انتهت مؤخرا في الصحراء السعودية الشاسعة قرب الحدود مع العراق والكويت تمارين "رعد الشمال" العسكرية.
فلمدة شهر كامل تقريبا، استضافت السعودية قوات من 20 دولة حليفة في اول فرصة تتاح لها للتدريب على دمج التحالف الذي تقوده والذي اعلن عن تأسيسه العام الماضي لمحاربة الارهاب. وكان هذا الحشد، حسبما يقول السعوديون، اكبر تجمع للقوات المسلحة في المنطقة منذ حملة "عاصفة الصحراء" التي طردت القوات العراقية من الكويت عام 1991.
ولكن الارقام التي اوردها الاعلام السعودي المحلي من ان 350 الف عسكري شاركوا في التمارين تبدو مبالغا بها بعض الشيء.
فلم ار الا مؤشرات قليلة على وجود جحافل ضخمة للمشاة، كما اعتذر القائد السعودي المسؤول عن الادلاء بالعدد الكلي للعسكريين المشاركين مكتفيا بالقول "إن الاعداد ليست مهمة" مما يشير الى ان العدد الفعلي كان اقل من المتوقع.
ولكن هذا لايسري على القوات الجوية، التي كانت مشاركتها كبيرة فعلا.
ففي قاعدة الملك سعود الجوية القريبة من بلدة حفر الباطن، شاهدت اسرابا من طائرات ف-16 المصرية والاردنية والبحرينية، وطائرات ميراج قطرية وهي تؤدي التمارين الى جانب طائرات التايفون وف-15 السعودية.
وبالقرب من القاعدة، كانت المدفعية الكويتية تستمكن تحت شباك التمويه، والدروع الاماراتية تزحف في واد رملي فيما حلقت فوقها مروحيات اباتشي السعودية.
وقال العميد احمد العسيري، الناطق العسكري السعودي، "نقوم بتجربة بنيتنا التحتية ومطاراتنا وموانئنا وقواعدنا الجوية لكي نتأكد من قدرتنا على استضافة تحالف بهذا الحجم"، مضيفا ان قوات التحالف الاسلامي ينبغي ان تكون قادرة على التحول بسرعة من المشاركة في حرب تقليدية الى حرب العصابات.
شعور بالحصار
والعديد من الدول المشاركة في التمارين تقوم بذلك بالفعل، مثل مالي التي تتصدى لتنظيم القاعدة في شمالي البلاد وباكستان التي تتصدى لمسلحي طالبان.
ولكن الدولة التي تشعر باكبر تهديد هي السعودية ذاتها.
فقواتها منهمكة في القتال في اليمن على الحدود الجنوبية للسعودية، بينما تشارك قواتها الجوية في الحملة التي تستهدف "تنظيم الدولة الاسلامية" في سوريا. ونفذ التنظيم الاخير بالفعل عدة هجمات داخل الاراضي السعودية.
كما بدأ السعوديون بالشعور بأنهم محاصرون من قبل القوات التي تعمل بالوكالة عن منافستها اللدودة ايران، مثل حزب الله في لبنان وسوريا والميليشيات الشيعية في العراق والمسلحين الحوثيين الذين تدعمهم ايران في اليمن.
فهل بمقدور السعودية خوض حربين في آن ؟ سؤال وجهته للعميد العسيري الذي اجاب قائلا "اعرف انه امر منهك من ناحية الموارد والقوة البشرية، إذ نواجه اليوم تحديات في الجنوب وقواتنا متمددة في الشمال منذ عام 2014، وكل ذلك لأننا نشعر بأن أمننا الوطني مهدد."
انتقاد للضربات الجوية
لقد جاءت هاتان الحملتان في وقت غير مؤات بالنسبة للسعودية، ثاني اكبر منتج ومصدر للنفط في العالم.
فاسعار النفط قد تدهورت بأكثر من 60 بالمئة مما كانت عليه، مما انتج عجزا في الميزانية وخفضا في التوظيف العقود.
وتقوم حرب اليمن بانهاك الميزانية السعودية وافراغها بسرعة مخيفة، ولكن هناك عامل آخر ينبغي على القيادة السعودية التعامل معه، وهو يتمثل في المعارضة الدولية المتنامية للحملة الجوية التي تنفذها في اليمن حيث قتل نحو 6 آلاف يمني في الاشهر الـ 12 الاخيرة من الحرب.
وتقول التقارير إن زهاء نصف هذا العدد قتل في الغارات الجوية، رغم ان السعوديين ينفون ذلك.
وفيما لا يعارض الا تنظيم الدولة الاسلامية ومؤيدوه الغارات التي ينفذها السعوديون ضد الجهاديين في سوريا، فإن الحملة الجوية في اليمن تثير جدلا واسعا.
ففي شباط / فبراير الماضي، صوت البرلمان الاوروبي باغلبية كبيرة لصالح مشروع قانون يفرض بموجبه حظر اوروبي شامل على تصدير السلاح للسعودية، وحمل النواب الاوروبيون الرياض وحملتها الجوية مسؤولية ما وصفته "بالوضع الانساني الكارثي" في اليمن.
في الاشهر الـ 12 الاخيرة، كانت الولايات المتحدة تمد يد العون للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن عن طريق تقنيات تزويد الطائرات بالوقود وتزويدها بالمعلومات الاستخبارية التي تحصل عليها الاقمار الاصطناعية الامريكية. كما باعت الولايات المتحدة وبريطانيا طائرات حربية وصواريخ بالغة الدقة للسعوديين.
وحسب الحملة المناوءة لتجارة السلاح ومقرها لندن، وافقت الحكومة البريطانية على بيع ما قيمتها 4 مليارات دولار من الاسلحة للسعودية منذ انطلاق الغارات الجوية في اليمن في آذار / مارس 2015.
من جانبها، تقول منظمة العفو الدولية إن "الآلاف من المدنيين اليمنيين قتلوا او جرحوا في الغارات الجوية السعودية العشوائية والمدمرة، وهناك ادلة قوية تشير الى ان بيع السعودية المزيد من الاسلحة ليست تفتقر الى الحكمة فحسب بل الى الشرعية ايضا."
ولكن السعوديين ينفون ذلك بشدة، مشيرين الى ان مسلحي الحوثي في اليمن هم الذين بدأوا الحرب عندما احتلوا العاصمة صنعاء واطاحوا بالحكومة التي تعترف بها الامم المتحدة، وان الحوثيين الذين يساندهم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، يرتكبون انتهاكات يوميا ضد المدنيين في اليمن.
"لا قائمة اهداف"
بعد أن آذتهم هذه الانتقادات الدولية، وافق السعوديون على ان ازور مركز عملياتهم الجوية الكائن في قاعدة الملك سلمان في الرياض، حيث يقوم ضباط الاستخبارات السعوديون وحلفاؤهم من الدول العربية الحليفة بانتقاء الاهداف واصدار الاوامر للاسراب المنتشرة في قواعد في ارجاء البلاد للقيام بغارات جوية.
وفي خلية الاستخبارات والرصد والمراقبة التابعة للمركز، اصر الضباط على ان كل هدف يجري انتقاؤه يدقق ثلاث مرات للتأكد من تطابقه مع القانون الانساني والدولي وقوانين الحرب.
وفي سياق ما يطلقون عليه جهد الحد من الاضرار الجانبية، قالوا لي إنهم في العادة يتجنبون ضرب اي هدف يقع على مسافة 500 متر من اماكن وجود المدنيين، وهو ادعاء قد لا يتفق معه اليمنيون على الارض.
وقال الضباط السعوديون إن مجال الامان هذا قد يتقلص في بعض الحالات الى 200 متر عند استخدام القنابل عالية الدقة الموجهة باشعة الليزر.
ونفوا ان تكون طائراتهم قد تعمدت استهداف المدنيين ابدا، ولو انهم اعترفوا بوقوع بعض الاخطاء.
وعلى جدار القاعة علقت خارطة رقمية كبيرة لليمن علمت عليها المواقع بااللونين الاخضر والاحمر. قيل لي ان هذه قائمة الاهداف الممنوعة، وهي خارطة لكل المباني والمنشآت المحرم ضربها.
وقال مقدم الجو السعودي تركي المالكي "الصورة التي امامك تمثل مسرح العمليات".
وبعد تقريب الصورة بحيث ظهرت فيها شوارع صنعاء، قال المقدم تركي "تمكننا هذه الخريطة من تجنب ضرب الاهداف التي لا تماشى مع قوانين الحرب مثل المنشآت الطبية والتاريخية والمدارس والمنشآت الدبلوماسية."
قلت إنه في مثال واحد فقط، اشتكت منظمة اطباء بلا حدود بأن مستشفياتها تعرضت للقصف 3 مرات في فترة تقل عن 3 شهور، فاجاب العميد العسيري بأن الجمهور العالمي خدع حول حقيقة الموقف في اليمن.
وقال "لا تحدث اي حادثة دون ان يحقق بها، وعندما نحقق ننشر نتيجة التحقيق. نتأكد بأن معلوماتنا الاستخبارية صحيحة وواضحة. نأسف لكل اصابة، ولكنها الحرب."
"بحاجة الى وقت"
عندما اجريت مقابلة مع العميد العسيري قبل سنة واحدة في الرياض عند بداية الحملة الجوية التي تقودها السعودية في اليمن، احسست بأن القوة النارية الهائلة الموجهة ضد الحوثيين ستجبرهم على الجنوح نحو السلم بفترة قصيرة.
ولكن هذا لم يحدث، رغم ان وفدا حوثيا زار الرياض هذا الشهر.
ويقول السعوديون إنهم لن يتساهلوا مع وجود ميليشيات مسلحة على حدودهم، وعلى وجه الخصوص الميليشيات التي تدعمها ايران.
وقال العسيري مشيرا الى ان قوة حلف شمال الاطلسي التي قادتها الولايات المتحدة لم تحرز الا نجاحا جزئيا رغم مكوثها في افغانستان لمدة 11 عاما، "نحن بحاجة الى مزيد من الوقت لنحقق الاستقرار في اليمن."
السؤال الآن هو ما اذا كان للسعوديين المال والصبر الكافيين للمشاركة في تحالفين يحاربان على جبهتين، فيما تواصل حصيلة الضحايا في صفوف المدنيين اليمنيين الارتفاع.
http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2016/03/160313_saudi_two_wars
فلمدة شهر كامل تقريبا، استضافت السعودية قوات من 20 دولة حليفة في اول فرصة تتاح لها للتدريب على دمج التحالف الذي تقوده والذي اعلن عن تأسيسه العام الماضي لمحاربة الارهاب. وكان هذا الحشد، حسبما يقول السعوديون، اكبر تجمع للقوات المسلحة في المنطقة منذ حملة "عاصفة الصحراء" التي طردت القوات العراقية من الكويت عام 1991.
ولكن الارقام التي اوردها الاعلام السعودي المحلي من ان 350 الف عسكري شاركوا في التمارين تبدو مبالغا بها بعض الشيء.
فلم ار الا مؤشرات قليلة على وجود جحافل ضخمة للمشاة، كما اعتذر القائد السعودي المسؤول عن الادلاء بالعدد الكلي للعسكريين المشاركين مكتفيا بالقول "إن الاعداد ليست مهمة" مما يشير الى ان العدد الفعلي كان اقل من المتوقع.
ولكن هذا لايسري على القوات الجوية، التي كانت مشاركتها كبيرة فعلا.
ففي قاعدة الملك سعود الجوية القريبة من بلدة حفر الباطن، شاهدت اسرابا من طائرات ف-16 المصرية والاردنية والبحرينية، وطائرات ميراج قطرية وهي تؤدي التمارين الى جانب طائرات التايفون وف-15 السعودية.
وبالقرب من القاعدة، كانت المدفعية الكويتية تستمكن تحت شباك التمويه، والدروع الاماراتية تزحف في واد رملي فيما حلقت فوقها مروحيات اباتشي السعودية.
وقال العميد احمد العسيري، الناطق العسكري السعودي، "نقوم بتجربة بنيتنا التحتية ومطاراتنا وموانئنا وقواعدنا الجوية لكي نتأكد من قدرتنا على استضافة تحالف بهذا الحجم"، مضيفا ان قوات التحالف الاسلامي ينبغي ان تكون قادرة على التحول بسرعة من المشاركة في حرب تقليدية الى حرب العصابات.
شعور بالحصار
والعديد من الدول المشاركة في التمارين تقوم بذلك بالفعل، مثل مالي التي تتصدى لتنظيم القاعدة في شمالي البلاد وباكستان التي تتصدى لمسلحي طالبان.
ولكن الدولة التي تشعر باكبر تهديد هي السعودية ذاتها.
فقواتها منهمكة في القتال في اليمن على الحدود الجنوبية للسعودية، بينما تشارك قواتها الجوية في الحملة التي تستهدف "تنظيم الدولة الاسلامية" في سوريا. ونفذ التنظيم الاخير بالفعل عدة هجمات داخل الاراضي السعودية.
كما بدأ السعوديون بالشعور بأنهم محاصرون من قبل القوات التي تعمل بالوكالة عن منافستها اللدودة ايران، مثل حزب الله في لبنان وسوريا والميليشيات الشيعية في العراق والمسلحين الحوثيين الذين تدعمهم ايران في اليمن.
فهل بمقدور السعودية خوض حربين في آن ؟ سؤال وجهته للعميد العسيري الذي اجاب قائلا "اعرف انه امر منهك من ناحية الموارد والقوة البشرية، إذ نواجه اليوم تحديات في الجنوب وقواتنا متمددة في الشمال منذ عام 2014، وكل ذلك لأننا نشعر بأن أمننا الوطني مهدد."
انتقاد للضربات الجوية
لقد جاءت هاتان الحملتان في وقت غير مؤات بالنسبة للسعودية، ثاني اكبر منتج ومصدر للنفط في العالم.
فاسعار النفط قد تدهورت بأكثر من 60 بالمئة مما كانت عليه، مما انتج عجزا في الميزانية وخفضا في التوظيف العقود.
وتقوم حرب اليمن بانهاك الميزانية السعودية وافراغها بسرعة مخيفة، ولكن هناك عامل آخر ينبغي على القيادة السعودية التعامل معه، وهو يتمثل في المعارضة الدولية المتنامية للحملة الجوية التي تنفذها في اليمن حيث قتل نحو 6 آلاف يمني في الاشهر الـ 12 الاخيرة من الحرب.
وتقول التقارير إن زهاء نصف هذا العدد قتل في الغارات الجوية، رغم ان السعوديين ينفون ذلك.
وفيما لا يعارض الا تنظيم الدولة الاسلامية ومؤيدوه الغارات التي ينفذها السعوديون ضد الجهاديين في سوريا، فإن الحملة الجوية في اليمن تثير جدلا واسعا.
ففي شباط / فبراير الماضي، صوت البرلمان الاوروبي باغلبية كبيرة لصالح مشروع قانون يفرض بموجبه حظر اوروبي شامل على تصدير السلاح للسعودية، وحمل النواب الاوروبيون الرياض وحملتها الجوية مسؤولية ما وصفته "بالوضع الانساني الكارثي" في اليمن.
في الاشهر الـ 12 الاخيرة، كانت الولايات المتحدة تمد يد العون للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن عن طريق تقنيات تزويد الطائرات بالوقود وتزويدها بالمعلومات الاستخبارية التي تحصل عليها الاقمار الاصطناعية الامريكية. كما باعت الولايات المتحدة وبريطانيا طائرات حربية وصواريخ بالغة الدقة للسعوديين.
وحسب الحملة المناوءة لتجارة السلاح ومقرها لندن، وافقت الحكومة البريطانية على بيع ما قيمتها 4 مليارات دولار من الاسلحة للسعودية منذ انطلاق الغارات الجوية في اليمن في آذار / مارس 2015.
من جانبها، تقول منظمة العفو الدولية إن "الآلاف من المدنيين اليمنيين قتلوا او جرحوا في الغارات الجوية السعودية العشوائية والمدمرة، وهناك ادلة قوية تشير الى ان بيع السعودية المزيد من الاسلحة ليست تفتقر الى الحكمة فحسب بل الى الشرعية ايضا."
ولكن السعوديين ينفون ذلك بشدة، مشيرين الى ان مسلحي الحوثي في اليمن هم الذين بدأوا الحرب عندما احتلوا العاصمة صنعاء واطاحوا بالحكومة التي تعترف بها الامم المتحدة، وان الحوثيين الذين يساندهم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، يرتكبون انتهاكات يوميا ضد المدنيين في اليمن.
"لا قائمة اهداف"
بعد أن آذتهم هذه الانتقادات الدولية، وافق السعوديون على ان ازور مركز عملياتهم الجوية الكائن في قاعدة الملك سلمان في الرياض، حيث يقوم ضباط الاستخبارات السعوديون وحلفاؤهم من الدول العربية الحليفة بانتقاء الاهداف واصدار الاوامر للاسراب المنتشرة في قواعد في ارجاء البلاد للقيام بغارات جوية.
وفي خلية الاستخبارات والرصد والمراقبة التابعة للمركز، اصر الضباط على ان كل هدف يجري انتقاؤه يدقق ثلاث مرات للتأكد من تطابقه مع القانون الانساني والدولي وقوانين الحرب.
وفي سياق ما يطلقون عليه جهد الحد من الاضرار الجانبية، قالوا لي إنهم في العادة يتجنبون ضرب اي هدف يقع على مسافة 500 متر من اماكن وجود المدنيين، وهو ادعاء قد لا يتفق معه اليمنيون على الارض.
وقال الضباط السعوديون إن مجال الامان هذا قد يتقلص في بعض الحالات الى 200 متر عند استخدام القنابل عالية الدقة الموجهة باشعة الليزر.
ونفوا ان تكون طائراتهم قد تعمدت استهداف المدنيين ابدا، ولو انهم اعترفوا بوقوع بعض الاخطاء.
وعلى جدار القاعة علقت خارطة رقمية كبيرة لليمن علمت عليها المواقع بااللونين الاخضر والاحمر. قيل لي ان هذه قائمة الاهداف الممنوعة، وهي خارطة لكل المباني والمنشآت المحرم ضربها.
وقال مقدم الجو السعودي تركي المالكي "الصورة التي امامك تمثل مسرح العمليات".
وبعد تقريب الصورة بحيث ظهرت فيها شوارع صنعاء، قال المقدم تركي "تمكننا هذه الخريطة من تجنب ضرب الاهداف التي لا تماشى مع قوانين الحرب مثل المنشآت الطبية والتاريخية والمدارس والمنشآت الدبلوماسية."
قلت إنه في مثال واحد فقط، اشتكت منظمة اطباء بلا حدود بأن مستشفياتها تعرضت للقصف 3 مرات في فترة تقل عن 3 شهور، فاجاب العميد العسيري بأن الجمهور العالمي خدع حول حقيقة الموقف في اليمن.
وقال "لا تحدث اي حادثة دون ان يحقق بها، وعندما نحقق ننشر نتيجة التحقيق. نتأكد بأن معلوماتنا الاستخبارية صحيحة وواضحة. نأسف لكل اصابة، ولكنها الحرب."
"بحاجة الى وقت"
عندما اجريت مقابلة مع العميد العسيري قبل سنة واحدة في الرياض عند بداية الحملة الجوية التي تقودها السعودية في اليمن، احسست بأن القوة النارية الهائلة الموجهة ضد الحوثيين ستجبرهم على الجنوح نحو السلم بفترة قصيرة.
ولكن هذا لم يحدث، رغم ان وفدا حوثيا زار الرياض هذا الشهر.
ويقول السعوديون إنهم لن يتساهلوا مع وجود ميليشيات مسلحة على حدودهم، وعلى وجه الخصوص الميليشيات التي تدعمها ايران.
وقال العسيري مشيرا الى ان قوة حلف شمال الاطلسي التي قادتها الولايات المتحدة لم تحرز الا نجاحا جزئيا رغم مكوثها في افغانستان لمدة 11 عاما، "نحن بحاجة الى مزيد من الوقت لنحقق الاستقرار في اليمن."
السؤال الآن هو ما اذا كان للسعوديين المال والصبر الكافيين للمشاركة في تحالفين يحاربان على جبهتين، فيما تواصل حصيلة الضحايا في صفوف المدنيين اليمنيين الارتفاع.
http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2016/03/160313_saudi_two_wars