مجنون من عبر شط العرب
الكلام ليس شـاعرياً ، فــلا وقت للعواطف في حـــرب تصادم فيها عشــرات الألـــوف من الـــرجال في أخطر المعارك وأهما وأشرسها وأكثرها رعباً وخوفاً وخسائر خلال العصر الحديث ..
الصورة من قلب الحدث آنذاك للمراسل منسي سلامه
مجنون من عبر شط العـــرب ، هكذا قــال لي ضابط عراقي كبير ، في الساعات الأولى لمعركة شط العرب ، أكبر وأوسع معارك العصر الحديث على الأطلاق .. لقد حصل العراقيون على فرصتهم الذهبية التي انتظروها كل سنوات الحرب ، وهي ان يحصروا أكثر ما يمكن من القوات الايرانية في أضيق ما يمكن من الأرض .. لم تكن المسألة ضرباً في الرمل ، أو أمنية قد تتحقق وقد لا تتحقق ، بل صراعاً بين إرادتين عسكريتين ، إرادة هجومية ايرانية ، وإرادة دفاعية عراقية ، وإذا كان المهاجم يفضل اختيار الأسلوب والمكان ، فأنه يكره شديد الكره أن يحدد له خصمه اسلوب المعركة ومكانها ، فهو بذلك يخسر نصف المنازلة قبل بدئها ..
منذ ايام عام ١٩٨٦، كانت تقـــارير أجهزة التنصت والاستطلاع العـراقية تقول ان ايران استكملت تحشدات كبيرة جداً على قاطع الهور ـ شرق دجلة ـ وكانت كل التقديرات تتجه إلى الاعتقاد ان طهران التي شنت هجومين كبيرين على هــذا القاطع في آذار/مارس ٨٤ وآذار/مارس ١٩٨٥ على التوالي ، اكتسبت خبرة استفادت من دروس أفرزتها التجربة ، وانها ستقوم بالمحاولة الثالثة يدفعها الى ذلك رغبة غير اعتيادية في الاعلان عن الاستيلاء على خط بغداد ـ البصرة الاستراتيجي والمراهنة عـلى أثار مثل هــذا الخبر عــلى معنويات العراقيين
ومـــع ادراك القيــادة العــراقية لطبيعة التخطيط العسكري الايراني في جبهة الهور ـ شرق دجلة ، فانها تحركت بأتجاهين : في جبهة الهور ـ شرق دجلة ، فهي من جهة اتخذت تدابير ميدانية عملية لمواجهة احتمال ان تجرب ايران للمرة الثالثة امكانية أختراق الجبهة العــراقية بأتجاه مدينة العزير ـ الشارع الاستراتيجي بغداد ـ البصرة ، وحشدت بغداد فرقاً وألوية كثيرة في مواجهة الحشد الايراني خــلال فترة قصيرة لم تتعد الشهر الواحـــــد ، حيث قام العـراقيون بحملة قص القصب وبناء السدود الكبرى ، الامر الذي دفع قيادات الجيش النظامي الايراني الى رفض المغامرة من خلال هذا القاطع على اعتبار ان الاجراءات الدفاعية العراقية الجديدة ستجعل احتمال نجاح الهجوم أمراً مستحيلاً ..
اتجهت القيادة الايرانية بالمقابل الى شط العرب ، ما دام فتح جبهة من الشمال مستحيلاً بفعل الثلوج الكثيفة وما دامت جبهة الوسط غير ملائمة بحكم وعورة المنطقة وهطول الأمطار الغزيرة ، فكيف اتخذ الجانب الايراني قرار الهجوم الشامل ؟
في شارع كوينزي في قلب العاصمة البريطــانية يجري لقاء مهم في فندق عادي لا يثير الانتباه بين عدد من ضباط السافاما ( جهاز المخابرات الايرانية ) وخبراء من الموساد ، وهناك يضع الاسرائيليون لمساتهم النهائية على الخطة الايرانية التي درست في اجتماعات سابقة مشتركة وبعناية فائقة
كل شيء جاهز : غواصون مدربون تدريباً عالياً على السباحة تحت المــاء للتخلص من المراقبة العراقية المشددة على طول الساحل الغربي لشط العرب ، سفن انزال عدد ٣، عشرات الزوارق الكبيرة الناقلة للأفراد ، زوارق صاروخية ، مــدافع ثقيلة ، راجمات مثبتة على الساحل الشرقي للشط على مقربة من عبادان ، أكثر من عشر فرق على رأسها الفــرقة الذهبيــة (٧٧) التي كان الشاه يعتبرها مفخرته والتي حرصت القيادة العسكرية الايرانية على الاحتفاظ بها للخطة المناسبة .. في مساء التاسع من شباط يبدأ الهجـوم الايراني بأتجاهين : اتجاه بري واسع على جبهة ثلاث فرق من الجيش العراقي الثالث تشترك فيه الدروع والاسلحة الثقيلة على اختلاف انواعها ، واتجاه برمائي يتضمن عبور شط العرب والقيام بعمليات انزال بحري وجوي على طول الساحل الممتد من جزيرة أم الرصاص وحتى رأس البيشة في اللسان العراقي داخل مياه الخليج العربي ..
الخطة تقتضي بالتقدم في جبهة الفيلق الثالث على عدة محاور في الوقت نفسه ، ومن مناطق ـ شلهة الاغوات ـ ، والأغمار والطريق الستراتيجي من المحمرة بأتجاه العمق العاقي نحو البصرة ( مليون نسمة) ، ومن منطقة ( كوت سوادي) ، وكلفت بهذه المهمة الصعبة والمعقدة بشكل خاص الفرقة الذهبية الايرانية ٧٧ ، والفرقة المدرعة ٩٢ والفرقة ٢١ ، وفرقة كربلاء قوات حرس وأعداد كبيرة من (الباسيج) المتطوعون على جبهة الفيلق الثالث دارت معارك طاحنه خاصة في شلهة الأغوات حيث تمكنت القوات الايرانية من احتلال مواقع لسرية عراقية فيها ، وبعد دامت المعارك ثلاث ايام بلياليها كانت حصيلتها خمسة آلاف قتيل ايراني ، وتدمير دبابات والاستيلاء على دبابات صالحة وأسر جنود ايرانيين لم يعلن العراقيين عددهم في لحظة واحدة ، وهي العاشرة والنصف من مساء ليلة التاسع من شبــاط/فبراير نفسها، كانت الضفادع البشرية الايرانية تتسلل الى مواقع عراقية متقدمة على الساحل الغربي لشط العربي وما ان وصلت الضفادع حتى انطلقت عشرات عشرات الزوراق المحملة بالجنود بسرعة باتجاه المواقع العراقية ، وفي نفس الوقت الذي تستعد فيه الطائرات المروحية لانزال قوات بمجرد ان تحقق القوات الأولى هدفها المباشر ، وتهيء رأس جسر ، وهكذا زج الايرانيون بأعداد كبيرة جداً من القوات على طول الساحل الغربي لشط العرب وعلى جبهة تمتد من جزيرة أم الرصاص شمالاً وحتى رأس البيشة جنوباً ، ومنذ البداية راهن الايرانيون على عامل النفسي فسارعوا الى اعلان الاستيلاء على مساحات واسعة خلال اليومين الأولين ، فيما اكتفت بغداد بالاعلان عن عزم وقف تقدم القوات الايرانية ، مع التنبيه الى خطورة وضع القوات الايرانية من الناحية الاستراتيجية ، حيث القوات العراقية امامها ومياه شط العرب خلفها
خلال ثلاثة ايام من القتال الضاري تمكن الفيلق العراقي السابع من وقف تقدم القوات الايرانية في اضيق مساحة ممكنة على اليابسة ، ولعب الطيران والسفن الحربية العراقية دوراً مهماً في المعركة الدفاعية خلال الأيام المذكورة ، ووصل عدد الطلعات الجوية العراقية الى ١٣٧٣ طلعة خلال ثلاثة ايام عدا طلعات مماثلة للطائرات السمتية ، وصب العراقيين اكثر من ١٥٠٠ طن من المتفجرات على القوات الايرانية في ثلاثة ايام ، كما ضربوا عشرات الصواريخ الثقيلة والراجمات وآلاف القنابل من المدفعية ، الخطة الاستراتيجية الايرانية أجهضت منذ اعلان وقف الاندفاع الايراني ، فالخطة الايرانية باتت تقتضي بتطويق أكبر ما يمكن من القوات العراقية في اللسان الممتد داخل الخليج ، حتى رأس البيشة ، وعلى طول الساحل باتجاه ميناء أم قصر وعــزل الفيلق الثالث عن السابع ، والاندفاع نحو مدينة البصرة بأتجاهين مع المراهنة على العامل النفسي في حال النجاح في المرحلة الأولى من التقدم والتطويق ، وهذا ما يفسر سرعة اعلان طهران عن سقوط مناطق لم يدخلها الايرانيون بعد ، وان كان القتال الضاري قد دار حولها بشراسة لم يسبق لها مثيل ومن هذه المناطق مدينة الفاو ومنطقة المعامر
حينها ظهر الرئيس العراقي صدام حسين على شاشات التلفزيون ، وهو في موقع ميداني متقدم ، ويقود بنفسه خطة عراقية شاملة فريدة من نوعها ، شعر الجميع بفرح غامر بدا صدام حسين في قمة الارتياح النفسي ، ولم يكن العراقيون بحاجة بعد ذلك الى أي بيان أو تصريح يعطي صورة عن سير المعارك فكلهم قرأوا الموقف على وجه صدام حسين
ـ وضعنا ممتاز ـ قال لي بقال عراقي بسيط كان لا يجيب على أسئلة المشترين فعيونه مثبتة على شاشة التلفزيون ، ويبتسم كلما ابتسم صدام حسين
ولكن لماذا تأخر الحسم ؟ سؤال طرح على نطاق واسع في بغداد لسبب بسيط وهو ان القيادة العراقية عودت المواطن خلال ست سنوات من الحرب على حسم المعارك بسرعة قياسية ولذلك كان من الصعب نسبياً تنفيذ الخطة الدفاعية الجديدة التي تحتاج أكثر ما تحتاج إلى عنصر الوقت .. كيف ؟
القيادة العراقية كانت تتمنى بأستمرار ان تزج طهران بأعداد كبيرة جداً من قواتها في معركة مفتوحة بهدف إبادة اقصى ما يمكن من القوات الايرانية وبالتالي وضع نهاية حاسمة للحرب وكان من الممكن ان يتحقق ذلك في ـ تاج المعارك ـ في آذار/مارس ١٩٨٥ ولولا ان القيادة الايرانية سحبت القطعات المتبقية في الوقت المناسب
الآن نجحت خطة جر الايرانيين الى ميدان القتل المناسب ونجحت خطة التضليل العراقية في إيهام طهران ان بغداد قد خُدعت ، وآنها تتوقع الهجوم المركزي من محور الهور ـ شرق دجلة
وكان الايرانيون سعداء بذلك فهم سيحققون اذن عنصر المباغتة وسيواجهون بقوات كبيرة جداً قوات عراقية أقل عدداً ، وهكذا نقل الفريق الركن هشام صباح الفخري معاون رئيس أركان الجيش العراقي لشؤون العمليات ، عن الرئيس العراقي صدام حسين ، (قوله في الاجتماع الميداني المهم ، في جبهة الفيلق السابع ان ) ان الهجوم الايراني ولد ميتاً ( وان بغداد اختارت للمعركة الكبرى المكان الملائم أو بالأحرى ساحة القتل ( ورغم تأخر الرد لكن صدق الرئيس الراحل فيما قال بل صارت قاصمة لظهر الجيش الايراني ونقطة التحول في الحرب وابيدت القوات عن بكرت ابيها إلا من لاذ بالفرار منهم )
كان هم بغداد الرئيس ان يزج الايرانيين عبر شط العرب اقصى ما لديهم من القوات خلال الأيام الثلاثة الأولى من المعركة ، فكلما كان الحشد أكبر ، كلما أصبحت الخسائر أكثر ، وقد وصل هذا الحشد إلى حد مرعب : ٥٠ ألف جندي ايراني أو ٥٠ ألف قتيل ، في الحسابات العسكرية الصرفه ، حشرت طهران العديد من الفرق العسكرية على شريط ضيق للغاية لا يزيد عرضه عن ثلاث كيلومترات ، رغم طوله يمتد عشرات الكيلومترات ، غير ان ذلك كان فرصة ذهبية بالنسبة الى العراقيين ، وهكذا كان اجتماع القيادات الميدانية العراقية
وبهدوء .. يعطي صدام حسين لوزير الدفاع الفريق اول الركن عدنان خير الله واركان القيادة العامة الأمر بتنفيذ الخطة المتفق عليها سلفاً ، وهي إبادة القوات المهاجمة ـ وليس أسترجاع الأرض منهم فقط ، لتبدأ على الفور أذكى المعارك العراقية على الأطلاق وانطلاقاً من أم الرصاص بالذات
ملاحظة : جزيرة هي في وسط شط العرب لا يزيد طولها عن ٦،٥ كليومتر ، وتبلغ مساحتها أكثر قليلاً من عشرين كيلومتراً مربعاً ولكن لها أهمية بالغة
بيد أن لهذه الجزيرة أهمية كبيرة خاصة في حسابات الهجوم العراقي المقابل ، ولأن ايران نصبت عليها جسراً لعبور الدروع والمشاة والأسلحة الثقيلة إلى الساحل الغربي لشط العرب ، ولا بد اذن من استرجاع الجزيرة بأي ثمن ، معركة خاطفة ، فريدة من نوعها ، يقول العميد بارق عبد الله قائد القوات الخاصة الذي قاد الهجوم المباغت على القوات الايرانية في أم الرصاص : هناك داخل الجزيرة التي تنتصب فيها مئات اشجار النخيل ويرتفع فيها البردي عدة أمتار وضع الايرانيون لواء من خيرة ألويتهم وزودوه بالدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ ، ليحولوا الجزيرة الى موقع حصين يستحيل أختراقه .. ١٤ ساعة من القتال الذي بدأ بالقصف المدفعي وانتهى بالاشتباك بالأيدي وبــالسلاح الأبيض بين الطرفين داخل الجزيرة ، استعمل قائد الهجوم العراقي مسدسه ، وأخمص بندقيته ، ثم استعمل كلتا يديه ، كان قتالاً بطولياً فريداً من نوعه
ويقول العميد بارق عبد الله : لقد هرب الايرانيون فور بدء الهجوم فقتلنا من تبقى منهم ولا يزال على أرض الجزيرة أكثر من ستمائة جثة ، فيما جرفت المياه مئات الجثث ، ووقع آخرون في الأسر .. الرئيس العراقي ، كرم القوة المهاجمة وهي في الميدان ومنح قائد القوة لقب بطل القادسية ووسام الرافدين ونوط الشجاعة .. هكذا بدأ الهجوم العراقي المعاكس في جبهة الفيلق السابع ، ففقد الايرانيون جسراً مهماً ، وموقعاً استراتيجياً استولوا عليه في اليوم الأول (جزيرة أم الرصاص) توزعت الأدوار بتنسيق القوات الجوية والبرية والبحرية ، حيث كُلفت القوات البحرية بقطع طرق الامداد البحري في خور موسى وفي الخليج ، ودمرت في يوم واحد ٣١ زورقاً ايرانياً وحالت دون وصول المعدات والعتاد والاسلحة عن طريق البحر الى القوات الايرانية التي وجدت نفسها فجأة بين طرفي كماشة ، اما الطائرات المقاتلة والسمتية فلعبت الدور الحاسم في إبادة اقصى ما يمكن من القوات الايرانية مستخدمة الطيران المنخفض ومن مسافات قريبة ، وكانت السمتيات العراقية تتحرك بأرتفاع حافات سعف النخيل الكثيف في منطقة العمليات ، واصبح ايصال الامداد للقوات المحاصرة على الشريط الساحلي وفي منطقة الفاو عملية شاقة ومعقدة للغاية ، حتى اذا جاء الظلام تكفلت المدفعية العراقية بتقطيع خطوط الأمداد ..
والآن بعد ثلاثة ايام ، وبعد ان انهكت القوات الايرانية يبدأ الهجوم الأرضي الواسع مستخدماً اسلوب القضم المميت للأرض بحيث لا ينجو الا من يسلم نفسه ، هكذا كانت توجهات الرئيس العراقي ، وقد زج العراقيين بقوات من الاحتياطي ، محافظين على تحشداتهم الكثيفة نفسها في قاطع الهور ـ شرق دجلة لدفع طهران الى فتح جبهة هناك لتخفيف الضغط على قواتها المحاصرة في منطقة الفاو
كل شيء حُسب بدقة اذن ، والى جانب القيادة الميدانية ، وضع الرئيس العراقي هشام صباح الفخري معاون رئيس اركان الجيش لشؤون العمليات والفريق الركن سعدي طعمة الجبوري معاون رئيس اركان الجيش لشؤون التدريب ، مشرفين على الأرتال العراقية المتقدمة لخنق القوة الايرانية الكبيرة المحاصرة
تقدم العراقيون على عدة محاور : رتل شمالي كلف بالتقدم باتجاه الوسط الذي يتقدم من خلال الطريق الاستراتيجي ، والرتل الساحلي الذي يتقدم مع ساحل الخليج من المملحة بأتجاه الفاو ، وهكذا شقت الارتال الثلاثة القوات الايرانية المحاصرة الى نصفين : نصف عزل تماماً ، وأصبح بين رتلين عراقيين ، ونصف ضاقت جبهته الى حد كبير جداً وبعمق لا يتجاوز الكيلومتر الواحد عن ساحل شط العرب الغربي ومع كل كيلومتر جديد تتقدمه الارتال الثلاثة كان تلفزيون بغداد يعرض جثث آلاف الايرانيين الذين سقطوا في الميدان ومنهم ضفادع بشرية ، يقول قائد القوة الجوية والدفاع الجوي العراقي عن دور الطائرات العراقية ـان القوة الجوية أخذت على عاتقها تقديم الاسناد وإبادة القطعات المعتدية ووسائلها الحربية وتأمين تفوق جوي كامل ، ومنع تدخل القوة الجوية الايرانية التي لم يظهر لها اي تأثير في المعارك الأخيرة خوفاً من وسائل دفاعنا الجوي ، ولم يظهر منها سوى خمس طائرات تم اسقاطها كلها
ويقول أحد القادة العسكريين العراقيين الذين برز أسمهم في المعارك منذ بداية الحرب عام ١٩٨٠ : هشام صباح الفخري ، فور قيادته للرتل الشمال والاندفاع باتجاه الفاو : اننا أمام الكرامة والسيادة ونؤكد ومن الخنادق الامامية ، ان لا خيار لنا إلا ابادة هؤلاء الأوباش الرعاع .
هكذا نجحت بغداد في تنفيذ خطة ـ جر الايرانيين الى ميدان القتل المحدد سلفاً ـ وفتحت المجال امام ايران لتلقي بخيرة قواتها في ميدان القتل ، فتكون تحت رحمة القوات العراقية .
منقول
الكلام ليس شـاعرياً ، فــلا وقت للعواطف في حـــرب تصادم فيها عشــرات الألـــوف من الـــرجال في أخطر المعارك وأهما وأشرسها وأكثرها رعباً وخوفاً وخسائر خلال العصر الحديث ..
الصورة من قلب الحدث آنذاك للمراسل منسي سلامه
مجنون من عبر شط العـــرب ، هكذا قــال لي ضابط عراقي كبير ، في الساعات الأولى لمعركة شط العرب ، أكبر وأوسع معارك العصر الحديث على الأطلاق .. لقد حصل العراقيون على فرصتهم الذهبية التي انتظروها كل سنوات الحرب ، وهي ان يحصروا أكثر ما يمكن من القوات الايرانية في أضيق ما يمكن من الأرض .. لم تكن المسألة ضرباً في الرمل ، أو أمنية قد تتحقق وقد لا تتحقق ، بل صراعاً بين إرادتين عسكريتين ، إرادة هجومية ايرانية ، وإرادة دفاعية عراقية ، وإذا كان المهاجم يفضل اختيار الأسلوب والمكان ، فأنه يكره شديد الكره أن يحدد له خصمه اسلوب المعركة ومكانها ، فهو بذلك يخسر نصف المنازلة قبل بدئها ..
منذ ايام عام ١٩٨٦، كانت تقـــارير أجهزة التنصت والاستطلاع العـراقية تقول ان ايران استكملت تحشدات كبيرة جداً على قاطع الهور ـ شرق دجلة ـ وكانت كل التقديرات تتجه إلى الاعتقاد ان طهران التي شنت هجومين كبيرين على هــذا القاطع في آذار/مارس ٨٤ وآذار/مارس ١٩٨٥ على التوالي ، اكتسبت خبرة استفادت من دروس أفرزتها التجربة ، وانها ستقوم بالمحاولة الثالثة يدفعها الى ذلك رغبة غير اعتيادية في الاعلان عن الاستيلاء على خط بغداد ـ البصرة الاستراتيجي والمراهنة عـلى أثار مثل هــذا الخبر عــلى معنويات العراقيين
ومـــع ادراك القيــادة العــراقية لطبيعة التخطيط العسكري الايراني في جبهة الهور ـ شرق دجلة ، فانها تحركت بأتجاهين : في جبهة الهور ـ شرق دجلة ، فهي من جهة اتخذت تدابير ميدانية عملية لمواجهة احتمال ان تجرب ايران للمرة الثالثة امكانية أختراق الجبهة العــراقية بأتجاه مدينة العزير ـ الشارع الاستراتيجي بغداد ـ البصرة ، وحشدت بغداد فرقاً وألوية كثيرة في مواجهة الحشد الايراني خــلال فترة قصيرة لم تتعد الشهر الواحـــــد ، حيث قام العـراقيون بحملة قص القصب وبناء السدود الكبرى ، الامر الذي دفع قيادات الجيش النظامي الايراني الى رفض المغامرة من خلال هذا القاطع على اعتبار ان الاجراءات الدفاعية العراقية الجديدة ستجعل احتمال نجاح الهجوم أمراً مستحيلاً ..
اتجهت القيادة الايرانية بالمقابل الى شط العرب ، ما دام فتح جبهة من الشمال مستحيلاً بفعل الثلوج الكثيفة وما دامت جبهة الوسط غير ملائمة بحكم وعورة المنطقة وهطول الأمطار الغزيرة ، فكيف اتخذ الجانب الايراني قرار الهجوم الشامل ؟
في شارع كوينزي في قلب العاصمة البريطــانية يجري لقاء مهم في فندق عادي لا يثير الانتباه بين عدد من ضباط السافاما ( جهاز المخابرات الايرانية ) وخبراء من الموساد ، وهناك يضع الاسرائيليون لمساتهم النهائية على الخطة الايرانية التي درست في اجتماعات سابقة مشتركة وبعناية فائقة
كل شيء جاهز : غواصون مدربون تدريباً عالياً على السباحة تحت المــاء للتخلص من المراقبة العراقية المشددة على طول الساحل الغربي لشط العرب ، سفن انزال عدد ٣، عشرات الزوارق الكبيرة الناقلة للأفراد ، زوارق صاروخية ، مــدافع ثقيلة ، راجمات مثبتة على الساحل الشرقي للشط على مقربة من عبادان ، أكثر من عشر فرق على رأسها الفــرقة الذهبيــة (٧٧) التي كان الشاه يعتبرها مفخرته والتي حرصت القيادة العسكرية الايرانية على الاحتفاظ بها للخطة المناسبة .. في مساء التاسع من شباط يبدأ الهجـوم الايراني بأتجاهين : اتجاه بري واسع على جبهة ثلاث فرق من الجيش العراقي الثالث تشترك فيه الدروع والاسلحة الثقيلة على اختلاف انواعها ، واتجاه برمائي يتضمن عبور شط العرب والقيام بعمليات انزال بحري وجوي على طول الساحل الممتد من جزيرة أم الرصاص وحتى رأس البيشة في اللسان العراقي داخل مياه الخليج العربي ..
الخطة تقتضي بالتقدم في جبهة الفيلق الثالث على عدة محاور في الوقت نفسه ، ومن مناطق ـ شلهة الاغوات ـ ، والأغمار والطريق الستراتيجي من المحمرة بأتجاه العمق العاقي نحو البصرة ( مليون نسمة) ، ومن منطقة ( كوت سوادي) ، وكلفت بهذه المهمة الصعبة والمعقدة بشكل خاص الفرقة الذهبية الايرانية ٧٧ ، والفرقة المدرعة ٩٢ والفرقة ٢١ ، وفرقة كربلاء قوات حرس وأعداد كبيرة من (الباسيج) المتطوعون على جبهة الفيلق الثالث دارت معارك طاحنه خاصة في شلهة الأغوات حيث تمكنت القوات الايرانية من احتلال مواقع لسرية عراقية فيها ، وبعد دامت المعارك ثلاث ايام بلياليها كانت حصيلتها خمسة آلاف قتيل ايراني ، وتدمير دبابات والاستيلاء على دبابات صالحة وأسر جنود ايرانيين لم يعلن العراقيين عددهم في لحظة واحدة ، وهي العاشرة والنصف من مساء ليلة التاسع من شبــاط/فبراير نفسها، كانت الضفادع البشرية الايرانية تتسلل الى مواقع عراقية متقدمة على الساحل الغربي لشط العربي وما ان وصلت الضفادع حتى انطلقت عشرات عشرات الزوراق المحملة بالجنود بسرعة باتجاه المواقع العراقية ، وفي نفس الوقت الذي تستعد فيه الطائرات المروحية لانزال قوات بمجرد ان تحقق القوات الأولى هدفها المباشر ، وتهيء رأس جسر ، وهكذا زج الايرانيون بأعداد كبيرة جداً من القوات على طول الساحل الغربي لشط العرب وعلى جبهة تمتد من جزيرة أم الرصاص شمالاً وحتى رأس البيشة جنوباً ، ومنذ البداية راهن الايرانيون على عامل النفسي فسارعوا الى اعلان الاستيلاء على مساحات واسعة خلال اليومين الأولين ، فيما اكتفت بغداد بالاعلان عن عزم وقف تقدم القوات الايرانية ، مع التنبيه الى خطورة وضع القوات الايرانية من الناحية الاستراتيجية ، حيث القوات العراقية امامها ومياه شط العرب خلفها
خلال ثلاثة ايام من القتال الضاري تمكن الفيلق العراقي السابع من وقف تقدم القوات الايرانية في اضيق مساحة ممكنة على اليابسة ، ولعب الطيران والسفن الحربية العراقية دوراً مهماً في المعركة الدفاعية خلال الأيام المذكورة ، ووصل عدد الطلعات الجوية العراقية الى ١٣٧٣ طلعة خلال ثلاثة ايام عدا طلعات مماثلة للطائرات السمتية ، وصب العراقيين اكثر من ١٥٠٠ طن من المتفجرات على القوات الايرانية في ثلاثة ايام ، كما ضربوا عشرات الصواريخ الثقيلة والراجمات وآلاف القنابل من المدفعية ، الخطة الاستراتيجية الايرانية أجهضت منذ اعلان وقف الاندفاع الايراني ، فالخطة الايرانية باتت تقتضي بتطويق أكبر ما يمكن من القوات العراقية في اللسان الممتد داخل الخليج ، حتى رأس البيشة ، وعلى طول الساحل باتجاه ميناء أم قصر وعــزل الفيلق الثالث عن السابع ، والاندفاع نحو مدينة البصرة بأتجاهين مع المراهنة على العامل النفسي في حال النجاح في المرحلة الأولى من التقدم والتطويق ، وهذا ما يفسر سرعة اعلان طهران عن سقوط مناطق لم يدخلها الايرانيون بعد ، وان كان القتال الضاري قد دار حولها بشراسة لم يسبق لها مثيل ومن هذه المناطق مدينة الفاو ومنطقة المعامر
حينها ظهر الرئيس العراقي صدام حسين على شاشات التلفزيون ، وهو في موقع ميداني متقدم ، ويقود بنفسه خطة عراقية شاملة فريدة من نوعها ، شعر الجميع بفرح غامر بدا صدام حسين في قمة الارتياح النفسي ، ولم يكن العراقيون بحاجة بعد ذلك الى أي بيان أو تصريح يعطي صورة عن سير المعارك فكلهم قرأوا الموقف على وجه صدام حسين
ـ وضعنا ممتاز ـ قال لي بقال عراقي بسيط كان لا يجيب على أسئلة المشترين فعيونه مثبتة على شاشة التلفزيون ، ويبتسم كلما ابتسم صدام حسين
ولكن لماذا تأخر الحسم ؟ سؤال طرح على نطاق واسع في بغداد لسبب بسيط وهو ان القيادة العراقية عودت المواطن خلال ست سنوات من الحرب على حسم المعارك بسرعة قياسية ولذلك كان من الصعب نسبياً تنفيذ الخطة الدفاعية الجديدة التي تحتاج أكثر ما تحتاج إلى عنصر الوقت .. كيف ؟
القيادة العراقية كانت تتمنى بأستمرار ان تزج طهران بأعداد كبيرة جداً من قواتها في معركة مفتوحة بهدف إبادة اقصى ما يمكن من القوات الايرانية وبالتالي وضع نهاية حاسمة للحرب وكان من الممكن ان يتحقق ذلك في ـ تاج المعارك ـ في آذار/مارس ١٩٨٥ ولولا ان القيادة الايرانية سحبت القطعات المتبقية في الوقت المناسب
الآن نجحت خطة جر الايرانيين الى ميدان القتل المناسب ونجحت خطة التضليل العراقية في إيهام طهران ان بغداد قد خُدعت ، وآنها تتوقع الهجوم المركزي من محور الهور ـ شرق دجلة
وكان الايرانيون سعداء بذلك فهم سيحققون اذن عنصر المباغتة وسيواجهون بقوات كبيرة جداً قوات عراقية أقل عدداً ، وهكذا نقل الفريق الركن هشام صباح الفخري معاون رئيس أركان الجيش العراقي لشؤون العمليات ، عن الرئيس العراقي صدام حسين ، (قوله في الاجتماع الميداني المهم ، في جبهة الفيلق السابع ان ) ان الهجوم الايراني ولد ميتاً ( وان بغداد اختارت للمعركة الكبرى المكان الملائم أو بالأحرى ساحة القتل ( ورغم تأخر الرد لكن صدق الرئيس الراحل فيما قال بل صارت قاصمة لظهر الجيش الايراني ونقطة التحول في الحرب وابيدت القوات عن بكرت ابيها إلا من لاذ بالفرار منهم )
كان هم بغداد الرئيس ان يزج الايرانيين عبر شط العرب اقصى ما لديهم من القوات خلال الأيام الثلاثة الأولى من المعركة ، فكلما كان الحشد أكبر ، كلما أصبحت الخسائر أكثر ، وقد وصل هذا الحشد إلى حد مرعب : ٥٠ ألف جندي ايراني أو ٥٠ ألف قتيل ، في الحسابات العسكرية الصرفه ، حشرت طهران العديد من الفرق العسكرية على شريط ضيق للغاية لا يزيد عرضه عن ثلاث كيلومترات ، رغم طوله يمتد عشرات الكيلومترات ، غير ان ذلك كان فرصة ذهبية بالنسبة الى العراقيين ، وهكذا كان اجتماع القيادات الميدانية العراقية
وبهدوء .. يعطي صدام حسين لوزير الدفاع الفريق اول الركن عدنان خير الله واركان القيادة العامة الأمر بتنفيذ الخطة المتفق عليها سلفاً ، وهي إبادة القوات المهاجمة ـ وليس أسترجاع الأرض منهم فقط ، لتبدأ على الفور أذكى المعارك العراقية على الأطلاق وانطلاقاً من أم الرصاص بالذات
ملاحظة : جزيرة هي في وسط شط العرب لا يزيد طولها عن ٦،٥ كليومتر ، وتبلغ مساحتها أكثر قليلاً من عشرين كيلومتراً مربعاً ولكن لها أهمية بالغة
بيد أن لهذه الجزيرة أهمية كبيرة خاصة في حسابات الهجوم العراقي المقابل ، ولأن ايران نصبت عليها جسراً لعبور الدروع والمشاة والأسلحة الثقيلة إلى الساحل الغربي لشط العرب ، ولا بد اذن من استرجاع الجزيرة بأي ثمن ، معركة خاطفة ، فريدة من نوعها ، يقول العميد بارق عبد الله قائد القوات الخاصة الذي قاد الهجوم المباغت على القوات الايرانية في أم الرصاص : هناك داخل الجزيرة التي تنتصب فيها مئات اشجار النخيل ويرتفع فيها البردي عدة أمتار وضع الايرانيون لواء من خيرة ألويتهم وزودوه بالدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ ، ليحولوا الجزيرة الى موقع حصين يستحيل أختراقه .. ١٤ ساعة من القتال الذي بدأ بالقصف المدفعي وانتهى بالاشتباك بالأيدي وبــالسلاح الأبيض بين الطرفين داخل الجزيرة ، استعمل قائد الهجوم العراقي مسدسه ، وأخمص بندقيته ، ثم استعمل كلتا يديه ، كان قتالاً بطولياً فريداً من نوعه
ويقول العميد بارق عبد الله : لقد هرب الايرانيون فور بدء الهجوم فقتلنا من تبقى منهم ولا يزال على أرض الجزيرة أكثر من ستمائة جثة ، فيما جرفت المياه مئات الجثث ، ووقع آخرون في الأسر .. الرئيس العراقي ، كرم القوة المهاجمة وهي في الميدان ومنح قائد القوة لقب بطل القادسية ووسام الرافدين ونوط الشجاعة .. هكذا بدأ الهجوم العراقي المعاكس في جبهة الفيلق السابع ، ففقد الايرانيون جسراً مهماً ، وموقعاً استراتيجياً استولوا عليه في اليوم الأول (جزيرة أم الرصاص) توزعت الأدوار بتنسيق القوات الجوية والبرية والبحرية ، حيث كُلفت القوات البحرية بقطع طرق الامداد البحري في خور موسى وفي الخليج ، ودمرت في يوم واحد ٣١ زورقاً ايرانياً وحالت دون وصول المعدات والعتاد والاسلحة عن طريق البحر الى القوات الايرانية التي وجدت نفسها فجأة بين طرفي كماشة ، اما الطائرات المقاتلة والسمتية فلعبت الدور الحاسم في إبادة اقصى ما يمكن من القوات الايرانية مستخدمة الطيران المنخفض ومن مسافات قريبة ، وكانت السمتيات العراقية تتحرك بأرتفاع حافات سعف النخيل الكثيف في منطقة العمليات ، واصبح ايصال الامداد للقوات المحاصرة على الشريط الساحلي وفي منطقة الفاو عملية شاقة ومعقدة للغاية ، حتى اذا جاء الظلام تكفلت المدفعية العراقية بتقطيع خطوط الأمداد ..
والآن بعد ثلاثة ايام ، وبعد ان انهكت القوات الايرانية يبدأ الهجوم الأرضي الواسع مستخدماً اسلوب القضم المميت للأرض بحيث لا ينجو الا من يسلم نفسه ، هكذا كانت توجهات الرئيس العراقي ، وقد زج العراقيين بقوات من الاحتياطي ، محافظين على تحشداتهم الكثيفة نفسها في قاطع الهور ـ شرق دجلة لدفع طهران الى فتح جبهة هناك لتخفيف الضغط على قواتها المحاصرة في منطقة الفاو
كل شيء حُسب بدقة اذن ، والى جانب القيادة الميدانية ، وضع الرئيس العراقي هشام صباح الفخري معاون رئيس اركان الجيش لشؤون العمليات والفريق الركن سعدي طعمة الجبوري معاون رئيس اركان الجيش لشؤون التدريب ، مشرفين على الأرتال العراقية المتقدمة لخنق القوة الايرانية الكبيرة المحاصرة
تقدم العراقيون على عدة محاور : رتل شمالي كلف بالتقدم باتجاه الوسط الذي يتقدم من خلال الطريق الاستراتيجي ، والرتل الساحلي الذي يتقدم مع ساحل الخليج من المملحة بأتجاه الفاو ، وهكذا شقت الارتال الثلاثة القوات الايرانية المحاصرة الى نصفين : نصف عزل تماماً ، وأصبح بين رتلين عراقيين ، ونصف ضاقت جبهته الى حد كبير جداً وبعمق لا يتجاوز الكيلومتر الواحد عن ساحل شط العرب الغربي ومع كل كيلومتر جديد تتقدمه الارتال الثلاثة كان تلفزيون بغداد يعرض جثث آلاف الايرانيين الذين سقطوا في الميدان ومنهم ضفادع بشرية ، يقول قائد القوة الجوية والدفاع الجوي العراقي عن دور الطائرات العراقية ـان القوة الجوية أخذت على عاتقها تقديم الاسناد وإبادة القطعات المعتدية ووسائلها الحربية وتأمين تفوق جوي كامل ، ومنع تدخل القوة الجوية الايرانية التي لم يظهر لها اي تأثير في المعارك الأخيرة خوفاً من وسائل دفاعنا الجوي ، ولم يظهر منها سوى خمس طائرات تم اسقاطها كلها
ويقول أحد القادة العسكريين العراقيين الذين برز أسمهم في المعارك منذ بداية الحرب عام ١٩٨٠ : هشام صباح الفخري ، فور قيادته للرتل الشمال والاندفاع باتجاه الفاو : اننا أمام الكرامة والسيادة ونؤكد ومن الخنادق الامامية ، ان لا خيار لنا إلا ابادة هؤلاء الأوباش الرعاع .
هكذا نجحت بغداد في تنفيذ خطة ـ جر الايرانيين الى ميدان القتل المحدد سلفاً ـ وفتحت المجال امام ايران لتلقي بخيرة قواتها في ميدان القتل ، فتكون تحت رحمة القوات العراقية .
منقول