نيو إيسترن أوت لوك – إيوان24
أعلنت تركيا وقطر عن اتفاق لتعميق التعاون العسكري في إطار “الكفاح ضد عدو مشترك“، وهو ما يعني بناء قاعدتين عسكريتين جديدتين: قاعدة عسكرية تركية في قطر وقاعدة قطرية في تركيا.
أوضح السفير التركي في قطر، أحمد ديميروك، أنَّ أنقرة تخطط لبناء منشأة عسكرية متعددة الأغراض لتضم ما يقرب من 3 آلاف جندي. من خلال اتخاذ هذه الخطوة، يتوقع أن تصبح تركيا الدولة التي ذات التأثير المباشر على الأمن في منطقة الخليج. في المستقبل، ستقدّم هذه القاعدة للقوات المسلحة التركية قاعدة أمامية للعمليات في البحر الأحمر، وشمال أفريقيا، إلى جانب الوصول إلى مياه المحيط الهادئ، التي خسرتها تركيا عام 1950.
ومن المتوقع أن يزور وزير الأمن الداخلي الأمريكي جى جونسون تركيا في أواخر الشهر الحالي لتقديم التكنولوجيا الأمريكية التي ستعمل على تعزيز الأمن القومي في أنقرة، بما في ذلك بالونات الاستطلاع وأجهزة الكشف عن المتفجرات وغيرها. ربما يكون سبب زيارة تشارلز جونسون هو بحث سُبل تعزيز مكافحة داعش جنبًا إلى جنب مع “المصالح المتبادلة” التي يمكن أن تحميها الولايات المتحدة وتركيا من خل إنشاء قاعدة تركية في قطر.
لقد كانت سياسات قطر وتركيا محط أنظار الخبراء في السنوات الأخيرة، ومن ثمّ لن يتفاجئوا من سلسلة الأحداث الأخيرة. في محاولة لاستعادة النفوذ الذي تمتعت به الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، استخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة التنمية كل ذريعة لتبرير نشر القوات التركية في الخليج من خلال الرغبة “المخلصة” في تكثيف “مكافحة التهديدات المشتركة“، في حين جعل الوجود العسكري التركي في المنطقة وجودًا رسميًا له ما يبرره.
ومع ذلك، فإنَّ الاتفاق العسكري بين قطر وتركيا له أهمية استراتيجية حيوية لكلا البلدين، وذلك بسبب المصالح الإقليمية المشتركة بينهما. تدعم تركيا وقطر بعض الجماعات المتطرفة في القتال ضد الحكومة السورية، كما شاركت كلا البلدين بعمق في الصراع السياسي على السُلطة في مصر، من خلال رعايتهما لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق محمد مرسي، إلى جانب تعزيز الأفكار المتطرفة ليس فقط في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ولكن أيضًا في آسيا الوسطى.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن قطر وتركيا من المشاركين الأساسيين في صعود تنظيم داعش وتعزيز هذا التنظيم الإرهابي منذ ذلك الحين. في حين قدّمت قطر حصة معينة من الثروة المالية لتنظيم داعش، أمضت تركيا وقتًا كبيرًا في تجنيد وتدريب مقاتلي داعش ثمّ إرسالهم إلى العراق وسوريا. لقد بذلت تركيا قصارى جهدها لتوفير شبكات التهريب المتطورة التي سمحت لداعش بشحن النفط المسروق والمخدرات إلى جميع أنحاء العالم.
ونتيجة لذلك، كافأ تنظيم الدولة الإسلامية أسياده من خل التدفق المستمر من اللاجئين المسلمين إلى أوروبا في محاولة لإنقاذ حياتهم. ورُغم كل شيء، تركيا هي أول المستفيدين من تدفق اللاجئين الذين من المفترض أن يكون لهم موطئ قدم في الأراضي الجديدة، ويزرعون بذور الانتصارات للإمبراطورية العثمانية الجديدة في المستقبل.
تلقى التعاون العسكري الثنائي بين تركيا وقطر دفعة كبيرة في ديسمبر عام 2014 عندما وقّع الطرفان اتفاقية عسكرية اكتسبت معنى جديدًا تمامًا بعد عام واحد فقط. لقد اتسع نطاق هذا الاتفاق السري خلال زيارات رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان في الدوحة في ديسمبر الماضي، عندما تمكّنت أنقرة من ضمان وعد الدوحة بتعويض جزء من خسائرها بسبب توقف السياحة الروسية إلى تركيا التي تسببت في أضرار اقتصادية قيمتها 3 مليار دولار، إلى جانب وعد بأن قطر ستزود أنقرة بالغاز الطبيعي في حال قررت روسيا إنهاء امداداتها. وبالإضافة إلى ذلك، وافقت قطر على دفع جميع التكاليف المتعلقة ببناء قاعدة عسكرية تركية على أراضيها، والتي تُقدّر قيمتها بنحو مليار دولار.
السؤال الحقيقي هو: ما الذي ستحصل عليه قطر في المقابل؟ على الرغم من سعي كلا البلدين لإخفاء الجواب عن عامة الناس، لكنه يبدو واضحًا للغاية.
أولًا وقبل كل شيء، هذا التعاون سيعزز الاستقلال السياسي والعسكري لقطر عن المملكة العربية السعودية، التي تحاول أن تنأى بنفسها عن السياسات القطرية، حتى أنها أدانت الدعم المالي من الدوحة للجماعات المتطرفة. وعلاوة على ذلك، ثمة شكّ في أن ذلك سوف يُثني الدوحة عن رعاية الحركات الراديكالية في العالم الإسلامي، والتي وصفها العديد من الخبراء بأنها جماعات متطرفة. وستكون قطر قادرة على تدريب أعضاء هذه الجماعات على قاعدتها العسكرية في تركيا، فضلًا عن استخدام المتطرفين الأتراك على أراضيها، ومن ثمّ صعود جماعات راديكالية جديدة تشارك في الاشتباكات العسكرية في سوريا أو دول أخرى.
ووفقًا لجهاز المخابرات الفرنسية، عارضت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بناء قاعدة عسكرية تركية في قطر. ويبدو أنَّ العالم العربي يشعر بالقلق من تعزيز التعاون العسكري بين تركيا وقطر؛ لأن هذا يعني زيادة نشاط الحركات المتطرفة.
وفي ظل هذه الظروف، يجب أن نفكر في عدم القدرة على التنبؤ بسلوك أردوغان، ففي المستقبل القريب قد نشهد تدهور في العلاقات بين تركيا وعدد من الدول العربية ومن ثمّ زعزعة الاستقرار في المنطقة.
http://www.ewan24.com/ما-هي-العواقب-المحتملة-للتعاون-العسكر/