تمثل سيطرة الجيش الليبي على مدينة سرت الساحلية، أهمية استراتيجية في إطار الحرب التي يقودها بالمنطقة الغربية ضد ميليشيات مصراتة وأخرى تابعة لحكومة الوفاق.
أهمية سرت تستند إلى بعدين رئيسيين، وفق خبراء، هما الموقع الجغرافي باعتبارها تربط شرق وغرب البلاد، بالإضافة إلى كونها غنية بالنفط والبوابة الرئيسية لحقول النفط الرئيسية الثلاثة البريقة ورأس لانوف والسدرة، وثالثًا كونها القاعدة الخلفية لقوات الوفاق.
وتضم سرت اثنين من النوافذ الرئيسية على العالم، هما مطار القرضابية الدولي وميناء سرت التجاري الهام، فضلاً عن قاعدة جوية رئيسية.
وأعلن الجيش الليبي، في وقت سابق الاثنين، السيطرة الكاملة على سرت، الواقعة على بعد 450 كيلومترا شرق طرابلس، وذلك في عملية عسكرية سريعة استمرت لمدة 3 ساعات فقط، وفق خطة اتسمت بالسرية الكاملة.
سرية التحرك والاقتحام عبر خمسة محاور، واستعادة واحدة من معاقل ميليشيات مصراتة في ساعات محدودة، اعتبرها المحلل العسكري الليبي العميد صالح بن سليمان، دليلًا ”على مدى التحكم والسيطرة لدى كافة المستويات بالجيش الليبي“.
ويشير بن سليمان إلى الأهمية الجغرافية للمدينة، حيث تربط شرق ليبيا بغربها، ومنفذ نحو جنوب البلاد عبر عدة مدن مهمة مثل هون وسوكنه والجفرة، ما يجعلها نقطة التقاء للشرق والغرب والشمال والجنوب.
انطلاقا من الموقع الجغرافي، فإن أهمية السيطرة على سرت، وفق بن سليمان، تتمثل في منع تسلل أي قوة إلى قاعدة الجفرة (التابعة للجيش) أو مواقع الحقول النفطية التي تقع إلى الجنوب الشرقي أو الموانئ النفطية المتواجدة في الساحل الشرقي من إجدابيا وحتى طبرق.
وحول مدى تغير أسلوب المعركة في الفترة المقبلة، يذهب المحلل العسكري إلى أن سرت هي خط الدفاع العسكري لقواعد الجيش في الجفرة، ولذلك ”لن يكون للمباغتة أي دور في حال محاولة أي قوة الوصول إلى المواقع النفطية أو قواعد الجيش“.
أما سالم الصالحين موسى الأكاديمي الليبي المتخصص في الدراسات الديموغرافية، فيقول إن مدينة سرت تمثل ثقلا اجتماعيا في ليبيا، فهي تربط أقاليم ليبيا الثلاثة ”برقة طرابلس فزان“، وكانت معقلا لمناصري النظام السابق، وبسقوطها سقط نظام القذافي.
ولفت موسى إلى أهمية أخرى تتمثل في دخول الجيش للمدينة بدون قصف ودمار، وهو ما يجعل سكانها الذين يتعدون الـ250 ألفًا في صف الجيش، باعتباره القوة الوحيدة التي لم تسبب دمارا للمدينة منذ بدء النزاعات في ليبيا عام 2011.
وتعرضت البنية التحتية للمدينة للدمار عدة مرات، آخرها عندما كانت معقلاً لتنظيم داعش الذي هزمته قوات من مصراتة بدعم أمريكي.
وعن مستقبل الحرب بالمنطقة الغربية، أشار الأكاديمي الليبي إلى أن ”كسب مدينة بهذا الموقع، سيجعل سيطرة الجيش على مصراتة أمرًا أكثر سهولة لأنها ستكون قاعدة انطلاق وتأمين خلفية لقوات الجيش“.
وبذلك تعتبر سيطرة الجيش على مدينة سرت مفتاحًا لتحرير المنطقة الغربية عامة، والعاصمة طرابلس خاصة، من قبضة الميليشيات.