كتاب يثير الأسئلة من جديد عن علاقة الغرب بالشرق
استهل مترجم الكتاب السيد كامل يوسف بلمحة عن المؤلف موضحاً أن ريتشارد هول من مواليد استراليا، درس هناك وعمل في الخدمة على متن مدمرات في الأسطول البريطاني لسنوات عدة، ومن إجمالي دخله، مضى إلى جامعة أكسفورد مدفوعاً بطموحه وعشقه للتاريخ.
ولأن ضرورات الحياة لم تمنحه الفرصة للعمل في مجالات متعلقة بالتاريخ، عمل هول في الصحافة، ومن بينها ثلاثة عشر عاماً مراسلاً لصحف عدة في إفريقيا، أصدر خلالها العديد من الأبحاث التاريخية، وفي نهاية المطاف أتاحت له رئاسة تحرير صحيفة تصدر في زامبيا شيئاً من الوقت فتفرغ للكتابة في التاريخ.
كتاب «امبراطوريات الرياح الموسمية»، كما يضيف كامل يوسف، يتحدث عن ألف عام تاريخياً، لكنه يغلب الجغرافيا على التاريخ، ويرى أن ما تحكم في حياة ملياري نسمة من البشر هي الجغرافيا لا التاريخ،
فالمحيط الهندي مساحة مائية هائلة، فيها فنار يضيء بقوة حتى يصل إلى الجانب الإفريقي، بينما تخفت إضاءته لتصل إلى ما يمكن تسميته بالمرحلة الغسقية حين تقترب من سواحل الصين، وسبب هذا الانحسار بالضوء، هو معرفة المؤلف بالكثير من القضايا الإفريقية،
وما يتقاطع معها، وتركيزه عليها في الأبحاث والمراجع، واهتمامه وسرده لكل ما يتعلق بالجانب الإفريقي ليكتسب قدراً مدهشاً من الثراء، وحينما تتعلق الأمور بالأرخبيلات الأقرب إلى الطرف الآخر من المحيط الهندي، لا تقل المعرفة وحسب، وإنما تقل الجاذبية أيضا، تقل هذه القدرة الساحرة على الاستقطاب وشد الانتباه.
ومن الملاحظات المهمة التي أشار إليها المترجم كامل يوسف حول الكتاب، هو أنه أول كتاب يشير إلى الحقيقة التاريخية التي تقول إن أساطيل الأميرال الصيني زينغ هي قد وصلت إلى بندر جدة
وأن زينغ هي نفسه قام بزيارة مكة، مع أن الكتاب لا يشير ـ خلال ألف عام ـ إلى الدور المؤثر لمنطقة الخليج العربي إلا بإشارة بسيطة للإمبراطورية العمانية ومعقلها القوي في زنجبار.
ويرى كامل يوسف أن في الكتاب العديد من الخيوط يشير إليها المؤلف مجرد إشارة، وجدير بالباحثين العرب أن يلتقطوا أطراف هذه الخيوط لتكون مدخلاً لكتب وأبحاث تضيء الجوانب المظلمة في التاريخ، وتثير الأسئلة من جديد حول علاقة الغرب بالشرق،
خاصة أن في الكتاب آراء للمؤلف حول تلك العلاقة تفيد بأنه إذا كانت ألف عام قد قادت خطى الأفارقة إلى آسيا، ربما بتأثير الرياح الموسمية، فهذه الرياح لم تعد تتحكم الآن في حركة الحياة والنشاط والتجارة ..
بحكم التطور التقني والتقدم في وسائل المواصلات والاتصالات، لكن في الواقع المصالح والمصير لا يزالان يربطان إفريقيا بآسيا، ليس لأن آسيا هي المستقبل، وليس لأن الصين هي العملاق المقبل، وإنما امتداداً لهذا الارتباط الموضوعي التاريخي في المصالح والهموم والاهتمامات.
من جهة اخرى هناك المطامع الاستعمارية التاريخية في المحيط الهندي، تحت ذرائع ومبررات بدءاً بالكشوف الجغرافية ومروراً بنشر الكاثوليكية، ونشر الحضارة والمدنية وصولا إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان،
وجميع هذه المسميات كانت عناوين صارخة جاء تحت غطائها القرب الأوروبي منذ أقدم العصور وحتى الوقت الراهن في سيل عرم ليأخذ معه حضارات شرقية زاهرة ويهدم قيما كانت ماثلة وراسخة عبر التاريخ..
اخذ على الكتاب، انه يحاول جاهداً إيجاد المبررات للغزو الذي شنه الغرب على الشرق، تارة باسم الدين وتارة أخرى باسم الضرورات الاقتصادية والإستراتيجية،
وفي تركيزه على أن الجغرافيا هي التي قررت وسوف تقرر مصير المحيط الهندي وسكانه، يقلل المؤلف من المؤثرات الخارجية المتمثلة في الاستعمار، إضافة إلى المؤثرات الداخلية الاجتماعية والاقتصادية.
ايضا قدم للقارئ الغربي صورة عن الشرق كما تعود أن يراها، صورة السحر والخيال بعيداً عن الصورة الحضارية والعلمية التي يجب ان يظهر بها..
وكأن المدافع الأوروبية جاءت لمواجهة عالم خرافي خيالي.. وينسى المؤلف تماماً ـ في حديثه عن العملاق الافريقي الصامت ـ المواجهات الدامية التي حدثت في المحيط الهندي بين المماليك في مصر والبرتغاليين من جهة، وبين البرتغاليين والعمانيين اليعاربة في شرق إفريقيا من جهة ثانية.
الفهرس
بالنسبة لي فقد استمتعت بقراءة هذا الكتاب عندما وقع في يدي في بداية عام ٢٠٠٠
وأنصح الجميع بقراءته
تحية إلى مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية
وأنصح الجميع بقراءته
تحية إلى مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية