نشرت عدة صفحات مؤيدة للنظام مجموعة من الصور و مقاطع الفيديو، التي يظهر فيها ما دُعي "بهدية البحوث العلمية لرجال الدبابات"، و التي هي عبارة عن جهاز تشويش على الصواريخ الموجهة، بحيث ظهر هذا الجهاز على عدد من الدبابات و العربات المدرعة، و خصوصاً خلال معارك باشكوي في ريف حلب.
جهاز تشويش محلي:
حسب ادعاء النظام فهذا الجهاز مصنع محلياً، ضمن ما يسمى البحوث العلمية التي تعنى بتطوير أسلحة النظام، و التي كان لها مجموعة من التجارب الفاشلة تاريخياً مع عدد من الأجهزة الإلكترونية، منها تجهيزات الرؤية الليلية للمروحيات و غيرها.
يبدو الجهاز بشكل صندوق مضلع (معدني على الأغلب) مثبت في أعلى نقطة للعربة، و لا يبدو أنه يحتوي كاميرات ما يلغي الاعتقاد الذي رافق أول إعلان عنه و هو الافتراض أنه جهاز رؤية لقائدة العربة.
ويحتوي الجهاز على خمسة أضلاع، أربعة للأمام يحتوي كل منها على عنصر مرسل للأشعة تحت الحمراء، في حين الضلع الكبير في الخلف لا يبدو أنه يحتوي أي مرسل للأشعة تحت الحمراء، و يظهر منه سلك التغذية للجهاز حيث يبدو أنه يُغذى بالاعتماد على تغذية العربة (12 أو 24 فولط ).
والمرسلات الأربعة مثبتة بحيث تغطي القوس الأمامي بشكل كامل، أي يتوقع أن يصدر عنها تشويش على قطاع بعرض حوالي 180 درجة، مقابل الجزء المضلع و الذي ثبت بالتوازي مع مدفع الدبابة أو العربة.
ويبدو أن الجهاز بسيط جداً، و سهل التصنيع و لا يحتوي أي تكنولوجيا متقدمة أو مميزة، فلا يعتقد بوجود أي شكل من أشكال أنظمة الإنذار المترافقة معه لتشير أن الدبابة يُسدد عليها أحد أنواع الصواريخ الموجهة بالليزر، أو أن صاروخاً موجهاً سلكياً يطير الآن باتجاهها، و يجب أن يبقى الجهاز مشغلاً طوال الوقت، ما يسمح بكشف الدبابات ليلاً بشكل أفضل.
كذلك بسبب عدم وجود منظومة إنذار ضمن وحدة التشويش، فلا يعتقد أن الجهاز قادر على تقديم أي شكل حماية للدبابة، سوى محاولة التشويش على الصواريخ، فهو لا يقدم الإنذار أو إمكانية إطلاق قنابل دخانية لحجب الدبابة عن رؤية الرامي.
محاولة تقليد :
يبدو أن النظام يحاول تقليد جزء من منظومة ( شتورا) المركبة على دبابة T-90، التي سلمتها له روسيا مؤخراً، لكن الجهاز الذي صنعه لا يمكن بأي شكل مقارنته بمنظومة شتورا، و فعاليته غير معروفة لحد اللحظة، خصوصاً بسبب فرق التكنولوجيا، فحتى نظام الشتورا لا يعد فعالاً جداً و لم يجرب كثيراً في المعارك، فمثلاً استطاعة خرج وحدات التشويش في منظومة شتورا تبلغ حتى 1000 واط، في حين لا يعتقد أن هذا الجهاز ككل يستهلك 1000 واط استطاعة.
مبدأ عمل الجهاز :
يعتمد الجهاز على التشويش على وحدة التحكم الآلي في الصواريخ الموجهة توجيهاً (نصف آلي) مثل تاو و كونكورس و غيرهما، حيث يحتوي كل صاروخ في مؤخرته مصدر أشعة تحت الحمراء، يسدد الرامي على الدبابة و يضع علامة التسديد عليها، و بعد إطلاق الصاروخ يوجد وحدة تحكم تستقبل الإشارة الواردة عن مصدر الأشعة تحت الحمراء في مؤخرة الصاروخ، و تقارنه بموقع علامة التسديد، و ترسل إشارات التصحيح لتوجيه الصاروخ، بحيث يتطابق مع موقع علامة التسديد، التي يجب أن يبقيها الرامي على الهدف حتى حدوث الإصابة.
ومهمة هذا الجهاز إيجاد إشارة أخرى بنفس التردد في الحزمة تحت الحمراء، تستقبلها وحدة التحكم، و بسبب وجود إشارتين في نفس الوقت فوحدة التحكم لن تستطيع توجيه الصاروخ بشكل صحيح، و سيضيع الصاروخ و يفقد الهدف و يسقط بعيداً عنه.
وهناك الكثير من التساؤلات حول فاعلية الجهاز و الكيفية التي اختبر بها خبراء النظام الجهاز التشويش هذا، فلا يعرف عن امتلاك النظام لصواريخ تاو بكم كافي لإجراء تجارب عليها
لكن قد يكون النظام استفاد من الخبرة الإيرانية في نفس المجال، فمعظم صواريخ تاو التي حصل عليها الثوار تعتبر نسخ قديمة، و تمتلك وحدات توليد إشارة تتبع حصلت عليها إيران سابقاً مع صواريخ تاو التي اشترتها من أمريكا .
هل يشكل هذا الجهاز مشكلة للثوار :
لا يعرف لحد اللحظة مستوى قدرة الجهاز الحقيقية، خصوصاً أنه يعتمد على إلكترونيات مدنية، و ربما لا يخرج عن كونه محاولة لرفع معنويات جنوده اللذين تسببت الصواريخ المضادة للدروع كالتاو و غيره بالكثير من الخسائر لهم .
وقد يعتبر ضمن محاولات النظام لتطوير التجهيزات التي يستخدمها بتكلفة منخفضة، لتخفيض خسائره و بخاصة في الدبابات و العربات المدرعة، و التي ظهرت بعدة أشكال مثل التدريع القفصي المحلي و غيره .
لكن بشكل حقيقي حتى الأنظمة الأكثر تعقيداً و تطوراً من نفس الصنف لا تقدم حماية عالية المستوى للدبابات، و هذا الجهاز متخلف تقنياً بشكل كبير، و لا يتوقع أن يتسبب بمشاكل كبيرة أو فقدان الكثير من الصواريخ المضادة للدبابات، إذا أحسن أطقم القواذف اختيار الأهداف .
متأخر كالعادة :
و نظام الأسد متأخر دائماً في كل شيء، فعلى الرغم من امتلاكه لحوالي خمسة ألاف دبابة خلال الفترة قبل الحرب، لكنه لم يجري أي تحسين حقيقي لهذه الدبابات، و لم يستفد من تجارب الجيران و من بينهم العراق، الذي طور خلال ثمانينات القرن الماضي بنتيجة تجارب سنوات حرب القادسية الثانية ضد إيران تجهيزات تشويش فعالة ضد الصواريخ الموجهة، و التي امتلكت إسرائيل معظمها و استخدمتها ضده النظام خلال مسرحيات حروبه معها و من بينها التاو، لتأتي خمس سنوات من المعارك، و ألاف الدبابات و العربات المدمرة، ليخرج النظام أخيراً بجهاز تشويش غير معروف الفاعلية.
كيف يمكن للثوار تخفيض أثر هكذا أجهزة :
بالنسبة لمنظومات الإعاقة البصرية يوجد عدة وسائل للتخفيض من فاعليتها، أولها الاستطلاع الجيد و فحص العربة قبل الرماية عليها، لتحسس وجود الجهاز بصريا ً، فاذا كانت الدبابة بعيدة تفحص بواسطة كاميرا أو منظار رؤية ليلية، و تحسس وجود منابع أشعة تحت الحمراء سواء لمنظومة شتورا، أو للجهاز الجديد الذي صنعه النظام و التي تظهر بشكل نقاط مضيئة على الكاميرا، رغم أنها غير مشاهدة بالعين المجردة .
الرمي على الهدف من الأجناب والخلف و الأعلى، فالشتورا و هذا الجهاز لا يقدمان تغطية كاملة للدبابة من الأجناب و من الخلف، و يتركز تأثيرهما من الأمام .
الرمي من مسافات قصيرة، لتقليل زمن التعرض للتشويش .
تجنب الرمي على الأهداف التي يكشف وجود أنظمة أعاقة بصرية (فعالة) عليها بالصواريخ الموجهة نصف ألياً، و الرماية عليها بصواريخ المالوتكا الموجهة يدوياً بالأخص إذا كانت أهدافاً منخفضة التدريع، كالعربات المدرعة و المدافع .
محاولة استنساخ هذه الأجهزة، و تصنيع مماثلات لها فهي غير معقدة التركيب بشكل كبير، و يمكن تصنيعها بتكلفة معقولة، و تركيبها على الدبابات لحمايتها من صواريخ النظام الموجهة التي يستخدمها بكثرة.
هوامش
شكل الفتحات المربع يوحي أن المستخدم هو (ليدات أشعة تحت الحمراء عالية الاستطاعة)، و هي عناصر إلكترونية متوفرة تجارياً بأسعار رخيصة، و تصل استطاعتها أكثر من 10 واط، و تعمل على البطارية و يمكن تغذيتها مباشرة من تغذية العربة أو من دارة تغذية بسيطة، و هي سهلة التركيب و الصيانة و رخيصة الثمن و تعمل ضمن حزمة موجية واسعة نسبياً .
كذلك ربما استخدم النظام (مصابيح كزنيون) عاملة في الحزمة تحت الحمراء، بسبب وجود بعض الصور لنماذج بفتحات دائرية و ليس مربعة، حيث ظهر في أكثر من فيديو و صورة الجهاز و هو في حالتي التشغيل و الإطفاء .
بعض الافتراضات تحدثت عن كون هذا الجهاز جهاز روسي أو حتى إيراني مخصص للمروحيات (للتشويش على الصواريخ المضادة للطائرات ) أساساً، لكنها افتراضات عارية عن الصحة بسبب الرخص الظاهري للجهاز، حيت ركبه النظام على دبابات T-55 متهالكة و عربات BMP فضلاً عن دبابات T-72، إضافة لارتفاع سعر الجهاز الذي يركب على المروحيات، و محدودية أعداده و اختلاف طريقة عمله.
ربما لم يجربه خبراء النظام أثناء تصميمه، و قرروا تجربته في الميدان، معتمدين في تصميمه فقط على الحزمة الترددية المستهدفة، و التي يعمل عليها صاروخ تاو تحديداً، فهو السبب الأكبر في خسائر دبابات النظام خلال العام الماضي .
وكان العراق صنع خلال الثمانينيات مجموعة من تجهيزات التشويش على الصواريخ المضادة للدبابات، حيث استخدم الإيرانيون صواريخ تاو أمريكية و غيرها ضد الدبابات العراقية، وعندما عرفت أمريكا بتطوير العراق لأجهزة تشويش ضد الصواريخ الموجهة بدلت عدة أجزاء في الصاروخ، من بينها مولدات إشارة التتبع في النسخ الأحدث من صواريخ تاو، لكن يعتقد أن الثوار حصلوا على صواريخ تاو قديمة، من النسخ التي تصدرها أمريكا للدول العربية، و التي يعتقد أنها تحوي مولد إشارة التتبع القديم.
وبذلك فإن طول موجة التشغيل لمصابيح الكزنيون لصواريخ تاو هي 0.7-2.4 مايكرومتر، ما يسمح لهذا الجهاز بتغطية قسم من هذا الطول الموجي بإشارة التشويش، في حال استخدام ليدات الأشعة تحت الحمراء أو مصابيح زينون عاملة في حزمة الأشعة تحت الحمراء، يمكن اكتشاف مستوى التشويش بواسطة منصة صواريخ كونكورس، و التي تعطي إنذاراً عند وجود نمط التشويش الذي يفترض بالجهاز العمل عليه.
المصدر
orient-news