الاقتصاد المصري بعد 2013: قراءة تحليلية

الاقتصاد المصري بعد 2013: قراءة تحليلية

الاقتصاد المصري بعد 2013: قراءة تحليلية

الاقتصاد المصري بعد 2013 قراءة تحليلية
الاقتصاد-المصري-بعد-2013-قراءة-تحليلية-768x404.jpg

تمهيد​

هذا التحليل يمثل قراءة في دراسة تفصيلية موسعة الأساسية، حيث يستعرض تطور وضع الاقتصاد المصري منذ منتصف 2013 وحتى الآن، وتقديم نظرة كلية على السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل نظام الحكم بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونتائجها الفعلية، من أجل الإجابة على سؤال ما إذا كان

هل المسار الحالي هو مسار حقيقي للتنمية تحسن خلاله الاقتصاد المصري بالفعل؟

التحليل يجيب أن السياسات المتبعة حتى الآن لم تحقق النتائج المرغوبة منها بل على العكس ارتفعت معدلات الفقر والديون كما لم تستقر معدلات التضخم مع استمرار ضعف الرعاية الصحية والتعليم وخدمات النقل. إضافة إلى ذلك فإن القراءة النقدية للنتائج التي تدعي الحكومة الحالية بأنها إيجابية تخبرنا عكس ذلك كما أشارت بلومبيرج أن المستفيدين من تلك النتائج هم 1% فقط من الشعب المصري

يركز التقرير الحالي على النتائج النهائية لكل عنصر من العناصر الأساسية المؤثرة على الاقتصاد دون الدخول في بيانات تفصيلية عميقة. على سبيل المثال ينظر التقرير الحالي إلى تقييم ملف السياسات النقدية بصورة إجمالية بالنظر إلى أثر السياسات على التضخم والدين الخارجي. بينما ينظر التقرير المطول بصورة أكثر تفصيلا للعوامل المؤثرة على تلك المؤشرات مثل تقييم أداء البنك المركزي وسياساته إضافة إلى تقييم عمل البنوك والفساد داخل الجهاز المصرفي. السبب في ذلك هو الرغبة في إصدار تقويم مختصر يمكن من خلاله تسليط الضوء على الواقع الاقتصادي بتحليل النتائج النهائية للسياسات أكثر من التركيز على مناقشة تلك السياسات وتفصيلاتها.

يناقش التقرير 6 عناصر رئيسية للاقتصاد المصري، وهي الناتج المحلي الإجمالي، الموازنة العامة للدولة، نتائج السياسات النقدية، الاستثمار بشقيه الأجنبي والخاص، وتحليل نتائج الفقر والبطالة ومظاهر الفقر الحالية والنتائج الاجتماعية للسياسات المتبعة. كما يشير التقرير إلى توغل الجيش في النشاط الاقتصادي، ثم ينتقل بعد ذلك إلى النظر للاقتصاد المصري نظرة كليه بتحليل عوامل التسرب والحقن ثم الانتقال إلى خلاصة وتوصيات وينتهي بتقديم نظرة مستقبلية للاقتصاد المصري في الفترة القريبة والمتوسطة خلال الأعوام القادمة.

ملخص تنفيذي.​

يحاول التقرير أن يقدم صورة تحليلية لمجمل الأوضاع الاقتصادية المصرية، انطلاقا من تحليل الأرقام الرسمية بهدف استقراء النتائج حول صحة التوجه وجدوى التصرف واستدامة الأثر، كأهداف أصيلة لأي عملية تنموية.

فعلى مستوى النمو في الناتج المحلي ترجع طفرة النمو أساسا إلى النمو في 6 قطاعات، شكلت نحو 77% منه خلال العام المالي 2017/2018، كانت أهم تلك القطاعات هي قطاع الاستخراجات بنسبة 15.8% والصناعات التحويلية بنسبة 12.2% وقطاع التشييد والبناء بنسبة 10.3% إلى جانب قطاعات تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 9.6% والأنشطة العقارية بنسبة 7% وقطاع الزراعة بنسبة 6.8%.

وبالنظر إلى القطاعات المساهمة بصورة رئيسية في نمو الناتج المحلي نجد أن القطاعات الرئيسة هي التعدين وعائد قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج، أي أننا نجد أن مكونات الناتج المحلي الإجمالي في مصر تتصف بالريعية، وتهيمن عليه بشكل رئيس القطاعات التي تعتمد على الاستهلاك، وبالتالي يمكن القول إن النمو الاقتصادي الحالي غير شامل وليس مستداماً. وبالتالي فمعدل النمو الحالي يغيب عنه الهدف الرئيس من تحقيق النمو، وهو رفع مستويات معيشة المواطنين، لا يزال المواطن العادي يعاني من ارتفاع معدلات التضخم، وضعف التعليم والرعاية الصحية وخدمات النقل. وأظهرت الأرقام أيضا إلى أن أرقام النمو المرتفعة هي بالأساس مقومة بالجنيه المصري، بينما لو تم تقويم الناتج المحلى الإجمالي بالدولار الأمريكي سنجد انكماشا وليس نموا عقب العام 2015 – 2016.

كما أن ارتفاع معدلات الدين المحلي والخارجي إلى مستويات غير مسبوقة يؤدي إلى أن نحو40% من الإنفاق الحكومي من خلال الموازنة يستهلك في سداد فوائد القروض، كما قد ينتج عنه ضعف قدرة النظام على الاستدانة في المستقبل إضافة إلى تأثير مستويات الاستدانة بصورة مباشرة على ملف الاستثمارات الداخلية للقطاع الخاص نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة. أدى ذلك إلى انخفاض القيمة الإجمالية للاستثمار الخاص وتركيز الاستثمارات الأجنبية على الأموال الساخنة والبورصة أكثر من استثمارها في قطاعات إنتاجية.

إضافة إلى ذلك فإن ارتفاع معدلات التضخم كنتيجة لتعويم الجنيه المصري ورفع الدعم عن المحروقات وزيادة أسعار الطاقة قد ساهم بصورة أساسية في رفع تكلفة السياسات التقشفية على المواطنين. ومع عدم وجود زيادات في المرتبات تكافئ نسب التضخم وارتفاع الأسعار ارتفعت نسبة الفقراء في مصر إلى أرقام غير مسبوقة بإدخال نحو 5 ملايين مصري جديد تحت خط الفقر خلال ثلاث سنوات فقط ليبلغ عدد المصريين تحت خط الفقر أكثر من 30 مليون مواطن حيث ارتفعت نسب الفقر الرسمية وفقا للمركز القومي للتعبئة والإحصاء إلى 32.5% في 2017 بعد أـن كانت 28% في 2015.

وقد عانى الاقتصاد المصري قبل عام 2011 من مجموعة من الاختلالات الهيكلية، والتي لا يزال حتى وقتنا الحالي رهينة لها، بل زاده انفلات معدلات القروض الداخلية والخارجية اختلالاً، كما ساهم التدخل السياسي في توجيه المشروعات الاقتصادية في تشكل وضع اقتصادي ينذر بخطر شديد على المدى المتوسط والبعيد.

مقدمة​

يتردد مصطلح التنمية بشكل مستمر مع كل نظام سياسي جديد دون تعريف خاص به. مصطلح التنمية هو مصطلح متنوع في معناه حيث يستخدمه البعض للإشارة إلى مصطلح التغيير أو الاستهلاك أو التنمية الاقتصادية أو الحكم الرشيد أو تطوير التعليم أو رفع الناتج المحلي أو رفع كفاءة العامل البشري في الدولة أو رفع معدلات الصحة والخدمات الصحية. كل تلك المصطلحات هي جزء من التنوع الذي يشير إليه مصطلح التنمية.

العديد من الدراسات خلصت إلى أن الفوائد العائدة من النمو الاقتصادي في العادة لا يتم توزيعها بشكل عادل على المواطنين، وإن الأهمية تكمن في النموذج التنموي الذي تتبعه الدولة وليس تحقيق نسبه أكبر في الناتج المحلي أي أن النمو ليس فقط الاختلاف الإيجابي في نسبة النمو في الناتج المحلي، وإنما مدى عمق هذا النمو، حيث ينتج عمق النمو عن طريق تنويع مصادر الإنتاج وزيادة الصادرات ورفع كفاءة وإنتاجية المزارع وإنشاء شركات جديدة وتطوير التكنولوجيا، كل ذلك من أجل أن ينعكس على تنمية رأس المال البشري للدولة.

وعلى الرغم من تكرار النغمة التي يرددها كل نظام حاكم في مصر بأن الهدف هو دفع عجلة التنمية وجني ثمار الإصلاح الاقتصادي إلا أن الاقتصاد المصري مر خلال السنوات الست الماضية بمجموعة من القوانين والقرارات والاتفاقيات أنتجت وضعاً اقتصادياً واجتماعياً يكاد يختلف كلية عما مرت به مصر خلال الستين عاما الماضية.

الناتج المحلي الإجمالي​

يشير مصطلح الناتج المحلي الإجمالي إلى مجموع ما ينتجه المجتمع من سلع وخدمات نهائية خلال عام واحد، وهو يعد وسيلة تقييم شاملة على صحة الاقتصاد. كما يشير مصطلح النمو المحلي إلى معدل النمو في إجمالي الناتج المحلي بالنسبة المئوية خلال عام واحد. يعد الهدف الرئيسي من رفع معدلات النمو هو تحقيق أثر إيجابي في حياة المواطنين كنتيجة لتلك الزيادة. إلا أن الحالة في مصر على غير ذلك.

هيكل الناتج المحلي​

حدثت زيادات متتالية للناتج المحلي في مصر خلال السنوات الخمس الماضية حيث ارتفع من 1.82 تريليون جنيه (نحو 230 مليار دولار) خلال عام 2015، ثم تزايد ليبلغ 3.4 و4.3 ترليون جنيه خلال عامي 2016/2017 – 2017/2018 على التوالي. كما ارتفع معدل النمو من 2.2% عام 2014/2015 إلى 3.6% عام 2016/2017 ثم 5.3 عام 2017/2018 مع توقعات ببلوغه 5.5 إلى 6% خلال العام المالي 2018/ 2019. كما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة العوامل وبالأسعار الجارية نحو 6 تريليون جنيه بمعدل نمو حقيقي يبلغ 5.6% بموازنة العام المالي 2019/2020[6].

ولكن عند النظر إلى الناتج المحلي مقوما بالدولار حسب بيانات البنك الدولي نجد أن إجمالي الناتج المحلي قد انخفض فعليا منذ 2013. بلغ الناتج المحلي 250 مليار دولار عام 2018 بينما كان إجمالي الناتج المحلي 332 مليار دولار في 2016 ويرجع ذلك إلى قرار تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 إضافة إلى اتباع سياسة طبع النقود وكلاهما ادى إلى ارتفاع معدلات التضخم بصورة كبيرة. كما أن الزيادة الحاصلة في إجمالي الناتج المحلي مقوما بالجنيه تعود إلى التضخم أيضا.

يقارن شكل (1) إجمالي الناتج المحلي المصري مقوما بالدولار والجنيه. يلاحظ الارتفاع المفاجئ للناتج المحلي بالجنيه في 2016 مقابل انخفاض حاد لنفس العام بالدولار وهو ما يعكس أن ارتفاع قيمة الناتج المحلي ترجع بالأساس إلى قرار التعويم وارتفاع معدلات التضخم.

على المقابل يشير البعض إلى أن المهم في القياس هو معدل النمو وليس قيمة الناتج المحلي. ومع أن الطفرة الحاصلة في معدل النمو تبدو إيجابية للوهلة الأولى إلا أن النظرة المتفحصة لتلك الأرقام تشير إلى غير ذلك: أولا؛ بالنظر إلى القطاعات الرئيسية المغذية للناتج المحلي نجد أنها؛ التعدين (بعد طرح الناتج الصناعي والبناء والبيع بالتجزئة والجملة) وعائد قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج، مما يجعل المكونات الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي تتسم بالريعية ولا تؤدي إلى نمو شامل ومستدام.

الاقتصاد المصري بعد 2013 قراءة تحليلية-1
الاقتصاد-المصري-بعد-2013-قراءة-تحليلية-1-768x498.png

المصدر: بيانات البنك المركزي للجنيه والبنك الدولي للدولار[7]

ثانيا؛ لم تنعكس تلك النتائج إيجابيا على حياة المواطنين بل على العكس أتت النتائج سلبية تماما، حيث ارتفعت معدلات الفقر لتصل إلى 32.5% في عام 2018 إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم واستمرار ضعف الرعاية الصحية والتعليم وخدمات النقل.​

يوضح شكل (2) نسب مساهمه القطاعات في الناتج المحلي. يشكل قطاع الصناعات التحويلية نسبة 17% من الناتج المحلي وفي حال حذف قطاعات التكرير نجد أنه يكون 13% فقط. يليه قطاع تجارة الجملة بنسبة 14% وقطاع الزراعة والثروة السمكية بنسبة 12% وقطاع الانشطة العقارية بنسبة10%.

وتفسر طبيعة القطاعات المساهمة في حساب الناتج المحلي الانعكاس السلبي على المواطن رغم ارتفاع معدلات النمو، حيث يعزى النمو في قطاع التعدين بشكل رئيسي إلى الافتتاح المبكر لحقل ظهر للغاز، وإلى منجم ذهب السكري. وعلى الرغم من أهمية القطاع في توفير المواد الخام لأغراض الإنتاج والاستهلاك المحلي والتصدير، ورغم ذلك فمشاركته المستدامة في النمو تتوقف على وجود قطاع صناعي نشط، وهو غير متوافر في الحالة المصرية، وتتوقف كذلك على حجم الاحتياطيات والاكتشافات الجديدة، وهي أمور لا يمكن التعويل عليها كمكون رئيس مستدام لمعدل النمو وقادر على تحقيق فرص عمل جديدة. أما بالنسبة لقطاع التشييد والبناء فإن المشاريع العقارية تولد أصولا ثابتة إلا أنها لا تنتج تشغيلا مستداما.

الاقتصاد المصري بعد 2013 قراءة تحليلية-2

الاقتصاد-المصري-بعد-2013-قراءة-تحليلية-2-768x491.png


المصدر: البنك المركزي[8]

أما في موازنة العام المالي 2019/2020 فيبلغ الناتج المحلي الإجمالي بتكلفة العوامل وبالأسعار الجارية نحو 6 تريليونات جنيه بمعدل نمو يبلغ 5.6%[9]، ومن المتوقع أن تكون أكثر القطاعات مُساهمة في الناتج المحلي الإجمالي هي، قطاع الصناعات التحويلية ومنتجات البترول بمبلغ 984.9 مليار جنيه، بنسبة 16.4%، وقطاع تجارة الجملة والتجزئة بمبلغ 814.6 مليار جنيه، 13.5%، وقطاع استخراج البترول والغاز بمبلغ 773.7 مليار جنيه، بنسبة 12.9%، قطاع الزراعة والغابات والصيد بمبلغ 676.3 مليار جنيه، بنسبة 11.2%، قطاع الملكية العقارية بمبلغ 441.2 مليار جنيه، وبنسبة 7.35%.​

وبالتالي يمكن القول إن نمو الناتج المحلي الإجمالي تهيمن عليه بشكل رئيس القطاعات التي تعتمد على الاستهلاك بدلاً من الإنتاج والاستثمار، كما يمكن وصف إنتاجية تلك القطاعات بأنها غير مستدامة إلى حد كبير. على سبيل المثال يعتمد القطاع العقاري على مجموعة من المشروعات الموجهة من الدولة، والتي لا تعكس حالة العرض والطلب الحقيقي في المجتمع، فضلاً عن أن جزءا كبيرا منها جاء لتلبية طلب الطبقة الغنية، كما أن معاناة القطاع بصفة عامة من الركود نتيجة تآكل القوة الشرائية، وارتفاع أسعار مواد البناء، كنتيجة لتعويم الجنيه والإجراءات الاقتصادية المترتبة على برنامج صندوق النقد ساهمت في إلقاء المزيد من الأعباء على القطاع، ويتجادل خبراء القطاع حاليا حول وجود فقاعة عقارية أوشكت على الانفجار، وهو ما يعكس هشاشة الاعتماد عليه كمكون رئيس من مكونات معدل النمو خلال الفترة القادمة.

مساهمه قطاعي الصناعة والزراعة في الناتج المحلي​

من أجل تحسين مستوى المعيشة يجب التركيز على الجانب الحقيقي من الاقتصاد، مع تعزيز كفاءة وفعالية الخدمات التي يعتمد عليها المواطن. وانطلاقا من ذلك يمكن تقييم مساهمتي قطاعي الصناعة والزراعة في الناتج المحلي والنمو. حيث لا تزال مساهمة القطاع الصناعي هزيلة، بنسبة تقترب من 17% من الناتج المحلي ويساهم بنسبة 13% فقط بعد حذف قطاعات التكرير[10].

تلك النسب لا تضع مصر في مسار التنمية الحقيقة، ولا تستوعب أعداد العمالة الوافدة إلى سوق العمل سنوياً، فضلاً عن غياب التطوير التكنولوجي. كما أن الأرقام الإيجابية المتزايدة في المجال الصناعي دائما ما تتجاهل ملكية الجيش لبعض تلك المشروعات الهامة مثل مجمع الأسمنت على سبيل المثال. المشكلة في ذلك أن عوائد تلك المشاريع المملوكة للجيش لا تتدفق إلى دائرة النشاط الاقتصادي نظرا لتبعيتها للجيش إضافة إلى أن جدوى تلك المشروعات عليها العديد من علامات الاستفهام، خاصة مجمع الأسمنت الذي تسبب في أزمة حقيقية للقطاع [11]، وكذلك إنشاء مدينة الأثاث في مدينة دمياط الجديدة في ظل أزمة ركود حادة أصابت القطاع جراء عملية تحرير سعر الصرف، وهو ما ساهم في إغلاق مئات الورش الصغيرة في دمياط [12].

أما عن قطاع الزراعة فساهم بنسبة 12% خلال العام 2017/2018 ويستحوذ القطاع على نسبة 24% من القوى العاملة في مصر. كما تسهم الزراعة بنحو 20% من صادرات السلع المصرية. وعلى الرغم من أن القطاع لديه القابلية لتوسيع إنتاجيته إلا أن محدودية الموارد الاقتصادية الزراعية حالت دون ذلك لعدة أسباب. أولا التعدي الواسع على الأراضي الزراعية في أعقاب ثورة يناير، وهو وضع تسبب فيه سيطرة الجيش على الأراضي المصرية والمغالاة في أسعارها، وتقديم الشركات الكبرى خاصة الخليجية منها على المواطن المصري، بحيث كانت الأراضي الزراعية المنفذ الوحيد، ودائما ما تعالج السلطة التعديات بالمصالحة، ومؤخرا تم الإعلان عن دفع مبالغ محددة للتصالح، كـأحد الأساليب المبتكرة للجباية، كما أن محدودية الأراضي الزراعية هي السبب في تزايد فاتورة الاستيراد الغذائي.

ثانيا نتيجة ضعف الاستثمار في القطاع الزراعي وخاصة في رفع مستويات البنية التحتية كاستصلاح الأراضي وشق القنوات والمصارف. وأخيرا فإن العمالة الزراعية المصرية تتسم بشكل عام بانخفاض الإنتاجية مقارنة بالعديد من الدول نظرا لانخفاض المستويات التعليمية والفنية ولم تخطو الدولة خطوات جدية من أجل حل تلك المشكلة.

أدى ذلك إلى تعاظم الفجوة الغذائية في مصر لبعض المحاصيل الهامة حيث تزايدت الفجوة الغذائية بنسبة 14.3% للقمح عام 2016 مقارنة بعام 2015 و69% للفول و52.6% للعدس و152.8% للزيوت النباتية خلال نفس الفترة[13].

في النهاية يمكن القول إن الزيادة الضخمة في قيمة الناتج المحلي الإجمالي مقوما بالجنيه في مصر لا تعكس زيادة في حجم السلع والخدمات وإنما تعود إلى ارتفاع معدلات التضخم بصورة كبيرة والدليل على ذلك هو أن قيمة الناتج المحلي تنخفض في حال تقويمها بالدولار. إضافة إلى ذلك ناقشنا أن معدلات النمو الحقيقي يتم تغذيتها بالأساس من خلال مدخلات ريعية وليس من قطاعات إنتاجية مثل قطاع الصناعة والزراعة وبالتالي لا يؤدي ذلك إلى نمو مستدام. كنتيجة لذلك، لم يشعر المواطن المصري بتحسن في مستويات المعيشة ولم يستشعر أي نتائج إيجابية نتيجة لذلك النمو.

الكاتب
Tornado.sa 
المشاهدات
993
الإصدار الأول
آخر تحديث
تقييم
3.00 نجوم 2 تقييمات

المزيد من المواد من Tornado.sa

آخر التحديثات

  1. الاقتصاد المصري بعد 2013:القسم. (4)

    الآثار الاجتماعية للسياسات الاقتصادية باعتبار المواطن هو المحور الرئيسي لعمليه التنمية يجب النظر...
  2. الأقتصاد المصري بعد 2013 (القسم3)

    التضخم يشير الشكل (7) والشكل (8) إلى تطور معدلات التضخم السنوية والشهرية في مصر خلال الفترة من...
  3. الأقتصاد المصري بعد2013 (القسم2)

    الموازنة العامة يتكون ملف الموازنة العامة من إجمالي النفقات والإيرادات الحكومية. يتم طرح مشروع...
عودة
أعلى