النصيرية هم السبب فى سقوط القدس فى ايدي الصليبيين وهم السبب فى سقوط الخلافة العباسية
فهؤلاء المحادون لله ورسوله كثروا بالسواحل وغيرها فاستولي النصاري على الساحل .
ثم بسببهم استولوا على
القدس الشريف وغيره فإن أحوالهم كانت من أعظم الأسباب فى ذلك .
ثم لما أقام الله ملوك المسلمين المجاهدين فى سبيل الله تعالي كنور الدين الشهيد , وصلاح الدين , واتباعهما وفتحوا السواحل من النصاري ممن كان بها منهم , وفتحوا أيضا أرض
مصر فإنهم كانوا مستولين عليها نحو مائتي سنة واتفقوا هم والنصاري فجاهدهم المسلمون حتي فتحوا البلاد , ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة
الإسلام بالديار ال
مصرية والشامية .
ثم إن التتار ما دخلوا بلاد
الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم فإن مرجع هؤلاء الذي كان وزيرهم وهم النصير الطوسي كان وزيرا لهم , وهو الذي أمر بقتل الخليفة وبولاية هؤلاء .
للنصيرية أسماء أخري ولهم ألقاب معروفة عند المسلمين.
تارة يسمون الملاحدة.
وتارة يسمون القرامطة.
وتارة يسمون الباطنية.
وتارة يسمون الإسماعيلية.
وتارة يسمون
النصيرية.
وتارة يسمون الحزمية .
وهذه الأسماء منها ما يعمهم ومنها ما يخص بعض أصنافهم كما أن
الإسلام والإيمان يعمان المسلمين.
ولبعضهم اسم يخصه إما لنسب , وإما لمذهب , وإما لبلد , وما لغير ذلك وشرح مقاصدهم يطول.
ظاهر مذهبهم الرفض وباطنهم الكفر المحض