ضمان التفوق
في 1977، صاغ الكونغرس بندا يشير إلى "أنه وفقا للعلاقة التاريخية الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن مبيعات الأسلحة الأميركية لدول الشرق الأوسط ينبغي لها ألا تضعف قوة الردع الإسرائيلية أو تقوض التوازن العسكري في الشرق الأوسط".
وفي 1981 أوضح وزير الخارجية الأميركي آنذاك ألكسندر هيغ أمام الكونغرس أن أحد الجوانب المركزية للسياسة الأميركية منذ حرب أكتوبر 1973 هو ضمان احتفاظ إسرائيل بتفوق نوعي عسكري في منطقة الشرق الأوسط.
وهو ما يعني حسب المفهوم الأميركي "أن إسرائيل يجب أن تعتمد على معدات وتدريب أفضل، للتعويض عن كونها أصغر بكثير من حيث مساحة الأرض وعدد السكان من معظم خصومها المحتملين".
وفق مفهوم ضمان التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي، تتلقى تل أبيب أسلحة أكثر تقدما من الدول الأخرى في المنطقة، كما يتاح لها إضافة مكونات تزيد من قدرات الأسلحة المثيلة المباعة لدول المنطقة.
فعلى سبيل المثال، فإن إسرائيل هي الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك طائرات من طراز إف 35 حيث اشترت بتمويل أميركي 50 طائرة من الطراز المذكور، وهو ما يتيح لها ضرب أهداف- دون الحاجة للتزود بالوقود- في دائرة تشمل سوريا والعراق ولبنان والأردن ومعظم مصر وتركيا والسعودية.
إعلان
وتطبيقا للمفهوم المذكور، فعندما وافقت إدارة الرئيس
باراك أوباما في 2013 على بيع الإمارات نسخة متطورة من طائرة إف 16، أعلن وزير الدفاع الأميركي آنذاك تشاك هيغل -في المقابل- بيع تل أبيب طائرات متطورة للتزود بالوقود من طراز KC-13، وهو ما جعل إسرائيل الدولة الأجنبية الثانية في العالم التي وافقت واشنطن على بيعها تلك الطائرة بعد اليابان.
وقد دخلت الصفقة حيز التنفيذ في أغسطس/آب 2022 مع توقيع شركة بوينغ الأميركية وإسرائيل عقد لشراء 4 طائرات من طراز KC-46A بقيمة 927 مليون دولار على أن تُسلم في 2026.
نظرا لأن الإجراءات المتعلقة بضمان التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي كانت تجري وفق تقييمات ذاتية لأعضاء لجان مشتركة من الجانبين، فقد سعى النائب الأميركي هوارد بيرمان لتقنين تلك الإجراءات.
إعلان
وسارع عقب توليه منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي إلى دمج بند في قانون نقل السفن البحرية لعام 2008 (PL 110-429)، ينص على إجراء تقييم للتفوق النوعي العسكري الإسرائيلي كل 4 سنوات، وتعديل قانون مراقبة تصدير الأسلحة ليشترط فيما يخص تصدير أسلحة أميركية إلى أي دولة في الشرق الأوسط، ضمان أن مثل هذا البيع لن يؤثر سلبا في التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي.
فوائد أخرى
تمثل منح التمويل العسكري الأميركي السنوية ما يقرب من 16% من إجمالي الميزانية العسكرية الإسرائيلية. وهو ما أسهم في تحويل الجيش الإسرائيلي إلى أحد أكثر الجيوش تطورا من الناحية التقنية.
فعلى سبيل المثال، قدمت الولايات المتحدة منذ 2011 حتى مطلع 2023 نحو 3 مليار دولار لإسرائيل لشراء بطاريات وصواريخ القبة الحديدية، كما قدمت منذ 2006 نحو 2.4 مليار دولار لتطوير نظام "مقلاع داود" للدفاع الصاروخي، و4.5 مليار دولار لتطوير منظومة "السهم- أرو" للدفاع الصاروخي.
وقد ساعدت تلك المليارات شركات الأسلحة الإسرائيلية على تمويل عمليات البحث والتطوير والتصنيع، مما أتاح لشركات مثل "الصناعات الجوية الإسرائيلية"، ورافائيل، وإلبيت سيستمز، تصدير نحو 70% من إنتاجها حسب كتاب "صناعة الدفاع الإسرائيلية والمساعدات الأمنية الأميركية" الصادر عن معهد الأمن القومي الإسرائيلي، بينما تأتي الهند وأذربيجان وفيتنام ضمن أكبر 3 أسواق لصادرات السلاح الإسرائيلية.
إن حزمة المساعدات الأميركية الجديدة بمقدار 14.3 مليار دولار تمثل استمرارا لسياسات واشنطن الساعية لضمان التفوق العسكري الإسرائيلي بالمنطقة، وذلك رغم أن تل أبيب لم تخُض خلال النصف الأخير من القرن الحالي صراعات وحروب ضد جيوش نظامية، واقتصرت حروبها على جماعات وتنظيمات.