الطيارون الذين دمروا المفاعل العراقي يتحدثون
بمناسبة مرور 25 عاما على تدمير المفاعل النووي العراقي
تحدث أربعة من الطيارين الذي شاركوا في الغارة على المفاعل.
العقيد زئيف راز
لو كان تقييم قائد المهمة العقيد زئيف راز للمخاطر التي قد تواجه الطيارين المشاركين في الغارة على المفاعل النووي العراقي دقيقا لكان أحد الطيارين اضطر الى القفز من طائرته فوق بغداد وطيار اخر كان سينتظر في الصحراء وصول مروحيات اسرائيلية لانقاذه.
ما كانت خسارة طائرتين في المهمة لتعتبر ثمنا باهظا في نظر طياري القاذفات الثمانية من طراز اف-16 والطائرتين المرافقتين من طراز اف-15.
البعض كان يعتقد انهم بمهمتهم يقطعون الطريق على "مذبحة جديدة لليهود".
أطلقت صواريخ سكود عراقية على اسرائيل عام 1991
وقال العقيد المتقاعد راز: "لا أحد كان يعتقد ان جميع الطائرات ستعود الى قواعها سالمة. لا أحد. لقد ذهلنا من عودة الطائرات جميعها دون أدنى خدش".
العقيد راز هو الوحيد بين الطيارين الذي وافق على الكشف عن اسمه، بينما تحدث الطيارون "ا" و "ب" و "ج" بشرط عدم ذكر أسمائهم لأسباب أمنية.
أحد الطيارين الذين شاركوا بالمهمة واسمه العقيد ايلان رامون أصبح مشهورا على مستوى عالمي لأنه أصبح أول رائد فضاء اسرائيلي، وقتل حين تحطم المكوك الفضائي "كولومبيا" حين دخوله المجال الجوي الأرضي.
كانت مهمة الطيران لمسافة 2000 كيلوميتر والعودة فوق أراض معادية تشكل تحديا لطيارين يقودون طائرات مثقلة بالقذائف وخزانات الوقود الاضافية.
كانت طائرات ف-16 ذات المقعد الواحد قد خدمت في الولايات المتحدة بضعة سنوات وكانت قد وصلت الى اسرائيل قبل أقل من سنة، وكان الطيارون الاسرائيليون قد تلقوا تدريبات في الولايات المتحدة.
قال الطيار "أ": "لم نكن قد قمنا بأكثر من 100 طلعة جوية في طائرة من طراز ف-16، وهذا ليس كثيرا. لم نكن ندرك بعد كل مزاياها وحدودها، كنا لا نزال في طور التدريب".
مهمة التحديات
كان الطيار "ب" قلقا بسبب المدرج في المطار الكائن في صحراء سيناء، وقال لنا : " كنت غير متأكد من ان المدرج سيكون ملائما للاقلاع مع حمولتنا الثقيلة".
ولكن الطائرات الثمانية أقلعت بسلام مع الطائرتين اللتين رافقتهما في حوالي الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي.
قال الطيار "أ": "بعد الاقلاع أمامك 90 دقيقة من الطيران بدون مهام اضافية، مما يعتبرا تدريبا".
الطيار "ج" يتذكر كيف رأى المفاعل يلمع في أشعة الشمس بالرغم من أن العراقيين غطوا قبة المفاعل بالطين للوقاية من غارة جوية ايرانية محدودة الخريف الماضي.
خلال دقيقة واحدة أفرغت القاذفات الثمانية حمولتها، ومنذ تلك اللحظة كانت المهمة هي مراوغة المقاومات الأرضية كما قال الطيار "ج".
كان هم الطيارين العودة الى قواعدهم، فلم يكن لديهم من الوقود ما يكفي لاشتباك.
حينما حطت الطائرات على مدرج مطار اتسيون في سيناء كان بحوزة كل منها 450 كيلوجراما من الوقود.
لم يعد هناك سر
العقيد راز يتذكر انهم تنفسوا الصعداء وأحسوا بالسرور وتعانقوا بعد أن حطوا بطائراتهم سالمين، ولكن كان على الاحتفالات ان تنتظر لحين عودة الطيارين الى قواعدهم.
يقول راز: "حتى بعد عودتنا لم يكن لدينا وقت للاحتفال، فقد طرنا الى تل أبيب لتقديم تقرير، مع انه لم يكن هناك أي شيء محدد لنقوله، حيث نفذنا المهمة حسب الخطة. المخططون والمحللون هم الأبطال الحقيقيون لهذه المهمة".
الطيار "أ" لا زال مسرورا للتكاليف البسيطة للمهمة، وقال:"بضعة ملايين من الدولارات، أي تكلفة يوم من التدريب الجوي".
لم يخبر العقيد راز عائلته بالمهمة حين عاد الى المنزل ذلك المساء، وشعر بالغضب لاحقا حين علم أن أربعة من زملائه الطيارين أخبروا زوجاتهم حتى قبل تنفيذ المهمة، ولا يرى راز في هذا انتهاكا للاعتبارات الأمنية فقط، بل يعتقد انه من الخطأ وضع هذا العبء على العائلة.
وكان رئيس الأركان الاسرائيلي في ذلك الوقت رافائيل أيتان قد أخبر الطيارين الذين قاموا بالمهمة ان اسرائيل لن تعترف بانها قامت بالغارة، لذلك استغرب راز كما يقول حين سماعه الاذاعة الاسرائيلية في اليوم التالي تعلن مسؤولية اسرائيل عن تدمير المفاعل.
لا أحد يعرف ان كانت اسرائيل ستننجح في انكار مسؤوليتها عن الغارة، خاصة ان الطائرات كانت تحمل الشارات الاسرائيلية.
العقيد راز لا يستبعد أن يكون هناك هدف سياسي داخلي من الاعلان عن مسؤولية اسرائيل عن الغارة، فعلى سبيل المثال كانت هناك انتخابات خلال أسابيع من تنفيذ الغارة.
بقي دور العقيد راز في المهمة سريا الى أن بدأت صواريخ سكود العراقية تسقط على اسرائيل عام 1991. عنها طلب اليه التحدث عن مهمته، لرفع معنويات الاسرائيليين.
أما الطيار "ب" فقد رأى مهمته في المنام بعد مرور عدة سنوات ولكن لم يكن لها تأثير على حياته المهنية.
الطيار "ج" يقول ان الحياة بعد المهمة سارت بشك اعتيادي، وانه عاش تجارب أكثر اثارة عام 1982 فوق لبنان، من ضمنها اسقاطه طائرة ميج.
يحتفل العقيد راز وزملاؤه بتنفيذ المهمة كل سنة ويروون عنها للطيارين الشباب.
في شهر يوليو/تموز القادم سينضم الطيارون الذين نفذوا المهمة الى طيارين اخرين في قاعدة جوية للاحتفال بمرور 25 عاما على تنفيذ المهمة.
ستستمر النقاشات حول مدى التهديد الذي كانت تشكله العراق لاسرائيل، ولكن جميع الطيارين مقتنعون انهم حاربوا لدرء خطر مميت عن بلادهم.
قال الطيار "ج" : " كنت مقتنعا انني حتى لو لم أعد من المهمة فانني أكون قد ساهمت في درء هولوكوست اخرى، وأنني كنت مدينا لجدي الذي فقد حياته في الهولوكوست بذلك".
أما الطيار "أ" فقال : "أنا شخصيا لم أربط المهمة بالهولوكوست ولكني كنت أعرف انها مهمة شديدة الأهمية لاسرائيل. لاحقا حصلت خلافات في المجتمع الاسرائيلي حول لبنان، ولكن لا أحد طرح علامات استفهام حول شرعية تدمير المفاعل النووي العراقي."
التلفزيون الاسرائيلي يعرض للمرة الاولى صورا عن قصف مفاعل تموز العراقي في عام 1981.
عرض التلفزيون الاسرائيلي العام للمرة الاولى الاربعاء صورا التقطها الطيران الاسرائيلي خلال الغارة التي شنها على المفاعل النووي العراقي عام 1981.
ويظهر هذا الفيلم ومدته ساعة ونصف الساعة والذي اعده الاسرائيلي نير تويب الاستعدادات الدقيقة التي قامت بها اجهزة المخابرات في الجيش الاسرائيلي وكذلك سير الغارة التي شنت في السابع من حزيران/يونيو 1981 على مصنع تموز، 17 كلم من بغداد، وقتل خلالها تقني فرنسي.
وتبين من خلال الفيلم ان طائرات "اف-16" الثمانية الاميركية الصنع كان يجب ان تسلم اصلا لشاه ايران ولكن بعد ثورة الخميني تم تسليمها لاسرائيل وكان من المفترض ان لا تتسلمها الا في العام 1982.
وكشف الفيلم كيف تدربت مجموعة الطيارين الثمانية منذ وقت طويل وبسرية متناهية على التحليق على علو منخفض خصوصا فوق قبرص والبحر الاحمر.
وكان اصغر هؤلاء الطيارين ايلان رامون الذي اصبح اول رائد فضاء اسرائيلي وقتل في الاول من شباط/فبراير 2003 خلال تحطم المركبة الاميركية كولومبيا.
واخذت جميع المخاطر بالاعتبار بالنسبة للغارة على مفاعل تموز: اعطال واحتياطي المحروقات ونيران المضادة الارضية واخطاء ملاحية وغيرها.
وبالاجمال شارك 230 شخصا في هذه العملية وحث رئيس الاركان الجنرال رافاييل ايتان الذي كان يخشى حصول تسريب اخبار حول العملية، رئيس الوزراء مناحيم بيغن اعطاء الامر للبدء بالعملية.
وتذكر احد الطيارين ما قاله لهم الجنرال ايتان قبيل انطلاقهم "اذا وقعتم في الاسر قولوا كل ما تعرفونه. انتم تعتقدون انكم تعرفون الكثير ولكنكم لا تعرفون شيئا. كفوا عن اكل التمور لانكم ستحصلون على الكثير منها في العراق".
واقلعت الطائرات من ايلات (البحر الاحمر) وحلقت على علو منخفض فوق صحراء السعودية والعراق كي لا يتم رصدها.
وقال احد الطيارين خلال المهمة "اني ارى بعض البدو (…) هم ينظرون ولكن يبدو انهم لا يفهمون شيئا".
وقال اخر "اجتاز الان الطريق بين السعودية والعراق. ارى شاحنتين (…) الى اليسار، ارى مجمعا عسكريا" مضيفا "ارى الفرات، النهر المقدس، لا علاقة له بالاردن".
واضاف "حسنا، لا ارى طائرات ميغ (…) ها هي اسوار المفاعل. هناك هوائيات. القيت القنابل".
ومرت 50 ثانية بين القنبلة الاولى التي كانت بزنة 900 كلغ والقنابل التي القاها ايلان رامون، الطيار الذي قاد الطائرة الثامنة والذي قال "ارى السنة النيران والدخان، المفاعل ينهار".
وقال طيار اخر ان طائرات الـ"اف-16" الثمانية تعود الى اسرائيل "تشارلي الجميع (جميع الطيارين) احياء والهدف دمر طبقا للخطط" التي وضعت.
وكان رئيس الوزراء في تلك الفترة مناحيم بيغن برر هذه الغارة التي جرت قبيل الانتخابات التشريعية الاسرائيلية بقوله ان مفاعل تموز كان عل وشك ان يصبح ضخما ما كان سيتيح لعراق صدام حسين انتاج قنابل ذرية.
واثارت العملية انتقادات حادة دوليا بما في ذلك الحكومة الاميركية. وفي 19 حزيران/يونيو 1981 تبنى مجلس الامن بالاجماع "ادانة قوية للهجوم العسكري الذي شنته اسرائيل".
وبعد عدة اشهر، اكد وزير التجارة الخارجية الفرنسي ميشال جوبير اثر زيارة رسمية لبغداد موافقة فرنسا المبدئية على اعادة بناء المفاعل النووي ولكن ظلت هذه التصريحات بدون تنفيذ عملي
بمناسبة مرور 25 عاما على تدمير المفاعل النووي العراقي
تحدث أربعة من الطيارين الذي شاركوا في الغارة على المفاعل.
العقيد زئيف راز
لو كان تقييم قائد المهمة العقيد زئيف راز للمخاطر التي قد تواجه الطيارين المشاركين في الغارة على المفاعل النووي العراقي دقيقا لكان أحد الطيارين اضطر الى القفز من طائرته فوق بغداد وطيار اخر كان سينتظر في الصحراء وصول مروحيات اسرائيلية لانقاذه.
ما كانت خسارة طائرتين في المهمة لتعتبر ثمنا باهظا في نظر طياري القاذفات الثمانية من طراز اف-16 والطائرتين المرافقتين من طراز اف-15.
البعض كان يعتقد انهم بمهمتهم يقطعون الطريق على "مذبحة جديدة لليهود".
أطلقت صواريخ سكود عراقية على اسرائيل عام 1991
وقال العقيد المتقاعد راز: "لا أحد كان يعتقد ان جميع الطائرات ستعود الى قواعها سالمة. لا أحد. لقد ذهلنا من عودة الطائرات جميعها دون أدنى خدش".
العقيد راز هو الوحيد بين الطيارين الذي وافق على الكشف عن اسمه، بينما تحدث الطيارون "ا" و "ب" و "ج" بشرط عدم ذكر أسمائهم لأسباب أمنية.
أحد الطيارين الذين شاركوا بالمهمة واسمه العقيد ايلان رامون أصبح مشهورا على مستوى عالمي لأنه أصبح أول رائد فضاء اسرائيلي، وقتل حين تحطم المكوك الفضائي "كولومبيا" حين دخوله المجال الجوي الأرضي.
كانت مهمة الطيران لمسافة 2000 كيلوميتر والعودة فوق أراض معادية تشكل تحديا لطيارين يقودون طائرات مثقلة بالقذائف وخزانات الوقود الاضافية.
كانت طائرات ف-16 ذات المقعد الواحد قد خدمت في الولايات المتحدة بضعة سنوات وكانت قد وصلت الى اسرائيل قبل أقل من سنة، وكان الطيارون الاسرائيليون قد تلقوا تدريبات في الولايات المتحدة.
قال الطيار "أ": "لم نكن قد قمنا بأكثر من 100 طلعة جوية في طائرة من طراز ف-16، وهذا ليس كثيرا. لم نكن ندرك بعد كل مزاياها وحدودها، كنا لا نزال في طور التدريب".
مهمة التحديات
كان الطيار "ب" قلقا بسبب المدرج في المطار الكائن في صحراء سيناء، وقال لنا : " كنت غير متأكد من ان المدرج سيكون ملائما للاقلاع مع حمولتنا الثقيلة".
ولكن الطائرات الثمانية أقلعت بسلام مع الطائرتين اللتين رافقتهما في حوالي الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي.
قال الطيار "أ": "بعد الاقلاع أمامك 90 دقيقة من الطيران بدون مهام اضافية، مما يعتبرا تدريبا".
الطيار "ج" يتذكر كيف رأى المفاعل يلمع في أشعة الشمس بالرغم من أن العراقيين غطوا قبة المفاعل بالطين للوقاية من غارة جوية ايرانية محدودة الخريف الماضي.
خلال دقيقة واحدة أفرغت القاذفات الثمانية حمولتها، ومنذ تلك اللحظة كانت المهمة هي مراوغة المقاومات الأرضية كما قال الطيار "ج".
كان هم الطيارين العودة الى قواعدهم، فلم يكن لديهم من الوقود ما يكفي لاشتباك.
حينما حطت الطائرات على مدرج مطار اتسيون في سيناء كان بحوزة كل منها 450 كيلوجراما من الوقود.
لم يعد هناك سر
العقيد راز يتذكر انهم تنفسوا الصعداء وأحسوا بالسرور وتعانقوا بعد أن حطوا بطائراتهم سالمين، ولكن كان على الاحتفالات ان تنتظر لحين عودة الطيارين الى قواعدهم.
يقول راز: "حتى بعد عودتنا لم يكن لدينا وقت للاحتفال، فقد طرنا الى تل أبيب لتقديم تقرير، مع انه لم يكن هناك أي شيء محدد لنقوله، حيث نفذنا المهمة حسب الخطة. المخططون والمحللون هم الأبطال الحقيقيون لهذه المهمة".
الطيار "أ" لا زال مسرورا للتكاليف البسيطة للمهمة، وقال:"بضعة ملايين من الدولارات، أي تكلفة يوم من التدريب الجوي".
لم يخبر العقيد راز عائلته بالمهمة حين عاد الى المنزل ذلك المساء، وشعر بالغضب لاحقا حين علم أن أربعة من زملائه الطيارين أخبروا زوجاتهم حتى قبل تنفيذ المهمة، ولا يرى راز في هذا انتهاكا للاعتبارات الأمنية فقط، بل يعتقد انه من الخطأ وضع هذا العبء على العائلة.
وكان رئيس الأركان الاسرائيلي في ذلك الوقت رافائيل أيتان قد أخبر الطيارين الذين قاموا بالمهمة ان اسرائيل لن تعترف بانها قامت بالغارة، لذلك استغرب راز كما يقول حين سماعه الاذاعة الاسرائيلية في اليوم التالي تعلن مسؤولية اسرائيل عن تدمير المفاعل.
لا أحد يعرف ان كانت اسرائيل ستننجح في انكار مسؤوليتها عن الغارة، خاصة ان الطائرات كانت تحمل الشارات الاسرائيلية.
العقيد راز لا يستبعد أن يكون هناك هدف سياسي داخلي من الاعلان عن مسؤولية اسرائيل عن الغارة، فعلى سبيل المثال كانت هناك انتخابات خلال أسابيع من تنفيذ الغارة.
بقي دور العقيد راز في المهمة سريا الى أن بدأت صواريخ سكود العراقية تسقط على اسرائيل عام 1991. عنها طلب اليه التحدث عن مهمته، لرفع معنويات الاسرائيليين.
أما الطيار "ب" فقد رأى مهمته في المنام بعد مرور عدة سنوات ولكن لم يكن لها تأثير على حياته المهنية.
الطيار "ج" يقول ان الحياة بعد المهمة سارت بشك اعتيادي، وانه عاش تجارب أكثر اثارة عام 1982 فوق لبنان، من ضمنها اسقاطه طائرة ميج.
يحتفل العقيد راز وزملاؤه بتنفيذ المهمة كل سنة ويروون عنها للطيارين الشباب.
في شهر يوليو/تموز القادم سينضم الطيارون الذين نفذوا المهمة الى طيارين اخرين في قاعدة جوية للاحتفال بمرور 25 عاما على تنفيذ المهمة.
ستستمر النقاشات حول مدى التهديد الذي كانت تشكله العراق لاسرائيل، ولكن جميع الطيارين مقتنعون انهم حاربوا لدرء خطر مميت عن بلادهم.
قال الطيار "ج" : " كنت مقتنعا انني حتى لو لم أعد من المهمة فانني أكون قد ساهمت في درء هولوكوست اخرى، وأنني كنت مدينا لجدي الذي فقد حياته في الهولوكوست بذلك".
أما الطيار "أ" فقال : "أنا شخصيا لم أربط المهمة بالهولوكوست ولكني كنت أعرف انها مهمة شديدة الأهمية لاسرائيل. لاحقا حصلت خلافات في المجتمع الاسرائيلي حول لبنان، ولكن لا أحد طرح علامات استفهام حول شرعية تدمير المفاعل النووي العراقي."
التلفزيون الاسرائيلي يعرض للمرة الاولى صورا عن قصف مفاعل تموز العراقي في عام 1981.
عرض التلفزيون الاسرائيلي العام للمرة الاولى الاربعاء صورا التقطها الطيران الاسرائيلي خلال الغارة التي شنها على المفاعل النووي العراقي عام 1981.
ويظهر هذا الفيلم ومدته ساعة ونصف الساعة والذي اعده الاسرائيلي نير تويب الاستعدادات الدقيقة التي قامت بها اجهزة المخابرات في الجيش الاسرائيلي وكذلك سير الغارة التي شنت في السابع من حزيران/يونيو 1981 على مصنع تموز، 17 كلم من بغداد، وقتل خلالها تقني فرنسي.
وتبين من خلال الفيلم ان طائرات "اف-16" الثمانية الاميركية الصنع كان يجب ان تسلم اصلا لشاه ايران ولكن بعد ثورة الخميني تم تسليمها لاسرائيل وكان من المفترض ان لا تتسلمها الا في العام 1982.
وكشف الفيلم كيف تدربت مجموعة الطيارين الثمانية منذ وقت طويل وبسرية متناهية على التحليق على علو منخفض خصوصا فوق قبرص والبحر الاحمر.
وكان اصغر هؤلاء الطيارين ايلان رامون الذي اصبح اول رائد فضاء اسرائيلي وقتل في الاول من شباط/فبراير 2003 خلال تحطم المركبة الاميركية كولومبيا.
واخذت جميع المخاطر بالاعتبار بالنسبة للغارة على مفاعل تموز: اعطال واحتياطي المحروقات ونيران المضادة الارضية واخطاء ملاحية وغيرها.
وبالاجمال شارك 230 شخصا في هذه العملية وحث رئيس الاركان الجنرال رافاييل ايتان الذي كان يخشى حصول تسريب اخبار حول العملية، رئيس الوزراء مناحيم بيغن اعطاء الامر للبدء بالعملية.
وتذكر احد الطيارين ما قاله لهم الجنرال ايتان قبيل انطلاقهم "اذا وقعتم في الاسر قولوا كل ما تعرفونه. انتم تعتقدون انكم تعرفون الكثير ولكنكم لا تعرفون شيئا. كفوا عن اكل التمور لانكم ستحصلون على الكثير منها في العراق".
واقلعت الطائرات من ايلات (البحر الاحمر) وحلقت على علو منخفض فوق صحراء السعودية والعراق كي لا يتم رصدها.
وقال احد الطيارين خلال المهمة "اني ارى بعض البدو (…) هم ينظرون ولكن يبدو انهم لا يفهمون شيئا".
وقال اخر "اجتاز الان الطريق بين السعودية والعراق. ارى شاحنتين (…) الى اليسار، ارى مجمعا عسكريا" مضيفا "ارى الفرات، النهر المقدس، لا علاقة له بالاردن".
واضاف "حسنا، لا ارى طائرات ميغ (…) ها هي اسوار المفاعل. هناك هوائيات. القيت القنابل".
ومرت 50 ثانية بين القنبلة الاولى التي كانت بزنة 900 كلغ والقنابل التي القاها ايلان رامون، الطيار الذي قاد الطائرة الثامنة والذي قال "ارى السنة النيران والدخان، المفاعل ينهار".
وقال طيار اخر ان طائرات الـ"اف-16" الثمانية تعود الى اسرائيل "تشارلي الجميع (جميع الطيارين) احياء والهدف دمر طبقا للخطط" التي وضعت.
وكان رئيس الوزراء في تلك الفترة مناحيم بيغن برر هذه الغارة التي جرت قبيل الانتخابات التشريعية الاسرائيلية بقوله ان مفاعل تموز كان عل وشك ان يصبح ضخما ما كان سيتيح لعراق صدام حسين انتاج قنابل ذرية.
واثارت العملية انتقادات حادة دوليا بما في ذلك الحكومة الاميركية. وفي 19 حزيران/يونيو 1981 تبنى مجلس الامن بالاجماع "ادانة قوية للهجوم العسكري الذي شنته اسرائيل".
وبعد عدة اشهر، اكد وزير التجارة الخارجية الفرنسي ميشال جوبير اثر زيارة رسمية لبغداد موافقة فرنسا المبدئية على اعادة بناء المفاعل النووي ولكن ظلت هذه التصريحات بدون تنفيذ عملي