حرب ال 73 المجيدة وذريعة التوجه الى كامب ديفيد
ما زالت هناك العديد من "الأســرار" ... والحقائق المطموسة عن ... إتفاقية كامب ديفيد وملحقاتها السرية جدا ... "الغير منشورة" .. وملابسات وخلفيات وأسباب توقيع هذه الأتفاقية ..
وما زلا أنوه ، بأن العشرون سنة القادمة ، سيحملوا لمصر ... وجغرافيتها العديد من المفاجآت
وأنوه فقط ، بالهجرة إلي فلسطين بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية .. كما أنوه بالسنوات التالية 1947 و 1948 و 1949 ... بالذات ، حيث تبلور "الفيضان" بشكل سبب الشلل الفكري للعديد
الموضوع التالي بقلم الأستاذ حسام محمد السيد ، ... يستحق التمعن ... مرة أخري ومرات ...
إســـلمي يـــامــصـــر
د. يحي الشاعر
المصدر
http://www.alfikralarabi.org/modules.php?name=News&file=article&sid=2973
حرب ال 73 المجيدة وذريعة التوجه الى كامب ديفيد - حسان محمد السيد
contributed by زائر on 16-10-1429 هـ
topic: حسان محمد السيد
بسم الله الرحمن الرحيم
حاولت إبداء الرأي في احدى المنتديات المعروفة والمشهورة,حول موضوع يوم العبور العظيم,وسبب تحول الإنتصار الى شبه هزيمة.كان السؤال موجها لكل الأعضاء,وبما أنني عضو في ذلك الصرح الكريم,قلت رأيي مستندا الى وثائق رسمية,عربية ودولية,وشهادات من شاركوا في الأحداث وعايشوها,غير منتقص من النصر كما فهم البعض,فقام لنا من أقروا بعدم قراءة الموضوع حتى نهايته,يرجمون ويحاكمون,وتولى أحدهم بعبارات عصبية,كتابة قصة جديدة من قصصه ورواياته,مكيلا التهم لثورة يوليو وقائدها جمال عبد الناصر,
ومرددا ما قاله السادات وما أوهمهم به,بأن السبب الوحيد لمصيبة حرب ال 73 هو تدخل أمريكا وعملية الدفرسوار,فبادرناهم بمذكرات بعض القادة العسكريين عن المعركة وأهل الباع في القضية,من الشاذلي الى اللواء الجمسي الى مؤرخ السياسية العربية الأستاذ محمد حسنين هيكل,الى وثائق المخابرات الأمريكية,ثم شهادة السيد بطرس غالي عن كامب ديفيد,التي كشفت النقاب عن الإستخفاف بالتضحيات ووحدة الصف ومعراج النبي الكريم عليه الصلاة والسلام, الخ...رفضوها كلها مع أنها وثائق توضح أن عملية الدفرسوار لم تكن لتحصل لولا قرارات السادات الخاطئة,السياسية والعسكرية,إن في ذلك التاريخ أو قبله,وأن الجيش المصري العظيم الذي اقتحم أكبر مانع وخاض أعظم عبور في تاريخ العالم,لم يكن يحتاج سوى ساعات وإدارة سياسية حكيمة,ليلتقط أنفاسه ويبيد القوات المتسللة من الثغرة.إن السادات نفسه قال أنه كان بالإمكان القضاء على الثغرة,ناهيك عن أن التدخل الأمريكي ما كان ليحصل لو لم يقم بطرد الخبراء السوفيات,محدثا إختلالا إستراتيجيا مرعبا على قول كل الخبراء,جعل مصر بلا غطاء من دولة عظمى,بينما قادة (اسرائيل) كثفوا من نشاطهم في تلك الفترة للمزيد من العلاقات الدفاعية والإستراتيجية والسياسية والتحالفات مع أمريكا وبريطانيا,ومع كل ما طالته حنكتهم السياسية,حتى أنهم أقاموا علاقات مع ساحل العاج واعتبروها نصرا عظيما.لم تنفع البراهين معهم,بل زادوا في الخروج عن الموضوع,وصار كل واحد منهم يدعو الآخر للتعليق دون قراءة السطور. لذلك,احببت نشر مساهمتي في بقية المواقع,حتى يتسنى للجميع الإطلاع ونقاش واحدة من أهم مراحل تاريخنا العربي,ليس من وجهة نظر شخصية,إنما عبر حديث الوثائق والتاريخ.
- في الرابع من شباط سنة 1971,كان قد بقي من مدة وقف إطلاق النار بين مصر والكيان الصهيوني 3 أيام,يتوجب على مصر,كما على الطرف الآخر خلالها تحديد موقفها,إما التمديد أو رفع الهدنة.وقف السادات يومها أمام البرلمان المصري يعرض مبادرته بتمديد وقف إطلاق النار 30 يوما,حتى السابع من آذار 1971,(تضمنت إنسحابا جزئيا للقوات (الإسرائيلية) من شرقي القنال على مراحل يتفق عليها,ثم تقوم مصر بفتح القنال أمام الملاحة الدولية).لم تكن مبادرة السادات مختلفة عما سبقها,ولم تكن حصيلة تفكير عميق و(تكتيك إستراتيجي) كما يحلوا لمحازبيه تسويقها,فقد تقدمت بريطانيا بمبادرة سنة 1968 تقضي بانسحاب (اسرائيل) لمسافة 20 كلم,رفضت من قبل مصر,كما رفض مشروع إعادة سيناء خالية من السلاح بشروط (اسرائيلية) أمريكية,عبر عنها جين راسك,المبعوث الأمريكي في نفس السنة,تلتها المبادرة (الإسرائيلية) على لسان موشى ديان في تشرين الثاني من سنة 1970,التي لم تختلف كثيرا عن البريطانية,سوى أنها رفضت تحديد المسافة واكتفت ب (بضعة كيلومترات),وكسابقاتها,كانت أمرا مرفوضا.وقتها كان العالم أحوج إلى قنال السويس من مصر ذاتها,لكن الإستعمارعلمنا أنه يريد الشئ ويزدريه في الوقت ذاته,كأنه لا يحتاجه,بل وكأنه يسدي لنا معروفا بتعامله التجاري معنا,وبسلبه واحتلاله لأرضنا وثرواتنا,كانت مصر تعرف انواع المناورات وتدركها,وتعلم حقيقة أهمية قنال السويس ودورها,مصرة على إنسحاب (اسرائيل) الكامل من كل الأراضي العربية المحتلة سنة 1967,والرضوخ للقرارات الدولية,ومقاضاتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة,وعقوبات مجلس الأمن, كونها البادئ بالعدوان,وإلا,فلا افتتاح لقنال السويس,ولا عودة عن قرارات القمة العربية في الخرطوم سنة 1967.
عارض رجال الدولة المصرية مشروع السادات,لتكريسه مبادرات,بريطانيا و(اسرائيل),ولأن العالم سيهتم بفتح الملاحة بوجه سفنه وينسى القضية العربية,وما دامت القنال مقفلة,ما دام الضغط على القوى العالمية مستمرا,وهي المتضررة الأكبر والمؤثرة على الساحة الدولية في نفس اللحظة,وافتتاح القنال سوف يسقط أهمية القرار 242,ويبقي على قوات الإحتلال فوق الأرض المحتلة,مستمرة في تهديدها لمصر وحركة الملاحة العالمية,بحيث تصبح مبادرة فتح أو إغلاق القنال بيدها هي لا بيد مصر,عوضا عن أسباب عديدة, استراتيجية وعسكرية,نذكر منها مثالا,أن القنال المفتوحة للملاحة سوف تعيق أي عملية عبور ممكنة,وتفقد مصر عنصر المفاجأة,ومعه التفوق على العدو,وتعطي الإنطباع كأن الأزمة قد حلت,والوقت للغزاة بالمماطلة.وصل البرلمان المصري يومها واللجنة التنفيذية العليا للإتحاد الإشتراكي الى خلاصة مفادها أن المبادرة الساداتية لا تخدم إلا مصالح (اسرائيل),وأنها من الناحية السياسية والعسكرية كارثة كبرى,وإقرار بالإستسلام وتضييع للحق دون سبب ولا حجة,غير أنهم ما كانوا يعرفون أنها كانت مسودة مصغرة عن كامب ديفيد.
سأضع بين أيدي القراء الكرام نموذجا عن بضعة شهادات ووثائق,جعلتنا نبني رأينا على ان السادات خطط منذ ما قبل الحرب الى الوصول الى كامب ديفيد,ورمى بانقلابه سنة 1971 كل من سار ضد توجهه,ثم اضطر الى حدث مزلزل لتبرير فعله وتوقيف الحرب سنة 1973 التي وصفها بنفسه بأنها (حرب تحريك لا حرب تحرير),فمن شاء فليقرأ ومن شاء فليعرض,كما أود ان ينتبه الأخوة الكرام الى التغييرات الداخلية التي قام بها السادات والضغوط الشعبية,حتى أنكم سترون ان قرار الحرب لم يتخذه الا مجبرا.
- من الوثائق الأمريكية المفرج عنها مؤخرا-...ةأة
- من قسم المصالح الأمريكية - الخرطوم
إلى وزير الخارجية – واشنطن- (نسخة إلى قسم المصالح الأمريكية- القاهرة).
الموضوع- تعليق وزير سوداني
التاريخ- 28/6/1972
خلال لقاء خاص مساء أمس مع إبراهيم منعم منصور, وزير المالية السوداني,قلت أن حكومة السودان كادت تعلن إستئناف العلاقات الديبلوماسية معنا في منتصف الشهر الماضي لكنها تراجعت.وقال الوزير أن السبب هو الخوف من إحراج الرئيس المصري السادات,وقال أن السادات عنده مساوئ لكن لا يوجد زعيم مصري غيره أفضل منه,بالنسبة للسودان وبالنسبة للغرب.
وقال الوزير أن السادات,عكس كثير من القادة المصريين,لا يتمتع بقاعدة إقتصادية أو جغرافية أو طبقية معينة,لكنه يعتمد على تأييد عام من كل الفئات والمستويات,وأن هذه الفئات العامة لا تريد الحرب ضد إسرائيل وتفضل الحل السلمي,وقال الوزير أنه يرى أن السادات يريد مفاوضات غير مباشرة (مفاوضات عن قرب) مع اسرائيل حسب الشروط التالية...
- أولا- مفاوضات غير مباشرة
- ثانيا- في سرية تامة
- ثالثا- بعد تنازلات إسرائيلية رمزية (ربما الموافقة على الإنسحاب قليلا من قناة السويس,أو فتح قنال السويس للملاحة).
- تحليل للمظاهرات
من جوزيف سيسكو,مسؤول الشرق الأدنى
الى وليام روجرز,وزير الخارجية
التاريخ- 3/1/1973
- خلال الأسبوع الماضي,شهدت مصر سلسلة مظاهرات قام بها الطلاب,وظلت سلمية حتى الآن,وهذا تحليل عنها من زاوية تأثيرها في وضع الرئيس السادات...
- هناك عملية بطيئة ومؤكدة تجري الآن في مصر بقيادة السادات,وهي محاولة تحرير الوضع السياسي,بإعطاء بعض الحرية للمعارضة,وفي الحقيقة,طلاب الجامعات الذين تظاهروا,استفادوا من هذا الإنفتاح السياسي بإعطاء بعض الحرية للمعارضة.وحسب التقاريررالتي وصلتنا,هدد بعض الطلاب بإستمرار المظاهرات حتى تحقيق ثلاثة شروط هي...
أولا- إطلاق سراح الذين اعتقلوا.
ثانيا- إحترام حقوق المواطنين السياسية.
ثالثا- تقديم أدلة بأن الإستعداد للحرب ضد إسرائيل يجري حقيقة و ليس مجرد كلام.
(عندما قلنا أن السادات دخل الحرب مرغما,انهالت التهم والإهانات).
- حتى الآن يبدو لنا ان النظام يريد المحافظة على أعصابه ويحاول مواجهة الوضع بخليط من الحزم و روح المصالحة.
- برقيات المعايدة السرية في ظل الخطاب الساداتي ضد أمريكا -
لم أتطرق إليها لعدم أهمية المضمون,إنما ذكرتها ليرى القارئ الكريم البند أو الملاحظة الأمريكية التي كانت دائما تذيل كل برقية,وهي
...
* الرجاء ملاحظة ان البيت الأبيض لا ينوي إعلان هذه التهنئة للصحافيين,لكنه لا يعارض اذا اعلنها المصريون*.
الجدير ذكره أنها التهنئة السرية الثالثة من الرئيس نيكسون الى الرئيس السادات,الأولى كانت بمناسبة العيد العشرين لثورة تموز,الثانية بمناسبة عيد الفطر,بينما كان السادات يهاجم أمريكا بخطاباته الرنانة والفصيحة.
- مذكرة المثقفين-
من قسم المصالح الأمريكية- القاهرة
الى وزير الخارجية- واشنطن
التاريخ- 22/1/1973
قالت لنا مصادر ممتازة,أن حوالي أربعين من الكتاب المصريين,أرسلوا في الأسبوع الماضي مذكرة الى الرئيس السادات عن التطورات الأخيرة.وأهم ما جاء فيها,أن مظاهرات الطلاب ليست فعل أقلية مشاغبة,لكنها تعبر عن تذمر كل قطاعات الشعب المصري.ومن الذين وقعوا على المذكرة... توفيق الحكيم,عميد الكتاب المصريين وصديق محمد حسنين هيكل,لويس عوض,المثقف والكاتب القبطي,لطفي الخولي,اليساري الذي كان شيوعيا,يوسف السباعي,رئيس مجلس إدارة الهلال ورئيس منظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية.وفي رأينا أن المذكرة نادرة في نوعها,لأن الذين وقعوا عليها ينتمون الى كل التيارات الفكرية والفلسفية,ولأن بعضهم من أكثر الأدباء والكتاب إحتراما في مصر.
********
- الثــغـرة وما قيل عنها -
أقوال بعض المختصين والشهود العيان عن الثغرة
.
- الأميرال توماس مورير من هيئة الأركان الأمريكية المشتركة سنة 1973 في حوار مع مجموعة عمل واشنطن الخاصة بغرفة دراسة الموقف بالبيت الأبيض قال..(أعتقد أن عبور الدبابات الإسرائيلية للقنال ليس أكثر من مجرد غارة على الدفاعات الجوية المصرية.لا أعتقد أن فى إمكانهم الإبقاء طويلا).
- رئيس الأركان (الإسرائيلي) دافيد بن اليعازر يصرح في 3 كانون الأول 1973 منبها...(ما زال شارون يواصل تصريحاته غير المسؤولة للصحفيين محاولا أن ينتقص من جميع القادة,ليظهرهو فى صورة البطل الوحيد,هذا بالرغم من أنه يعلم جيدا أن عبورنا إلى الجانب الغربي من القنال,كلفنا خسائر فادحة,ومع ذلك,فإننا لم نستطع طوال عشرة أيام من القتال أن نخضع أى جيش من الجيوش المصرية,فالجيش الثاني صمد ومنعنا نهائيا من الوصول إلى مدينة الإسماعيلية,وبالنسبة للجيش الثالث فإنه ـ برغم حصارنا له ـ فإنه قاوم بل تقدم واحتل بالفعل رقعة أوسع من الأراضى شرقا,ومن ثم فإننا لا نستطيع أن نقول إننا هزمناه,أو أخضعناه).
- في مذكراته عن حرب أكتوبر قال الفريق سعد الدين الشاذلى...( كان هدف عبور الجيش الإسرائيلى من الشرق (سيناء) إلى الغرب هو ضرب بطاريات صواريخ سام المضادة للطائرات,إحتلال مدينة الإسماعيلية,وتطويق الجيش الثانى بواسطة قوات شارون,وإحتلال مدينة السويس وتطويق الجيش الثالث بواسطة قوات كل من,ابراهام ادان,وكلمان ماجن,ولكن الذى حدث هو فشل شارون في إحتلال مدينة الإسماعيلية,كذلك فشل كل من,ادان وماجن أيضا في تطويق الجيش الثالث المصري وإحتلال مدينة السويس).
- المؤرخ العسكري الأمريكي تريفور ديبوي ..( لقد خاض المصريون الحرب البحرية في جوهرها بأسلوب استراتيجي وخاضها الإسرائيليون بأسلوب تكتيكي,فرض المصريون حصارا ناجحا على حركة الملاحة إلى ميناء ايلات, وذلك بإغلاق مضيق باب المندب,وفشلت أيضا محاولات إسرائيل لتدمير قواعد الطيران المصري في دلتا النيل فشلا ذريعا, بفضل فاعلية الدفاع المصري,حاول الإسرائيليون أيضا الإستيلاء على مدينة السويس,ولكن رغم أن دباباتهم توغلت إلى قلب المدينة,فقد كانت المقاومة عنيفة جدا لدرجة أجبرتهم على الإنسحاب بعد أن أصيبوا بخسائر كبيرة).
- كيسينجر ينقل لمائير عن وزير الخارجية السوفياتي رأيه قائلا..(جروميكو قال لي ان مشكلة المصريين هي الخوف من زحف القوات الإسرائيلية نحو القاهرة,وان القوات الإسرائيلية التي عبرت قنال السويس نحو الغرب (ثغرة الدفرسوار) ليست كبيرة,ولهذا اذا نظم المصريون صفوفهم,ربما سيتمكنون من هزيمة قواتكم غرب قناة السويس).
- مائير.. القوات المصرية لم تنهزم,لكنها تشتتت.لم تنهزم مثلما انهزمت في حرب سنة 1967.(صحيفة الشرق الأوسط – أرشيف الوثائق الأمريكية).
- وفي حديث آخر بين مائير وكيسنجر,يقر كل منهما على ضعف الموقف (الإسرائيلي) من جهة,والتهاون وغض الطرف الساداتي من جهة أخرى...
- كيسنجر.. إذا أراد السادات أن يؤذيكم,ما كان سيطالب بانسحابكم من غرب قناة السويس.كان سيترككم هناك,ويعلن عليكم الحرب,ويستعدي عليكم المجتمع الدولي,بأنه يريد تحرير أرضه.
- مائير.. لكننا نعرف أننا لا يمكن أن نستمر في المواقع التي سيطرنا عليها غرب قنال السويس.
وعن خطورة إبادة الجيش الثالث المصري,يؤكد كيسنجر لمائير,بعد أن أبدت نوعا من التصلب في موضع العودة الى خطوط 22 اكتوبر,(كان ذلك مناورة طبعا) قائلا...(لا ولكن فى سياق معقول يمكن ان نحقق شيئا.أنت ترفضين العودة لخطوط 22 اكتوبر,فى كلمات اخرى,لا شىء تحقق منذ البارحة.. لن نتعاون فى تدمير الجيش الثالث..أعتقد أنك تواجهين كارثة.. القوى العظمى لن تسمح لك بتدمير الجيش الثالث.نقلا عن الوثائق الأمريكية النشورة في موقع يوم كيبور.
- نرى هنا أن كيسنجر,رغم الدعم الأمريكي لإنقاذ ما يسمى بإسرائيل,أكد أن الإتحاد السوفياتي وبلاده حازمان في منع أي – إبادة للجيش المحاصر-,بينما السادات في كتابه (البحث عن الذات) قال أنه لم يوجه الأوامر للقضاء على الثغرة,لأنه تلقى إنذارا أمريكيا,فخالف مجددا رأي القادة العسكريين وترك فرق,شارون,أبراهام أدان,وكلمان ماجن,تتدفق وتتمركز,وهذا حديث وثائق لا انطباعات شخصية ولا قصص روائية,وها هو المؤرخ البريطاني إدغار أوبلانس,يصف الثغرة بأنها (معركة تلفزيونية),بمعنى أن ما يسمى بإسرائيل كانت في هزيمة شنعاء محقة لا مناص منها,وأنها ضخمت من شأن العملية لستر هزيمتها ولأهداف سياسية أخرى.
- هل طرأ تعديل على نهج السادات بعد الحرب,لنقول انه أخطأ فعلا ولم يكن يقصد ما حدث,وأن ما طرحه في في 04/02/1971 لا علاقة له بتطور الأحداث؟.
أترككم مع فقرة من حديث الوثائق الأمريكية حول جولات كسينجر,التي عرفت وقتها ب(المكوكية),وهنا أحب أن أنوه أنني لم أتطرق الى مذكرات أعلام معروفة,نظرا لرفض أنصار كامب ديفيد لتلك الأسماء...
التاريخ - السبت 12/1/1974
المكان- منزل رئيسة الوزراء - القدس
- كيسنجر..كيف حالك (مائير)؟ تبدين أحسن صحة مما توقعت (كانت مريضة).
- رئيسة الوزراء.. حتى أمس كان الألم شديدا جدا,لم أكن قادرة على الجلوس,كنت أحس بالراحة فقط أفقيا عندما أرقد على ظهري.كيف حال السادات؟.
- كيسنجر هو أيضا مريض,أصيب بالأنفلونزا.حتى الآن قابلت كل الحكام العرب,وأعتقد أن السادات أسهلهم في التفاوض.
- رئيسة الوزراء..هل هذا صحيح؟.نحن لم نضع له أهمية كبيرة.
- كيسنجر.. السادات قال لي رأيه في الروس.ربما كذب علي.لكنه أمر بإلغاء زيارة...
- رئيسة الوزراء (مقاطعة)..تقصد إلغاء زيارة وزير الخارجية فهمي إلى موسكو؟.
- كيسنجر.. نعم,نحن نتسلم تقارير من وكالات إستخباراتنا عن السادات وعن رأي زملائه العرب فيه.الرئيس الأسد يقول أنه...(شتيمة).زملاؤه الحكام العرب يقولون أنه يريد إنسحاب القوات الإسرائيلية من قناة السويس,ثم إنسحابا من صحراء سيناء,ثم تحويل سيناء إلى منطقة منزوعة السلاح.وهكذا يكون إخراج مصر من مسلسل الحرب مع إسرائيل,ويكون وجد عذرا لعدم دخول مصر في حرب أخرى معها.(وهذا ما طرحه الأمريكان سنة 1968 كما ذكرنا بلا قتال).
- مائير.. عندي سؤال عن موضوع آخر,وهو..قرأت في الصحف أن الروس رحبوا بتعيين اسماعيل فهمي وزيرا لخارجية مصر.
هل هذا دليل على حبهم له؟...
- كيسنجر.. الروس لا يقدرون على الإعتراض على كل شخص,ولا بد أن يقبلوا بمن يقدرون على قبوله.الروس لا يريدون أن يفقدوا كل شخص في مصر في هذه الظروف الحساسة,ماذا حدث لك؟ ماذا حدث لذكائك؟.الروس يخافون من فقدان نفوذهم,وأنا قلت لك في مناسبة سابقة أن فهمي (وزير الخارجية) والجمسي (وزير الدفاع) اختلفا حول اتفاقية فك الإشتباك بين القوات الإسرائيلية والمصرية,والجمسي غضب غضبا شديدا,ورفض التوقيع على الإتفاقية,وقال أن فيها تنازلات كثيرة لإسرائيل,رغم أنه يعرف أن السادات يؤيدها,والجمسي قال لفهمي..(أنت تقدر على إقناع من تريد,لكن أنا لا أقدر على إقناع جنودي).قال ذلك وخرج من الاجتماع,وذهب لمقابلة الرئيس السادات,لكن السادات لم يؤيده.وعندما قابلت السادات,قال لي أنه مع الإتفاقية,وأنه يريد مني أن أقول لك ذلك. وفهمت أن الجمسي خسر الجولة.
- وعن رسائل السادات- ....
- كيسنجر لمائير..السادات قال لي..أنا جاد في حديثي,وهذه رسالة رسمية مني إلى إسرائيل.. وقال..أنا جاد في ما أفعل,عندما قدمت مبادرة في سنة 1971 كنت جادا (مبادرة 04/02/1971),وعندما أعلنت الحرب كنت جادا,وعندما وافقت على السلام كنت جادا,وعندما جاء إلى مصر هنري كيسنجر وزير خارجية أميركا,قلت إن هذه فرصة تاريخية ولا بد أن أستفيد منه لتحقيق ما أريد..عندما قال السادات ذلك,أنا سألته..إذا كانت هذه رسالتك إلى مائير,هل تقبل أن أعود بالرد؟ وأجاب السادات..نعم أقبل.
- مائير..أنا سعيدة بسماع ذلك.
- كيسنجر..هناك شيء آخر قاله السادات لي,قال..قل لغولدا مائير أن السادات تعهد بسحب كل الدبابات المصرية من شرق قنال السويس,بعد تحقيق فك الإشتباك بين القوات المصرية و الإسرائيلية,وقال..لكن لا بد أن تعترف إسرائيل كتابة,بأن مصر تملك حق بقاء قواتها في شرق قناة السويس.وبعد ذلك سأسحبها.
- مائير..هل السادات جاد؟.. سوف نرى.
- كيسنجر.. رأيي هو أن السادات ربما أكثر الناس ثقة في نفسه,وأنه حقيقة يعني ما يقول,لكنه إذا تراجع أو غير رأيه أو قصد أن يكون الموضوع كله خدعة,سيفقد الكثير,سيفقدنا نحن في المكان الأول.
- مائير..نعم سيفقدكم.
- كيسنجر..لكني أقول أن اقتراح السادات مفيد بالنسبة,لكن,سياسيا وعسكريا.السادات يريد التعاون معكم,ويريد أيضا التقرب نحونا,وهو قال لي أنه يريد ربط مكتبه بأمريكا بالقمر الفضائي,ويريد منا أن نقدم له نصائح عن طريقة حماية نفسه.(لا تعليق).
- مائير..هل يخاف من خطر ضده؟.
- كيسنجر.. يبدو ذلك,وهو قال لي أنه يريد شرطة أميركية لتفتيش مكتبه,لأنه يعتقد أن هناك أجهزة تنصت وقنابل,وقال لي أنه مستعد للموافقة على إرسال خبراء من الاستخبارات الأميركية للإطلاع على الصواريخ الروسية المضادة للدبابات والموجودة في مصر.(يكشف مكتبه و ترسانته واسرار بلده لحليف عدوه وهو على مسافة كيلومترات من عاصمته وما يزال على أرضه).
- ماذا قالت مائير عن تنازلات السادات والثغرة -.
- كيسنجر..السادات,كما قلت,مستعد لتقديم تنازلات,وربما يوافق على بقاء القوات الإسرائيلية في شرم الشيخ,تحت رقابة الأمم المتحدة,على شرط ألا تأمر مصر سحب هذه القوات في المستقبل.
- مائير..أنا دائماً أسأل نفسي..لماذا يفعل السادات كل هذا؟ لماذا يقدم كل هذه التنازلات؟.(حتى مائير العدوة تستغرب).
- كيسنجر.. إذا أراد السادات أن يؤذيكم,ما كان سيطالب بإنسحابكم من غرب قناة السويس.كان سيترككم هناك,ويعلن عليكم الحرب,ويستعدي عليكم المجتمع الدولي,بأنه يريد تحرير أرضه.(فقرة معادة حفاظا على لب الموضوع).
- مائير.. لكننا نعرف أننا لا يمكن أن نستمر في المواقع التي سيطرنا عليها غرب قنال السويس.(فقرة معادة حفاظا على لب الموضوع).
- طرحت نقاطا مختصرة ورؤوس أقلام,جعلتنا إضافة الى كل ما قرأناه نعتقد ان السادات كان متجها نحو (تسوية) بأي ثمن مع ما يسمى بإسرائيل,ما كان ضروريا طالما اتخذا هذا القرار,أن يضحي بآلاف الشهداء,وأن إدارته للمعركة وفق ما تبين كانت كارثة,وللمفاوضات,فردية,سريعة,وعشوائية,ولقد كانت لشهادة بطرس غالي الأثر الكبير في تقييمنا لتلك المعاهدة وكواليسها وطريقة خوضها واعتمادها,التي أدت الى شرخ الصف العربي والتخلي عن المقاومة والتفريط بالثوابت,وإجتياح لبنان سنة 1978 ثم 1982,وغيرها من الأحداث والكوارث,وصولا الى اجتياح العراق وتشتيت أهله وناسه,واستعمار الأمة العربية ونهب ثرواتها بالبارود والخيانة.
يرفض أنصار كامب ديفيد النقاش,مفترضين ان انتقاد السادات هو إهانة لمصر,كأن مصر هي هبة السادات,وكأنهم يريدون تكريس قوله المعروف,(أنا
مصر,أو نحن أنور السادات),يعتبرون المعاهدة نصرا وانجازا عظيما,لكنهم لم يجيبوا حتى اليوم عن الإستراتيجية الصهيونية التي نشرت سنة 1982 في مجلة كيفونيم,يؤكد فيها الصهاينة عزمهم على تقسيم مصر واضعافها,رغم كامب ديفيد وكل التنازلات المصرية,ولم يقولوا لنا عن سبب الإنهيار الإقتصادي الذي وصلت اليه البلاد,فمنذ ال 73 لا حرب,ولا قومية عربية,ولا دعم لحركات تحرر,ولا إنشاء مصانع,ولا جيش,ولا منح دراسية للعرب والمسلمين,ولا بعثات خارجية,ولا سد عالي,ولا تأميم قنال,ولا عدوان ثلاثي ,ولا نكسة, ولا إستنزاف,ولا حلوان,ولا أسوان,ولا غيرها من الأحداث الجسام والمشاريع الضخمة والهائلة,ومع ذلك ما زالو يتهمون عبد الناصر بقصورهم وفشلهم وتدمير البلاد.
إن تصدع الجدار العربي والتباعد جعل منا شعوبا وقبائلا متخلفة فقيرة متناحرة,بعدما كنا قبل كامب ديفيد أمة واحدة تسعى نحو حقها ومكانتها تحت الشمس,وإنني أقول لمن أراد أن يسمع,,,لن تحصلوا على حبة من تراب إلا بالقوة,وما حصل مقابل اعادة سيناء التي عرضت كما رأيتم سلما قبل ال 73,هو الذل بعينه والتدمير الإقتصادي بحذافيره والإمعان في القضاء على امتنا بحد ذاته ,والحقيقة,أن (ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة),وليست القوة نوعا واحدا فقط,ولا تعني حصرا النار والمدفع.
إن الحجر بيد الشبل الفلسطيني ركع الكيان الصهيوني وهد اقتصاده ونخر قوته,وإن الأغرار في العراق على شحة مواردهم وردة بعض إخوانهم,إضافة الى الفارق المرعب في ميزان القوى,كسروا ظهر أقوى وأعتى قوة عسكرية على وجه الأرض وعفروا أنفها في التراب,وإن ثلة قبلهم من الأبرار في لبنان, هزموا أمريكا وفرنسا وبريطانيا سنة 1982 وطردوهم يجرون أذيال الخيبة بعدما سدوا عليهم المنافذ وحاصروهم 80 يوما,برا وبحرا وجوا,فلم يجدوا مفرا الا الى الله رب العالمين,دعوا بالنصر او الشهادة,فكان لهم ما تمنوا,ثم لحقتهم (اسرائيل ) التي صرخت على مكبرات الصوت,(يا اهل بيروت,لا تطلقوا النار علينا,انا منسحبون غدا),منكوسة على أعقابها خاسئة مدحورة,ثم رد الله لنا الكرة في تموز 2006,لم تنفعهم ترسانتهم ولا أمريكا وجسرها الجوي,التحم الشعب مع المقاومة,وسطر حزب الله الذي لا أتفق معه في أمور عدة أسمى آيات البطولة والصمود,وجعل ألويتهم كعصف مأكول,فلا تقولوا لنا بعد اليوم أننا أضعف من أعدائنا,حثوا الناس على البناء والحرث والعلم ونبذ الأنانية والإتكالية والخمول,فأنتم أصحاب أقلام سيسألكم الله عن مدادها يوم تبعثون,ولا تساهموا في تحطيم معنويات الناس,واتقوا الله واعلموا انكم غدا ستقفون بين يديه,ليسألكم عما قدمتم لأمتكم ونجدة كرامتكم وشرفكم وأعراضكم,فماذا ستجيبون؟.
المراجع
...
الفريق سعد الدين الشاذلي- المؤرخ الأستاذ جمال حماد – الدكتور محمد فؤاد المغازي – وثائق المخابرات الأمريكية – موقع يوم كيبور – جريدة الشرق الأوسط – المركز العربي للدراسات المستقبلية – شبكة الإعلام العربية