التصنيع الدفاعي.. رهان سعودي بأبعاد جيواستراتيجية
الثلاثاء، 23 فبراير، 2021:
............
صناعة عسكرية تحمل رسائل سياسية إقليمية ودولية
سعت السعودية إلى إقامة قاعدة صناعية دفاعية محلية منذ عقود، لكن خلال السنوات الخمس الأخيرة باتت هذه الجهود أكثر جدية بسبب السياق الجيواستراتيجي المتغيّر والتحول المحلي. وفرضت الحالة الأمنية المضطربة التي يمر بها الشرق الأوسط وتمدد بعض الأطراف المعادية الراغبة في توسيع النفوذ، الحاجة إلى دور أكثر فاعلية من هذا الباب، كما أن الإنتاج المحلي يدعم الاقتصاد ويخفّف على الرياض ضغوط المنظمات الحقوقية.
أبوظبي/الرياض - يشكل الحفاظ على الأمن القومي بالنسبة إلى السعودية في ظل وضع إقليمي معقد بشكل كبير، تلعب فيه إيران أدوارا استفزازية في الشرق الأوسط، من أهم الأولويات للبلد الخليجي، الذي يدرك جيدا أن الرهان على إرساء قاعدة صناعة دفاعية صلبة سيحقق له أهدافا متنوعة ذات أبعاد استراتيجية.
وبالنسبة إلى بلد مثل السعودية، ذي الثقل المهم في المنطقة، فإن الصناعة العسكرية تعتبر خيارا مزدوجا، لأنها لا تحتاج إلى تنويع التسليح تماما، بل تصنيع أسلحة مشابهة لتلك الغربية، فضلا عن أنها تفتح المجال لمشاريع مشتركة مع مصنعين شرقيين وغربيين على السواء.
وهذا الأمر ظهر بوضوح خلال المعرض الدفاعي “آيدكس 2021” المقام في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث أعلنت شركات سعودية عن عقد صفقات جديدة لتوطين الصناعة العسكرية، مع الكشف عن حجم التمويلات، التي خصصتها الحكومة للعقد المقبل ضمن “رؤية 2030”.
...........................................
أهداف استراتيجية
أحمد العوهلي:نتجه إلى زيادة الإنفاق وخاصة على الأبحاث العسكرية والتطويريرى مراقبون سياسيون أن أي إنتاج محلي للأسلحة والذخائر الضرورية لأي حروب مستقبلية من شأنه أن يخفف على السعوديين ضغوط المنظمات الحقوقية، التي يتم تسليطها عليها لتحقيق مكاسب لجهات تتخفى وراءها تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان.
والخطوات التي تقوم بها السعودية اليوم ليست وليدة اللحظة، ففي عام 1953، افتتح الملك الراحل سعود بن عبدالعزيز أول مصنع للذخيرة بمدينة الخرج بالقرب من العاصمة الرياض شيّدته شركة فرنسية. وقال حين تدشينه إن “إنشاء هذا المصنع ليس سوى الخطوة الأولى. وسيتم اتخاذ المزيد من الخطوات لرفع مستوى جيشنا وتجنب ضرورة استيراد الأسلحة”.
في أعقاب ذلك تم افتتاح العديد من المنشآت والمصانع، التي تضمنت إنتاج الأسلحة والقنابل والذخيرة لتصل إلى مرحلة أخرى بقدوم الملك سلمان بن عبدالعزيز، ضمن استراتيجية قصيرة المدى في البداية تمتد لعشر سنوات على أن يتم بناء قاعدة صناعة ذات جدوى في هذا القطاع.
ولم تقتصر تصورات “رؤية 2030”، التي تم إطلاقها في أبريل 2016 على الإصلاحات الاجتماعية بل امتدت لإقرار خطط استثمارية لتجاوز مرحلة الاعتماد المطلق على النفط لتطوير الصناعة السعودية في مجالات أوسع وأكبر، من ذلك منظومة الدفاع وصناعة الأسلحة، وهي أكثر المجالات التي جعلت السعودية شديدة الارتباط بالغرب في أحد أهم المجالات إنفاقا.
ويؤكد المتابعون أن هذه التصورات عبّر عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشكل واضح بتساؤله في مقابلة أجرتها معه وكالة بلومبرغ الأميركية في نوفمبر 2018 حينما قال “هل يعقل أننا ثالث أكبر دولة في الإنفاق العسكري ولا نملك صناعة عسكرية”؟
وبغض النظر عن توجه السعودية لتخفيف القيود الدولية عليها في علاقة بتوريد الأسلحة خاصة مع ظهور مؤشرات على ذلك بعد قدوم إدارة أميركية جديدة، فإنها مصمّمة على تركيز صناعة حربية محلية تكون عبر عقد شراكات واتفاقيات مع شركات دولية لتطوير الصناعات الحربية على أراضيها.
ويبدو أن هذه السياسة لم تملها التطورات في السنوات القليلة الماضية، بل كانت نتاجا لإدراك القيادة السعودية بوجود البلد في بيئة عدائية تستوجب التسلّح لدرء كل مخاطر التطورات الإقليمية في المنطقة، كانتشار الجماعات الإرهابية أو خطر إيران المتربصة بالمنطقة والمتغلغلة منذ سنوات في سياسات بعض الدول العربية مثل سوريا والعراق واليمن.
وتثير المخططات الإيرانية التوسعية في الشرق الأوسط مخاوف السعودية التي تطالب بكبح جماح طهران، خاصة في ما يتعلق بملفها النووي وصواريخها الباليستية، لذلك تسعى الرياض من وراء برامجها العسكرية المحلية إلى حماية أراضيها والتصدي لهجمات الحوثيين المتزايدة.
وليس ذلك فحسب، بل إن الخطة لها هدف مزدوج، إذ أنها ستدعم مسار توظّيف صناعة الدفاع لفائدة الآلاف من السعوديين، ممّا يحفز الرياض على مواصلة دعم شركات التصنيع العسكري والشركات المحلية الأخرى، لضمان قدرتها على النموّ ولتوفير المزيد من فرص العمل.
.......................................................
والخطوات التي تقوم بها السعودية اليوم ليست وليدة اللحظة، ففي عام 1953، افتتح الملك الراحل سعود بن عبدالعزيز أول مصنع للذخيرة بمدينة الخرج بالقرب من العاصمة الرياض شيّدته شركة فرنسية. وقال حين تدشينه إن “إنشاء هذا المصنع ليس سوى الخطوة الأولى. وسيتم اتخاذ المزيد من الخطوات لرفع مستوى جيشنا وتجنب ضرورة استيراد الأسلحة”.
في أعقاب ذلك تم افتتاح العديد من المنشآت والمصانع، التي تضمنت إنتاج الأسلحة والقنابل والذخيرة لتصل إلى مرحلة أخرى بقدوم الملك سلمان بن عبدالعزيز، ضمن استراتيجية قصيرة المدى في البداية تمتد لعشر سنوات على أن يتم بناء قاعدة صناعة ذات جدوى في هذا القطاع.
ولم تقتصر تصورات “رؤية 2030”، التي تم إطلاقها في أبريل 2016 على الإصلاحات الاجتماعية بل امتدت لإقرار خطط استثمارية لتجاوز مرحلة الاعتماد المطلق على النفط لتطوير الصناعة السعودية في مجالات أوسع وأكبر، من ذلك منظومة الدفاع وصناعة الأسلحة، وهي أكثر المجالات التي جعلت السعودية شديدة الارتباط بالغرب في أحد أهم المجالات إنفاقا.
ويؤكد المتابعون أن هذه التصورات عبّر عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشكل واضح بتساؤله في مقابلة أجرتها معه وكالة بلومبرغ الأميركية في نوفمبر 2018 حينما قال “هل يعقل أننا ثالث أكبر دولة في الإنفاق العسكري ولا نملك صناعة عسكرية”؟
وبغض النظر عن توجه السعودية لتخفيف القيود الدولية عليها في علاقة بتوريد الأسلحة خاصة مع ظهور مؤشرات على ذلك بعد قدوم إدارة أميركية جديدة، فإنها مصمّمة على تركيز صناعة حربية محلية تكون عبر عقد شراكات واتفاقيات مع شركات دولية لتطوير الصناعات الحربية على أراضيها.
ويبدو أن هذه السياسة لم تملها التطورات في السنوات القليلة الماضية، بل كانت نتاجا لإدراك القيادة السعودية بوجود البلد في بيئة عدائية تستوجب التسلّح لدرء كل مخاطر التطورات الإقليمية في المنطقة، كانتشار الجماعات الإرهابية أو خطر إيران المتربصة بالمنطقة والمتغلغلة منذ سنوات في سياسات بعض الدول العربية مثل سوريا والعراق واليمن.
وتثير المخططات الإيرانية التوسعية في الشرق الأوسط مخاوف السعودية التي تطالب بكبح جماح طهران، خاصة في ما يتعلق بملفها النووي وصواريخها الباليستية، لذلك تسعى الرياض من وراء برامجها العسكرية المحلية إلى حماية أراضيها والتصدي لهجمات الحوثيين المتزايدة.
وليس ذلك فحسب، بل إن الخطة لها هدف مزدوج، إذ أنها ستدعم مسار توظّيف صناعة الدفاع لفائدة الآلاف من السعوديين، ممّا يحفز الرياض على مواصلة دعم شركات التصنيع العسكري والشركات المحلية الأخرى، لضمان قدرتها على النموّ ولتوفير المزيد من فرص العمل.
.......................................................
إصرار على تجاوز العقبات:
رغم أن السعودية ليست قريبة من الاكتفاء الذاتي شأنها شأن حلفاء الولايات المتحدة من الدول الأكثر تقدّما التي تبقى معتمدة على واشنطن في ميدان التكنولوجيا والمعرفة العسكرية، بيد أنها تحاول الاستفادة من الشراكات الاستراتيجية مع أكبر شركات الصناعة العسكرية على ضفتي الأطلسي من أجل التعلم من الأفضل.
وعمل البلد الخليجي، الذي كان لسنوات يعتمد بشكل كبير على واردات الأسلحة من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، وهو ثالث أكبر منفق في العالم على قطاع الدفاع، من أجل تطوير صناعة الدفاع المحلية عبر خطة تستهدف توجيه نصف إنفاقها العسكري إلى مصادر محلية. وهو يبدي إصرارا كبيرا على تجاوز كافة العقبات مهما كان صعوبتها.
وكشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية بالسعودية (سامي)، أحمد العوهلي السبت الماضي، خلال معرض النسخة الحالية لمعرض آيدكس أن بلاده ستستثمر أكثر من 20 مليار دولار في صناعتها العسكرية خلال العقد القادم تشمل البحث والتطوير، مع زيادة الإنفاق على الأبحاث العسكرية والتطوير من 0.2 في المئة إلى حوالي أربعة في المئة من الإنفاق على التسلح بحلول 2030.
وفي خطوة تأتي عكس إرادة إدارة الرئيس جو بايدن، وقعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية الذي أسسها صندوق الثروة السيادي في العام 2017 اتفاقا الأحد الماضي مع شركة لوكهيد مارتن الأميركية لتأسيس شركة مشتركة، في وقت قالت واشنطن إنها تراجع مبيعات الأسلحة إلى السعودية.
لكن نائب رئيس شركة لوكهيد مارتن، تيموثي كاهيل أكد أن الاتفاقية تمثل “حجر أساس مهما” في علاقة شركته مع الشركة السعودية وتأتي ضمن استراتيجية توفير حلول دفاعية وأمنية معتمدة.
وفي خضم ذلك، لم تضيّع السعودية الفرصة من أجل تطوير العلاقات مع حلفائها الإقليميين وخاصة الخليجيين، وأولهم دولة الإمارات، حيث تشكلان معا حلفا استراتيجيا بوجه التدخلات الخارجية، وهما يتشاركان في العديد من المجالات، التي تجعلهما يكرسان مبدأ التكامل.
ولذلك وقّعت شركة سامي السعودية الاثنين، اتفاقية تعاون مشترك مع شركة نمر الإماراتية التابعة لمجموعة إيدج لتزويدها السعودية بحاجتها من العربات المدرعة. وتُعَد أول اتفاقية بين شركات سعودية ونظيراتها الإماراتية في قطاع الصناعات العسكرية.
ويقول وليد أبوخالد الرئيس التنفيذي لشركة سامي إن الشركة تستهدف تحقيق إيرادات سنوية بـ5 مليارات دولار بحلول 2030، وذلك في إطار مسعى لتصنيع المزيد من العتاد العسكري داخل البلاد.
ويعمل السعوديون على نقل التكنولوجيا لهذه الصناعة. فقد استحوذت الشركة السعودية للصناعات العسكرية في ديسمبر الماضي، على شركة الإلكترونيات المتقدمة، وبذلك تصبح شركة سعودية 100 في المئة. وهي أكبر صفقة من نوعها على مستوى القطاع الخاص في مجال الصناعات العسكرية في البلاد.
وكانت الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية قد دشنت في أبريل العام الماضي، أعمال مشروع لتطوير وتصنيع وصيانة منظومات الطائرات المسيرة بالتعاون مع شركة إنترا للتقنيات الدفاعية السعودية.
وفي خضم ذلك، لم تضيّع السعودية الفرصة من أجل تطوير العلاقات مع حلفائها الإقليميين وخاصة الخليجيين، وأولهم دولة الإمارات، حيث تشكلان معا حلفا استراتيجيا بوجه التدخلات الخارجية، وهما يتشاركان في العديد من المجالات، التي تجعلهما يكرسان مبدأ التكامل.
ولذلك وقّعت شركة سامي السعودية الاثنين، اتفاقية تعاون مشترك مع شركة نمر الإماراتية التابعة لمجموعة إيدج لتزويدها السعودية بحاجتها من العربات المدرعة. وتُعَد أول اتفاقية بين شركات سعودية ونظيراتها الإماراتية في قطاع الصناعات العسكرية.
ويقول وليد أبوخالد الرئيس التنفيذي لشركة سامي إن الشركة تستهدف تحقيق إيرادات سنوية بـ5 مليارات دولار بحلول 2030، وذلك في إطار مسعى لتصنيع المزيد من العتاد العسكري داخل البلاد.
ويعمل السعوديون على نقل التكنولوجيا لهذه الصناعة. فقد استحوذت الشركة السعودية للصناعات العسكرية في ديسمبر الماضي، على شركة الإلكترونيات المتقدمة، وبذلك تصبح شركة سعودية 100 في المئة. وهي أكبر صفقة من نوعها على مستوى القطاع الخاص في مجال الصناعات العسكرية في البلاد.
وكانت الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية قد دشنت في أبريل العام الماضي، أعمال مشروع لتطوير وتصنيع وصيانة منظومات الطائرات المسيرة بالتعاون مع شركة إنترا للتقنيات الدفاعية السعودية.
النهايه