لماذا يُعد امتلاك السعودية طائرة F-35 كابوسًا يهدد إسرائيل رغم موافقتها على صفقة المغرب؟
بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من البيت الأبيض، وبجانبه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن أكبر صفقة تسليح في تاريخ المنطقة؛ بيع المملكة العربية السعودية طائرات أمريكا الشبحية من الجيل الخامس F-35، ضمن باقة دفاعية عملاقة.
F-35 السعودية كابوساً لدى إسرائيل
هذا الإعلان لم يكن مجرد صفقة تجارية، بل زلزال جيوسياسي هز أركان التوازن العسكري في الشرق الأوسط، وأشعل حالة من الذعر المكتوم داخل الأوساط العسكرية والسياسية الإسرائيلية، رغم أن تل أبيب نفسها وافقت قبل أشهر قليلة على بيع 32 طائرة F-35 للمغرب.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا ينظر إلى الطائرات السعودية ككابوس وجودي لإسرائيل، بينما طائرات المغرب رحّبت بها تل أبيب أو على الأقل سكتت عنها؟
المغرب “حليف استراتيجي” لتل أبيب
الجواب يكمن في ثلاث كلمات: الحجم، والموقع، والمستقبل. المغرب حليف استراتيجي لإسرائيل ضمن اتفاقيات أبراهام، وبعده عن الحدود الإسرائيلية أكثر من 3000 كيلومتر، وخصومه الرئيسيون هم الجزائر وجبهة البوليساريو، أي أن طائراته الشبحية تخدم مصلحة إسرائيل في شمال إفريقيا ضد محور روسي-جزائري.
أما السعودية فهي قوة إقليمية عملاقة، ميزانيتها الدفاعية السنوية تتجاوز 75 مليار دولار، وقواعدها الجوية في تبوك والطائف لا تبعد عن إيلات والنقب أكثر من خمس دقائق طيران بسرعة فوق الصوتية. هذا يعني أن سربًا سعوديًا من F-35 يستطيع نظريًا أن يصل إلى قلب تل أبيب قبل أن تنطلق صفارات الإنذار.
F-35 رمز للتفوق العسكري الإسرائيلي
من الناحية العسكرية، تعتبر إسرائيل طائرة F-35I “أدير” العمود الفقري لتفوقها الجوي منذ 2016. هذه الطائرة ليست مجرد مقاتلة شبحية، بل منصة استخبارات طائرة، تجمع المعلومات، تشوش على الرادارات، وتنسق مع الدفاعات الجوية والطائرات بدون طيار في شبكة واحدة.
تل أبيب تطور نسخة خاصة بها
إسرائيل طورت نسختها الخاصة بإضافة أنظمة حرب إلكترونية إسرائيلية الصنع، وصواريخ محلية، وبرمجيات قيادة وسيطرة متكاملة مع منظوماتها الدفاعية، مما يجعل F-35I أكثر خطورة بكثير من النسخة الأمريكية القياسية. الولايات المتحدة وعدت بأن الطائرات السعودية ستكون “نفس النسخة”، لكن هذا الأمر محل شك لدى إسرائيل، ولكنه يفتح الباب أمام تقليص الفجوات التسليحية بين المملكة ودولة الاحتلال.
مقاتلة إسرائيل طراز F-35 adir
الكابوس الحقيقي لإسرائيل ليس في اليوم الأول من تسلّم السعودية الطائرات، بل في اليوم الذي قد تتغير فيه السياسة السعودية. النظام السعودي الحالي متوافق أيدلوجياً مع إسرائيل في مواجهة إيران، لكن لا أحد يستطيع ضمان استمرار هذا التوافق بعد عشر سنوات مثلاً.
انقلاب داخلي، أو تغيير ولي العهد، أو حتى تقارب سعودي-إيراني مفاجئ، كلها سيناريوهات ليست مستحيلة في منطقة تتغير تحالفاتها بسرعة .. حينها، ستجد إسرائيل نفسها أمام قوة جوية عربية تمتلك الجيل الخامس، وقادرة على اختراق دفاعاتها الجوية التي صممت أساسًا لمواجهة تهديدات من الجيل الرابع.
تسرب التكنولوجيا للصين
علاوة على ذلك، تخشى إسرائيل من تسرب تكنولوجيا F-35 إلى الصين. السعودية شريك استراتيجي لبكين في المجالات العسكرية، وتقارير استخباراتية أمريكية سابقة حذرت من إمكانية وصول بيانات حساسة عن الطائرة الشبحية إلى مهندسين صينيين، مما يساعد بكين على تطوير مقاتلتها J-31، وبالتالي يهدد التفوق الأمريكي والإسرائيلي معًا.
الميزة النوعية تتلاشى
في النهاية، صفقة F-35 السعودية تمثل أول خرق حقيقي لسياسة “الميزة العسكرية النوعية” التي ضمنها الكونغرس الأمريكي لإسرائيل منذ 2008.
المغرب حصل على مباركة إسرائيل لصفقة الطائرة الشبحية لأنه جزء من معسكر إسرائيل، أما السعودية فحصلت عليها لأنها أكبر زبون دفاعي في العالم، ولأن إدارة ترامب الثانية قررت أن المصالح الاقتصادية والنفطية والصفقات التجارية أهم من التوازن الإقليمي التقليدي.
بالنسبة لإسرائيل، هذا ليس مجرد تحدٍ عسكري، بل بداية نهاية احتكارها للسماء العربية، وكابوس قد يستيقظ عليه قادة تل أبيب بعد سنوات قليلة فقط.