مؤتمر هرتسيليا الأمني.. أوراق إسرائيل الخطيرة التي لا تقرأ عربيًا
23 يونيه , 2016 - 3:20 ص
تحت شعار «أمل إسرائيلي رؤيا أم حلم؟»، عقد مؤتمر «هرتسيليا» السادس عشر، في الفترة بين 14 و16 يونيو (حزيران) الجاري، وما ميز النسخة الأخيرة من المؤتمر، أن شخصيات عربية شاركت في «العقل الجماعي الاستراتيجي المدبّر»، لدولة الاحتلال الإسرائيلي، كما يطلق عليه.
تحشد قيادات الدفاع والأم لدولة الاحتلال، في هرتسيليا سنويًا؛ لبحث السياسات الأمنية والدفاعية لها، وتقدم فيه تقويمات سنوية لنظرية الأمن الإسرائيلي، وترسم التصورات حول ما ينبغي للاحتلال أن يقوم به، لمواجهة التحديات التي تنتظره، مع التركيز على مفاصل السياسة الإسرائيلية، في الوقت الحالي.
والأخطر أن المؤتمر عادة ما يخرج بتوصيات بالغة الأهمية، يفاجأ الجميع فيما بعد بوقوعها، خاصة العالم العربي، الذي خُصص المؤتمر لرصد التطورات المتلاحقة فيه، واستشراف تداعياتها على الاحتلال الإسرائيلي، وتقدم في هذا المؤتمر العديد من الدراسات والأبحاث؛ الهادفة لإحباط «التهديدات الأمنية» الآتية من العالم العربي.
مؤتمر «هرتسيليا»..عقل«إسرائيل» المفكر
هو «العقل الجماعي الاستراتيجي المفكر في مستقبل إسرائيل» و«مرجع أساسي للحكومات الإسرائيلية في اتخاذ قراراتها العدوانية، وتحديد حروبها القادمة»، هكذا يوصف مؤتمر هرتسيليا الأمني، المؤسس عام 2000 بجهد مؤسس معهد السياسة والاستراتيجية «IPS»، وضابط الموساد السابق «عوزي أراد».
اختار عوزي أراد، ضابط جهاز الموساد الإسرائيلي لعقدين من الزمن، هذا الاسم تيمنا باسم «ثيودور هرتسل»، صاحب الرؤية الصهيونية الحديثة، والذي عمل من أجل أن تأخذ «دولته وشعبها» زمام مصيرهما، في تشكيل الأحداث والعمليات الحاسمة لمستقبليهما.
ويهدف القائمين على المؤتمر إلى مراجعة السياسات الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية للعام السابق، وتحديد معالم السياسات للعام المقبل، ومراحل أخرى قادمة، وهو يُعنى بتطوير وتعزيز الأمن القومي الإسرائيلي، وبحث السياسات الأمنية والدفاعية والعلاقات الخارجية لإسرائيل، وذلك بجهد التيارات اليمينية المتطرفة، التي أضحت تتمثل في مؤتمرات وأبحاث أكاديمية، تدعو إلى إعمال العقل، واستلهام تفكير النخب الإستراتيجية والأمنية لدولة الاحتلال وخارجها، من أجل تحديد الطرق والوسائل الأكثر نجاحًا؛ لمواجهة لائحة من التحديات الخطيرة والمصيرية تحدق بمستقبل ومصير الدولة العبرية.
ويمكنا تلخيص هدف هذه المؤتمرات في ما قاله «يسرائيل إلعاد ألتمان»، مدير البحوث في معهد السياسة والاستراتيجية، بمركز هرتسيليا متعدد المجالات، في مؤتمر هرتسيليا الخامس «يرسم المؤتمر جدول الأعمال الاستراتيجي للدولة العبرية، مشكلًا خلفية للبحث بالمقتضيات السياسية العملية؛ لغرض تحديد سلم الأولويات الوطنية الصهيونية».
ويرصد المؤتمر الجامع للنخب الإسرائيلية في الحكومة والجيش والمخابـــرات والجامعـــات من داخل دولة الاحتلال، ومن دول الحلفاء والدول العربية، الأخطار المحيطـــة بالاحتلال من الداخل والخـــارج.
هرتسيليا.. صناعة الوطن البديل للفلسطينيين على حساب مصر
واحد من أهم المنصات الإسرائيلية، التي سوقت لمشروع «سيناء وطن بديل»، لسكان قطاع غزة، هو مؤتمر هرتسيليا، إذ لم يقتصر عرض ومناقشة المشروع والتوصية به، كتوصية رئيسة على عام واحد، من أعوام المؤتمر الستة عشر، وإنما تكرر الأمر أكثر من مرة، وعلى مدار أكثر من عام.
ففي هرتسيليا عام 2002، دعا وزير البنى التحتية آنذاك، إيفي إيتام، لإقامة «دولة فلسطينية في شبه جزيرة سيناء»، معتبرًا ذلك الحل الأمثل، لأن سيناء «غنية وكبيرة وفارغة من السكان»، وفي العام التالي للمؤتمر، 2003، طرح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، الجنرال غيورا أيلاند، مشروعًا ينص على مقايضة ما تقدر مساحته بـ600 كيلومتر مربع، من الأراضي الزراعية في منطقة الأغوار الأردنية، ومن شمال سيناء المصرية، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وذلك مقابل نقل أجزاء من النقب الغربي، إلى قطاع غزة، و100 كيلومتر مربع، من جنوب البحر الميت إلى الأردن.
وفي العام التالي، 2004، عُرضت خطط تبادل الأراضي، ضمن الحل النهائي، ومن ضمنها خطة تسوية، يقضي أحد بنودها بتخصص قطعة جغرافية من سيناء، تُضم إلى قطاع غزة، مساحتها 600 كيلومتر مربع، بطول 30 كيلومترًا وبعرض 20 كيلومترًا.
أما في المؤتمر الثامن، عام 2008، تناولت إحدى الأوراق البحثية مقترحًا حول تصور لتبادل الأراضي، ينص على أن تقوم مصر بنقل أراضٍ من سيناء إلى الفلسطينيين، وناقش المؤتمر خطــة الجنــرال غيورا أيلاند، الذي قدم اقتراحًا بتبــادل الأراضي، فــي إطــار تســويات سياســية. التبادل يشمل إبقــاء جــزء مــن الضفة الغربية، تحت السيادة الإسرائيلية، بينما تنقل دولة الاحتلال أراضيَ فـي منطقـة وادي فيـران، بصحراء النقـب إلـى مصـر، ومنطقة أخرى تسمح بالعبور الحر بين مصر والأردن، على أن ينقـل المصـريون للفلسـطينيين أراضيَ في محور «رفح– العريش»، إلى قطاع غزة، حسب الخطة.
مؤتمر هرتسيليا 2011.. تحجيم اعتماد العالم على النفط العربي
في وثيقة الملخص التنفيذي لمؤتمر هرتسيليا الـ 11، ظهر خوف دولة الاحتلال الإسرائيلي مما أسمته «المخاطر الاستراتيجية»، المترتبة على اعتماد جميع الدول في العالم على النفط، وبالتالي العرب، فدولة الاحتلال ترى أن تقليص ارتباط العالم بالنفط «هدف قومي استراتيجي لها»؛ فإدمان العالم على النفط يؤدي إلى تعلق العالم الغربي بدول النفط العربية، مما يمس مكانة «تل أبيب» وأمنها.
وتتخوف دولة الاحتلال من أن تعزيز رأس المال «السياسي- الاستراتيجي»، للدول المنتجة للنفط، مع تزامن الأحداث المتتابعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يزيد ـ حسب وجهة النظر الإسرائيلية ـ من تهديد منتجي النفط العرب المُتسلّحين حديثًا للاحتلال؛ إذ إنه، وحسب المصادر الإسرائيلية، فإن ستة من أصل تسعة مصدرين للنفط في العالم هم: «أعداء إسرائيل»؛ لذلك تسعى دولة الاحتلال إلى تحرير العالم مما تعتبره «عبودية العالم للنفط العربي»، وتقوم الرؤية الإسرائيلية على أن زيادة النفط، خارج نطاق العرض، يزيد من مخاطر النقص العالمي، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، وهو ما يعني إضافة مخاطر استراتيجية واقتصادية، على دولة الاحتلال.
وأكدت أوراق هذا المؤتمر أنه يتعين، على دولة الاحتلال وحلفائها، أن يتصدروا «حملة عالمية»، تهدف إلى تقليص الاعتماد الدولي على النفط، وتحجيم مكانة ونفوذ الدول المنتجة له، وفي الأساس الدول العربية. فورقة المؤتمر المعنونة بـ «فطام العالم من النفط: دور إسرائيل«، والمبينة أن هذا الهدف يجب أن يتحقق، في مدى زمني يتراوح بين خمس سنوات، وعشر سنوات، ركزت على أن «دور إسرائيل في هذه العملية يتمثل في تطوير تقنيات لإنتاج بدائل للنفط، أو الحد من استعماله. ومع أن إسرائيل لا تمتلك القدرات والموارد المالية، المملوكة لقوة عظمى ضخمة، إلا إنها تشكل مختبرًا نموذجيًا، يمتلك القدرة والطاقة، ليكون مصدر إبداع لتحقيق اختراقات تكنولوجية» حسب الورقة، وتقوم الرؤية الإسرائيلية على أنه لا يجوز الانطلاق من فرضية مؤداها أن بدائل الوقود ستحل مكان النفط كله، بل يكفي أن تتوفر في حوزة الإسرائيليين، بحجم يتراوح بين 20% إلى 30%، وذلك كي تتحول إلى عامل مهم في السوق ذاتها، وتؤدي إلى خفض الأسعار، وتقليص التبعية للنفط.
يقول رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «عاموس يادلين» «لإسرائيل مصلحة قومية أمنية في خلق بدائل للنفط؛ والسبب أنه إذا كان هناك انخفاض في أسعار برميل النفط، إلى ما دون 50 أو 60 دولار، فإن إيران ستتضرر جراء ذلك، وتضطر إلى إغلاق صنبور نقل الأموال إلى الإرهاب العالمي، وبارتفاع سعر برميل النفط إلى ما فوق 65 دولار، فان حجم التحويلات المالية الإيرانية، إلى المنظمات المؤيدة لها، يزداد بشكل كبير».
مؤتمر هرتسيليا 2012.. قطع الطريق على القوى الإسلامية بعد الربيع العربي
تحت عنوان «في عين العاصفة: إسرائيل والشرق الأوسط»، عقد مؤتمر هرتسيليا عام 2012، أي في العام الأول لاندلاع «ثورات الربيع العربي»، التي أخذت حيزًا كبيرًا من اهتمام كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، على منصة المؤتمر.
تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، «أيهود باراك»،عن ثورات الربيع العربي في سياقها الآني والمستقبلي، وبالرغم من إقرار باراك بأن الربيع العربي «يحمل متغيرات قد تكون ملهمة على المدى الطويل»، على حد قوله، إلا أنه أشار إلى الكثير من «المخاطر» المنعكسة على دولة الاحتلال، على المدى القصير والمتوسط؛ بسبب تصدر «الحركات الإسلامية» للمشهد السياسي في الدول العربية.
وأبدى «باراكتخوف» حكومته، من تداعيات فوز «الإسلاميين»، في انتخابات مجلس الشعب بمصر، وأخذ يتحدث بدقة عن الإجراءات المتلاحقة المؤدية إلى إعادة قولبة المنظومة الهيكلية للحكومة المصرية، لاسيما في شقيها الأمني والعسكري، فالتحولات في مصر «في عرف الإسرائيليين» ستؤثر من الناحيتين الأمنية والاستخبارية على الاحتلال، وتهدد وجود كيانه، وإحداث اختلال أمني من جانب مصر، سيضر بدولة الاحتلال الخاسرة مع اندلاع الثورة المصرية، وخلع حليفها الأقرب «الرئيس المتنحي حسني مبارك»، لذلك أخذ باراك يؤكد على أهمية الحفاظ على التزامات مصر الدولية، وخاصة «معاهدة السلام»، الرابطة بين مصر ودولة الاحتلال، وألمح إلى أهمية أن يعمل الرئيس القادم، والجيش المصري، «ككتل توزن المعادلة».
وبالعودة إلى أوراق المؤتمر، في عام 2011، نجد أن وثيقة مؤتمر هرتسيليا تطرقت للثورات العربية، ورأت أن قطع الطريق على القوى «الإسلامية الراديكالية»، في الشرق الأوسط، وفي أوساط الجاليات المسلمة في الغرب، يمثّل الهمّ الاستراتيجي المشترك، لدى كل من الغرب، وما تبقّى من الأنظمة العربية «المعتدلة»، وإسرائيل. لذلك حسب المحلل الإسرائيلي، «أنطون شلحت»، يجب الاسترشاد بهذا الأمر في صياغة استراتيجية دولية مشتركة، تقوم على «احتواء القوى الرجعية والراديكالية في المنطقة، من الناحية السياسية، ومن الناحية العسكرية إن استدعى الأمر، وإعداد إطار إقليمي تتولى إدارته القوى الغربية، بالاشتراك مع القوى المعتدلة، وغير الراديكالية في المنطقة، من أجل دفع عملية السلام بين العرب وإسرائيل»، وأضاف أنطون «رعاية عملية الانتقال التدريجية التامة، وفق مراحل محددة، في الدول العربية في الشرق الأوسط، والقاضية بالارتقاء بالأوضاع المعيشية الاجتماعية والاقتصادية، وتكفل قيام أنظمة الحكم المستجيبة لرغبات رعاياها ومطالبهم، وتخضع للمساءلة عن أعمالها وتصرفاتها أمامهم».
ثم جاء المؤتمر في العام 2013، ليتوقع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء «أفيف كوخافي»، حدوث «هزة ثانية» في مصر؛ بسبب سياسة حكم «الإخوان المسلمين»، وقال كوخافي حينذاك «هناك صحافيون في سجون مصر وتركيا، وهذا يعزز قوة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، لكنه من الجهة الأخرى يستدعي مؤشرات لحدوث هزة ثانية؛ فالمواطن عاد ليكون محبطًا، وهناك مؤشرات لذلك في مصر وتونس أيضًا؛ إذ إنه لم يتحسن شعور المواطن هناك«.
ولا يمكنا ترك حديث باراك في مؤتمر هرتسيليا 2012، دون الإشارة إلى حديثه عن القضية الفلسطينية، واعتبار حركة «حماس» و«فتح»، بالرغم من اختلافاتهما، نسيجًا واحدًا، أومن نفس المشكاة، فقال «القاسم المشترك بين حماس وفتح أكبر بكثير مما اعتدنا على تقديره، وإسرائيل لا يمكنها أن تتقبل قيادة فلسطينية، بمشاركة حركة حماس، دون أن توافق الحركة على قرارات الرباعية الدولية، وأن تنزع سلاحها».
باراك الذي أخذ يشرح قدرات حماس، وقال إن دولته «لن تسمح لحماس بأن تكون حماس»، قال «احتمالات المواجهة مع حماس قائمة، وليست مهملة»، وهو ما حدث بالفعل، بعد كلمته في المؤتمر بشهور قليلة، وتحديدًا في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ إذ شهدت غزة عدوان «عامود السحاب»، وقتل فيه أبرز قادة حماس العسكريين «أحمد الجعبري».
مؤتمر هرتسيليا 2014.. الضغط على الإدارة الأمريكية قبيل توقيع الاتفاق النووي
«طهران وواشنطن تتقدّمان نحو اتفاق وتسوية، وهذه التسوية، بالرغم من أن ملامحها لم تتجلّ بوضوح بعد، إلا أنها تفرض طرح سؤال جوهري، هو: ماذا سنفعل بعد يوم واحد من ذلك؟»، طرح هذا التساؤل من قبل الباحث الإسرائيلي، «تومي شتاينر»، في مؤتمر هرتسيليا، عام 2014، ليخلص الأمر إلى إدراك دولة الاحتلال لأدق تفاصيل المفاوضات، ومستقبلها بين إيران والغرب، فقد رسم الإسرائيليون في هذا المؤتمر سير الاتفاقية المرحلية، كما كان مخطط لها ومتوقع منها.
تصدرالاتفاق النووي موقع الصدارة، في زاوية الاهتمام المعتادة؛ بقائمة التهديدات الاستراتيجية التي يرصدها المسؤولون والباحثون الإسرائيليون، في هذا المؤتمر السنوي،على اعتبار أن إيران هي التحدي الأكبر؛ بسعيها للقضاء على الكيان بامتلاك الســـلاح النووي، ووظف الإسرائيليون، الذين تجسسوا على تفاصيل الاتفاق، المؤتمر
كمنصة لممارسة ضغط كبير على الإدارة الأميركية وقادة الغرب؛ لأخذ مخاوف دولة الاحتلال في اعتبارهم، عند توقيع هذا الاتفاق، اتفاق قال المتحدثون في المؤتمر أنه لن يتم في ذلك العام، 2014، وهو ما حدث فعلًا.
في هذا المؤتمر قال وزير شؤون المخابرات الإسرائيلي، «يوفال شتاينيتس» «إذا أبرمت مجموعة دول 5+1، وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، وألمانيا، اتفاقًا غير مُرْضٍ مع إيران، لا ينص على ضرورة إلغائها برنامجها النووي، فإن طهران قد تكون قادرة على امتلاك ما بين 50 إلى 100 رأس حربي نووي، بحلول عام 2024»، وأضاف «إسرائيل لا تعارض حلًا دبلوماسيًا للأزمة مع إيران، نحن نحبذ مثل هذا الحل؛ إذا كانت صفقة كاملة ومرضية، لكننا لن نؤيد اتفاقًا قصير النظر».
هرتسيليا 2016.. مشاركة العرب لتكوين هوية إسرائيلية عالمية مشتركة
«إن محاولات التضليل من قبل الحكومة الإسرائيلية، بأن التطبيع جار على قدم وساق مع الدول العربية، تعتبر بمثابة ذر الرماد في العيون»، يبدو أن هذا التصريح الذي قاله عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، «أحمد مجدلاني»، أثناء مشاركته في مؤتمر هرتسيليا الـ16، بعيد عن رؤية الشعب الفلسطيني، وحركة مقاطعة إسرائيل «BDS»،المتمثلة في أن مشاركة مجدلاني هي رأس التطبيع.
واستطرد مجدلاني قائلًا «لم أتردد للحظة عن المشاركة لإلقاء كلمة، أمام أكاديميين وساسة ومفكرين، انطلاقًا من قناعتي بأن من يبحث عن السلام العادل والشامل، يجب أن يذهب إليه، ولو كان في آخر العالم».
إذن، تميز مؤتمر هرتسيليا في نسخته الأخيرة، بين 14و16 يونيو(حزيران) الجاري، بمشاركة كبيرة من سياسيين وأكاديميين عرب، أبرزهم السفير الأردني في الكيان المحتل، «وليد عبيدات»، والسفير المصري، «حازم خيرت»، إضافة إلى الاقتصادي والأكاديمي الأردني، «رياض الخوري»، فرغم أن الدورات السابقة للمؤتمر شهدت مشاركة عربية، تمثلت في رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، «سلام فياض»، وولى العهد الأردني الأسبق، الأمير «حسن بن طلال»، إلا أنها المرة الأولى التي يشهد فيها مؤتمر هرتسيليا الأمني الإسرائيلي مشاركة عربية واسعة، وهو ما يعني تراجع الخطوط الحمراء التي كانت تضعها الأحزاب العربية، للمشاركة في مؤتمرات تناقش الأمن القومي الإسرائيلي.
ولم تكن هذه المشاركة إلا تحقيقًا لما قاله الرئيس الإسرائيلي، «رؤبين ريفلين» بأهمية «تكوين هوية إسرائيلية عالمية مشتركة، ودمج العناصر الأربعة في المجتمع، العلمانية، الأرثوذوكسية الحديثة، الأرثوذكسية المتشددة والعرب، بحيث تتكون شراكة مجتمعية، قائمة على بناء الهوية الإسرائيلية، لدعم مفهوم الوطن القومي«، واقترح
«ريفلين» دعوة عدد محدود، من ممثلي العناصر الأربعة، للقاء عام يرأسه بنفسه، أو من ينوب عنه، لعقد حوار بينهم، وقد شمل المؤتمر ندوات تحت عنوان «مبادرة نحو نظام إسرائيلي جديد»، وعنوان «الأقلية العربية في إسرائيل.. الإدماج و الإدراج»، وثالثة بعنوان «مؤشرات هرتسيليا.. دراسات استقصائية اجتماعية واقتصادية».
23 يونيه , 2016 - 3:20 ص
تحت شعار «أمل إسرائيلي رؤيا أم حلم؟»، عقد مؤتمر «هرتسيليا» السادس عشر، في الفترة بين 14 و16 يونيو (حزيران) الجاري، وما ميز النسخة الأخيرة من المؤتمر، أن شخصيات عربية شاركت في «العقل الجماعي الاستراتيجي المدبّر»، لدولة الاحتلال الإسرائيلي، كما يطلق عليه.
تحشد قيادات الدفاع والأم لدولة الاحتلال، في هرتسيليا سنويًا؛ لبحث السياسات الأمنية والدفاعية لها، وتقدم فيه تقويمات سنوية لنظرية الأمن الإسرائيلي، وترسم التصورات حول ما ينبغي للاحتلال أن يقوم به، لمواجهة التحديات التي تنتظره، مع التركيز على مفاصل السياسة الإسرائيلية، في الوقت الحالي.
والأخطر أن المؤتمر عادة ما يخرج بتوصيات بالغة الأهمية، يفاجأ الجميع فيما بعد بوقوعها، خاصة العالم العربي، الذي خُصص المؤتمر لرصد التطورات المتلاحقة فيه، واستشراف تداعياتها على الاحتلال الإسرائيلي، وتقدم في هذا المؤتمر العديد من الدراسات والأبحاث؛ الهادفة لإحباط «التهديدات الأمنية» الآتية من العالم العربي.
مؤتمر «هرتسيليا»..عقل«إسرائيل» المفكر
هو «العقل الجماعي الاستراتيجي المفكر في مستقبل إسرائيل» و«مرجع أساسي للحكومات الإسرائيلية في اتخاذ قراراتها العدوانية، وتحديد حروبها القادمة»، هكذا يوصف مؤتمر هرتسيليا الأمني، المؤسس عام 2000 بجهد مؤسس معهد السياسة والاستراتيجية «IPS»، وضابط الموساد السابق «عوزي أراد».
اختار عوزي أراد، ضابط جهاز الموساد الإسرائيلي لعقدين من الزمن، هذا الاسم تيمنا باسم «ثيودور هرتسل»، صاحب الرؤية الصهيونية الحديثة، والذي عمل من أجل أن تأخذ «دولته وشعبها» زمام مصيرهما، في تشكيل الأحداث والعمليات الحاسمة لمستقبليهما.
ويهدف القائمين على المؤتمر إلى مراجعة السياسات الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية للعام السابق، وتحديد معالم السياسات للعام المقبل، ومراحل أخرى قادمة، وهو يُعنى بتطوير وتعزيز الأمن القومي الإسرائيلي، وبحث السياسات الأمنية والدفاعية والعلاقات الخارجية لإسرائيل، وذلك بجهد التيارات اليمينية المتطرفة، التي أضحت تتمثل في مؤتمرات وأبحاث أكاديمية، تدعو إلى إعمال العقل، واستلهام تفكير النخب الإستراتيجية والأمنية لدولة الاحتلال وخارجها، من أجل تحديد الطرق والوسائل الأكثر نجاحًا؛ لمواجهة لائحة من التحديات الخطيرة والمصيرية تحدق بمستقبل ومصير الدولة العبرية.
ويمكنا تلخيص هدف هذه المؤتمرات في ما قاله «يسرائيل إلعاد ألتمان»، مدير البحوث في معهد السياسة والاستراتيجية، بمركز هرتسيليا متعدد المجالات، في مؤتمر هرتسيليا الخامس «يرسم المؤتمر جدول الأعمال الاستراتيجي للدولة العبرية، مشكلًا خلفية للبحث بالمقتضيات السياسية العملية؛ لغرض تحديد سلم الأولويات الوطنية الصهيونية».
ويرصد المؤتمر الجامع للنخب الإسرائيلية في الحكومة والجيش والمخابـــرات والجامعـــات من داخل دولة الاحتلال، ومن دول الحلفاء والدول العربية، الأخطار المحيطـــة بالاحتلال من الداخل والخـــارج.
هرتسيليا.. صناعة الوطن البديل للفلسطينيين على حساب مصر
واحد من أهم المنصات الإسرائيلية، التي سوقت لمشروع «سيناء وطن بديل»، لسكان قطاع غزة، هو مؤتمر هرتسيليا، إذ لم يقتصر عرض ومناقشة المشروع والتوصية به، كتوصية رئيسة على عام واحد، من أعوام المؤتمر الستة عشر، وإنما تكرر الأمر أكثر من مرة، وعلى مدار أكثر من عام.
ففي هرتسيليا عام 2002، دعا وزير البنى التحتية آنذاك، إيفي إيتام، لإقامة «دولة فلسطينية في شبه جزيرة سيناء»، معتبرًا ذلك الحل الأمثل، لأن سيناء «غنية وكبيرة وفارغة من السكان»، وفي العام التالي للمؤتمر، 2003، طرح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، الجنرال غيورا أيلاند، مشروعًا ينص على مقايضة ما تقدر مساحته بـ600 كيلومتر مربع، من الأراضي الزراعية في منطقة الأغوار الأردنية، ومن شمال سيناء المصرية، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، وذلك مقابل نقل أجزاء من النقب الغربي، إلى قطاع غزة، و100 كيلومتر مربع، من جنوب البحر الميت إلى الأردن.
وفي العام التالي، 2004، عُرضت خطط تبادل الأراضي، ضمن الحل النهائي، ومن ضمنها خطة تسوية، يقضي أحد بنودها بتخصص قطعة جغرافية من سيناء، تُضم إلى قطاع غزة، مساحتها 600 كيلومتر مربع، بطول 30 كيلومترًا وبعرض 20 كيلومترًا.
أما في المؤتمر الثامن، عام 2008، تناولت إحدى الأوراق البحثية مقترحًا حول تصور لتبادل الأراضي، ينص على أن تقوم مصر بنقل أراضٍ من سيناء إلى الفلسطينيين، وناقش المؤتمر خطــة الجنــرال غيورا أيلاند، الذي قدم اقتراحًا بتبــادل الأراضي، فــي إطــار تســويات سياســية. التبادل يشمل إبقــاء جــزء مــن الضفة الغربية، تحت السيادة الإسرائيلية، بينما تنقل دولة الاحتلال أراضيَ فـي منطقـة وادي فيـران، بصحراء النقـب إلـى مصـر، ومنطقة أخرى تسمح بالعبور الحر بين مصر والأردن، على أن ينقـل المصـريون للفلسـطينيين أراضيَ في محور «رفح– العريش»، إلى قطاع غزة، حسب الخطة.
مؤتمر هرتسيليا 2011.. تحجيم اعتماد العالم على النفط العربي
في وثيقة الملخص التنفيذي لمؤتمر هرتسيليا الـ 11، ظهر خوف دولة الاحتلال الإسرائيلي مما أسمته «المخاطر الاستراتيجية»، المترتبة على اعتماد جميع الدول في العالم على النفط، وبالتالي العرب، فدولة الاحتلال ترى أن تقليص ارتباط العالم بالنفط «هدف قومي استراتيجي لها»؛ فإدمان العالم على النفط يؤدي إلى تعلق العالم الغربي بدول النفط العربية، مما يمس مكانة «تل أبيب» وأمنها.
وتتخوف دولة الاحتلال من أن تعزيز رأس المال «السياسي- الاستراتيجي»، للدول المنتجة للنفط، مع تزامن الأحداث المتتابعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يزيد ـ حسب وجهة النظر الإسرائيلية ـ من تهديد منتجي النفط العرب المُتسلّحين حديثًا للاحتلال؛ إذ إنه، وحسب المصادر الإسرائيلية، فإن ستة من أصل تسعة مصدرين للنفط في العالم هم: «أعداء إسرائيل»؛ لذلك تسعى دولة الاحتلال إلى تحرير العالم مما تعتبره «عبودية العالم للنفط العربي»، وتقوم الرؤية الإسرائيلية على أن زيادة النفط، خارج نطاق العرض، يزيد من مخاطر النقص العالمي، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، وهو ما يعني إضافة مخاطر استراتيجية واقتصادية، على دولة الاحتلال.
وأكدت أوراق هذا المؤتمر أنه يتعين، على دولة الاحتلال وحلفائها، أن يتصدروا «حملة عالمية»، تهدف إلى تقليص الاعتماد الدولي على النفط، وتحجيم مكانة ونفوذ الدول المنتجة له، وفي الأساس الدول العربية. فورقة المؤتمر المعنونة بـ «فطام العالم من النفط: دور إسرائيل«، والمبينة أن هذا الهدف يجب أن يتحقق، في مدى زمني يتراوح بين خمس سنوات، وعشر سنوات، ركزت على أن «دور إسرائيل في هذه العملية يتمثل في تطوير تقنيات لإنتاج بدائل للنفط، أو الحد من استعماله. ومع أن إسرائيل لا تمتلك القدرات والموارد المالية، المملوكة لقوة عظمى ضخمة، إلا إنها تشكل مختبرًا نموذجيًا، يمتلك القدرة والطاقة، ليكون مصدر إبداع لتحقيق اختراقات تكنولوجية» حسب الورقة، وتقوم الرؤية الإسرائيلية على أنه لا يجوز الانطلاق من فرضية مؤداها أن بدائل الوقود ستحل مكان النفط كله، بل يكفي أن تتوفر في حوزة الإسرائيليين، بحجم يتراوح بين 20% إلى 30%، وذلك كي تتحول إلى عامل مهم في السوق ذاتها، وتؤدي إلى خفض الأسعار، وتقليص التبعية للنفط.
يقول رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «عاموس يادلين» «لإسرائيل مصلحة قومية أمنية في خلق بدائل للنفط؛ والسبب أنه إذا كان هناك انخفاض في أسعار برميل النفط، إلى ما دون 50 أو 60 دولار، فإن إيران ستتضرر جراء ذلك، وتضطر إلى إغلاق صنبور نقل الأموال إلى الإرهاب العالمي، وبارتفاع سعر برميل النفط إلى ما فوق 65 دولار، فان حجم التحويلات المالية الإيرانية، إلى المنظمات المؤيدة لها، يزداد بشكل كبير».
مؤتمر هرتسيليا 2012.. قطع الطريق على القوى الإسلامية بعد الربيع العربي
تحت عنوان «في عين العاصفة: إسرائيل والشرق الأوسط»، عقد مؤتمر هرتسيليا عام 2012، أي في العام الأول لاندلاع «ثورات الربيع العربي»، التي أخذت حيزًا كبيرًا من اهتمام كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، على منصة المؤتمر.
تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، «أيهود باراك»،عن ثورات الربيع العربي في سياقها الآني والمستقبلي، وبالرغم من إقرار باراك بأن الربيع العربي «يحمل متغيرات قد تكون ملهمة على المدى الطويل»، على حد قوله، إلا أنه أشار إلى الكثير من «المخاطر» المنعكسة على دولة الاحتلال، على المدى القصير والمتوسط؛ بسبب تصدر «الحركات الإسلامية» للمشهد السياسي في الدول العربية.
وأبدى «باراكتخوف» حكومته، من تداعيات فوز «الإسلاميين»، في انتخابات مجلس الشعب بمصر، وأخذ يتحدث بدقة عن الإجراءات المتلاحقة المؤدية إلى إعادة قولبة المنظومة الهيكلية للحكومة المصرية، لاسيما في شقيها الأمني والعسكري، فالتحولات في مصر «في عرف الإسرائيليين» ستؤثر من الناحيتين الأمنية والاستخبارية على الاحتلال، وتهدد وجود كيانه، وإحداث اختلال أمني من جانب مصر، سيضر بدولة الاحتلال الخاسرة مع اندلاع الثورة المصرية، وخلع حليفها الأقرب «الرئيس المتنحي حسني مبارك»، لذلك أخذ باراك يؤكد على أهمية الحفاظ على التزامات مصر الدولية، وخاصة «معاهدة السلام»، الرابطة بين مصر ودولة الاحتلال، وألمح إلى أهمية أن يعمل الرئيس القادم، والجيش المصري، «ككتل توزن المعادلة».
وبالعودة إلى أوراق المؤتمر، في عام 2011، نجد أن وثيقة مؤتمر هرتسيليا تطرقت للثورات العربية، ورأت أن قطع الطريق على القوى «الإسلامية الراديكالية»، في الشرق الأوسط، وفي أوساط الجاليات المسلمة في الغرب، يمثّل الهمّ الاستراتيجي المشترك، لدى كل من الغرب، وما تبقّى من الأنظمة العربية «المعتدلة»، وإسرائيل. لذلك حسب المحلل الإسرائيلي، «أنطون شلحت»، يجب الاسترشاد بهذا الأمر في صياغة استراتيجية دولية مشتركة، تقوم على «احتواء القوى الرجعية والراديكالية في المنطقة، من الناحية السياسية، ومن الناحية العسكرية إن استدعى الأمر، وإعداد إطار إقليمي تتولى إدارته القوى الغربية، بالاشتراك مع القوى المعتدلة، وغير الراديكالية في المنطقة، من أجل دفع عملية السلام بين العرب وإسرائيل»، وأضاف أنطون «رعاية عملية الانتقال التدريجية التامة، وفق مراحل محددة، في الدول العربية في الشرق الأوسط، والقاضية بالارتقاء بالأوضاع المعيشية الاجتماعية والاقتصادية، وتكفل قيام أنظمة الحكم المستجيبة لرغبات رعاياها ومطالبهم، وتخضع للمساءلة عن أعمالها وتصرفاتها أمامهم».
ثم جاء المؤتمر في العام 2013، ليتوقع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اللواء «أفيف كوخافي»، حدوث «هزة ثانية» في مصر؛ بسبب سياسة حكم «الإخوان المسلمين»، وقال كوخافي حينذاك «هناك صحافيون في سجون مصر وتركيا، وهذا يعزز قوة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، لكنه من الجهة الأخرى يستدعي مؤشرات لحدوث هزة ثانية؛ فالمواطن عاد ليكون محبطًا، وهناك مؤشرات لذلك في مصر وتونس أيضًا؛ إذ إنه لم يتحسن شعور المواطن هناك«.
ولا يمكنا ترك حديث باراك في مؤتمر هرتسيليا 2012، دون الإشارة إلى حديثه عن القضية الفلسطينية، واعتبار حركة «حماس» و«فتح»، بالرغم من اختلافاتهما، نسيجًا واحدًا، أومن نفس المشكاة، فقال «القاسم المشترك بين حماس وفتح أكبر بكثير مما اعتدنا على تقديره، وإسرائيل لا يمكنها أن تتقبل قيادة فلسطينية، بمشاركة حركة حماس، دون أن توافق الحركة على قرارات الرباعية الدولية، وأن تنزع سلاحها».
باراك الذي أخذ يشرح قدرات حماس، وقال إن دولته «لن تسمح لحماس بأن تكون حماس»، قال «احتمالات المواجهة مع حماس قائمة، وليست مهملة»، وهو ما حدث بالفعل، بعد كلمته في المؤتمر بشهور قليلة، وتحديدًا في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ إذ شهدت غزة عدوان «عامود السحاب»، وقتل فيه أبرز قادة حماس العسكريين «أحمد الجعبري».
مؤتمر هرتسيليا 2014.. الضغط على الإدارة الأمريكية قبيل توقيع الاتفاق النووي
«طهران وواشنطن تتقدّمان نحو اتفاق وتسوية، وهذه التسوية، بالرغم من أن ملامحها لم تتجلّ بوضوح بعد، إلا أنها تفرض طرح سؤال جوهري، هو: ماذا سنفعل بعد يوم واحد من ذلك؟»، طرح هذا التساؤل من قبل الباحث الإسرائيلي، «تومي شتاينر»، في مؤتمر هرتسيليا، عام 2014، ليخلص الأمر إلى إدراك دولة الاحتلال لأدق تفاصيل المفاوضات، ومستقبلها بين إيران والغرب، فقد رسم الإسرائيليون في هذا المؤتمر سير الاتفاقية المرحلية، كما كان مخطط لها ومتوقع منها.
تصدرالاتفاق النووي موقع الصدارة، في زاوية الاهتمام المعتادة؛ بقائمة التهديدات الاستراتيجية التي يرصدها المسؤولون والباحثون الإسرائيليون، في هذا المؤتمر السنوي،على اعتبار أن إيران هي التحدي الأكبر؛ بسعيها للقضاء على الكيان بامتلاك الســـلاح النووي، ووظف الإسرائيليون، الذين تجسسوا على تفاصيل الاتفاق، المؤتمر
كمنصة لممارسة ضغط كبير على الإدارة الأميركية وقادة الغرب؛ لأخذ مخاوف دولة الاحتلال في اعتبارهم، عند توقيع هذا الاتفاق، اتفاق قال المتحدثون في المؤتمر أنه لن يتم في ذلك العام، 2014، وهو ما حدث فعلًا.
في هذا المؤتمر قال وزير شؤون المخابرات الإسرائيلي، «يوفال شتاينيتس» «إذا أبرمت مجموعة دول 5+1، وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، وألمانيا، اتفاقًا غير مُرْضٍ مع إيران، لا ينص على ضرورة إلغائها برنامجها النووي، فإن طهران قد تكون قادرة على امتلاك ما بين 50 إلى 100 رأس حربي نووي، بحلول عام 2024»، وأضاف «إسرائيل لا تعارض حلًا دبلوماسيًا للأزمة مع إيران، نحن نحبذ مثل هذا الحل؛ إذا كانت صفقة كاملة ومرضية، لكننا لن نؤيد اتفاقًا قصير النظر».
هرتسيليا 2016.. مشاركة العرب لتكوين هوية إسرائيلية عالمية مشتركة
«إن محاولات التضليل من قبل الحكومة الإسرائيلية، بأن التطبيع جار على قدم وساق مع الدول العربية، تعتبر بمثابة ذر الرماد في العيون»، يبدو أن هذا التصريح الذي قاله عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، «أحمد مجدلاني»، أثناء مشاركته في مؤتمر هرتسيليا الـ16، بعيد عن رؤية الشعب الفلسطيني، وحركة مقاطعة إسرائيل «BDS»،المتمثلة في أن مشاركة مجدلاني هي رأس التطبيع.
واستطرد مجدلاني قائلًا «لم أتردد للحظة عن المشاركة لإلقاء كلمة، أمام أكاديميين وساسة ومفكرين، انطلاقًا من قناعتي بأن من يبحث عن السلام العادل والشامل، يجب أن يذهب إليه، ولو كان في آخر العالم».
إذن، تميز مؤتمر هرتسيليا في نسخته الأخيرة، بين 14و16 يونيو(حزيران) الجاري، بمشاركة كبيرة من سياسيين وأكاديميين عرب، أبرزهم السفير الأردني في الكيان المحتل، «وليد عبيدات»، والسفير المصري، «حازم خيرت»، إضافة إلى الاقتصادي والأكاديمي الأردني، «رياض الخوري»، فرغم أن الدورات السابقة للمؤتمر شهدت مشاركة عربية، تمثلت في رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، «سلام فياض»، وولى العهد الأردني الأسبق، الأمير «حسن بن طلال»، إلا أنها المرة الأولى التي يشهد فيها مؤتمر هرتسيليا الأمني الإسرائيلي مشاركة عربية واسعة، وهو ما يعني تراجع الخطوط الحمراء التي كانت تضعها الأحزاب العربية، للمشاركة في مؤتمرات تناقش الأمن القومي الإسرائيلي.
ولم تكن هذه المشاركة إلا تحقيقًا لما قاله الرئيس الإسرائيلي، «رؤبين ريفلين» بأهمية «تكوين هوية إسرائيلية عالمية مشتركة، ودمج العناصر الأربعة في المجتمع، العلمانية، الأرثوذوكسية الحديثة، الأرثوذكسية المتشددة والعرب، بحيث تتكون شراكة مجتمعية، قائمة على بناء الهوية الإسرائيلية، لدعم مفهوم الوطن القومي«، واقترح
«ريفلين» دعوة عدد محدود، من ممثلي العناصر الأربعة، للقاء عام يرأسه بنفسه، أو من ينوب عنه، لعقد حوار بينهم، وقد شمل المؤتمر ندوات تحت عنوان «مبادرة نحو نظام إسرائيلي جديد»، وعنوان «الأقلية العربية في إسرائيل.. الإدماج و الإدراج»، وثالثة بعنوان «مؤشرات هرتسيليا.. دراسات استقصائية اجتماعية واقتصادية».