إيران وأكذوبة العداء مع إسرائيل / ضاهر عيطة

Nabil

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
19 أبريل 2008
المشاركات
22,765
التفاعل
17,882 113 0
إيران وأكذوبة العداء مع إسرائيل

ضاهر عيطة


بينما استمرت إيران وعلى مدى عقود تروج لعدائها مع الكيان الصهيوني ، أخذت مؤخراً تترجم هذا العداء بقتلها للسوريين وسعيها لاحتلال أرضهم بقواتها العسكرية في وضح النهار ، ليتبين للعرب جميعاً أن هذا العداء لم يكن إلا خدعة مارستها إيران عليهم لتتحكم في مصائرهم وتفتت شملهم وتتقاسم مع الكيان الصهيوني السيطرة على أوطانهم ، هو ليس بعداء، بل بعبارة أدق، منافسة مدارة بإتقان بين الكيان الصهيوني وإيران ومتفق عليها مسبقاً ، ففي اللحظة التي تكيل فيها إيران التهم والتهديدات للكيان الصهيوني تجري معه لقاءات سرية وتعاون استراتيجي على أعلى المستويات ، و هذه سياسة اتبعتها إيران منذ زمن حكم الشاه واستمرت بعد ثورة الخميني التي رفعت شعار إزالة إسرائيل عن الوجود ، وقد رأى الشاه في حينه أن العلاقات العلنية مع إسرائيل ستضر بالعلاقات الإيرانية مع المحيط العربي ، وللتقليل من مظاهر التعاملات مع إسرائيل ترك أمر إدارة هذه التعاملات إلى الشرطة السرية المرعبة " السافاك ".

وهنا لنا أن نسأل: ترى في أية عاصمة على وجه الكرة الأرضية يمكن أن تذاع فيها أغاني الأعداء ؟ هذا يحدث فقط في مدينة القدس ، فالأغاني الفارسية باتت هناك أمرا مألوفا في محلات لتجار يهود ينتمون لأصول ايرانية . و لا يقتصر الأمر على ذلك فقط ،بل يوجد في ايران عشرات الالاف من اليهود ، ومثلهم عشرات الآلاف من اليهود الإيرانيين الذين هاجروا إلى فلسطين عقب انشاء الكيان الصهيوني ، وقد وصل بعضهم إلى أعلى المستويات و لعبوا أدوار هامة على الصعيد السياسي في كلا البلدين ، فالرئيس الاسرائلي "موشيه كساف" إيراني الاصل ، و رئيس هيئة الاركان ووزير الدفاع "شاوول موفاز "ولدا في ايران ، كما أن رئيس هيئة الاركان الاسرائيلي "دان حالوش" ينتمي لأبوين ايرانيين هاجرا إلى اسرائيل .

وتجمع بين الشعبين الفارسي واليهودي عدة روابط ثقافية وسياسية ، فكلاهما غير عربيين ، ويعتبر كل منهما انه في حالة عداء تاريخي مع العرب ، ولكل منهما اعتقاد بتفوق ثقافتهما على الثقافة العربية على اعتبار أن العرب شعب متوحش يمكن لليهود والإيرانيون تهذيبهم عندما تتم السيطرة المطلقة عليهم ، وبينما يسعى الكيان الصهيوني للتفوق العسكري على العرب ، كذلك تسعى ايران. ولدى الإسرائيليون و الايرانيون شعور متأصل بأنهم منفصلون ثقافيا وسياسيا عن المحيط العربي، ثم أن الدولة اليهودية قائمة في أساسها على الديانة اليهودية ، كذلك هو حال دولة إيران القائمة على ديانة ولاية الفقيه الشيعية والتي تكرست بعد ثورة الخميني .

وبالعودة إلى التاريخ نجد أن اليهود والإيرانيون ليسوا غرباء عن بعضهم وأن ثقافة الطرفين وتاريخهما متشابكين بشكل وثيق . وتعود جذور العلاقات بينهما الى القرن الثامن قبل الميلاد حينما أعاد الملك الأشوري" تغلاث بيلزر الثالث" توطين آلاف اليهود في ميديا الواقعة جنوب غرب إيران ، كما أعيد توطين قسم كبير منهم في همدان على يد "سرجون الثاني" ، ولغاية اليوم تشكل همدان مركزاً رئيسياً في إيران وتشتهر بأنها المكان الذي دفنت فيها الملكة "إسيثر زوجة الملك كسيركسيس"التي أنقذت الشعب اليهودي من الاضطهاد في القرن الخامس قبل الميلاد، ولا يزال يحتفل إلى اليوم بهذه المناسبة ، ويمكن أن نلاحظ أن أهم موجات المستوطنون اليهود في ايران جاؤوا عقب نهب الملك الفارسي "قورش" مدينة بابل 539 قبل الميلاد الذي حرر اليهود من الأسر البابلي ، و يبالغ اليهود في تقدير هذا الملك لدرجة أنهم رفعوه لدرجة المنقذ الذي ارسله الله لهم .

أن هذا العداء المزعوم والمتفق عليه والمدار بإتقان بين الطرفين يمارس حتى في أحلك الظروف ، فعندما أنكر الرئيس الايراني "أحمد نجاة" المحرقة اليهودية علق "سولي شافار" وهو يهودي إيراني ردا على تصريح نجاة : يدرك اليهود الإيرانيون المصدر الذي تأتي منه الرطانة والخطاب الراديكالي .

والغريب أنه طوال مدة هذا العداء المزعوم بين إيران وإسرائيل لم نرى أو نسمع بأن أحد ما قد مس بسوء الكنس الأربعين في ايران ، و لم يلحق أي أذى بالمكتبة اليهودية التي تحتوي على ما يقارب عشرين ألف كتاب ولا حتى بالمشافي أو المقابر اليهودية ، بينما في سوريا تدمر الآثار والمساجد والكنائس والمشافي والمدارس والمكاتب على يد الميليشيات الإيرانية وشبيحة النظام السوري .

هناك آلاف الوقائع والحقائق يمكن لها أن تكشف النقاب عن عداء إيران للشعوب العربية واستباحة دمهم على نحو فعلي كما يحدث في سوريا واليمن والعراق الآن ، بينما ظل أمرعدائها لإسرائيل أمرا محنطاً في مزاعم وخطابات رنانة .

عن موقع أورينت نت
 
عودة
أعلى