محتويات هذا المقال ☟
تسع سنوات مرت دون أن يتم إحراز أي تقدم ملموس بشأن المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان حول بناء سد النهضة الإثيوبي الذي يهدد مصر والسودان بفقدان المليارات من المترات المكعبة من حصتهما التاريخية من مياه نهر النيل.
وعلى الرغم من توقيع اتفاقية “إعلان المبادئ” عام 2015 إلا أن الاختلاف والتوترات بين الدول الثلاث زادت وارتفعت حدتها وخاصة بين مصر وإثيوبيا وهو ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التدخل شخصياً للوساطة.
وأفضى التدخل الأمريكي إلى عقد قمة لممثلي الدول الثلاث في واشنطن بداية الشهر الجاري تم الاتفاق خلالها على تحديد مهلة حتى شهر يناير – كانون الثاني 2020 للتوصل إلى اتفاق نهائي.
يورونيوز تحدثت إلى عطية عيسوي، الصحفي المصري الخبير بالشأن الأفريقي وملف سد النهضة، لمعرفة النقاط الخلافية الأساسية حول بناء السد ومدى تأثيره الفعلي على حصص مصر والسودان من مياه النيل.
“واقع لا محالة”
وقال عيسوي ليورونيوز إن الحصة التاريخية لمصر من مياه نهر النيل طبقاً للاتفاقية الموقعة عام 1959 تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، مشيراً إلى أن تلك الحصة أُقرت في وقت بلغ تعداد السكان المصريين حوالي 30 مليوناً بينما وصل الآن إلى أكثر من 100 مليون.
وعلى الرغم من تهويل البعض لآثار بناء السد على حصة المصريين بحسب وصف عيسوي لكنه من المؤكد أنه سيكون له تأثيراً سلبياً على مصر والسودان.
وقال: “التأثير واقع لا محالة ويختلف الخبراء في تقديره حسب كمية المياه التي سيحجزها سد النهضة. شدة التأثير السلبي على مصر تتوقف على أمرين، الأمر الأول هو كمية المياه التي سيتم استقطاعها سنوياً لملء بحيرة السد وسعتها 74 مليار متر مكعب.
“الأمر الآخر هو حالة الفيضان (السنوي للنيل). هل هو فيضان متوسط أم شديد أم منخفض هناك جفاف”.
ووفقاً للخطة الإثيوبية الهادفة لملء خزان البحيرة بالكامل خلال خمس سنوات، ستقتطع بمعدل من 10 إلى 15 مليار متر مكعب سنوياً تتحملها مصر والسودان بشكل متواز.
وتصر مصر على ملء بحيرة سد النهضة خلال فترة أطول من خمس سنوات لتقليل الاستقطاع من حصتها وهو ما لا توافق عليه إثيوبيا.
الخلاف الحالي
وطبقاً لعيسوي، بناء السد، الذي بدأ منذ عام 2012، لم يعد هو المحور الرئيسي للمفاوضات الآن.
وقال: “الخلاف الآن حول عدد سنوات ملء البحيرة وحول منظومة التشغيل الهيدروليكي التنسيقي ما بين السد العالي في مصر وسدود السودان مثل سد الروصيرص وسد النهضة.
“يمكن تجنب الضرر الواقع على مص والسودان إلى حد ما وليس كلياً من خلال زيادة عدد سنوات ملء بحيرة سد النهضة إلى عشر سنوات ومن خلال التعاون بين إثيوبيا ومصر والسودان في استقطاب المزيد من مياه الأمطار المهدرة على الهضبة الإثيوبية”.
ويشير العيسوي إلى أن استخدام إثيوبيا للمياه المخزنة ببحيرة السد لتوليد الكهرباء ثم إطلاقها لن يؤثر بشكل كبير على حصص مصر والسودان من المياه بعكس إذا ما قامت أديس أبابا لاحقاً باستخدام هذا المخزون في الزراعة.
كذلك سيؤدي تشغيل سد النهضة بكامل طاقته إلى تعطيل عمل السد العالي والسدود السودانية حيث تسعى مصر إلى تأمين تدفق مياه على ارتفاع ما لا يقل عن 165 متراً وهو ما ترفض إثيوبيا الالتزام به.
ونص البيان الختامي للقاء واشنطن على أنه “إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 15 كانون الثاني/يناير 2020، فسيقوم الوزراء بتفعيل المادة العاشرة من إعلان المبادئ الموقع في 2015”.
وتنص هذه المادة على أنه في حال فشل المفاوضات على المستوى الوزاري، يرفع الأمر إلى رؤساء الدول أو الحكومات، أو يمكن طلب “وساطة” خارجية.