دبي – قد تمثل معارضة إسرائيل لشراء قطر للطائرات F-15SE Silent Eagles نهاية خط إنتاج بوينج القيم لطائرات F-15 في ولاية ميسوري ما لم تتصرف واشنطن ضد رغبات أقرب حلفائها الإقليميين أو توافق على ضخ مليارات إضافية كمساعدات بحيث تسمح لإسرائيل بتقديم طلبات شراء جديدة خاصة بها.
وقد أعربت القوات الجوية الإسرائيلية عن اهتمامها بشراء سربين إضافيين من طراز F-15I مجهزين برادارات العرض الممسوح إلكترونيًا النشط (AESA)؛ الحزمة التي تقدر بحوالي 10 مليار دولار.
لكن قدرة إسرائيل على توقيع عقود لشراء طائرات شركة بوينج الجديدة- ومن ثم تمديد خط الإنتاج لأربع سنوات إضافية- تعتمد على الحجم النهائي لحزمة المساعدات الأمريكية الجديدة التي قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون إنه سيتم الاتفاق عليها بين البلدين “خلال الأسبوعين القادمين”.
فإذا بلغ الحد النهائي من قيمة الحزمة حوالي 40 مليار دولار، فالمصادر الإسرائيلية تقول إنهم سيقصرون مشترياتهم من الطائرات المقاتلة على شراء أسراب إضافية من طائرات F-35. إلا أن عدة مصادر عسكرية ومدنية إسرائيلية قالت إنه في حال اقتربت قيمة الحزمة من حد الـ50 مليار دولار على مدى فترة قدرها 10 سنوات تبدأ في 2018، فإن إسرائيل ستكون قادرة على شراء طائرات جديدة من طراز F-15.
وقد أدى القلق الإسرائيلي بشأن صفقة امريكية محتملة مع قطر، التي تتطلع لبناء سرب يصل قوامه إلى ما يقرب من 72 طائرة مقاتلة، إلى تأخيرها لعامين، الأمر الذي دفع الدوحة بالفعل لشراء طائرات فرنسية من طراز Rafale كبديل لجزء من الطائرات المقاتلة التي خُطط في البداية لشرائها من الولايات المتحدة.
وتقول مصادر حكومية وصناعية إنه إذا لم تؤمن شركة بوينج طلبات شراء مؤكدة في الأشهر المقبلة، فإنها سوف تبدأ، في أوائل الصيف، في إغلاق خط إنتاجها من الطائرات F-15 في سانت لويس بولاية ميسوري الذي امتد على مدى 40 عامًا.
الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند (على اليسار) وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (في أعلى المنتصف) يصفقان بينما يصافح إيريك ترابيير (في الجهة اليسرى الأمامية) رئيس شركة داسو للطيران الجنرال القطري أحمد المالكي بعد توقيع صفقة تقدر بعدة مليارات يورو لبيع 24 طائرة مقاتلة من طراز Rafale في 4 مايو 2015 في قصر الديوان في الدوحة. (صورة: كريستوف إنا/AFP/غيتي إيمدجز)
وقال مصدر حكومي إسرائيلي لديفينس نيوز: “إننا لا نريد أن نتحمل مسؤولية إغلاق الخط؛ لكن في الوقت نفسه، على أصدقائنا الأمريكيين أن يعوا أننا لدينا مشاكل جدية مع قطر”.
وخلال عدة مقابلات مع ذلك المسؤول، رافضًا الإفصاح عن هويته، إلى جانب عضو سابق في مجلس الوزارء الإسرائيلي تقاعد مؤخرًا، قالا إن معارضة إسرائيل لهذه الصفقة تنبع من دعم قطر للمنظمات الإسلامية السنية المتطرفة. كما أن اسرائيل انتقدت شبكة تلفزيون الجزيرة العربية، ومقرها الدوحة، بتهمة “تحريض المتطرفين على العنف” ضد إسرائيل.
وأضاف العضو السابق في مجلس الوزارء: “لماذا نعارض قطر؟ لأنها تساعد حماس بشكل مباشر، كما أنها تتبنى أيديولوجية تدعم العديد من الجماعات المتطرفة مثل جماعة الإخوان المسلمين”.
واستطرد المسؤول السابق قائلاً إنه لا يعرف إلى أين وصلت الأمور الآن مع واشنطن، لكنه إشار إلى إنه قبل تركه لمنصبه قبل أكثر من عام، كان من المفترض أن تحاول إسرائيل التأثير على الشركاء الأمريكيين لرفض إتمام الصفقة القطرية.
غير أن كلاهما قد اعترفا بأن إسرائيل أبدت أيضًا قلقًا- وليس معارضة- بشأن بيع طائرات من طراز F/A-18 للكويت.
كما أُجلت هذه الحزمة المحتملة المكونة من 40 طائرة قبل ما يقرب من عامين، مما دفع الكويت للبحث عن بديل أوروبي- في هذه الحالة، البديل هو شراء 28 طائرة من طراز Eurofighter Typhoon- وذلك لسد الفجوة لحين الحصول على الموافقة من واشنطن.
ووفقًا لعدة مصادر خليجية، فإن ديوان المحاسبة الكويتي قد ألغى هذه الصفقة التي تقدر بـ8.9 مليار دولار بسبب بعض التناقضات في العقود المقدمة.
وفي هذا الإطار، قال جنرال إسرائيلي في إشارة لقطر: “هناك فرق بين القلق، الذي نشعر به تجاه الكويت وأغلب دول الخليج، وبين المعارضة”.
وأضاف: “نحن قلقون بشأن النوعية والكمية الضخمة من مقاتلات الخطوط الأمامية التي تُعرض في هذه المنطقة. كما أننا نشعر بعدة مخاوف تتعلق بتأثير كل هذه القدرات على مركزنا في المنطقة من حيث التفوق النوعي”.
وعلى الرغم من ذوبان الجليد فيما يتعلق بالعداء بين إسرائيل ودول الخليج السنية بسبب التهديدات المشتركة بينهما من إيران الشيعية، تستمر إسرائيل في الاعتماد على سياسة واشنطن المعتمدة منذ فترة طويلة- المدونة في القانون الأمريكي- وهي الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي ضد أي تهديدات إقليمية.
ومن ثم، فإن إسرائيل تحتفظ “بمخاوفها المرتبطة بالتفوق العسكري النوعي” فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة المتطورة في المنطقة كمسألة من مسائل السياسة العامة لها، برغم ما ذكره مسؤول في وزارة الخارجية أن هناك “تلاق في المصالح” بين إسرائيل ومعظم دول الخليج.
وأضاف: “كمسألة من مسائل السياسة العامة، لا يمكننا تجاهل الكمية الهائلة من المعدات العسكرية المتطورة التي تتدفق إلى المنطقة التي تعم بعدم الاستقرار واحتمالات حدوث تغيير في أنظمة الحكم”.
ومع ذلك، أشار إلى أن هذه المخاوف ترقى إلى معارضة فقط فيما يتعلق بالحالة القطرية.
وفي اجتماع له منتصف شهر فبراير مع زعماء اليهود الأمريكيين في القدس، تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن علاقات قريبة تبنيها إسرائيل مع دول الخليج العربي وإن كانت لا تزال سرية.
وأضاف: “تغير معظم الدول العربية الرئيسية من نظرتها تجاه إسرائيل حاليًا… فلم تعد إسرائيل بمثابة عدو بالنسبة لهم، بل حليف، لا سيما في الحرب ضد الميليشيات الإسلامية”.
وفي سياق متصل، قال عبد الله الشايجي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، ومحاضر في كلية مبارك العبد الله الكويتية للقيادة والأركان المشتركة، إن مثل هذه التأجيلات الأمريكية تفضي إلى حدوث أزمة ثقة خطيرة في الإدارة الأمريكية.
وأضاف: “هناك شعور كبير أننا قد تم بيعنا للإيرانيين، وأيضًا تصبح النكسة مضاعفة مع تصاعد حالة عدم الثقة بين القادة الخليجيين والولايات المتحدة. آمل أن ينتبه الأمريكيون لذلك حتى ينهوا هذه الحالة المتزايدة من عدم الثقة التي نشأت على مدار العامين الماضيين”.
وأردف الشايجي قائلاً إن التسويف الأمريكي للموافقة على صفقات الكويت وقطر “يثبت أن وعود أوباما خلال اجتماعات كامب ديفيد لا تُنفَذ”.
وأضاف: “لا بد أن تفي الإدارة الأمريكية بوعودها وتعجل من عقد الصفقة بدلاً من منعها؛ هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها الإدارة الأمريكية تمنع صفقة يدفع الكونجرس نحو إتمامها”.
وردًا على سؤال حول مدى نجاح الولايات المتحدة في تحقيق التوازن في التفوق العسكري النوعي لإسرائيل والمخاوف الكبيرة وسط عمليات غير مسبوقة من توريد الأسلحة الأمريكية لبعض جيرانها، قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى إن العلاقة العسكرية-عسكرية بين الدولتين “مذهلة”.
وفي ضوء ذلك، قال اللواء طيار فيليب بريدلوف، قائد القيادة الأوروبية الأمريكية التي تشرف على العلاقات العسكرية الأمريكية مع إسرائيل: “نعمل يوميًا مع إسرائيل للحفاظ على التفوق العسكري النوعي لها، إضافة إلى عدة أمور أخرى، كما نساعدهم على فهم وتحديد وتصنيف مخاوفهم، ومن ثم ينقلونها إلى مستويات أعلى في سلسلة القيادة السياسية للتعامل معها”. وأضاف: “نحن ملتزمون بالحفاظ على تفوقهم العسكري النوعي”.
يأتي ذلك في حين عبر ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن انزعاجهم الشديد من تأخر البيت الأبيض في الموافقة على تسليم حزم الطائرات المقاتلة المقترحة لقطر والكويت.
كما انتقد رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ جون ماكين البيت الأبيض بشأن هذه التأخيرات، لكنه قال إنه يتعاطف مع تصرفه المتوازن هذا للحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل.
وأضاف أن الفوضى المستمرة في الشرق الاوسط وصعود إيران باعتبارها عدوًا مشتركًا قد أعادا ترتيب المنطقة، حيث نشأ “تحالف فعلي” بين إسرائيل وبعض الدول العربية السنية خاضت ضدها حروبًا في السابق.
واستطرد ماكين، النائب عن ولاية أريزونا، قائلاً: “لقد رأيتم شيئًا من الأريحية من جانب الإسرائيليين بشأن اعتراضاتهم على بعض القدرات التي تشتريها الدول العربية السنية كانوا قد اعترضوا عليها سابقًا”.
ديفينس نيوز
أعضاء مجلس الشيوخ يواصلون الدفع نحو إتمام تسليم الطائرات للكويت وقطر
وفقًا لما ذكره ماكين، تشير التأخيرات إلى وجود حاجة أوسع لتبسيط عملية توريد الأسلحة من الولايات المتحدة، لا سيما في ظل تلك المنافسة الخفيفة من جانب موسكو في ضوء صفقاتها الأخيرة مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة. وأضاف إن زيارة وزراء الدفاع الأجانب تحد في كثير من الأحيان من مستوى الإحباط بشأن صفقات الأسلحة المتوقفة.
وأردف قائلاً: “تستحق هذه الدول اتخاذ قرار”. “لا بد من اتخاذ قرار حاسم إما بالرفض أو الموافقة”.
كما عبر السيناتور بوب كروكر، النائب عن ولاية تينيسي، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، عن وجهات نظر مشابهة حيث وصف هذا التعطيل بأنه “غير مألوف إلى حد ما”.
وأضاف: “على المستوى الشخصي، أود إتمام هذه الصفقات”.
وقالت السيناتور كلير مكاسكيل، وهي ديمقراطية بارزة في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، من ولاية ميسوري التي يقع فيها مقر شركة بوينج الأمريكية، الشهر الماضي، إنها واثقة من أن صفقات بيع الطائرات ستتم في نهاية المطاف.
إضافة إلى ذلك، فقد تؤدي صفقة خليجية أخرى يجري عقدها في واشنطن- حزمة مكونة من تسليم 30 طائرة من طراز F-16 Block 61 للإمارات العربية المتحدة وإضافة ترقيات إلى السرب الإماراتي الحالي من الطائرات F-16 Block 60- إلى زيادة حدة المخاوف لدى إسرائيل فيما يتعلق بمسألة التفوق العسكري النوعي لها.
وفي هذا الصدد، صرح وزير الدفاع الأمريكي السابق وليام كوهين، الرئيس التنفيذي لمجموعة كوهين، في مقابلة له مع ديفينس نيوز العام الماضي أن مبيعات الأسلحة في المنطقة تتراجع بسبب “الجمود البيروقراطي.”
ووفقًا لكوهين، فإنه يمكن الوثوق في دول الخليج بشان الخضوع لقيود الاستخدام النهائي والحفاظ على مراقبة عمليات نقل المعدات والتكنولوجيا الأمريكية.
وأضاف أنه في حالة ما إذا كان صناع السياسة الأمريكيون يرغبون في استمرار العلاقات مع دول الخليج العربي، فعليهم إدراك أن الإمارات العربية المتحدة والشركاء الخليجيين يمكنهم التوجه إلى موردين آخرين مثل “الروس والصينيين”.
وأضاف كوهين: “علينا الحفاظ على هذه العلاقة وعلينا أن نستمر في العمل معهم وأن نعتبرهم شركاء وحلفاء إقليميين مقدرين بالنسبة لنا”.
وجدير بالذكر أن السفارات الأمريكية في قطر والكويت والإمارات لم تستجب لطلبات هذه الدول للحصول على تعليق ورد بشأن هذا الأمر. كما رفضت شركة بوينج التعليق حيث طالبت بتوجيه التساؤلات للحكومة الأمريكية. وكذلك أحجمت القوات الجوية الامريكية عن التعليق بخصوص هذا الأمر.
وعند سؤاله حول إصدار تعليق رسمي بشأن معارضة إسرائيل لتسليم حزمة الطائرات F-15 لقطر والمخاوف المتعلقة بالمبيعات العسكرية الأخرى لدول الخليج، قال المتحدث الرسمي باسم يعلون: “نحن نفضل عدم التحدث مع الإعلام بشأن أية أمور تتعلق بالتفوق العسكري النوعي أو المساعدات الأمريكية لوزارة الدفاع”.
ساهم في إعداد التقرير من واشنطن كل من جو غولد وهارون ميهتا ولارا سليغمان
بريد إلكتروني: [email protected] | [email protected]
تويتر: @OpallRome | @Awadz