حرب كرة القدم أو حرب المائة ساعة بين السلفادور وهندوراس
في عام 1969 خاضت السلفادور وهندوراس حربا استغرقت 4 أيام -او حرب المائة ساعه- وراح ضحيتها آلاف الأرواح، وما يزال كثيرون يتذكرون هذا النزاع باسم "حرب الكرة"..
ففي ذلك العام وتحديدا في 27 يونيو، كانت النتيجة هدفين لكل منهما في ملعب أزتيكا في مكسيكو سيتي، وكانت هذه المباراة الثالثة بين الفريقين في غضون أسابيع للتأهل لكأس العالم عام 1970 في المكسيك في منافسة لم يكن لها مثيل
كانت هندوراس قد فازت في المباراة الأولى في تيغيوسيغالبا بهدف دون رد، ولكن في المباراة الثانية بسان سالفادور فازت السالفادور بثلاثة أهداف دون رد
وقد شهدت المبارتان أحداث عنف كتير، فقرر الاتحاد الدولي إقامة مباراة فاصله في المكسيك، وبينما تدخل المباراة الثالثة والحاسمة الدقيقة 11 من الوقت الإضافي تقدم لاعب السلفادور الشهير حينئذ موريشيو "بيبو" رودريغيز إلى منطقة جزاء هندوراس، واستقبل كرة برأسه ليحولها إلى داخل شباك الحارس جيمي فاريل
وانتهت المباراة بالفعل بفوز السلفادور بثلاثة أهداف مقابل هدفين، وقد تعانق اللاعبون وتصافحوا وغادروا الملعب طبيعي، ولكن في غضون ثلاثة أسابيع اندلعت الحرب بين البلدين
ولكي تعرف أسباب هذه الحرب يجب أن تعرف قصة البلدين وموقعهم الجغرافي
كان عدد سكان السلفادور البالغ مساحتها نحو مساحة ويلز 3 ملايين نسمة عام 1969، وكانت هناك نخبة من ملاك الأراضي يمتلكون أغلب أراضي البلاد تاركين القليل جدا للمزارعين الفقراء، زي نظام الإقطاع في مصر الاول مجموعة ناس بتملك البلد
بينما كانت هندوراس الي سيطرت عليها حينئذ نخبة إقطاعية صغيرة أيضا، تبلغ مساحتها خمس أضعاف مساحة السلفادور وعدد سكانها 2.3 مليون نسمة عام 1969
وكنتيجة لذلك كان أهالي السلفادور بيهاجرو إلى هندوراس بحثا عن العمل في الزراعة، فضلا عن العمل في شركات الفواكه الأمريكية، وفي عام 1969 كان هناك نحو 300 ألف سلفادوري يعملون في هندوراس
وكانت النخبة الإقطاعية في السلفادور تدعم هذه الهجرة الجماعية التي تخفف الضغط على أراضيهم، ولكن الهجرة أدت إلى نزاعات المزارعين في هندوراس الي كانوا بيناضلو من أجل الحصول على مزيد من الأراضي من النخبة الإقطاعية، لذلك مررت حكومة هندوراس قانونا زراعيا إصلاحيا لتخفيف التوتر
ولم تكن السلطات تركز على الأراضي المملوكة لشركات الفواكه الأمريكية بل على الأراضي التي استقر فيها المزارعون المهاجرون من السلفادور، ومن بين تلك الأراضي كانت عدة جزر في خليج فونسيكا بين البلدين
وقد بدأ رئيس هندوراس حينئذ، أوزوالدو لوبيز أريلاندو، في ترحيل الآلاف من السلفادوريين إلى بلادهم
وكانت حكومة الرئيس السلفادوري، فيدل سانشيز هيرنانديز، تناضل للتعامل مع العدد الكبير من المزارعين العائدين بينما ظل ملاك الأراضي يدفعون باتجاه العمل العسكري، في وقت تحدثت فيه الصحف عن اضطهاد المزارعين من سلفادور في هندوراس ومزاعم عن اغتصاب وقتل
كانت هذه هي المشاعر قبل مباراة كرة القدم، الي قال عنها الصحفي المكسيكي ريكاردو أوتيرو: "تزامنت تلك الأحداث السياسية مع المباريات، وكرة القدم في أمريكا الجنوبية تحظى بالكثير من الشغف"
ويقول اللاعب رودريغيز: "شعرنا أن علينا واجبا وطنيا هو الفوز من أجل السلفادور، كنا نخشى الخسارة بسبب تلك الظروف، كانت الخسارة تعني عارا أبديا، ما لم ندركه أن ذلك الفوز وذلك الهدف سيكون رمزا للحرب"
مثل تذكاري لضحايا الهندوراس
ماذا حدث بعد ذلك؟
في 27 يونيو عام 1969 قال وزير داخلية السلفادور فرانشيسكو خوزيه غويريرو، إن نحو 12 ألف سلفادوري غادروا هندوراس بعد المباراة الثانية، وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية حينئذ إنه ألقى باللوم على الاضطهاد الذي عانوه في هندوراس.
وفي اليوم التالي للمباراة ذكر تقرير لوكالة الأنباء الأمريكية يو بي آي تحت عنوان "السلفادور تنتصر في حرب كرة القدم" أن نحو 1700 من رجال الأمن في المكسيك حضروا المباراة للسيطرة على الموقف في ما كان المشجعون السلفادوريون يهتفون "قتلة، قتلة".
ويقول رودريغيز: "يرى الناس أن الهدف أشعل الحرب، في الواقع كانت الحرب ستندلع بالهدف أو بدونه."
وفي الأيام التالية وقعت مناوشات حدودية، وفي 14 يوليو أمرت حكومة السلفادور قواتها بغزو هندوراس وشن غارات جوية ضدها.
ووصف كابوشينسكي الصحفي البولندي لاحقا في مذكراته عام 1978 تلك الحرب بأنها حرب كرة القدم، ويتذكر أنه شاهد كتابات على الحيطان تقول: " لا أحد يهزم هندوراس، سوف ننتقم 3 مقابل لا شيء."
وكانت منظمة الدول الأمريكية قد نجحت في التوصل لوقف لإطلاق النار في 18 يوليو لتنهي حربا أسفرت عن مقتل 3 آلاف شخص أغلبهم من المدنيين من هندوراس، كما شُرد كثيرون في القتال، وقد سحبت السلفادور قواتها تحت الضغط الدولي في أغسطس من ذلك العام.
ولكن الألم لم ينته فالتجارة بين البلدين توقفت لعقود والحدود أغلقت، ومازال التوتر مستمرا بين البلدين، ومازالت النزاعات الحدودية متواصلة بينهما حتى اليوم.
ويقول رودريغيز في الذكري الخمسين لإندلاع الحرب : "بالنسبة لي سيظل ذلك الهدف دائما مصدرا للفخر، لقد استخدمت السلطات والسياسيون نصرنا الرياضي لتمجيد صورة السلفادور، ورغم كل ما حدث بعد ذلك فقد ظل فريق السلفادور يحمل الكثير من التقدير والاحترام لفريق هندوراس المنافس، فلم تكن المباراة بالنسبة لنا بين عدوين بل بين فريقين رياضيين متنافسين، عندما أحرزت الهدف لم أكن اعتقد أن هناك مزيدا من الوقت أمامهم للتعادل، فقد كنت على يقين أننا فزنا وانتهى الأمر."
ويقول دان هاغيدورن، مؤلف كتاب حرب المئة ساعة حول هذا النزاع: "كانت هذه الحرب أساسا حول الأرض، فهناك كثير من الناس في مساحة صغيرة وطبقة مسيطرة تشعل النزاع بمساعدة الصحافة."
كرة القدم فيها كثييير جدا من أحداث ومشاعر سيطرت علي الجماهير والتي تعتبر حرب السلفادور وهندوراس واحده من أهمها وأكثرها إثارة علي مر التاريخ.
منقول