حاملة الطائرات الروسية الجديدة تحمل خصائص مذهلة

بعد ولادة حاملة الطائرات الروسية “موسكو”، سيكون الأسطول الروسي قادرًا على التنافس مع البحرية الأمريكية.

خصائص حاملة الطائرات الروسية موسكو

 

خصائص حاملة الطائرات مدهشة وتختلف عن باقي حاملات الطائرات الأخرى “”أبعادها مذهلة: يبلغ طولها أكثر من 300 متر وارتفاعها 65 مترًا. وتبلغ سعتها حوالي 80 ألف طن. وهي مزودة بأربعة مفاعلات نووية بقوة 305 ميغاوات لكل منها، والتي يجب أن تسرع السفينة إلى 55 كيلومترًا في الساعة”.

كما يمكن للسفينة تحمل ما يصل إلى 70 طائرة ومروحية. في المستقبل، قد تكون حاملة الطائرات مجهزة بصواريخ “كينجال” و”تسيركون”، والتي، على حد تعبير الصحفيين الألمان، هي “أسلحة أعجوبة”.

مع ظهور مثل هذه السفينة، فإن الأسطول الروسي من الناحية الفنية لن يكون أدنى من الأمريكيين، وفقا لمراقبين عسكريين ومن المقرر إطلاق حاملة الطائرات “موسكو” في عام 2030، ومع ذلك، يمكن إطلاقها في وقت مبكر أكثر.

روسيا العملاقة عسكريا.. لماذا لا تملك سوى حاملة طائرات متداعية؟

رغم أن روسيا هي ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم بعد الولايات المتحدة وثاني مُصدر للسلاح في المعمورة، فإنها لا تمتلك سوى حاملة طائرات متداعية تعاني منذ سنوات من مشكلات فنية وأعطاب متتالية، فلماذا لم تنعكس القوة العسكرية الروسية على مجال حاملات الطائرات، رغم ما تمثله هذه القطع الحربية العملاقة من تفوق بحري وهيبة لا تخطئها العين؟

تاريخيا كان الاتحاد السوفياتي قوة برية ضاربة بالنظر إلى متطلبات اتساع الرقعة الجغرافية للبلاد، وقد كان للسوفيات طموح لبناء ترسانة بحرية هي الأكبر في تاريخهم، ولكن هذه الخطط انهارت مع تفكك الاتحاد في نهاية العام 1991، لترث روسيا حاملة طائرات وحيدة من فترة الحرب الباردة ولا تزال قيد الخدمة رغم المشاكل العديدة التي واجههتها.

وكان من بين أبرز الأسباب التي عرقلت تنفيذ خطط السوفيات لتطوير حاملات طائرات هي نقص الموارد المتاحة، فضلا عن الأولوية المعطاة للترسانة العسكرية البرية، وأثناء الحرب البادرة بين المعسكرين الشرقي والغربي دخلت حاملتا الطائرات المروحية “موسكافا” و”لننغراد” الخدمة في عامي 1967 و1969 على التوالي، وكانت مهمتهما تتجلى أساسا في محاربة الغواصات.

كما صنع السوفيات أربع حاملات طائرات أخرى قبل نهاية الحرب البادرة، إلا أن كل هذه القطع الحربية البحرية خرجت من الخدمة عقب انتهاء الحرب، وتحول بعضها إلى خردة والبعض الآخر إلى متحف، وفئة أخرى أعيد تأهيلها وبيعها إلى الهند مثل “فيتراماديتا”.

أعطاب كوزنيتسوف

وتملك روسيا حاليا حاملة طائرات وحيدة هي “أدميرال كوزنيتسوف”، التي أبحرت للمرة الأولى عام 1985، ويبلغ وزنها 60 ألف طن، ويمكنها حمل 40 طائرة عمودية ومقاتلة، وتعاني هذه القطعة البحرية منذ مدة من أعطاب تقنية لا سيما في محركاتها، وذلك بسبب ضعف مخصصات الصيانة منذ نهاية الحرب الباردة.

وقد انخرطت حاملة الطائرات الروسية في العام 2016 لمدة شهرين في إطار التدخل العسكري لموسكو في الحرب السورية، وهي العملية القتالية الوحيدة لحاملة الطائرات، وفقدت “أدميرال كوزنيتسوف” أثناء هذه العملية طائرتين، إحداهما طراز ميغ 29 كي والثانية من طراز سوخوي 33 عندما كانتا على وشك الهبوط على مدرج كوزنيتسوف.

وبسبب الأعطاب المتتالية، توقف العمل بحاملة الطائرات، وهي تخضع منذ العام 2017 لأعمال صيانة في ورشة بحرية شمالي روسيا، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018 سقطت رافعة عملاقة على متن كورنيتسوف وهي داخل حوض جاف طاف، فتسبب الحادث بغرق الحوض وإحداث فجوة في هيكل السفينة تدفقت منها المياه.

وفي 13 ديسمبر/كانون الأول الحالي شب حريق على متن حاملة الطائرات أثناء خضوعها لأعمال صيانة في حوض بناء السفن في منطقة زفيزدوتشك في القطب الشمالي.

وقبل ذلك بمدة طويلة، اندلع في العام 2009 حريق ناتج عن تماس كهربائي على متن القطعة البحرية الروسية أثناء مناورات مشتركة في البحر المتوسط، مما أدى إلى مقتل بحار.

لم تخضع حاملة الطائرات لصيانة منذ العام 1997، وقد أثارت مشاكلها المتعددة نقاشا داخل روسيا حول ضرورة بناء حاملة طائرات ثانية، وهو الأمر التي تأجل لاعتبارات مالية، علما أن بناء حاملة الطائرة مكلف للغاية، فمثلا أنفقت الولايات المتحدة 13 مليار دولار لبناء حاملة الطائرة يو أس أس جيرارد فورد، وهو ما يعادل تقريبا الإنفاق العسكري السنوي لإيران.

ونقلت صحيفة ذي إيكونوميست البريطانية عن الخبير في الشؤون العسكرية الروسية مايكل كوفمان قوله إن حاملة الطائرات الروسية الوحيدة هي “فيل أبيض من دون أي مهمة حقيقية”، ويضيف أن موسكو تبقي على هذه القطعة البحرية الضخمة رغم مشاكلها المتعددة لكي تحافظ على مظهرها بصفها قوة بحرية كبرى في العالم.

صفقة فاشلة

 

ومن أجل دعم المجموعة القتالية لحاملة الطائرات، سعت موسكو إلى شراء اثنتين من حاملات الطائرات القتالية الفرنسية، إلا أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية في مارس/آذار 2014 دفع باريس لإلغاء الصفقة المحتملة وحرم الروس من تقوية قدراتهم البحرية.

وقد أخرج الروس حاملات طائرات من الخدمة أكثر من أي قوى عسكرية أخرى، ومن ذلك حاملة الطائرات “أوليانوفسك” التي شرع في تصنيعها في العام 1988، قبل أن تحوّل إلى خردة ولم يكتمل بناؤها بعد وذلك عندما وضعت الحرب الباردة أوزارها.

وعندما شغل رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيدف منصب رئيس روسيا قبل سنوات، وضع خططا لبناء وتشغيل ست حاملات طائرات بحلول العام 2025، إلا أن هذه الخطط لم تر النور، والمخطط الوحيد الذي يجري الحديث عنه حاليا في روسيا هو مشروع بناء حاملة طائرات جديدة، زنتها 100 ألف طن، وتحتوي على تكنولوجية عسكرية متقدمة.

أولوية أخرى

ويقول الكاتب بموقع ناشيونال أنترست الأميركي والمحاضر بكلية بترسن للدبلوماسية والتجارة الدولية روبرت فارلي إن بناء السفن الحربية لم يحظ بكبير اهتمام ضمن آخر خطط روسيا لتحديث قواتها المسلحة، ويرى بعض المراقبين العسكريين أن القيادة الروسية تولي أهمية كبرى لبناء قدرات بحرية لمواجهة حاملات الطائرات الأميركية (مثل الفرقاطات والغواصات النووية والطرادات) أكثر من بناء حاملات طائرات.

ومقابل جمود في خطط روسيا لبناء حاملات طائرات، فإن باقي القوى البحرية الكبرى في العالم تطور قدراتها في هذا المجال، فأميركا تتفوق في هذا المجال بهامش كبير مقارنة بباقي الدول التي تمتلك حاملة طائرات، فحاملات طائرات الأميركية المنتشرة في بحور العالم تمكنها من إطلاق المقاتلات والقاذفات وطائرات الاستطلاع في أي مكان بالعالم دونما حاجة إلى قواعد عسكرية.

كما أن باقي القوى البحرية تصنع المزيد من حاملات الطائرات، فبريطانيا تصنع اثنتين منها، والهند تعمل على تصنيع ثلاث، وللصين خطة لامتلاك ست بحلول العام 2035، وحتى اليابان انضمت لنادي الكبار إذ أعلنت في نهاية العام 2018 أنها ستحول اثنتين من سفنها المدمرة إلى حاملتي طائرات.