لاروكو: كلية الدفاع في الإمارات ستكون المؤسسة الأولى في المنطقة
يشارك مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية (نيسا) بعمق في قضايا العالم العربي، حيث يسهم ذلك في تعزيز الأمن في هذه المنطقة المترامية الأطراف، وذلك مبدئياً من خلال التعليم، ويعمل المركز بتعاون وثيق مع كلية الدفاع الوطني الإماراتية التي يؤكد أنها ستكون المعهد الأول من نوعه في المنطقة، وفي هذه المقابلة يدلي سعادة مدير مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية معالي جيمس أ. لاروكو برأيه وبنظرته الثاقبة في أنشطة المركز في واشنطن.
حوار:الرائد الركن/ يوسف جمعة الحداد
ملازم أول/ خليل الكعبي
ماهي رؤية ورسالة مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية (نيسا)؟
يعـد هـذا أهـم الأسئلـة الجوهريـة، فمنـذ عاميـن عندمـا جـرت مقابلتـي لتولـي منصـب مديـر المركـز تـم توجيـه هذا الســؤال لي عمـا إذا كنـت سأغيـر الرؤيـة والرسالـة، فقلـت "لا"، وكـان رأيـي أن الرؤيـة والرسالـة اللتيـن تـم إقرارهمـا قبـل ثلاثـة عشـر عامـاً كانـتا صحيحتيـن تمامـاً، أمـا فيمـا يخـص سؤالكـم فتتمثـل رؤيـة مركـز الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا للدراسـات الاستراتيجيـة "نيسا" فـي بنـاء مجتمعـات مشاركـة مستديمـة تتمتـع بالأهميـة وتقيـم شراكـات بيـن الاختصاصييـن والقـادة الأمنييـن فـي المنطقـة، خاصة إن منطقتنـا تمتـد مـن المغـرب إلـى بنغـلادش، أما رسالتنـا فهـي تعزيـز الأمـن فـي الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا وآسيـا الوسطـى مـن خـلال بنـاء علاقـات مستديمـة ذات منفعـة مشتركـة، وتعزيـز التعـاون الإقليمـي فـي القضايـا الأمنيـة، وتشجيـع التـواصـل الفعـال والقـدرات الاستراتيجيـة عـن طريـق التفاعـل الصريـح فـي بيئـة أكاديميـة، كمـا نعمـل فـي الوقـت نفسـه علـى أن يقـوم كـل شخـص بتطويـر القـدرة علـى التفكيـر البنـاء، ونحـن نطلـق علـى هـذا "التفكيـر النقـدي" وهـو عبـارة عـن القـدرة علـى استقبـال المعلومـات ومعالجتهـا بحيـث تستطيـع أن تـرى مـا هـو دور هـذه المعلومـات بالنسبـة إليـك ولبلـدك ومنطقتـك والعالـم.
كيف يساهم المركز في بناء وتعزيز العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها؟
يعـدّ هـذا جـزءاً مهمـاً للغايـة مـن رسالتنـا، إذ يقـوم المركـز بإعـداد برامـج تلـم شمـل المشاركيـن فـي منطقـة مركـز الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا للدراسـات الاستراتيجيـة، وهـذا نتيجـة لالتـزام جميـع دولنـا المشاركـة التـي تبعـث بأفضـل وألمـع مـن لديهـا إلـى حلقاتنـا الدراسيـة وورش العمـل لدينـا، كمـا نقـوم نحـن أيضـاً بـإدارة مجموعـة واسعـة مـن الفعاليـات فـي المناطـق، وليـس هنـا فـي واشنطـن فحسـب، بـل وحتـى خـارج المناطـق، إننـا متميـزون، لأننـا نوفـر الترجمـة الفوريـة باللغـات العربيـة والفرنسيـة والداريـة "الأفغانيـة"، وكذلـك الروسيـة، كمـا يوفـر مكتبنـا لشـؤون الخريجيـن أنواعـاً مختلفـة مـن المـوارد بعـد تخـرج طلابنـا مـن برامجنـا، ولدينـا الآن أكثـر مـن 4000 خريـج، ولذلـك فإننـا نعتبـر – كجـزء مـن رسالتنـا – أنـه مـن المهـم بالدرجـة نفسهـا بالنسبـة إلينـا أن نبقـى علـى اتصـال دائـم مـع خريجينـا مـن أجـل أن تستمـر الخبـرة التـي اكتسبوهـا هنـا، كمـا نقيـم أيضـاً فعاليـات للخريجيـن، ومـن الأمثلـة عليهـا أننـا سنقـوم بعـد فتـرة قصيـرة بجمـع الخريجيـن عنـد "البحـر الميـت" لحضـور برنامـج حلقـة دراسيـة تركّـز علـى أهم قضايـا مثـل سوريـا.
إلى أي مدى تسهم البيئة الأكاديمية للمركز في وضع الحلول ومواجهة التحديات التي تواجهها الدول الصديقة؟
لا أريـد أن أذكـر التفاصيـل فـي مقابلـة عامـة، ولكـن هـذا أمـر مهـم لشبـه الجزيـرة العربيـة ولأصدقائنـا فيهـا، وهـذا واحـد مـن الأنشطـة العديـدة جـداً التـي نشـارك فيهـا الـدول الصديقـة والحليفـة، والتـي ستسهـم فـي بنـاء علاقـات دائمـة وذات نفـع مشتـرك، كمـا أنـه سيعـزز التعـاون الإقليمـي فـي القضايـا الأمنيـة، ويشجـع الاتصـالات الفعالـة، ويبنـي القـدرة علـى حـل القضايـا، حيـث يستفيـد بعضنـا مـن البعـض الآخـر ونتعلـم أفضـل الممارسـات، إنـه المجـال الـذي نستطيـع فيـه إجـراء تفاعـل صـادق وتواصـل صريـح وودي جـداً فـي بيئـة أكاديميـة، ومـن ثـم نأمـل أن يستطيعـوا – مـن خـلال التفكيـر الناقـد – أن يقومـوا بحـل بعـض المشكـلات أو يطـوروا استراتيجيـات يعـودون بهـا إلـى حكوماتهـم أو يطرحوهـا علـى قادتهـم، ويمكننـا أيضـاً اقتـراح استراتيجيـات علـى قادتنـا الأمريكييـن لمساعدتهـم علـى السعـي لتسويـة بعـض مـن القضايـا العديـدة التـي تشكـل تحديـاً فـي هـذه المنطقـة الواسعـة.
كيف تصفون العلاقة بين المركز وجامعة الدفاع الوطني الأمريكية؟
إننـا كجيـران، هنـاك تعبيـر مأثـور قديـم فـي الصيـن يقـول: "إنـك عندمـا تكـون بجـوار شخـص مـا فإنـك تقـول إن ذلـك كالعلاقـة بيـن الشفتيـن والأسنـان"، وتلـك هـي حالنـا مـع جامعـة الدفـاع الوطنـي، فهـم لديهـم هـذه المكتبـة الرائعـة وقاعـدة البيانـات التـي نستفيـد منهـا، وهنـاك عـدد كبيـر مـن الأساتـذة الذيـن نتبادلهـم، كما أننـا نعمـل فـي شراكـة استراتيجيـة مـع جامعـة الدفـاع الوطنـي فـي دعـم وتطويـر كليـة الدفـاع الوطنـي بـدولة الإمـارات العربيـة المتحـدة التـي تعمـل بالتعـاون مـع جامعـة الدفـاع الوطنـي التـي توفـر دعـمها بهيئـة التدريـس والدعـم الإداري، وسيكـون هنـاك عـدد مـن مراكـز المتدربيـن فـي هيئـة التدريـس مـن الإماراتييـن القادميـن مـن كليـة الدفـاع الوطنـي حيث سيأتـون إلـى واشنطـن ويعاملـون كجـزء مـن هيئـة التدريـس بجامعـة الدفـاع الوطنـي، وهـذه فرصـة كبـرى للتبـادل بيـن كليـة الدفـاع الوطنـي الإماراتيـة وجامعـة الدفـاع الوطنـي هنـا، ومركـز الشرق الأدنى وجنـوب آسيـا للدراسـات الإستراتيجية أيضـاً.
هل ثمة أي تعاون بين الكلية هنا في واشنطن والمراكز التعليمية الأساسية في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
بالتأكيـد، أنـا أزور دولـة الإمـارات العربيـة المتحـدة بيـن وقـت وآخر، ونحـن نعمـل مـع عـدد مـن المؤسسـات، كمـا نديـر مـا يسمـى بشبكـة الدراسـات الإستراتيجية، وهـي شبكـة مؤسسـات بحثيـة وتعليميـة، ولدينـا الآن 62 جمعيـة ومؤسسـة بحثيـة مـن سائـر شبكات الدراسـات الإستراتيجية، ومـن الأمـور التـي يتم التركيز عليهـا قضيـة أمـن الميـاه التـي تـم تصنيفها بأنهـا القضيـة الأولـى فـي منطقتنـا كلهـا، وهنـاك مجـالات أخـرى هـي أمـن الطاقـة، وأمـن البيئـة، ومستقبـل أفغانستـان، وإيـران ومـا سيحـدث هنـاك، وهـذه أمثلـة لمجـالات نتعـاون فيهـا مـع المؤسسـات الإماراتيـة وغيرهـا مـن المؤسسـات فـي مختلـف العالـم.
ما هو مستوى التعاون بين مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية في الولايات المتحدة والكليات العسكرية الأجنبية؟
إننـا نعتبـر أن مـن أهـم مهامنـا العمـل مـع كليـات عسكريـة أجنبيـة أخـرى، فالجامعـات والكليـات ليسـت متشابهـة تمامـاً، فهنـاك تباين فـي الأهـداف مـن بلـد لآخـر، ونحـن نسعـى للتركيـز علـى تلـك التـي تنسجـم مـع رسالتنـا، ولدينـا مـا نسميـه فـرق هيئـة تدريـس متنقلـة، ونقـوم بزيـارة هـذه المؤسسـات مـرة فـي العـام علـى الأقـل، كمـا أنـه لدينـا فـي بعـض هـذه المؤسسـات برامـج تبـادل دائمـة، وكثيـر منهـا تأتـي بكلياتهـا بكاملهـا إلـى واشنطـن، ونحـن نقـوم بوضـع برنامـج كامـل، ونقـوم بذلـك فـي عـدد مـن الـدول الخليجيـة.
إلى أي مدى تواكب إصدارات مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية وحلقاته الدراسية التغيرات الجارية على الحلبة الدولية؟
فـي العالـم الـذي نعيـش فيـه اليـوم نـود أن نقـول إن دورة الخبـر تستغـرق ثانيـة واحـدة أو أقـل، وعندمـا كنـت أصغـر سنـاً كنـا نقـول إنهـا كانـت تستغـرق 24 ساعـة، ومـن ثـم أسبوعـاً لأجـل التحليـل، والآن إذا بحثـت فـي شبكـة الإنترنـت فسـوف تـرى أن هنـاك 1000 قصـة إخبارية تظهـر خـلال دقيقـة واحـدة، وفـي غضـون دقيقتيـن يبـدأ أول تحليـل فـي الظهـور، حتـى إن لـم تكـن كـل الحقائـق صحيحـة، وهنـاك المزيـد والمزيـد ممـا نفعلـه مـن خـلال فيسبـوك وتويتـر، ومقـالات ورسائـل نرسلهـا مـن خـلال وسائـل الإعـلام الإلكترونيـة تأخـذ وقتـاً أقصـر، كمـا أننـا لـم نعـد ننشـر كثيـراً ممـا نكتبـه فـي نسـخ ورقيـة، بـل يصـدر معظـم مـا نؤلفـه إلكترونيـاً.
يتقلد العديد من خريجكم من دول العالم وظائف قيادية مرموقة سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، كيف تتواصلون مع مثل هؤلاء وباقي الخريجين، وما هو الهدف من هذا التواصل؟
أجـل، إن الطـلاب يتواصلـون معنـا ونحـن نتيـح لهـم كـل السبـل الممكنـة للبقـاء علـى اتصـال معنـا مـن خـلال فيسبـوك وتويتـر والبريـد الإلكترونـي، إنهـم يتمتعـون بإمكانيـة الوصـول إلـى قاعـدة بيانـات البحـوث هنـا علـى مـدار الساعـة.
تحرص الكثير من دول العالم على إرسال دارسين للالتحاق بدورات لديكم، ما هو تقييمكم للمردود الذي يجنيه الدارس الأمريكي من مشاركة زملائه من باقي دول العالم؟
بالنسبـة إلـى الطـلاب الأمريكييـن تعـدّ هـذه فرصـة نـادرة لسمـاع وجهـات نظـر هـذا العـدد الكبيـر مـن الأشخـاص، فكثيـر مـن منسوبـي قواتنـا العسكريـة هـم ضبـاط متوسطـو الرتـب، وهـم يقضـون معظـم أوقاتهـم فـي التدريـب، ولكـن مـا نفعلـه ليـس تدريبـاً، بـل هـو تعليـم، فالتدريـب هـو أمر تقـوم بـه مـرة تلـو المـرة، أمـا التعليـم فيمكـن أن يبقـى معـك مـدى الحيـاة، أمـا هـؤلاء القادمـون مـن الخـارج فهم أيضاً يتعلمـون مـن بعضهـم البعض، فنظـرة المغربـي إلـى العالـم تختلـف عـن نظـرة الإماراتـي، وهـذا ينطبـق علـى الأفغانـي والمصـري، أو علـى التركـي والعمانـي، إن النـاس ينظـرون إلـى العالـم بطـرق مختلفـة، ولكنهـم يـرون أيضـاً أننـا جميعـاً مترابطـون فيمـا بيننـا، إن معرفـة شخـص مـا بشكـل شخصـي، حتـى إن لـم يكـن هناك توافـق تـام، يعتبـر أمـراً فـي غايـة الأهميـة للتفاهـم المشتـرك، فاستثمـار صغيـر جـداً قـد يعـود بمـردود كبيـر جـداً، نـود القـول إن أقـوى الأسلحـة فـي العالـم هو العقـل.
ما هي بعض الصعوبات والتحديات التي تواجه الطلاب الوافدين الذين يدرسون في الكلية؟
عـادة تبـرز الصعوبـات فـي الأيـام القليلـة الأولـى، فهـم يعانـون الإرهـاق مـن السفـر عندمـا يأتـون ويذهبـون إلـى الفنـدق إذ يشعـرون بالتغييـر عـن المعتـاد، والصعوبـات هـي نفسهـا لأي مسافريـن، ونحـن نفعـل كـل مـا بوسعنـا لتوفيـر الراحـة لهـم، سـوف يخبركـم خريجونـا أنهـم شعـروا حقـاً بالترحيـب والارتيـاح، ويفترض بالطـلاب ألا يشغلهـم التفكيـر بشـأن كونهـم هنـا، بـل عليهـم التفكيـر بالمـواد والموضوعـات فحسـب، قـد يكـون التواصـل بيـن اللغـات المختلفـة صعبـاً، وهـذا هـو السبـب وراء توافـر مترجميـن شفوييـن لدينـا، فعـدم القـدرة علـى تغطيـة جميـع الموضوعـات بسبـب عامـل الوقـت يعتبـر مشكلـة، ولكـن لا بـد لـك مـن الاختيـار.
كما تعلمون أن العلاقة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة بلغت مرحلة من النضج والتقدم بحيث أصبحت نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الكثير من دول العالم، كيف تساهم مؤسسات التعليم العسكري في البلدين على استثمار هذا التطور في العلاقات لتعزيز تحقيق المصالح المشتركة؟
يعتبـر هـذا سـؤالاً مهمـاً جـداً، ونحـن مـا نـزال فـي البدايـة لنـرى نتائج هـذه العمليـة، ولازالت الطريـق أمامنـا طويلة، فقـد غـدت العلاقـة بيـن الولايـات المتحـدة الأمريكيـة والإمـارات العربيـة المتحـدة أوثـق باستمـرار، ومـا نفعلـه مـع كليـة الدفـاع الوطنـي الإماراتيـة هـو خيـر مثـال علـى هـذا، إنهـا بدايـة انطـلاق برنامـج تبـادل يتعلـق بالتعليـم والتدريـب وسيكـون واسـع النطـاق، ودورنـا هـو التعليـم والتبـادل.
كيف يساهم كبار القادة القادمين من وزارة الخارجية والقوات المسلحة الأمريكية – بعد التقاعد – في رسالة مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية؟
أنـت تتحـدث مـع واحـد منهـم، لقـد كنـت دبلوماسيـاً لمـدة 35 عامـاً، وقـد خدمـت فـي جميـع أنحـاء المنطقـة، بمـا فيهـا شبـه الجزيـرة العربيـة، لمـدة ثمانيـة أعـوام، تقاعـدت مـن الوظيفـة الحكوميـة وانتقلـت إلـى هنـا منـذ أربـعة أعوام، ولدينـا فـي مركـز الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا للدراسـات الاستراتيجيـة عسكريـون متقاعـدون، ونحـن نسعـى للاستفـادة مـن أشخـاص يملكـون أكثـر مـن مجـرد المعرفـة، إنهـم يتمتعـون بالخبـرة، وهنـاك أيضـاً اختصاصيـون فـي جوانـب معينـة مـن التعليـم العسكـري، بعضهـم خبـراء فـي محاربـة الإرهـاب، كما يوجد لدينـا العديـد مـن المختصيـن فـي قضايـا ودول معينـة وأمـور جيوسياسيـة، إلى جانب خبـراء فـي أمـن الميـاه والطاقـة والمجـالات الوظيفيـة، وهنـاك مجموعـة متنوعـة مـن المتقاعديـن والأكاديمييـن الذيـن نأتـي بهـم إلـى هنـا.
يعد مركزكم من المراكز الهامة في العالم التي تعنى بالدراسات الإستراتيجية في العالم العربي، وأصبح هذا المركز يعني بالأنشطة التعليمية العسكرية في المنطقة، ما هي رؤيتكم المستقبلية لهذه الخطوة؟
إن مستقبلنـا يحـدث الآن، سـوف نقـوم بإقامـة علاقـة أوثـق مـع مؤسسـات التعليـم العسكـري المهنـي فـي المنطقـة، وقـد جاءنـا العديـد مـن هـذه المؤسسـات مباشـرة لتسهيـل عمليـات التبـادل ومـا شابـه، علينـا أن نكـون انتقائييـن وألا ننفـذ الأنـواع نفسهـا مـن البرامـج مـع كـل مؤسسـة عسكريـة مهنيـة، ولكـن لدينـا علـى أيـة حـال عمليـات تبـادل نشيطـة لأعضـاء هيئـة التدريـس، وسـوف ندعوهـم للمشاركـة فـي حلقاتنـا الدراسيـة وبرامجنـا فـي المنطقـة، ولدينـا فـي الواقـع علاقـة جيـدة مـع جميـع الـدول فـي المنطقـة التـي لديهـا معهـد عسكـري، ونريـد أن نوسـع ذلـك بغيـة تحقيـق المنفعـة المشتركـة.
ما هي طبيعة زيارة قائد كلية الدفاع الوطني بدولة الإمارات إلى مركزكم، وما هي النتائج التي ترتبت عليها حاضراً ومستقبلاً؟
لقـد زارنـا اللـواء الركـن طيـار رشـاد السعـدي قائـد كليـة الدفـاع الوطنـي هنـا عـدة مـرات وسـوف يأتـي مـرة أخـرى، كمـا كنـت مؤخـراً فـي العاصمـة أبوظبـي وعقـدت اجتماعـاً طويـلاً معـه، حيـث استعرضنـا وضـع عملنـا معـاً واتخذنـا بعـض القـرارات بالمضـي قدمـاً، وهـذه علاقـة تعـاون مثمرة، إننـا نتصـدى للمشكـلات ونحـن صادقـون فيمـا يتعلـق بهـا، كمـا أننـا نستلهـم رؤيـة الفريـق أول سمـو الشيـخ محمـد بـن زايـد آل نهيـان ولـي عهـد أبوظبـي نائـب القائـد الأعلـى للقـوات المسلحـة حيـال الكليـة، كمـا نذكّـر أنفسنـا دائمـاً بمـا نريـد إنجـازه فـي الأعـوام القادمـة.
ما هي أوجه التعاون بينكم وبين الكليات الأخرى على الصعيد العالمي؟ وما هو مستوى التعاون مع كلية الدفاع الوطني الإماراتية، وما هو مستقبل التبادل بين الجانبين؟
إننـا نتجـاوز منطقـة مركـز الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا للدراسـات الاستراتيجيـة إلـى المستـوى العالمـي، حيـث نبقـى علـى اتصـال مع الجميع، فالعالـم كلـه يتواصـل مـع منطقتنـا الآن، ونحـن نتواصـل مـع العالـم بأكمله، ونعمـل بمزيداً من الجهد فـي هـذا المجـال، وينطبـق الأمـر نفسـه علـى كليـة الدفـاع الوطنـي الإماراتيـة حيـث يتسـارع برنامـج التعـاون، إننـا علـى ثقـة مـن أن كـل شـيء سيكـون جاهـزاً عندمـا يبـدأ العـام الدراسـي الجديـد فـي سبتمبـر، وسـوف نسيـر قدمـاً فـي السنـوات القادمـة لضمـان أن تصبـح هـذه الكليـة المؤسسـة التعليميـة العسكريـة الأولـى فـي المنطقـة.
ما هي أبرز المرتكزات التي تضعونها في بؤرة التركيز على قادة المستقبل العسكريين عند تخرجهم من المركز؟
هـذا سـؤال معقـد، علينـا أن نبـدأ بالمبـادئ الأساسيـة، وأحدهـا هـو فكـرة التفكيـر الناقـد الـذي يعنـي أن يكونـوا منفتحيـن علـى الأفكـار الجديـدة، فهـم يستخدمـون المعلومـات ويستطيعـون تقييـم مـا تعنيـه بالنسبـة إلـى وطنهـم، وفضـلاً عـن التفكيـر الناقـد هنـاك تبـادل الأفكـار والاستمـاع للآخريـن، ومـن ثـم يأتـي السـؤال مـا هـي القضايـا الاستراتيجيـة القصيـرة الأمـد والطويلـة الأمـد فـي المنطقـة؟ فقـد تكـون قضايـا مثـل عمليـة السـلام أو الإرهـاب أو التهديـدات غيـر التقليديـة كالفضـاء الإلكترونـي (الإنترنـت) مثـلاً، إننـا ننفـق كثيـراً مـن الوقـت علـى إدارة النتائـج والعواقـب التـي هـي من صميـم كيفيـة التصـدي للأزمـات، فقـد تكـون كارثـة طبيعيـة أو بيئيـة، أو اضطـرابات مدنيـة، أو مكافحـة للإرهـاب، أو حـوادث تحطـم طائـرات أو إلى غير ذلك من القضايا.
كما تعلمون، لقد وصلت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة إلى مرحلة من النضج والتقدم بحيث أصبحت نموذجاً يحتذى لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين العديد من الدول، كيف تستطيع المؤسسات التعليمية العسكرية في كلا البلدين استغلال ذلك في تعزيز المصالح المشتركة؟
بالإمكـان أن تتـم بيننـا مبيعـات أسلحـة، وتدريـب علـى الأسلحـة، ومباحثـات فـي استراتيجيـات الدفـاع المشتـرك ضـد التهديـدات الموجهـة للولايـات المتحـدة ودولة الإمـارات، ولكـن أقـوى سـلاح نستطيـع بيعـه بين بعضنـا البعـض هـو الذي فـي عقولنـا ولـه علاقـة بالتعليـم، فسيكـون هنـاك دومـاً تدريـب علـى المعـدات والنظـم الجديـدة، غيـر أن التعليـم والنظـرة المستقبليـة الإستراتيجية همـا الأهـم، وسـوف يمثـل التبـادل التعليمـي إطـاراً لدفـع عجلـة المصلحـة الأمنيـة الوطنيـة لدولـة الإمـارات ولنـا أيضـاً، فالتغييـر يحـدث، ولا يمكننـا إيقافه، غيـر أننـا نريـد لذلـك التغييـر أن يكـون بنّـاء، وأنـا متحمـس فـي الواقـع لجميـع الفـرص المتاحـة مـع دولـة الإمـارات.
http://www.nationshield.ae/home/det...-ستكون-المؤسسة-الأولى-في-المنطقة#.Vrlz4Pl96Uk
يشارك مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية (نيسا) بعمق في قضايا العالم العربي، حيث يسهم ذلك في تعزيز الأمن في هذه المنطقة المترامية الأطراف، وذلك مبدئياً من خلال التعليم، ويعمل المركز بتعاون وثيق مع كلية الدفاع الوطني الإماراتية التي يؤكد أنها ستكون المعهد الأول من نوعه في المنطقة، وفي هذه المقابلة يدلي سعادة مدير مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية معالي جيمس أ. لاروكو برأيه وبنظرته الثاقبة في أنشطة المركز في واشنطن.
حوار:الرائد الركن/ يوسف جمعة الحداد
ملازم أول/ خليل الكعبي
ماهي رؤية ورسالة مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية (نيسا)؟
يعـد هـذا أهـم الأسئلـة الجوهريـة، فمنـذ عاميـن عندمـا جـرت مقابلتـي لتولـي منصـب مديـر المركـز تـم توجيـه هذا الســؤال لي عمـا إذا كنـت سأغيـر الرؤيـة والرسالـة، فقلـت "لا"، وكـان رأيـي أن الرؤيـة والرسالـة اللتيـن تـم إقرارهمـا قبـل ثلاثـة عشـر عامـاً كانـتا صحيحتيـن تمامـاً، أمـا فيمـا يخـص سؤالكـم فتتمثـل رؤيـة مركـز الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا للدراسـات الاستراتيجيـة "نيسا" فـي بنـاء مجتمعـات مشاركـة مستديمـة تتمتـع بالأهميـة وتقيـم شراكـات بيـن الاختصاصييـن والقـادة الأمنييـن فـي المنطقـة، خاصة إن منطقتنـا تمتـد مـن المغـرب إلـى بنغـلادش، أما رسالتنـا فهـي تعزيـز الأمـن فـي الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا وآسيـا الوسطـى مـن خـلال بنـاء علاقـات مستديمـة ذات منفعـة مشتركـة، وتعزيـز التعـاون الإقليمـي فـي القضايـا الأمنيـة، وتشجيـع التـواصـل الفعـال والقـدرات الاستراتيجيـة عـن طريـق التفاعـل الصريـح فـي بيئـة أكاديميـة، كمـا نعمـل فـي الوقـت نفسـه علـى أن يقـوم كـل شخـص بتطويـر القـدرة علـى التفكيـر البنـاء، ونحـن نطلـق علـى هـذا "التفكيـر النقـدي" وهـو عبـارة عـن القـدرة علـى استقبـال المعلومـات ومعالجتهـا بحيـث تستطيـع أن تـرى مـا هـو دور هـذه المعلومـات بالنسبـة إليـك ولبلـدك ومنطقتـك والعالـم.
كيف يساهم المركز في بناء وتعزيز العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها؟
يعـدّ هـذا جـزءاً مهمـاً للغايـة مـن رسالتنـا، إذ يقـوم المركـز بإعـداد برامـج تلـم شمـل المشاركيـن فـي منطقـة مركـز الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا للدراسـات الاستراتيجيـة، وهـذا نتيجـة لالتـزام جميـع دولنـا المشاركـة التـي تبعـث بأفضـل وألمـع مـن لديهـا إلـى حلقاتنـا الدراسيـة وورش العمـل لدينـا، كمـا نقـوم نحـن أيضـاً بـإدارة مجموعـة واسعـة مـن الفعاليـات فـي المناطـق، وليـس هنـا فـي واشنطـن فحسـب، بـل وحتـى خـارج المناطـق، إننـا متميـزون، لأننـا نوفـر الترجمـة الفوريـة باللغـات العربيـة والفرنسيـة والداريـة "الأفغانيـة"، وكذلـك الروسيـة، كمـا يوفـر مكتبنـا لشـؤون الخريجيـن أنواعـاً مختلفـة مـن المـوارد بعـد تخـرج طلابنـا مـن برامجنـا، ولدينـا الآن أكثـر مـن 4000 خريـج، ولذلـك فإننـا نعتبـر – كجـزء مـن رسالتنـا – أنـه مـن المهـم بالدرجـة نفسهـا بالنسبـة إلينـا أن نبقـى علـى اتصـال دائـم مـع خريجينـا مـن أجـل أن تستمـر الخبـرة التـي اكتسبوهـا هنـا، كمـا نقيـم أيضـاً فعاليـات للخريجيـن، ومـن الأمثلـة عليهـا أننـا سنقـوم بعـد فتـرة قصيـرة بجمـع الخريجيـن عنـد "البحـر الميـت" لحضـور برنامـج حلقـة دراسيـة تركّـز علـى أهم قضايـا مثـل سوريـا.
إلى أي مدى تسهم البيئة الأكاديمية للمركز في وضع الحلول ومواجهة التحديات التي تواجهها الدول الصديقة؟
لا أريـد أن أذكـر التفاصيـل فـي مقابلـة عامـة، ولكـن هـذا أمـر مهـم لشبـه الجزيـرة العربيـة ولأصدقائنـا فيهـا، وهـذا واحـد مـن الأنشطـة العديـدة جـداً التـي نشـارك فيهـا الـدول الصديقـة والحليفـة، والتـي ستسهـم فـي بنـاء علاقـات دائمـة وذات نفـع مشتـرك، كمـا أنـه سيعـزز التعـاون الإقليمـي فـي القضايـا الأمنيـة، ويشجـع الاتصـالات الفعالـة، ويبنـي القـدرة علـى حـل القضايـا، حيـث يستفيـد بعضنـا مـن البعـض الآخـر ونتعلـم أفضـل الممارسـات، إنـه المجـال الـذي نستطيـع فيـه إجـراء تفاعـل صـادق وتواصـل صريـح وودي جـداً فـي بيئـة أكاديميـة، ومـن ثـم نأمـل أن يستطيعـوا – مـن خـلال التفكيـر الناقـد – أن يقومـوا بحـل بعـض المشكـلات أو يطـوروا استراتيجيـات يعـودون بهـا إلـى حكوماتهـم أو يطرحوهـا علـى قادتهـم، ويمكننـا أيضـاً اقتـراح استراتيجيـات علـى قادتنـا الأمريكييـن لمساعدتهـم علـى السعـي لتسويـة بعـض مـن القضايـا العديـدة التـي تشكـل تحديـاً فـي هـذه المنطقـة الواسعـة.
كيف تصفون العلاقة بين المركز وجامعة الدفاع الوطني الأمريكية؟
إننـا كجيـران، هنـاك تعبيـر مأثـور قديـم فـي الصيـن يقـول: "إنـك عندمـا تكـون بجـوار شخـص مـا فإنـك تقـول إن ذلـك كالعلاقـة بيـن الشفتيـن والأسنـان"، وتلـك هـي حالنـا مـع جامعـة الدفـاع الوطنـي، فهـم لديهـم هـذه المكتبـة الرائعـة وقاعـدة البيانـات التـي نستفيـد منهـا، وهنـاك عـدد كبيـر مـن الأساتـذة الذيـن نتبادلهـم، كما أننـا نعمـل فـي شراكـة استراتيجيـة مـع جامعـة الدفـاع الوطنـي فـي دعـم وتطويـر كليـة الدفـاع الوطنـي بـدولة الإمـارات العربيـة المتحـدة التـي تعمـل بالتعـاون مـع جامعـة الدفـاع الوطنـي التـي توفـر دعـمها بهيئـة التدريـس والدعـم الإداري، وسيكـون هنـاك عـدد مـن مراكـز المتدربيـن فـي هيئـة التدريـس مـن الإماراتييـن القادميـن مـن كليـة الدفـاع الوطنـي حيث سيأتـون إلـى واشنطـن ويعاملـون كجـزء مـن هيئـة التدريـس بجامعـة الدفـاع الوطنـي، وهـذه فرصـة كبـرى للتبـادل بيـن كليـة الدفـاع الوطنـي الإماراتيـة وجامعـة الدفـاع الوطنـي هنـا، ومركـز الشرق الأدنى وجنـوب آسيـا للدراسـات الإستراتيجية أيضـاً.
هل ثمة أي تعاون بين الكلية هنا في واشنطن والمراكز التعليمية الأساسية في دولة الإمارات العربية المتحدة؟
بالتأكيـد، أنـا أزور دولـة الإمـارات العربيـة المتحـدة بيـن وقـت وآخر، ونحـن نعمـل مـع عـدد مـن المؤسسـات، كمـا نديـر مـا يسمـى بشبكـة الدراسـات الإستراتيجية، وهـي شبكـة مؤسسـات بحثيـة وتعليميـة، ولدينـا الآن 62 جمعيـة ومؤسسـة بحثيـة مـن سائـر شبكات الدراسـات الإستراتيجية، ومـن الأمـور التـي يتم التركيز عليهـا قضيـة أمـن الميـاه التـي تـم تصنيفها بأنهـا القضيـة الأولـى فـي منطقتنـا كلهـا، وهنـاك مجـالات أخـرى هـي أمـن الطاقـة، وأمـن البيئـة، ومستقبـل أفغانستـان، وإيـران ومـا سيحـدث هنـاك، وهـذه أمثلـة لمجـالات نتعـاون فيهـا مـع المؤسسـات الإماراتيـة وغيرهـا مـن المؤسسـات فـي مختلـف العالـم.
ما هو مستوى التعاون بين مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية في الولايات المتحدة والكليات العسكرية الأجنبية؟
إننـا نعتبـر أن مـن أهـم مهامنـا العمـل مـع كليـات عسكريـة أجنبيـة أخـرى، فالجامعـات والكليـات ليسـت متشابهـة تمامـاً، فهنـاك تباين فـي الأهـداف مـن بلـد لآخـر، ونحـن نسعـى للتركيـز علـى تلـك التـي تنسجـم مـع رسالتنـا، ولدينـا مـا نسميـه فـرق هيئـة تدريـس متنقلـة، ونقـوم بزيـارة هـذه المؤسسـات مـرة فـي العـام علـى الأقـل، كمـا أنـه لدينـا فـي بعـض هـذه المؤسسـات برامـج تبـادل دائمـة، وكثيـر منهـا تأتـي بكلياتهـا بكاملهـا إلـى واشنطـن، ونحـن نقـوم بوضـع برنامـج كامـل، ونقـوم بذلـك فـي عـدد مـن الـدول الخليجيـة.
إلى أي مدى تواكب إصدارات مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية وحلقاته الدراسية التغيرات الجارية على الحلبة الدولية؟
فـي العالـم الـذي نعيـش فيـه اليـوم نـود أن نقـول إن دورة الخبـر تستغـرق ثانيـة واحـدة أو أقـل، وعندمـا كنـت أصغـر سنـاً كنـا نقـول إنهـا كانـت تستغـرق 24 ساعـة، ومـن ثـم أسبوعـاً لأجـل التحليـل، والآن إذا بحثـت فـي شبكـة الإنترنـت فسـوف تـرى أن هنـاك 1000 قصـة إخبارية تظهـر خـلال دقيقـة واحـدة، وفـي غضـون دقيقتيـن يبـدأ أول تحليـل فـي الظهـور، حتـى إن لـم تكـن كـل الحقائـق صحيحـة، وهنـاك المزيـد والمزيـد ممـا نفعلـه مـن خـلال فيسبـوك وتويتـر، ومقـالات ورسائـل نرسلهـا مـن خـلال وسائـل الإعـلام الإلكترونيـة تأخـذ وقتـاً أقصـر، كمـا أننـا لـم نعـد ننشـر كثيـراً ممـا نكتبـه فـي نسـخ ورقيـة، بـل يصـدر معظـم مـا نؤلفـه إلكترونيـاً.
يتقلد العديد من خريجكم من دول العالم وظائف قيادية مرموقة سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، كيف تتواصلون مع مثل هؤلاء وباقي الخريجين، وما هو الهدف من هذا التواصل؟
أجـل، إن الطـلاب يتواصلـون معنـا ونحـن نتيـح لهـم كـل السبـل الممكنـة للبقـاء علـى اتصـال معنـا مـن خـلال فيسبـوك وتويتـر والبريـد الإلكترونـي، إنهـم يتمتعـون بإمكانيـة الوصـول إلـى قاعـدة بيانـات البحـوث هنـا علـى مـدار الساعـة.
تحرص الكثير من دول العالم على إرسال دارسين للالتحاق بدورات لديكم، ما هو تقييمكم للمردود الذي يجنيه الدارس الأمريكي من مشاركة زملائه من باقي دول العالم؟
بالنسبـة إلـى الطـلاب الأمريكييـن تعـدّ هـذه فرصـة نـادرة لسمـاع وجهـات نظـر هـذا العـدد الكبيـر مـن الأشخـاص، فكثيـر مـن منسوبـي قواتنـا العسكريـة هـم ضبـاط متوسطـو الرتـب، وهـم يقضـون معظـم أوقاتهـم فـي التدريـب، ولكـن مـا نفعلـه ليـس تدريبـاً، بـل هـو تعليـم، فالتدريـب هـو أمر تقـوم بـه مـرة تلـو المـرة، أمـا التعليـم فيمكـن أن يبقـى معـك مـدى الحيـاة، أمـا هـؤلاء القادمـون مـن الخـارج فهم أيضاً يتعلمـون مـن بعضهـم البعض، فنظـرة المغربـي إلـى العالـم تختلـف عـن نظـرة الإماراتـي، وهـذا ينطبـق علـى الأفغانـي والمصـري، أو علـى التركـي والعمانـي، إن النـاس ينظـرون إلـى العالـم بطـرق مختلفـة، ولكنهـم يـرون أيضـاً أننـا جميعـاً مترابطـون فيمـا بيننـا، إن معرفـة شخـص مـا بشكـل شخصـي، حتـى إن لـم يكـن هناك توافـق تـام، يعتبـر أمـراً فـي غايـة الأهميـة للتفاهـم المشتـرك، فاستثمـار صغيـر جـداً قـد يعـود بمـردود كبيـر جـداً، نـود القـول إن أقـوى الأسلحـة فـي العالـم هو العقـل.
ما هي بعض الصعوبات والتحديات التي تواجه الطلاب الوافدين الذين يدرسون في الكلية؟
عـادة تبـرز الصعوبـات فـي الأيـام القليلـة الأولـى، فهـم يعانـون الإرهـاق مـن السفـر عندمـا يأتـون ويذهبـون إلـى الفنـدق إذ يشعـرون بالتغييـر عـن المعتـاد، والصعوبـات هـي نفسهـا لأي مسافريـن، ونحـن نفعـل كـل مـا بوسعنـا لتوفيـر الراحـة لهـم، سـوف يخبركـم خريجونـا أنهـم شعـروا حقـاً بالترحيـب والارتيـاح، ويفترض بالطـلاب ألا يشغلهـم التفكيـر بشـأن كونهـم هنـا، بـل عليهـم التفكيـر بالمـواد والموضوعـات فحسـب، قـد يكـون التواصـل بيـن اللغـات المختلفـة صعبـاً، وهـذا هـو السبـب وراء توافـر مترجميـن شفوييـن لدينـا، فعـدم القـدرة علـى تغطيـة جميـع الموضوعـات بسبـب عامـل الوقـت يعتبـر مشكلـة، ولكـن لا بـد لـك مـن الاختيـار.
كما تعلمون أن العلاقة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة بلغت مرحلة من النضج والتقدم بحيث أصبحت نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الكثير من دول العالم، كيف تساهم مؤسسات التعليم العسكري في البلدين على استثمار هذا التطور في العلاقات لتعزيز تحقيق المصالح المشتركة؟
يعتبـر هـذا سـؤالاً مهمـاً جـداً، ونحـن مـا نـزال فـي البدايـة لنـرى نتائج هـذه العمليـة، ولازالت الطريـق أمامنـا طويلة، فقـد غـدت العلاقـة بيـن الولايـات المتحـدة الأمريكيـة والإمـارات العربيـة المتحـدة أوثـق باستمـرار، ومـا نفعلـه مـع كليـة الدفـاع الوطنـي الإماراتيـة هـو خيـر مثـال علـى هـذا، إنهـا بدايـة انطـلاق برنامـج تبـادل يتعلـق بالتعليـم والتدريـب وسيكـون واسـع النطـاق، ودورنـا هـو التعليـم والتبـادل.
كيف يساهم كبار القادة القادمين من وزارة الخارجية والقوات المسلحة الأمريكية – بعد التقاعد – في رسالة مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية؟
أنـت تتحـدث مـع واحـد منهـم، لقـد كنـت دبلوماسيـاً لمـدة 35 عامـاً، وقـد خدمـت فـي جميـع أنحـاء المنطقـة، بمـا فيهـا شبـه الجزيـرة العربيـة، لمـدة ثمانيـة أعـوام، تقاعـدت مـن الوظيفـة الحكوميـة وانتقلـت إلـى هنـا منـذ أربـعة أعوام، ولدينـا فـي مركـز الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا للدراسـات الاستراتيجيـة عسكريـون متقاعـدون، ونحـن نسعـى للاستفـادة مـن أشخـاص يملكـون أكثـر مـن مجـرد المعرفـة، إنهـم يتمتعـون بالخبـرة، وهنـاك أيضـاً اختصاصيـون فـي جوانـب معينـة مـن التعليـم العسكـري، بعضهـم خبـراء فـي محاربـة الإرهـاب، كما يوجد لدينـا العديـد مـن المختصيـن فـي قضايـا ودول معينـة وأمـور جيوسياسيـة، إلى جانب خبـراء فـي أمـن الميـاه والطاقـة والمجـالات الوظيفيـة، وهنـاك مجموعـة متنوعـة مـن المتقاعديـن والأكاديمييـن الذيـن نأتـي بهـم إلـى هنـا.
يعد مركزكم من المراكز الهامة في العالم التي تعنى بالدراسات الإستراتيجية في العالم العربي، وأصبح هذا المركز يعني بالأنشطة التعليمية العسكرية في المنطقة، ما هي رؤيتكم المستقبلية لهذه الخطوة؟
إن مستقبلنـا يحـدث الآن، سـوف نقـوم بإقامـة علاقـة أوثـق مـع مؤسسـات التعليـم العسكـري المهنـي فـي المنطقـة، وقـد جاءنـا العديـد مـن هـذه المؤسسـات مباشـرة لتسهيـل عمليـات التبـادل ومـا شابـه، علينـا أن نكـون انتقائييـن وألا ننفـذ الأنـواع نفسهـا مـن البرامـج مـع كـل مؤسسـة عسكريـة مهنيـة، ولكـن لدينـا علـى أيـة حـال عمليـات تبـادل نشيطـة لأعضـاء هيئـة التدريـس، وسـوف ندعوهـم للمشاركـة فـي حلقاتنـا الدراسيـة وبرامجنـا فـي المنطقـة، ولدينـا فـي الواقـع علاقـة جيـدة مـع جميـع الـدول فـي المنطقـة التـي لديهـا معهـد عسكـري، ونريـد أن نوسـع ذلـك بغيـة تحقيـق المنفعـة المشتركـة.
ما هي طبيعة زيارة قائد كلية الدفاع الوطني بدولة الإمارات إلى مركزكم، وما هي النتائج التي ترتبت عليها حاضراً ومستقبلاً؟
لقـد زارنـا اللـواء الركـن طيـار رشـاد السعـدي قائـد كليـة الدفـاع الوطنـي هنـا عـدة مـرات وسـوف يأتـي مـرة أخـرى، كمـا كنـت مؤخـراً فـي العاصمـة أبوظبـي وعقـدت اجتماعـاً طويـلاً معـه، حيـث استعرضنـا وضـع عملنـا معـاً واتخذنـا بعـض القـرارات بالمضـي قدمـاً، وهـذه علاقـة تعـاون مثمرة، إننـا نتصـدى للمشكـلات ونحـن صادقـون فيمـا يتعلـق بهـا، كمـا أننـا نستلهـم رؤيـة الفريـق أول سمـو الشيـخ محمـد بـن زايـد آل نهيـان ولـي عهـد أبوظبـي نائـب القائـد الأعلـى للقـوات المسلحـة حيـال الكليـة، كمـا نذكّـر أنفسنـا دائمـاً بمـا نريـد إنجـازه فـي الأعـوام القادمـة.
ما هي أوجه التعاون بينكم وبين الكليات الأخرى على الصعيد العالمي؟ وما هو مستوى التعاون مع كلية الدفاع الوطني الإماراتية، وما هو مستقبل التبادل بين الجانبين؟
إننـا نتجـاوز منطقـة مركـز الشـرق الأدنـى وجنـوب آسيـا للدراسـات الاستراتيجيـة إلـى المستـوى العالمـي، حيـث نبقـى علـى اتصـال مع الجميع، فالعالـم كلـه يتواصـل مـع منطقتنـا الآن، ونحـن نتواصـل مـع العالـم بأكمله، ونعمـل بمزيداً من الجهد فـي هـذا المجـال، وينطبـق الأمـر نفسـه علـى كليـة الدفـاع الوطنـي الإماراتيـة حيـث يتسـارع برنامـج التعـاون، إننـا علـى ثقـة مـن أن كـل شـيء سيكـون جاهـزاً عندمـا يبـدأ العـام الدراسـي الجديـد فـي سبتمبـر، وسـوف نسيـر قدمـاً فـي السنـوات القادمـة لضمـان أن تصبـح هـذه الكليـة المؤسسـة التعليميـة العسكريـة الأولـى فـي المنطقـة.
ما هي أبرز المرتكزات التي تضعونها في بؤرة التركيز على قادة المستقبل العسكريين عند تخرجهم من المركز؟
هـذا سـؤال معقـد، علينـا أن نبـدأ بالمبـادئ الأساسيـة، وأحدهـا هـو فكـرة التفكيـر الناقـد الـذي يعنـي أن يكونـوا منفتحيـن علـى الأفكـار الجديـدة، فهـم يستخدمـون المعلومـات ويستطيعـون تقييـم مـا تعنيـه بالنسبـة إلـى وطنهـم، وفضـلاً عـن التفكيـر الناقـد هنـاك تبـادل الأفكـار والاستمـاع للآخريـن، ومـن ثـم يأتـي السـؤال مـا هـي القضايـا الاستراتيجيـة القصيـرة الأمـد والطويلـة الأمـد فـي المنطقـة؟ فقـد تكـون قضايـا مثـل عمليـة السـلام أو الإرهـاب أو التهديـدات غيـر التقليديـة كالفضـاء الإلكترونـي (الإنترنـت) مثـلاً، إننـا ننفـق كثيـراً مـن الوقـت علـى إدارة النتائـج والعواقـب التـي هـي من صميـم كيفيـة التصـدي للأزمـات، فقـد تكـون كارثـة طبيعيـة أو بيئيـة، أو اضطـرابات مدنيـة، أو مكافحـة للإرهـاب، أو حـوادث تحطـم طائـرات أو إلى غير ذلك من القضايا.
كما تعلمون، لقد وصلت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة إلى مرحلة من النضج والتقدم بحيث أصبحت نموذجاً يحتذى لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين العديد من الدول، كيف تستطيع المؤسسات التعليمية العسكرية في كلا البلدين استغلال ذلك في تعزيز المصالح المشتركة؟
بالإمكـان أن تتـم بيننـا مبيعـات أسلحـة، وتدريـب علـى الأسلحـة، ومباحثـات فـي استراتيجيـات الدفـاع المشتـرك ضـد التهديـدات الموجهـة للولايـات المتحـدة ودولة الإمـارات، ولكـن أقـوى سـلاح نستطيـع بيعـه بين بعضنـا البعـض هـو الذي فـي عقولنـا ولـه علاقـة بالتعليـم، فسيكـون هنـاك دومـاً تدريـب علـى المعـدات والنظـم الجديـدة، غيـر أن التعليـم والنظـرة المستقبليـة الإستراتيجية همـا الأهـم، وسـوف يمثـل التبـادل التعليمـي إطـاراً لدفـع عجلـة المصلحـة الأمنيـة الوطنيـة لدولـة الإمـارات ولنـا أيضـاً، فالتغييـر يحـدث، ولا يمكننـا إيقافه، غيـر أننـا نريـد لذلـك التغييـر أن يكـون بنّـاء، وأنـا متحمـس فـي الواقـع لجميـع الفـرص المتاحـة مـع دولـة الإمـارات.
http://www.nationshield.ae/home/det...-ستكون-المؤسسة-الأولى-في-المنطقة#.Vrlz4Pl96Uk