مجموعة “فاغنر” الروسية تعيق الحل السلمي في ليبيا

 

في ظل غياب أي أفق لحل سياسي في ليبيا اتهمت واشنطن المرتزقة الأجانب في ليبيا، ومجموعة “فاغنر” الروسية المرتبطة بالكرملين، مسؤولية عن تقويض فرص التوصل لحل سلمي للازمة الليبية.

وقالت نائبة المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، شيري نورمان شاليه، في إفادتها لأعضاء مجلس الأمن “نشعر بخيبة أمل لأن تصويت اليوم لم يحظ بتأييد الإجماع بين أعضاء المجلس، رغم الالتزامات التي وافق عليها القادة في برلين ، بما في ذلك الاتحاد الروسي”.

وكانت روسيا هي الدولة الوحيدة من بين الدول الأعضاء بمجلس الأمن، وعددهم 15 دولة، التي امتنعت عن التصويت لصالح مشروع القرار.

وأضافت السفيرة قائلة: “من المؤسف أيضًا أن المرتزقة الأجانب، بما في ذلك مجموعة فاغنر المرتبطة بالكرملين، يقوضون التوصل لحل سياسي شامل ويجعلونه أكثر صعوبة”.

وأكدت شاليه “الحاجة إلى مساءلة الدول الأعضاء التي لا تزال تنتهك الحظر المفروض على الأسلحة إلى ليبيا ، على الرغم من الالتزامات الصريحة التي قطعت في برلين “.

وشددت على أن “الوقت قد حان لكي تمتثل جميع الدول الأعضاء لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة”.
كما دعت إلى “وقف التصعيد والانسحاب الفوري لجميع القوات الأجنبية ، بما في ذلك المرتزقة والمقاتلين الأجانب”.

وأعربت السفيرة الأمريكية عن “قلق واشنطن إزاء التقارير التي تفيد بأن القوات التابعة للجيش الليبي وحكومة الوفاق الوطني، تفكر في القيام بعمل عسكري كبير بالمستقبل القريب وهو ما ينتهك التفاهمات التي تم التوصل إليها في برلين”.

وأضافت “تدين الولايات المتحدة أيضاً التهديد الخطير لوحدة ليبيا ورفاه الشعب الليبي الذي يشكله إغلاق الجيش الليبي (قوات حفتر) لمرافق النفط والغاز ، وقد سبق أن أوضح هذا المجلس أنه لا ينبغي لأي طرف استخدام هذه الموارد كورقة مساومة سياسية”.

قرار وقف إطلاق النار


والأربعاء، صادق مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار بريطاني يدعو إلى الالتزام بوقف إطلاق النار في ليبيا، ضمن نتائج مؤتمر برلين الدولي.

وبمبادرة تركية روسية، بدأ في 12 كانون ثاني/ يناير الماضي وقف لإطلاق النار بين حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليًا، وقوات اللواء متقاعد، خليفة حفتر، التي تنازع الحكومة على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.

مجموعة فاغنر

هي منظمة روسية شبه عسكرية. ووصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة (أو وكالة تعاقد عسكرية خاصة) ، أفيد بأن مقاوليها شاركوا في صراعات مختلفة ، بما في ذلك عمليات في الحرب الأهلية السورية على جانب الحكومة السورية، وكذلك من عام 2014 حتى عام 2015، في الحرب في دونباس في أوكرانيا لمساعدة القوات الانفصالية في جمهوريات شعب دونيتسك ولوهانسك المعلنة ذاتياً.

ويرى آخرون أن فاغنر هي في الحقيقة وحدة سرية تتبع وزارة الدفاع الروسية، وتستخدمها الحكومة الروسية في الصراعات عندما تكون هناك حاجة للإنكار. كما تقارن مجموعة فاغنر بالأكاديمية، وهي شركة الأمن الأمريكية التي كانت تعرف سابقًا باسم بلاك ووتر.

النشأة والتأسيس

لا تتوفر الكثير من المعطيات حول ظروف نشأة مجموعة فاغنر، وذكرت وكالة رويترز نقلا عن صحيفة “فونتانكا رو” -التي أجرت عدة تحقيقات عن هذه المنظمة- أن تأسيسها يعود إلى خريف 2015، أي الفترة التي شنت فيها روسيا غارات دعما للسلطات السورية.

بيد أن صحيفة لوس آنجلوس تايمز ذكرت أن تأسيس المجموعة كان عام 2014 على يد العميد السابق في الجيش الروسي ديمتري أوتكين الذي يخضع لعقوبات أميركية على خلفية دوره في الأزمة الأوكرانية؛ حيث قاتل في شرق أوكرانيا إلى جانب المتمردين الانفصاليين.

ومثلما حارب “أوتكين” فإن العديد من مقاتلي فاغنر حاربوا أولا في شرق أوكرانيا، حيث تقود المليشيات المدعومة من روسيا حركة انفصالية ضد القوات الأوكرانية منذ عام 2014.

ونظرا لأن الشركات العسكرية الخاصة غير قانونية في روسيا، فإن الشركة مسجلة في الأرجنتين بحسب صحيفة لوس آنجلوس، ولكن أغلب نشاطها -الذي تكشف حتى الآن على الأقل- تركز في أوكرانيا وسوريا.

ونقلت وكالة رويترز عن صحيفة “آر كي بي” الروسية تأكيدها أن عدد مقاتلي فاغنر تغير بحسب الظروف والفترات، هبوطا من 2500 في أوج المعارك إلى نحو ألف في المعدل، قبل تقليص أعدادهم صيف 2016. وقالت صحيفة لوس آنجلوس إن معظم المحللين العسكريين يقدرون أن هناك ألفي مرتزق في سوريا يعملون لصالح فاغنر.

دلائل على وجودها في ليبيا

أواخر ديسمبر 2019، نشرت قناة “الجزيرة” مقطع فيديو يظهر مرتزقة في الخطوط الأمامية للهجوم الذي تشنه قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس.

وتُظهر التسجيلات عدداً من المقاتلين من روسيا وأوكرانيا يتمركزون مع سياراتهم وأسلحتهم في أحد المواقع على جبهات القتال.

وفي أحد المقاطع التي صُوِّرت خلسة يبدو المقاتلون كأنهم في استراحة مؤقتة من القتال، في حين ينقل بعضهم أسلحة.

وفي مقطع آخر، يظهر المقاتلون وهم ينسحبون خارج مبنى يبدو أنه يتعرض لقصف جوي، ويقر أحد المرتزقة الذين يظهرون في الفيديو بأنه أوكراني

وأكدت حكومة الوفاق، مطلع ديسمبر، أنها وثقت وجود ما بين 600 و800 مقاتل روسي في ليبيا، وقالت إنها تجمع أسماءهم وأدلة أخرى على مشاركتهم في القتال؛ لمواجهة الحكومة الروسية بها، في حين تنفي موسكو وجود أي قوات تابعة لها بليبيا.

كما أعلنت قوات “الوفاق”، منتصف ديسمبر، مقتل 7 مرتزقة جنوبي العاصمة طرابلس، استعان بهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في إطلاق قذائف مدفعية على العاصمة، وهو ما أعاد تسليط الضوء على مجموعة “فاغنر” الروسية، ودورها في الحرب الدائرة بأغنى بلد أفريقي

بالنفط.